مشاهدة النسخة كاملة : :♥:. مـِะـَصْبـะะـَاحُ الطَّـะะـَريـِะـــق .:♥:
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 11:32 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195134875.gif
♣
♠
♦
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195130454.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 11:33 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195136149.gif
♣
♠
♦
إنِّي كَـ مِصْبَاح ِ الطَّريِقِ .. صَديقَتِي
أبْكِي .. وَ لا أحَدْ يَرَى دَمْعَاتِي ..
( القَبَّانِي )
أُهدِي .. حُروفِي لِكُلِ رُوحٍ تَنْفَرِدُ بأحْزانِهَا
لتَبْكِي وَرَاءَ النُّور ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195135866.gif
عَبـَق http://www.atiaf.com/vb/uploaded/1_1165008928.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 11:35 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195137015.gif
♣
♠
♦
ما سَأرسمهُ هنا من كلمات على أديم الأيام ..
بريءٌ من الحقيقة .. ومنفصلٌ عن الواقع ..
و ما هي إلا خلجاتُ قلم ٍ مكتظٌّ بالشجن ِ والتَّباريح ..
عبرتْ فوقَ أرضه عوامل التعرية .. فبدَّلت ملامحه .. وغيرتْ هيئتهُ ..
فامتلأتْ قيعانه برواسبٍ من الآلام .. وفيض ٍ من الأوجاع ..
فاعذروا التصحر الذي سيميز سطوري القادمة ..
فَـ القَحْطُ غَزِيرْ
وَالمَطَرُ نَزيِرْ
وَالمَاءُ يَسِيرْ
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195137308.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 11:36 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195183202.gif
♣
♠
♦
إنه إبراءٌ للذِّمة
عمَّا سيحلُّ بقلوب ِ الأمة
من حزن ٍ وكدر .. وكل أمر ٍ ذي غُمة ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195183119.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 11:48 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195136804.gif
♣
♠
♦
حقيقةٌ ..
لا أدري ما الذي دفعني فجأة وزجَّ بي عند أعتاب ِ قلمي لأمسكه مجددا بعد طول فراق بيني وبينه ..
لماذا فجأة .. أعيد فتح جراحي بعد أن بدأت تتقشر ..
ربما هو صرير الكلمات في داخلي قد أزعجني فقررت الخلاص منه ..
لماذا في هذا الوقت بالذات قررت أن أخرجك إلى أعين الملأ ..
على هيئة حروف منثورة .. بعد أن شفيت منك ..
أتراني حقا شفيت منك ؟!
مر زمن طويل على فراقنا .. ومرت عليَّ ليال ٍ وأيام .. بساعاتها .. وثوانيها .. بقروحها وصديدها ..
شارفت فيها على الموت حزنا لفراقك .. وما فكرت قط بالكتابة .. !!
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195183291.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-01-2008, 08:56 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195206596.gif
لماذا الآن .. بعد أن أفلت نجوم هواك من سمائي ..
قررت أن أصيغك مفردات على رقاع السنين ؟!
أتراها حقا أفلت ؟؟!
لماذا الآن .. بعد أن غربت شمس حبك من فضائي ..
قررت أن أرسمك كلمات على كاغد الأيام ؟!
أتراها حقا غربت ؟؟!
أيُّ أعوام طويِّة تلك التي لم تستطع أن تطوي معها صفحات ذكراك ..
وتغلفها بورق النسيان ..؟؟!!
تَبَّتْ يداها http://www.atiaf.com/vb/images/icons/icon28.gif..
عَبـَق الشَّـريف
11-02-2008, 03:10 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195380781.gif
تراكمت عليَّ الأحزان .. وتراصت فوقي الأوجاع ..
وحاصرتني آلام جمة من جميع الجهات .. وغزتني محن عديدة من كل حدب وصوب ..
فكنت أعزل نفسي .. كما يُعْزَلُ المجدور .. وأتعايش مع همومي و أعايشها ..
ابتعدت بها عن أقرب الناس مني .. وأوصدت أبواب حجرتي بيني وبينهم ..
كـ مصباح الطريق أنا .. كل ليلة أنفرد بدموعي ... وأسهر بصحبتها ..
أحاول بلا جدوى غسل كل تلك التراكمات ..
ويشرق الصباح وأنا أرجو للمعاناة انتهاء .. وللفرح ابتداء ..
ولكن هيهات هيهات ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195381030.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-03-2008, 04:48 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195381571.gif
حبيبي ..
بعد فراقنا ..
أصبح لديَّ قلم .. يرفض النوم إلا على صدر ورقة تشع من ألق الفجر
وأصبح لدي َّ محبرة .. شربت مدادها من ماء المطر ..
أتراني .. بعد كل هذه الأجيال التي أبعدت بيننا .. نسيتك ؟؟!
لا ورب البرية .. لم أنسك يوما ..
فأنت على مقاعد أوردتي .. تتمدد
وفي سرر شراييني .. ترقد
وإلى ماء شفاهي .. تَرِدْ
ألحفتك .. رموشي
أسقيتك .. دموعي
كنت بعيد عني .. نعم
ولكن طيفك مافتئ يسكن أعماقي ..
ومابرح يسيل في عروقي
منذ افترقنا .. وهو كـظِلي يرافقني ..
في حلي و ترحالي
وفي صحوتي وغفوتي ..
يسمق بفروعي للعلياء ..
ويرتقي بقممي للسماء ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195381634.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-04-2008, 09:10 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195480915.gif
اليوم .. أقف طويلا على شفا ورقة ..
والتردد يحوم حولي كفراشات الليل حين تحوم حول مصباح الطريق ..
فكيف أقرر أخيرا أن أخرجك من عالمي الخاص .. إلى عالم السطور
وجميعنا يعلم .. أن عالم السطور هو عالم غير مستور ..
كيف أصرُّ فجأة على فضح أسراري ..
فهل كانت أسراري .. إلاك
وهل هناك ساكن لعالمي سواك .. ؟؟!
هل تراك بدأت تثقل كاهلي .. وقد سجنتك في قصوري كل هذه الأعوام ..
ولم يرك أحداً غيري ..
كنت أراك تزحف كل صباح مع خيوط الشمس وتتسلل خفية إلى فناءاتي ..
وتنساب ببطء تحت وسائدي ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195482233.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-05-2008, 10:13 AM
هل صحيح ما يقال .. أن عالم الأدباء هو عالم مفضوح ؟؟!!
تفضحهم كلماتهم .. وتهتك سترهم عباراتهم ؟؟!!
وهل أنا أديبة ؟؟!
لم أفكر يوما بأن أقرن اسمي باسم نزار قباني ـ أو أدونيس ـ أو ليو تولستوي
فلم أكن يوما أديبة ..
هل جعلتني فجأة أرى نفسي ضمن تلك الكوكبة الرائعة من الأدباء ؟!
كنت موقنة بسمو حبك .. ورقي هواك ..
ولكن لم أكن أحلم أنه سيسمو بي ويرتقي إلى تلك المستويات التي كنت أراها بعيدة المنال ..
ربما رأيتها كذلك ..
لأنك كنت بالنسبة إلي َّ بعيد المنال .. !!
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195554063.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-06-2008, 11:14 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195554740.gif
لا تَذهبْ بَعيدَاً حبيبي ..
فَمَازلتُ أمْشي الهُويْنَا فَوقَ جِرَاحِي
وَمَازلتُ أدفَعُ بنَفْسِي دَفْعَاُ لِلتَخلص من حُموُلتِي ..
هُنَاك صَرخةٌ مكتومةٌ توشك أن تنفلتْ من فَمِي ..
وهناك فيضُ دمعٍ يوشكُ أن يَترقرقَ مِن عينيّ
كُن بالقرب ..
فوجودكَ بجوارِ حُروفي الباردة يجلبُ لها الدفءْ .. ويشعلُ شموعاً أطفأتَها الرِّيح ..
حبيبي .. لا تعتبْ عَلى سُقمِ سُطوري ..
فمَازال قلبي مُدْنَف أسقمهُ الحب .. وبَرْد الغِيابْ ..
مصباحٌ يبكي http://www.atiaf.com/vb/uploaded/1_1165008928.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-07-2008, 07:48 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195763478.gif
بأيِّ نزفٍ أروي قلمي الظامئ .. وبأيِّ فقدٍ أشبع نهمه ؟!
وقد تزاحمت تلك اللحظات على أرصفة حياتي ..
حتى لم يعد هناك موطأ لقدم .. ولا مقعد لجالس .. أو بقعة لضوء ..
فقد ٌ يجرُّه فقد ْ .. أرواحٌ عديدة تفلتت أرسانها من بين يدي ..
روحٌ واحدة فقط مابرح رسنها ممسكٌ بيدي حتى هذه اللحظة
إنها ( روحي ) .. !!
عَبـَق الشَّـريف
11-08-2008, 06:56 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1195921560.gif
لماذا أتساءل بأي حزن أبكي ..
وهل هناك أعظم حزن .. وأشد فقد ..
من حزن طفلة صغيرة على فقد حنان أبيها ؟؟!!
ما أغباني إذ تساءلت !!
فالأبوة للبنات تعني الشيء الكثير ..
وتحمل من المعاني ما يعجز قلم هرم كهذا أن يصفها وقد اشتعل رأسه شيبا ..
ما بال قلمي يرتعش .. وصوفه ينتفش ..
أدرك .. أنه الخوف من الإخفاق في وصف لحظة أليمة كهذه ..
والعجز من رسم الواقع .. كما بدى
.. وكما ظهر !!
عَبـَق الشَّـريف
11-09-2008, 06:50 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196256884.gif
♥
♣
♠
♦
كثيرون هم المتسائلون عن سر هذا الحزن
الذي يتخذ من رموشي أوتارا يعزف بها ألحانه ..
وعن النظرة الباكية التي تشرق من جوف عينيّ ..
حَبِيبي العزيز اسمح لي بشق قناة بيني وبينك تصغر بقليل عن قناة السويس
كي تلج سفن أحزاني إلى شواطئكم ..
فشواطئي عوجاء عرجاء .. ومراسيها جدباء ..
لعلي استطيع عندها ..
وضع إجابة لكل تلك التساؤلات في السطور القادمة ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196257205.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-10-2008, 05:37 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196258053.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-11-2008, 07:25 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196311837.gif
كنتُ في العمر التاسع .. عندما فقدت والدي ..
أندفع بسرعة جواد في داخل ذاك الرأس الصغير ..
أفتش في ذاكرته عن ذكرى لأبي ..
أهُُّزهَا هَزَّا .. وأرُجُّهَا رَجَّا ..
لعلها تسقط ما ألتصق بها من مشاهد عنه ..
لم أجد سوى بعض الذكريات الشحيحة ..
ما أبخلها ذكرياتي إذ تشح عليَّ بذكرى
لذلك الرجل الذي ما عرفته إلا مُقعداً ..
عجباً للدهر فقد أيتمني مرتين ..
الأولى حين سلب مني حنان أبي ..
والأخرى حين نهب من ذاكرتي
مناظر أرتكز عليها إذا ما أشتد شوقي إليه ..
ومواقف أستند عليها إذا ما اشتعلت معركتي مع الحياة وحمي وطيسها ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196311979.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-15-2008, 07:34 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196609865.gif
مشهدٌ وحيدٌ كالحلم ِ .. أجتره بصعوبة من أعماقِ الذاكرة ..
إنه مشهد عودته كل مرةٍ من المسجد حاملاً في يده كيساً مليئاً بالحلوى ..
لعله أراد أن يرشوَني به .. لينل مني الكثير الكثير من القُبَل ..
يضمني لصدره بحنانٍ .. ترتعش له الآن أطرافي شوقاً ..
أشمُّ رائحة دهن العود تنبعث من بين شعيرات لحيته البيضاء ..
آه ٍ ..
إنها ما تنفك تعبق في أنفي تلك الرائحة كل ساعة .. http://www.atiaf.com/vb/images/smilies/sad.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-17-2008, 10:45 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196610046.gif
ليس كفيلاً هذا المشهد بإعطائي صورة عن شخصية والدي .. في غضبه /حزنه/فرحه ..
بقية الذكريات تصوره لي مُقعداً .. كيف حدث ذلك ؟ .. لا أذكر !!
كل ما أذكره لحظة وفاته .. حيث كنت قبلها بسويعات أجلس في أحضانه وهو يتسامر مع والدتي وأخي فائز .. وبعد انتهائه من صلاة العشاء .. سمعته يشهق وهو مستلقي شهقة أقشعر لها بدني .. أسرَعَتْ بوالدتي وفائز الذي أخذ يجسُّ نبضه واضعاً أذنه على صدره ..
عندها غمغمت والدتي بأسى يشوبه خوف :
_ أهي شهقة الموت يا ولدي ؟
أجابها فائز من خلف دموعه :
_ نعم يا أمي لقد مات أبي .. !!
ثم رأيته يتناول كأس ماء كان أبي قد شرب منه قليلاً قبيل وفاته كي يغسلَ وجهه ببعضها وهو يردد بصوت زلزله الحزن ..
_ أشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمداً رسول الله ..
لم أكن بعقلي الصغير ذاك أفقه شيئا مما يدور حولي ..
فقط تشبثتُ بدميتي في أحد الزوايا .. وبقلب يرجف أيقنت أن ما يحدث هو أمر جلل ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196610729.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-18-2008, 07:11 AM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1196920568.gif
رغم صغر سني وقت وفاة والدي ..
وعدم إدراكي لكل حيثيات ذاك المشهد ..
إلا أن حقيقة واحدة فقط هي التي أدركتها يومها ..
وظل صداها يدوي في داخلي حتى لحظة كتابتي لهذه الأسطر ..
وهي أن والدي راحلٌ لا محالة ..
وأنه سيترك مكانه فارغاً للأبد ..
لا أنسى أبدا منظره وقد حولوه باتجاه القبلة وهو نائمٌ ومغطى الوجه ..
في انتظار بزوغ الفجر ..
آآه ٍ ..
أيُّ فجر سيبزغ وروح أبي باردة ..
بل أيُّ شمسٍ ستشرق .. وجسد أبي سيغرب بشروقها ..
و أيُّ نهار سيظهر .. وصوت أبي قد غاب عنا ..
كم هي قسوة الحياة مميتة ..
لن أفقد كيس الحلوى فقط ..
بل سأفقد دفء صدره .. ورائحة لحيته العبقة .. !!
http://www.s3s3s.com/vb/uploaded/4_1188104230.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-20-2008, 08:13 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1197030398.gif
وقع خبر وفاة والدي على جميع أفراد أسرتي كوقع معولٍ على جذع شجرة ..
وعمَّ الحزن أرجاء البيت كما عمَّ أرجاء قلوب ساكنيه ..
كلنا بكينا بعينٍ واحدة .. وجرحٍ واحد .. وصوتٍ واحد ..
إلا هي !!
حزنها على أبي ألجم فاها .. وشلَّ أطرافها ..
امرأةٌ في جمالها الثلاثين يموت عنها زوجها مخلفاً قلبها أشد جدبا وخواء من الصحراء لتترمل بعده ..
أيُّ أمر عضال هذا ينزل عليها تاركاً إياها ..
كمصباح طريق يحترق حتى يخبو نوره دون أن يلتفت له أحد المارَّة ؟؟ !!
أيُّ خطبٍ مفجع هذا يُلقي على عاتقها مسؤولية سبعةَ أرواحٍ هي ثامنتهم ..
لمن تلجـ أ بعد الله .. إذ لا أب لها ولا أخ .. ولا سند ..
ولا صنعة في اليد تتسلح بها لمواجهة صعاب الحياة .. سوى بضع مجوهرات .. وكثيرٌ من أمل ..
والدتي ..
سـوف أطيل الحديث عنها في إحدى وقفاتي .. !!
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1197030075.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-22-2008, 11:20 AM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-6ae010182a.gif
♥
♣
♠
♦
إنها هيبة اعتلت ذاك الجسد .. وهو عائد من مسجده .. كنت دوماً أسأل شقيقي الأكبر مهند السؤال ذاته .. في محاولة يائسة مني لملئ حقائبي ببعض الذكريات عن أبي ..
_ مهند بربك أخبرني ما سرُّ هيبته .. ؟!
كان يجيبني مرةً ببشاشة ومرات بامتعاض شديد لكثرة ما ألهيه عن بعض أموره ..
_ طبيعي أن تعتلي والدنا تلك الهيبة فهو من علية قومنا .. كما أنه بفعاله الكريمة يجعله يشغل حيزاً مترامي الأطراف من محبة الآخرين له .. فهو موردٌ لكل ذي حاجة .. يقري الضيف .. ويسعف المحتاج .. ويصل الرحم .. و .. و .. و ..
وكان في كل مرة يعدد بعضاً من صفات والدي وكان صدري ينتفخ خلال تلك المرات إعجاباً وفخراً بهذا الرجل ..
وكأنني كنت أتعمد دوماً أن اسأل مهند نفس السؤال حتى أسدُّ فراغات الشوق في نفسي والتي تخلفت بسبب غياب والدي عن سمائي في عمرٍ وليد ..
♥
♣
♠
♦
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1197288195.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-23-2008, 07:33 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1197023883.gif
أعلم حبيبي بأنك شغوفٌ لمعرفة السرِّ الذي جعل أبي مقعداً .. فأنا كنت مثلك بل أكثر شغفا لمعرفة ذلك ..
في يوم ماطر سألت مهند الذي توجته مرجعا لمعرفتي بتاريخ أبي ..
_ آه يا لهذا المطر يا أخي فهو يأخذني بعيدا إلى عالم يعيش فيه والدي وحقول تعبق برائحته ..
لحظة صمت تتخللها وقفات تأمل ..
أردفتُ قائلة :
_ أتعلم أنني دوما أتساءل عن السرِّ الذي أقعده في أيامه الأخيرة ؟
كعادته عند كل حديث يتم بيني وبينه .. ابتسم وقال ..
_ يا نجلاء ليس هنالك من سر معين .. فالكبر وحده هو الذي أقعده ..
تتسع دائرة حيرتي ومعها يتسع قطر تساؤلي ..
_ ولكن الكبر هذا لم تظهر معالمه على محيا والدتي !!
تشع أسنان مهند من خلف ابتسامته العريضة ..
_ أمر طبيعي فالفارق العمري بينهما يزيد على ثلاثين عاماً .. فوالدي تزوج من والدتي وعمره أربعون سنة بينما هي كانت في عمر الثالثة عشر ..
أفغر فاهي مشدوهة ..
_ ولمَ يزوجوها في هذه السن المبكرة ؟!
_ قد كانت يتيمة الأم ووالدها رجل كبير وبصير .. ثم أن والدنا تربطه بوالدتي صلة قربى .. فهو ابن عمتها ..
تشتد دهشتي .. من سر آخر كان يحيط بأخينا الأكبر فائز ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1197289667.gif
عَبـَق الشَّـريف
11-25-2008, 07:39 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1198764368.gif
كبرتُ وكبرتْ معي تلك الغصَّةُ التي تُطبق على قلبي ..
حتى باتت تظهر على سطح وجهي .. بأحزانٍ مختلفة ..
سهلٌ حبيبي على أيِّ امرئٍ أن يفرق من النظرة الأولى بين فتاة ..
نَمَتْ في كنفِ أبيها .. وترعرعتْ تحت ظِلاله ..
عودها اشتد بحنانه .. وجذورها امتدت باهتمامه .. وثمارها أينعت بأحضانه ..
وبين فتاة ..
تجرعتْ فقدَ أبيها كاسات ِ سمٍ مع كل يومٍ يُضاف لرصيد عُمرها ..
كنتُ أبدو .. منكسرة .. رغم شموخي ..
ذليلة .. رغم اعتزازي
ممزقة .. رغم تماسكي ..
عَبـَق الشَّـريف
12-22-2008, 04:56 PM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/www.3baq.comde0eabffa5.jpg
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع
وإنّا لفراقك يا أبا شوقٍ لمحزونون
عذراً سادتي لانقطاعي الذي كان سببه وفاة أحد الرجال العظماء في حياتي
( خالي عبدالله )
فَخرتُ به حياً وسأفخر به ميتاً .. حتى يتوارى جسدي تحت الثرى ..
فموته في ريعان شبابه كسر ظهري وشل أطرافي ..
وأعاد ترتيب أوراقي ..
فلتهونوا عليَّ مصيبتي فيه بالدعاء له بالرحمة والمغفرة ..
http://www.ab33ad.com/vb/images/icons/icon9.gif
عَبـَق الشَّـريف
01-02-2009, 04:39 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1198765767.gif
حزنٌ ما .. كان يصرّ على الالتصاق بظِلالي .. ويعبق بأرجائي ..
ألم ٌ ما .. كان يلحّ على حجب النور عن عيني .. وبث الظلمة في أعماقي ..
ما أعظم ربي .. حينَ أرسلك لسمائي غمامة حبٍ تظللني .. عن لهيب أحزاني ..
وما أروعك أنت .. حين ملأت غدراني بأمطارك الاستوائية ..
بكَ أنت .. أصدرت على آلامي حكم الموت شنقاً .. تارة
وتارة .. أخرى رمياً بالرصاص ..
وكنتُ بك كفراشة .. اكتملت وخرجت من شرنقة الحزن إلى فضاءك السعيد ..
يعلم ربي مدى حاجتي إليك .. لهذا وضعك في طريقي في وقت كنت فيه بحاجة للجة فرح أغرق فيها ..
وكنت أنت تلك اللجة ..غرقتُ فيك .. ولم أسعَ لإنقاذ نفسي من غرقي فيك .. بل كنت دوماً أسعى لمزيد منه ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1198766187.gif
عَبـَق الشَّـريف
01-09-2009, 05:29 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199376711.gif
صحوتُ في صباحِ أحد الأيام
وعالمٌ مختلفٌ ينتظرُ عبوري في أروقتهِ ..
مشوارٌ طويلٌ يترقب أولى خُطواتي ..
وبإلحاحٍ من والدتي تناولتُ إفطاراً سريعاً ..
ولأن الموعدَ هامٌّ حرصتُ على أن أبدوَ في منتهى أناقتي
فقد ارتديتُ يومَ ذاك تنورةُ جينزٍ طويلة
وقميصاً أبيضاً قطنياً بأكمامٍ طويلة ..
وتركت شعري الأجعد _ دونَما تمشيط _ منسدلاً بلونهِ الأشقر على كتفي ..
لم يكن لون شعري الحقيقي ولكني أحببت أن أصبغَه أشقراً
كي أضيفَ على ملامحي الشرقيَّة نكهة غربيَّة ..
خاصة أنه يتلاءم مع بشرتي البيضاء ..
وضعتُ قليلا من أحمرِ الشفاه .. ورسمت عيني بكحلٍ خفيف ..
أحبُّ أن أطيل النظر في المرآة
بالرغم من أنني أملك وجهاً طفولياً ..
بعينين واسعتين وشفتين مكتنزتين وقوام رشيق ..
وبالرغم من توهج شعاع الجمال من وجنتي المتوردة ..
إلا أن النظر للمرآة يعتبر من الأمور
التي لا غنى لفتاةٍ في مثل سني عنها مهما حدث ..
تعطرتُ ثم ارتديت عباءتي وحملتُ حقيبتي
وبداخلها أوراقُ التحاقي بالجامعة ..
ثم أعدتُ النظر للمرآة مرة أخرى على عجل وابتسامة رضا تزينني ..
بخروجي من المنزل ذاك الصباح ..
أضع قدميّ على أول طريق ٍ أرسم به مستقبلي ..
عَبـَق الشَّـريف
02-14-2009, 02:07 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199377287.gif
بـِ خُطى مرتابة كنت أجرجر أقدامي في دهاليز الجامعة ..
وبـِ نظراتٍ مرتبكة كنت أبحث عن قسم الجغرافيا ..
كنت أتنقل بين الممرات والأدوار ..
وقلق يعتريني حشرته بين أوراقي كان يتنقل معي ..
وبعد طول عناء ٍ من البحث وقعت عيناي على لوحة ٍ صغيرة
معلَّقة بجوار بابٍ مفتوح كُتبَ عليها قسمُ الجغرافيا ..
اتخذتُ لي مكاناً منعزلاً ليسَ بالقريب ولا بالبعيد .. وقفتُ فيه ..
وحولي أجسادٌ عديدة تراصت أمام هذا القسم ..
اختلفت تلك الأجساد في الطول والقصر ، الامتلاء والنحافة ، السمار والبياض ..
جميعهن جئن مثلي يحملن أوراقهن للتسجيل هنا ..
وبنظرات فاحصة ظللتُ أبحثُ بين الوجوه عن وجهٍ ألفته ..
صاحبته تدعى سماح .. صديقتي الوحيدة التي ضربتُ معها موعداً هذا الصباح ..
وبعد هنيهةٍ .. رأيتها .. بثغرها البسَّام .. وبـ اللا مبالاة التي رسمتْ غالب خطوط ملامحها ..
سماح .. هذا الاسم سأبكي كثيراً على أطلاله ..
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199377985.gif
عَبـَق الشَّـريف
02-18-2009, 09:16 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199727043.gif
كان يومي ذاك عجينةُ انتظارٍ وترقبٍ وخوفْ ..
بعد انتهائي من اختبار القبول في الجامعة .. انزويتُ أنا وسماح عن بقية البنات قريباً .. لحين ظهور النتيجة ..
أثناء ذلك ..
تطلعتُ حولي ووقفت أنظاري على فتاة كانت تتحدث بجوارنا مع فتياتٍ أُخَرْ ..
يبدو أن أمرين هما اللذين لفتا نظري إليها ..
أولهما / استرسالها في الحديث بشكلٍ يجذب من يستمع إليها ..
حديثٌ يتخلله الكثير من الضحكات والابتسامات ..
ثانيهما / تكلفها المصطنع في زينتها بشكلٍ لم يروقني ..
فالألوان في وجهها اختلطت وتزاحمت مابين أحمر خدودٍ وظلال جفونْ ..
ناهيك عن كبر حجم قرطيها ..
منظرها ذاك وأنا أطيل النظر إليها رسم على ثغري ابتسامة ..
لست أدري ما تفسيرها ؟
أهو إعجاب ؟ أم شيءٌ آخر لم أجد له تفسيراً حتى هذه اللحظة !!
كل ما أدريه أن ابتسامتي تلك جذبتها لتنظم إلينا في انزوائنا ..
لتحيل جو السكينة التي تظللنا بهدوئها إلى أجواءٍ صاخبةٍ و مثيرة ..
عَبـَق الشَّـريف
02-20-2009, 02:43 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199729001.jpg
اقتربتْ بخفةٍ ورشاقة ..
_ صباح الخير حبيبتيَّ ..
تبرز فجأة لمحةُ غروري في ردةِ فعلي ..
حيث أشحتُ بوجهي عنها جانباً فلم أحبُّ منها هذا التطفل العجيب ..
فلم تكن بيننا سابق معرفة لتقل ( حبيبتيَّ ) ..
إلا أن سماح بقلبها الكبير أنقذت الموقف ..
_ أهلاً بك ِ عزيزتي تفضل ِ ..
مدتْ يدها مُصافحة ..
_ أنا غلا المطر ..
_ حيَّاكِ الله .. وأنا سماح المُصلح ..
نظرتُ إليها وتلك الابتسامة الغامضة ما تزال مرسومة على محياي .. ومددتُ يدي ..
_ نورتِ .. أنا نجلاء السند ..
جلستْ وتحدثت في شتى الأمور .. وفي مختلف الأحاديث ..
وكانت سماح لا تقل عنها براعة في التحدث بشتى المجالات ..
وحدي أنا كنت منصتة أكثر الأوقات وذاك أكبر عيوبي ..
أنصت كثيراً وأتحدث قليلاً .. إلا أنني عند حديثي لا أنطق بقولٍ أجوف ..
بل إن حديثي دوماً يكون مثارُ اهتمامٍ وإنصات ممن هم حولي ..
لحظات وخرجت سكرتيرة القسم لتخبرنا أن النتيجة لن تظهر اليوم ..
وأن علينا الحضور غداً في الصباح ِ الباكر .. http://www.atiaf.com/vb/images/smilies/wassat.gif
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1199729695.gif
عَبـَق الشَّـريف
02-22-2009, 01:39 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1200389849.gif
هَاهِيَ حبيبي ..
نفسُ أجوائنا تعود ..
الليل المستتر خلف غلالة الشتاء ..
البرد الملتحف بأطراف أناملي ..
وصفير الهواء القادم من وراء التلال ..
ورائحة الحطب المشتعل ..
ولهيب النار المتراقص ..
ونجمةٌ هناك في مساحات الأفق تبكي وحدتها ..
بدت لي تلك النجمة .. عارية في هذا البرد القارص ..
والصقيع القاتل .. بلا دِثار .. ولا إِزار ..
وأنا هنا مثلها وحدي ..
أرى هذه الأجواء موحشة .. لأنك بعيد عني ..
ما عدت أرهف سمعي لفحيح الريح ..
ما عادت تشجيني طقطقة الحطب والنار تضطرم به ..
ما عدت أطرب لصوت ارتطام نافذتي بالجدار بفعل الهواء ..
ما عادت تنعشني زخات المطر المتساقطة على كفي ..
ما عدت أنصت خاشعة لحفيف الشجر .. وورقها المتناثر ..
ما عاد يعنيني كل هذا ..!!
أصبحتُ جسداً خاوياً على عروشه مذ فقدتك !!
بل عقلاً ذاهلاً تخنقه الذكريات وتعصف بأرضه الأشواق ..
http://www.s3s3s.com/vb/uploaded/1727_1200395016.gif
عَبـَق الشَّـريف
02-26-2009, 10:59 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1200396311.gif
هَاهُوَ البردُ حبيبي ..
يلعبُ في أرجائي .. ويشطرني ..
ولا ساكن فيَّ تحرك ..
بل سَلَّمتُهُ نفسي طَوْعاً وَكَرْهاً..
بعدك عني .. أفقدني كل الأشياء وأدقها ..
ما زلتُ أذكر ..
كيف كنتَ .. تقاتل البرد كي لا يغزوني .. باحتضانك إياي ..
كيف كنتَ .. تذيب الجليد المتراكم فوق أناملي .. بحرارة يديك ..
كيف كنتَ .. تصهر الثلج المتكوّم على جدران قلبي ..
بكلمة أحبك ِ ..
أينَ مني كل هذا ؟!
قلي بربك .. أجبني !!
من أين لي بسلاحٍ لمواجهة هذا الوحش القادم ..
ستة شهور من السنة باردة .. جافة ..
كيف صمدتُ أمامها كل هذه الأعوام الماضية بدونك ؟!
وأنت كل أسلحتي !!
لا أريد دفئاً .. لأنك كل دفئي ..
ولا أريد سكوناً .. لأنك كل سُكْنَاي ..
فليلعب بي البرد كيفما شاء !!
ولتبسط البرودة ذراعيها فوق ذراعي كيفما تريد !!
ففقدي إياك .. معناه فقدي للحياة ..
تلك هي المسألة بمنتهى البساطة !!
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1200396406.gif
عَبـَق الشَّـريف
07-08-2009, 01:18 PM
http://www.atiaf.com/vb/uploaded/14454_1200751755.gif
خَارِجَ حُدودِ المِصْبَاح ..
أفْرُشُ ورُودِي لِكُلِّ مَنْ اقْتَرَبَ مِنْ تِلكَ الحُدودِ ..
واسْتِميحَهُم عُذْرَاً ..
فَقَد أطْفَأتُ مِصْبَاحِي ..
وَتَوَارَيْتُ الفَتْرَة الفَائِتَة خَلفَ أوْرَاقِي وَ دَوَاتِي
وَأنْصَهَرُتُ مَعَ كُتُبِي وَ اخْتِبَارَاتِي ..
وَهَاأنَا أعُودُ وَ أشْعِلُ ضَوْءَ المِصْبَاح مُجَدَداً ..
..:: ( عَبـَقْ ) ::..
عَبـَق الشَّـريف
07-08-2009, 01:19 PM
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2347.imgcache.gif
لقلمٍ يَنُزُّ بالمسكِ بدلاً عن الحبر ..
وورقٍ له قبَسٌ لا يخبو .. قُدَّ من ضياء الشمس ..
وحرفٍ شُقَّ من جسَدِ القمرِ ..
وروحٍ تمتلئُ أوردتها برحيق الزهرِ ..
وأصَابِعٍ تتخذُ من قَطْرِ السَّماء طِلاءً لأظافرها ..
أحتَاجُ لِمصْبَاحٍ يَتَوَهجُ مِن بَريقِ الألماس ..
كي أكتبَ عنها ..
امرأةٌ تنْدسُّ في أحشاءِ اليأس لتزرع الكثير من بيلسانات الأمل .. في حقول فلذاتها ..
امرأةٌ تنحشرُ في جوف الظلمة لتنشر المزيد من أعمدة النور .. في طريق أولادها ..
امرأةٌ تصنع من أطفالها أطباء ومهندسين بيدين فارغتين إلا من قوة وعزيمة صارمتين ..
امرأةٌ تُبَخِّرُ أبنائها بين أهدابها وتصعد بهم نجوم تلمع في السماء ..
امرأةٌ تمتطي عزيمتها .. وهي تعلم أن للأماني صهيلٌ في داخلها .. وتأخذها خيول الإصرار والتحدي لتحقيقها ..
امرأةٌ تغزلُ من بيادر القمح الذهبية مستقبلاً مشرقاً .. ورؤى حالمة ..
امرأةٌ تُرْضِعُ أوصال كبدها مبادئ العزة والشرف والكبرياء ..
امرأةٌ تَبْذرُ بذورَ الفجرِ المتألقِ وروداً لا أشواكَ لها ..
امرأةٌ تُهَشَّمُ صخورَ الفشلِ بمعَاول النجاح ..
امرأةٌ .. تحيك من خيوط الشهامة قمصاناً مزيَّنةً بفصوصٍ من الكرامة وتلبسها .. أجزاء قلبها ..
امرأةٌ تَمْسَكُ المجدَ .. تعزف بأوتار المجدِ .. تغني ألحانه .. وتتمايل على نغماته ..
امرأةٌ تسكبُ أبنائها لآلئً في محارةِ العلو .. وتنظمهم ياقوتاً في عقدِ السُّمو ..
إنها http://www.3baq.com/vb/imgcache/2348.imgcache.gif ..
أحتاجُ لـِ دَمي كُلُّهُ .. كي أُسْقِي حُروفي من أجلها ..
لتبقى كلماتي خالدةً أبدَ الدهرِ .. في تاريخ الأزمنة ..
وتظلُّ سطوري ممتدةً مدى العمر .. في جغرافية الأمكنة ..
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2349.imgcache.jpg
عَبـَق الشَّـريف
07-10-2009, 01:40 AM
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2350.imgcache.jpg
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2351.imgcache.gif
كم مرةٍ سمعتُ نحيبها يتسرّبُ إلى أروقةِ سمعِي في سكونِ الليلِ ..
يأتيني صوتُها .. مهترئاً .. مرتجفاً .. تالفاً ..
بحبالٍ ممزقةٍ .. وأطرافٍ محترقة ..
أتسللُ إليها خفيةً ..
أتوارى خلفَ بابها المردود
وأرقبُها بارتباكٍ طفولي .. لأراها .. ساجدةً لله في ركنها المُعْتِم ..
ترجوه بهنهناتٍ متهدجة ..
وتدعوه بغمغماتٍ متقلّصة ..
وتطلبه بتمتماتٍ متكسّرة ...
لم أفهم منها سوى كلمة ( أولادي ) ..
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2352.imgcache.gif
أهربُ بوجلي إلى لحافي .. وأنفلتُ بداخل طياته ..
وأتلوّى بألمي .. وأمتَصُّ وجعي ..
وأدفنُ رأسي في كثبانِ مخدتي .. وأكتم صرختي ..
فالخوفُ على http://www.3baq.com/vb/imgcache/2353.imgcache.gif يغرزُ سهامه في قلبي الصغير ..
وتمر الأيام ..
تليها السنون ..
ويألف سمعي ذاك النحيب ..
وتثمل عيني بذاك المنظر ..
ويسكنُ قلبي لتلك الهنهنات ..
http://www.3baq.com/vb/imgcache/2354.imgcache.jpg
عَبـَق الشَّـريف
07-16-2009, 09:32 PM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-52ce454d7e.gif
شمَّرت والدتي عن ساعديها تأهباً لخطب لا يستشعره إلاّ قلب أم وحيدة .. وشدّتْ نطاقها على وسطها استعداداً لتكافح متاعب الطريق التي ستعترضها ..
وأمسكت رحاها لتطحن مصاعب الحياة التي ستواجهها من أجل توفير كل ما نحتاجه ..
لا سيما و أنها وحدها في هذه الحياة إذ لا أخاً لها ولا أباً ولا عائلاً يعولها ويساندها في محنتها هذه ..
كانت تعلم أن القادم من الأيام سيكون عبئاً ثقيلاً قد يرهقها حمله ..
ولكنها اتخذت من الأمل عصاً تتكئ عليها ومن الصبر سلاح تواجه به ذاك العبء ..
التجأت إلى الله كثيراً في غالب وقتها لم تترك صلاة الضحى ولا صلاة التهجد ..
كانت تصوم الاثنين والخميس وحتى الأيام البيض ..
اقتربت من الله ذراعاً فاقترب هو منها باعاً ..
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-2bbea95796.gif
عَبـَق الشَّـريف
07-18-2009, 07:17 PM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-0d91907dea.jpg
التجأت بعد الله إلى مجوهراتها التي خلّفها لها والدي ..
فكانت تبيع في كل مرة قطعة إلى جانب ما يصلها آخر كل شهر من أخي فائز نتاج كَدِّهِ وبقايا عَرَقِهِ ..
ولحرصها على دينها .. حرصت علينا كذلك ..
أحسنت تربيتنا وأنشأتنا في بيئة أبيض من البرد .. وأنقى من الطهر ..
بيئة متماسكة كالبنيان المرصوص نشد بعضنا بعضا ..
بيئة متحابة .. وهذا أجمل ما غرسته في قلوبنا ..
فالحب نما وترعرع معنا جميعنا ..
أحببنا بعضنا البعض كالجسد الواحد .. حتى إذا ما اشتكى عضو منا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..
وهذا الأمر للأسف كثيراً ما تخلو منه غالبية الأسر في زمن الفضائيات والعولمة .. حيث كل فرد من أفرادها في فلكه يسبح .. وفي عالمه يدور ..
عَبـَق الشَّـريف
07-24-2009, 11:01 PM
أغمدتُ قلمي .. وركنتُ أوراقي .. فترةً طويلة خشيةَ أن أصل لهذه اللحظة كتابةً ..
فأفتحُ أنكى الجراح التي خلّفها غيابك ..
ولكني أدركتُ في آخر المطاف أنه لا مناص ولا حياد من الوصول
للحظةٍ بذلتُ جُلَّ جهدي في عدم الوصول إليها ..
وهاأنذا أعاود الكَرَّة في لملمة شتات نفسي .. وفوضوية ذاتي
وأكتب هذه السطور التي أعلم يقيناً أنني بمجرد انتهائي منها ..
سأُحْمَلَ بآلامي إلى المشفى الذي اعتاد على رؤيتي حتى ألفها ..
عقبَ خروج السكرتيرة إلينا وإخبارها لنا بأن النتائج ستظهر غداً ..
حملتُ حقيبتي وودعتُ رفيقتيَّ ..
ومع حقيبتي حملتُ بعض الأفكار التي نشأت وترعرت في ذهني عن تلك الدخيلة المدعوة غلا ..
وكيف مابين لحظة وضحاها .. اقتحمت عالمنا أنا وسماح وبنت لها فيه خيمة بلا عمد ..
ما تركتنا إلا وقد جاهدت على توثيق أوتادها ..
وضعتُ رأسي تلك الليلة على مخدتي وفي هاجسي أمرين أولهما يطغى على ثانيهما ..
فأما الأول فهو غلا .. وأما الثاني فهو النتيجة !!
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-ee31f1a968.gif
عَبـَق الشَّـريف
07-28-2009, 09:13 PM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-bbb60ce71b.jpg
بعد ليلة صاخبة بصحبة هواجسي استسلمت عيناي للوسن على بدايات الفجر الأولى ..
ثم استيقظتُ مبكراً بعد عدة محاولات من والدتي .. وكعادتي اليومية مع مرآتي وهندامي ..
لا أدري لمَ أسهبت هذه المرة في زينتي ربما لأن تكلّف غلا في زينتها هو محور هاجسي وشغلي الشاغل طوال ليلتي الفائتة !!
وصلتُ للجامعة .. وقد سبقتني هذه المرة سماح وكأن قلبها قد دسَّ في ثناياه بعضاً من أمر النتيجة ..
و إن هي إلا دقائق معدودة حتى وصلت غلا التي لم تتكلّف هذه المرة أو ربما هو عقلي الباطن قد ألف منظرها مما أدى إلى محو كل غرابة قد تكونت داخلي ضدها ..
وبعد انتظار دام حوالي نصف الساعة خرجت السكرتيرة وفي يدها مجموعة من الأوراق اختلفت ألوانها مابين الأبيض والأصفر والأخضر ..
وذهبت إلى مكانها المخصص لعرضها وألصقتها فيه ثم أغلقت عليها الباب الزجاجي كي لا تطالها يدٌ عابثة ..
عندها أخذن الفتيات يتزاحمن لقراءة النتائج منهن من كانت تقفز فرحاً ..
ومنهن من ارتسمت تعابير الخيبة والحزن على ملامحها ..
وحدي بقيتُ بعيدة أرقبهن وخوفٌ داخلي كان يمنعني من الذهاب لرؤية النتيجة ..
وألقيتُ بهذه المهمة على عاتق سماح .. التي اختلطت على ملامحها التعابير مابين فرح وحزن ..
بالرغم من ذلك لم تفارق ثغرها تلك الابتسامة التي اعتدت على رؤيتها في كل الأحوال ..
جاءتني مسرعة احتضنتني وأخبرتني أنني من المقبولات ..
لم أفرح .. أو لنقل أن فرحتي ظلت معلقة على جدار الانتظار كلوحة رسام علقها في معرضه ونسي أن يكملها ..
داهمتها بسؤالي وصدى صوتي يعود إلي ممزقاً من الخشية ..
_ ماذا عنكِ ؟!!
أجابت واللامبالاة التي تميّزها لم تتغير ..
_لم يظهر اسمي ضمن المقبولات .. !!
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-1a4d71f960.gif
عَبـَق الشَّـريف
08-06-2009, 11:38 PM
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-97774ad5a9.gif
مَازالتْ فِي وِجْدانِي ..
تَنْثُرُ المَزيدَ مِن الفرحِ فِي سَمَائِي بِيَديْهَا ..
مَازالتْ فِي وِجْدانِي ..
الثُّرَيَّا تُضيءُ مِن شَفَتَيْهَا ..
مَازالتْ فِي وِجْدانِي ..
النُّجوُمُ تَلْمَعُ فِي عَيْنَيْهَا ..
مَازالتْ حتَّى الآنْ تُنَاديني .. وَتَهْتِفُ باسْمِي ..
مَازالَ صَوْتهَا يَتَدَفَقُ فِي مَسْمَعِي ..
مَازالتْ فِي وِجْدانِي ..
مَازالَ رَنِين ضَحَكاتِهَا يُدْوي فِي أعمَاقِي .. فَيوقِظنِي ويوقِظُ بِداخلي كل طيورِ الحنينِ الغافية فِي أوكَارِهَا ..
و مَازالتْ فِي وِجْدانِي ..
وَأنَا فِي مُدرجات ذاكرتي أنزلِق بحثاً عن بِدايَاتي معها ..
http://www.3baq.com/up/uploads/images/3baq-ad2ee1610a.gif
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,