تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أدباء...أم مهرجون ؟؟؟


حنين عمر
05-01-2009, 02:42 AM
أدباء... أم مهرجون ؟؟؟
لـ : حنين عمر


تذكرت هذه الحادثة فجأة الليلة ، و أنا أشرب فنجان شايي المسائي و أقرأ رواية جديدة حملتني ما بينها وبين ذكرياتي القديمة، وهي حادثة وقعت قبل حوالي خمسة أعوام أو أكثر، اذ شاءت لي أقداري التي شاءت لها أقدارها، أن أحضر محاضرة أدبية في مكان ثقافي ما من مدينتي البحرية – العاصمة – وقد تم فيها بمحض صدفة نحوية استضافة مختصة لغوية لتشرح ماهية الأدب للحاضرين ولتتطرق للرواية المعاصرة و تحليلاتها ، تحليلات لم أكن أفهم فيها الشيء الكثير آنذاك.
ولعلي انسحبت من لساني كعادتي و قررت أن أطرح سؤالا ما بغية أن أفهم بعضا من تلك التحليلات الروائية المعقدة التراكيب و المفردات الاكاديمية، و قد كان السؤال البريء - مثلي أيامها – يسائل عن دور الأدب في الفعل الحضاري و هدف الكتابة الروائية. – يبدو وكأنه كان مهما جدا بالنسبة لي لحظتها أن اعرف أبعاد مسرحية الثقافة -
و ردا على سؤالي ، تلقيت صدمة كهربائية ما زلت أذكرها إلى اليوم ، حيث قالت المحاضرة الوقورة ما أدهشني و جمد دمي في عروقي – وكم للهيبارين على الدماء فضائل – و كانت جملة ما جاء في جوابها الفلسفي أن الادب الروائي وجد للتسلية لا لحل مشاكل الناس .
ورغم مرور سنوات طويلة على هاته الحادثة ، إلا أنني ما زلت إلى الآن لم أقتنع برأيها مع احترامي الشديد لمكانتها الأكاديمية، فما جدوى الكتابة إذن إن كان الأديب مهرجا يسلي الناس ببوحه الروحي، وما جدوى الآلاف من الروايات العربية إن كانت لا تقدم شيئا سوى سد فراغ القاريء الذي تعطل جهاز تلفزيونه أو قلبت الريح اتجاه صحنه الهوائي؛ ولو شئنا أن نسلي هذا القاريء على حد تعبيرها لكان من الأسهل أن نهديه شريط فديو لمسرحة هزلية أو أن نروي له بعضا من النكات الشهيرة، أو أن نشتري له لعبة بلايستايشن.

في الواقع، و حسب رأيي المتواضع، أعتقد انه من الصعب الاقتناع بنظرية " الكتابة من أجل التسلية"؛ فلا يمكن أن نضع الأدب في منزلة – مطربة فديو كليب – وهي منزلة قد لا تليق بقيمته ولا بقيمتنا – ان كان لنا في عضر الانحطاط قيمة - ؛ افليس الانسان كلمة ؟، و الكلمة وجدت لتكون حركية فعلية قبل الفعل ذاته، حتى في الميثولوجيات القديمة تتبلور أهمية الكلمة :الكتابة، السرد و الخلق الإبداعي، ناهيك عن الناحية الدينية فقد غيّر الله العالم كله بكلمات في كتاب، كتاب قص فيه أحسن القصص لا ليسلينا إنما ليكون عبرة لأولي الألباب. – وهذا ليس كلامي انه كلام الله وليعترضوا على كلام الله ان استطاعوا –
إن الأدب ليس مؤرخا تاريخيا فحسب، وليس أول عنصر من عناصر الحياة الداخلية للأنا التكويني، وليس أرقى الفنون وأكثرها عمقا فقط، إنما هو ايضا معلم بطريقة أو بأخرى، وتلك هي مهمته الأبدية منذ أول الخليقة إلى آخر الداخلين في ملكوت الفراديس ،حتى إن كان يعمل بعد الظهر محاسبا أو مقاولا أو كناسا أو مهرجا أو بائع نعناع أو مدير ملهى.
اضافة الى أنه من الناحية الأكاديمية، هناك علم كامل يهتم بدراسة الرواية، فهل وضع هذا العلم الذي درسته الناقدة نفسها في الجامعة و درّسته أيضا من أجل تحليل اشكالية صحن "اللب " الذي يتسلى به القراء ؟؟؟ - معادلة غير منطقية -
إن الهدف الحقيقي لأي أدب يكتب، هو احداث تغيير ما، أو تأريخ فكرة ما، أو ترسيخ مباديء معينة في "الغير"، فهو عملية اعادة تشكيل " الأنا " في " الأخر"، و اعادة التشكيل هاته هي المنح المطلق، بحيث يمنح القاريء فكرة قياسية ليخرج من دفة الكتاب السفلى وهو محمل بنظرة معينة موجهة حسب زاوية الكاتب التفكيرية، بعد أن يكون قد دخل من الدفة العليا ويداه في جيبه.

لذا فإن الكتابة بالنسبة لي – وهو رايي على كل حال - وخصوصا الكتابة الروائية، هي التحليق الذي يمنحني مساحة أكبر للإتساع في الفكرة والتفاصيل و السرد، حين لا يسعني إختزال ما بالروح في قصيدة أو قصة أو خاطرة. لذلك حين عدت إلى المنزل بعد تلك المحاضرة يومها شعرت بالخوف من أن اكون مهرجة عملها الوحيد هو تسلية بعض العاطلين عن البكاء، ركضت إلى المرآة ببراءة لأرى إن كان في وجهي شيء من الألوان، ولكنني – حمدا لله- لم أجد في أي رواية لي أثر عربات السيرك وخيامه.

أدباء أم مهرجون ؟؟؟ من شاء أن يكون أديبا فله ذلك... ومن اعجبه القفز فوق الحبل بملابس ملونه فله ذلك...ولكن في النهاية يبقى الحل الذي اقترحته الناقدة في المحاضرة تعليقا على اعتراضي وهو الاعتماد على طبيب نفسي لحل مشاكل النّاس بدل الإعتماد على الأدب، غير مقنع بأي حال من الأحوال، اذ أن هذا المقترح لا يحل سوى مشاكل الطبيب النفساني المادية: يرفع رصيده هو في البنك بينما يخفض رصيد نا نحن و أدبائنا و حضارتنا في بنك التاريخ الإنساني.
فيا أيتها النفس المطمئنة ، برأيي المتواضع مرة أخرى : إن التسلية ليست مهمة الاديب كما يحاول البعض اقناعي منذ سنوات -ولم اقتنع إلى اليوم-...انها مهمة مهرج في السيرك؛ والادب الذي لا يقدم شيئا للناس هو ادب يشبه " ورق الكوتشينة "./ و أنا أحب القراءة كثيرا...لكن لا يرضيني سوى النص الذي يقش " . وأحب ورق الكوتشينة، لكن لا يرضيني سوى الجوكر .
حنين

سالم عايش
05-01-2009, 01:53 PM
حنين

محاضرتك وأمثالها كثير لسنا مجبورين بإقناعهم وليس لزاماً أن نأخذ بآرائهم ،ولكن تهميش الرواية كلام غير سليم .

ولكي نقنع محاضرتك ومن يسيرون على نهجها يجب أن يعلمون أن من قام بالثورة الصناعية في أوروبا هو مجموعة

من القوى من أهمهما القوة الأدبية التي كان من أهم قادتها الروائي الفرنسي فولتير الذي قرأت روايته (الساذج) وكرهت

الكاثوليك وأحببت البروستانت وأنا لايعنيني الأمر ، فقامت الثورة الصناعية أو العلمانية على الكنيسة وأنتصروا بأدبائهم

واحتفلوا بهم ولم يعتبروهم مهرجين .

تحياتي للجميع .

أحمد الحسون
05-01-2009, 03:01 PM
صدقت يا أخت حنين
الأدب ليس للتسلية ، والأدب رسالة ، في أبسطها تعرية الواقع أو نسفه لبناء واقع جديد احتماعياً وسياساً.

وقد قال النقاد سابقاً على الكاتب أن يرتاد الشوارع والأسواق.
حتى الفن التهريجي يحمل رسالة ،لا يوجد فن بدون رسالة.

دمت بخير أختي لهذا النص الجميل والفكر الزاخم بمعطيات أدبية مهمة.

حمد الرحيمي
05-01-2009, 04:03 PM
حنين عمر ...




أهلاً بك ..




أنا أتفق جزئياً مع الدكتورة .. لأن أدب الرواية في وقتنا الحالي و المتتبع لنتاجات الروائيين الجدد - إن صح التعبير - يجد أنها مجرد ترف كتابي و تسلية حرفية ... تخلو تماماً من روح الرواية الهادفة التي تحمل رسالةً و معنى ...



أما مسألة التعميم فهذه تحمل وجهاً من أوجه الحماقة ....





حنين ... شكراً لك ..

عبدالعزيز رشيد
05-01-2009, 04:41 PM
رواية "كوخ العم توم" كانت أحد أهمّ العوامل التي أشعلت المطالبات بتحرير العبيد في أمريكا وإن كان الذي يقرؤها يتسلّى بها فهذا لاينفي حقيقتها الأولى,مسرحيّات شكسبير كانت خطوة اولى لتصوير مايدور حولنا من أمور حياتيّة مشاكل يوميّه إلخ ممهدا الطريق لولادة هوليوود بعد سنييين طويلة التي انتجت أفلاما كان منها المسلّي المبتذل كـ:"امريكان باي" وأخرى تطرح قضيّة تاريخيّة مهمّة"آلام المسيح" ولو ذهب الناس غلى هناك _السينما_ للتسلية لكن هنالك متسعٌ شاسع لطرح القضايا بصورة مسلية وايجابيّة أستغرب كلامها كان الأجدر أن تحدّد أين تكمن التسلية فقط وإن كانت ترى ذلك كان الأجدر بها كتابة قصص للأفلام كرتون لأنّها مسلية أكثر من غيرها

*من هي الروائيّة؟ لاأرى حرجا في ذكر اسمها فلم تقل إلا رأيها

تحيّتي لك

فاطمة العرجان
05-01-2009, 05:16 PM
رغم مكانتها الأدبية والتي جعلتها تلقي محاضرة كتلك التي حضرتِها ياحنين
إلا أنه ومن الواضح بأن قراءاتها سطحية تفتقر إلى العمق وهي التي سوغت
لها الحكم على الرواية بأنها للتسلية ..
في اعتقادي تلك النظرة ينظر بها الكثير من كتاب الروايات وإلا لما افتقرت أغلب
روايات الكتاب الجدد للروح والمعنى والهدف , واتجاه أغلبها للهذر والإثارة لاغير .

..

هذا حضوري الأول في هذا القسم
وسعيدة لأنه برعاية حنين عمر

شكراً لك
http://www.mnab3.com/vb/images/smilies/rose.gif

إبراهيم الشتوي
05-01-2009, 11:43 PM
وما الرواية إلا نتاج حراك سيكولوجي فسيولوجي تنبع من المجتمع وتحرك فيه وتعود له ..

صدى للذات ، ومعالجة مشاكلة وتقربا لرؤاه ..

فشكرا لك ِ ولحضورك ِ المشرق المغدق ..

دمت ِ بسمو ورقي ..

تقديري .

هند الفهيد
05-02-2009, 03:56 PM
/




لم تكن الكتابة غالباً سوى نتاج تجارب / معاناة / وقراءات
تمخـّضت أخرى في روح القارئ فأُنتـِجت بقالبٍ جديد يـُعنى بطرح مشكلة مـّا أو إثبات وجهة نظر ..
لم تكن يوماً تسلية إلاّ لمن أرادها كذلك واقتنع قبل أن يبدأ بكتابتها / قراءتها على أنه يتسلّى فقط
وأغلق جميع منافذه الأخرى المفيدة ..


حنين
مضيئة ..

دعواتي ورد

/

محمد القواسمي
05-03-2009, 03:05 AM
أهلاً حنينْ ،

وأهلاً بكلّ من أدلى بدلوهِ هنـا ،

لن أقولَ رأيي بالأكاديمية التي نسجت لكِ ( رأياً ) يخصّها وحدها

فهو رأي لا اكثر ، أما الوصف أنها أكاديمية ، عالمة ، مختصة فما تزيد عن ان كلامها رأي فقط !!


الأدب وكما قيل ، للتسلية !
نعم أرى في الأدب الكثير من التسلية ، للقارئ
هنـا يكون الواقع مضرجاً بالحقيقة ، ان القارئ يتسلّى أثناء القراءة
وان كانَ الادب يترك لديه بعض التساؤل أو يعطيه بعض الاجوبة
المهم أنه ما التقط الكتاب ( الأدبي ) الا للتسلية أو إضاعة الوقت !

من جهة الكتّاب والأدباء ، الكتابة روح ما ، تطارد أقلامهم أينما وضعت
وهي وان ادّعى البعض أنه يكتب للمجتمع وللامة ، فهو ( مع تقديري ) كاذبْ ،

الكاتب يكتب حيث يحتاج هو للكتابه
يكتب تجربةً ما ، او رأياً ما ، أو يدافع عن قضية ما ، تخصّه هو مباشرةً
أو قد تكون أثارت لديه المشاعر ،
وان كانت كثيرة من الروايات او الأدبيات باختلاف تقسيماتها ، تصلح للاسقاط على المجتمع او السياسة أو غيرهما
مثلاً ، في ورايات الرائع كنفاني ، يحكي قصّة ربما تكون واقعية فقط ، واسقطت على الرأي السياسي والفكري للكاتب الشيوعي نفسه ، وكذلك الروايات العصرية التي تطرقت لأمور ( غريبة ) على مجتمعاتنا ، مثل الروايات الجنسية الأخيرة !!! اذ فسرها النقاد انه هروب من خنق للشعب ، او دعوة للانحلال !!

خلاصة ما أود قوله ،
الكاتب ، يكتب لذاته ولمشاعره
القارئ ، اكثرهم يقرأ للتسلية

والأصل
النقد ، هو الأساس في جعلِ الأدب وسيلة إصلاح مجتمعية أو سياسية أو فكرية
وهو الذي يضع الأحداث والشخوص في رواية ما ، بشكل اشخاص أو مجتمعات او حتى سياسات محددة ،



وهو ( رأي ) يخصّني وحدي ، فلا ضيرَ أن يكونَ طرحاً أحمقاً ، كما طرحتْ الأكاديمية من قبلْ /


شكراً للطرحْ

حنين عمر
05-08-2009, 03:48 PM
الاستاذ سالم

شكرا جزيلا على مرورك
وعلى اثراءك لهذا لموضوع من خلال سرد تجربة حضرتك مع رواية الساذج ، فالروايات التي نقرأ فكرها تؤثر بشكل أو بآخر على تفكيرنا، هذا معناه أن الروايات تغييرنا أليس كذلك ؟
لكن المسرحيات الهزلية لا تفعل ذلك باعتقادي...

شكرااا

حنين عمر
05-08-2009, 03:51 PM
الاستاذ أحمد

فعلا : لا يوجد ادب للتسلية...حتى التهريج له رسالة

شكرا جزيلا على المرور هنا

لك تقديري

حنين عمر
05-08-2009, 03:55 PM
الاستاذ حمد

ما اثار دهشتي هو تعميم نظرية المحاضرة على كل الروايات في التاريخ حسب رأيها...من أبوليوس إلى باولو كويليو
وهذا غير منطقي على الاطلاق...

لكنها لو خصصت الامر و حددته في اطار التفاهات التي تكتب احيانا لوافقتها
لأنه فعلا يوجد حاليا ادب لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به...


شكرا جزيلا على المرور

حنين عمر
05-10-2009, 12:07 PM
استاذ عبد العزيز

شكرا جزيلا على اثراء الطرح بملاحظتك القيمة

بالنسبة لسؤالك : فهي ليست روائية إنما دكتورة في الأدب العربي ألقت محاضرة في أحد النوادي الثقافية

كل تقديري لحضرتك

حنين عمر
05-10-2009, 12:09 PM
فاطمة

أؤيدك في كل كلمة قلتها وأشد على يديك طويلا

شكرا يا صديقتي لأنك مررت و جعلتني أسعد بكوني أفتتح قائمة زياراتك

ولتعلمي أنني أيضا سعيدة برعايتك لأول طرح لي هنا في هذا القسم

تقبلي محبتي يا صديقتي

حنين عمر
05-10-2009, 12:12 PM
استاذ ابراهيم

أوافق تماما على جملتك : وما الرواية إلا نتاج حراك سيكولوجي فسيولوجي تنبع من المجتمع وتحرك فيه وتعود له ..

و أشكرك جزيلا لأنك مررت بها هنا بكل هذا العمق

تقديري

حنين عمر
05-13-2009, 11:53 AM
/




لم تكن الكتابة غالباً سوى نتاج تجارب / معاناة / وقراءات
تمخـّضت أخرى في روح القارئ فأُنتـِجت بقالبٍ جديد يـُعنى بطرح مشكلة مـّا أو إثبات وجهة نظر ..
لم تكن يوماً تسلية إلاّ لمن أرادها كذلك واقتنع قبل أن يبدأ بكتابتها / قراءتها على أنه يتسلّى فقط
وأغلق جميع منافذه الأخرى المفيدة ..


حنين
مضيئة ..

دعواتي ورد

/

أماسي

نعم يا صديقتي : لم تكن هكذا إلا لمن أرادها هكذا
فالمعاني اختراعات الإرادة

دمت يا صديقتي نورا

محبتي

حنين عمر
05-16-2009, 08:13 PM
أهلا استاذ محمد القواسمي

اشكرك اولا على مرورك الجميل وطرحك الذي بودي مناقشة بعض النقاط فيه :

تقول حضرتك : /// الأدب وكما قيل ، للتسلية !
نعم أرى في الأدب الكثير من التسلية ، للقارئ
هنـا يكون الواقع مضرجاً بالحقيقة ، ان القارئ يتسلّى أثناء القراءة
وان كانَ الادب يترك لديه بعض التساؤل أو يعطيه بعض الاجوبة
المهم أنه ما التقط الكتاب ( الأدبي ) الا للتسلية أو إضاعة الوقت ! ///

هنا أتساءل.... ماذام الأدب للتسلية، فلماذا اجد أن الانسان ما هو إلا نتاج لقراءاته الأدبية التي تشكل فكره ، و إن كان للتسلية ... فما الفائدة من شهادات كلية الآداب ؟؟؟ مادامت اشبه بشهادات كليات التهريج ؟؟؟


ثانيا تقول حضرتك
///// من جهة الكتّاب والأدباء ، الكتابة روح ما ، تطارد أقلامهم أينما وضعت
وهي وان ادّعى البعض أنه يكتب للمجتمع وللامة ، فهو ( مع تقديري ) كاذبْ ،////


أعتقد هنا أنه ليس من العدل ان تطلق حكما مطلقا من زاوية تجربة حضرتك، هناك اناس قتلهم فكرهم وأدبهم وكانوا شهداء الكلمة...
كما انه من يكتب لنفسه فلا حاجة له بالنشر ولا بالقراء ولا بمنتديات الانترنت ، اليس كذلك ؟؟؟

وتقول حضرتك :

/// خلاصة ما أود قوله ،
الكاتب ، يكتب لذاته ولمشاعره
القارئ ، اكثرهم يقرأ للتسلية ///

هنا أقول لحضرتك : الكاتب منتج والقاريء مستهلك...الكاتب ينتج فكرا والقاريء يستهلك فكرا و لابد من وجود علاقة تأثير وتأثر بينهما مهما كان المنتج .

وتقول حضرتك :
////
والأصل
النقد ، هو الأساس في جعلِ الأدب وسيلة إصلاح مجتمعية أو سياسية أو فكرية
وهو الذي يضع الأحداث والشخوص في رواية ما ، بشكل اشخاص أو مجتمعات او حتى سياسات محددة ، /////

وأقول أنها ليست مهمة النقد أبدا ، النقد لا يخلق فكرا، النقد يوجهه ، النقد منظم لانتاج الأدب ، لكن المنتج الحقيقي للفكر هو الأدب

وهو رأيي على كل حال يا استاذ
سعدت جدا بمرورك ورأيك الكريم هنا

تقديري

د.داليا أصلان
05-16-2009, 10:08 PM
حينما أشرع في كتابة فحوى قصصي أو روائي جديد ، ما يحدث أولا هو أنه يفاجئني ، أي أنها حالة تمر بي أو حدث ، أو قضية تشغلني من زاوية غير مطروقة ، أفكر فيها وأفكر وأفكر ثم تنفجر حاجتي للانطلاق على الورق بقصة أحاول عبرها نقل حالة وجدانية عقلية أعانيها ، و يتصادف أنها حالة اجتماعية أو بيئية أو سياسية أو كل هذه العوامل مجتمعة .. وما أن يشرف هذا العمل على نهايته حتى أعيد قراءته مجددا لمرات ومرات حتى أكتشف الغاية مما كتبته بعدما غادرتني مرحلة الجوع ووصلت للإشباع الأولي مما فعلته .. من ثم أبلور الفكرة النهائية المعلنة أو الخفية في فقرة أخيرة .. هي بمثابة السهم الأصوب أسدده لمخبأي القاريء .


لكن بين كل الاحتمالات والنهايات والغايات التي فكرت فيها (أو اعترتني عنوة) كخاتمة ، وهدف تتويج لقصصي ، لم تكن التسلية واحدة منها .. لم يخطر ببالي يوما أن أكتب لأسلي أحدا ، أو حتى لأصبح "على مزاجه" ، وإن كان هدفي الشخصي من الكتابة هو خليط من تواصل وطلب للنقاش وتنفيس وتحريك للعقل والنفس ، وإطلاع الآخر على ما أظنه قد خفي عنه ، والاستزادة من منهل إنساني جد عميق كثيف معبر ومجهول ونقله على الورق ، فإن الحياة الروائية في نظري منهج يستحق التدبر والدراسة لا التسلية ، وبالقطع من طلب التسلية لن يشتري رواية لأديب له روح حساسة وعقل راجح ..


الرواية أداة لتلقين المجتمع دروسا جماعية ، ولتبليغ رسالات دفينة ، ولخلق نهضات تحت الثرى ، من الأمثلة التاريخية الأدبية التي عشقتها طوال فترة دراستي وحتى الآن "عبد الله النديم" ، كان مدمنا للقراءة والكتابة والنقد الساخر (الهادف) حتى نعتوه بـ"الأدباتي" أو المهرج على حد وصفك .. لكن تهريجه كان منظما مغرضا صاحب مبدأ وهدف جميل .. مات في المنفى ودفن به (ولم ينقل رفاته إلى مصر للآن) لأنه تمسك بحقه في الكتابة والتعبير عن مطالب المصري البسيط ، للآن أترحم على النديم قبل الزعيم عُرابي .. وربما ترحمتُ عليه ولم أفعل مع عرابي ، رغم أن الأخير قد تمجد في الكتب المدرسية باعتباره صاحب ثورة غَرَّاء وحمل في شخصيته الكثير من الشجاعة ، إنما .. يبقى النديم في نظري هو أديب الثورة ، محمس الجند بكتاباته الرائعة السلسة وشخصيته العميقة الصبورة ، هو قلب الثورة وروحها ، نارها وحطبها ، وأما البقية فَهُم ألقاب وقيادات وأوامر جوفاء والخ الخ ..


وخلف سعد زغلول كانا "محمد عبده" و "أحمد شوقي" ، الأول شيخ دين وأدب وفلسفة ولغات وعلم نفس وصاحب نهضة فكرية عنيفة في تاريخ مصر المعاصر ، رغم أنه لم يصطدم كثيرا برؤساء الدولة أو المملكة القديمة فهدفه الأول كان محاربة الجهل والفقر والاضطهاد الممارس ضد "الغلابة" بغير عصبية فاكتسب تأييدهم ، واما الثاني فكان شاعرا عملاقا عالما باللغة وسياسيا شديد الرأي في وجه منازعيه وإن كانوا أعلى منه سلطة .. كتب في الدين والتاريخ والسياسة والرومانسية ،وكان له صدى واسع المفعول بين طبقات المثقفين وأصحاب الكلمة النافذة في الدولة ..


الأدب العالمي في أوروبا وأمريكا وآسيا منذ القرن السابع عشر لم يكن خاوي المعنى ابدا أو خالي الهدف ، وللآن هناك قصص وروايات أبطالها عميان أو مجرمين او إرهابيين أو يتامى أو أو .. أثروا في قرارات دولية عالمية شهيرة بفرض قوانين تحميهم أو تمنحهم فرص التعبير عن ذواتهم ، أو على الأقل كانوا نماذج دراسة اجتماعية شديدة البساطة و الذكاء مؤثرة في القاريء العادي و غير العادي على حد سواء ، وكم من نص قصصي أثار ضجة إعلامية في قارَّتِهِ لأنه يناقش قضية حيوية هامة ، بأسلوب خطير ..


ولا أعني بتعقيبي إطلاقا تلك الترهات التي تصادفني من وقت لآخر ، علة أصحابها أنها هلوسات وهذيان وحديث نفس ضائعة والخ من تلك المصطلحات التي يستهوي البعض وصف كتاباتهم بها ، حينها أغلق الكتاب لأقول : عفوا ان لم تحترم عقلي منذ الصفحات الأولى ، فلستُ مجبرة على قراءة هلوساتك .


أعتذر عن طول مشاركتي حنين .. اعتذر بشدة .. ولكن المقال أضاء بداخلي خريطة كبيرة معقدة ممتعة وعميقة .. تدعى الكتابة الروائية.

نور الفيصل
05-17-2009, 09:00 AM
قرأت ذات صدفة
[ أن تقرأ .. هو أن تعيش حيوات أخرى ]
وكنت وسأبقى مؤمنة بهذه المقولة لأنها تختزل العديد جداُ من معطيات
فمن خلال الرواية نقرأ تاريخ الأمم
ومن خلالها تصبح أفكار وخبرات العالم في متناول يدنا وتحت عدسة فحصنا

شكرا حنين لهذا الطرح الواعي
تبقى القراءة لمن يعرفها ويتورط بها ولمن لا يعرفها هي المنهل الأعم الأشمل الأوثق لكي نعرف وندرك ونفهم