حسين الراوي
08-08-2008, 01:23 AM
رابط صورة القراءة تماماً كما جاء في جريدة الجريدة:
http://www.aljarida.com/aljarida/pdfviewer/Pdf.aspx?date=08-08-2008&type=aljarida&number=12
-----------------------------
قراءة في أبيات ( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي
هناك من الشُعراء من لا يكتبه الشِعر وإن كتبه هو ، وهناك من الشُعراء من يكتب الشِعر والشِعر يكتبه ، و( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي يكتب الشِعر والشِعر يكتبه ، أي أنه شاعر ليس غريباً على مدائن الشِعر ولا الشِعر غريباً على روح نواف التركي .
من يقرأ شِعر نواف التركي يجد أن هذا الإنسان لا يكتب بمحض العبث أو الترف أو المحاكاة ، بل هذا الإنسان لا يكتب الشِعر إلا عندما يحزن ويصبح مدى خطواته جرح أو خذلان أو قلة حيلة ، لذا نجد أن قصائده لوّنها بألوان روحه التي أعياها الشتات حيناً من العُمر . كثيراً ما لبس نواف جروحه وطناً ، وكثيراً ما سكن نواف حيرته حزناً ، وكثيراً ما تبختر نواف في مدائن شِعره شموخاً وعنفواناً وقناعة .
أحببت كثيراً الصدق الساطع الذي غمسه نواف التركي في أبياته ، وأحببت أكثر شفافية الألم التي تغنى بها نواف التركي في معظم أبياته ، وأدهشتني روحه التي جعلت منه شاعراً متميزاً في زمنٍ كثر فيه الشُعراء بلا تميز . ( نورس مدائن الشِعر ) إن كتب فهو موجوع ، إن كتب فهو مخذول ، إن كتب فهو ساخط ، إن كتب ففي حنايا صدره عتب لا يحتضنه إلا أُفق السماء .
نواف التركي تسكع على أرصفة مدائن الشِعر حتى شرب أرصفتها نكهةً ، وتشربته أرصفتها نشوةً ، فكان نورسنا ينفث أبعاده وآلامه وأفراحه في مدائن الشِعر فتنفثه مدائن الشِعر نورساً جميلاً في سمائها .
مدخل أول لهذه القراءة، يختصر لنا سطور كثيرة في كتابة سبب دافع الشِعر عند نواف التركي.
لا ما كتبت الشعر رغبه وبرضـاي
أنـا الدفاتـر والسنيـن أكتبتبـي
تقرين حزني في ملامـح محيّـاي
عشقي شمال ودنيتي غربتبـي .
في هذين البيتين يصدح نورسنا في أهم مبادئه الجميلة ، فيقف ضد الغدر وضد التذلل وضد الصحبة الطالحة وضد اللا قناعة ، فيقول:
ماني من اللي لا ضرب ضربته من تحت الحزام
ولا ني من اللي يكسبون الرزق من تحت الشليل
نفسي منزها عـن الحقـران وعيـال الحـرام
وأرضى بقسمة خالقي لو كان مقسومـي قليـل.
هنا يقدم لنا نواف التركي فلسفة الفراق بلباس القناعة والحكمة والصبر رغم الألم ، فيقول:
تبـي تغيـب الله معـك بالسلامـه
منت أوّل اللـي للفـراق جبرونـي
صمتي ماهو حسره ولا هـو ندامـه
أنا أحترم حزنـي وأقـدّر طعونـي
في هذه الأبيات الرائعة في شفافيتها الكبيرة يكتب نواف التركي حقيقة الشاعر الصادق ، حيث أوصل بوحه لنا ولمحبوبته بدون أن زخرفة وبهرجة وصوّر مثقلة معقدة:
يكفيه في غيبتـه شعـره تمرينـه
وتلامسين الحزن والغبن وعتابـه
تقرين يمكن على فقـدك تعزينـه
الشاعر أكثر عزاه الناس تقرابـه
أشوف كنّ الوجع يسكن شرايينـه
طيرٍ غناءه شجن وسنينـه ذيابـه
هنا بيت واحد فقط ، لكن نواف قال فيه أشياء كثيرة لا تُحصى:
كف الملام اللي حصل شي مقسـوم
لو في يديني شـي مبطـي مسويـه
دققوا معي في كمية الشجن والحزن والضياع التي شحنها نواف التركي في هذه الأبيات، حتى بلغ فيها ذروة الألم:
يا فيصل أن مات هذا الحرف وزّعني
للريح تأخذ شتات العمـر وأحزانـي
ولا تسأل الحبر هذا النزف وشـ/يعني
لو يعرف الصدق ما خلاّهـم وجانـي
مرّات أحسه أذا ما غبـت يا سعنـي
ومرّات أحس الغياب يهـدّ وجدانـي
كم صحت له يا خوي الحزن ودّعنـي
وكم صاح لي وين ما ترحل بـتلقاني
بروح المؤمن الطيبة وبكثير من الإنابة والعبودية كتب نواف:
يارب وإن كان باب الخلق متسكّـر
فـأنا ببابك وقفت وطالبـك حاجـه
يارب عبدك وأبن عبدك و متذكّـر
ذنبي وطامع بـعفوٍ منك وإفراجـه
يارب لا تحدّنـي أحمـد وأتشكّـر
غيرك وأنا ما حنيت لغيرك وتاجـه .
إلى هنا نصل لنهاية قراءتنا لأبيات ( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي .
----------------------------
رابط القراءة كتابياً في جريدة الجريدة:
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=72662
http://www.aljarida.com/aljarida/pdfviewer/Pdf.aspx?date=08-08-2008&type=aljarida&number=12
-----------------------------
قراءة في أبيات ( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي
هناك من الشُعراء من لا يكتبه الشِعر وإن كتبه هو ، وهناك من الشُعراء من يكتب الشِعر والشِعر يكتبه ، و( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي يكتب الشِعر والشِعر يكتبه ، أي أنه شاعر ليس غريباً على مدائن الشِعر ولا الشِعر غريباً على روح نواف التركي .
من يقرأ شِعر نواف التركي يجد أن هذا الإنسان لا يكتب بمحض العبث أو الترف أو المحاكاة ، بل هذا الإنسان لا يكتب الشِعر إلا عندما يحزن ويصبح مدى خطواته جرح أو خذلان أو قلة حيلة ، لذا نجد أن قصائده لوّنها بألوان روحه التي أعياها الشتات حيناً من العُمر . كثيراً ما لبس نواف جروحه وطناً ، وكثيراً ما سكن نواف حيرته حزناً ، وكثيراً ما تبختر نواف في مدائن شِعره شموخاً وعنفواناً وقناعة .
أحببت كثيراً الصدق الساطع الذي غمسه نواف التركي في أبياته ، وأحببت أكثر شفافية الألم التي تغنى بها نواف التركي في معظم أبياته ، وأدهشتني روحه التي جعلت منه شاعراً متميزاً في زمنٍ كثر فيه الشُعراء بلا تميز . ( نورس مدائن الشِعر ) إن كتب فهو موجوع ، إن كتب فهو مخذول ، إن كتب فهو ساخط ، إن كتب ففي حنايا صدره عتب لا يحتضنه إلا أُفق السماء .
نواف التركي تسكع على أرصفة مدائن الشِعر حتى شرب أرصفتها نكهةً ، وتشربته أرصفتها نشوةً ، فكان نورسنا ينفث أبعاده وآلامه وأفراحه في مدائن الشِعر فتنفثه مدائن الشِعر نورساً جميلاً في سمائها .
مدخل أول لهذه القراءة، يختصر لنا سطور كثيرة في كتابة سبب دافع الشِعر عند نواف التركي.
لا ما كتبت الشعر رغبه وبرضـاي
أنـا الدفاتـر والسنيـن أكتبتبـي
تقرين حزني في ملامـح محيّـاي
عشقي شمال ودنيتي غربتبـي .
في هذين البيتين يصدح نورسنا في أهم مبادئه الجميلة ، فيقف ضد الغدر وضد التذلل وضد الصحبة الطالحة وضد اللا قناعة ، فيقول:
ماني من اللي لا ضرب ضربته من تحت الحزام
ولا ني من اللي يكسبون الرزق من تحت الشليل
نفسي منزها عـن الحقـران وعيـال الحـرام
وأرضى بقسمة خالقي لو كان مقسومـي قليـل.
هنا يقدم لنا نواف التركي فلسفة الفراق بلباس القناعة والحكمة والصبر رغم الألم ، فيقول:
تبـي تغيـب الله معـك بالسلامـه
منت أوّل اللـي للفـراق جبرونـي
صمتي ماهو حسره ولا هـو ندامـه
أنا أحترم حزنـي وأقـدّر طعونـي
في هذه الأبيات الرائعة في شفافيتها الكبيرة يكتب نواف التركي حقيقة الشاعر الصادق ، حيث أوصل بوحه لنا ولمحبوبته بدون أن زخرفة وبهرجة وصوّر مثقلة معقدة:
يكفيه في غيبتـه شعـره تمرينـه
وتلامسين الحزن والغبن وعتابـه
تقرين يمكن على فقـدك تعزينـه
الشاعر أكثر عزاه الناس تقرابـه
أشوف كنّ الوجع يسكن شرايينـه
طيرٍ غناءه شجن وسنينـه ذيابـه
هنا بيت واحد فقط ، لكن نواف قال فيه أشياء كثيرة لا تُحصى:
كف الملام اللي حصل شي مقسـوم
لو في يديني شـي مبطـي مسويـه
دققوا معي في كمية الشجن والحزن والضياع التي شحنها نواف التركي في هذه الأبيات، حتى بلغ فيها ذروة الألم:
يا فيصل أن مات هذا الحرف وزّعني
للريح تأخذ شتات العمـر وأحزانـي
ولا تسأل الحبر هذا النزف وشـ/يعني
لو يعرف الصدق ما خلاّهـم وجانـي
مرّات أحسه أذا ما غبـت يا سعنـي
ومرّات أحس الغياب يهـدّ وجدانـي
كم صحت له يا خوي الحزن ودّعنـي
وكم صاح لي وين ما ترحل بـتلقاني
بروح المؤمن الطيبة وبكثير من الإنابة والعبودية كتب نواف:
يارب وإن كان باب الخلق متسكّـر
فـأنا ببابك وقفت وطالبـك حاجـه
يارب عبدك وأبن عبدك و متذكّـر
ذنبي وطامع بـعفوٍ منك وإفراجـه
يارب لا تحدّنـي أحمـد وأتشكّـر
غيرك وأنا ما حنيت لغيرك وتاجـه .
إلى هنا نصل لنهاية قراءتنا لأبيات ( نورس مدائن الشِعر ) نواف التركي .
----------------------------
رابط القراءة كتابياً في جريدة الجريدة:
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=72662