المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بلا عنوان... مجرد مشاعر خرجت ولم تجد لها كابح..!


مشعل الحربي
08-14-2008, 08:47 AM
رأيته ودمعة كسيرة كعينه الكسيرة قد اتخذت في خده كأخواتها مجرى كمجرى السيل ، لكن على عكس السيل الذي يبعث على الحياة والطمأنينة إنما تبعث على الجفاف والألم..إن الهواء الذي يستنشقه لايدل على الحياة بقدر ما يدل على ضيقة تكتنفه لذا هو يبرد اللهيب في داخله وما علم أنه بذلك يوقده حتى كأنما هو فرن سدت منافذه إلا منفذ فتح للتنفيس ومع ذلك فقد نفذ الهواء إليه وهو عامل مساعد في بقاء النار مستعرة إلى حين .

* * *
كانت له عينان تصيب المارين به بقشعريرة في أجسادهم لذا تراهم يشيحون بأبصارهم عندما تلتقي أعينهم بعينيه هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بذلك وما علموا أنهم يقتلون فيه بقايا مشاعر يحاول إبرازها على طريقته.

* * *
كانت له ابتسامة لطالما لفتت انتباه الناس إليه لجمالها وبراءتها أما الآن فقد لاكة الحياة وجه حتى أصبحت معالمه بالكاد تبين.

* * *
هاهو ينهض كأسمال بالية تكاد تطير لخفتها وذلك بسبب عوامل التعرية المتنوعة التي تعرض لها.

* * *
هاهو يسير خلف المارين بخطى مثقلة إذ الجسد الذي تنقله آيل للسقوط كبقية الأجساد الساقطة على هامش الدرب.

** ** **
وفي نهاية الطريق تمر سيارة مسرعة يمتطيها شاب مراهق لتصطدم بالهيكل الهش وتحطمه محققة بذلك الحلم الذي كان يرجو حدوثه منذ شقائه.

وقبل أن يلفظ نفسه الأخير تمتم بهذه الكلمات:

كنت أعشق الموت
كنت أهيم حال ذكره
كنت أرتقب وصاله

وهاهو قد جاء إلا أنه خيب ظني إذ جاء برفقة هذا الشاب الغني في حين كنت أرتقب قدومه مع شخص كحالتي
إذ اليد التي تشبهك لن تؤذيك
ومع ذلك..

فلا إله إلا الله .

قرب المنعطف الذي لا يبعد أمتاراً عن مكان الرجل الممدد بكت عين كانت ترقب المشهد الأخير بمعالمه التي لم تستوعبها إنها عين ذلك الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة وهو يرقب الحدث ، إلا أنه لم ير شخصا يفارق الحياة إلا في الأفلام التي يتابعها أخاه من خلال الشاشة الفضية لذا بقي واجما في مكانه لعله يدرك بعقله الغض وسنه الصغير ما يجري أمامه وبعد أن اكتملت الصورة في ذهن الغلام وأدرك ما قد حدث جرى بكل قوته ودموعه تتساقط على الأرض والعويل يملأ أرجاء المكان ركض قليلا حتى أصبح في مواجهة المنزل الثالث من بداية المنعطف طرق الباب الذي بدى وكأنه بوابة لإحدى المنازل المهجورة وبعد الطرق العنيف من يد الصغير ( ولك أن تتخيل طفلا يطرق الباب بعنف كيف يكون حاله ) فُتح الباب مع صوت صرير يُصم الآذان لقدم قطعة الحديد الصدأة تلك وخرج غلام لم يتجاوز الثانية عشرة تبدو عليه ملامح الجوع والأسى ما يجعلك تذهب ببصرك حال رؤيته يمنة أو شمالا..
احتضن الطفل الصغير ذلك الفتى وأسند رأسه إلى صدره وبدأ بنشيج فعويل والدموع تصدق كل ذلك..لم يهتز الفتى لمرأى الطفل وبكائه بل قال له بكل برود : ماذا هناك ؟.. عندها رفع الطفل الصغير رأسه ليقول : أبوك الشيخ قد دهسته سيارة وغادرت... أبوك قد ماااات.. وانفجر بالبكاء من جديد!
أسند الفتى رأسه على الباب ثم هوى رويداً رويداً والطفل بين يديه وعندما استقر على الأرض بدى وكأن ذاكرته تعود للوراء وبالتحديد لصباح هذا اليوم عندما خرج أبوه وهو معه وعند الباب قال له : بني سأخرج لعلي أحصل على طعام لك ولأخواتك وربما بني لا أعود فمن يدري متى يحل اليقن بوادينا لذا عليك أن تحرص على أخواتك وأن تحاول تعويضهن ما فقدنه من حنان أمك المتوفاة أعلم بني أنك أيضا تحتاج لذلك لكن لتقسو على نفسك قبل أن تقسو الحياة عليك ولتستعد لها فأنت رجل أما هن ففتيات رقيقات فقدن ينبوع الدفء والحنان مبكرا لذا حاول تعويضهن عما فقدن..
بني ربما يأتيك نبأ موتي لا تخف ولا تحزن ولا تسقط لك دمعة بل كن جلداً صبوراً ولتعلم أن موتي راحة لي لأني سأفد على ربي الكريم الذي يعطي عبده على قدر ظنه به وأنا لا أظن بربي إلى خيراً لذا دع عنك الحزن لفقدي.. أمر آخر.. بني عندما تجدني في أحد الأزقة ميتاً فلا تنتظر من الآخرين أي شيء بل قم بحملي وإن لم تستطع فاسحبني حتى المنزل فإني وإن كنت ميتاً إلا أني لا أريد أن أوضع في قبري قبل أن أُقبل أخواتك.. وبعدها انطلق للشاب الذي يجلس في طرف المسجد الشرقي فهو رجل صالح واطلب منه أن يأتي لكي يذهب بي نحو المقبرة ليغسلني ويدفني.. أخيراً بني يحز في قلبي وداعك فكيف بفراقك لكن هي الأقدار..

انتبه الفتى ثم قام والطفل معه واتجه نحو المكان الذي وصفه الطفل له وبينما هما يسيران توقف الفتى قليلاً ونظر إلى السماء ثم تبسم وأكمل مسيره نحو جثة أبيه..

عندما يحكم الفقر تموت الحياة..
لأن المرء عندما ينشغل بتحصيل المعاش يذهل عن أي أمر آخر لذا نجد النواحي المعرفية بشتى أنواعها تصاب بالضمور إن لم تضمحل وقبلها ربما يضمحل الإنسان..

تَرَانِيْمٌ الْهَائِمَةٌ
08-14-2008, 11:45 AM
فِيْ عَرَاءِ الْسِّنِيْن تَأوهَات فِيْ مَأتَم زَمَن أغِبْر بِ جَبَرُوْتِ الْفَقر وَ أنِيْن الْطُرُقَات الْخَاوِيَة، أرْاد نَفسهُ قَتِيْلَ لِ يُقْبِر ذَاتِهِ عَنْ مَقْبَرَةِ الْشَّتَات ..
{{ قالها الإمامْ علِيْ ( ع ) لو كَان اْلفَقر رَجُلاً لَقتَلْته }} ..
مَشعل الْحربِيْ تَمْتَلِكُ أُسْلُوْباً فَرِيْدَاً فِيْ جَذْبِ ذِهْن الْقَارِئ لَك َ حَتَى الْرَّمَقِ الأخِيْر مِنْ نقْطَةِ الْسَّطْر ..
قَارِئَةٌ لَكَ ..

فيصل الحلبوص
08-14-2008, 11:08 PM
/


\


كم سببت مآسي يا من تسمى الفقر

كم من يائس بسببك

كم انسان اصبح ذليلاً بسببك

كم من رجل أنحرف بسببك

كم كم كم كم

حكايه مأساوية لا تنتهي

وسببها الفقر


لقد أستعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم


من الفقر قبل الكفر


قال اللهم أني اعوذ بك من الفقر والكفر

وقهر الرجال


وما قهر الرجال إلا بالفقر


أخي مشعل الحربي


كان نصك أنسانياً وتذكرت من هم بحال مأساويه


جميل أن نحس بما يحس به الآخرون


حقيقة نص هزني جداً


لك محبتي وتقديري


اخوك/ فيصل

فضائِلْ
08-15-2008, 12:30 AM
إن كانت
كُل المَشاعر بـ هذا المِصداقية
فـ صدقني
العَناوين لا تَسعِها

مشعل الحربي
قَلمك مَوشوم بـ الأبداع
فـ استمــر

http://www.wl3.net/uploader/up/20891104120080423.gif

مشعل الحربي
08-17-2008, 11:18 PM
القديـرة / تَرَانِيْمٌ الْهَائِمَةٌ

سعيد بوجودك ، وهو كما قلت آثر الموت على الشقاء / الشتات..

شكراً لقراءتكِ.

مشعل الحربي
08-19-2008, 07:41 PM
الأخ / فيـصل


هكذا هي الدنيا..


احترامي لوجودك.

مشعل الحربي
08-19-2008, 07:50 PM
القديـرة / دونـا

عندما يستشعر المرء ما يكتب و ينشُد الصدق فإن حديثه يسري إلى القلوب بانسياب..

و أتمنى أن أكون قد حققت مطلبي..هنا..

شكراً لحضورك وإطرائك..

عطْرٌ وَ جَنَّة
08-22-2008, 06:13 PM
.

.

.



يَامِشعل فِي قَلْبك هُناك حَيثّ مَخدع الَّذين يُحبهم الله ../ كُنت أطلق نَظْرَاتِي بِلا حدٍّ يَحْصرها
قَبْضتُ عَليك بِ عَيْنِي :
وَأنْتَ تَعْجن وَجْه لُغتك .. كَ لُقمةٍ لِلْفقراء ../ وَ تَرْفع يَد رُوحك تُناجِي غيِّمة ..تُوَشْوش الْمَطر لِ يَكْتَظ الْمَكان بِ الْرَحيِّم مِن الْطُوفان ,


[ مُدِهشٌ وَ عالٍ ]

http://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif

.

.

.

حمد الرحيمي
08-22-2008, 07:53 PM
مشعل الحربي ...


و مشاعر الجمال التي خرجت بكل طهارة و أناقة ...





نقيٌ أنت بحرثك أرض الجمال ...





مودتي ...

مشعل الحربي
09-08-2008, 12:15 AM
عذراً .. ولا عذر ...


عطر و جنة


وددت لو كان الفقر يُمحى بجرة قلم إذاً لما استطاع فراراً .. لكنه أشبه باللباس يستر آثار الدنيا الفانية..


بسمة ودعوة ..

مشعل الحربي
09-08-2008, 12:19 AM
عذراً .. ولا عذر ...


حمد الرحيمي


أرض الجمال لا تُعرف حتى يفد عليها الأنقياء ..


بسمة ودعوة ..

صالح الحريري
09-08-2008, 02:04 PM
يــ مشعل ...!
كيف جاز لك أن ترهق قلوبنا ...!؟
فحرفك يلثم ثغر النداء بأنين ذلك الوجع" الفقر " القابع خلف الأسماء ...!



أجدك هنا ...
قد سلكت طريق القصة ...
كنقلة أدبية للقارئ لما وراء العنوان ...!

حرفي قليل لخير مثلك ...
فقط لا تمنح الغياب وثيقة عبور ...!

دمت في ألف خير ...
تحياتي

مشعل الحربي
09-09-2008, 12:56 PM
أهلاً .. بالصديق..

الوريث / صالـح

الغياب نوع من العذاب ، وأحياناً أخرى نعيم يُستمتع به .. لذا أنا معه بين مد و جزر ..

وهكذا هي الحياة ..

احتـرامي لحضور كبير مثلك.

طارق علوي
09-09-2008, 04:32 PM
أعظم الناس، اولئك القادرون على تحريك الجبال، وهم فى قمة الهدوء


وهكذا هو عنوانك

مشعل الحربي
09-11-2008, 01:50 PM
الفاضـل / طارق علوي


أهلاً بك ومرحباً ، ثم سعيد أن وجدت فيه ما يرقى لكلماتك التي أثبتها ..

سعيد بمقدمك فكن بخير وعافية.