المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (] ذوق القراءة [)


عبد الله العُتَيِّق
12-06-2008, 08:22 AM
[] ذَوقُ القِراءة []
" الاختيارُ صِناعةُ العَقْلِ "
ابن الجَوزي

القراءةُ من المصادر الكبرى التي تُنمِّي عقل الإنسان و تبني فِكْرَه ، و غيابُها عن حياة الإنسان خللٌ في تحقيق التنمية و البناء ، و بقدرِ قوة العلاقة بين الإنسان و قراءته تكون قوة البناء ، و القراءةُ كغيرها من أفعالِ الناسِ تحتاجُ إلى قانونٍ يَضْبِطُها و نظام يحكُمها حتى لا تميلَ نحوَ العِوَجِ ، و لكنَّ القوانين ليست إلا معالمُ عامة تُرَشِّد الإنسان و تُبَصِّرُه ، و ليست تفصيليةً دقيقةً في كلِّ جزئياتِ حياته ، فكان التوظيفُ للقوانين يفتقرُ إلى حكمةٍ و فِطنة ، و إلى رؤيةٍ خفيَّةٍ إلى كيفية استغلالِ و توظيف القانون أو النظام ، فالقواعدُ مراصِد المقاصِد ، و الحِكْمةُ حِنكةُ العقلِ ، و هنا يظهرُ الذوقُ العقلي البشري في اغتنام القانونِ في بناءِ الكيان العقلي .
إعمالُ الذوق في القراءةِ يعني لنا أن نقِفَ على مقاصد القراءة ، فحين نعيشُ في جوِّ المقصد من القراءةِ نُتقِنُ توظيفَ قانونها ، و هذا الشيءُ غفلَ عنه الكثيرُ من القُراءِ ، فكانت القراءةُ غايةً لذاتها ، و صنعةً قائمة بنظامها ، و هذا يجعل القراءةَ شَكلاً ، مهما كان ظهورها ، فالذوقُ يُحقِّقُ المقصَد ، و القانون يُحقِّقُ الصَّنعةَ ، و بينهما فرْقٌ .
إذنْ ، فالقراءةُ نوعان :
الأول : قراءةٌ صِناعيَّة ، و تعني أنَّ الاشتغالَ بها يكون في إجالةِ النظرِ ، و تقليبِ البصرِ ، في الحروفِ و الكلماتِ ، و هذه ستُخرجُ لنا كمَّاً كبيراً يُتقنُ جرْدَ العددِ من الكتبِ و الصفحاتِ و الحروفِ ، و ربما أخرجت قليلاً ممن يُتقنُ اقتناصَ الجواهر المقروءة .
الثاني : قراءةٌ ذَوقية ، و تعني الاشتغال بها يكون في القلْبِ و الروحِ للمقروءِ ، لا في الجسَدِ و الشكْلِ ، لأنَّ الأذواقَ لا تشتغلُ بالأشكالِ و إنما في المعاني الخفيَّة ، هذه القراءة يُتقِنُ أصحابُها ، على قِلَّتهم ، اصطيادَ الطائرِ من المعاني في جوِّ سماءِ الكتابِ ، لتركيز الباطنِ منهم على الجوهرِ المختفي في صَدَفِ الحرفِ ، و ربما لم يكونوا ذوي كثرةٍ في القراءةِ ، و لكنهم ذوو ذوقٍ و فَنٍّ ، و هذا ما يُحتاجُ إليه في زمن الانتهاضِ ، فنحن في زمنِ الطائراتِ من العبارات لنكوِّن منها كتاباً منشوراً نقرأه على الناسِ على علمٍ .
إذا عرفنا هذا الشيء عرفنا حلاً لمُشكلةِ قِلَّة القراءة في المجتمع العربي ، حيثُ التقييم على الكَمِّ المقروءِ ، و أغفلَ الكثيرون الكيفَ ، و في المقارَنة بيننا و بين الغرْبِ القاريءِ النَّهمِ نجدُ أن الغربَّ جمعاً كمَّاً و كيفاً ، فمن الكيفِ كوَّنوا الكَمَّ ، و لم يُكوِّنوا الكيفَ مِن الكَمِّ ، و عرفنا ، أيضاً ، خطأ المقولة اللا مقبولة في عقلٍ حصيفٍ " أمة إقرأ لا تقرأ " لأنها كانت نتيجةً لإحصاءٍ كَمِّيٍّ ، و الكَمُّ يتفاوَتُ في كثيرٍ من المقروءات ، و لو كانتْ كَيْفاً لعرفنا أن أمَّةَ إقرأ آتَتْ ثِماراً مِن نتاجِ قِراءاتٍ مُختزَنةٍ ، فلم يكن المقروءُ واحداً بل كثيراً ، و الكيفُ هو محلُّ الإحصاءِ العقلي البِنيوي النهضوي ، و العددُ سَنًدٌ و مَددٌ ، إذنْ ، فالقراءةُ بذَوقٍ جوهرٌ ، و الأذواقُ مُربحات الأسواق .

فيصل الحلبوص
12-06-2008, 09:20 AM
أخي عبدالله العتيق


عندما يقرأ أحدهم من أجل أن يقرأ فقط ولم يقرأ لأجل معرفة أمر


فسوف يلامس ما يقرأة سطحياً ولا يتعمق به

فيجب أن يكون الذوق والقصد الذي يريده متواجداً قبل أن يقرأ


قلم يُفتخر به ويُسعدنا أنت يا عبدالله


محبتي

قايـد الحربي
12-06-2008, 04:19 PM
عبدالله العتيق
ــــــــــــــ
* * *



أُرحبُ بكَ .

:


هناكَ الْقرَاءةُ [ الاسْتكْشَافيّة ] .. وَ لا أعلمُ أتُضافُ للنّوعِ الأوّل أمْ للثّانِي ،
أمْ هيَ الجَامعَةُ بيْنهمَا !
لكِنّها الأهمّ وَ الأجْدرُ بالاهْتِمام ، لأنّ هُنَاك مِن القُرّاء مَن لا يقْرأُ المُخَالِف
لتَوجّههِ وَ اتّجَاهِه ، فَتَراهُ وَ قراءَته يدُوْران فيْ نَفسِ الحَلقةِ وَ الفِكرة ..
ممّا يُسبّب تطرّفاً و إقصَاءً للمُخالِف عنْدَ أوّل نقْطةٍ فيْ الحِوَار .

:

عبدالله العتيق
شكراً بحب .

عبدالله الراشد
12-08-2008, 02:38 AM
سعدت بالمرور هنا
هذا الطرح راقي لابعد الحدود
تحياتي

ريمه
12-09-2008, 09:55 AM
القراءة أساس العلم .. وأساس البناء الأدبي .. وأساس الكتابة الناجحة ,

بالقراءة يرقى الإنسان ويعلو .. وترتقي روحه لتذوق الجمال
والإحساس بالمعنى الإبداعي .. والتماس مواطن الفكرة العميقة ,

القراءة تُطور الفهم والنطق وتربي النفس لمن له قلبٌ سليم ويعي ما يقرأ .

وبرأيي :
أن سر الاستفادة الحقيقية من القراءة هو بالاهتمام بأكثر ما يكون تحت اليد
وما تطوله العين , فلا يجهد القارئ نفسه كثيرا في اختيار الكتاب
أو النص المناسب ليقرأه ,
فالفائدة لا تنحصر بما يتضمنه الكتاب من معنى وهدف .. ربما كانت الفائدة
في جملة أو تركيب لُغوي أو مفردة جميلة أو حتى اسلوب طرح مميز وجديد …

موضوع راقي أستاذي عبدالله
تحياتي لك