القطة رمادية - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8212 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )           »          مَا لَمْ أقله لكـ (الكاتـب : محمد سلمان البلوي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 1977 - )           »          بَازَلْت (الكاتـب : عَلاَمَ - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 12 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-2010, 08:39 PM   #1
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي القطة رمادية


اعتاد أن يكون وحيدا منطفئا ، كعقب سيجارة تالفة في ركن الغرفة ، رغم أن لا أحد يدخن عادة في الأركان .. لكنه كان دائما بقدر خيالي من التعاسة . كل يوم ، كان يمضي بضع ساعات يحاول رسم الشمس من مرسمه الفارغ إلا من أدوات الرسم ، لا وجود حتى لطاولة ولا كرسي ولا سجادة على الأرض !

كان دائما يلقي ببقايا قهوته على الأرض تحت النافذة ، يضحك ضحكة قصيرة و يخاطب بقايا السائل البني : " عليك أن ترشدني إلى الكيفية الصحيحة لرسم الشمس خلف هذه النافذة . أنا أعتمد عليك في حجزها لأطول وقت ممكن هنا في هذه البقعة ! " . كانت النافذة في منتصف الحائط بالضبط ، تطل على الكثير من البيوت الصغيرة ، و مدخنة كبيرة في منتصف الحي الذي يسكن فيه . كان يكره تلك المدخنة فدخانها يشوه منظر الشمس و الصورة التي يحاول التقاطها لها . الصورة التي غدا هاجسه أن يحاول تصويرها بروحانية عذبة . رَسَم أكثر من عشر لوحات للمنظر ذاته ، بلا فائدة ! قال له أصدقائه : " لمَ تحاول بشدة تصوير الشمس من هذه الزاوية ، من ركن غرفة فارغة ؟! لمَ لا ترسمها من الشارع مثلا ؟! أو من البستان ؟! " لم يكن يرد ، لم يظن أن هناك من يستطيع فهم هذا الهاجس ، فاكتفى بالصمت !

في اليوم الخامس عشر من الشهر الثالث ، تسللت قطة رمادية كبيرة إلى مَرْسَمِه .. وجدها تمشي أمامه باختيال امرأة مومس ، تسلقت إطار النافذة برشاقة غريبة و أغمضت عيناها بهدوء و نعومة مترفة . توقف عن الرسم دَهِشًا ! إنها تتصرف كأنها تمتلك الغرفة ! غرفته المظلمة ، الخاوية ، الحبيبة إلى قلبه . حاول إخافتها بإصدار بعض الأصوات العالية لكن بلا جدوى ، تلك القطة لم تتزحزح . طرأت له فكرة غريبة ، عارضها باشمئزاز ، ثم استفزه وجودها فأقنع نفسه بالمحاولة ، غَمَسَ فرشاته في اللون الأحمر و اتجه إلى القطة بهدوء شديد لئلا تفتح عينيها ، و مَرَّر ريش الفرشاة على جسدها ببطء . فتحت عينيها و نظرت إليه بطريقة غريبة ، تذكر والدته حين كان يرمي الفطور الذي تعده له تحت المقعد و يتظاهر بأنه التهمه بنهم ! كانت تنظر إليه بنفس الطريقة و تقول : " أنا أعرف ماذا تفعل ، و ستقوم بتنظيف هذه الفوضى و إلا لن تشاهد التلفاز حتى تتوقف عن هذا الاحتيال ! ". لم تتحرك القطة من مكانها ، عادت لتغمض عينيها بسكون أثار استغرابه . توقف لوهلة يفكر ، ثم عاد و رسم خطا آخر و ضغط أكثر بفرشاته لكن القطة لم تتحرك بتاتا ! عاد إلى اللوحة و نظر إلى منظر القطة و النافذة خلفها و الشمس خلفهم ! شعر بضيق مفاجئ و اندفع خارجا من المرسم .

في اليوم التالي ، أتى إلى الغرفة بملابس جديدة . ارتدى قميصا أحمر و بنطالا رماديَّا ، كان القميص هدية من والدته التي توفيت منذ قرابة ستة أشهر . لم يرتده أبدا لأن والدته توفيت في اليوم التالي لإهدائه هذا القميص ، ما زال يذكر ماذا قالت حين قدمته له : " أحمد ، هذا القميص ثوري كمزاجك ، و فنان كروحك . ارتدي هذا القميص حين تحاول القيام بعمل ما ، و تذكرني و أنت تنظر للشمس . سأراقبك معها كل يوم ! " . لم تكن القطة هناك مما جعله يشعر بالخيبة . ندم على ترك الباب مفتوحا خلفه . تنهد بقوة و اتجه إلى اللوحة القديمة شبه المكتملة ، وضعها أرضا و بدأ يحاول من جديد و لكن بطريقة جديدة تماما . كان دائما يبدأ برسم الشمس و من ثم يحاول رسم النافذة . هذه المرة بدأ برسم الغرفة و النافذة ..

في اليوم التالي ارتدى قميصا أبيض و بنطالا أسود . أحضر معه القميص الأحمر و مسمارا و مطرقة . ثبت المسمار في الجدار بمهارة و علق القميص في مكان يجعله أمام عينيه حين يرسم .
بدأ يفكر بإحضار صوفا صغيرة ليرتاح عليها حين يتوقف عن الرسم أو يشرب القهوة . لم يعلم لم كان يقوم بهذه التغييرات ، لكنه أَمِلَ أن تأتي تلك القطة مجددا ، حتى أنه أحضر معه علبة طعام لها . بعد مرور أسبوع انتهى من رسم اللوحة و كان راضيا تماما ، أخذها و علقها في غرفة جلوسه في منزله ، فوق المدفأة تماما ، و أمام اللوحة كانت صورة أمه ترتدي فستانها الأحمر المفضل و تبتسم .اليوم التالي كان ماطرا و عاصفا ، جلس يحتسي القهوة بهدوء على الصوفا الجديدة حين دخلت تلك القطة الرمادية العجيبة ، ترتجف و تعرج ، مشت حتى وصلت إلى موقع النافذة و تهالكت أسفلها بعد محاولة فاشلة لتسلق الإطار. توقف ينظر إليها تنتفض . بعد دقائق ، سكن جسدها .. ذهب إليها ، لم يجد أي نبض ، أي روح . ترامى بجانبها و هتف بأسى : " ليس من جديد ، ربَّأه ! " . مكث شارد الذهن ، بنصف دمعة في عينيه ، لنصف ساعة . انتبه فجأة لوجود الجثة بجانبه ، ذهب إلى القميص الأحمر و لفَّ القطة بداخله . نظر إلى النافذة ، لقد توقف المطر ! خرج يمشي ببطء ، كان هدفه مقبرة الحي ، حيث دفن والدته منذ ستة أشهر . حفر حفرة صغيرة ، و دفنها بسرعة !


الأربعاء ، 28 – 5 – 1431 هـ

 

التوقيع





التعديل الأخير تم بواسطة بثينة محمد ; 05-12-2010 الساعة 08:49 PM.

بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-17-2010, 04:03 PM   #2
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي






حراك شديد هنا يأخذنا في تنقل رائع على متن الخيال
وتفاصيل مدهشة لا يجيد رصدها غير قلم متمكن ..

راقني السرد المنساق بأناقة وتخايل

لكِ إبماءة تقدير

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-17-2010, 06:18 PM   #3
أحمد الملاح
Banned

الصورة الرمزية أحمد الملاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

أحمد الملاح غير متواجد حاليا

افتراضي


رماديه هي القطة
هذا شيء مؤكد يا بثينه لقد جعلتنا نراها كاننا نراها
حتى دحرجتك للاحداث واستغفالنا (sorry) جعلتنا
نعتقد ان شيئا عظيما سيحدث وحين اكملنا التهامنا
للنص علمنا ان الشيء المهم قد حدث وهو استمتاعنا
بالقراءة معك يا بثينه
شكرا بلون القطط غير الرماديه

 

أحمد الملاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-20-2010, 12:58 PM   #4
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر الناجي مشاهدة المشاركة




حراك شديد هنا يأخذنا في تنقل رائع على متن الخيال
وتفاصيل مدهشة لا يجيد رصدها غير قلم متمكن ..

راقني السرد المنساق بأناقة وتخايل

لكِ إبماءة تقدير

شكرا لكِ يا سحر نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أسعدني جدا أن راقت لكِ ..

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-20-2010, 01:00 PM   #5
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الملاح مشاهدة المشاركة
رماديه هي القطة
هذا شيء مؤكد يا بثينه لقد جعلتنا نراها كاننا نراها
حتى دحرجتك للاحداث واستغفالنا (sorry) جعلتنا
نعتقد ان شيئا عظيما سيحدث وحين اكملنا التهامنا
للنص علمنا ان الشيء المهم قد حدث وهو استمتاعنا
بالقراءة معك يا بثينه
شكرا بلون القطط غير الرماديه

تعليق ممتع حقانقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكرا لكَ سيد أحمد ، كثيرا نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-22-2010, 08:34 AM   #6
سعد المغري
( كاتب )

افتراضي


..

هذه الـ قصه بمفارقاتها تجبرنا على الـ قراءة أكثر من مرة لـ نستشف الـ جمال جيداً.
الأسلوب الـ نثري هنا يؤثثنا بـ نغم ..
رائعة بحق يابثينة .

 

التوقيع

الـ كتابة معركة:- وأنبل فرسانها الـ حزن ..!

سعد المغري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-25-2010, 03:55 AM   #7
زخات مطر
( إِيمَانْ )

الصورة الرمزية زخات مطر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

زخات مطر غير متواجد حاليا

افتراضي


رائع يا بثينة نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وكأني أراقب ذلك الرسام حين يرسم

والقطة الرمادية حين اقتحمت انسجامه !

رغم حزن القصة إلا أن بها من الألوان ما سكنت رأسي ، أصفر ، أحمر ، رمادي !

شكرا بثينة .. استمتعت جدا .. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

زخات مطر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-27-2010, 02:38 PM   #8
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو
 
0 صديقي العزيز
0 الرجال !!!!
0 فجري
0 كيف أطور لغتي ؟!

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد المغري مشاهدة المشاركة
..

هذه الـ قصه بمفارقاتها تجبرنا على الـ قراءة أكثر من مرة لـ نستشف الـ جمال جيداً.
الأسلوب الـ نثري هنا يؤثثنا بـ نغم ..
رائعة بحق يابثينة .
تسعدني يا سعد ، كغيمة تمطرني نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.