رماد غدي ...

[سعد الصبحي]

لازالت أحلامي ممنوعة من السفر الى الغد ...

مربوطة بجانب بئر عذب ...

لاتستطيع الوصول اليه ..

مكتفية بالنظر الى قطيع من السعادة يدنٌس ماؤه بفرح ..

أقترب منه فيولي هاربا ...

فلا يترك لي سوى ماء مدنٌس ورماد أفراحهم ..

[سعد الصبحي]

يفك وثاقي سنونو عابر الى كردستان ...

جاء به صوت غناء شجي من راعية تمسك بعظام أغنامها لتصنع نايا ...

فتغني ...

[سعد الصبحي]

يرمي السنونو شبح الوحدة في البئر ...

فتزداد حاجتي للماء ..

ولا أشرب ...

[سعد الصبحي]

يلغي فكرة هجرته ويتبعني ك ظلي ...

يلبس ثوب الوطنية ..

ونتووووه ...

[سعد الصبحي]

وعلى بوابة بلدتنا رجل مصلوب ...

يداه مرفوعتان للسماء ...

عيناه بلا دمعتان ...

وترفرف فوقه اسراب من احلامه ...

لتظلله قبل وفاتها ..

[سعد الصبحي]

أدخل أسوار قصور الغد ...

وأجهل مابداخلها ...

فهناك أطفال يبتسمون وهناك مقابر بلا أسماء اصحابها ...

[سعد الصبحي]

أعبر جسر أمسي الآيل للسقوط بصعوبة و وجل ...

فهناك جيوش بؤس من تحتي تسن رماحها متحفزة ...

أتمايل ... اترنح ..

لكني أعبر لأغني بخجل ..

[سعد الصبحي]

أصل الى يومي أنيقا منتشيا ..

يصفق لي سنونو لازال يتبعني مذ ان حرمني الماء ...

لكنه يختبيء بعدما شاهد صقرا يغازل حمامة الأمس السوداء ...

فتصده ويعود ويعود ليعيدها الى أسراب البؤس ..

بعد أن هربت ..

[سعد الصبحي]

أعدل هندامي جيدا ...

ازيل غبار الحزن من عيني السنونو ...

وأطرق باب الغد بترقب ...

[سعد الصبحي]

لا مجيب ...




أطرق مرة اخرى ..

أصرخ وأنادي ..

ويغني السنونو :

يابلادي ..

يابلادي ..

افتحي الابواب هيا ..

أنقذي تعب الايادي ..

لاترديني الى أمسي التعيس ..

لاترديني الى حضن المرافيء..



يابلادي ...

[سعد الصبحي]

تفتح جنية الامل الباب قليلا فأستعد للدخول ...

لكني أسمع صوت هروبها تاركة الباب شبه مغلق ...

أُدخل قدما فيطبق الحارس عليها بقوة ليمنعني ...

وأغني ...

أدفعه بقوة ويدفعني ...
يدفعني وأدفعه بقوة ...


يهب لمساعدته جيش من غرباء ...

فأخرج ...

بلا قدمي ...

[سعد الصبحي]

أنام متوسدا تعب الاماني ...

وأحلم بما وراء الباب المجهول ..

مرة أراه غرابا وغبارا فلا أرى شيئا ...

مرة أراني أجدل شعر فتاة غجرية ...


آخرها شاهدت عينا أمي ...

فابتسمت ...

[سعد الصبحي]

قبل ان انفض احلامي ...

افقت وقد تبدل وجه من يتبعني ...

من سنونو وديع ...

الى غراب لايلبس السواد كاملا ..

فهناك اجزاء منه بيضاء اللون ...

[سعد الصبحي]

أصبحت انا من يتبعه في كل شيء ...

لا أعلم لماذا ...

[سعد الصبحي]

يرمي لي احدهم سيجارة من تحت باب الغد ...

علٌي أنساه ...

لكنه لايوجد نار لأشعلها ...

فليس هناك سوى رماد ...

[سعد الصبحي]

ينفخ الغراب اللعين ...

هذا الرماد في عيني ...

فلا أرى شيئا ...


حسنا ...

ليس لي سوى الحلم ...

[سعد الصبحي]

تدنو مني شجرة توت لتداري الشمس ...

تطبٌبني وتقنعني بالانسحاب ...

تغريني براحة الهزيمة ...

بدلا من كفاح لن يستمر وينتهي بها ...

انظر الى الغراب وأهم بالقبول ...

لكنه يأمرني بالمقاومة ...

واتسائل بغضب ...

أتريد تعذيبي أيها اللعين؟؟

[سعد الصبحي]

تمد يدها مصافحة ...

تدس جمرة من وطن ...

فأرى منفى من سراب ...

[سعد الصبحي]

تسقيني نخب النسيان ...

سويعات فقط ..

اصحو فأذا بالامس ينام بجانبي ...

[سعد الصبحي]

تعيد على مسامعي نشيد الامل ...

كي لا أنساه ..

أجدني...
اردد موالاً حفظته من بحار لم يصطد شيئا مذ عرفته ...

[سعد الصبحي]

الغراب الابيض الرأس زارني يوماً...

وترك جواري ...

خريطة طريق للتحايل على أحلام اليقظة ...

[سعد الصبحي]

في كل مرة أرجع إليهم ...

أعود بحقيبة أمل خالية ...

[سعد الصبحي]

يبذرون الوهم في داخلنا ...

لتنمو حدائق من خيبة ...

[سعد الصبحي]

سأدق طبول الامل ...

ليلتم جيش اليائسين حولي ...

ربما يعرف الحظ أنه ظالم ..

[سعد الصبحي]

الثوار الهاربون في الجبال ...

هم أكثر من يخاف خيانتها ...

[سعد الصبحي]

اتفاجأ بأن ينسل الصبر بين أصابعي ك الماء ...

أبحث عن جدول أطفيء جمر يأسي ...

فأذا الجدول يهرب نحو نهر أكبر ...

[سعد الصبحي]

بعدما رمدت عيناي حنينا ....

هطل مطر الذكرى ...

ليغسلها بالدموع ....

[سعد الصبحي]

والهاربون إلى الليل كثير ..

لكنني المُتعب ...

والساهرون في بلدتي كثير ...

لكنني من شاغبته السعادة ...

وقالت سأذهب ...

[سعد الصبحي]

بعد أن غسلت بدراً أصوات الصلوات ...
انفض الساهرون سواي ...
عدت لأغسل روحي في عيني أمي ...

[سعد الصبحي]

لاتلمني ..

ليس ذنبي انني لا أستطيع النفاق ...

بينما لاتُجيد غيره ....

[سعد الصبحي]

ليس ذنبي ...
ان الطيور لاتعرف وطنا ...
وان القطار تخطى بلدة الرجل النائم ...
وان بعض الازهار سامه ...
لاتلمني ...

[سعد الصبحي]

كلما اخترت مركبا لأبحر نحوك منتصرا ...
تغير الرياح وجهتها لتعود بي خائبا دون ايجادك ...

[سعد الصبحي]

يهزني طربا صوت عود شجي ...
يأخذني نحو مناطق لم اعرفها الا عندما تغازل أذني ريشة العجوز الحزين ...
أضع الهم على الساق ...
ارمي ايامي طعما للاسماك ...
أنادي البحر ليتركهم ويجلس بجانبي ...
لنبحر سويا مع اوتاره...

[سعد الصبحي]

السعادة هي ان يقوم قلبك بالقهقهة ...

لترتسم على شفتيك ابتسامه ...



قلبي لازال مكفهرا ...

[سعد الصبحي]

لا زلت انتظر ان يأتي موجك ليغمر جفاف اعشاب شواطئي ....
وان كان مالحا ... لابأس ...
فالاهم ان يتغير طعم الجفاف ...

[سعد الصبحي]

لازلت أرقب شبابيك القطار المار مسرعا امامي ...
لا استطيع التمييز ان كان هناك مقعد خال ..
سأقفز الى احد الابواب ...
لكن السائق البدين يزيد في سرعته ...
حتى فقدت الرؤية ...

[سعد الصبحي]

لازال البحث جارياً ....

عن وطن ...

[سعد الصبحي]

فتح الغد بابه قليلاً ...

لكني ....

لست شعاعاً حتى انسل بين الثقوب ...


اريد أن يفتح أكبر أبوابه لي ...

[سعد الصبحي]

دوماً يكللون طريقي نحوك بالحواجز الاسمنتية والموت ربما ...

بالمجتمع وبأبي ...

[سعد الصبحي]

الشبابيك المقفلة ...
والستائر المليئة بالغبار ...

متواطئة معهم ايضاً ....

[سعد الصبحي]

كثيراً ماانفض الغبار عن صدري ...
لأتفاجأ بجرح قديم يطل على استحياء ...
خجولاً ...

[سعد الصبحي]

لم يتراكم هذا الغبار الا خلال خوض حربي ...
مع الغد ...

اما الآن بعد بدأت تطفو بوادر صلح ...
سأعود لأجرب المفاتيح اللتي تملأ جيبي ...
ربما ...

[سعد الصبحي]

أزرع فيك الفرح ...

علٌي احصد البسمة ...

[سعد الصبحي]

الغيم يمنع رؤيتي لك ...
لكنك تظهر من خلف سترته من حين لآخر ...
وأغني ....

[سعد الصبحي]

انعكاس صورتك على نظارتي ...
ليس سراباً ...
لا ...
ليس سراباً ...

فالعين تفضح مابداخلها دائماً ...

[سعد الصبحي]

دائماً ماتشد على يدي ...
وأنا ألعب الشطرنج مع السنين القادمات فقط ....
أما الهاربات فلطالما هزمتني ...

[سعد الصبحي]

مذ صادفت الليل يتسلل بين القبور ...
حتى ارتديته معطفاً ...
لم ابدله منذ فرح ...

[سعد الصبحي]

لم أنبش من عينيك سوى بعض من ذكرى ...
لكن الدمع أغرقها ...

[سعد الصبحي]

لم أجرؤ على سؤالك عنك ...
لكن عينيك أجابت ...

[سعد الصبحي]

لم أبذر المنفى في صدرك ...
لكن الوطن هجرني ...

[سعد الصبحي]

لم أعزف موال ثورتك ...
لكن شعبي متمرد ...

[سعد الصبحي]

لم تدمع عيناي حين غادرتني ...
لكن قلبي ارتدى السواد حداداً..

[سعد الصبحي]

لم اخلع نظارة الأمس عن عيني ...
لأنك تظهر على زجاجها ...
فأراك ...
ولهذا دائماً ما ابتسم ...

[سعد الصبحي]

لم اكذب حين جاوبتك بأني لا أعلم ...
حين سألتني عني ...

[سعد الصبحي]

لم اشعر بالحواجز بيننا ...
وان اصطدمت بها ...
لأني لم انزل عيني عنك مذ رأيتك ...

[سعد الصبحي]

لم أعرفني حقاً قبلاً ...
لأني لم أكن أعرفك بعد ...

[سعد الصبحي]

لم الوٌح للعابرين نحوك بيدي ...
بل حذرتهم بأن لاتعودوا ...

[سعد الصبحي]

لم استطع مجاراتهم في الكلام ...
فالصمت عادتي ...
لذلك يملٌني صحبي احياناً ...

[سعد الصبحي]

لم اعد استطيع التحديق فيك ...
عيون المارة تأكلني بلا سبب ...

[سعد الصبحي]

الشمس تشرق من عينيك ...
سأتوضأ ...
وأقبل الشمس ...

[سعد الصبحي]

نفض السنونو المُتعب جناحيه ...
فتساقطت أحلامه ...
واحتفل النمل ...

[سعد الصبحي]

الحياة مقصلة ...
وأنت تلبس الرداء الأحمر ...
وحده القدر من بيده نجاتك ...

[سعد الصبحي]

الطيبون أشقيـــــــاء في الأرض .....!!؟؟

[سعد الصبحي]

القرية الغريبة النتنة ...
نُفيت إاليها ...
لأن آمالك فقط بحجمها ...

[سعد الصبحي]

كلما عبرت نحو الأمنيات ...
تخونني قدماي ...
وتعيدني إلى أمي ...

[سعد الصبحي]

كلما أغمضت عيني ...
كي أنسى دمعتها ...
نبتت وطناً في ذاكرتي ...

[سعد الصبحي]

احلم بالكوابيس لأضمن لك بأنها ستتحقق ...

[سعد الصبحي]

اتهامي بالعقل لم يزدني الا جنوناً ....!

[سعد الصبحي]

عندما تتوه بدراً في حقول الرماد ...
من لها ولي ...!

[سعد الصبحي]

من يكون الشهيد الخامس عشر ...!

من يقطع رأس أبو جهل ويهديه للضعفاء ...

[سعد الصبحي]

في وطن الطيبين
يزورنا الغرباء ليشربوا الشجاعة والصبر من أرواح الشهداء