جماعة الجمجمة (السندباد الفقري) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
(( أبْــيَات لَيْسَ لَهَــا بَيــْت ...!! )) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 12 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          تخيل ( (الكاتـب : يوسف الذيابي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 428 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75147 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 5 - )           »          بُعدٌ جديد ! (الكاتـب : زكيّة سلمان - مشاركات : 1 - )           »          عَـيني دَواةُ الحـرفِ (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 4 - )           »          " قلطة " : اقلطوا .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 94 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3844 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 423 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-19-2018, 01:31 PM   #1
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي جماعة الجمجمة (السندباد الفقري)


مقدمة سندبادية

اليوم أحكي لكم قصتي مع إحدى جماعات قراصنة البحار
وهي جماعة الجمجمة ...
طبعاً الاسم المقبض لا يوحي بالجديد لكن مغامرتي تلك لم تكن كأي مغامرة سمعت
عنها تتعلق بالقراصنة في عرض البحر...
السندباد سيحكي لكم شبه ملحمة.. وهي مزيج من الصراعات الملتهبة التي تدور
بين البحارة تعساء الحظ والقراصنة الأوغاد .. ومن أشياء أخرى غامضة لن
أفصح عنها الأن حتى تكون هناك قصة ...
إنها قصة عن الأمل حينما يخبو فلا تجد ملاذاً إلا في قلمك الذي تسطر به
مغامرة جديدة تطمح فيها إلى غد أفضل ...
ومن يدري فقد تأتي -أحياناً -الرياح بما تشتهي السفن ...

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2018, 01:34 PM   #2
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(1)
جمجمة تبتسم!

قمت بحك الإبرة عدة مرات في قطعة الحجر الجاذبة قبل أن أضعها فوق الإناء المملوء بالماء
على قطعتين من خشب وجلست أراقب اتجاه الإبرة ..
هاهو ذا الشمال ينجلي ...
التفت لحميد وقلت بلهجة جافة :
- مارأيك ...؟
قال في تبرم وهو يرمق الإبرة الطافية :
- مازلت أفضل حدسي ..في تحديد الاتجاهات ...
- حدسك الذي أوقعنا في جزيرة أكلة اللحوم الأدمية ؟
احتقن وجهه وصاح ملوحاً بكفه :
- أنا لا أعرف الغيب يا هذا وكذلك ذلك الحوت العاشق لقد أنزلنا عند أقرب جزيرة إليه ..و...
قاطعته وأنا اتحاشى لكمه في أي لحظة :
- تباً لك ..أومازلت تدافع عنه ... لقد كدنا أن نصير طعاماً لأولئك المفترسين..
- والحمد لله نجونا ...
- بأعجوبة ..لا تنس هذا ...
قلتها ثم أزحت الإناء جانباً وتناولت الإبرة وأعدتها لجيبي قبل أن أكمل :
- وليس عندي استعداد للسير وراء حدسك مرة أخرى.
كنت لم اتخلص بعد من أثر مغامرتنا الكابوسية في جزيرة أكلي البشر وكان الغضب
والحنق يعصف بي وأدرك حميد ذلك فقرر أن ينهي صفحة الجدال حتى تهدأ أحوالي
أما أنا فكنت أعلم أن حميد لا علاقة له بما جرى وإنما كان سبباً في نجاتنا من
الحوت الضخم بعد أن تفاهم معه والقدر ألقى بنا في تلك الجزيرة المشؤمة كنت
غاضباً وأريد أن أفرغ شحنة غضبي في أحدهم .
جلست قليلاً حتى هدأت نفسي ثم قررت أخيراً الخروج من القمرة والصعود إلى
سطح الخاتون لمتابعة سير العمل ...
تنتن وتنتون ينظفان السطح وسبع البحار يتسلق الصاري
ورشيد الطبيب يهوي بهراوة ضخمة على رأس أحد البحارة كنوع من التخدير
والشهاب يغفو في ركن جانبي وبين الحين والحين يهش عن وجهه ذباباً وهمياً .....
كل شئ كان يتم على قدم وساق ... والخاتون تمخر عباب البحر برشاقتها المعهودة
كل شئ تمام ولم نخرج من مغامراتنا بخسائر في الأرواح فلما العصبية إذن...
كان حميد واقفاً هناك عند مقدمة الخاتون ....
يتكئ على الحافة ويرمق الموج المتلاطم في جمود ..بتثاقل أقتربت منه وبتردد
وضعت كفي على عاتقه ثم هززته في غلظة قائلاً بصوت خشن ...
- حميد ..
التفت إلي بوجه خالي من الانفعالات فأكملت بصوت متهدج:
- دعني اعتذر كنت مشحوناً منذ البداية و...
- وأفرغت طاقة غضبك في صديقك ..
- إذن لماذا جلبتك أأ أقصد ومن غيرك يتحملني يا حميد ..
هز رأسه في سأم ثم أشاح بوجهه تجاه البحر ..
- حميد لن استجدي عطفك أمام البحارة ...
قال دون أن ينظر إلى :
- وأنا لم أطلب منك أن تستجديني أعرف أنك تشعر بالحرج بعد ما
حدث لك في الجزيرة المشؤمة ..
تنحنحت في غيظ.. يالك من وغد لقد كدت أنسى ما حدث ..
قلت له وأنا احك أنفي في حرج :
- المرء لا يجد نفسه كل يوم في قدر يغلي على الماء لقد كانت تجربة بشعة
الأوغاد اختاروني دوناً عن سائر البحارة ليبدأو بطهيي في القدر ..
بدأ شبح ابتسامه يداعب شفتي حميد وهو يقول :
- لكنك تخلصت من الموقف ببراعة ..
هززت رأسي في محاولة لنسيان ما كان ثم عدت أقول في إشراق :
- المهم أننا مازلنا أحياء قهرنا أكلي لحوم البشر وفررنا من بين أسنانهم ...
هنا دوي الصوت العميق المميز لسبع البحار من فوق الصاري المسكين ليقطع
حديثنا وليتحفنا بمصيبة جديدة......
- هناك سفينة تقترب تحمل شعاراً غريباً يا ريس سندباد ...
رفعت طرفي إليه متسائلاً :
- ما صفته..؟
صاح في تلقائية :
- جمجمة تبتسم ...

***

جمجمة تبتسم في جشع ...!!
كان عقلي يعمل بسرعة البرق وبدأ البحارة يضطربون
من حولي.. تنتن وتنتون تكورا عند قدميا وأجسادهم تنتفض فرقاً، رشيد التفت
بهراوته ناحيتنا وكذلك مريضه الذي كان يمثل دور المخدر، وشعرت بقبضة حميد تعتصر
عضدي وسمعت صوته المتجهم يرن في أذني :
- إنهم قراصنة الجمجمة الشيطانية .
وجاء الريس شهاب يتسائل في براءة عما يجري وهو بعد لم يتخلص من أثر النوم ثم
امتقع وجهه حين عرف وصاح في جزع :
- جماعة الجمجمة !! فليرحمنا الله ...
وكان هذا كافياً ليزداد الاضطراب والذعر بين البحارة البائسين ولمحت بعضهم كان يتجه
على أطراف أصابعه ناحية حافة الخاتون محاولاً الهرب و ....
- ثااااااااااابت .....
تجمد الكل في مكانه إثر صيحتي الجهورية التي تجمد الدماء في العروق ذاتها وبوجه
محتقن تابعت في حدة :
- لقد واجهت الخاتون ما هو أشد هولاً فلما الفرق إذن ..؟
قال الشهاب بلهجة توحي بالخطر :
- جماعة الجمجمة ليسوا قراصنة عاديين ..
وازدرد لعابه ثم استطرد :
- إنهم جماعة شيطانية ...
وصاح بحار متحمس :
- إنهم يفتكون بالبحارة تعسي الحظ عن طريق جماجم نارية يقذفونها على
المراكب والسفن فتشتعل فيها النيران ...
جاء رشيد وهو يجر البحار الذي كان يخدره منذ لحظات وقرر أن يدلو بدلوه :
- هذه خرافات بحارة إنهم لصوص كأي لصوص عاديين.
صحت مؤيداً رشيد :
- وسنلقنهم درساً لن ينسوه ...
هنا شق شيئاً ما الهواء بجواري وارتطم بصاري الخاتون .
بعدها لم أرى سوى الشرر يتطاير ولم أسمع سوى الرعد
يصم أذنيا.. وحينما عثرنا على أطرافنا المبعثرة هنا وهناك
أدركنا أنهم بدأو يقذفوننا بالأنفاط ..
وأدركت أنه قد حان وقت الفرار !!...
***
يتبع...

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2018, 04:59 PM   #3
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي


تبارك الله

قبل البدء بالقراءة خشيتُ أن ينتابني الملل في القراءة نسبة إلى طول القصة
وما جاء في الخاتمة من (يتبع)
غير أنني منذ بدء القراءة رافقني الشغف وابتسامة اعجاب مصدرها بُنية الحوار الماتعة

بحق أنت كنز روائي وفير
ولـ يتبع سأكون أول المنتظرين

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-21-2018, 11:19 PM   #4
نادرة عبدالحي
مشرفة أبعاد النثر الأدبي

الصورة الرمزية نادرة عبدالحي

 






 

 مواضيع العضو
 
0 نور على نور
0 أجمل الأمور
0 توقفُ نبض
0 الرسالة

معدل تقييم المستوى: 72240

نادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعة


مـجـمـوع الأوسـمـة: 1

فعالية النثر الوسام الفضي



افتراضي



مُغامرات من قلب البحار تُمشط لنا ذاكرتنا وتمنح الفكر

رحلة مُختلفة لبحارة أوفياء لبعضهم حتى النخاع ....... حياة البساطة وعدم التكلف ,

ومن يعيش بين المحبرتي والإلهام يتمنى العيش والإبحار في عمق المحيطات

والكشف المزيد من أسرارها ....

نُتابع بشوق

 

نادرة عبدالحي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-22-2018, 09:53 AM   #5
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عرابي مشاهدة المشاركة
تبارك الله

قبل البدء بالقراءة خشيتُ أن ينتابني الملل في القراءة نسبة إلى طول القصة
وما جاء في الخاتمة من (يتبع)
غير أنني منذ بدء القراءة رافقني الشغف وابتسامة اعجاب مصدرها بُنية الحوار الماتعة

بحق أنت كنز روائي وفير
ولـ يتبع سأكون أول المنتظرين
أقل واجب حينما تتاح لنا فرصة كي نقف خلف المدفع لا أمامه، هو ألا نكون على الأقل مملين..
أستاذة رشا الكنز الحقيقي لأي كاتب خصوصاً لو كان هاوياً مثلي، هو أن يكسب كل يوم قارئ مثلكم..
متابعتكم شرف لي بكل تأكيد.

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-22-2018, 10:11 AM   #6
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادرة عبدالحي مشاهدة المشاركة

مُغامرات من قلب البحار تُمشط لنا ذاكرتنا وتمنح الفكر

رحلة مُختلفة لبحارة أوفياء لبعضهم حتى النخاع ....... حياة البساطة وعدم التكلف ,

ومن يعيش بين المحبرتي والإلهام يتمنى العيش والإبحار في عمق المحيطات

والكشف المزيد من أسرارها ....

نُتابع بشوق

لكل منا خاتونه التي يفر بها في عمق المحيطات.. مع اختلاف الواقع والأدوات.. فالكاتب (أي كاتب) خاتونه القلم، يغوص به في بحار الكلمات ومحيطات الفكر والخيال .. لكن لابد له من أرض ثابتة يعود إليها دوماً.
أستاذة نادرة كل التقدير والاحترام.. واسمحي لي أن أرحب بحضرتك كضيفة على سفينة السندباد المتواضعة.

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-22-2018, 10:15 AM   #7
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(2)

جمجمة من ذهب


قمنا بفرد الأشرعة كلها وشرع البحارة يجدفون كالمجانين..
وجريت مع الشهاب وحميد نحاول إخماد النار التي نشبت أسفل الصاري.. هنا فوجئنا بجسد
سبع البحار الضخم يهوي نازلاً من أعلى الصاري على الحريق فيخمده من فوره..
وقفنا نتأمله غير مصدقين فاعتدل في حرج قائلاً :
- عفواً يا سيدي لم أكن أقصد ..
قلت له في غيظ وانا ألهث:
- لاعليك يا سبع البحار يمكننا إشعال واحدة أخرى !!
قذيفة ثانية تمرق من جوارنا لكنها تخطئ الهدف وتغوص في
قلب المحيط ...
- أسرع.. أسرع.. يا حمقى..
رشيد يحمل تنتن وتنتون إلى قاع السفينة ويغلق الكوة من وراءه بإحكام قبل أن تهوى
القذيفة الثالثة فوق الكوة وتتناثر الشظايا في كل مكان ..
والتفت ناحية البحر ..
كانت سفينة الأوغاد تتحرك في بطء مستفز ..
هل يتصورون أنهم سيصلون إلينا بهذه السلحفاة القبيحة؟
ومرة رابعة تشق الهواء قذيفة أنفاط.. وترتج الخاتون ويفقد البعض توازنه..
صاح الشهاب :
- لن يصلو إلينا يا سندباد فقط هم يعتمدون على تعطيلنا بالقذائف النارية ..
العرق ينسال على السواعد المفتولة التي تجدف ..
لهاث البحارة المنهكين ينافس هدير الموج وهم يجدفون بكل ما أوتوا من قوة..
وبدا الأمر وكأننا سنظل نجدف حتى تقوم الساعة.. واخيراً غابت سفينة الجماجم
في الأفق وعاد سبع البحار يرتقى الصاري وليعلن لنا في حبور أنهم ذهبوا إلى غير رجعة..
- هورررااااه ....
- هوررررااااه .....
تعانق البحارة غير مصدقين وجاء الشهاب متهللاً ليمسك عاتقى في قوة ويرجه :
- فعلناها يا سندباد لقد نجت الخاتون ...
ظللت جامداً لبرهة.. هل استسلم القراصنة بهذه البساطة؟..
نعم عامل السرعة يجعل لحاقهم بالخاتون الرشيقة ضرب من المستحيلات لكن ...
هناك شيء ما غير مريح في كل ذلك ...
ألستم معي في ذلك .؟..
هنا شعرت بمن يجذب كمي فالتفت لأجد حميد يحمل شيئاً ما قد لفه في خرقة قماش، والدخان
يتصاعد منه، وأمام عيناي المذهولتان كشف جزء من الخرقة ليريني إياه :
ـ سندباد هذا ما تخلف من أنفاط القراصنة ..
وكان ما وجده مذهلاً بحق ...

***

كان البحارة المفتونين قد تركوا كل ما في أيديهم والتفوا
من حولنا يتأملون تلك العجيبة التي جاء بها حميد في
خرقة وتوالت العبارات المبهورة ...
- جمجمة ذهبية ..
- إنها من الذهب الخالص ...
- مستحيل ..كيف سبكت تلك التحفة ؟..
ـ دعونا نركز أكثر لنتأكد ..
كان هذا يكفيني فقمت بزجر البحارة فتناثروا من حولنا مثل
الذباب الذي قمت بهشهشته من فوق قطعة حلوى ..
نظر لي حميد وقال في عدم فهم :
- هل لديك تفسيراً لهذا الذي وجدنا؟
قلت له وانا لم استوعب الصدمة بعد :
- هذه الجمجمة ثروة تكفينا لنتقاعد من عمل البحر ..
- بل هذه كارثة حاقت بنا ...
التفتنا أنا وحميد إلى صاحب الكلمة ورأينا الخطورة على وجه الريس شهاب وعينه لا تفارق
الجمجمة الذهبية التي نحملها وابتلع ريقه الذي أساله مشهد الجمجمة المصنوعة من
الذهب الخالص ثم استطرد :
ـ هذه الجمجمة لعنة ألقاها القراصنة فوق رؤسنا لن نجني من ورائها إلا الشقاء ..
أه ..
هذا ما كان ينقصنا، خرافات العجائز هذه ..
قلت له في ملل :
- شهاب لن نعود لهذا الحديث ثانية ..
أشار الشهاب للجمجمة وقال بلهجة تحذيرية :
- هل تظن أن القراصنة يقذفون السفن بالذهب الخالص كنوع من باب التودد..
القراصنة يسلبون الذهب ولا يعطونه ...
كان كلامه منطقياً من هذا الوجه، فعلاً ما السر وراء إلقائهم بتلك التحفة فوق رؤوسنا؟
لكن الكلام عن لعنة ما أومحاولة شيطنة الأمور مباشرة هذا هو ما لا أقبله ..
بداية لنحاول إيجاد تفسير منطقي لما حدث ..
- تخلص منها يا سندباد قبل فوات الأوان..
انتزعتني كلمات الشهاب من بركة الأفكار التي غصت فيها
وشعرت فجاة بالحنق يعصف بأعصابي.. اتخلص من ماذا
أيها المأفون ؟..!
صحت به في ثورة :
- هل جننت أيها العجوز أم أنها الشيخوخة ؟
اتسعت عينا الشهاب غير مصدق للطريقة التي كلمته بها ..
وفتح فمه مذهولاً ليقول شيئاً لكن قذائف الانفاط التي كانت تخرج من فمي
لم تعطه الفرصة ليقول شيئاً ..
- من أنت حتى تعطيني الأوامر ؟ الخاتون لها ربان واحد
وهو صاحب القرار الأول والأخير وكلكم له تبع ..
وتناولت الجمجمة من حميد الذي لم يكن أقل ذهولاً من الشهاب بسبب ردة فعلي ..
كانت ماتزال ساخنة من أثر الأنفاط رغم الخرقة التي لفها حولها وضممتها إلى صدري
كأنني أحميهامن عيون الناظرين وسرت متجها ناحية القمرة، كنت بحاجة لبعض الراحة والتأمل..
تأمل الجمجمة الذهبية العجيبة ...

***

فيما بعد عرفت هذا الذي جري ...
في تؤدة يقترب حميد من الشهاب الذي أعطى ظهره للجميع
بعد انصرافي العاصف من أمامهم وفي بطء رفع كفه وربت
على عاتق الشهاب الضامر ومن داخله كان يضطرم غيظاً وحنقاً بسبب الكلام
النابي الذي تفوهت به ..
- لاتحزن أيها الشهاب أعصاب السندباد لم تعد كما كانت
أنت أستاذه وهو يحبك لأنك تذكره بوالده و...
كان حميد يجاهد كي يجد كلمات مناسبة تخفف عن العجوز
لكن في الواقع كان العجوز مشغولاً بشيء أخر لم يتوقعه حميد.
قال الشهاب وعينه الذابلة ترنوا جهة الأفق :
- هل تظن أنني تأثرت حقاً بما قاله السندباد ؟
قال حميد في دهشة :
ـ أي حيوان كان سيتأثر بمثل هذا الكلام وتلك اللهجة أيها الشهاب.
لاح شبح ابتسامة باهتة على شفتي الشهاب المتشققتين وهو يقول :
- كان يمكنني أن أموت كمداً لو كان السندباد يتصرف بطبيعته يا حميد ..
والتفت إليه في حدة وأردف هامساً :
- ألم تفهم بعد يا بني السندباد وقع تحت تأثير استحواذ شيطاني فتلك الجمجمة
التي قذفتنا بها القراصنة جمجمة شيطانية ..

***

لكن مالدليل على كلامك أيها الشهاب ؟..
الدليل سهل وبسيط علينا أن ننتظر ونراقب السندباد في حركاته وسكناته عندها نتأكد
أن تلك الجمجمة التي ألقيت إليه لم تلقى إليه مكافأة على هروبه من قبضة القراصنة ..
عقد حميد ساعديه أمام صدره مغمغماً :
- هذا ليس صعباً أيها الشهاب ..
حاول الشهاب أن يزدرد لعابه وهو يتمتم :
- فليكن الله في عوننا لو كنت مصيباً فهذا يعني أن ربان الخاتون وموجهها سيكون
تحت سيطرة قوى شيطانية.
تجهم وجه حميد وأشاح بوجهه قائلاً :
- لا تنعق مثل الغراب أيها العجوز ودع المستقبل يكشف لنا ماوراء الأكمة ..

***

ما أجملها من جمجمة ...
وضعتها بحرص على منضدة صغيرة تجاور فراشي وجلست
أتأملها مليا ...
لولا أنني متأكد أنها من الذهب الخالص لشككت في كونها جمجمة حقيقية.. الحقيقة أنني
صرت متيماً بها.. هل رأيتم شخصاً متيماً بجمجمة ؟ هذا هو ماكنته ولم يكن السر
في كونها من ذهب ..
لقد خطف الذهب بصري في البداية وسال له لعابي ..
لكن الأن الأمر يختلف، الأمر يعجز لساني عن وصفه مثل البرق الذي يسطع لك
فجاة ليضيئ كل شيء في لحظة ثم يختفي فيسود الظلام وتبقى وحدك في مستنقع
الحيرة والظلام تنتظر وتنتظر كي ينتشلك وميض أخر..
رباه كم تداري تلك العينان الغائرتان من أسرار ..
وشعرت بالفضول وشيء من الهياج العاطفي ناحية ذلك المجهول الذي يقبع في
سفينة القراصنة ..
ونهضت في حزم وقد عزمت أمري نحو هدف محدد ..
قمت بدس الجمجمة في صندوق خشبي داخل كوة سحرية
مجاورة لفراشي ثم توجهت ناحية باب القمرة وجذبت المقبض.. لكن حينما فتحت
الباب فوجئت بجسد ضئيل يتكوم عند قدمي وهو يئن ..
- الشهاب ماذا كنت تصنع ؟
- كـ... كـ...كــ...كـ...
عقدت ساعدي أمام صدري وقلت في صرامة :
- هل تحولت لدجاجة أيها الشهاب؟ تكلم ماذا كنت تصنع عند بابي؟..
اعتدل الشهاب وهو يتحسس ظهره في ألم ثم تنهد قائلاً :
ـ كنت أطمئن عليك، فأنت لا تبدو في حالة جيدة منذ نجونا من قراصنة الجمجمة ..
اقتربت بوجهي من وجه العجوز المتغضن وقلت من بين أسناني :
- أنت لا شأن لك بي البته..
وتركته خلفي وتوجهت في خطوات سريعة لسطح الخاتون.
لقد كاد ذلك العجوز أن ينسيني ما عزمت عليه و..
وحينما صرت وسط بحارتي الأفذاذ وضعت قبضتي في خاصرتي وصحت فيهم بحبور :
- هيا يارجال سنعود أدراجنا للوراء حيث تركنا القراصنة ..
اتسعت عيون البحارة وفغرت أفواههم في بلاهة لكنني كنت لا أبالي بتلك المشاعر التافهة...
وصاح حميد في جزع :
- سندباد هل جننـ .؟..
قاطعته في صرامة قبل أن يتمها:
- بلى يا حميد سنقوم بمطاردة القراصنة هذه المرة ولا تنس من الربان ههنا .

***

يتبع...

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-23-2018, 09:21 AM   #8
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(3)
جمجمة .. أثنان .. ثلاثة


وكنت لا أدري أن الوغد العجوز يقلب قمرتي رأساً على عقب.. الشهاب حيث تركته يبحث
كالمحموم عن شيء ما ..شيء ما ينغص على الخاتون سيرها ..شيء ما ابتلي به الربان
وصار يسيطر على كل حواسه..
أين أنت أيتها اللعينة ؟..
هنا شعر بالقبضة المضطربة تمسك بعاتقه .. التفت في لوعة ثم أطلق زفرة حارة :
ـ أهو أنت ظننتك السندبا......
قاطعه حميد وكل خلجة من خلجاته ترتجف :
ـ الأمر جد خطير أيها الشهاب..السندباد يبحر باتجاه القراصنة يزعم أنه يبغي مطاردتهم ..
ـ هراء ... إنها تسيطر عليه .. ستجعله يتجه لحتفه.. لكن أين هي؟..
وركل فراشي بقدمه محنقاً ثم وثب متألماً على ساق واحدة كاللقلق ..
لكن حميد بوصفه صديقي اللدود فهو يعرف أين يخبئ صديقه حاجياته.. الكوة السحرية
طبعاً وهل هناك غيرها..
هذه أفة من أفات الصداقة المزمنة ..
وأمام عيني الشهاب المذهولتين أخرج حميد الجمجمة المشؤمة..
ـ لقد قلبت القمرة رأساً على عقب.
قالها الشهاب في ضيق فابتسم حميد وهو يقول بلهجة منتصرة:
ـ هذه فائدة الصداقة ...
قالها حميد في ثقة لكنه لم يدر لماذا تغير لون الشهاب فجأة
وشحب وهو ينظر لنقطة ما وراء كتفه، وقبل أن يستوعب دوت كلماتي في أذنه ملتهبة :
ـ بل هذه هى نهاية الصداقة ...
أذكر وقتها وأنا أقف على باب القمرة أتأمل تلك المهزلة،
أنني كنت أحمل في قلبي كل حقد وغل الدنيا لأقرب البحارة لقلبي ..
حميد والشهاب ...

***

ببطء ناول حميد جمجمتي الأثيرة للشهاب ولمحت في عينيه نظرة متحدية وهو يقول بثبات :
ـ تخلص منها أيها الشهاب ...
كشرت عن أنيابي وأنا أزئر بتوحش :
ـ خونة ..
صاح الشهاب بصوت مبحوح وهو يضم الجمجمة إلى صدره:
ـ بل نحن ننقذك منها ..إنها تستحوذ عليك ...
تقدمت منهم في بطء وانا أسد عليهم المخرج من القمرة قائلاً:
ـ بل بريق الذهب هو ما أدار رؤوسكم وجعلكم تنقلبون علي.
صاح حميد وهو يحول بيني وبين الوصول للشهاب :
ـ قلت تخلص منها أيها الشهاب ..
ونظر لي في تحد مستطرداً :
ـ ودعه لي .. سأتدبر أنا أمره ..
صرخت في توحش وأنا أثب عليه :
ـ تعال إلى إذن يا توأم روحي ..
وتعانقنا تعانقاً حاراً ملتهباً أمام عيني الشهاب الجاحظتين ...
عناق من نوع خاص.. بالتحديد هو للعصر أقرب منه للعناق..
كان حميد يجذبني بعيداً عن الباب ليسمح بعبور الشهاب لكنني دفنت ركبتي بين
أضلعه فتهاوى
وهو يشهق والتفت جهة الشهاب الذي لم يجد الفرصة للمروق من باب القمرة ووقف
يرتجف أمامي كورقة ..
ـ الأن دورك يا كومة العظام النخرة ..
قلتها وأنا استعد للوثوب عليه لكن حميد عاد متحمساً وقد تحول لإعصار جارف أحاط بخصري
وأزاحني من طريق الشهاب ..
وتكومنا في ركن القمرة وعظامنا تئن ..
ولم ينتظر الأخير..
وسرعان ما وثب خارج القمرة في نفس اللحظة التي صرخت فيها من بين أسناني
وأنا اخمش حميد في وجهه :
ـ لن تفلتا مني ..
صرخ حميد وهو يدفع إصبعيه السبابة والوسطى في فتحتي أنفي :
ـ بل أنت الذي لن يفلت من ضربتي الخطافية تلك ..
لكنني أرجعت رأسي للوراء قليلاً فأدخل الأحمق إصبعيه في فمي بدلاً من أنفي وسرعان
ما تلقى أقسى عضة من أسناني الحادة ومكث يتلوى من شدة الألم ..
ولم أنتظره حتى يفرغ من ألامه قمت بتسديد ركلة عاتية إلى ضلوعه ووثبت من فوقه خلف الشهاب ..
كنت هائجاً كالوحش الجريح غاضباًً مفعماً بالحقد والكراهية
فلو طالت يدي ذلك العجوز فلن يتبقى منه ما يصلح لتلميع حذائي ..
وهكذا سللت سيفي من قرابه ولوحت به مرتين في الهواء ثم...
كان مشهداً لا ينسى..
الشهاب يعدو ناحية حافة الخاتون وهو يحمل الجمجمة الذهبية فوق رأسه بكلتا يديه، وأنا
من وراءه ألوح بسيفي والزبد يتطاير من أشداقي ..
وصرخت في البحارة :
ـ أوقفوا اللص ..لقد سرق جمجمتي ...
هنا شعرت أنني أرتفع لأعلى .. لأعلى ..
وحينما نظرت لأسفل رأيت من يحملني كالطفل ..
ـ حتى أنت يا سبع البحار ..
قلتها وسيفي يضرب يمينا ويساراً في محاولة يائسة لإصابة سبع البحار الذي انضم لقائمة
الخونة، لكنه قبض على ساعدي وثبته عالياً وسمعته يقول متألماً :
ـ سامحني يا سيدي ..أنا مضطر لهذا.. فقط لحمايتك ...
صحت وأنا أحاول التملص من جبل العضلات المحيط بي :
ـ الكل خائن .. الكل سيعاقب و...
ونظرت في لوعة ناحية الشهاب الذي وقف عند حافة الخاتون رافعاً الجمجمة
بكلتا كفيه عالياً و..
ووثب قلبي من بين أضلعي والشهاب يلقيها بكل ما أوتي من قوة وبلا تردد....
في الماء ..
وأمام عيناي غاصت جمجمتي الذهبية في المحيط ..
وردد المحيط صدى صرختي الملتاعة ..

***

لا شيء سوى الصمت ..
هذا هو ما تحول إليه المشهد الذي كان ملتهباً منذ لحظات..
الشهاب يحاول أن يستجمع أنفاسه المتلاحقة جوار الحافة...
حميد جاء يجر قدمه جراً بعد صراعي معه وحينما ألقى نظرة على الموقف سقط على ظهره
وهو يتنفس الصعداء ...
رشيد جاء وهو يحتضن تنتن وتنتون والدهشة والذهول لا يفارقان سحنته..
البحارة لا يفهمون حرفاً مما يجري ..
ساعد سبع البحار المحيط بخاصرتي يتراخى ببطء ويده الأخرى تفلت ساعدي الذي يحمل السيف ..
لا أستطيع أن أصف شعوري بدقة بعد أن عادت قدماي تلامس سطح الخاتون ..
خواء ..
لا أدري ما الذي ينبغي علي فعله ..
كأنني طفل تركه أبوه يواجه موقفاً أكبر منه وهو الأن في حيص بيص ..
لم يعد للحقد والغضب وسائر المشاعر التي استولت على
وجداني أي وجود.. فجأة هدأ كل شيء مع غياب الجمجمة الذهبية في قاع المحيط ..
هل حقاً كنت واقعاً تحت تأثير شيء ما أم أنني هدأت حينما تأكدت من سلامة نية الشهاب
وحميد لما ألقوا الجمجمة في الماء.. لن يسرق أحمق جمجمة ذهبية ليلقيها في اليم ..
لقد سيطرت عليهما فكرة الاستحواذ الشيطاني هذه و...
لكن لما المكابرة يا سندباد ؟..
أنت لم تكن أنت ..
وأنت تدرك هذا جيداً ..
الأن عليك أن تتوارى عن الجميع ..
لتختلي بنفسك ولتحاول أن تتوضأ وتصلي ركعتين لخالقك فتهدأ بعدها نفسك ..
لقد أنقذني الرفاق من كيان شرير لا أدري كنهه ولا أحد منهم ينتظر مني كلمة شكر أو اعتذار ..
أنهم متفهمون فأنت لم تكن أنت..
لقد قاتلت حميد أعز أصحابي وكدت أفتك بالشهاب الذي
علمني ركوب البحر ..
كل هذا كان كثير .. كثيراً جداً ...
أكثر مما يحتمل ..

***

لكن ترى هل هذه هي النهاية ؟

***

جلست في قمرتي أقلب في سجلاتي وأدون بعض الملاحظات
حينما طرق الباب ..
ـ أدخل يا حميد ...
بالفعل دخل الأخير وهذا لا يعود لكوني عرافاً.. فقط أنا أعرف طرقته..
كان يبتسم في ود لكنني كنت من داخلي أتمزق كلما تذكرت ما كان وما جرى ..
ولم يكن وحده كان الشهاب يقف خلفه :
ـ سندباد إلى متى ستختلي بنفسك الخاتون لن تقود نفسها بنفسها ...
انشغلت بالسجلات متحاشياً النظر إليهما وقلت للشهاب:
ـ لم يكن ما مر سهلاً ..
قال حميد :
ـ ومنذ متى ونحن نمر بمغامرات سهلة.؟..
أزحت سجلاتي جانباً وجذبت نفس عميق ثم أطلقت زفرة حارة أودعتها كل انفعالاتي ..
ثم قلت في شرود :
ـ لا أدري ..لماذا يحدث هذا لي فقط .. لماذا يبدأ بي أكلة لحوم البشر دوناً عن سائر البحارة؟
ولماذا تختارني الجمجمة الشيطانية دوناً عن سائر البحارة وتقرر الاستحواذ على عقلي؟
تنحنح حميد وهو يداري تبسمه فنظرت له في غل جعله يقول في سرعة :
ـ بالنسبة لأكلة البشر لعلك كنت تبدو لهم أسمن من بقية البحارة .
نظرت له في سماجة على حين عاجلني الشهاب بقوله :
ـ أما بالنسبة لجمجمة الشيطان الذهبية ..فاختيارها لك لأنك
الربان .. ولو سيطرت عليك فقد سيطرت على كل من تحتك .
ابتسمت لهما في غيظ قائلاً :
ـ واضح أن كل المصائب التي تنصب على رأسي لها تبريراتها المناسبة حتى لو سقط قلع
من قلاع الخاتون فوق
رأسي فلن أندهش فربما كان السر في جاذبيتي الشديدة أو أي هراء أخر .
لكمني الشهاب في كتفي كعادته السمجة وهو يقول في مرح :
ـ المهم أن تلك الجمجمة المشؤمة قد ذهبت إلى غير رجعة
سلمت لنا يا سندباد .
هنا ..
وهنا فقط أضاء عقلي المكدود بشموس عديدة...
وذكريات قريبة ..

***

ـ جماعة الجمجمة ليسوا قراصنة عاديين ..
ـ إنهم جماعة شيطانية ...
ـ إنهم يفتكون بالبحارة تعسي الحظ عن طريق جماجم نارية
يقذفونها على المراكب والسفن فتشتعل فيها النيران ...

***

هنا شق شيئاً ما الهواء بجواري وارتطم بصاري الخاتون ..
بعدها لم أرى سوى الشرر يتطاير ولم أسمع سوى الرعد
يصم أذنيا ...

***

قذيفة ثانية تمرق من جوارنا لكنها تخطئ الهدف وتغوص في قلب المحيط ..

***

رشيد يحمل تنتن وتنتون إلى قاع السفينة ويغلق الكوة من وراءه بإحكام قبل أن تهوى القذيفة الثالثة
فوق الكوة وتتناثر الشظايا في كل مكان ...

***

ومرة رابعة تشق الهواء قذيفة أنفاط وترتج الخاتون ويفقد البعض توازنه ...

***

وأمام عيني المذهولتين كشف جزء من الخرقة ليريني إياه :
ـ سندباد ...هذا ما تخلف من انفاط القراصنة ..

***

وانتفضت قائماً مثل الزنبرك وصحت مثل الديك :
ـ يا إلهي الذي في السماء .. هناك قذيفتان أصابتا الخاتون سوى القذيفة التي أصابت الصاري ..
قال الشهاب في غباء :
ـ وماذا في هذا؟
صاح حميد وقد فهم :
ـ رباه .. هذا يعني أن ...
وقطع عبارته وضرب جبهته بكفه.. نظرت للشهاب موضحاً في مرارة :
- لقد رمانا القراصنة بأربع قذائف .. واحدة غاصت في المحيط، وواحدة استقرت
في الصاري، وواحدة كادت تفتك برشيد وتنتن وتنتون عند الكوة الموصلة للقاع، وواحدة
أصابت مؤخرة السفينة وجعلتها ترتج بعنف، كان هناك ثلاث قذائف بثلاث جماجم أصابوا
الخاتون، تخلصنا من واحدة وبقت جمجمتين طليقتين الأن على سطح الخاتون جمجمتين
سقطتا من حساباتنا وهما الأن تعبثان في عقل أحدهم .

***
يتبع

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جزيرة نمنم (السندباد الفقري) عمرو مصطفى أبعاد النثر الأدبي 6 11-11-2018 09:19 AM
سر الخاتون ـ السندباد (الفقري) عمرو مصطفى أبعاد القصة والرواية 11 09-30-2018 12:08 PM
الجزيرة التي ليست كذلك! (السندباد الفقري) عمرو مصطفى أبعاد القصة والرواية 10 09-25-2018 11:09 AM
كنت السندباد محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 6 10-13-2014 10:25 AM
انطلاقة جماعة فرقد الإبداعية بأدبي الطائف علي آل علي أبعاد الإعلام 2 02-18-2014 08:53 AM


الساعة الآن 12:12 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.