احتماء .... بالضوء ! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
Bonsoir (الكاتـب : مي التازي - مشاركات : 48 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - مشاركات : 783 - )           »          آهات متمردة (الكاتـب : أحمد آل زاهر - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          تبـــاريــح : (الكاتـب : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          جواب (الكاتـب : إبراهيم بن نزّال - مشاركات : 1 - )           »          [الحُسنُ أضحكها والشوقُ أبكاني] (الكاتـب : محمد بن منصور - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          [ سُلافة ] في لزوم ما لا يلزم .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 50 - )           »          بدر المطر (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 3 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 508 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-2010, 03:14 PM   #1
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي احتماء .... بالضوء !



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** إنزلاق تحت الروح
أصطلي ببارقة وجع تسري تبخترآ على ضفاف أوردتي ..
والحقيقة ألملم شتاتها بأصابعي المرتعشة وألقي بها إلى العالم من كوة جدارية مهترئة تراءت لي صدفة من زقاق الفأل ..

ما الذي يحيكه ذاك المتلبد بالمدينة .. والناس نيام ..!
فرضيات شتى تتطاير كقراشات تلوذ إلى النور وتحترق ..
لأنني والظلام على شفير الكراهية ..
صنعتَ لنفسي مكانا قصيا في أدغال البوح ..
هناك .. حيث الوهج يتعالى زفيره في وجه العتمة ..
ينهرها بشظايا بلورية مغروسة في جبينه ..
ألوذ إليه .. وأحتمي بألوانه الساطعة .. ودفء يسري في عروق الوقت ..
كل ما هو مضئ .. ألتقطه كي ينزاح ذلك الأسود عن مرج عمري ..
دأبي على أداء هذه المهمة .. تمخض عنه إشراقة لصوت تمتم في خاطري وأنا ألاحق بقايا ضوء أخيرة :
الله نور السموات والأرض "
أحرف ذهبية .. تكسوني بطيلسان أخضر .. وأنا أسجد عند العرش ..
والجنة .. أنوار صنعها الله بيده .. علَي أجتهد وأسعى إليها ..
إدرك أن ثمنها باهظ .. وأنها حُفت بالمكاره ..
فأنى لي الفردوس .. وأنا كليلة الجهد ..
إبتهلوا لي بالثبات ..
دمتم للإبداع سراج لا يخبو أبدا ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-07-2010, 03:22 PM   #2
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي






نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** أطياف .. وسراب

فوق الفضاءات الواجمة ..
صوب الجدار ..
على ذاك ... المدار
حائط للأفق .. ملبد بالصمت
أطياف .. وسراب
ورمال ..
تمتد أصابعها على وجه الطريق ..
تنهش التضاريس ..
وشئ من الحصاة
وجبال ..
أبدآ لا تنحني ..
شاحبة السفوح .. حزينة
يلجمها الصقيع ..
وتلال ..
تعانق قرية ..
بيوتها مشرعة للمدى ..
خاوية ..
من الضوء .. ورحيق الندى
ضاوية ..
إلا من صيحات للريح ..
وطيف جريح ..
يسكنها .. يجوبها
بدبيب .. غريب
كأنما نوافذها المهشمة ..
قد صفعها الجنون
وأبوابها تزمجر في وجه الليل ..
مع صراخ المجون ..
الذي قدم بجدائله السوداء ..
وألوان رمادية .. للخواء
وعواء ..
يهمهم فزعآ .. ويخدش السكون
وظلال .. تنهض في ضوء القمر
وظنون ..
وليل .. يتربص بالعيون
حينها لا جهد .. ولا زمهرير ..
يقنع المسافر .. بالمكث
أو القانع الفقير ..

....................

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-08-2010, 12:37 AM   #3
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** مواجهة مع الظلام
على قاب قوسين أو أدنى - أنا - من عبور محابري إلى مدن الخيال ..
على كتف السكون أبعثر في أريحتي ترنيمة للراحة .. وأستشيط خمولا ..
ذكريات تماطلني في الحضور .. وبعد سجال قارص بالتأفف تلوح على واجهة رأسي واجمة ..
كان المساء يبعثر خصال من ظلمته على قفير لا تلحظ العيون في طياته إبهام للمحسوس ..
كدأبنا دوما .. نلوذ إلى القفار فرارا لنحتمي بأصالة تتفسخ في صدورنا ..
رحلة جماعية , ووجوه تنبت الفرح على روابي الحميمية ..
جلسنا في العراء .. تسامرنا ضحكنا .. وإلتفاتتي لا تكف عن التحديق في ذلك المبهم ..
في الليل البهيم أحاول أن أسبر غور الماكث هناك سودآ بكل ثقلهِ ..
اقترحت إحدى صديقاتي بأن نجدد الدماء في عروقنا المتصلبة .. بالسير على أرض مجاورة تجانب حضورنا ..
ابتلعت ريقي .. وتعذرت بجرح ينخر قدمي ..
ولكنها أصرت - وودتُ لو أنني أزحت عنادها من فرائص شراييني المرتعدة فرقا , ربما ..بلطمة تزجرها : كُفَي .. إني خائفة ..
وتماسكت .. وصلبت قامة ترتعش في عروقها القشعريرة .. أمسكت بيد صديقتي الأخرى ومشينا ..
وعندما .. وصلنا لأطراف الظلام توقفتُ .. شعرتُ أن عظامي لن تتحرك قيد أُنملة ..
الأشجار المهمة .. وبحور من المجهول تستفز وعيي .. وتستنفر بقايا صمودي
كم أكره ذلك المجهول المتوشح بقتامة تنهش جلدي ..
قالت صديقتي ترمقني بتشكك : هل لديك مشكلة ..هل تخافين من الظلام ؟
نظرت إليها مصعوقة , قلت بتلعثم : ماذا .. ماذا قلتِ للتو ؟
- الخوف المرضي من الظلام .. هل تعانين من مشكلة مماثلة ..
يا إلهي .. كيف تجلت لديها هذه القناعة , قلت من فوري لاهثة : لا .. بالطبع لا .. ولكنني ..
وصمت .. فألحت صديقتي الأخرى على المتابعة , سألت باهتمام : ولكنكِ ماذا ..؟
اقتربت الحقيقة من حنجرتي بغصة قاتلة , شعرتُ بالدموع تتجمع في عيني .. قلت بصوت متحشرج ..
- ولكني .. كلما أُحطت بالظلام .. تذكرت ظلمة القبر وعذابه ..
وأسرعت قافلة إلى مكاننا .. وكأن العالم بكل صخبه قد غُيب عن كل حواسي .. أو هكذا أنا تخيلت ..

تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2010, 04:31 AM   #4
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** تراتيل .. وحلم

أحتمي بغفوة سيجت محاجري بذبول الإنغلاق ..
لا أنام .. وما تراتيلي قد انتهت , فقط أتمتم بالذكر وأرمق سقف الحجرة بعيون لا ترى إلا السراب ..
وعندما أصل إلى " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " ..
يسقط وعيي , ينحدر إلى ضباب الهذيان ولا يقوى على صلب تركيزه .. ينزلق ويسقط في يدي محاولة انتعاشه .. أدعه فقط يذهب ..
وشيئآ فشيئآ .. حتى صفقت أجفاني بانسدال رائع لم أمارسه منذ زمن ..
حلمت بالليل والمطر .. كان بيتي على سفح روابي مبهمة التضاريس .. ولكن جبل مكسو بالعشب والأخضرار كان يقف شامخا بالقرب ..
وجسر يمر قبالته وأعبر عليه ..أقطعه ورفيق يلازمني ولم أتبين وجهه مليا ..
ما أذكره بتفاصيل أكثر هو الطعام .. كان لدي ضيوف وأطعمتهم ..مائدة عشوائية وفوضى تناثرت هنا وهناك ..
في منامي أنعشني المطر .. الذي انسكب بهطول حريري جعل وجه الظلام لامعا ..
كان للرحمة انسدال أيقظ كل كل خميلة للفأل .. والمخلوقات تُسبَح وترتل بالحمد ..
حتى في غفوتي كرهت الظلام ..
فرحتي بالغيث .. شوهتها انفعالات تشبثت بقلبي وبخالبها تركت فزعا ..
صحوت بعد أربع ساعات من النوم فقط ..
صحوت ولم أعير خمولي بالعودة للكرى أي انتباه ..
نفضت عني كل ركام النعاس وتسللت إلى قهوتي أستجديها الصحو ..
وسط هذا الحراك الآثم بالتعب .. لم تفارقني دقائق الحلم ..
ولا الليل الذي نثر رمادية على قسمات الخير .
تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 11:44 AM   #5
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


* أنا وجدتي .. والعفريت
يا لحرف يتسلق أصابعي .. ويتخذ من كفي مهجعا ..
وهطول للأطياف يغويني بنبشِِ ذاكرتي التي باتت على مقربة من جمجمتي.. لأقتنص من مجرياتها الروعة ..
في الحقل أقف مشاكسة العشب بقدمي .. أركل الإخضرار وأعدو .. أتربص بالفراشات وراء شجر التوت وصوت الريح الهامس كان يعلو من وراء التلال.. بينما قرص الشمس يرسم على ثغره بسمة حمراء قهقهت لها كل النهارات ..
على امتداد بصري كنت أتخيل جدي يمتطي التعب ويأتي منحنيا من بين سنابل القمح .. وحزمة من زهور الريحان معلقة بكفيه , جدي .. وخطاه المتثاقلة .. ومحياه الهزيل الذي يلوح لي وهو يدس بقدميه إلى قلب الدار ..
صغيرة كنتَ وأحبو على المرج بجديلتين كورتهما لي أمي على جانبي وجهي . . لم يكن يدور في خلدي وقتذاك .. سوى اللهو ومطاردة الروائح العطرة ..
منذ أن رحلتُ من تلك الضفة اليبضاء .. وأنا أتلطخ ببقع من رمادية الظلام ..
والحكاية لا تنبري إلا ببداية قد تراخت على قناعات هشة .. بينما آلية الرعب تتوغل في قلبي وتهيمن على كل مدني الوليدة ..
كان المساء يحل عادة بسواد ينتشر دخانه من الشرق حتى يخنق بقايا النور ..
والنوم شاطئ تتجسد عنده كل المخلوقات المهيبة ..
فقط وجه جدتي ما كان يلمس قلبي ويهدهده بالأمان ..
قلت لها يوما : جدتي هل حقا أن العفريت يأتي ليلا ويخطف الصغار ويأكلهم ؟
تمتمت تتثاءب من وراء شيخوختها : ألا تملي الإصغاء لكل ما يقال .. من أين سمعت هذا ؟
قلت أمسك بيدها المجعدة : إبنة الشيخ ظافر .. يقولون بأن العفريت قد خطفها ..
سألتني : وهل تصدقين هذا ؟
أجبت بحماس : لا أدري ولكنهم يقولون بأن العفريت قد التهمها ورمى بعظامها في البئر ..
ضحكت جدتي حتى أن الليل تلصص بفضول يصغي لصدى فرحها المبحوح , تنهدت في النهاية وقالت تنظر للسقف : يا للصغار وخيالهم الجامح .
ثم التفتت إلي وقالت : حبيبتي .. لقد ماتت الفتاة - يرحمها الله - لأنها تعثرت ووقعت في البئر .. ولم ينتبه أحد إليها إلا بعد أن غرقت المسكينة ..
همست : ولكنهم يقولون ..
قاطعتني بحزم : لا تلقِِ بالا لما يقولون ..
وعاودت التحديق بي تداعبني : ما رأيك بحكاية تُنسيكك هذه الخرافة ؟
هتفتُ بفرح : أجل يا جدتي .. أريد حكاية الضفدع
قالت بهدوء تبدأ ترنيمتها الليلية المعتادة : كان يا ما كان في قديم الزمان ضفدع يعيش مع أمه بخير وسلام ..
وغاب صوت جدتي تدريجيا وأنا أنساب وأغرق مع الكرى ..
غاب .. فيما بعد وانقطع عن الدنيا .. وبقي كهمس لذيذ يجوب رأسي بحكايات الزمان ..
غاب .. ولكن العفريت المتوشح بالظلام .. لم يرحل أبدا .. بل مكث في أحلامي واتخذ من روابيَ ملاذ ومسكنا ..
تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-14-2010, 02:05 AM   #6
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** جئتَ أنظر إلى السماء

لاأُريد أن أُتهم بالتناقض من خلال سردي اللاحق كوني نسجت من الظلام أسطورة سوداء سوداء ونقشت أبعادها على كل أركان ذاتي , ولكن تداهمني أوقات أخلع عني أسمال الفزع وألقيها جانبآ لأواجه هذا المجهول بشجاعة تذهلني أنا شخصيا .. وهذا ماحدث في السياق التالي حيث قد يندهش البعض لهذه المصالحة الوقتية مع العتمات .. وأين ؟.. في مكان يعتبر منبعا لكل الهواجس والظنون .. بل والأطياف والأشباح كذلك .. ولكنه حدث :

******

* ذات يوم شتائي كان يحتضر على مشارف الدنيا .. حيث البرد والزمهرير .. وطقس منعش وأنسام كالحرير .. حيث الموت والحياة , وحفنة من مناخات زاهية ,, وأجواء ملبدة بتناقضات شتى .. هكذا كان رحيل الشتاء , متأرجحآ بين الركود والهدير .. متألقا بالحرارة أو مكتظا برعشات تعصف بالأبدان لبرودة الأجواء , حينها تجلت لنا الغاية .. غاية من يريد أن ينقي عمره من شوائب السأم وينفض عنه أتربة التعاقب.. غاية مزركشة بالسعد .. فقررنا - من خلال تصويت جماعي - أنا وعدد كبير من أفراد أسرتي الهروب إلى الصحراء .. إلى السكينة بكل عذريتها .. إلى الصمت الحاني والرمال المتوهجة بلون الذهب , فأخذنا نلملم ضجرنا الملوث بصخب المدينة ونلقي به على حافة تحركنا .. نعم .. عزمنا وتوكلنا ومضينا ..
صحيح أن الرحلة كانت مسرفة بالعناء .. والمسافات ملطخة بالرتابة , لكن ما كدنا نضع رحالنا حتى انطلق كل منا يحتضن البيداء ويلطم وجه الأرض بخطاه المرحة .. كانت الطبيعة بكل رونقها تتلقى حضورنا .. ودروب شاسعة من بياض البادية تتخللها هنا وهناك شجيرات ونباتات صحراوية .. وغروب قرمزي أهرق على سفوح الجبال بألوان قانية من دماء النهار .. كل هؤلاء كانوا يحتفلون بنا ..
وما كاد ينتهي نصب الخيام , حتى حل المساء .. وجاء الليل على عجل يظللنا بعباءته الحالكة .. جاء يتسكع بغطرسته السوداء .. بينما الرياح تهب بأصوات فرحة وأهازيج مشاكسة , لذلك تركت الجمع متحلق حول النار وارتديت "فروتي " ثم تلفحت بوشاحي .. ومضيت أسرع الخطا إلى قلب المجهول , لم يتجسد لي الليل كفزع حينها.. ولم أستنهض تلك الرهبة التي تلازمني على الدوام في حضرة الليل .. لا .. كل هذا كان في منأئ عن وعيي , فقد كانت أمنيتي منذ زمن بعيد أن أختلي بالليل وقمره .. أن أصافح نجومه بعينيَ .. وأوزع بين المجرات أحداق لا تقدر على رصدها .. إذ لا أضواء ولا صرخات تعكر صفو السماء .. لا ألم ولا شر ولا سقم .. ولا حتى وساوس ترغمني على البقاء في ظلال النور .. لأني ذهبت أفتش عن ضوء من نوع آخر يسكن قلب السماء ..
ولكني ما كدت أن أسير قليلآ , حتى سمعت خطوات صغيرة لاهثة تتبعني .. تلفت إلى الوراء , فإذا هي " مها " إبنة أختي ذات العشرة أعوام .. سألتني بفضول :
- خالتي .. إلى أين تذهبين ؟
قلت : جئت أسير قليلآ وأنظر إلى السماء ..
وقفت هي مترددة للحظات .. فسألتها : هل تريدين مرافقتي ؟
أشارت برأسها بالإيجاب فقلت لها : حسنآ ..اقتربي ..
ألصقتها إالى جانبي وشددت عليها طرف "الفروة" أحميها من برد الصحراء , وبينما كنا نسير أخذت أتأمل صفحة السماء .. وأنظر إلى النجوم المبعثرة بتزاحم عجيب .. وإلى القمر الذي كان يطل حينآ من وراء سحابة صغيرة ويختبئ أحيانآ .. فقلت بلا إدراك مني :
- سبحان مكون هذا الكون !
فعلقت مها بدهشة : نعم يا خالتي .. النجوم كثيرة وواضحة وجميلة الليلة ..
ثم سألتني فجأة :
- خالتي .. هل تنظرين إلى النجوم لأنك تتوقعين أن يطل عليك وجه جدي يرحمه الله من الأعلى ويكلمك ؟
صفعني سؤالها .. توقفت عن السير .. وجعلتها في مواجهتي .. قلت مقضبة : ماذا ؟؟
انتبهت الصغيرة إلى عبوسي فارتبكت .. بينما استرسلت أسألها :
- من أوحى إليك بمثل هذه الفكرة يا عزيزتي ؟
قالت متلعثمة : هم يقولون ذلك ..
صحت بنبرة حادة : من هم اولئك يا مها ؟
وأخيرآ أمام إصراري .. لم تجد مناص من قول الحقيقة ..ألقت ذراعيها إلى جانبيها وقالت متنهدة باستسلام :
- هذا ما شاهدته في أحد الأفلام الكرتونية .. حين يموت الأب ويصبح نجمة .. ثم يظهر من السماء ويتحدث إلى إبنه ..
- يا إلهي ..
علقت بشرود وحيرة .. صدمت لهذه القناعة في رأس الصغيرة , ومع ذلك تماسكت وقلت بهدوء وأنا أجلسها على الرمال وأضع وشاحي حول رأسها .. ثم أجلس قبالتها :
- إسمعي يا حبيبتي .. ليس كل ما تشاهدينه على التلفاز .. يجب أن يكون حقيقي ..ونقتدي به ..
سألتني تنبهني إلى عدم فهمها : ما معنى هذا يا خالتي ؟
نظرت بحيرة حولي وأنا أغوص في عمق الظلام وأفكر في كيفية تبسيط المعلومة لها .. وفجأة واتتني فكرة , فقلت أشرح لها :
- إستمعي لي جيدآ يا مها .. أنت تعلمين جيدا بأنني كاتبة .. أليس كذلك ؟
قالت : بلى .. اعرف ..
قلت : إن للكاتب خيال واسع يا صغيرتي .. يشبه عالم الأحلام .. األا تحلمين أحيانآ وأنت نائمة وترين أشياء في منامك غير حقيقية ؟
أومأت برأسها قائلة : بلى .. كئيرآ ..
قلت : وهذا إلى حد كبير يشبه ما يحدث مع الكاتب .. تنتابه حالة مثل أحلام اليقظة , فيبدأ يكتب ويؤلف بسهولة قصصآ وحكايات من وحي خياله فقط ..
وأردفت : وهذه الحكايات فيها أشخاص يتكلمون ويأكلون ويغضبون .. مثلنا تمامآ .. لكنهم غير حقيقين ..
وتابعت : يعني الفيلم الذي شاهدته هو فيلم غير حقيقي ويجب أن لا نصدق كل ما جاء به ..
قالت بحماس : آه .. الآن فهمت ..
قلت أسألها بتشكك وأنا أبتسم : ماذا فهمت ؟
قالت تشاكسني وتتحدث ببطئ ودلال وهي تعبث بيدي :
- أنني حين أشاهد الأفلام يجب أن لا أتأثر بها ..
أسعدني قولها .. قلت وأنا أربت على خدها ثم أحتضنها:
- : أحسنت يا حبيبتي .. هذا ما يجب أن تفعليه دائمآ ..
وماهي إلا دقائق حتى سمعنا أصوات من صوب الخيام تدعونا لتناول الطعام .. فأسرعت وإياها نتسابق في الجري ونضحك .. وكأن الصحراء كانت تراقبنا بفرح ..والنجوم تطل علينا بوابل من السرور ..
أو كأن الظلام في ذلك الزمن البهي قد اختفى إلى الأبد ..

تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-17-2010, 04:16 PM   #7
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* بقايا إنسان .. وضوء

ويمضي ..
مبعثرآ ظله على الطريق ..
ذاك الكهل .
وحفنة ظلام ..ولوعة.. وآلام
حلمه الغريق ..
صامتآ ..
مجهد الخطوات .. والروح
صامت .. وزفرات
تلوح
تندلق من وجعه
تعانق أدمعه ..
أنظاره
التي تنغرس للتو في الفراغ ..
لا ترى غير قلبه ..
وعتمات ..
وماض ..
في جوفه ,, قضى نحبه
وأنين .. ودموع
فقط تلوح في عينيه
الجموع
يتسول المارة عطفآ ..
يستجدي الكرام ..
فقد أضناه الجوع ..
وفي المدى أطيار
وأنوار ..
غائرة في البعد يطويها ..
ضمور ..
أرواح في قلبه يظللها ثبور..
ووجوه نحوه .. لا تقربه
وغفوة نهار ..
تعدو .. تلهث خلف الأسوار
عيون ضائعة .. في صخب المكان
ورحيل
وبوادر عويل
كأنما هو يبحث ..
عن أشلاء ذاته ..
عن ضوء َهُزلت سماته ..
كأنه يلملم رفاته
وقسمات أصابعه التي جفت
وماضيه الذي دفنه
على جدران شرفة خربة ..
في تلك البقاع ..
وهذا الضياع
وذكرى .. تتبدى في الأصقاع ..
عندئذ أدرك .. أن الدنيا ليست وطنه ..
وأن عمره لن يعود ..
ولن يكف الضوء عن الشرود ..
فقد بات شريدآ ..
ذاك الكهل ..
بلا حدود


تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-19-2010, 03:04 AM   #8
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* أمنيات .. في بحر الظلام

ما الذي يمكن ان يجنيه الكفيف إذا ما قدُر الله عليه رزقه وفقد نعمة البصر , سوى التمني بزوال العتمة وهو يتحسس طريقه نحو المجهول ..
وما الذي غرسه في ممارساته ثم حصده تبعات , من هو على شاكلة معظمنا بحيث يتمرغ في هذه النعمة العظيمة ويرفل بها ثم يعصي الُمنعم بالنظر الآثم بها ..
تحيرني الطفولة رغم بساطتها ونقاء البراءة المسرفة بالجمال بين طياتها ..
لكنني أتعذب وبشدة لمرأى طفل يتألم ولدموعه التي تنهمر وجعا دون أن يعرف ما يؤلمه , في موقف كهذا أشعر كأن صرخة تدوي في قلبي وتوقف خفقانه ..
يتوقف الكوكب بي عن الدوران حتى يُشل الكون وما به من حركات وسكنات أمام مرأى تنهار له كل قواي ..
الدموع .. الألم .. الحزن .. انفعالات لا أراها جديرة بالطفولة .. ولكن الله قدّر وما شاء فعل .. ولهذا حكمة عظيمة لا يعلمها سواه سبحانه ..
ولا شئ أشجاني وجعل القشعريرة تدب إلى أوصالي رهبة وخشوعا .. كالتالي من التفاصيل :
قالت إحدى الأخوات المحاضرات تذكر قصة حدثت معها أثناء إلقائها لموعظة في إحدى المدارس :
جاءتنا ونحن جلوس طفله صغيرة تبلغ من العمر تسع سنوات فقط , كانت تتقدم وترمق الفراغ .. كانت وكأنها على موعد مع الحكمة ..حيث الظلام يغمر بصرها فلا ترى إلا ببصيرتها..
لذا أنطقها الذي أنطق كل شئ .. اقتربت الفتاة ووقفت تنتظر, فاقتربت منها المعلمة ونظرت إليها بتأثر وسألتها :
- ألديك أمنيه يا حبيتي ؟
قآلت الصغيرة : هي أمنيات وليس أُمنية واحدة ..
قالت المعلمة : جيد .. أخبرينا بأمنيتك الأولى يا غالية .
قالت الفتاة بعفوية : أن أُبصر وأرى وجه أمي فأنا مشتاقة لرؤيتها كثيرا
سألتها المعلمه : ومآ هي أمنيتك الثانية ؟
قآلت: أريد أن أبصرر وأرى الكعبه..
ثم سألتها مجددا : ومآ الأمنيه الثآلثه ؟
قآلت الفتاة بعفوية : أنا أحلم بأن يعود لي بصرى كي أرى القرآن الكريم وأتعلمه وأتلوه ..
يا إلهي ...!
زلزلتني هذه الأمنيات وبشدة إلى حد أن كدتُ أبكي ..
ونحنُ من نبصر ونرى , لا نأبه إلى هذه النعم التي أحاطنا القدير بها ولا نكترث لأهميتها ..
وأتوقف هنا .. وكفى ..
تحيتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:28 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.