تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتباس بوصفه خيانة للقارئ


مصطفى معروفي
09-04-2009, 08:27 PM
إن الكاتب وهو ينشر في الناس ما يكتبه يريدأن يبلغ رسالة تحمل أفكاره و آراءه في مجموعة من الأمور تتعلق بمناح متعددة من الحياة،وهو إذ يفعل ذلك فإنه يتوخى و يحب أ ن يصل رأيه إلى الناس كما هو دون مواربة و دون إبهام،ولعل القارئ يتفق معي في كون أن كل رأسمال الكاتب هو أفكاره و آراؤه كما هي ماثلة في نصوصه،وهو يريدها أن تكون له و أن تنسب إليه دائما و أبدا.
أحيانا يجد الكاتب نفسه متضايقا و متذمرا من بعض التصرفات التي يراها تمس حقه في أن ينسب إليه ما هو له،يرى ذلك عندما يجد شخصا نقل عنه قولا بين علامتي الاقتباس دون أن ينسبه إليه شخصيا بالتنصيص على اسمه.
إن الشخص الذي يكتب نصا ثم يضمنه قولا أو رأيا مقتبسا من كاتب ما،ثم لا يشير إلى اسم ذلك الكاتب يكون قد ارتكب خطأ فادحا مرتين،مرة في حق الكاتب صاحب الرأي المقتبس ،ومرة في حق نفسه ،وذلك عندما يسلبها إحدى الصفات النبيلة التي يتوخى كل كاتب يستشعر المسؤولية التحلي بها،وهي صفة الأمانة العلمية،و لا أخفي سرا إذا قلت بأنني شخصيا أعتبر مثل هذا التصرف -عدم ذكر اسم المصدر المقتبس منه - سطوا على ملكية الغير ،وخيانة للقارئ و تلبيسا عليه و إغماطا له في حق معرفة المصدر المقتبس منه حتى يضع ذلك الاقتباس في سياقه ضمن المنظومة الفكرية و المذهبية لصاحبه،و لا يخفى أن عدم التنصيص على مصدر الاقتباس قد تكمن فيه خطورة بالغة ،وذلك عندما يكتشف القارئ أن الرأي المقتبس هو لكاتب له أيديولوجية معينة لا يرتضيها لأنها لا تتماشى مع ثقافته و لا مع قناعاته التي تشرّبها،فهذا القارئ سيجدنفسه قد مورس عليه نوع من التعمية والاستغباء من طرف الشخص الذي أورد الاقتباس دون أن يكلف نفسه الإشارة إلى مصدره،لأنه -القارئ-يعلم أن مثل هذه الاقتباسات عادة ما تكون في غالبيتها مبتورة عن السياق الأصلي الذي وردت فيه،وبالتالي تكون قد أفرغت من محتواها الذي أراده لها كاتبها،ولتوضيح هذه الفكرة أطرح هذا التساؤل :
+هل مفهوم الحرية مثلا هو واحد لدى كل الكتاب على اختلاف مذاهبهم الفكرية و الأديولوجية؟
إن كاتبا إسلاميا يتحدث عن الحرية سيكون غير منسجم مع نفسه إذا ما اقتبس عن كاتب شيوعي ما يعضد رأيه و يدعمه إلاإذا بتره و أخرجه عن السياق الذي ورد فيه،و السبب أن مفهوم الحرية ليس واحدا لدى الكاتبين.
و إذاً فالتنصيص على اسم مصدر الاقتباس فيه فائدة كبيرة تتمثل في تنوير القارئ وجعله على بينة من الرأي المقتبس أو الفكرة المقتبسة،فأنا قد أقرأ نصا يحتوي على اقتباس ،وأجد ذلك الاقتباس منسجما مع مضمون النص و متناغما معه،لكن بمجرد ما أعرف مصدر الاقتباس حتى أبادر إلى إعادة النظر في النص و الحكم عليه بما يقتضيه الموقف الجديد،كما أبادر إلى تصنيف صاحبه في خانة معينة،و قد أذهب إلى أنه كاتب تلفيقي يتخذ من المصادرة على المطلوب عكازة يتكئ عليها.كما أنني قد أجد الاقتباس نابيا و نافرا عن سياق النص حتى ولو كان يبدو صوريا أنه متساوق و منسجم معه لعلمي بالخلفية الثقافية التي صدر عنها كلا الكاتبين :كاتب النص و الكاتب المقتبس منه.
و أنا أتحدث عن الاقتباس لا بدأن أذكر أن بعض المقتبسين يلجأون أحيانا إلى أسلوب التعميم ،وذلك عندا يتحدثون عن الشخص المقتبس منه بصيغة الجمع،فيقولون مثلاهناك أشخاص يقولون أو فئة تقول"................".مع أن الشخص المقتبس منه معروف لدى المقتبس -بكسر الباء-.
ثم هناك بعض المقتبسين الذين هم في الواقع منتحلون،بحيث يستعملون أسلوبا فيه شيئ من الدهاء،وهو أسلوب إن كان يجوز على البعض و تنطلي حيلته عليهم فهو قطعا لا يجوز على الكل و لا تنطلي حيلته على الجميع،وهو أن المقتبس يورد اقتباسا لكاتب من نص أوكتاب ،وبعد أن ينص على اسم صاحبه أو مصدره يشرع في انتحال أفكار المقتبس منه الواردة في نصه أو في كتابه دون أن يشير إلى ذلك،و بعد أن يكون قد أغلق علامتي الاقتباس من قبل،وهذا أمر غاية في الاستخفاف بالقارئ ،وغاية في الترامي على الملكية الفكرية للغير.
في ختام هذا المقال أريد أن أشير إلى أنه لا ينبغي أن نتساهل في مسألة الاقتباس حتى نبرئ ذمتنا ونبقى أمناء مع أنفسنا ومع القارئ كذلك.

قايـد الحربي
09-05-2009, 12:43 AM
مصطفى معروفي
ـــــــــــ
* * *


أرحبُ بك في أبعاد ،
فأهلاً وَ سهلاً وَضّاءةً كَـ فكرك .

:

لستُ مُتحاملاً على " المُقْتَبِس " إلاّ في حَالةٍ وَاحِدة ،
عِندَما يتَجاهلُ - مُتعمّداً - اسْم المُقْتَبَس مِنْه ، أمّا مَا عَدا ذَلك فَأقول :

ما رَأيتهُ عيْباً قَد أراهُ مَزيّةً فَـ الاقتِباس يمْنح النصّ المُقْتَبَس قِراءات أخرى ،
وَ يفْتحُ لذَلك النّص فَضاءاتٍ مُتعدّدة تَمنحُ صَاحب النّص الأصْلي السَعادة بمُواكَبة
نصّه للعَديد مِن الأفكار .

:

شكراً لك بكلّ حبّ .

منيرة بنت دحيم
09-05-2009, 01:00 AM
أرحب بك أستاذنا الكريم / مصطفى معروفي
تحدثت في مقالك عن المُقْتَبَسْ حينما يكون في مقال أو كتاب ونحوِ ذلك , لكن أحياناً يكون مصدر الاقتباس شعراً وغالب الشعراء يضعون قوسين للدلالة على أنهم اقتبسوا هذا المعنى أو ذاك وحتى أحياناً شطر البيت بكامله من شاعر أو آخر وأحياناً من مقوله معروفه أو مثل وبما أنهم أوضحوا أنه اقتباس لا أرى ضيراً في ذلك , فأحياناً من الصعب معرفة مصدر الاقتباس وخصوصاً في الشعر وأحياناً يكون معروف فالمعرف لا يُعرف .. هذا ما أراه شخصياً , وأشكرك أيها الكريم على هذا المقال الرائع .
تحياتي

حمد الرحيمي
09-05-2009, 11:10 AM
مصطفى معروفي ...



أهلاً بك ...





أتفق معك في مسألة حفظ الحق و توثيقه و نسبته لأهله كأحد أهم أبجديات الأمانة العلمية ... فَجُلُّنَا يدرك حجم هذه الأمانة ... إن لم يكن كُلُّنَا ...


لكن ما أختلف معك فيه هو تبرير ضرورة التوثيق لأجل منع التحايل / التعمية على القارئ حين لا ينسجم فكره مع فكر كاتب النص [ المُقْتَبَس ] .. لأنك بذلك تُحَجِّرُ واسعاً و تُجَّرِمُ الاقتباس من أي آخرٍ مهما كان مُخالفاً ديناً / مذهباً / معتقداً / فكراً ...


فهل أمتنع عن الاقتباس من فكر كاتبٍ مُلحِد لأجل إلحاده ؟؟!! أو يهودي لأجل يهوديته ؟؟





أليست الحكمة ضالة المؤمن ؟








مصطفى ...

قلمك ينبض بالفكر ... شكراً لك عليه ...

د. منال عبدالرحمن
09-05-2009, 01:19 PM
أستاذ مصطفى ,
أهلاً بكَ في المقال ..

الاقتباس أسلوبٌ من أساليبِ دعمِ البناء الفكريّ للمادّة المقدّمة من قِبلِ الكاتِب و بهذا فإنّها لا تُنقصُ من قيمةِ ما كُتِبَ ,
بل و تأخذ شكل أفكار الكاتب إن أحسنَ استخدامها في سياقِ ما يعرض ,
و ذلكَ لا يتعارض مع كونِ الجملةِ المُقتَبَسةِ مثلاً قد وردت عندَ كاتِبٍ لديهِ قاعدة فكرية مختلفة تماماً .
ذلكَ أنَّ الفكرَ الإنسانيّ و ما ينتجُ عنهُ يتمتّعُ بالمرونة , المرونة الّتي تسمح لأفكارهِ بالانتقال إلى النّاس و التّلائمِ مع أفكارهم .

شُكراً كثيراً لك .

مصطفى معروفي
09-06-2009, 03:03 AM
مصطفى معروفي
ـــــــــــ
* * *


أرحبُ بك في أبعاد ،
فأهلاً وَ سهلاً وَضّاءةً كَـ فكرك .

:

لستُ مُتحاملاً على " المُقْتَبِس " إلاّ في حَالةٍ وَاحِدة ،
عِندَما يتَجاهلُ - مُتعمّداً - اسْم المُقْتَبَس مِنْه ، أمّا مَا عَدا ذَلك فَأقول :

ما رَأيتهُ عيْباً قَد أراهُ مَزيّةً فَـ الاقتِباس يمْنح النصّ المُقْتَبَس قِراءات أخرى ،
وَ يفْتحُ لذَلك النّص فَضاءاتٍ مُتعدّدة تَمنحُ صَاحب النّص الأصْلي السَعادة بمُواكَبة
نصّه للعَديد مِن الأفكار .

:

شكراً لك بكلّ حبّ .
شكرا لك أخي الأستاذ قايـد الحربي على المرور الكريم و أقول:
نعم ،أنا أتفق معك في كلامك،فالمقتبس من باب الأخلاق و الفضيلة عليه أن ينص على اسم الشخص المقتبس منه تنويرا للقارئ،و إنصافا لمن اقتبس منه.و هناك حالة واحدة أو حالتان يمكننا نحن كقراء أن تتساهل فيهما بعدم ذكر المصدر،وهما:
-أن يكون الكلام المقتبَس مشهورا و معروفا ،بحيث أن القارئ لا يجد عنتا في البحث عن مصدره.
-أن ينسى الكاتب المصدر المقتبس منه أو يسهو عن ذكره إذ الكمال لله وحده.
شكرا لك أخي الكريم مرة اخرى على مرورك المفيد.

مصطفى معروفي
09-06-2009, 03:16 AM
أرحب بك أستاذنا الكريم / مصطفى معروفي
تحدثت في مقالك عن المُقْتَبَسْ حينما يكون في مقال أو كتاب ونحوِ ذلك , لكن أحياناً يكون مصدر الاقتباس شعراً وغالب الشعراء يضعون قوسين للدلالة على أنهم اقتبسوا هذا المعنى أو ذاك وحتى أحياناً شطر البيت بكامله من شاعر أو آخر وأحياناً من مقوله معروفه أو مثل وبما أنهم أوضحوا أنه اقتباس لا أرى ضيراً في ذلك , فأحياناً من الصعب معرفة مصدر الاقتباس وخصوصاً في الشعر وأحياناً يكون معروف فالمعرف لا يُعرف .. هذا ما أراه شخصياً , وأشكرك أيها الكريم على هذا المقال الرائع .
تحياتي
بارك الله فيك أختي الفاضلة منيرة بنت دحيم على مرورك الجميل و أقول:
المشكل يبدو واضحا أكثر في الاقتباس من النثر أكثر من الشعر،فالكلام الذي يرد في نص نثري خاصة إذا كان فكريا يكون محكوما بالسياق الذي ورد فيه،فالكاتب الليبيرالي مثلا يصدر في كتابته عن قناعة معينة هي غير قناعة الكاتب الإسلامي،و لذا فأي اقتباس يقوم به هذا الأخير من الأول يكون محكوما هو الآخر بسياق معين. و رفعا لأي التباس أو تدليس على القارئ فالتنصيص على مصدر الاقتباس يعفي الكاتب من سوء الظن به أو من تعرضه للشبهة.
تسلمين أختي الكريمة.

مصطفى معروفي
09-06-2009, 05:08 PM
مصطفى معروفي ...
أهلاً بك ...
أتفق معك في مسألة حفظ الحق و توثيقه و نسبته لأهله كأحد أهم أبجديات الأمانة العلمية ... فَجُلُّنَا يدرك حجم هذه الأمانة ... إن لم يكن كُلُّنَا ...
لكن ما أختلف معك فيه هو تبرير ضرورة التوثيق لأجل منع التحايل / التعمية على القارئ حين لا ينسجم فكره مع فكر كاتب النص [ المُقْتَبَس ] .. لأنك بذلك تُحَجِّرُ واسعاً و تُجَّرِمُ الاقتباس من أي آخرٍ مهما كان مُخالفاً ديناً / مذهباً / معتقداً / فكراً ...
فهل أمتنع عن الاقتباس من فكر كاتبٍ مُلحِد لأجل إلحاده ؟؟!! أو يهودي لأجل يهوديته ؟؟
أليست الحكمة ضالة المؤمن ؟
مصطفى ...
قلمك ينبض بالفكر ... شكراً لك عليه ...
أخي الأستاذ حمد الرحيمي:
أشكرك أيما شكر على هذا الرد المفيد و على هذه الملاحظة التي جاءت في محلها،و أقول:
لا يمكن لي بتاتا أن أحجر على شيء أنا أمارسه شخصيا،ففي مجموعة من نصوصي اقتبست و استشهدت بثلة من الكتاب و الأدباء ينتمون إلى ملل و مذاهب شتى،فعلت ذلك لأزكي ما يتماشى مع قكرتي أو لأدحض ما أراه مخالفا لقناعتي و رأيي.
لا ضير في أن ينص الكاتب على المصدر الذي اقتبس منه،ففي ذلك نفع و أيما نفع،فلربما يعرف القارئ و لأول مرة اسم المقتبس منه فيقبل على قراءته و معرفة آرائه و طروحاته.
أخي حمد:
اقتبس من أي كان يكون على أي مذهب كان، لكن نورنا بالمصدر.
تسلم سيدي الكريم.

مصطفى معروفي
09-06-2009, 05:14 PM
أستاذ مصطفى ,
أهلاً بكَ في المقال ..

الاقتباس أسلوبٌ من أساليبِ دعمِ البناء الفكريّ للمادّة المقدّمة من قِبلِ الكاتِب و بهذا فإنّها لا تُنقصُ من قيمةِ ما كُتِبَ ,
بل و تأخذ شكل أفكار الكاتب إن أحسنَ استخدامها في سياقِ ما يعرض ,
و ذلكَ لا يتعارض مع كونِ الجملةِ المُقتَبَسةِ مثلاً قد وردت عندَ كاتِبٍ لديهِ قاعدة فكرية مختلفة تماماً .
ذلكَ أنَّ الفكرَ الإنسانيّ و ما ينتجُ عنهُ يتمتّعُ بالمرونة , المرونة الّتي تسمح لأفكارهِ بالانتقال إلى النّاس و التّلائمِ مع أفكارهم .

شُكراً كثيراً لك .
شكرا لك أختي منال على هذه الإضافة القيمة التي أتفق معك في كل ما ورد فيها.
تسلمين أختي الفاضلة.