المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مُذكرات باريس


مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:43 AM
.
.
.


اليوم الأول ..

كان الأمل واضح على محياها ..
والخوف كان مكتسي ملامحي ..


أتظاهر .. بأن كل شيء على ما يرام .. وكل شيء ليس على ما يرام

أمّاه
سأكون صريحه معك ِ
كنت في كل ليله باريسيه بارده مرت علينا .. أبكي



وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:44 AM
اليوم الثاني ..

مرهقه
تعبه
وقلقه

وكل ما اعرفه بأني أخاف من كل يومٍ جديد وما يخفيه لي




أمّاه
سأكون صريحه معك ِ
كنت أتألم من تألمك .. وأبتلع حزني لأتظاهر بأني بخير وأنا لست بخير



وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:45 AM
.
.
.



اليوم الثالث


أذكر في ذاك اليوم بأنها نادتني بصوت حنون وقالت [ حنان مشتهيه الريوق يكون بيضه مفيوحه وحده لي ]
فإبتسمت وهززت رأسي بنعم لأني كنت اعجز عن الكلام في تلك المدينه واعجز عن التعبير وكل ما أجيده هو رسم إبتسامة باهته على وجهي تدل على الرضى على كل شيء رغم أني لم أكن راضيه عن أي شيء




أمّاه
سأكون صريحه معكِ
في كل صباح كنت أقبّل يديك وقدميك وأنا متأكده بأنك ستتركيني


وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:46 AM
.
.
.


اليوم الرابع


كان موعدنا مع الدكتوره اليهوديه
اتصل المترجم .. قائلاً أنا في الطريق .. استعدوا للموعد ولا تنسوا كل ما يتعلق بفحوصاتها الطبيه


هممنا بالإفطار سريعاً .. واستعدينا
ركبنا مركبة المترجم وأخذ يحكي لنا عن تاريخ فرنسا والغزوات والمباني والجمال .. وانا أنظر من نافذة السياره أتسائل .. [ هل ستعلم ..؟ هل ستتأقلم مع الوضع ..؟ هل .... ]
صحيت من تساؤلاتي بسبب يدٍ دافئه إحتضنت يدي اليمنى .. قالت .. [ تصدقين ياحنان توني ادري ان فرنسا غير عن الصور ]
فكانت إجابتي [ أنتي اللي غير يا يمه ]




.
.
.


وصلنا [للقوستاف روسي] وأنا أحس بأن عظامي لا تتحمل الوقوف
اخذنا ساعتان بإنتظار فتح الملف

وبعدها تحليل الدم .. أخذ ساعه ونصف



حتى حان موعد دخولنا للدكتوره

كان الجو كئيب .. نظرت الدكتوره الى الملف ... التفتت اليها قائله بلغتها ارجعي الى الكويت فهم يصفون لك ِ علاج يلائم لحالتك ويناسبها

فهزت رأسها بـ [لا] .. طويلااااااا

قالت اخرجي .. لنأخذ عينات منك



التفتت الي ..قائله .. ضعي في بالك [ان حالتها متطوره جداً .. والمرض أكل الكثير منها]






أمّاه
سأكون صريحه معك ِ
كان لدي امل بأن السفر سيساعدك ِ على تخطي تلك المرحله .. ولو قليلاً .. ولكن بعد كلامها .. انعدم






وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:47 AM
.
.
.

الخامس السادس السابع الثامن العاشر


نفس الروتين

حتى حان موعدها الاول لاخذ جرعة الكيماوي
فإرتفعت درجة حرارتها وتأجل


بعد اسبوع الموعد الثاني ونفس الحال تأجل بسبب ارتفاع درجة الحراره

ثم أقروا لها ان تبيت في المستشفى ليحاولوا اصلاح الوضع بأقرب وقت فكلما تأجلت الجلسه استفحل المرض اكثر
أخذت اكثر من اسبوع بالمستشفى ..
لا احب ان اذكر تلك التفاصيل ولكن كلما اعرفه بأنها تعذبت مابين الألم والغربه والتفكير بإخوتي وفيني

نعم فهي تعلم بأني أموت في اليوم مليون مره لاجلها وخوفا ًعليها
فكان روتينها ..تحاليل فحوصات اشعه مسكنات ابر ..............

لا تأكل لا تمشي وذلك بسبب تعطل الكبد امتلئ جسمها بالمياه



أمّاه سأكون صريحه معكِ
ففي كل مره اسمع فيها صفارات الاجهزه المثبته عليك .. لا يطري علي سوى ذهابك


وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:48 AM
.
.
.


أمّاه
سأكون صريحه معك ِ

قلقه انا على نفسي من بعدك ِ .. وأحس إن بيني وبين الجنون شعره ..!
لم أستوعب ما حصل حتى الآن

ولكن
قلقه أنا على نفسي




وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:49 AM
.
.
.


أمّاه
دعيني أتحدث لكِ بصراحه


كنت أرى عيناك تتأملني .. كثيرا ً

وأنا أُحدث نفسي .. وأعاتب نفسي .. وأبكي على نفسي وعليك ..
كنت وحيده تلك الأيام
وتعيسه
كان صوتي عالي ولكن صوت صخب صمتك كان أعلى


أتعبتك معي قسما ً بالله اتعبتك معي
اعتذر لك
سامحيني

لآني كنت ضعيفه ضعيفه ضعيفه بقدر ما يظهر للملأ أني قويه



فقبل دخول الممرضات أبكي
وقبل ذهابهم أبكي



وقبل أن أضع لقمه في فمك أبكي.. وقبل كل قطرة ماء أنقطها في فمك أبكي
وقبل أن أدهن جسمك أبكي ..


وقبل أن أغيّر لك وأنظفك أبكي ..
وبعد إنتهائي من كل شيء أبكي ..



أتعبتك معي يا أماه

خصوصا ً عندما أنهار في آخر الليل .. لتقولي لي بصوت حزين

[ ما فيني شي يا حنان


حنان


مافيني شي يا حنان

انا طيبه ..! ]



فـ والله أموت ألف مره لحظتها وأحيا ..!



وأبكي

مشاعر تائهة
06-06-2009, 08:50 AM
(مسير الناس تتغيّر وربّي بيفْرْج الكربه ............وأكيد الحزن له آخر .. لآن العمر له آخر.. )

أرددّها على مسمع جروح ٍ شقّت القربه
وأحاول أغري أوجاعي تحمّل وضعي القاهر ..

زمن علّمني ما أبكي على اللي مرضي ٍ ربه
وعلى اللي مات وبوجهه رضى ربي بدى ظاهر ..

نعم آمنت إن الروح ولو عانت من الغربه
إذا كانت بحضن [الأم] بعزم الصبر بتجاهر ..

وأنا أمي تنفّسها صناعي والأمل سربه
بدى يتوارى عن عيني وأخاف إنه يجي باكر ..

أخاف أصحى وألاقيني خذيت امن القدر ضربه
ويسمّوني يتيمة أم .. وبلاها أكسر الخاطر ..

تضيق الدنيا في عيني وبال الحزن أخطر به
كلْما قلت [ يا يمه :.. لهم مستقبل ٍ باهر ..]

وانا ادري بدونك صعْب أكمّل ولا ّ أظهر به
وأكون الأم للسبعه .. بداله قلبك الطاهر ..!

بس


أنا والسبعه ابنبقى بحصار الهم والكربه
إلين الله يفرّجها ويصير إلـ هالكدر آخر ..

مشاعر تائهة
06-08-2009, 01:47 PM
.
.
.


أمّاه

أيقنت أن حزني على أي شيء .. قبل ذهابك لم يكن حزن حق ..!



وأبكي
,

مشاعر تائهة
06-14-2009, 11:57 AM
.
.
.


أمّاه

كنتي تعلمين مدى لوعتي وقهري على كل ما [ كان ] بسببه

وكنت أعرف مدى لوعتك وقهرك على كل ما كان بسبب الآخر ..!

مشاعر تائهة
10-25-2009, 07:43 AM
انه الفقد يا أحبائي
يأخذ الأشياء الجميله والقريبه وتبقى ذكراهم معلقه في مشاذب القلب

أمّاه
سأكون صريحه معكِ
إني ورب محمد متمزقه من بعدك لازلت اتخبط وجعا ً في كل مكان مريتِ به
ولا زلت أشم رائحتكِ
وألمس مكان نومكِ وأبكي
أبكي
أبكي



إلى أن أغفو بين أحضانك بالحلم!
إشتقتكِ كثيراً وربي

مشاعر تائهة
10-25-2009, 07:45 AM
.
.


الحياه من بعد فقدك ِ ليست حياه
بل مماتي يوحي لهم بأنني حيه
كثيراً ما أجد الكلمات متقزمه أمام عظمة ذكراك !


أماه
بالأمس طلبت مني أختي الصغيره بأن أضع على رأسها الحناء كما عودتيها
وعندما إنتهيت
وغسلت يدي .. تذكرت تماماً لونه في يديكِ !
ورائحته
وجماله ..
حيث كان لا يليق إلا بكِ والله



يا قلبي أنتي حنان تفتقدكِ بكل مافيها
أحبك

مشاعر تائهة
12-15-2009, 01:04 PM
إستباح الشوق صدري الذي إحتضن قلبي البارّ من لهيب القسوه كي لايذوب
وإكتسى وجهي بتجاعيد الحزن فهل من مغيث ؟
بدأت أطرافي بالإرتعاش .. وإغرورقت عيناي بالحنين
خارت قوى قدمين بلغا من الصبر وقوفاً عتياً
وتساقطت خصلات ليلي الأسود إحتجاجا ً على ما يحصل لي .. وماعدت أقوى فهل من مغيث ؟

بالأمس كان شعور الفقد هو السيّد
وكان صوت الألم مرتفع يصمُّ أذان الأبكم
حريرية ٌ أطرافي ولم تعد تتحمل ذاك الوجع الذي تعمّد صهري
بيلسانةُ صمتي ذبلت / وتينة أملي دُفنت
وما عدت أقوى فهل من مغيث ؟

ثلاثة عشريني / وميلادُ ثلاثين ثلاثه لـ الألفين وعشره هل سيكون ؟
هل سأكون حينها كما كنتُ في عين من حولي
تلك الطفله المدلله المتربعه في عرش القلوب ,عريضةُ الإبتسامه ,جزيلة العطاء والوفاء
, بهيّة الطلةِ والحضور,تلك التي ترسم البسمه على شفاه من مضغ الألم رغماً عنه
تلك التي مدّت يديها لتوقف من سقط رغماً عنه
تلك التي تلعب بألعاب ٍ بلاستيكيه /خشبيّه
وتلّون أشكالهم بألوان ٍ شينيّه
لا تركض إلا حافية القدمين لتتسخ بطين البراءه
ولا تبكي إلا بضحكة ٍ صاخبه لتوهم العالم أجمع بأنها بخير
وهي ليست بخير
تلك التي بشّرها أعداؤها بوفاة (نوره) الأم الحنونه
طفله ولكن حرثت أرض الأمل بأصابعها الصغيره لتزرع بذرة البقاء لتكون في زمن ٍ لا يريد منها أن تكون
جهادها لم يكن في ساحة قتال مكتضة ٍ بمسلحيّن شرسين ملطخين بدم كربلاء وقدسنا الأبيّه
إخضرار أغصان التيه في أطرافها كان مُغري
وإحمرار وجنتيها فتنه
وإصفرار لونها كان ملفت
هذه هي أنا..........
فهل من مغيث؟

في جنان الله أتمنى أن تكون نوره وألقاها .. فما عاد البقاء مجدٍ بين أحضان رجال ٍ لا تسمن ولا تغني من جوع وإحتياج لظلالهم
وألقاها .. لأنها هزلت وهزلت وهزلت وحالهن يُرثى له
واحدة ٌ تصفق بلا عينين والأخرى تجدّل شعرها لتوهم الناس بأنها مُرتبّه وداخلها رثّ وغير مهندم يحتاج لترتيب سنين طوال
بعثرها الفقد وعثّرها عن الوصول للأمان
وتلك التي تصّفق بلا عينين تتحدّث بلا صوت وكأن لغة الصمّ هي لغتها فـ من بعدك حرّمت على نفسها صوتها!
أما أنا يا نوره أتصَدّق على العالمين بفتات شعوري ومن شعري يحيكون لمساءاتهم أغاني يرقصون عليها
وأماني يطيرون معها وبها
يتزلّجون على صقيع صدري
ويتشبثون بأضلعي لينقذوا أنفسهم وقت الغرق!
ولا يتنفسون إلا من ثاني أكسيدي لآن أوكسجيني أنتي يا أمّاه
عاشوا معتقلين في سجن جنوني .. وبقيت حره ولكن بلا وطن !
فهل تغيثينني ؟

مابقي للبقاء لذة من بعدك
وما بقي للكتابة قيمة من بعدك
ومابقيتُ أنا / أنا من بعدك
مازلت أجمع مذكرات باريس اللعينه وأبكي
وألملم بقايا أشياؤك وأبكي
وأحتضن صورة إلتقطتها متعمده في فرنسا وأرغمتك فيها على الإبتسامه لأني أعرف مصيرك وأريدها ذكرى لي .. منك ... وأبكي

فليت البقاء مؤنس وليت البكاء مريح
لآن كُل طرقهم لا تؤدي إلاّ لحنيني /إحتياجي إليكِ
فهل تسمعينني؟
أسأل الله لي ولكِ الرحمه الأبديه