::
أن تكوني فتاة ريفية في مقتبل عمرك تعانقي أشعة الشمس صباحا وأنتي `ذاهبة إلى المزرعة ..
أن تنضمي للفتيات لبقية اليوم في تحضير واجباتهن تجاه تلك القرية الوادعة ..
أن تتسابقن إلى البئر أصواتكن تعم المكان ضحكاتكن همساتكن ..
أن ينتهي اليوم قبيل المغرب ويعلن أن ياقرية نامي ..
أن تتوسدي أرجل والدك في محاولة مستحيلة لاقناعه بأن تكوني ضمن فتيات التعليم في كتاتيب القرية ..
أن تصطلي حرقة لرؤية صديقات البئر بالأمس يصادقن الحرف ..
أن تشبي و كبير القرية أب لك وشابها أخ يذود عن حياض القرية ..
أن يأتي ذلك الشاب الأسمر في عنفوان شبابه قادما من العاصمة ليطلب يدك وهو الجندي المناضل ..
ثم تكوني أم
في معنى أن تكوني أمي ..
أن تتركي القرية..
أن تأتي المدينة ..
أن تُفجعي بأن الناس هنا لاينامون في الليل
أن تدركي أن للمدينة أنوار و أن للناس هنا أعين فقط ..
أن تحملي على عاتقك عراك المدينة مساعدة الزوج و تربية السبعة ..
وفوق ذلك الحنين إلى القرية إلى انسان القرية قبل كل شيء .
أن تعتصرك الحياة ..
أن تكوني أباً و أماً وصديقة ..
أن تكوني أستاذة جامعة دون شهادة ..
أن تكوني طبيبة دون سماعة ..
أن تكوني أماً بكل الأم ..
أن تكوني حضنا وافرا لكل السبعة طوال الثلاثين ..
أن تأخذي من سني عمرك وتوزيعها علينا واحداً تلو الآخر ..
أن تعدلي ياقة ابن التاسعة والعشرين قبل خروجه من المنزل ..
أن تمازحي بكر الليالي الصعيبة والوحشة والمدينة ..
أن تتابعي لطفل الأمس وشاب اليوم ..
أن تتذكري كل التفاصيل ..
أن تتصلي كل يوم ..
أن تقرأي وجوهنا بكل دقة ..
أن تكبري قبل أوانك ..
أن تعطي من عمرك لنا ..
أن تمرضي لنصح ..
أن تجوعي لنشبع ..
في معنى أن تكوني أمي
أن تكوني هازئة بأن سدد المرض لقلبك سهامه وأصاب أربعة شرايين ..
هل استسلمتي ؟؟
ها أنتي مبتسمة في وجه كل شيء ..
لأننا هنا ..
لأننا بخير ..
لأنك عرفتي جيدا معنى
أن تكوني أم ..
كل عام وأنتي حياة كل عام وأنتي أمي ست الحبايب
يومي قبل يومك ياميمتي
ابنك أمي