سالم عايش
01-14-2009, 03:08 PM
قرأت في عدد أمس الثلاثاء 13/01/2009 م في جريدة الحياة هذا المقال وأتيت به لكم
رسالة إلى عمرو بن كلثوم ... داود الشريان
أيها الفارس الشجاع، والشاعر العربي المقدام، يا سيد بني وائل، نشهد أننا انتشينا
بشعرك قروناً، وعشنا بحس فروسيتك نستلهم الأنفة وعظم النفس. ونربي أطفالنا على
الشموخ الذي تعلمناه من معلقتك الشهيرة، فاذا مر بنا خطب وجور، واعتدى علينا عدو،
وغدر بنا جار وحليف، استلهمنا أبياتك العظيمة ورددنا:
«أَنَّا المُطْعِمُـونَ إِذَا قَدَرْنَـا ...... وَأَنَّا المُهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينَـا
وَأَنَّـا المَانِعُـونَ لِمَا أَرَدْنَـا...... وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينَـا
وَأَنَّا التَارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَـا ...... وَأَنَّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينَـا
مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا ...... وَمَاءَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سفينا .
اِذَا بَلَغَ الفِطَـامَ لَنَـا صَبِيٌّ ...... تَخِرُّ لَـهُ الجبابر ساجدينا».
يؤسفنا أيها التغلبي الفذ ان نبلغك خبراً يحزنك ولا يسرنا، شعرك لم يعد يمثلنا. فنحن
اليوم غير قادرين على الحصول على رغيف خبز، فضلاً عن ان نطعم غيرنا. أصبحنا
نتسول الطعام من دول العالم. وأطفالنا في فلسطين يتولاهم قوم رحماء يقال
لهم «أونروا». ولم نعد قادرين على إهلاك ذبابة. وكل أقوام الأرض جهلت علينا اشد من
جهل الجاهلينا. فانتهكت حقوقنا، وشوهت تاريخنا، ولعنت جدنا. وشربنا الماء كدرا وطينا.
وليس في وسعنا في أوقات الابتلاء، وهي أكثر من العد، إلا الصراخ في الشوارع
والطرقات، ورفع الشعارات والبكاء أمام مجلس الامن والكاميرات. ناهيك ايها الشاعر
العظيم عن اننا أخرجنا من أرضنا، وهزمنا وتخلينا عن ردها. لم يعد لنا، يا عمرو، بر ولا
بحر. أصبحت أرضنا بلا شعب، فأعطيت لشعب بلا أرض. وأطفالنا يخرون صرعى ولا يُخر
لهم ويموتون قبل الفطام. يقتلون خُدجاً امام أعيننا. يموتون، يا عمرو، وهم على صدور
أمهاتهم، ولا عمرو بن كلثوم لهم. في حرب غزة قتل من اطفالنا مئات، وفقد البصر مئات،
وشُل مئات، وتيتم الباقون، وهم بالمئات ايضاً. الله لنا، يا عمرو. أطفالنا يموتون وعيونهم
مفتوحة، ويشاهدون وحشية إسرائيل والموت.
صبرنا بعد، يا عمرو، حتى عزت علينا القبور. نعم عزت علينا القبور. لم يعد لنا في الأرض
قبر نواري فيه أجسادنا التي تموت غيلةً وتحرق وتدفن أشلاء. وإذا وجدنا قبراً، ان وجدنا،
دفنا أمواتنا فوق أمواتنا. تكدست أجسادنا في القبور بعدما شردت على الارض. ضاقت
مقابرنا من هواننا. نشهد، يا عمرو، ان البر والبحر ضاقا منا وليس عنا. صرنا عالة حتى
على المقابر. في غزة اليوم، يدفن شهيدنا فوق رفاة شهيدنا. وغدا سنبعث، يا عمرو، من
قبر واحد.
« أَلاَ لاَ يَعْلَمُ الأَقْـوَامُ أَنَّـا تَضَعْضَعْنَا وَأَنَّـا قَدْ وَنِينَـا».
وهو على هذا الرابط :
http://www.alhayat.com/opinion/editorials/01-2009/Item-20090112-cc3c84ab-c0a8-10ed-00be-61082e482000/story.html
الحياة، 13/1/2009
رسالة إلى عمرو بن كلثوم ... داود الشريان
أيها الفارس الشجاع، والشاعر العربي المقدام، يا سيد بني وائل، نشهد أننا انتشينا
بشعرك قروناً، وعشنا بحس فروسيتك نستلهم الأنفة وعظم النفس. ونربي أطفالنا على
الشموخ الذي تعلمناه من معلقتك الشهيرة، فاذا مر بنا خطب وجور، واعتدى علينا عدو،
وغدر بنا جار وحليف، استلهمنا أبياتك العظيمة ورددنا:
«أَنَّا المُطْعِمُـونَ إِذَا قَدَرْنَـا ...... وَأَنَّا المُهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينَـا
وَأَنَّـا المَانِعُـونَ لِمَا أَرَدْنَـا...... وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينَـا
وَأَنَّا التَارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَـا ...... وَأَنَّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينَـا
مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا ...... وَمَاءَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سفينا .
اِذَا بَلَغَ الفِطَـامَ لَنَـا صَبِيٌّ ...... تَخِرُّ لَـهُ الجبابر ساجدينا».
يؤسفنا أيها التغلبي الفذ ان نبلغك خبراً يحزنك ولا يسرنا، شعرك لم يعد يمثلنا. فنحن
اليوم غير قادرين على الحصول على رغيف خبز، فضلاً عن ان نطعم غيرنا. أصبحنا
نتسول الطعام من دول العالم. وأطفالنا في فلسطين يتولاهم قوم رحماء يقال
لهم «أونروا». ولم نعد قادرين على إهلاك ذبابة. وكل أقوام الأرض جهلت علينا اشد من
جهل الجاهلينا. فانتهكت حقوقنا، وشوهت تاريخنا، ولعنت جدنا. وشربنا الماء كدرا وطينا.
وليس في وسعنا في أوقات الابتلاء، وهي أكثر من العد، إلا الصراخ في الشوارع
والطرقات، ورفع الشعارات والبكاء أمام مجلس الامن والكاميرات. ناهيك ايها الشاعر
العظيم عن اننا أخرجنا من أرضنا، وهزمنا وتخلينا عن ردها. لم يعد لنا، يا عمرو، بر ولا
بحر. أصبحت أرضنا بلا شعب، فأعطيت لشعب بلا أرض. وأطفالنا يخرون صرعى ولا يُخر
لهم ويموتون قبل الفطام. يقتلون خُدجاً امام أعيننا. يموتون، يا عمرو، وهم على صدور
أمهاتهم، ولا عمرو بن كلثوم لهم. في حرب غزة قتل من اطفالنا مئات، وفقد البصر مئات،
وشُل مئات، وتيتم الباقون، وهم بالمئات ايضاً. الله لنا، يا عمرو. أطفالنا يموتون وعيونهم
مفتوحة، ويشاهدون وحشية إسرائيل والموت.
صبرنا بعد، يا عمرو، حتى عزت علينا القبور. نعم عزت علينا القبور. لم يعد لنا في الأرض
قبر نواري فيه أجسادنا التي تموت غيلةً وتحرق وتدفن أشلاء. وإذا وجدنا قبراً، ان وجدنا،
دفنا أمواتنا فوق أمواتنا. تكدست أجسادنا في القبور بعدما شردت على الارض. ضاقت
مقابرنا من هواننا. نشهد، يا عمرو، ان البر والبحر ضاقا منا وليس عنا. صرنا عالة حتى
على المقابر. في غزة اليوم، يدفن شهيدنا فوق رفاة شهيدنا. وغدا سنبعث، يا عمرو، من
قبر واحد.
« أَلاَ لاَ يَعْلَمُ الأَقْـوَامُ أَنَّـا تَضَعْضَعْنَا وَأَنَّـا قَدْ وَنِينَـا».
وهو على هذا الرابط :
http://www.alhayat.com/opinion/editorials/01-2009/Item-20090112-cc3c84ab-c0a8-10ed-00be-61082e482000/story.html
الحياة، 13/1/2009