المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هناكَ مَن يقُولُ لا حَاجَةَ للأصدقاء


فهد الطيّار
05-26-2009, 01:30 AM
يا صديقي، سأقولُ لكَ أمرًا. لا لا، سأقولُ أمورًا. لا لا لا سأقولُ أمورَ كثيرة، كثيرة جدًّا. لذا اترُك كلَّ ما يُشغِلُك، ودع عنكَ نفسَك، دع عنكَ كلَّ شيء.
استمع إليّ، ولا تنِ في إظهارِ الاهتمامِ بي، اجعلني أراكَ مثلَ أذنٍ كاملةٍ كبيرة، أو تأثّر بما أقول، اجعل وجهَكَ يتمعّرُ عند انعطافي لأمرٍ يُؤلِمُني. سأبدأ حديثي بسِر، انتبه لذلكَ جيّدًا، ولا تخبر به أحدًا. إن قلبي بابٌ سهلُ الفتح، الجميع يستطيعُ الدخولَ إليه دونَ عناء، لن يكلّفكَ الأمرُ إمساكَ يدِه وفتحِه، لن يكلّفكَ الأمرُ سحبه إليك لتدخل، بل سيُفتَحَ دفعًا، هكذا مِن تلقاءِ نفسِه، وبذلكَ أيضًا يظهَرُ للجميع ما بداخله بكل سهُولة، حتى أنَّ مَن يُريدُ اختلاسَ النّظر بإمكانه أن يفعلَ ذلك دونَ أيَّمَا عناء. هل قلتُ أن قلبي بابٌ سهلُ الفتح؟ آه. نعم. صحيح قد قلتُ ذلك. هل تعلم أنه أيضًا لا قُفلَ له. نعم هكذا هُوْ، بابٌ صُنِعَ كي لا يُقفَل، الجميعُ مُرحَّبٌ بهم، حتى أن في صدره نافذةُ زجاج، أصفى منَ الماءِ الرّاكِدِ، كلُّ إنسانٍ يستطيعُ الرؤيَةَ من خلالِها، ولا حاجةَ لاستئذان، فهو بالفعل ليسَ له قفلٌ، والسّجادةُ عندَ أسفَلِه تقولُ للجميع: welcome. أي لا حاجةَ للتردد في الدخول.
أوه يا صديقي ثرثرتُ كثيرًا، لا عليكَ ليسَ لكَ اليومُ عملًا غير أن تُمثِّلَ لي كلَّ مشاعِرٍ أطالبُ بها منك.
دعنا نُجرّب قبل البَدْء: أنا أتألّم ...
ممم جميل.
إنّي أبتهِج ...
أوه أنتَ بارعٌ جدًّا.
أَوَتكونُ أبًا؟ أو مُربٍ في حضانة؟ ولكن المربّين في الحضانة ليسُوا ذُكُورًا، هم فقط إناث. أوه! وجدتُ تشبيهًا أفضل، رُبَمَا تكونُ القسّيسَ الذي تعترفُ له الناسُ عن خطاياها التي ارتكبتها. أجدُ ذلكَ مناسبًا حدًّا ما. ما رأيُكَ أنت؟
لا لا لا. تذكّر. لا نُطْقَ يُمكِنُكَ ارتِكَابُه. عبّر فقط بوجهِك. أو أَوْمِئ برأسِك.
عمومًا لا يُهِم، فأنا قررتُ تشبيهَكَ كيفَ يحلُو لي.
حسنًا.
الليلة. قمتُ بخرقِ مبدأٍ لدي. أعلمُ أنكَ تتعجَّبُ أن صنعتُ ذلك. لا بأس. فالمبادئ لم تُخلَق إلّا للخرق. أَوَليس؟ لا لا صحيح، لستُ بحاجةٍ إلى أخذِ شيءٍ منك.
وإنّي أعُودُ إلى تذكيرك، فكُن كالوعاء، وإيّاكَ أن تنضَحَ امتلاءً، كُن ذا قَعرٍ عميق. كما إنّي أحبُّ الأوانيَ المُزخرفةَ بأشكالٍ وألوانٍ مُختلفةٍ لورود، وَلْنَقُل وردةٌ بنفسجيّة، ثم يُغطّي جزءًا بسيطًا منها وردةٌ صفراءُ، ثمَّ وردةٌ زرقاءُ، يغطّي جزءًا منها وردةٌ حمراءُ، ووردةٌ زهريَّةٌ، يغطّي جزءًا منها وردةٌ بيضاءُ، هكذا تصبحُ إناءَ وَرْد، ليسَ لكَ لونٌ ما أسفلَ الوُرُود، إنما تكونُ ضَرْبًا كاملًا من ألوانٍ مختلفة. زاهية.
دعني أرى ...
هل يمكنُ أن تتمثَّلَ شكلَ هذا الإناء.
أوه! لا يمكنُ أن تصلَ لهذا الجمال. نعم. فجمالي لا يُمكنُ أن يُضاهَى.
هل تشعُرُ بالإهانةِ يا صديقي؟
لا عليك. فهذا من ضمنِ الأمورِ الكثيرةِ التي كنتُ أخبرتُكَ بادئَ الحديث أنني سأقولُها.
فعليكَ بالصّبر. ثمَّ إنني سَبَقَ وقلتُ لكَ دع عنكَ نفسَك.
يا صديقي، إنَّ الأقدارَ التي تُسعِدُني ...، لمَ أشعُرُ أنها تُخطِئُني؟ مرارًا وتكرارًا؟
ثمَّ إني أتسائلُ عن قولِ محمود درويش: لا نصيحَةَ في الحُب، إنّما التجرُبة.
هل هذا يعني أن الاستشارةَ في الحب أمرٌ غيرُ صواب؟
أوَتعلم. الحديثُ في الحُب مُرهِقٌ تمامًا. مثلَما تُرهِقُنا أنوفُنَا حالَ الزُّكام، فهي لا تكُفُّ عن إجبارِنَا استِخْدامَ المحارم.

سعد الصبحي
05-26-2009, 04:56 AM
أخي فهد ...

تنساب حروفك كما قطعه حرير او جدول ماء رقيق ...

رائع جدا يافهد ...

تحاياي ...

دانا البراهيم
05-26-2009, 01:20 PM
نحتاجُهم كثيراً حينَ نكونُ في غُمرةِ احتراقِ الأشياء التي لا تعني شيئاً لنا ولا تشكّل أيّ عثرة،
حينَ نعلمُ جيداً بأنه لا يهمّ إن صلُحَ حالها أو عطبت لِ آخرِ الدهر؛
واعني الأشياء اللتي لا تعني شيئاً ../!

شخوصٌ نحتاجهم لِ تفاصيلنا الغبية والتافهة، نحتاجهم كلما اصبحنا أقلُّ عقلاً،
وأكبرُ طفولة من مامضى في عشراتنا الأولى؛
نحتاجهم في حالاتِ الفرح الغير مبرّرِ، والوجَعِ الغير مفهوم،
يصبحون كَ مفعولِ السجائر في نهارِ رمضان، ملحّونَ جداً، بعيدون بُعدَ السماء ../!

هكذا هيَ الأشياء الضروريّة،
تأتي ملحّة جداً في أتعسِ الأوقاتِ احتمالاً وسِعة؛
العباقرةُ وحدهم من يتواجدون في كلا الطرفين ، وفي آنٍ واحدٍ طبعا،
دونما خسائرٌ تُذكر عِند الإله ../!


فهد،
قرأتُكَ وتراً؛
وردة بيضاء، وكوباً من القهوة.. السوداءُ ربما ../!


-][-

وجدان الأحمد
05-26-2009, 03:38 PM
فهد الطيّار :


ربّما لا حاجة لنا بهم ..

ولكن بـ إستطاعتنا خلق الصداقة من الأرواح الأخرى التي تسكننا ..


جميل ما كتبته أخي الفاضل ..


لاعدمنا قلبك ..


http://www.shathaaya.com/vb/images/smilies/i.gif

عائشه المعمري
05-27-2009, 01:21 PM
فهد الطيار .

أهلا بك من جديد .


/


ولن أتكلم عن الأصدقاء ، أو موقفي منهم ،
أنا فاشلة حتى في الصداقة ـ
ولذلك لا أفهم فيما يتعلق بـ ماهيتها
فـ دعنا منها الآن

ما أود أن أختصره ،
أنا أسلوبك في الكتابة ، مختلف ،
يشير لـ فهد الطيار وحده .

مدهش

فهد الطيّار
05-31-2009, 06:31 PM
سعد الحربي


إنَّمَا أنتَ يا أخي
وشُكرًا لكَ إذ أنتَ أنتْ

فهد الطيّار
05-31-2009, 06:49 PM
دانا البراهيم


إذًا هُمُ الغيْمُ المُجدِبُ حالَ ظَمَئَِنَا
أوِ الأرضُ الطريَّةُ حالَ ضعفِ أقدامِنَا.

هُمُ البيرُ الذي يَجِفُّ حينَ نَرمي الدَّلْوَ في جَوْفِه.


إنَّ مَن تتحَدَّثينَ عَنْه؛
هو الآخرُ
هذا الذي يجيءُ دُونَ أيِّ مَوْعِدٍ مُسبَق.

نحنُ مَعَه، نحن لِوَحْدِنَا.

ونكَادُ إذا نَظَرْنَا إلى المرآةِ نراهُ فينا
كأنَّنَا خُلِقْنَا ولدينا من القُدرَةِ أن نَنْغَمِسَ في كلِّ شيء.

وَ وردةٌ أكثرُ بَيَاضًا
أمّا القهوةُ السَّوْداء، فلستُ أفضِّلُها


شُكرًا يَا دانا، شُكرًا جزيلًا

فهد الطيّار
05-31-2009, 06:57 PM
وجدان الأحمد


لِنَخْلُقَ الصّداقةَ مَعَ الأرواحِ التي تَسْكُنُنَا
يَجِبُ أن نَتَصَالَحَ وأنفُسُنا.

عندهَا يَعُمُّ السّلام؛
ويُصبِحُ الاحْتِيَاج ظَرْفًا طارئًا
ظِلُّهُ قصير.


شُكرًا لكِ يا وجدان جزيلًا
ولا عدمنا وجُودك وُجُودك

فهد الطيّار
05-31-2009, 07:04 PM
عائشة المعمري


وبكِ مرحبًا يا عائشة

كريمةٌ أنتِ يا أُختي
ولا يُبلَغُ حُسْنُ مَا مِنْك


شُكرًا جزيلًا يا عائشة

نهله محمد
06-04-2009, 08:01 AM
هذا النص يافهد حفظته في مفضلتي
لأني لم أعطه حقه...
مررت سريعاً ذات انشغال وعدت فارغة من كل شيء
حتى نفسي...
أولاً ,هذه الخاطرة لها منحى جذاب
يميل سردها إلى الخط الساخر , مما جعلها قريبة للنفس...
برغم بساطة المفردات إلا أن لها وقعاً في الصميم ...
مما يعني أن الكاتب هنا , قلم ليس بعادي إن فعل مافعله بوعي تام...
ثانياً :
فتحت الجرح بقلم...
الأصدقاء...
" هناك من يقول لا حاجة للأصدقاء "...
هذه, رددتها بصوت مسموع,
حتى وصلت لعمق اليقين بأننا نحتاج منهم ثُلةٌ
لديها القدرة على الامتثال أمامنا عارية من زركشات النفاق ...
عدا ذلك ,فنحن فعلا لسنا بحاجة للحرابي..


فهد...
كنتَ مختلفاً بجاذبية النص , عميق الفكرة...
سعدت جداً بمصافحتك...
سجل في أذنيك تصفيقة إعجاب..

جــوى
06-15-2009, 09:29 PM
أعترف أني كنت بحاجة لنص كالذي
أينعته من كفيك يا ( فهد ) مشابه لجهة يمنى في عيني
خضراء في لغتها ومستقلة في اختلافها
وخصائص أريحيتها و ألقها .
بارع و جميل
شكراً تتبعها شكراً

زَينَبْ الخُضَيــري
06-16-2009, 12:25 AM
تطايرت فراشات فكري لتنشطر الى مجموعتان

الأولى توافق بأن لا حاجة لنا بالأصدقاء

أما الثانية فهي تستجدي وجود الأصدقاء

فراشة خرجت من إحدى المجوعتين لتصرخ في وجهي قائلة

لماذا نحن نصف الحياة بلونين أسود وأبيض هناك ألوان الطيف السبعة

لا تكوني محدودة بوجود الأصدقاء أوعدمة , دائمــا هناك متسع في الحياة.

وغادرت فراشتي المتمرة حقل فكري وهي غاضبة.

فهـــــــد ... نصُكَ استحثّ مدى فكــري .

نسيم عبدالله
06-17-2009, 04:14 PM
أين الأصدقاء حتى نقرر مدى الإحتياج السافر في نفوسنا ناحية قرين .. ؟
الغريب أننا نرتبط بكل شيء ..
لكن لايوجد خيط أو حبل أو حتى سلك معدني صديء ..

تحتاج بشر لايبكون لانه ليس لك طاقة في تجفيف آالام الآخرون
لأن جرحك ينزف ..
لا تريد بشر كذابين يجعلونك تركض في كلماتهم بحثاً عن مرآة لا تشبهك ..
أحيانا تفضلهم قليلي الكلام لأن الصراخ يؤلم معدتك ..
نزواتهم تثير فيك حُمى الرغبة والفضيلة الأرستقراطية التي تحصرك
في نظارة منظر يجيد تقديم النصائح ولايترك فسحة للمرح ..
كثيرة هي الأشياء التي نريدها ولكن البرتكول الذاتي
يجعلنا نقف بوجوم لا نبكي ولا ننفعل
ولا نخلع أحذيتنا لنركض معهم ..

وقبل أن أضع السؤال أعلاه ..
لاحت في قلبي وجوه وتذكرت الأصدقاء .. ،


ثرثرتك يافهد حملتنا وزر كثير من الثرثرة ،
دم جميلاً .. وكفى ،