غنج
01-04-2009, 08:18 PM
لا شيء مؤلم .. سوى أن تجمعك الصدفة بقلب لم تستطع يوماً إلا أن تحبه .. تلتقي عينيك بعينيه فيغضهما عنك ويمضي وكأنه يقول : من أنت ؟ لا أعرفك لم تحدق بي هكذا ؟ إلى أن تخنقك العبرة وتسرح بنات أفكارك بما مضى .. إلى أن تستفيق لحرارة الدمعة التي ذرفتها عينك .. كآهةٍ مكتومة .. خشية أن تفضح أمر حبك لإنسان ألغى وجودك من حياته ومضى وكأن شيئاً لم يكن .. يمضي وأنت تجر خطواتك لتستمر الحياة .. تلك لا نحبها أحياناً إلا لأننا نعيش فيها مع أحد من البشر .. نعتقد أنه القلب والنبض والحب الذي نحيا به الحياة .. نعتقد أنه المرسى الذي لن تفارقه سفننا .. وأنه العمر الذي آن الأوان لنعيشه .. يشعرنا أننا أحياء ما زلنا نتنفس الحياة إلى أن يقطع آخر شريانٍ يربطنا بالحياة لأنه قرر ذلك .. اختار موتنا وحدنا على حياتنا معه .. يشعرنا بالأمان .. إلى أن يرمينا بكل ما أوتي من قوة في صحراء فراقه لنصارع الوحدة وحدنا .. ويأكل اليأس ما تبقى من طمأنينتنا .. ويجتث الوجع زهور الأمل بداخلنا .. ونحاول أن نتمسك بالحياة ..
نحاول .. ونمضي برغم كل تلك العذابات التي نهشت أرواحنا .. ونصم أذننا عن كل حديث يكون محوره ذاك القلب الذي أحببناه يوماً .. نغمض عيوننا عن كل ما قد يذكرنا به .. نغير الطرق التي جمعتنا معاً .. والدروب التي سلكناها سوياً .. نتفادى الأغنيات التي تهادينها معاً .. النظرات التي اختلسناها من بعضنا البعض .. والرسائل التي كتبناها لبعضنا البعض .. نهرب من لحظات الضعف التي يبعثها الشوق كإعصار لا سبيل لصده .. لننتهي عند محاولة عابثة لحجب شمس الحب التي تشرق بداخلنا وتجدد حباً ندعي أنه ما عاد حباً ..
نحاول أن نبتعد احتراماً لرغبة الآخر .. وندعي أننا نجحنا في تخطي الحياة معه والحياة مع الموت الذي عشناه بغيابه إلى أن تأتي صدفة نحضن فيها النظرات والخفقات .. وكأن الأرض تدور حقاً .. وخط جرينتش لم يعد مقياساً للوقت .. صدفة نعيد فيها حياكة الجرح من جديد .. نعيد تقطيبه من جديد .. وذر الملح عليه من جديد .. لنتألم من جديد .. صدفة تقلب عالمنا الميت رأساً على عقب لتحي ذكرى لم تمت..
بعدما تأقلمنا على تلك الصحراء .. تأتي تلك الصدفة لتحي حباً حاولنا المضي بعيداً عن ممارسته أو معايشته أو حتى التفكير به .. لأن الطرف الآخر قرر ذات عمر أننا لا يجدر بنا البقاء في روض الحب .. لا يحق لنا أن نحب بعضنا البعض .. فقط يحق له أن يقطع شريان الحياة بالقلب .. يحق له أن يوصد أبوابه في وجهي .. ويدير وجهه.. يحق له أن يرمي القلب بسهامه لأنه لا يستطيع أن يستمر في الحب .. يحق له أن يغير دربه لئلا نلتقي .. لئلا يضعف أمام النظرات.. وأن يمضي هكذا دون أن يسمع صوت القلب .. يحق له القتل .. ولا يحق للمقتول أن يتألم .. وعليه أن يمضي ويعيش الحياة هكذا بكل بساطة .. وعليه ألا يبكي أو يغضب لأنه يريد ذلك .. وربما نستطيع المضي .. ولكن من الصعب أن نمضي دون ألم .. لا نستطيع أن نكون غير أنفسنا .. أن نحب بصدق في زمن ما عاد للصدق وجود .. ومن الصعب أن نماثل الجماد في جموده وعدم إدراكه .. لذا فإن الصدف التي تأتي دون حسبان تعصف بكل المشاعر التي اعتقدنا أننا خبأناها بكل مهارة ، والذكريات التي اعتقدنا أننا أجدنا طيّها ، والمواقف التي اعتقدنا أننا احترفنا نسيانها .. تأتي جميعها دفعة واحدة ولا قدرة لنا على صدها .. لنعيش لحظات مؤلمة إلى حد الهلاك .. أقسى من تلك التي مررنا بها .. موحشة أكثر من الغربة .. مقفرة أكثر من الصحراء .. لحظات طاعنة في الألم .. موغلة في الوجع .. لحظات نموت فيها آلاف المرات .. ولا أحد يدري .. كل من حولنا يعتقد أننا أسعد منه فيحسدنا على سعادة لا يشعر بها الميت .. لا يعرفون أن الموتى لا يستطيعون التمتع بالسعادة .. لحظات تجمعنا بمن ألغى وجودنا من حياته .. لنموت من جديد .. ويمر هو وكأنه يعيد تمثيل مشهد القتل من جديد .. ويتركنا كما تركنا أول مرة .. في عراء فقده .. برغم أن إكرام الميت دفنه .
غنج
نحاول .. ونمضي برغم كل تلك العذابات التي نهشت أرواحنا .. ونصم أذننا عن كل حديث يكون محوره ذاك القلب الذي أحببناه يوماً .. نغمض عيوننا عن كل ما قد يذكرنا به .. نغير الطرق التي جمعتنا معاً .. والدروب التي سلكناها سوياً .. نتفادى الأغنيات التي تهادينها معاً .. النظرات التي اختلسناها من بعضنا البعض .. والرسائل التي كتبناها لبعضنا البعض .. نهرب من لحظات الضعف التي يبعثها الشوق كإعصار لا سبيل لصده .. لننتهي عند محاولة عابثة لحجب شمس الحب التي تشرق بداخلنا وتجدد حباً ندعي أنه ما عاد حباً ..
نحاول أن نبتعد احتراماً لرغبة الآخر .. وندعي أننا نجحنا في تخطي الحياة معه والحياة مع الموت الذي عشناه بغيابه إلى أن تأتي صدفة نحضن فيها النظرات والخفقات .. وكأن الأرض تدور حقاً .. وخط جرينتش لم يعد مقياساً للوقت .. صدفة نعيد فيها حياكة الجرح من جديد .. نعيد تقطيبه من جديد .. وذر الملح عليه من جديد .. لنتألم من جديد .. صدفة تقلب عالمنا الميت رأساً على عقب لتحي ذكرى لم تمت..
بعدما تأقلمنا على تلك الصحراء .. تأتي تلك الصدفة لتحي حباً حاولنا المضي بعيداً عن ممارسته أو معايشته أو حتى التفكير به .. لأن الطرف الآخر قرر ذات عمر أننا لا يجدر بنا البقاء في روض الحب .. لا يحق لنا أن نحب بعضنا البعض .. فقط يحق له أن يقطع شريان الحياة بالقلب .. يحق له أن يوصد أبوابه في وجهي .. ويدير وجهه.. يحق له أن يرمي القلب بسهامه لأنه لا يستطيع أن يستمر في الحب .. يحق له أن يغير دربه لئلا نلتقي .. لئلا يضعف أمام النظرات.. وأن يمضي هكذا دون أن يسمع صوت القلب .. يحق له القتل .. ولا يحق للمقتول أن يتألم .. وعليه أن يمضي ويعيش الحياة هكذا بكل بساطة .. وعليه ألا يبكي أو يغضب لأنه يريد ذلك .. وربما نستطيع المضي .. ولكن من الصعب أن نمضي دون ألم .. لا نستطيع أن نكون غير أنفسنا .. أن نحب بصدق في زمن ما عاد للصدق وجود .. ومن الصعب أن نماثل الجماد في جموده وعدم إدراكه .. لذا فإن الصدف التي تأتي دون حسبان تعصف بكل المشاعر التي اعتقدنا أننا خبأناها بكل مهارة ، والذكريات التي اعتقدنا أننا أجدنا طيّها ، والمواقف التي اعتقدنا أننا احترفنا نسيانها .. تأتي جميعها دفعة واحدة ولا قدرة لنا على صدها .. لنعيش لحظات مؤلمة إلى حد الهلاك .. أقسى من تلك التي مررنا بها .. موحشة أكثر من الغربة .. مقفرة أكثر من الصحراء .. لحظات طاعنة في الألم .. موغلة في الوجع .. لحظات نموت فيها آلاف المرات .. ولا أحد يدري .. كل من حولنا يعتقد أننا أسعد منه فيحسدنا على سعادة لا يشعر بها الميت .. لا يعرفون أن الموتى لا يستطيعون التمتع بالسعادة .. لحظات تجمعنا بمن ألغى وجودنا من حياته .. لنموت من جديد .. ويمر هو وكأنه يعيد تمثيل مشهد القتل من جديد .. ويتركنا كما تركنا أول مرة .. في عراء فقده .. برغم أن إكرام الميت دفنه .
غنج