تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرسالة الثانية: (ما أحببتْكِ حبًّ الرجال للنساء).


أحمد الفلاسي
12-15-2009, 03:06 PM
كتبتْ إليَّ ذات مرة وقد استجمعتْ خيوط الدلال في رسالتها المتمنعة الراغبة فقالت:

"أديبي وشاعري: ملكْتَني بحبك.. حتى إني لم أفلتْ من قبضته الحانية إلا وسلّمتُ نفسي بين يديه متدللةً هائمة، ولولا طبيعة الحب وميثاقه المستعلي على حصر الحد، والعد، لسألتك ما لون حبك لي ،وما شكله، وما وزنه..إن لحبك لي ما يميزه ، فقل لي بالله عليك: ما سر هذا التميز، وما ميزة هذا السر!!".

ومن هنا رددتُ عليها بالرسالة الآتية:
أديبتي ياحبيبة روحي...
قلتُ لكِ يوماً :أنا ما أحببتك حبَّ الرجالِ للنساء..وأخذَتني العبارةُ في طَيَّةٍ من خيالاتِ الفكرِ، وجالتْ بي فوقَ قُبّةِ الكونِ الفسيح كيْما أجدَ تعليلاً واحداً يفُكُّ طِلْسَمَها المعقودَ على قلبي ..وما كانت إلا نظرةً لحالي حتى انكشفَ الغطاءُ فسلّمتُ لخاطرةِ القلبِ هذه وأذعنتُ، وعلمتُ- يا حبيبتي- أنّ أهمَّ مايميز حبي لك ليس عرضاً جانبياً إنما هو جِبِلَّةٌ خِلقيةٌ تأنفُ المحاكاةَ أو المشابهةَ ..
حبيبتي:إن التميَّزَ في الحب نابعٌ من تميزِ المحبوبِ في عينِ من يحبهُ، فبقدرِ ما تفردتِ في ذاتي وعيني، وبقدرِ استقلاليتكِ عن الشبيهِ في مواطنِ الحسِّ لديَّ يتفردُ حبُّكِ في قلبي مستقلاً بخصوصيةٍ تكادُ تمحو كلَّ ماقاربَها أو ضارَعها محوْ استحالةِ الوجودِ تأصيلاً وتأسيساً..وحينَها أقولُ لكِ: لم أحبَّك حُبَّ الرجالِ للنساءِ.
حبيبتي: لأولِ مرةٍ يختلجُ قلبيَ إحساسُ التكاملِ في الحب! ذاك لأن الحب في عادةِ البشرِ إنما يهيمنُ على القلب تحديداً ..أمّا حبكِ فقد بسطَ سلطانَه على عرشِ حياتي كلها فأنّى اتجهتُ، وحيثما، ومتى، وأينما، ولَّيْتُ رأيتُك شريكةَ حِسّي، وجارةَ خاطري، والرأيَ السديدَ الحصيفَ في معاقدِ أمري..ويالَها من بسطةٍ بل ومزجةٍ أضافتْ إلى عيني بصراً جديداً يجعلُني لا أرى الوجودَ إلا من خلالك . سألت نفسي : ألهذا النوعِ من الحب شريكٌ أومثيلٌ ؟ فانبرى لسانُ الحال قائلاً: أنا ما أحببتك حبّ الرجال للنساء.
حبيبتي: ولأول مرة أجدُ الحبَّ يبحثُ في زوايا الروحِ ، ويستطلعُ معراجَ السموِّ في النفسِ كما يستطلع المتحري هلالَ رمضان!!. وما مشكاةُ النورِ المنبعثةُ من جذوةِ الشمسِ إلا صورةٌ مصغرةٌ عن قنديلِ قلبي المضيءِ برسل حبكِ ...
هنا وأمامَ هذا المنظرِ النوراني أحسستُ أنّ حبكِ لا تنزِعه رغبةٌ دونيةٌ سفليةٌ!! إنما تبعثُه السماءُ مع أمواج الطَّيفِ الصافيةِ النقيةِ ليصنع للعيون صفحةً جميلةً مشرقةً من بديع هذا الكونِ تُثبِتُ على سطحِها تنزيهَ الخالقِ وتسبيحَه، وتتيحُ في فضاءات القدرةِ فرصةَ العناقِ الطاهرِ بين حبي وحبك، وروحي وروحك.
وهنا حَلٌّ الطلسمِ المعقودِ في أنني ما أحببتك كما يحب الرجال النساء.
ويا للْعجبِ من حبك حين يرسِمُكِ في عيني- ورغم بعد المكان – لا يستثني عن ناظري شيئاً منكِ ولا يرضى أن يدخلَني عليكِ إلا وأنتِ على عرش الملك سلطانةَ قلبي وملكةَ شغافه، تربعتِ على كرسي الجمالِ حتى طاعَ لك قيادُه ، وامتثل أمرَك مقادُه..فأنت يا روحي خَلقٌ خاصٌّ لا يطّلعُ على سر خصوصيتك وتفردك إلا قلبي.أعَلمْتِ الآن لِمَ أحببتُك لا كما يحب الرجال النساء!

عطْرٌ وَ جَنَّة
12-15-2009, 04:00 PM
يا أحمد تَكْتُب بِطَريقةٍ الأشرعة , تِلك التي يَحميها الْبَياض ُ مِن الْزرقةِ الْغَرِقة فِي الْبَحر ..
وَ الْتَي تستظلّ فِي جوفها الرّيح الْمُلوّنة بِتدافعٍ رَهيبٍ , ونِتاجُ ذَلك : مُرور مَراكبِ الحُلم إلى عَوالمِ أُخرى .
أيضاً تكتب بِتفردٍ يُميزه التأني فِي الحُب واللغة , إذ أشعُر بأني أقرأ لك وأنا استغرق ُ وقتاً مُطوّلاً فِي الشهيق وَ الزفير ..
وقتاً طَيباً بِالطبع ,

- جميلٌ وَ لَياقة الْمَاء فِيك
جَذابةٌ جِداًhttp://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif

د. منال عبدالرحمن
12-15-2009, 04:03 PM
على قدرِ ضياءِ الشّوقِ في السّؤالِ , أتّت الإجابةُ عى هيئةِ قوسِ قزحٍ من الحبّ ..
رسالةٌ يحملها المطرُ و يُوصلها الصّحو .
شفيفٌ جدّاً .

شُكراً أستاذ أحمد .

بثينة محمد
12-16-2009, 12:13 AM
لا أستطيع مقاومة تخيل حكايتكما :)


حقا ، معجبة أنا بهذه اللغة :)

أحمد الفلاسي
12-20-2009, 02:42 PM
يا أحمد تَكْتُب بِطَريقةٍ الأشرعة , تِلك التي يَحميها الْبَياض ُ مِن الْزرقةِ الْغَرِقة فِي الْبَحر ..
وَ الْتَي تستظلّ فِي جوفها الرّيح الْمُلوّنة بِتدافعٍ رَهيبٍ , ونِتاجُ ذَلك : مُرور مَراكبِ الحُلم إلى عَوالمِ أُخرى .
أيضاً تكتب بِتفردٍ يُميزه التأني فِي الحُب واللغة , إذ أشعُر بأني أقرأ لك وأنا استغرق ُ وقتاً مُطوّلاً فِي الشهيق وَ الزفير ..
وقتاً طَيباً بِالطبع ,

- جميلٌ وَ لَياقة الْمَاء فِيك
جَذابةٌ جِداًhttp://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif








كما تشاءين من هذا الفحص النقي لمفرداتي وتراكيبي، فإنك كما عهدتك ذات حس أدبي رفيع..

الأديبة الخبيرة بسبر الشعور الراقي عطر وجنة....تعجز كلماتي مهما أوتيت من بيان أن تحاكي جمال روحك هنا...لك الود

صبا الكادي
12-20-2009, 04:01 PM
أحمد الفلاسي

لم تُكتب الإجابة بل رُسمت رسماً..

نص له أن يعتلي الغمام..فـ يعلو له النظر

سلمت وسلم قلبك

أحمد الفلاسي
12-24-2009, 08:50 AM
على قدرِ ضياءِ الشّوقِ في السّؤالِ , أتّت الإجابةُ عى هيئةِ قوسِ قزحٍ من الحبّ ..

رسالةٌ يحملها المطرُ و يُوصلها الصّحو .
شفيفٌ جدّاً .


شُكراً أستاذ أحمد .



وعلى قدر ما تملكين من حس أدبي مرهف جاءت نظرتك للنص لا تزيده إلا جمالا وبهاء...
الأستاذة منا...مدين أنا لك بهذا الوفاء الأدبي الرائع.

أحمد الفلاسي
12-24-2009, 08:53 AM
لا أستطيع مقاومة تخيل حكايتكما :)


حقا ، معجبة أنا بهذه اللغة :)

هذا لأنك لا تقراين الجمال بل هو الذي يتملاك في نصاعة حرفك، وثاقب حكمك يا بثينة.....تقبلي ودي.

أحمد الفلاسي
12-29-2009, 11:07 AM
أحمد الفلاسي

لم تُكتب الإجابة بل رُسمت رسماً..

نص له أن يعتلي الغمام..فـ يعلو له النظر

سلمت وسلم قلبك





كم شرفني حضورك البهي يا صبا الأدب ..دمت بهذا الألق.

وَرْد عسيري
12-29-2009, 01:55 PM
كَآخرُها جَاءت - روحي - تُثبتُ الجَواب و تُؤصِل اللطافة فِي ردِها ،
و كـ ثَانِية ٌ لَها .. جِئتَ كما الوابِل تُخلصُ اللغَة مِن ثقلِها باليُسورةِ و البرِاعة ، وَ فِي هذه الكِتابَة
و على حالةِ الرسائِل .. تشتدُ حَالاتُ البلاغَة وَ الجَمال حيثُ أنك تضعُك برقةٍ عالية و طيبٍ و خير .


سلمت
-

أحمد الفلاسي
01-07-2010, 08:43 PM
كَآخرُها جَاءت - روحي - تُثبتُ الجَواب و تُؤصِل اللطافة فِي ردِها ،
و كـ ثَانِية ٌ لَها .. جِئتَ كما الوابِل تُخلصُ اللغَة مِن ثقلِها باليُسورةِ و البرِاعة ، وَ فِي هذه الكِتابَة
و على حالةِ الرسائِل .. تشتدُ حَالاتُ البلاغَة وَ الجَمال حيثُ أنك تضعُك برقةٍ عالية و طيبٍ و خير .


سلمت
-



كم تألقت لأنك كنت هنا يا ورد...لك ودي الخالص.