شيخه الجابري
06-18-2009, 01:00 PM
http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=18473
.
.
حين يسلط عليك سيف وعيه،وينقلك إلى عالمه الفياض بالثقافة والمعرفة وانهماره الذي يحمل أبعاااادا كثيرة للشعر،وما حواه،وما احتواه،وما تشكل منه من صور لاتشبع ذائقة القارئ بل تجعلها في حالة نهم مستمر لإعادة القراءة ثم الإعادة ليس لأنه شعر وكفى،بل لأنها مدرسة فارهة التفاصيل ،حين يحدث كل ذلك ستعرف انك تقرأ لقامة وعي تسمى فهد دوحان.
عندما التقيت بأخي الفاضل فهد دوحان في الكويت شعرت بأنني أمام قامة شعرية،وتاريخ ممتد من العطاء،وحين قال في كلمته في الاحتفال أن أجمل مافي تلك الليلة أنه التقى وجوها أثيرة إلى روحه ويعرفها منذ الثمانينيات ،كان هذا الأمر بمثابة احتفاء نفسي خاص في داخل كل منا،لقد عبّر فهد دوحان عنا جميعا في تلك اللحظة....هنا أيضا أشعره يعبّر عنا جميعا،عن ذاك الجيل الذي تعامل مع القصيدة باعتبارها فن أدبي رفيع المستوى،وفضاء شاسع من الإبداع،وقضية عامة يحق لكل الناس الترافع عنها،والاستشهاد بها كأجمل شاهد على الحدث والتاريخ.
هل ثرثرت أظنني فعلت ذلك!
ولكني لم ألج بعد إلى زوايا هذه القصيدة "المدرسة" القصيدة التي تحمل من روح كاتبها وروحانيته الكثير،تأسرك،تجعلك تفكك أوصال الأبيات بيتا بيتا لربما تصل إلى رابط يجمع بين "أبا الطيب وقاتله" هنا وقفة تاريخية،ومشهد لو تأملناه لوجدنا فيه الكثير من العبر،وكأن أبا الطيب القصيدة،وفاتكها شاعرها،هي رسالة ضمنية يا فهد ،لكنها لابد وأن تصل ،هكذا قرأتها ولعلي أوّلتها بالشكل الذي استطاع وعيي أن يصل إليه.
وما من خوف من الشعر بل عليه ... وما من خوف على الشاعر بل على القصيدة،وما النصل الذي يحمله في يده إلا سلاح ذو حدين إما أن يبتر أحد أطرافها،وإما أن يمزق أوصالها، لافرق/ولا مجال لخيار آخر.
أجد في النص اتكاء على قافية واسعة،وهذه المقارنات التي تسبر أغوار النفس الإنسانية وتستنطقها كمحلل نفسي أو طبيب غارق في مختبر طبي،ومجهر ذو عدسة حااادة جدا ،بخاصة في تكرار النداء "أنت :أنت" وكأنك تقرع جرس الإنذار لما هو آت ،وتخاطب الإنسان/ الإنسان في ذاته ،وليس في انفصاله عنه،ثم يصفعه السؤال " كم ظل بك"وهذا الشطر من البيت وحده يكفي لدراسة عميقة لأثر الشعر على النفس،واختلاج الشعور بما يحمل من تناقضات أحيانا،وتماوج بين الوقت،الإنسان،المغريات، والأنا ،،،،ذاك النصل الغادر.
هـذا مكانـك ، قهوتـك ، ملهاتـك=تعيـش نفـس اللحظـة المرخيـة
يفيض مـن عـز الكـلام انصاتـك=للعشـب يمـلا روحـك انسانـيـة
في البدء :حالة مستقرة ،كطقس الخليج ذات ملل،أو كركود قصيدة ذات فشل،والرابط الأجمل بين الصمت والكلام،حيث الصمت حالة من إنصات فخم والحديث للروح استنطاق لدواخلنا،وحيث الكلام منصة خضراء من العشب تملؤك بإنسانية نادرة،لا أدري أو لربما أدري ما وجه العلاقة بين اللون الأخضر والروح كلاهما معشب،وارف العطاء،رغم ارتخاء اللحظة،ملل الانتظار،لاحظ أن ارتخاء اللحظة يعني تهاويها،استدراك للزمن ،واستدعاء للوقت بارع،وتشبيه بليغ جدا.
مشغول بأكثر مـن حديـث ابياتـك=عن وزن أو عـن قافيـة منسيـة
باكثر مـن المعنـى اذا مـا فاتـك=مثل النعاس وما ترك مـن غيّـه !
عن فكـرة ٍتعبـث برمـل سكاتـك=ترسـم عليـه اسـرارك المطويـة
وتشتتـك وتـرد تجـمـع ذاتــك=الآمــرة بالـغـي والمنهـيـة !
صعب تفسير الشعر،إذ التفسير يقتله،لكنه يغريك بالتفسير لتذهب إلى أبعد من أعماق النص،لتفتت أوصال الحرف كي تصل إلى رسالة خاصة جدا داخل هذا الصندوق المطعم بالكلام الغالي،ينشغل الشاعر فبم ينشغل هل يبحث عن نص جديد؟، عن قافية فريدة لم تُطرق بعد كي يلجأ إليها هربا من استنساخ القوافي ،إذن حديث أو موضوع النص في مجمل ما نقرأ من شعر لايعني صاحبه ،لذا تسير معظم القصائد إلى الخلف،وتسقط عند أول نسمة خريفية باردة ،لتنساها فصول السنة الأخرى هكذا بلا رحمة،ليدور الشاعر حول نفسه فلايجد إلا ساقية عتيقة تجمع شتات كلماته فتعيدها إليه جافة إلا من بعض تأنيب بين أمر ونهي يحار الشاعر من يتبع منهما.
وحيـد تمشـط بالمسـا غلطاتـك=واحلامك الشعْثْ ، الصغار ، الحيـة
في كل رمضـا كانـت بخطواتـك :=الراحلـة والـزاد لـك ، والنيـة !
كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟=كم عاش صوتك ما عرف مرثية ؟!
هل هذا خطاب للذات؟ أم أنه خطاب توعوي ،تنبيهي، يأتي كجرس إنذار عام،أم هو تصوير لحالة بائس يقتات على الشعر فيلفظه بعيدا عن خارطة القوافي والأوزان، لتحاصر الرمضاء جُل اتجاهاته فتكون هي الراحلة والزاد والنيّه وكما قالوا " النية مطيّه"،فأي راحلة تلك تستطيع السير في لاهب حارق ،يعيق حركته،وخطواته،وأحلامه الشاسعة /الغبراء/ تلك التي يمكن أن تكون طرية،بريئة،أو ربما تشكل وعيا مبكرا بالأمنية ،فإذا بها حالكة الظهور،وفي اجتيازها حريق.؟
ويأتي السؤال المعضلة حاملا في داخله عدة أوجه " الحاضر،الماضي،المستقبل" في صياغة مربكة محاصرة للوعي الإنساني،وكأن الشاعر يجبر الشاعر على عصف عقلي يجعله يسير مساافة زمنية طويلة مرددا بلا وعي " كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟ كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟ كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟.وهكذا حتى يفقد بوصلة اتجاهاته،ليرثيه التاريخ والزمن كذلك.
شكواك عورة ، وانت لـك غاياتـك=اللي تتيـه مـن البـذخ : مكسيـة
غنيمتـك فـي هالسـواد الفاتـك :=بارواحنا الأطهر مـن المسبيـة !!
علقـت جدرانـك علـى لوحـاتـك=مـن منطـق السفليـة العلـويـة
ويبقى لك مـن الوانـك وفرشاتـك=وعيـك ، وكـل ابعـادك الفنيـة !!
لم أستطع تجزئة الصور هنا،وربما أستطيع تفكيكها لأتعلم،وأتدرب على صنع الصورة بعيدا عن التكرار ،فأفهم آلية التحاور مع جدار يقبل التعليق على لوحة،ولوحة تقبل أن يعلّق عليها جدار في نسف لمفهوم الصورة والجدار،وفي تبادل للأدوار وراءه ما وراءه من تفسيرات كثيفة،وضاجة بالتفاصيل حتى لاتكاد تفّرق بين الثرى والثريا تماما "كالسفلية العلوية،منطق فلسفي ناطق،ومحكم التركيب.
سأذهب للأبعد فأبحث عن تفسير لهذا الجدار ما يعني الشاعر به ؟أو من يعني،وهل يحق لي استقطاعه لأذهب إلى أبعد من حدود اللغة،و"المسافة والسور والباب والحارس"،لأقرأ القصيدة بعيدا عن جدران صماء يمكن لرنينها أن يفقدني القدرة على السمع /الاستمتاع/الغناء بصوت أعلى من حدود الغيم ،ليطير حرف،ويستقر شاعر مع ما تبقى له من وعي مستقطع من علب ألوان وفرشاة لم يحسن بها رسم اللوحة،ولم يفهم معنى الجدار،وهنا قضية أخرى.
إن الإقلاب في النص،والبراعة في تحريك الصور والوظائف الخاصة بالأشياء سمة واضحة ،تضع القارئ أمام عبء القراءة،وذكاء التحايل على اللغة كي يصل إلى المعنى المقصود من وراء كل حرف،وهي معان كثيرة،عميقة،وذات دلالات مكثفة،وأثر غير مرئي/ مباشر/ قوي التأثير.
لله مـنـك ! تـطـرب لصبـواتـك= العـاديـات لآخـــر الـبـريـة
تـذرع بهـا روحاتـك وجيـاتـك=كأن الارض بمـا حـوت :منفيـة !
حزنك "ابو الطيب" ودمعك " فاتك"(1)=يجهـل عليـك ويذبحـك طاريّـه!!
صلبـت عـودك والالـم يقتـاتـك= ولا تـكـون دروبــك المحنـيـة
كأن الأرض بما حوت منفيّه أوكأن الأرض تميد،أو كأنها ضاقت بما رحُبت،وكأنهم آثروا الحياة الخاصة على أشياء كثيرة هي في المقام الأول من الأهمية لذا جاء سوط التنبيه الأقوى " حزنك ابوالطيب،ودمعك فاتك،يجهل عليك ويذبحك طاريه" ،هنا تستعصي القراءة قليلا لكن استدعاء مشهد تاريخي ،لحالة مقتل شاعر ملأ الدنيا وشغل الناس يجعلك تتساءل كما يتساءل التاريخ كذلك " من قتل المتنبي أضبة ابن أم ضبه،أم فاتك الأسدي الذي اعترض طريقه ذات رحلة للاعودة
طبعـك ولكنـه وقــى عثـراتـك= عطاك نفـس ٍ راضيـة مرضيـة !
وان كان عاب البعض بـك زلاتـك= يعيبك أكثـر لـو سكـتّ شويـة !!
قـول انهـا : أقمـارك وهـالاتـك= الهاديـة مـسـراك ، والمهـديـة
ويخفت صوت التأنيب ،والتحليل قليلا،لتبدأ مناجاة للذات، وإشادة بالطبع حين يكون وسيلة مساعدة لاجتياز العثرات،ليكون للصمت فضيلة الخروج من المأزق ولو عابه الآخرون،فيتبلور ضوء من بين نجوم ساطعة هي الدليل الهادي إلى مسرى أكثر هدوءا،ودعة،وصلاة.
وكأنه يعيد الحكاية من جديد، في ربط بين أول النص وآخره ...
يفيض مـن عـز الكـلام انصاتـك = للعشـب يمـلا روحـك انسانـيـة
فيدعونا للتأمل أكثر في سبرنا لأغوار هذا النص الشائك/ الشائق بالشعر حد االعطش، ولا ارتواء من مدرسة فهد دوحان.
.
.
حين يسلط عليك سيف وعيه،وينقلك إلى عالمه الفياض بالثقافة والمعرفة وانهماره الذي يحمل أبعاااادا كثيرة للشعر،وما حواه،وما احتواه،وما تشكل منه من صور لاتشبع ذائقة القارئ بل تجعلها في حالة نهم مستمر لإعادة القراءة ثم الإعادة ليس لأنه شعر وكفى،بل لأنها مدرسة فارهة التفاصيل ،حين يحدث كل ذلك ستعرف انك تقرأ لقامة وعي تسمى فهد دوحان.
عندما التقيت بأخي الفاضل فهد دوحان في الكويت شعرت بأنني أمام قامة شعرية،وتاريخ ممتد من العطاء،وحين قال في كلمته في الاحتفال أن أجمل مافي تلك الليلة أنه التقى وجوها أثيرة إلى روحه ويعرفها منذ الثمانينيات ،كان هذا الأمر بمثابة احتفاء نفسي خاص في داخل كل منا،لقد عبّر فهد دوحان عنا جميعا في تلك اللحظة....هنا أيضا أشعره يعبّر عنا جميعا،عن ذاك الجيل الذي تعامل مع القصيدة باعتبارها فن أدبي رفيع المستوى،وفضاء شاسع من الإبداع،وقضية عامة يحق لكل الناس الترافع عنها،والاستشهاد بها كأجمل شاهد على الحدث والتاريخ.
هل ثرثرت أظنني فعلت ذلك!
ولكني لم ألج بعد إلى زوايا هذه القصيدة "المدرسة" القصيدة التي تحمل من روح كاتبها وروحانيته الكثير،تأسرك،تجعلك تفكك أوصال الأبيات بيتا بيتا لربما تصل إلى رابط يجمع بين "أبا الطيب وقاتله" هنا وقفة تاريخية،ومشهد لو تأملناه لوجدنا فيه الكثير من العبر،وكأن أبا الطيب القصيدة،وفاتكها شاعرها،هي رسالة ضمنية يا فهد ،لكنها لابد وأن تصل ،هكذا قرأتها ولعلي أوّلتها بالشكل الذي استطاع وعيي أن يصل إليه.
وما من خوف من الشعر بل عليه ... وما من خوف على الشاعر بل على القصيدة،وما النصل الذي يحمله في يده إلا سلاح ذو حدين إما أن يبتر أحد أطرافها،وإما أن يمزق أوصالها، لافرق/ولا مجال لخيار آخر.
أجد في النص اتكاء على قافية واسعة،وهذه المقارنات التي تسبر أغوار النفس الإنسانية وتستنطقها كمحلل نفسي أو طبيب غارق في مختبر طبي،ومجهر ذو عدسة حااادة جدا ،بخاصة في تكرار النداء "أنت :أنت" وكأنك تقرع جرس الإنذار لما هو آت ،وتخاطب الإنسان/ الإنسان في ذاته ،وليس في انفصاله عنه،ثم يصفعه السؤال " كم ظل بك"وهذا الشطر من البيت وحده يكفي لدراسة عميقة لأثر الشعر على النفس،واختلاج الشعور بما يحمل من تناقضات أحيانا،وتماوج بين الوقت،الإنسان،المغريات، والأنا ،،،،ذاك النصل الغادر.
هـذا مكانـك ، قهوتـك ، ملهاتـك=تعيـش نفـس اللحظـة المرخيـة
يفيض مـن عـز الكـلام انصاتـك=للعشـب يمـلا روحـك انسانـيـة
في البدء :حالة مستقرة ،كطقس الخليج ذات ملل،أو كركود قصيدة ذات فشل،والرابط الأجمل بين الصمت والكلام،حيث الصمت حالة من إنصات فخم والحديث للروح استنطاق لدواخلنا،وحيث الكلام منصة خضراء من العشب تملؤك بإنسانية نادرة،لا أدري أو لربما أدري ما وجه العلاقة بين اللون الأخضر والروح كلاهما معشب،وارف العطاء،رغم ارتخاء اللحظة،ملل الانتظار،لاحظ أن ارتخاء اللحظة يعني تهاويها،استدراك للزمن ،واستدعاء للوقت بارع،وتشبيه بليغ جدا.
مشغول بأكثر مـن حديـث ابياتـك=عن وزن أو عـن قافيـة منسيـة
باكثر مـن المعنـى اذا مـا فاتـك=مثل النعاس وما ترك مـن غيّـه !
عن فكـرة ٍتعبـث برمـل سكاتـك=ترسـم عليـه اسـرارك المطويـة
وتشتتـك وتـرد تجـمـع ذاتــك=الآمــرة بالـغـي والمنهـيـة !
صعب تفسير الشعر،إذ التفسير يقتله،لكنه يغريك بالتفسير لتذهب إلى أبعد من أعماق النص،لتفتت أوصال الحرف كي تصل إلى رسالة خاصة جدا داخل هذا الصندوق المطعم بالكلام الغالي،ينشغل الشاعر فبم ينشغل هل يبحث عن نص جديد؟، عن قافية فريدة لم تُطرق بعد كي يلجأ إليها هربا من استنساخ القوافي ،إذن حديث أو موضوع النص في مجمل ما نقرأ من شعر لايعني صاحبه ،لذا تسير معظم القصائد إلى الخلف،وتسقط عند أول نسمة خريفية باردة ،لتنساها فصول السنة الأخرى هكذا بلا رحمة،ليدور الشاعر حول نفسه فلايجد إلا ساقية عتيقة تجمع شتات كلماته فتعيدها إليه جافة إلا من بعض تأنيب بين أمر ونهي يحار الشاعر من يتبع منهما.
وحيـد تمشـط بالمسـا غلطاتـك=واحلامك الشعْثْ ، الصغار ، الحيـة
في كل رمضـا كانـت بخطواتـك :=الراحلـة والـزاد لـك ، والنيـة !
كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟=كم عاش صوتك ما عرف مرثية ؟!
هل هذا خطاب للذات؟ أم أنه خطاب توعوي ،تنبيهي، يأتي كجرس إنذار عام،أم هو تصوير لحالة بائس يقتات على الشعر فيلفظه بعيدا عن خارطة القوافي والأوزان، لتحاصر الرمضاء جُل اتجاهاته فتكون هي الراحلة والزاد والنيّه وكما قالوا " النية مطيّه"،فأي راحلة تلك تستطيع السير في لاهب حارق ،يعيق حركته،وخطواته،وأحلامه الشاسعة /الغبراء/ تلك التي يمكن أن تكون طرية،بريئة،أو ربما تشكل وعيا مبكرا بالأمنية ،فإذا بها حالكة الظهور،وفي اجتيازها حريق.؟
ويأتي السؤال المعضلة حاملا في داخله عدة أوجه " الحاضر،الماضي،المستقبل" في صياغة مربكة محاصرة للوعي الإنساني،وكأن الشاعر يجبر الشاعر على عصف عقلي يجعله يسير مساافة زمنية طويلة مرددا بلا وعي " كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟ كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟ كم ظل بك ؟ كم راح بك ؟ كم ماتك ؟.وهكذا حتى يفقد بوصلة اتجاهاته،ليرثيه التاريخ والزمن كذلك.
شكواك عورة ، وانت لـك غاياتـك=اللي تتيـه مـن البـذخ : مكسيـة
غنيمتـك فـي هالسـواد الفاتـك :=بارواحنا الأطهر مـن المسبيـة !!
علقـت جدرانـك علـى لوحـاتـك=مـن منطـق السفليـة العلـويـة
ويبقى لك مـن الوانـك وفرشاتـك=وعيـك ، وكـل ابعـادك الفنيـة !!
لم أستطع تجزئة الصور هنا،وربما أستطيع تفكيكها لأتعلم،وأتدرب على صنع الصورة بعيدا عن التكرار ،فأفهم آلية التحاور مع جدار يقبل التعليق على لوحة،ولوحة تقبل أن يعلّق عليها جدار في نسف لمفهوم الصورة والجدار،وفي تبادل للأدوار وراءه ما وراءه من تفسيرات كثيفة،وضاجة بالتفاصيل حتى لاتكاد تفّرق بين الثرى والثريا تماما "كالسفلية العلوية،منطق فلسفي ناطق،ومحكم التركيب.
سأذهب للأبعد فأبحث عن تفسير لهذا الجدار ما يعني الشاعر به ؟أو من يعني،وهل يحق لي استقطاعه لأذهب إلى أبعد من حدود اللغة،و"المسافة والسور والباب والحارس"،لأقرأ القصيدة بعيدا عن جدران صماء يمكن لرنينها أن يفقدني القدرة على السمع /الاستمتاع/الغناء بصوت أعلى من حدود الغيم ،ليطير حرف،ويستقر شاعر مع ما تبقى له من وعي مستقطع من علب ألوان وفرشاة لم يحسن بها رسم اللوحة،ولم يفهم معنى الجدار،وهنا قضية أخرى.
إن الإقلاب في النص،والبراعة في تحريك الصور والوظائف الخاصة بالأشياء سمة واضحة ،تضع القارئ أمام عبء القراءة،وذكاء التحايل على اللغة كي يصل إلى المعنى المقصود من وراء كل حرف،وهي معان كثيرة،عميقة،وذات دلالات مكثفة،وأثر غير مرئي/ مباشر/ قوي التأثير.
لله مـنـك ! تـطـرب لصبـواتـك= العـاديـات لآخـــر الـبـريـة
تـذرع بهـا روحاتـك وجيـاتـك=كأن الارض بمـا حـوت :منفيـة !
حزنك "ابو الطيب" ودمعك " فاتك"(1)=يجهـل عليـك ويذبحـك طاريّـه!!
صلبـت عـودك والالـم يقتـاتـك= ولا تـكـون دروبــك المحنـيـة
كأن الأرض بما حوت منفيّه أوكأن الأرض تميد،أو كأنها ضاقت بما رحُبت،وكأنهم آثروا الحياة الخاصة على أشياء كثيرة هي في المقام الأول من الأهمية لذا جاء سوط التنبيه الأقوى " حزنك ابوالطيب،ودمعك فاتك،يجهل عليك ويذبحك طاريه" ،هنا تستعصي القراءة قليلا لكن استدعاء مشهد تاريخي ،لحالة مقتل شاعر ملأ الدنيا وشغل الناس يجعلك تتساءل كما يتساءل التاريخ كذلك " من قتل المتنبي أضبة ابن أم ضبه،أم فاتك الأسدي الذي اعترض طريقه ذات رحلة للاعودة
طبعـك ولكنـه وقــى عثـراتـك= عطاك نفـس ٍ راضيـة مرضيـة !
وان كان عاب البعض بـك زلاتـك= يعيبك أكثـر لـو سكـتّ شويـة !!
قـول انهـا : أقمـارك وهـالاتـك= الهاديـة مـسـراك ، والمهـديـة
ويخفت صوت التأنيب ،والتحليل قليلا،لتبدأ مناجاة للذات، وإشادة بالطبع حين يكون وسيلة مساعدة لاجتياز العثرات،ليكون للصمت فضيلة الخروج من المأزق ولو عابه الآخرون،فيتبلور ضوء من بين نجوم ساطعة هي الدليل الهادي إلى مسرى أكثر هدوءا،ودعة،وصلاة.
وكأنه يعيد الحكاية من جديد، في ربط بين أول النص وآخره ...
يفيض مـن عـز الكـلام انصاتـك = للعشـب يمـلا روحـك انسانـيـة
فيدعونا للتأمل أكثر في سبرنا لأغوار هذا النص الشائك/ الشائق بالشعر حد االعطش، ولا ارتواء من مدرسة فهد دوحان.