مشاهدة النسخة كاملة : [ كتب للقراءة ] ( 1 ) .. !!
صالح العرجان
10-01-2010, 11:03 PM
١
أيها العقل من رآك؟
عبد الله القصيمي
إن احتمالات ثورة المغامر ضد الحاكم الفاضل أقوى من احتمالات ثورته ضد
الحاكم الشرير. إننا قد نجرؤ على اصطياد الحيوان الفاضل أكثر من جرأتنا على
اصطياد الحيوان المفترس.
إذا كان الفساد لا يقتل فكيف يقتل النقد؟!
لو كان نب ي مصابا بالبرص، بع َ ث إلى قوم من الب رص، لكانت الإصابة بهذا الداء
شرطًا من شروط الإيمان بالله!
إن المؤمنين بالله وبالأديان يصنعون ما قاله نهرو عن الهنود: "إنهم يعبدون البقر
ولا يفعلون له ما يجب. ولو أنهم أعطوا البقر ما يريد ولم يعبدوها لكان
احترامهم لها أفضل."
إنهم يتصورون الله قيصرا أو زعيما ضالاً، ينشرح صدره للنفاق وقصائد
الامتداح، ويفقد بذلك وقاره.
إن الدعاء والصلاة لله اتهام له. إنك، إذا دعوت الله، فقد طلبت منه أن يكون أو
لا يكون. إنك تطلب منه حينئذ أن يغير سلوكه ومنطقه وانفعالاته. إنك، إذا
صليت لله، فقد رشوَته لتؤثر في أخلاقه ليفعل لك طبق هواك. فالمؤمنون
العابدون قوم يريدون أن يؤثروا في ذات الله، أن يصوغوا سلوكه.
٢
إن الذي لا يعلم بوجودي لا يعد مسيئًا إل ي. ولكن المسيء هو الذي يعلم بوجودي
ويعلن اعترافه بي، ثم ينسب إل ي الشرور والنقائص.
إن الشيخ الذي يملأ لسانه بالله وتسبيحاته، ويملأ تصوراته بالخوف منه ومن
جحيمه، ثم يملأ أعضائه وشهواته بالكذب والخيانة والصغائر وعبادة الأقوياء،
لهو أكفر من أ ي زنديق في هذا العالم.
إن الإله، في كلِّ افتراضاته، هو سلوك، لا ذات فقط. فإذا لم يوجد سلوك إله فلن
توجد ذات إله.
لقد وجِ دنا، فأردنا وجودنا، ثم وضعنا له تفسيرا عقليا وأدبيا.
إننا نحب حياتنا وأنفسنا بقدر ما نستطيع، لا بقدر ما نعرف. إننا لم نعرف شيئًا.
إنه لا يوجد منطق في أن نخلق المرض لكي نتعالج منه، أن نسقط في البئر لكي
نناضل للخروج منها. وليست حياة الإنسان، في كلِّ أساليبها ومستوياتها، سوى
سقوط في البئر ثم محاولة الخروج منها.
إن جميع ما يفعله البشر ليس إلا علاجا لغلطة وجودهم.
إن الإنسان هو وحده الذي تحدث عن الآلهة ودعا إلى الإيمان بها.
٣
لقد خلق الإله الإنسان لكي يعبده ويطيعه. ولكنه كان يعلم قبل أن يفعل ذلك أنه
لن يعبده ولن يطيعه. فهل كانت رغبته في عبادة الإنسان له غير ناضجة، أم
كانت خطته لتحقيق رغبته غير كافية؟
إن من أسوأ ما في المتدينين أنهم يتسامحون مع الفاسدين ولا يتسامحون مع
المفكرين.
إن المطلوب عند المتدينين هو المحافظة على رجعية التفكير، لا على نظافة
السلوك.
إن افتراض أن العقائد القوية هي التي تصنع الأعمال الكبيرة غير صحيح. إن
حوافز الإنسان، لا عقائده، هي التي تصوغ كلَّ نشاطاته.
الإنسان، قبل تدينه، وجد أن من الصعب عليه أن يكون ملتزما بضوابط الحياة
المثلى، فتدين لأنه وجد أن من السهل أن يكون معتقدا.
أكثر الناس خروجا على التعاليم هم أقوى من وضعوا التعاليم. إن أفسق الحكام
والمعلِّمين هم أقوى الناس دعوةً إلى الأديان والأخلاق.
لو كانت الفكرة تعني التقيد بها لما ابتكر الناس الأديان والمواعظ والأخلاق
المكتوبة.
لو كان الإيمان ملزِما لكان مستحيلاً أن يوجد في التاريخ كلِّه مؤمن واحد.
٤
الناس، في كلِّ العصور، هتَّافون على مستوى واحد من الحماس. هتفوا لجميع
الحكام والزعماء والعقائد والنظم المتناقضة: هتفوا للإيمان بالله والإيمان
بالأمجاد، للمَلكية والجمهورية، للديمقراطية والدكتاتورية، للرأسمالية والشيوعية؛
هتفوا للعدل والظلم، للقاتل والمقتول.
إن الناس لا يؤمنون بالأفضل والأخلاق، بل بالأكثر صخبا وتجاوبا مع
الأعصاب المتعبة.
أنت تتكلم، إذن أنت تحاول أن تقول غير ما تقول، أن تقول غير نفسك، غير
الأشياء التي تتحدث عنها.
الناس لا يتحدثون عن الأشياء كما هي، بل كما يريدونها.
إنك حينما تَ صدق أحيانًا إنما تريد أن تهرب من الصدق.
إن اللغة تعني دائما الفرار من معنى اللغة.
الناس لا ير حبون بالداعية ويتبعونه، ولا يؤمنون بالنبي ويرون معجزاته،
احتراما أو اقتناعا أو رحمة، بل احتجاجا وبحثًا عن صارخ متألِّم ليصرخوا
وراءه، ليصرخ لهم وعنهم، ليصرخوا به.
إن آلهة الإنسان وعقائده ومثُله وأخلاقه هي مجموعة أخطائه اللغوية.
إن الفرق بين الشيء ونقيضه يساوي الفرق بين رغبتنا فيه ورغبتنا عنه.
٥
قتلي لعد وي عدل، وقتلُ عد وي لي ظلم. رأيي وديني صواب، ورأ ي المخالفين
ودينُهم خطأ. هذا منطق كلِّ الأذكياء – وكلِّ الأغبياء.
إننا لا نعادي المخالفين لنا لأنهم ضد الفضيلة أو ضد الإيمان والحق، ولكن لأنهم
ضدنا. إنهم مخطئون لأن إرادتهم ومصالحهم تُناقض مصالحنا وإرادتنا.
إننا دائما نحن الوحدة القياسية للآلهة والمذاهب والناس وكلِّ الأشياء. إن كلَّ
شيء يجب أن يف سر بنا. حتى الآخرون الذين هم مثلنا، يجب أن يف سروا بنا –
وإلا فهم خونة ضالون.
إن الخلاف بين الشعوب والأفراد ليس على المذهب والتفكير، ولكن على الكينونة
والإرادة.
إن ما يصنعه الإنسان هو أعظم من الإنسان. إن أفكاره ومثُله وعقائده هي دائما،
وفي التاريخ كلِّه، أطيب وأنظف وأذكى منه – مع أنه خالقها.
كم هو غير منطقي أن يكون المخلوق أعظم من الخالق، ثم لا يستطيع هذا
المخلوق الكبير أن يغير خالقه الصغير!
ما أعظم أن يصنع الإنسان نفسه بالأسلوب الذي يصنع به حضارَته وأدواتها!
لقد كانت عبقرية الإنسان أن يخلق الأشياء على نموذج نقائصه، لا أن يخلق نفسه
على نموذج نظرية مثالية ليصبح بلا نقائص، ليصبح شيئًا فوق نفسه.
٦
ما أعظم الفرق وما أطول المسافة بين أخلاق البشر النظرية وأخلاقهم السلوكية
والنفسية!
إن أشد الناس إيمانًا بالنظريات يتعايشون ويتلاءمون مع النظم المخالفة
لنظرياتهم.
إن النظرية هي تحويل الواقع إلى صورة فكرية. ولا يمكن تحويل النظرية إلى
صورة مادية.
إن البشر لا يصنعون انفعالاتهم؛ إذن هم لا يصنعون أخلاقهم، لأن الأخلاق
ليست سوى انفعالات قد ح ولناها إلى تعبيرات أخلاقية.
إن كلَّ تربية البشر الأخلاقية والاجتماعية الصالحة تعني تعليمهم نوعا من
السلوك، لا نوعا من الشعور و الحب، لأن الشعور والحب لا يعلَّمان.
إن الأخلاق، في كلِّ العصور، هي إتقان ف ن التكلف والكذب والتزوير. حتى
الإحسان للآخرين والإشفاق عليهم هو عطف على الذات، لا عليهم.
إن من أعطاك فرصة أن تعرض إشفاقك عليه هو من أحسن إليك.
إن الفرق بين الفاضل والرديء هو اختلافهما في تلاؤمهما مع الأشياء لاختلاف
المستويات والظروف التي تواجههما والتي يعيشان فيها.
إن الفضيلة هي أن يتوافق الإنسان مع الطبيعة – لا أن يتجنبها أو يخافها أو
يعجز عنها أو يح رمها أو يعبدها.
٧
الرذيلة، في جميع أساليبها، هي أن يصطدم الإنسان بالطبيعة.
إن الحياة حركة، لا تشريع. إنها لا تُتَعلَّم، بل تخرق التعاليم. أما الإنسان فهو آلة
وحافز.
إن الذين ينزعون إلى تقييد حياتهم بالمح رمات، تدينًا أو تغنِّيا بالفضيلة، إنما
يكشفون بذلك عما في أنفسهم من استعداد للهرب من الحياة.
الذين يح رمون على البشر سلوكًا أو شيئًا ما إنما يعنون أن يح رموا عليهم الذكاء
والحرية والمقاومة.
إن التحريم يعني أنه يوجد شيء فوق البشر؛ إنه دائما دلالة أليمة على أن
الإنسان محكوم من بعيد.
إنه لولا رجال أصحاء جاءوا يبشِّرون بالحياة ويصنعونها ويمارسوها، جاءوا
يدعون إلى مجد الأرض ويشيدوا بمجد الشهوة والغريزة بسلوكهم ومنطقهم، لما
استطاعت الإنسانية أن تعبر الصحراء الرهيبة الفاصلة بين البداوة والحضارة.
الفضيلة قدرة، لا فكرة.
كيف يستوعب العقل البشري أن الآلهة تغضب على الذين يضحكون ويفرحون
وترضى ع من يحزنون ويبكون؟!
٨
أهل الأديان يريدون تحويل التاريخ كلِّه إلى مبكى بعد أن ح ولوه إلى معبد. لقد
ابتكروا خصاء الرجال ليفقدوهم كلَّ طموح إلى الحرية والتمرد والاستقلال
والمقاومة، ليفقدوا حوافز المجد والغضب للكرامة عند فقدانهم الرغبة الجنسية.
إن الشهوات هي التي تغير الأفكار وهي التي تخلقها. عواطفنا هي التي تحكم
عواطفنا، وشهواتنا هي التي تحمينا من شهواتنا.
عندما نشعر بفقدان الحماس لشهواتنا تفقد عقوُلنا كذلك نشاطَها.
إن الفضيلة ليست شيئًا غير الشهوة. إن محاولة الحصول على الفضائل بإضعاف
الشهوات كمحاولة الحصول على الشيء بإعدامه، كمحاولة تقوية الرؤيا بفقء
العين.
إن الله لم يخلق هذه الدنيا وهذا الكون إلا بحثًا عن السعادة لنفسه.
الاستقامة والأخلاق نوع من الفن، شهوة وقدرة وإرادة وموهبة وذكاء وظروف
تتلقى ذلك وتتعامل معه، تل ونه بلا قداسة أو نب وة.
الأخلاق معركة ينتصر فيها أقوى الأسلحة الضاربة. والمعارك إنما تصنعها
وتفصل فيها الشهوات. فالأخلاق شهوات تلاءمت مع ظروفها.
إن الأخلاق عند الإنسان وحكمه على الأخلاق يتبدلان بتبدل وضعه الاجتماعي
أو حالته النفسية أو صحته. إن أ ي اختلال في إحدى غدده أو كبده يغير شعوره
وتصوره وتفكيره واستجاباته الأخلاقية. إن الضعفاء يتصورون الأخلاق على
غير ما يتصورها الأقوياء.
٩
إن الذين لا يجيدون الابتسام قد ينتهون إلى تشريع البكاء والدعوة إليه كعبادة.
إن صفات آلهة الإنسان موجودة في ذات الإنسان، لا في ذات الآلهة.
إننا لا نستطيع أن نخرج من عبودية شهوة أو أن نرد طغيان شهوة إلا بشهوة
أقوى.
ما أكثر المؤمنين الذين يرتكبون جميع ما يستطيعون من معاصٍ، معتمدين على
التوبة في آخر المطاف، أو معتمدين على سعة المغفرة.
إن أية عقيدة لها تأثير على سلوكنا بقدر ما تستجيب لشهواتنا.
أقوى الناس اشتهاء للدنيا هم من أبدعوا أقوى الأوصاف وأكثرها تعريةً وفضحا
لشهوات الآخرة. لقد جاءوا بأبذأ الأساليب في التشويق إلى اللذات المنتظرة
هناك. والذين كانوا شعراء في وصفهم لنساء الآخرة كانوا حتما شهوانيين جدا
في أشواقهم نحو نساء الدنيا. لقد اشتهوا ما هنا فوصفوا كشعراء ما هنالك.
إن الشهوات هي الجياد الأصيلة التي رفعتْ جميع العظماء على صهواتها ليحتلوا
أكبر أماكن التاريخ.
إن تسليح الأفراد بالشهوات القوية كتسليح الجيوش بالأسلحة القوية: ليس لأي
منهما فضيلة أو معنى إلا بذلك.
إن كلَّ إنسان أو شعب يفقد الحماس تصاب مواهبه كلُّها بالعجز.
إن أعظم شيء يتفوق به الإنسان على كلِّ ما في الوجود هو موهبة التحدي.
١٠
يا شعوبا أنهكها البحث عن الفضيلة! جربي البحث عن الرذيلة – فقد تجدين بها
ما تفتقدين من فضائل.
إن الله لا يريد أن نكون وحدنا مؤمنين، ويكون غيرنا كافرين – يفعلون هم
الشهوات والعبقرية المح رمة والإبداع والحياة، ونفعل نحن الفضائل للموت
والطاعة والخوف؛ يفعلون هم الحضارة، ونفعل نحن المواعظ والأنبياء.
الضعفاء أقرب إلى الأخلاق لأنهم أعجز عن عصيانها؛ وهم أيضا أبعد عن
الأخلاق لأنهم أعجز عن تحقيقها وتحصيلها.
إن العلم والحياة لا يصنعان الأخلاق، وإنما يصنعان القوة. إن القوة دائما ضد
الأخلاق؛ لهذا لا ينتظر ازدهار الأخلاق مستقبلاً، بل نمو القوة الإنسانية.
إذا اتبعتُ الحقَّ واحترمتُه فليس لأني فاضل، وإذا اتبعت الباطل فليس لأني
شرير، ولكن لأني في الحالتين إنسان. إني أفعل ذاتي دائما.
أنا أفكر وأتكلَّم كشريعة، ولكني أحيا وأنفعل وأخطئ كطبيعة.
لا يولد موقفُ الإنسان معه. كلُّ إنسان يولد بلا موقف، حيث يصنع موقَفه تحت
عدد لا حصر له من الاحتمالات الحمقاء.
نحن نسمي بطلاً كلَّ من لم يجد الفرصة لكي يكون نذلاً.
الأخلاقي هو من ي صدق مرة واحدة ليكذب عشرات المرات.
يتبع
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
صالح العرجان
10-01-2010, 11:06 PM
أيها العقل من رآك؟
عبد الله القصيمي
١١
ما أسخف الحياة لو كنا لا نفكر ولا نعتقد إلا ما نفعله.
الذين يفعلون الصواب لا يفعلونه لأنهم يحترمون المنطق. كذلك الذين يفعلون
الخطأ، لا يفعلونه لأنهم يحترمون المنطق. ليست الحضارة أو الأخلاق أو فقدها
منطقًا أو فقدا لمنطق. إنها قدرة أو فقد للقدرة. ليس أعظم الناس إبداعا وحضارة
وأخلاقًا هم أعظمهم منطقًا.
حينما نشتبك في مناقشات ومبارزات جدلية لا نستعمل في الحقيقة عقولنا، وإنما
نستعمل أعصابنا وتوتراتنا – أيدينا من بعيد. إن من يقاتل بعقله إنما هو يقاتل
بيديه اللتين أخفاهما وراء كلماته.
إنك، إذا استعملت منطقك ضد إنسان، فأنت تريد أن تقتله أو تسبه أو تهزمه،
ولست تريد أن تعلِّمه. إنك حينذاك شاتم، لا معلِّم.
إن الإنسان لا يفكر أو يناقش ليخلق حالة، بل ليشرح حالته. إننا لا نستمع إلى
من يفكر أو يناقش لنتعلم منه أو لنفحص عما نسمع، ولكن لندافع عن حالة نحياها
أو نتمناها أو نريدها.
*
أنا أفكر لأني أحيا، ولا أحيا لأني أفكر. أفكارنا دائما تعبير عنا، ولسنا تعبيرا
عنها. كلُّ جهاز يصنع عمَله، ولا يصنعه عمُله.
الآلام قد تتحول إلى أفكار، لكن الأفكار لا تتحول إلى آلام. قد يصبح التشاؤم
تفكيرا، لكن لن يصبح التفكير تشاؤما. لو كانت الأفكار تصنع الناس لأمكن صنع
١٢
أعظم الشعوب بإعطائها أعظم الأفكار. الشعوب العظيمة تبدع أفكارا عظيمة،
لكن الأفكار العظيمة لا تبدع شعوبا عظيمة.
كلُّ شيء يمكن أن يؤدي عمله بما يمكن أن يسمى غريزة الأشياء.
إن الأنبياء لم يبعثوا إلى الناس والوحي لم ينزل عليهم لأنهم أفضل من الكائنات
الأخرى، بل لأنهم أجرأ وأقدر على الادعاء والكذب باسم الكائنات البعيدة
الصامتة.
إن أشد الفلاسفة احتقارا للعالم ولما فيه من آلهة وعظماء وشهوات لا يقل، في
استمساكه بالحياة وقبوله للهوان فيها، عن أبسط الناس وأقواهم إيمانًا بحكمة
الكون وثقة بأربابه الذين صنعوه ووضعوا فيه جميع أسرارهم وذكائهم ورحمتهم.
إن الشيء، لكي يعيش وجوده، لا يحتاج إلى مب رر، حتى ولا من نفسه. إن وجود
الشيء مب رره.
إن المنطق، في جميع حالاته، هو الإنسان.
لم تكن أديان البشر وأفكارهم وآلهتهم تعبيرا عن خوفهم من الكون ومن
محاولاتهم لتفسيرها والتناسق معه، بل لقد كان تعبيرا عن خوفهم من أنفسهم
ومن محاولاتهم لتفسيرها والتناسق معها.
إن اختلاف الناس في الآراء والمعتقدات لا يعني اختلافهم في تفسيرهم للكون،
وإنما يعني اختلافهم في تفسير أنفسهم.
١٣
إن منطق الإنسان هو محاولته فهم الكون ليتلاءم معه.
كل شيء في الوجود خاضع للوحة قانونية تحتوي على كلِّ أجزائه، كما يحتوي
القانون العلمي والرياضي أجزاء هذا القانون كلَّها، أي كما يحتوي الشي ء نفسه.
إنه غير ممكن أن توجد القوانين الموجدة للشيء ثم لا يوجد ذلك الشيء.
القوانين العلمية ليست سوى قوانين كونية صيغت في كلمات – أي أن قوانين
الكون ومنطقه قد تحولت إلى منطق إنساني.
العالم كلُّه وجميع أنواع المعرفة مأخوذة من الكون، لكن الكون ليس مأخوذًا من
شيء. نحن على مقاس الكون، والكون ليس على مقاس أحد.
إنه محتوم وجود أول ليس له أول. والأول بلا أول ليس مأخوذًا من شيء، ولا
يمكن أن يكون علميا أو أخلاقيا.
لا فرق بين صنع قلم وصنع كوكب يطَلق ليسير بين المجموعات الكونية الهائلة،
حيث إن كليهما خاضع لقوانين محتومة.
إن معنى الوحدة القانونية معنى كبير. إن معرفة قوانين إحدى وحدات هذا الكون
والسيطرة عليها تعطي الفكرة نفسها عن سائر الوحدات الأخرى المماثلة.
إن وظيفة المنطق الإنساني أن يتتبع القوانين الكونية ليصيرها إلى قوانين علمية
ومقدمات لنتائج.
١٤
لا توجد منطقة من مناطق الكون مح رمة على منطق الإنسان، لأنه لا توجد
منطقة من هذا الوجود لا تحكمها القوانين التي هي من تصنيف منطق الإنسان
وتفاسيره.
إن جميع المفكرين المؤمنين يرون أن الفكرة التي يجدونها مبثوثة في هذا الوجود
هي أعظم البراهين؛ هي وحدها البرهان الدال على وجود الخالق المفكر المدبر
لخلقه بالفكر والمنطق الأزلي. إنهم يرون أن الكون وجِد وانتظم وبقي بالفكرة،
وبها يبقى. وهم بذلك يعتقدون أن الفكرة سابقة الوجود لأن الوجود قد كان بها،
ولم تكن هي به. إذن محتوم أن الفكر أبو الوجود. فلا شيء إذن فوقه ولا شيء
محرم عليه.
نحن لا نستطيع أن نفكر أو نضع قوانين منطقية من غير وجود مادي نأخذ منه
منطقنا وأفكارنا ونعكسها عليه ونحسبها به. فالمنطق والتفكير هما حركة المادة،
هما حساب هذه الحركة. بل لا وجود لمنطق ولا تفكير، وإنما توجد مادة لها
خصائص. إن إحساسنا بهذه الخصائص المادية هو ما نسميه منطقًا أو فكرة أو
قصدا مدبرا.
افتراض وجود فكرة خارج المادة كافتراض مثال خارج مادة.
المنطق يعرف بالحقيقة، لكن الحقيقة لا تُعرف بالمنطق.
منطق الإنسان هو منطق الإرادة كما ينبغي. أما منطق الكون فهو منطق الشيء
كما هو.
١٥
ليس من شيء فوق العقل. التفكير هو انعكاس الكون على الإنسان. الشيء الذي
نشعر نحوه لا بد أن نفكر نحوه. الفكر حركة، ولا شيء لا يتحرك في هذا الكون
– حتى لو أردنا نحن ذلك.
الطاقة النفسية هي التي تتحول إلى آلهة وشياطين، وإلى معابد وملاه، وإلى غناء
وصلوات.
القيود الفكرية ضرورة لكلِّ مجتمع؛ إنها ضرورة، لا فضيلة.
إن الإيمان بالله يل وث الله ويسقط الكون والإنسان. أما الإيمان بالكون والإنسان
فإنه يسقط الله. وأما الإيمان بالله والكون والإنسان فإنه يحقِّر الإيمان والذكاء.
إننا لا نجد حتى اليوم ذلك الذي جرؤ على الاستمساك برأيه أو موقفه إذا كان
يعيش فيه احتمال موت أو عذاب.
إننا جميعا أبطال – إذا كانت البطولة تعني في حسابنا الربح والشهرة.
ليس البطل هو الذي يدخل معارك لا نهاية لها مع الخصوم، وليس من يخترع
الخصوم اختراعا. البطل هو الذي يكسب الحياة والحرية للإنسان. وإذا استطاع
ذلك، بلا خصوم ولا خصومة، كان هذا هو النصر الذي تهتف له النجوم.
البطولة تصدر عن عقل متفوق آمن بأفكار متفوقة؛ وليس في الوجود كلِّه قوة
أقوى من قوة الفكرة العظيمة.
١٦
اقتحام الألم نوع من التفكير الصعب. وضخامة المغامرة ليست مفصولة عن قيمة
الهدف.
إن قوة المواقف قد تكون مأخوذة من قوة الحياة، لا من قوة الأفكار؛ وقوة الأفكار
مأخوذة من قوة الحياة وليس العكس.
الأمم الكبيرة بأفكارها تجيء كبيرة بأخلاقها. فلذة الألم في سبيل الفكرة الكبيرة
أكبر من الألم نفسه.
لا شيء يتفوق على إرادة الحياة غير إرادة الفكر.
إن المنتحر تحت فكرة – أو بلا فكرة – لأكثر نبلاً وشجاعةً من أ ي شهيد في أية
حرب.
نحن نفاخر أهل الأرض في أننا وحدنا المو حدون الذين يعبدون إلها واحدا، كبيرا
جدا، لا نُشرِك به أحدا. ولكن ما أكثر الأصنام التي نعبد، ما أكثر أصنامنا!
ليس الذي يصلِّي للشمس أو الوثن أو الأحجار أو الحيوانات أعظم شركًا من
الذي يصلِّي فكره واعتقاده ونظامه لأحد الموتى البعيدين عنَّا جدا.
الشهوة المتفجرة هي أمضى أسلحة الحياة؛ والإنسان الشهواني يفعل الحياة أكثر
مما يفعلها خامل الشهوات. لكن هذا السلاح أعمى؛ وهو حيوان حتى يحكمه
العقل. حينئذ يصبح مبصرا، يصبح إنسانا مبصرا.
لا توجد عقائد لو لم توجد عواطف؛ ولكن العواطف توجد بدون عقائد.
١٧
أمراضنا وآلامنا النفسية محتوم أن تتحول إلى قادة ودعاة وأنبياء. إن المص حات
العقلية والنفسية هي أحفل المواطن بالملهمين والإنسانيين – وأقرب الطرق إلى
السماء.
الدين، إن كان صدقُه قد علم بالعقل، فالعقل إذن صادق الحكم في رأي الدين،
وله، إذن، أن يحكم عليه في كلِّ الأوقات، لأنه هو شاهده. ولو شككنا، مع هذا
الافتراض، في العقل لكان هذا تشكيكًا في الدين نفسه على ما سبق.
إن الذي يعرف الله ووجوده بعقله يجب أن يعرف بعقله كلَّ شيء.
العقل لم يست َ شر في الأديان، وإنما أُخَذتْ بالتلقين والتتابع. فالذين يولدون في أ ي
دين يكونون من أهله.
الناس يجدون أديانهم كما يجدون أوطانهم وأرضهم وبيوتهم وآباءهم؛ يجدونها
فقط ولا يبحثون عنها أو يؤمنون بها أو يفهمونها أو يختارونها.
الناس في زماننا يعتقدون، ثم لا يفكرون، أو يفكرون فيما يجعلهم لا يفكرون.
لو كانت الأديان خاضعة لحكم العقل لضاقت الخلافاتُ فيما بينها وتناقصتْ، أو
لتداخلتْ وتو حدتْ كلُّها في دين واحد كالذي حدث في الموضوعات الصناعية
والعلمية التي ابتكرها العقل؛ أو لوجدنا المؤمن يخرج من دين إلى دين بالسعة
والسهولة التي ينتقل بها من فكر إلى فكر، من موضع إلى موضع.
الأديان لا تنتصر إلا في المعارك التي تتجنبها. فهي لا تحارب بالعقل ولا
تحارب العقل، أي لا تدخل مع العقل في معارك حرة – ولهذا ظلت منتصرة!
١٨
إن السماء، لو أرسلت لنا كلَّ أنبيائها ينهوننا عن الإيمان ويح رمون علينا كلَّ
عبادة، لعصينا كلَّ الأنبياء وبقينا نؤمن ونصلِّي ونتعبد. فالعبادة استفراغ روحي،
وعملية جنسية تؤديها الروح لحسابها، لا لحساب الآلهة.
أردنا، فتصورنا، فاعتقدنا، فاقتنعنا.
إن العقل الذي لا يتناقض هو العقل الذي قد مات. ولا يحتمل أن يثبت أ ي إنسان
حياته كلَّها على حكم واحد.
العقل يتغير لأنه شيء قوي. فالشيء القوي لا يثبت على حال. والقوي أكثر
تغيرا من الضعيف وغير الشيء. غير الموجود هو الدائم الثبات، لأنه لاشيء.
تناقُض العقل ليس ضعفًا فيه، لكنه يعني أنه يعمل في عدة ميادين وينظر إلى كلِّ
الجهات. والعقل هو الذي يدرك تناقض العقل. فالتناقض وإدراك التناقض
أسلوبان عقليان. وهو يدرك سخف العقل وهزائمه. العقل، ناقدا ومنقودا، هو كلُّ
المعرفة.
الخرافة تدعو إلى الدوام؛ والخرافة أكثر دواما من الحقيقة.
العقل عمل الوجود الحسي.
إذا ح َ كم العقلُ فحكمه أن يرى الحركة فقط ويف سرها.
الكون ومنطقُه هما الله ومنطقُه. ماذا لو طالب البشر حكَّامهم أن يحكموهم بمنطق
الكون؟!
١٩
الآلهة لا تستجيب لمن يدعونها ويصلُّون لها، إنما تفعل الواجب والحق. إذن لماذا
تُدعى ويصلَّى لها؟ وهل يدعى النهر ويصلَّى له ليفعل ما هو فاعل؟!
أي خالق هذا الذي يجعل مخلوَقه محتاجا للعذاب والتلوث والمعاناة والأحزان
ليكون مخلوقًا سعيدا؟!
إن الذي يصنع الش ر، وهو غير محتاج إليه ويستطيع أن لا يفعله، ش ر جدا من
الذي يفعله وهو محتاج إليه وعاجز أن لا يفعله.
الذي تكون شريعتُه فرض المثالية، كيف تكون حكمتُه الخروج على المثالية؟!
كيف يعاقب الإله على فعل أشياء هو يفعلها – مع أن الناس يفعلونها بالشهوة
والضرورة، وهو يفعلها بلا شهوة ولا ضرورة؟!
أنت ومخالفك، كلٌّ منكما يرى ما لديه هو المنطق، كلٌّ منكما يرى شيطانه هو
القديس، كلٌّ منكما يرى الله معه وحده.
إذا طلب َ ت أن يكون الآخرون منطقيين كنت تعني أن يكونوا متلائمين معك،
متَّبعين لك، مسلِّمين برأيك. ومن وقف عند منطقه بعناد وقف عند ذاته بعناد.
الذين لا يخضعون للمنطق هم الذين يصنعون المنطق. أما الذين يخضعون
للمنطق فسيظلون بلا منطق، لأن المنطق الذي يخضعون له سيح رم عليهم كلَّ
منطق.
٢٠
لا يوجد منطق متع صب ومنطق متسامح، بل يوجد قوم متع صبون وآخرون
متسامحون. فمنطقنا هو صورتنا، ولسنا نحن صورته.
المنطق، كما كيفما كان، ليس موجودا في ذاته، وليس منفصلاً عنَّا ولا متحققًا في
الشيء نفسه، إنما هو علاقة تصورية تقوم بين الكائن وذاته وبينه وبين ظروفه
الخارجية.
إن الشرير جدا يستطيع أن يكون فاضلاً جدا، وذلك بأن يبالغ في الثناء على الله
وعلى الأمجاد القومية التاريخية الخالدة، بينما يحتقرها في سلوكه بكلِّ أساليب
الاحتقار.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك" – إذن كيف يغفر لمن ينك ر
وجوده؟!
أليس الملحدون الذين يعيش على عبقريتهم المؤمنون أعظم فضيلة وتدينًا من
المؤمنين الذين يعيشون دائما على ذكاء غيرهم وقوتهم؟
الفاسق في عرف الدين، مهما كان نوع فسقه، ليس شريرا كالمفكر المخالف في
تفكيره.
العقائد القوية هي دائما جند مخلصون للطغاة والمستغلين. والجماهير هي، كما
تُح َ كم بالجيش القوي، تُح َ كم أيضا بالخرافة القوية.
يتبع
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
صالح العرجان
10-01-2010, 11:08 PM
أيها العقل من رآك؟
عبد الله القصيمي
٢١
إنه لصعب جدا أن تفعل دائما ما يرضي الناس. ولكن ما أسهل أن تعتقد أو تقول
ما يرضيهم!
إن أي داعية أو حاكم أو زعيم عرفه العالم بأنه أعظم من رفع راية الدعوة إلى
الدين والفضيلة، لو حوكم بنصوص ذلك الدين وبتلك الفضيلة أو بروحها، لكان
الإعدام جزاءه المتواضع.
كلُّ الذين يؤمنون بالله يؤمنون به كميت، كمصلوب.
ليست المعابد الكثيرة، في كلِّ مكان وعصر، إلا قبورا للآلهة.
وهل عزاء الآلهة أن يذهب عصاتُها إلى مقابرها لكي يبلِّلوها بالدموع الكاذبة؟!
أشد الناس حماسةً للأديان هم الذين لا يتعاملون مع إيمانهم.
نحن نعتقد لأننا عصاة؛ نحاول تحقيق معاصينا تحت شعار مقبول، لا لأننا أتقياء.
إنني أف ضل الرجع ي المستقيم على المتح رر المنحل.
ضمير الحضارة يبحث في المستقبل ع من يستقيم بلا عقيدة، لا عمن يعتقد بلا
استقامة.
جميع الكائنات المعروفة لنا – عدا الإنسان – تعيش بالحقيقة – والإنسان وحده
تقتله الحقيقة؟!
٢٢
الإنسان الذي يموت دفاعا عن مبدأ، أو في سبيل شيء، ليس إلا إنسانًا يعشق
ذاته إلى حد القتل لها.
ليس الإيمان والصلاة إلا أسلوبا من أساليب الغضب والرفض والهجاء. كان
المؤمنون يقولون في مخاطبة الله: "اللهم إنَّا نعوذ بك منك ونلجأ منك إليك" –
دعاء فيه أقسى مشاعر المرارة والمقاومة الضائعة، فيه كلُّ الهجاء والرفض
والهرب وكلُّ معاني الحرب. الإيمان والصلاة دائما احتجاج مستتر على الآلهة
التي تعرض ذاتها وعبقريتها عرضا يصدم الإنسان في منطقه وأنانيته
وضروراته، وينافي الأخلاق في جميع حدودها. حتى الإيمان بالزعماء والمذاهب
والنُّظُم ليس إلا نوعا من الاحتجاج والمعارضة والبكاء.
الحديث الشريف ليس إلا نقلاً للمجتمعات إلى المقابر، أو نقلاً للمقابر إلى
المجتمعات، لكي تعيش فيها مواهبها وتتعلم منها الخو َ ف من التغيير.
ما حكم العقل والمنطق في حديث "الذين يفسرون القرآن بآرائهم إما أن يصيبوا
أو يخطئوا؛ فإن أصابوا فقد أخطئوا، وإن أخطئوا فقد كفروا"؟
إن أي دين وثني لأقرب إلى التوافق مع الدين الإسلامي من الأحاديث بعضها مع
بعض – بل من الأحاديث نفسها مع الإسلام.
إن السجود الفكري هو المش رع لكلِّ أنواع العبوديات الأخرى.
أي إثم في أن يقول رجل صالح أنه سمع سحابتين تتحدثان بحماس وانفعال عن
جمال الإسلام وأنه خير الأديان وأن أهله سيحكمون العالم؟!
٢٣
أنت مؤمن بإعجازه، إذن هو معجِز. هو معجِز لأنك مؤمن بإعجازه، ولست
مؤمنًا بإعجازه لأنه معجِز. ليس معجِزا لأنه معجِز، بل لأنك مؤمن بذلك.
الحديث تشريع وإلزام – ومع هذا حرام كتابتُه! هل معقول الجمع بين كون
الشيء واجبا وبين كون كتابته حراما؟!
التدين عند العرب قبل الإسلام يشبه تدين اليابانيين اليوم – حيث إن تدينهم نوع
من الشعر والجمال والفروسية، وليس نوعا من الآلهة الحاقدة المتقاتلة.
المتسامحون يتحولون إلى متع صبين ليحموا تسامحهم من تع صب يتهدده!
تحضر الإنسان خارج المحراب ولم يتح ضر داخله.
الذين تغذوا بآثام الجاهلية كانوا أبطالاً في الإسلام أكثر م من تغذوا بتقوى
الإسلام.
التحريم، في جميع صوره، ليس إلا مقاومةً للحياة.
حرية الحب تود دائما أن تكون المادة الأولى التي تُصَنع منها كلُّ الحريات.
الغلطة الكبرى التي شاد عليها المحدثون أكثر أخطائهم هي اعتقادهم أن الرسول
كان إلها.
هل يصدق خيالُ المؤمن أن الله يتن زل من عليائه ليكلِّف جبريل بالنزول إلى
الأرض ليوحي إلى محمد بالأكل من ذلك الطعام، أو بلبس ذلك الثوب، أو بحب
٢٤
فلان وكره فلان، أو الأكل على الأرض، والنوم على الجانب الأيمن، وشرب
الماء أربع جرعات، أو بوضع الخاتم في اليد اليمنى، أو بركوب الحمار؟!
إذا كان ممكنًا أن يخاطبنا الله بواسطة ملاك فكيف لا يكون ممكنًا أن يخاطبنا
بواسطة ذواتنا؟! كيف نسمع الله بواسطة الآخرين ولا نسمعه بواسطة أنفسنا؟!
الذم لا يعني دائما إلا الامتداح. فإذا ذممنا قوما أو مذهبا فنحن في الحقيقة نريد
امتداح قوم أو مذهب آخر – نمدح هذا بذم ذاك.
الجماهير هي دائما الأوعية الهائلة لأضخم الخرافات والأكاذيب العالمية.
الجماهير دائما فراغ ينتظرون ملأه. إنهم دائما أتباع يؤمنون بالنبي والرجال
ويهتفون للبطل والمهرج.
الضرورة هي أصدق هاد للإنسان؛ إنها هي التي تبدع العقل والقدرة وأخلاقهما.
عندما يضعف الإنسان يقوى خصمه الذي هو الطبيعة. عندئذ يحاول أن يجد
حماية لنفسه، فيصنع الأرباب والأساطير لئلا يكون مكشوفًا أمام خصومه أو أمام
نفسه.
الحرية هي انعكاس القوة؛ فالأقوياء يتكافئون مع ما حولهم، فيقابلونه بلا خوف
ولا أوهام.
٢٥
الكذب عمل من أعمال المقاومة السلبية لما في الطبيعة من تناقض وعجز. إن
الكذب احتجاج يعلنه الإنسان ضد نظامه ووجوده وأربابه التي أثقلته بالتعاليم التي
لا يمكن التزامها لأنها ضده وضد الطبيعة.
إن من يكذب كأنما يعلن تكذيبه للآلهة والمعلِّمين الذين قالوا له إنك تستطيع أن
تكون فاضلاً بدون أن تكون الطبيعة فاضلة.
الصدق والكذب محاولتان للتعبير عن الذات بالتعبير عن اتجاه الإرادة
والمصلحة. إننا لا نحترم الصدق والكذب ولا نحتقرهما، ولكن نتعامل معهما.
إن الصدق بلا مصلحة لا يساوي، عند أعظم قديس، أكثر مما يساوي الكذب –
الكذب الذي ليس فيه مصلحة.
الفرق بين الصدق والكذب هو فرق في الوسيلة، لا في النية.
الذي يجتنب الكذب والنفاق يكذب وينافق باجتنابهما.
لا ي صدق إلا الأبله والطفل. والموتى وحدهم هم الذين لا يكذبون.
أكثر ما يباع في البشر هو أفضل ما فيهم. وأكثر من يباع من البشر هم أعظم
من فيهم. إن أقوى إنسان هو أكثر من يشَترى وأكثر من يبيع ويباع. إن الذي لا
يباع ولا يشترى من البشر هو وحده الميت.
٢٦
إن الذين تعيش أبصارهم في السماء سيرون الشموس والنجوم والمجرات الهائلة.
أما الذين يعيشون في ظلام الكهوف، مستملئين تصوراتهم بالتهاويل والأشباح
وجثث الموتى، فهي لهم.
الصدق حاجة لا فكرة؛ والحاجة متحركة لا ثبات لها.
الصدق ضرب من الأنانية وليس فضيلة نفسية؛ إنه حاجة من حاجات الصادق،
لا تضحية منه في سبيل المجتمع. الصدق والكذب صورتان لوجه واحد اختلفت
تعبيراته.
لا يستغني عن الكذب إلا من يستطيع أن يستغني عن الصدق أو يستغني عن
الحياة. والذي ي صدق، إذا اعتقد أن الصدق خير له، كالذي يكذب إذا اعتبر أن
الكذب خير له.
إن أكذب الناس هم الصادقون، لأنهم، حينما ي صدقون، لا يريدون أن يقولوا
الصدق، بل أن يقولوا شيئًا آخر. إنه الصدق الذي يراد به غير الصدق – وهذا
أشنع أساليب الكذب!
إن نية الكذب لا تكون صدقًا، مهما كان الخبر صادقًا.
حينما يجتمع الناس تختفي الحقائق وتظهر الخرافات والإشاعات والأكاذيب.
التاريخ هو ذلك الكائن الضخم الوقح الملوث الذي يقبض علينا بقسوة وإحاطة
دون أن يحتاج إلى أن نراه أو نؤمن به.
٢٧
الروايات هي آلام التاريخ وأمانيه العاجزة، تفجرت آهات في أخلاق الضعفاء
الأوائل، فصلَّى لها الضعفاء الأواخر.
ما أسهل الاقتناع بالفكرة التي تجعلنا فضلاء أمام أنفسنا وأمام مجتمعاتنا وتجعلنا،
مع ذلك، موعودين بأفضل الفرص والحظوظ – مع إعفائنا من تكاليف كينونتنا.
لقد ظل البشر، في أكثر عصورهم، يشترون الكذب بالحرية، والراحة بالحقيقة –
يشترون الإيمان بالذكاء.
إن الحديث هو استجابة لحاجة المتحدث، لا لحاجة المستمع.
لو كان البشر لا يتحدثون إلا حين يكون الحديث يعني شيئًا أو وسيلة إلى شيء
لظلوا أكثر أوقاتهم صامتين، ولما وجِد كلُّ هذا التراث الهائل من الكتب والتعاليم
والأديان.
إن من أشد العقوبات قسوة أن يمَنع الناس من الحديث الذي لا يفيد.
إن القيمة النفسية للحديث هي في أنه جهاز من أجهزة التصريف لانفعالاتنا
الأليمة التي تتجمع في داخلنا بسبب هذا التصادم المستمر بين إرادتنا وقدراتنا.
إن الحديث عملية صراخ تعبر عن الضيق والألم والعصبية والهياج الجنسي. إن
المحروم جنسيا يتحدث أكثر من المرتوي جنسيا.
إن الأنبياء وأتباعهم لا يحب أ ي منهم الآخر، وإنما يغتسل كلٌّ منهم فوق الآخر.
٢٨
إن أي نبي يريد أن يغتسل فوق الذين يدعوهم إلى الإيمان؛ وإن أ ي مؤمن إنما
يريد أن يغتسل فوق النبي الذي يؤمن به.
إن البشر، حتى اليوم، لم يجدوا وسيلةً يجعلون بها الإنسان العام في عمله إنسانًا
عاما في حوافزه وأهدافه ومستوياته.
إن التعاليم مثل الآلهة: كلُّ المؤمنين يهتفون باسمها، ولكنهم لا يستطيعون أن
يعيشوا إلا إذا شنقوها.
إنه لا يوجد من يطيع الشيطان لو عرف أنه شيطان، ولا يوجد من يعصى النبي
لو عرف أنه نبي.
إن إلهك العنيف المتوتر هو إرادتك العنيفة المتوترة؛ وإن إلهك المتسامح هو
إرادتك المتسامحة.
الناس يطلبون المعرفة والحق يوم يريدونهما. وحين تكون المعرفة ضد الإرادة
فلن تجد من يطلبها أو يرضى عنها.
الناس لا يزالون يريدون الجهل بالمعرفة أكثر من العلم بها. إن كلَّ مجتمع، مهما
أراد المعرفة، فإنه يريد أيضا الجهل بها.
إن خفقة حذاء الشرطي يصافح بها الأرض لهي أقوى من طلعة ألف نبي في
أيديهم ألف كتاب منزل.
حذارِ أن تصدق أن الشيطان يقبل أن يذهب إلى النار لو آمن بها.
٢٩
الإيمان بالله فقء للعيون عن رؤية أ ي شيء، وصم لكلِّ الآذان عن سماع أي
شيء، وتعجيز لكلِّ المشاعر والإرادات عن الإحساس بأ ي شيء وعن إرادة أ ي
شيء.
لقد وجِدتْ كلمة الله في لغة الإنسان كما وجِدتْ لفظة آه...
المعرفة هي الفضيلة، لأنك إذا عرفت الشيء فسوف تريده أو لا تريده، فتفعل ما
تريد.
الإنسان، بعد أن أصبح إنسانًا، لا يزال يحمل كلَّ الخصائص لأسلافه من
الكائنات الدنيا، لأنه لا يتطور بل يتراكم. إن فيه خصائص السمك والقرود
والكلاب وكلِّ الموجودات الحية التي هي أصله.
إن العبقري هو كلُّ الإنسان التافه مصابا بالعبقرية؛ والإنسان التافه هو كلُّ
الإنسان العبقري معافى من العبقرية.
الإنسان المتح ضر هو الإنسان الهمجي بأسلوب حضاري.
إن الفرق بين الإنسان والطبيعة ليس إلا فرقًا في مستوى الوجود. إنه ليس فرق
رسالة أو فضيلة أو تخصيص أو تمييز أو منطق.
نحن نحيا لأننا لا نستطيع أن نموت، ونموت لأننا لا نستطيع أن نحيا. إننا نحيا
بالجاذبية كما نموت بالجاذبية.
٣٠
لقد كانت الآلهة بالنسبة للمؤمنين عمالاً عند المؤمنين أكثر مما كان المؤمنون
عمالاً عند الآلهة.
ما أعظم انتصاراتي!
إن كلَّ انتصاراتي أن أخفِّف بعض آلامي التي صنعها كوني موجودا.
الحياة تشبه من وضع في قدميه قيدا ذا عقد كثيرة، ليكون كلُّ عمله واهتمامه أن
يحاول ف ك هذه العقد – وكلما حلَّ عقدة تقوم مقامها أخرى. عندها يشعر باللذة
وبأنه انتصر. أية لذة وأ ي انتصار! إن كلَّ لذة وكلَّ انتصار لا يعنيان سوى
زوال ألم وزوال مضايقة – أي زوال وجود.
إن البشر، في جميع كينوناتهم، لا يساوون أكثر من وجودهم، ثم مقاومتهم
لوجودهم بما يسمونه حضارة ونشاطًا متعدد الكينونات والأساليب.
الحياة خصم دائم للنزاهة والنظافة.
إنه لو خُي رتُ بأن أضحي بذاتي أو بالإنسانية كلِّها لاخترتُ، بلا تردد، التضحية
بالإنسانية.
إن القيمة هي دائما عين الضرورة: إنه لولا الضرورة لما كانت لأ ي شيء قيمة.
التشاؤم والتفاؤل، كما أنهما ليسا حالة فكرية، فهما كذلك ليسا حالة نفسية؛ إنهما
حالة جسم، مستوى صحة.
٣١
موقفنا من الكون متغير لتغير وعينا له؛ ووعينا له متغير لتغير قدرتنا عليه. ولا
يمكن أن تتغير حركتُنا نحو الشيء ثم لا يتغير تفسيرنا له.
الارتباط بالشيء يتحول إلى إحساس، ثم إلى فكرة. وهذا هو الذي يصنع كلَّ
نشاطنا العقلي. والإيمان هو حاصل التناقض بين إرادتنا ووجودنا.
العقيدة غير المتغيرة ميتة لأن الحياة تغير دائم؛ والذي لا يغير عقيدته هو إنسان
يحيا بلا عقيدة.
الذي يقول أقاتلك دفاعا عن الله أو عن الحرية أو عن النظام والعدل إنما يعني
الدفاع عن أسلوب من الحياة قد رتَّب مصالحه عليه.
الزنديق هو الذي يخالف في أمور لا دليل على اليقين فيها.
عقائد الإنسان ومثُله التي آمن بها حينما كان ير وعه خسوف القمر لا يمكن أن
تظل هي عقائده ومثُله بعد أن أصبح يصنع الأقمار ويغزو الفضاء.
من يعلم ولا يستطيع يتعذَّب أكثر م من لا يعلم ولا يستطيع.
الإنسان لا يريد المعرفة التي تعذِّب إرادته؛ وهو يفضل أن يكون مغفَّلاً سعيدا
على أن يكون ذكيا معذَّبا.
أسباب الإيمان بالخرافة موجودة في أنفسنا، لا في الخرافة نفسها. وجماهيرنا
حولتْ آلهَتها وهمومها إلى آلهة وشياطين لتتعبد لها وتلعنها.
٣٢
إنك قد تؤمن بالعقيدة أو المذهب أو الإله أو الزعيم لتجعله مسؤولاً عن عاهاتك
وذنوبك.
المؤمنون قوم يلوثون ويتهمون من يؤمنون به بحجة تقديسه.
ليس بين الموجودات كلِّها من يصنع الخرافة ويصدقها أو يعيشها غير الإنسان
الذي هو وحده صانع الحضارة وصانع العبقرية وهادم الخرافة.
الإيمان بالخرافة كالإيمان بالحقيقة: كلاهما صادر عن أقوى وأخلد ما فينا. إنهما
معا من تدبير الحياة لنفسها. إن فراغاتنا بحاجة إلى إملاء.
إننا نتعلم من الكاهن حين نكون أصغر منه؛ فإذا أصبحنا أكبر منه شنقناه
وطردناه.
الناس لا ينقسمون إلى ضعفاء لأنهم مؤمنون بالأوهام، وإلى أقوياء لأنهم مؤمنون
بالحقائق. إنهم ينقسمون إلى أقوياء لأنهم أقوياء، وإلى ضعفاء لأنهم ضعفاء. إن
العقيدة هي اللغة التي يتكلم بها ضعفُهم أو ق وتُهم.
الإرادة لا تخضع للعقيدة، بل العقيدة تخضع للإرادة. الإرادة تخلق العقيدة؛ إنها
تلغيها وتغيرها.
الغباء مثل الخبز: غذاء يومي للجماعات، لا تستطيع أن تعيش بدونه. والذكاء لا
يعيش إلا في ضجيج من الغباء.
٣٣
إن احتياج أرقى الناس إلى الخرافات أعظم من احتياج أدناهم. الدولة العظيمة
تحرسها دائما خرافات عظيمة.
إن أبلغ صور العبادة، في معناها النفسي، ليست إلا حركة تعبيرية. إنها، في
أحسن حالاتها، نوع من الرقص والغناء والدوران حول الذات.
هل الإيمان والعقائد أن تسلب إنسانًا بصره ثم تعاقبه إذا لم ير، وأن تعطي آخر
بصرا قويا ثم تكافئه لأن بصره قوي؟!
لقد تحدث الناس عن الخالق كثيرا كثيرا، لكنهم لم يؤمنوا به خالقًا. لهذا ظلوا
يملكون بعض العقل وحسب، ظلوا يمارسون حياتهم بكلِّ وحشية، لأنهم لم يؤمنوا
به خالقًا، مهما تحدثوا عنه خالقًا.
هل توجد مسافة بين الله والشيطان؟
أليس الله في حسابك هو الشيطان في حساب جارك أو مخالِفك؟ أليس الشيطان
في حساب جارك أو مخالِفك هو الله في حسابك؟ هل الله غير الشيطان في حساب
كلِّ البشر؟!
من يرفع صوته متغنيا بأية أغنية لَيجد الراحة التي يجدها من يصلِّي بحرارة،
لأن الغناء تعبير مثل الصلاة والدعاء.
*** *** ***
تم
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
أمجاد محمد
10-01-2010, 11:12 PM
تذهلني
نحن فعلاً بحاجة للقراءة
وشكراً لك :34:
ميسون الرملاوي
10-02-2010, 03:35 AM
تفاصيل انتقاء حد السكر في عمق
التوت لذة ومتعة ..!
من ضاديّ امتنانٌ يتسربل شكراً
إلى أعناق روحك
لحين عودة تليق :34:
ماجد الذويبي
10-02-2010, 08:38 PM
صالح كل ما هنا يحتاج الى قــــراءة ثاقبه
بورك فكر انت ناقله
وبوركت يداك أخي
صالح العرجان
10-03-2010, 09:25 PM
تذهلني
نحن فعلاً بحاجة للقراءة
وشكراً لك :34:
أمجاد
هذا العبدالله ساكن بشحنة الإحتجاج فهو صراخ يقول كل شيء ولا يقول شيئاً.. يخاطب الجميع، ولا يخاطب أحداً إنه الوجه والقفا.. ثائر ومتلائم.. ملتزم وغير ملتزم.. بريء وفتاك
متناقض ومنطقي.. شعري وعقلاني.. معتم وصاف، كأنه الرمل وقطر المطر.
إنه صرخة خلاص من الأقنعة وسفر إلى الأطراف القصوى. هكذاً تتقاطع في صوته أصداء كثيرة
سعيد جدا بحضورك والقراءة له
رد ود
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
صالح العرجان
10-03-2010, 09:30 PM
تفاصيل انتقاء حد السكر في عمق
التوت لذة ومتعة ..!
من ضاديّ امتنانٌ يتسربل شكراً
إلى أعناق روحك
لحين عودة تليق :34:
ميسون
إن معنى أن يكون المرء منطقياً يعني أنه يحترم ما يريد، لكن الإنسان لا يولد منطقياً بل يتعلم المنطق بالضرورة والالتزام كما يتعلم اللغة والصلاة.. ولكن كيف لإنسان أن يحيا كل الحياة دون أن يموت بعض الموت، إن البشر محتاجون دائماُ إلى إطفاء حرائقهم الكبرى التي تأتي على ذواتهم ولا يتم لهم ذلك إلا عبر عمليات إطفاء منظمة تقدمها التعاليم في كل مستوياتها.
رد عله يكون محفز لعودة قريبة منكِ وأنيقة
وحتى ذلك كوني بخير
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
صالح العرجان
10-03-2010, 09:34 PM
صالح كل ما هنا يحتاج الى قــــراءة ثاقبه
بورك فكر انت ناقله
وبوركت يداك أخي
ماجد
هذا الكتاب الذي يعكس معاناة عقل متحرر وثاب يتطلع إلى فهم أفضل لحقائق الوجود ويدعو لمواجهة الذات والآخر بعقل متفتح. عقل يرى أن نقد الذات هو أعلى مراحل الوجود، يؤمن بأن الإنسان يستطيع أن يصير أفضل مما يفكر ويريد.
رد ود
http://ro7elb7r.jeeran.com/ثَغْرٍ%20الوٍُرٍٍدِ.gif
أمجاد محمد
10-06-2010, 02:21 PM
فجر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة
]كتاب في التأملات لـ ديفيد فيسكوت
(كتاب قيم يستحق القراءة )
تقبل ذاتك
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تصبح شديد الحساسية تجاه رفض الآخرين لك .
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تفقد إيمانك بقدراتك الداخلية بها في كل مرة تحاول التغلب على جوانب ضعف مترسبة لديك 0
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تضيّع الوقت باحثاً عن حب الآخرين حتى تصبح متكاملاً .
عندما لا تقبل ذاتك ، تنحصر جهودك في محاولة قهر الآخرين وليس في البحث عن أفضل إمكانياتك .
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تبالغ في تقدير قيمة الأشياء المادية .
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تشعر دائماً بالوحدة ، وبأن وجودك مع الآخرين لا جدوى منه .
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تعيش في الماضي .
إن قبول الذات ليس مستحيلاً ، إنه الوضع الوحيد الذي تستطيع تحقيق التطور من خلاله .
إذا تقبلت حياتك بكل ما فيها ، فلن تهدر إي جزء منها .
عندما لا تقبل ذاتك ، فإنك تخاف مما يمكن أن يكشفه كل يوم يمر بك من حقائق عنك .
عندما لا تقبل ذاتك ، تصبح الحقيقة ألد أعدائك .
عندما لا تقبل ذاتك فإنك لا تجد مكاناً تختبئ فيه عن العيون .
إن قبولك لذاتك هو كل شيء .حينما تقبل ذاتك ، يمكنك قبول العالم كله .
**
إني أقبل كل الأجزاء التي تُكون شخصيتي
وما لا أستطيع أن أقبله ، أتجاهله .
تحقيق السعادة
إن تحقيق السعادة يكمن في حب الطريقة التي تشعر بها وأن تكون منفتحاً على المستقبل بدون مخاوف .
إن تحقيق السعادة هو أن تقبل ذاتك كما هي الآن .
إن تحقيق السعادة ليس في تحقيق الكمال ، أو الثراء ، أو الوقوع في الحب ، أو امتلاك سلطة ونفوذ
أو معرفة الناس الذي تعتقد بوجوب معرفتهم ، أو النجاح في مجال عملك .
إن تحقيق السعادة يكمن في أن تحب نفسك بكل خصائصها الحالية –ربما ليس كل أجزاء نفسك تستحق أن تحبها – ولكن جوهرك يستحق ذلك.
إنك تستحق أن تحب نفسك بكل ما فيها الآن .
إذا كنت تعتقد أنه لك أن تكون أفضل مما أنت عليه كي تكون سعيداً وتحب نفسك ، فأنت بذلك تفرض شروطاً مستحيلة على نفسك .
إنك الوحيد الذي يعرف نفسه بالطريقة التي ترغب أن تعرفها بها .إنك تستطيع أن تجمع أطول قائمة لأقل أخطائك استثارة للتعاطف .
ولكنك بترديدك لهذه القائمة ، سوف تكون قادراً على تقويض سعاتك، بصرف النظر عن النجاحات والإنجازات التي حققتها .
اعرف أخطاءك ، لكن لا تسمح لوجودها أن يصبح عذراً تلتمسه لعدم حبك لذاتك كما هي .
معرفتي بأن أفضل إمكانياتي تكمن فقط في داخلي
جعلتني أقبل ذاتي كما هي
راحة البال
إن راحة البال هي معرفة أنك قمت بعمل كان ينبغي عليك القيام به ، وأن تغفر لنفسك اللحظات التي لم تكن فيها بالقوة التي كنت تريد أن تكون عليها .
إن راحة البال ليست بالشيء العسير .
عندما يتوجب عليك العمل على إيجاد راحة البال ، فلن تدركها لأن راحة البال التي تحاول البحث عنها تكون هشة ومؤقتة للغاية .
إن راحة البال يجب أن توجد قبل العمل الجيد وليست نتيجة له . إذا كنت تتمتع بوجود نوايا حسنه لديك ، سيمكنك حينئذ أن تحظى براحة البال .
يمكنك أن تحظى براحة البال قبل أن تصفح عن الآخرين إذا كنت صادقاً ولديك نية في الصفح .
يمكنك أن تحظى براحة البال قبل أن تواجه موقفاً صعباً إذا ما كنت محدداً في نواياك تجاه مواجهته .
إن راحة البال تكمن في قبول الأشياء الجيدة لديك ، وعزمك أن تفعل الصواب .
إذا كان لزاماً عليك أن تنجز شيئاً كي تحظى براحة البال –حتى وإن كان هذا الشيء
هو أن تقوم بعلم خيري لتصلح ضرراً قد تكون ألحقته بالآخرين
أو أن تلتزم بوعودك- فإن راحة بالك حينئذ تتلاشى بسرعة البرق
إن راحة البال الحقيقة هي معرفة أنك ستفعل ما تحتاج فعله ، والإيمان بالجوانب الإيجابية لديك
وقدرتك على تحقيق تلك الجوانب .
إنني أفعل خيراً .
إنني أنوي خيراً .
إنني شخص صالح.
رأي الآخرين
إن رأي الآخرين هو ما يخص الآخرين .
إن الآخرين مثلك تماماً ، لديهم من الحيرة ، والشعور بعدم الأمان ، والخوف ما لديك . إنهم مثلك ، معرضون لارتكاب أخطاء ، لان يكونوا حسودين ، أو غيورين ، لأن يخدعوا أنفسهم ، ولذلك فإنهم معرضون لتحريف ما يسمعونه أو يرونه .
أولاً وقبل كل شيء ، فإن كل ما يعتقده الناس عنك ليس من شأنك أبداً .
تذكر ذلك .
ولكن إذا كان من الضروري أن تعرف رأي الناس فيك ، فيجدر بك أن تعرف أن آراءهم هذه تتصل بشعورهم تجاه أنفسهم أكثر من شعورهم تجاهك .
إن معظم الناس قد يتساءلون كذلك عن رأيك فيهم ،ضع هذا في اعتبارك .
إن رأيي في ذاتي هو كل ما يهم .
إنني أقدَّر ذاتي .
إنني أتذكر كل مواطن الصلاح في ذاتي .
لا تنتظر الحب
لو أن هناك من سيحبك ، فاعلم أن هذا الشخص يحبك بالفعل ، وأنه ليس هناك ما ينبغي عليك عمله لتحظى بذلك الحب .
إذا أخبرك البعض أن سبب عدم حبهم لك هو أنك لا تفعل شيئاً ما من أجلهم مثل : الانصياع لهم ، أو تلبية مطالبهم ، فإن الحقيقة المؤلمة التي تنتظرك هي أنهم لن يحبوك حتى وإن نفذت أوامرهم ، أو لبيت مطالبهم .
إن مثل هذا الحب مشروط .
إن من يقدمون لك حباً مشروطاً ليس لهم من غاية سوى السيطرة عليك ، ولحظة أن يمنحوك حبهم بدون شروط هي اللحظة التي تتحرر أنت فيها من هذا الحب .
وهذا ما لا يريدونه بالطبع .
لذا ، فإنك عندما تُرضي شخصاً حتى تحظى بحبه ، فإنك سوف تكتشف بعد قليل أن ذلك الحب ليس جديراً بك ، أو ستجد شروطاً جديدة يتعين عليك تنفيذها قبل أن يمنحك ذلك الشخص حبه .
عندما تريد أن تكون محبوباً ، فأنك تهمل الاعتراف بالحب الموجود بالفعل .
إني أمنح حبي للجميع دون شروط ولا
أنتظر شيئاً في المقابل
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,