عبدالله مصالحة
11-10-2009, 03:57 PM
سِرتُ وقَمرِ الإحتِضار يتَبَخَّر مِن خَلف أكَوامِ الرَّحيل , أمضي بعناءٍ في وَجه البَديعِ مِن خَطايايْ ولا يَنبس الوَقت يَشرَح المَكلومَ مِن بُكاءِ جَفنيَّ المُتَرَهِّلَتانِ حينَ صَرَختا هَوسَ إمتِعاضِهما , لأجِدَ صَوتَ الكَون يزأر على مَقربَة مِن حَولِ قامَتي , فـ أستقرُّ على كَتفِ اللامَرغوب , أحتَسي لُقيماتٍ مِن قَسَماتِ الشُّرود , أردِّدُ في الأفق ألفَ مَجهولٍ صائِحَ إتِّخاذِه وُجودا ً وأنكر ما تَمَّ دَحضَه في عَقلِ الرَّجاءْ , أتغذَّى على شَفير الهاويَة المَركونَة في رؤايَ الهارِبَة مِن جَوفِ المُنى , يَكشِفُني المَوت بشَمسه السّاطِعَة ويُرثي حُجَّته في تَكبيلِ ثِقَتيَ في العَيش , تَستَحوذ الإرادَة على نواة القَلب لـ تبتَلع مَثوايَ الأخير عِندَ فُرَج الضّياءْ , أهيمُ في منأى ماجِنٍ لـ استِقطابِ شَيء جَديد والنّور يَضمَحل مِن على شَفتيَّ لأنطِقَ بوصولي زَعمَ الفِكرْ , أستَنجِدُ وأقَع في ظِلٍّ بارِد الجَوابْ ولا أتقِنُ مِن مَمشايَ سوى ضَرب الحنجَرة لـ تَذرِف كَلامَ الأمل القريبِ البعيد , فمِن أينَ يَجيء رأسيَ بهاتِه التَّعويذاتِ المُناقِضَة لشموليَّة " أن تَكون " وقَد وفّاكَ الغُروب مأخذَه في جَرِّ سَواعِدَك إليه , أقفَلتَ بِضعَ الحَقائِب المَحشوَّة بجُنون كَي لا تَلمَح نَهجا ً قَديما ً يُذَكِّرُك بـ كَدرِ الماءِ في جَبينك , عَلمتَ غَدرا ً يأتي بعيائِه في كلِّ لَحظَة تَرمُقها بنعيم , وما نَسيت أنَّ كلَّ شَيءٍ جَميلٍ يَرحل , حتَّى الغَيمات التي تُذكرني بفضاء اللِّه وأنفاسٍ عَظيمَة الإنتِعاش تَفرُّ مِن غاياتِ السَّواد المَجبولَة برُفاتيَ الذي لا أجده صادِقا ً وأنا أتلمَّسُ جرحه وإقبالَه لـ قَبرٍ يليق به , فمَفاتيحَ الخُروج إلى بَياضٍ مِن خَلق هذه الانشغالاتِ المُركَّزة في العَقل تائِهَة ما بَين الرَّماد وأصوات إنحِلالِ العُقود التي تُرمَى في بَحرٍ مُغتَصبُ الحَياة , زَعمتُني ألهثُ في مُكابَدة الغَريزَة والفِطرَة المُقوّيَة لـ إنسيَّتي , وما عَلِمت أنَّ الفِطرَة في وادٍ لا أجِده إلا تَذَكُّرا ً حينَ صَفعٍ إلهيٍّ قَويم , كأنَّ غازَ الوجود حُقنَ في دِماغي لأتصيَّر في مرآة كاذِبَة لا تَجدُ مِن مَلامِحي غيرَ شَخصٍ آخر لا أعرِفه , نَزفَت ما استَطعت مِن تَكهُّناتٍ هاجَمت المَسامَ وجَريانَ الدِّماء الواصِلَة إلى لُبِّ عَقليَ المَنخور بدقَّة المُحتَرفين لـ تَعديمِ غايَة النَّجاة وذاكَ الشَّيطانُ المُوسوِسُ يَبتَسِمُ لـ فاعليَّته في صَدِّ الحُريَّة عَن مَرماي ولا اَستَند إلا لـ خيوطِه العالِقَة في أنسِجَة ضَميري , تقيَّأت مَنالَه واستَعذتُ مِنه لـ أجِدَ نورا ً يُفضي إلى سُكون أو هُدوء يَشرَح إقبالي لـ ربٍّ حَكيم , وما تَزالُ الحَربُ قائِمَة في خِلدي على تَثبِيت الخَير ولَعق الشَّر مِن على كَتفيّ لأنحازَ على إرضاءٍ تامٍّ يَفكُّ أسرَ رَقَبتي مِن لَهبٍ لا يَرحَمْ , أظًنُّها الحَياةُ تأكُلُكَ مِن حَيثُ لا تَحتَسب , تُقيمُ عليكَ المَوانِع وأنتَ راغبٌ بِها , وتًثقِلُ عليكَ مَعنى أن تَكونَ بَشرا ً يَميلُ إلى دَفع الضُّر عَنه , تَكادُ تَبكِ وتَضحَك على هذهِ التَّرانيم المَعقودَة بِحنكَة في قَرار وُجودك ولا تَجدُ أنّك في نِضالٍ مَع ذاتِكَ المُيَسَّرِ لَها أن تَرضى رَغما ً عَن نَواياها , فـ الاستِسلامُ واجب والصَدُّ كُفرْ وأنا بَينَ ذَلك أتلَوّى وَحيدا ً غَريبا ً , أصطَنع كلَّ شَيْ وأخلِقُ عَوالِمَ جَديدَة كُتِبَ فيها الوَهم واقِعا ً لا زَال يَنهَشُ بِعَضُدي حتَّى أشَرَب كَيدَه كَما يَنبغي فـ اللّهُ ناظِرٌ أمريَ وكُلّي طَواعيَة تَذرف دَمَع المَضمونْ .