" بلانكيتات " السيد العظمة المحترم....!! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
آهات متمردة (الكاتـب : أحمد آل زاهر - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 782 - )           »          تبـــاريــح : (الكاتـب : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          جواب (الكاتـب : إبراهيم بن نزّال - مشاركات : 1 - )           »          [الحُسنُ أضحكها والشوقُ أبكاني] (الكاتـب : محمد بن منصور - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          Bonsoir (الكاتـب : مي التازي - مشاركات : 47 - )           »          [ سُلافة ] في لزوم ما لا يلزم .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 50 - )           »          بدر المطر (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 3 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 508 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-2016, 07:41 PM   #1
صالح اهضير
( كاتب )

افتراضي " بلانكيتات " السيد العظمة المحترم....!!




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


انتحى" السيد العظمة" المحترم ناحية بداخل حديقته الغناء بمزرعته القروية..متأرجحا ورابضا على مقعد وثير في تلك الصبيحة الباسمة،كان يغرق في عوالم بعيدة بين دفتي كتابه..على حين غرة،طوى الكتاب جانبا وأطلق سحابة حلزونية من دخان غليونه،لتنطلق معها أحلام يقظته، في آفاق لا نهائية..تناهت إلى بؤرة شعوره فكرة هائلة وتساءل في دخيلته ووجهه يطفق بالبشر : لم لا تكون لنا عنزة مثل عنزة السيد "سوغان" هذا،بل لم لا تكون لنا قطعان من العنزات بمواصفات أفضل تليق بمقامنا..؟
ضرب كفا بكف مستحسنا الفكرة،وعلى الفور أصدر أوامره المطاعة لخدامه الأوفياء لاقتناء قطيع من المعز من أجود ما تقع عليه الأعين بضيعات وأسواق المناطق المجاورة..
لشدة بدانته،بصعوبة بالغة تمكن من تخليص مؤخرته من ربقة مقعده الفاره..استوى قائما بمجرد أن اقتيدت إليه الكائنات الحيوانية،انتقى عنزة بيضاء ناصع لونها.. لا شائن يشينها..ذات قرون مرنة وقوائم سوداء رشيقة وعينين وديعتين تعكسان بريق ذاك الأفق البعيد..كانت تثغو فيثغو معها القطيع بنبرة اليائس المتبرم كما لو انه يروم بغريزته إلى التخلص من غربة المكان..
على الفور أدرك سعادته ما يروج من هواجس تسري في كيان الأعنز،فشرع يلاطفها بتؤدة ممسدا أَظْهُرها براحة كفه الخشنة :<< على رسلكم يا رجال.. لا تضيقوا الخناق على عنزاتنا الوديعات على غرار ما كان يفعل السيد "سوغان"..بل فكوا عقالها، وأطلقوها تسرح وتمرح متى شاءت وأنى شاءت..فأرض الله واسعة..>>.
ثلة من المتملّـقين ممن يدّعون أنهم يفهمون في"الشؤون الحيوانية"، الذين طمس الجشع أبصارهم، وتضخمت كروشهم من فتات موائد سعادته، جاؤوه ووجوههم تطفح بالبشرى..ركعوا أمامه في خشوع،وبادره أحدهم قائلا:
- سيدي..أعزكم الله..لم لا تطلقون اسما على عنزاتكم المحفوفة برعاية الله على غرار عنزة السيد "سوغان" ؟
انطلقت من فيه ضحكة مروعة إلى أن بدت نواجذه الداخلية..استحسن الفكرة ثم حك قـنّة رأسه الأهليلجي الأصلع وقال متسائلا كما لو انه لا يعلم:
- وما كان اسم عنزته؟
- كانت تدعى "بلانكيت"
- وماذا تقترحون من الأسماء لعنزاتنا اللطيفات؟
على التو،غمرت وجوههم أسارير الابتهاج وحركوا ذيول الزهو والاستبشار ثم قالوا دفعة واحدة وبلا تردد : فلنطلق عليها يا سيدي: " بلانكيتات السيد العظمة المحترم !!"..
عقب كل الإطراءات والمجاملات، وجدها القطيع فرصة سانحة للتسلل من حين لآخر إلى الحقول المحاذية لضيعة السيد العظمة المبجل ليعيث فيها فسادا ويأتي على الأخضر واليابس،على مسمع ومرأى من رعاته الخلصاء..
اجتمع أهل البلدة من الفلاحين العقلاء المتضررين بعد أن عيل صبرهم وأجمعوا أمرهم على التشاور فيما بينهم لاتخاذ قرار حكيم وغير متسرع إزاء هذه الغارة "الحيوانية" المتواصلة بلا انقطاع...
- أية عجرفة هذه؟
-لا بد من تقديم شكاية للمسؤولين
- القيام بمسيرة احتجاجية أمر ضروري
- يتحتم علينا المواجهة بالمثل..
- الانتقام أجدى..
- ندعو الله أن يأخذ بحقنا..
- لا هذه ولا تلك أيها الناس..فلنفاوض جارنا بالتي هي أحسن..
وبالرغم من كل ذلك،كان الجميع يدركون أن أية بادرة مهما تكن ستبوء لا محالة بالفشل الذريع،اللهم إلا الركون إلى الصمت والرضى بما جرت به المقادير،وكيف لا وهم قد ألفوا أن "الصمت حكمة " في عرف أمثال هؤلاء الناهبين الإقطاعيين كما يدعونهم..؟
لم يكن ينتاب السيد العظمة أدنى خوف أو قلق على عنوزه من الذئاب البشرية كما كان يصفهم، كما لم يراوده قط أن تطاوعها النفس الأمارة بالسوء بالفرار هناك بعيدا صوب الجبل كما كانت تفعل عنزة السيد سوغان : "بلانكيت".. وأنى لها أن تفعل ذلك وهي تنعم بالحرية المطلقة والعيش الرغيد مأمونة الجانب..؟!
ومع ذلك،فقد كان يستشيط غضبا وتستبد به نوبة انفعال وتثور ثائرته من وقت لآخر،لينحي باللائمة على رعاة عنزاته مؤاخذا إياهم على سوء التدبيروالتسيير والرعاية الواجبة في حق القطيع الموقر لسيادته : "أيها المغفّلون الأنذال ..مزيدا من الرعاية ..مزيدا من الحرص.. الحرص على أن تتحول كل الأرض الممتدة أمامي عرضا وطولا إلى حظائر من العنزات.."
يقول ذلك بنبرة صارمة فاتلا شواربه بصلف،محدقا للجميع بمقلتين تعكسان بريقا من سخط وإذلال،وقد تدلت كرشه فوق حزامه مثل قربة مملوءة عن آخرها بأفضال هؤلاء السذج المزارعين البسطاء..
في غمرة عبوسه وانقباضه،تضاربت الآراء في غور ذاته،دخل في جدال مثير مع النفس اللوامة:أجل..أصبت يارجل ..المزيد المزيد..أنت حقا لازلت في بداية الطريق..أنت تدرك أن نماذج بشرية من أمثالك قد صار لها شأن عظيم؟؟ ..لقد عهدناك عصاميا طموحا ..لا.. لا.. لا.. ..إياك أن تتراجع قيد أنملة..!!
من أعماق الذات هتف به الهاتف النقيض في عتاب محذرا :« ألا يكيفك يا رجل هذا الرزق الوفير؟.. ألا ترى أنك أوفر حظا من السيد "سوغان"..؟ ألم تقنع بما تدره عنزاتك على ضيعتك الممتدة في كل الاتجاهات من أرطال وأرطال من السائل الأبيض المصفى،وما أنجبت لك من قطعان من العنزات والجديان السالمة من العيوب بحكم سلامة مورثاتها الجينية الأصلية،والتي تناسلت بدورها لتتضاعف بعد ذلك أعدادها يوما بعد يوم أضعافا مضاعفة.. وهذه الطغمة الفاسدة من المزارعين الحاسدين الرعاع..ألا يجدر بك أن تدرأ عن نفسك مكائدهم المحاكة وشراكهم المنصوبة في غور الظلام..؟؟".
غرق في لجج أفكاره ومتاهات تأملاته وأحلامه..سرح هنالك بعيدا ما شاء الله له أن يسرح،ممنيا النفس بغد أكثر بهاء وإشراقا..
لكن هيهات..هيهات..!! فما كل ما يتمناه المرء يدركه..!! ففي يوم آذن فيه فجره بالإشراق،كانت كثل الضباب من صبيحة يوم بارد تدثر بردائها الأبيض الكثيف أرجاء القرية وهي تزحف عبر الجبل..هدوء غير عاد ،كالذي يسبق العاصفة ينشر جناح السكينة على ذات المكان..
على حين غرة،ترامى للأسماع صياح وصراخ وعويل من داخل ضيعة السيد العظمة المشمول بالرعاية الربانية : "الغوث..! الغوث..!" ..عدْو وهرولة من هنا وهناك..جلجلة وأصوات آدمية وحيوانية تشق ستائر الظلام..دخان كثيف يتصاعد في الفراغ تذيله ألسنة اللهب الحمراء الهائجة..طقطقات عظام الحشد الحيواني وعبق الشواء الخانق يعم كل شبر في المزرعة..
وفي لحظة من اللحظات،امتزجت حلكة بقايا ليل بهيم بسواد الأدخنة وبياض الضباب ليستحيل إلى غشاوة تحجب عن الأبصار فظاعة الموت الرهيب...

 

صالح اهضير غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2016, 08:54 PM   #2
سيرين

(كاتبة)
مراقبة

افتراضي


سرد قصصي ساخر راااااااائع حاك الواقع الحالك المؤلم
والكثير من أمور الاستبداد والجور وحاشية المَلك التي إن فسدت زال بها المُلك
أديبنا المبدع " صالح اهضير "
كم ابهرتني قصتك الرائعة العمق والدلالة بدءاََ من عنوانها المبتكر
صياغة متقنة التفاصيل بما جعل الحدث مرأي مجسداََ
واتيت لنا بنهاية اومضت بريق الحكمة
سأظل دوما في انتظار كل ما يعنون بأسمك كاتبنا المبدع
مودتي والياسمين




\..نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

سيرين متصل الآن   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2016, 03:15 PM   #3
صالح اهضير
( كاتب )

افتراضي في الموعد..


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيرين مشاهدة المشاركة
سرد قصصي ساخر راااااااائع حاك الواقع الحالك المؤلم
والكثير من أمور الاستبداد والجور وحاشية المَلك التي إن فسدت زال بها المُلك
أديبنا المبدع " صالح اهضير "
كم ابهرتني قصتك الرائعة العمق والدلالة بدءاََ من عنوانها المبتكر
صياغة متقنة التفاصيل بما جعل الحدث مرأي مجسداََ
واتيت لنا بنهاية اومضت بريق الحكمة
سأظل دوما في انتظار كل ما يعنون بأسمك كاتبنا المبدع
مودتي والياسمين

\..نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
**************************
استاذتنا الرائعة..سيرين
امتناني كبير حول انطباعك بخصوص النص وحول انتظاراتك..
وانا بدوري ساكون في الموعد..
تحيات لا تبلى...


 

صالح اهضير غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-10-2016, 05:50 PM   #4
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي


ياااااا لله !!

على نَواذِج السّخرية حيكَ من الواقِع إسقاطات
أجدْتَ وبِـ صبغَةٍ مائِزة لملمَتها في تفاصيل سرديّة غاية في الدّهشة والغصّة في آن !!

طوبى لك أيّها الفاضل

حَيثُك لا بدّ من إبداع / إمتاع

حيّيت ألف
ولك التّحايا من وريد الآن بَيلسان

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2016, 07:28 PM   #5
صالح اهضير
( كاتب )

افتراضي .امتناني جد كبير


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عَرّابي مشاهدة المشاركة
ياااااا لله !!

على نَواذِج السّخرية حيكَ من الواقِع إسقاطات
أجدْتَ وبِـ صبغَةٍ مائِزة لملمَتها في تفاصيل سرديّة غاية في الدّهشة والغصّة في آن !!

طوبى لك أيّها الفاضل

حَيثُك لا بدّ من إبداع / إمتاع

حيّيت ألف
ولك التّحايا من وريد الآن بَيلسان
********************
الى الاخت الشاعرة رشا عَرّابي
تحية كبيرة لك....امتناني جد كبير لاوصافك العميقة القيمة...

 


التعديل الأخير تم بواسطة صالح اهضير ; 05-11-2016 الساعة 07:29 PM. سبب آخر: اضافة عنوان

صالح اهضير غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكُنَّاشَة شمّاء أبعاد العام 243 01-23-2024 11:26 PM
صباح العوده يافلسطين ( ذكرى النكبه ) سعود القويعي أبعاد المقال 10 05-19-2015 12:23 PM
دوائر - رواية - علي آل علي أبعاد القصة والرواية 10 04-19-2015 04:07 PM
الكاتب الإنجليزي وليم سومرست موم عبدالله باسودان أبعاد المقال 6 03-24-2015 05:10 PM
عبدالله القصيمي صالح العرجان أبعاد المكشف 0 11-18-2012 08:17 PM


الساعة الآن 10:15 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.