فاطمة العرجان
11-22-2010, 03:04 PM
رحل .. ولم يترك لي كسرة ذكرى أسد بها جوع غيابه , رحل وترك لي منه مالا أبغيه دونه .. رحل حيث الحياة وتركني هنا حيثُ الموت .. رحل ليرقد بسلام في ذمة الله وبين يديه , وتركني حيثُ الشياطين والقبور والبيوت الخربة .. رحل ليبقى وتركني لأفنى ..!
لا يعلمون أن دمعي كان مضاعفاً ذاك الصباح .. وأنني أبكيه في كل مرة مرتين وأنتحب في كل مرة مرتين وأفقد الوعي مرتين .. لأنني ذقتُ اليتم مرتين .. لا يعلمون بأن صياحهم على عدم اكتفائهم من وجوده إلى جانبهم وهو الذي لم يفارقهم .. كان يقتلني ألف مرة مما يعدون , وأنا التي عشتُ فارغةً منه .. أو هو من كان فارغاً .. لايهم .. الحقيقة أنني كنتُ وحيدة به وأصبحت أكثر وحدة ووحشة دونه ..! لم أفقد روحي عندما رحل , جلّ ما حدث أنه أصبح في ظهري 32 فقرة فلا أقوى بعده على الحركة كما ينبغي .. لم أفقد سماء عندما رحل , وإنما فقدتُ مظلةً كانت تقيني مزاجية السماء .. لم أفقد الكثير عندما رحل , فقط فقدتُ الأمان ..!
غير قادرة على تخيل أن أجلس قبالة الشباك ولا ألمح ظلك النحيل وتوكأك على عصاك لتصل من بيتك إلى مكانك حيث هناك .. إذ وكلما سمعتُ صرير بابك تقافز قلبي وتطايرت نظراتي لعلي أراك ويكذب اليقين .. كلما صاح جرس الهاتف من بعد الساعة الثانية ظهراً وتأخرت إجابة المتصل أتوقع سماع : " هلا أمي " , ولكن أصواتهنّ لاتفتأ توقظني.!
لقد تركتَ لي منذ خمسة وعشرين عاماً رجلاً يبلغ من العمر أربعة أعوام , استطاع أن يكون كل شيء في غيابك , لكنه وحتى الآن وهو يقترب من ثلاثينه لم يستطع أن يكون أنت ..!
آمنتُ بألايمكن لأيٍّ يكن أن يأخذ مكان أياً كان .. وإن أمكنه أن يمنحك كل ماترجوه من سواه , إلا أن بالقلب مساحات فصلت بقياسات دقيقة , لاتتلاءم إلا مع من حيكت لأجله ..! وكذلك كان بقلبي مساحة تشبهك تماماً , حاولتُ أن أغيرها أو أغيرهم ولم أفلح , لأنها ما خلقت إلا لك .. ولطالما كنتَ بها رغم ترهات عتابي وتمتمات غضبي وحسرات قلبي وثورات ألمي ووجع غيابك ..!
لم أحدث بأحلامي المزعجة التي تزورني كما يحدثون .. ولم تفصح عينيّ بدمعها رغم تفجرهما حزناً كما يبكون .. لم أفعل الكثير .. فقد أحسستُ بطعم الموت وأنا أعيش الحياة..!
لا يعلمون أن دمعي كان مضاعفاً ذاك الصباح .. وأنني أبكيه في كل مرة مرتين وأنتحب في كل مرة مرتين وأفقد الوعي مرتين .. لأنني ذقتُ اليتم مرتين .. لا يعلمون بأن صياحهم على عدم اكتفائهم من وجوده إلى جانبهم وهو الذي لم يفارقهم .. كان يقتلني ألف مرة مما يعدون , وأنا التي عشتُ فارغةً منه .. أو هو من كان فارغاً .. لايهم .. الحقيقة أنني كنتُ وحيدة به وأصبحت أكثر وحدة ووحشة دونه ..! لم أفقد روحي عندما رحل , جلّ ما حدث أنه أصبح في ظهري 32 فقرة فلا أقوى بعده على الحركة كما ينبغي .. لم أفقد سماء عندما رحل , وإنما فقدتُ مظلةً كانت تقيني مزاجية السماء .. لم أفقد الكثير عندما رحل , فقط فقدتُ الأمان ..!
غير قادرة على تخيل أن أجلس قبالة الشباك ولا ألمح ظلك النحيل وتوكأك على عصاك لتصل من بيتك إلى مكانك حيث هناك .. إذ وكلما سمعتُ صرير بابك تقافز قلبي وتطايرت نظراتي لعلي أراك ويكذب اليقين .. كلما صاح جرس الهاتف من بعد الساعة الثانية ظهراً وتأخرت إجابة المتصل أتوقع سماع : " هلا أمي " , ولكن أصواتهنّ لاتفتأ توقظني.!
لقد تركتَ لي منذ خمسة وعشرين عاماً رجلاً يبلغ من العمر أربعة أعوام , استطاع أن يكون كل شيء في غيابك , لكنه وحتى الآن وهو يقترب من ثلاثينه لم يستطع أن يكون أنت ..!
آمنتُ بألايمكن لأيٍّ يكن أن يأخذ مكان أياً كان .. وإن أمكنه أن يمنحك كل ماترجوه من سواه , إلا أن بالقلب مساحات فصلت بقياسات دقيقة , لاتتلاءم إلا مع من حيكت لأجله ..! وكذلك كان بقلبي مساحة تشبهك تماماً , حاولتُ أن أغيرها أو أغيرهم ولم أفلح , لأنها ما خلقت إلا لك .. ولطالما كنتَ بها رغم ترهات عتابي وتمتمات غضبي وحسرات قلبي وثورات ألمي ووجع غيابك ..!
لم أحدث بأحلامي المزعجة التي تزورني كما يحدثون .. ولم تفصح عينيّ بدمعها رغم تفجرهما حزناً كما يبكون .. لم أفعل الكثير .. فقد أحسستُ بطعم الموت وأنا أعيش الحياة..!