محمد السالم
02-14-2009, 07:35 AM
كاد أحدهم ؛أن يصطدم بسيارتي ؛وأنا أتحاشى أزمة المواقف أمام بوابة مقر [حفل عرس دعيت له ] أخرجت يدي مع النافذة معتذرا ؛ بيد أنه لم يكترث . حاولت إعادة الأعتذار مرّة أخرى -لم يراك -قالها الشك - ولكني أستبعدت هذه الفرضيّة لقصر المسافة بيننا .
ترجلتُ ؛ بعد أن توارى خلف جحافل السيارات ؛ التي لم يعد للراجلين مجالٍ بينها إلا تلك المسارب التي تشكّلت بفعل الإكتظاظ مما حدى بثياب الزّوار أن تتحول إلى مماسحٍ متنقلة ؛ لكل ما علق بأجساد السيارات من زيوت العوادم وغبار الرياح الموسميّة .
في أواسط العقد الثالث : طويل القامة ؛ رشيق الحركة ؛ متأنق . سبقني وغاص كأبرة في كومة قطن ؛ فكل من هناك كان متّشح بالبياض . مماجعل باقي الألوان ؛ كأنها ترويني على لسان الوحدة فأنا وحيد هُنا ؛ بالرغم من الإكتظاظ الرهيب . والأصوات المتداخلة ؛ التي لا تسمح لجملة ساقها أحدهم بأن تكتمل .
لا أعرف أحد في هذا العرس . إلا العريس : الذي بعث لي برسالة قصيرة قبل يومين بأنك مدعو لزفافي يوم الخميس بجانب المركّب الرياضي أكاديميّة "أسباير الرياضيّة" .
فليس عليّ إلا الإجابة . "إذا دعيتم فأجيبوا " - حديث شريف - .
وكذلك لهذا الشاب مكانة لديّ . لا أعرف لها دافع إلا إذا كانت زمالتي لشقيقه الأكبر "رحمه الله" هي السبب في ذلك ؟!
كُنا زملاء أنا و "راشد " زملاء عمل لمدة خمس سنوات . حتى أنتقل إلى المصير المحتوم بعد ما غيّر جهة عمله ؛ رحمه الله . بينه وبين شقيقه "سعيد " من الشبه الشيء الكثير حتى في صياغة الجُمل !.
ويقدّر لي "سعيد " زمالتي بشقيقه الراحل . مما يجعلني متحفزا دائما بأن لا يرى مني إلا كل ما يدعو للأفتخار بزملاء شقيقه .
دائما مايكونوا أصدقاء ؛ المتوفى تحت الأعين . ربما أنهم يرونه فيهم !.
كذلك هنالك شيء أخشى أن يكون مزعج "لسعيد" لا ألتقي به ؛ إلا وأترحّم على أخيه بصوت مسموع . كأني أقول : أرى راشد فيك !.
كنت متحفز هذه الليلة بأن لا أترحّم على راشد أمام "سعيد" أو أيً من عائلته وهم في ليلة فرح . يجب بأن توصد بها كافة أبواب المنغصات . وليس من الحكمة ؛ تقليب مواجع الناس في مكان حري به أن يكن مدعاة للسعادة .
الصّبية ؛ قلبوا ساحة الحفل لديربيٍ بشريٍ . معترين تلك الثياب التي لا نراها إلا في المتحف ؛ أو المسلسلات التاريخيّة . ويحملوا في أيديهم سيوف قصيرة بتأكيد أنها حدّت لتناسب قاماتهم .
فبعضهم معتري ثوب شبه فضفاض . له أكمام واسعة وطويلة مسلوبة عند نهايتها .والآخر يتمنطق بمنجد سلاحٍ أتماتيكي لا ذخيرة به .
وكلاهما يتعاطون مع فرقة الدفوف والطبول بإجابيّة رائعة مما يضفي على الحفل بهجة فارقة . ومن نظر لهم بعين فاحصة لن تخطئ عينه ألتزام بعضهم باليقاع بالرغم من صغر سنه مما يعطي انطباع بأنه من الذين يمتلكون موهبة فطرية بالحس الموسيقي .
وأنا مازلت ألتمس طريقي بين الجحافل البشريّة . قاصدا المقصورة . حتى وصلت بعد ان قمت بإعادة ترتيب شماغي وإعقالي أكثر من مرّة .
لا أدري كيف وثبت تلك الأمنية على نفسي وأنا أرى "سعيد " بالمشلح الأسود ؛ في الصدارةِ .
لوّ يعترض "راشد" طريقي الآن ويعرّف قوّام الحفل على الضيف القادم ! . -لا بد أنها من تلك الأشياء التي يبقون الأحياء يكتنزونها للأموات - .
باركت "لسعيد" وإعتذرت لتأخري . أشار بيده إلى رجل مسن عن يمينه ؛ وقال : هذا والدي .
حاول الرجل النهوض جاهدا . ولكني لم أمهله سلّمت عليه بعد أن أقسمت بأن لا ينهض من مكانه . وأنا مازلت متحفيز بأن لا أترحم على "راشد " كعادتي عندما أرى "سعيد " .
عرّف " سعيد " والده بيّ . وكان يتحدث بصوت عالٍ دلالة على أن سمع الرجل ليس على مايرام . قلب الشيخ صدقه الإيسر فأعاد عليه "سعيد " التعريف .
بشّ وجه الشيخ وسأل عن أحوالي بكل لطفٍ وإهتمام مع أنه لم يراني من قبل ؛!
رفع نظارته السميكة وقال أقترب يا أبني . كنت ساعتها واقفا ؛ وليس لي إلا أن أجلس حتى أكون
بمصاف الشيخ .
في ما أنا أستكمل الوضعيّة طاف بي طائف . وقال : لا تستبعد أنّ الرجل يرى خيال أبنه المتوفى متلبسك .
وهذه من الأشياء التي لا غرابة فيها عند البعض .لأن العقل الباطن في أغلب الأحيان لا يتعاطا مع الواقع .خصوصا في المناسبات السعيدة تحاصر وجوه الأموات الأحياء في الكثير من الزوايا . ينتابهم شعور بأنهم يشاركونهم سعادتهم في هذا الموقف .
يتبع :
ترجلتُ ؛ بعد أن توارى خلف جحافل السيارات ؛ التي لم يعد للراجلين مجالٍ بينها إلا تلك المسارب التي تشكّلت بفعل الإكتظاظ مما حدى بثياب الزّوار أن تتحول إلى مماسحٍ متنقلة ؛ لكل ما علق بأجساد السيارات من زيوت العوادم وغبار الرياح الموسميّة .
في أواسط العقد الثالث : طويل القامة ؛ رشيق الحركة ؛ متأنق . سبقني وغاص كأبرة في كومة قطن ؛ فكل من هناك كان متّشح بالبياض . مماجعل باقي الألوان ؛ كأنها ترويني على لسان الوحدة فأنا وحيد هُنا ؛ بالرغم من الإكتظاظ الرهيب . والأصوات المتداخلة ؛ التي لا تسمح لجملة ساقها أحدهم بأن تكتمل .
لا أعرف أحد في هذا العرس . إلا العريس : الذي بعث لي برسالة قصيرة قبل يومين بأنك مدعو لزفافي يوم الخميس بجانب المركّب الرياضي أكاديميّة "أسباير الرياضيّة" .
فليس عليّ إلا الإجابة . "إذا دعيتم فأجيبوا " - حديث شريف - .
وكذلك لهذا الشاب مكانة لديّ . لا أعرف لها دافع إلا إذا كانت زمالتي لشقيقه الأكبر "رحمه الله" هي السبب في ذلك ؟!
كُنا زملاء أنا و "راشد " زملاء عمل لمدة خمس سنوات . حتى أنتقل إلى المصير المحتوم بعد ما غيّر جهة عمله ؛ رحمه الله . بينه وبين شقيقه "سعيد " من الشبه الشيء الكثير حتى في صياغة الجُمل !.
ويقدّر لي "سعيد " زمالتي بشقيقه الراحل . مما يجعلني متحفزا دائما بأن لا يرى مني إلا كل ما يدعو للأفتخار بزملاء شقيقه .
دائما مايكونوا أصدقاء ؛ المتوفى تحت الأعين . ربما أنهم يرونه فيهم !.
كذلك هنالك شيء أخشى أن يكون مزعج "لسعيد" لا ألتقي به ؛ إلا وأترحّم على أخيه بصوت مسموع . كأني أقول : أرى راشد فيك !.
كنت متحفز هذه الليلة بأن لا أترحّم على راشد أمام "سعيد" أو أيً من عائلته وهم في ليلة فرح . يجب بأن توصد بها كافة أبواب المنغصات . وليس من الحكمة ؛ تقليب مواجع الناس في مكان حري به أن يكن مدعاة للسعادة .
الصّبية ؛ قلبوا ساحة الحفل لديربيٍ بشريٍ . معترين تلك الثياب التي لا نراها إلا في المتحف ؛ أو المسلسلات التاريخيّة . ويحملوا في أيديهم سيوف قصيرة بتأكيد أنها حدّت لتناسب قاماتهم .
فبعضهم معتري ثوب شبه فضفاض . له أكمام واسعة وطويلة مسلوبة عند نهايتها .والآخر يتمنطق بمنجد سلاحٍ أتماتيكي لا ذخيرة به .
وكلاهما يتعاطون مع فرقة الدفوف والطبول بإجابيّة رائعة مما يضفي على الحفل بهجة فارقة . ومن نظر لهم بعين فاحصة لن تخطئ عينه ألتزام بعضهم باليقاع بالرغم من صغر سنه مما يعطي انطباع بأنه من الذين يمتلكون موهبة فطرية بالحس الموسيقي .
وأنا مازلت ألتمس طريقي بين الجحافل البشريّة . قاصدا المقصورة . حتى وصلت بعد ان قمت بإعادة ترتيب شماغي وإعقالي أكثر من مرّة .
لا أدري كيف وثبت تلك الأمنية على نفسي وأنا أرى "سعيد " بالمشلح الأسود ؛ في الصدارةِ .
لوّ يعترض "راشد" طريقي الآن ويعرّف قوّام الحفل على الضيف القادم ! . -لا بد أنها من تلك الأشياء التي يبقون الأحياء يكتنزونها للأموات - .
باركت "لسعيد" وإعتذرت لتأخري . أشار بيده إلى رجل مسن عن يمينه ؛ وقال : هذا والدي .
حاول الرجل النهوض جاهدا . ولكني لم أمهله سلّمت عليه بعد أن أقسمت بأن لا ينهض من مكانه . وأنا مازلت متحفيز بأن لا أترحم على "راشد " كعادتي عندما أرى "سعيد " .
عرّف " سعيد " والده بيّ . وكان يتحدث بصوت عالٍ دلالة على أن سمع الرجل ليس على مايرام . قلب الشيخ صدقه الإيسر فأعاد عليه "سعيد " التعريف .
بشّ وجه الشيخ وسأل عن أحوالي بكل لطفٍ وإهتمام مع أنه لم يراني من قبل ؛!
رفع نظارته السميكة وقال أقترب يا أبني . كنت ساعتها واقفا ؛ وليس لي إلا أن أجلس حتى أكون
بمصاف الشيخ .
في ما أنا أستكمل الوضعيّة طاف بي طائف . وقال : لا تستبعد أنّ الرجل يرى خيال أبنه المتوفى متلبسك .
وهذه من الأشياء التي لا غرابة فيها عند البعض .لأن العقل الباطن في أغلب الأحيان لا يتعاطا مع الواقع .خصوصا في المناسبات السعيدة تحاصر وجوه الأموات الأحياء في الكثير من الزوايا . ينتابهم شعور بأنهم يشاركونهم سعادتهم في هذا الموقف .
يتبع :