محمد القواسمي
05-30-2011, 11:05 PM
سين، خاء، طاء ..... و باقياتٌ عابساتْ
حينَ غادرتنـا عابسةَ الوجه مضمرةً كلَّ حنان يليق بصفتها
تمتمت كلمات تحذير بصوت نسمعه بوضوح ،
ثم اردفت تمتماتها بأشياءَ لم نسمعها،
أسرّ لي أخي الصغير أنه تراءى له في المنام وجه نورْ
وأنه ألقى إليه بحلّة سوداءْ هامساً بأذنه حديثا يشبه أحاديث " الحجّات" كما كانت روايته .
ليسَ من الغرابةِ في شيء أن تميلَ إليَّ ناثرةً عطرها ،
ملقيةً كلماتهـا إليّ بصوتٍ حانٍ أنْ لا تذكرْ إسمي حتى في خلواتكَ وإلا أفشيتُ ما في صدركَ من أسرارْ ،
قد كانت فعلتها من قبلُ حينَ قالتْ لي لا تخبرْ أحداً أنكَ رأيتنـي ،
وأخبرتُ شقيقتـي الكبرى ظاناً أنه مجردْ حلمْ ،
حينها لم تتورع أن تجعلني – بغير إرادةٍ – أرمي بثقلٍ من الكلمات على منبرٍ ما إهتزَّ مثلهُ من خشبٍ إلا جذعَ النبيّ .
قالتْ عجوزٌ تآكلَ ظهرُها فاحدودبْ ،
أن تلكَ العباءة تعنـي أن يوماً أسوداً سيزوركَ قريباً ،
وغادرت ضاحكةً متواريةً خلفَ الزقّاقْ ، أرتجفَ قلبُ أخي خوفاً ،
وبدا صوتُ نجيشٍ خفيفٍ يخرجُ من صدره ،
ثم أردفَ صوتها يقولُ " وكذلك كدنا ليوسف ، ما كانَ ليأخذَ أخاه في دين الملك إلا ان يشاء الله " ،
وحينها فقط أرتجفَ قلبي خوفاً منها ، وبدأت أطمئنُ أخي أن لا تخفْ ، هي خرفة بقدر ما يحول بكلامها كله الى محض تخيّلاتْ ،
تركتُ وأخي الشارعَ المطلّ على السوق ، ومضينا تجاه البيتْ ،
كانت ركبتاه تصطكّان وأسنانه ، وكنتُ أضعُ يدي على كتفيهِ أشدّهـا خوفاً عليه ومنـها .
لم يكنْ مفزعاً ذلك المشهدُ ، وإنما الفزعُ انبثقَ من صراخهُ عالياً ،
كنا قد اعتدنا عليه حين يستيقظُ من كابوسٍ ما ، لكنّه في هذه المرّة كانَ اكثرُ ما رايناهُ صراخاً ورجفة ،
بدا جسمه وكأنه خارجٌ من بركةِ ماءْ ، ووجهه يشبهُ الخرقة البالية التي تتكىء – منذ الأزل – على نافذة الغرفة المطلّة على الشارعْ ، كانَ مجهداً في محاولةِ اخبارنـا ما رأى ،
ولكنه استسلمَ لشيءٍ ما ، وخرّ ملتحفاً الارضْ وسكنْ ،
كانت هذه المشاهد ما أحملُه في ذاكرتي لهما، حينَ سمعتٌ تكبيرَ المؤذن إعلاناً ليوم العيد،
رجفة التكبيرِ واختلاف درجاتها واصوات مؤديهـا يبعثُ في القلبِ رائحةٌ ما ،
لكنّ رائحة التراب الذي ارتشف مطراً خفيفاً للتو في المقبرة أكثرُ تأثيراً وأجلُّ هيبة ،
ولأن العيدَ فيه تقاليده وأعرافه ، حملتٌ أطراف ثوبي التي تلطخت طيناً واتجهت الى بيتِ العشيرة ، لأبدأ معهم مراسمَ العيدِ وأثقاله .
وصلتُ بيتَ الجدّة مرهقاً ،
ووقعت أنظاري على صورةٍ لأمـي وهي تمسكُ أخي الصغير بعد ولادته مباشرة ، وتلحفه بعباءة سوداء ،
ومن خلفهمـا معلّقة كُتبَ عليـها " وكذلكَ أعثرنـا عليهمْ ليعلموا أن وعدَ الله حق
تمّـــت
حينَ غادرتنـا عابسةَ الوجه مضمرةً كلَّ حنان يليق بصفتها
تمتمت كلمات تحذير بصوت نسمعه بوضوح ،
ثم اردفت تمتماتها بأشياءَ لم نسمعها،
أسرّ لي أخي الصغير أنه تراءى له في المنام وجه نورْ
وأنه ألقى إليه بحلّة سوداءْ هامساً بأذنه حديثا يشبه أحاديث " الحجّات" كما كانت روايته .
ليسَ من الغرابةِ في شيء أن تميلَ إليَّ ناثرةً عطرها ،
ملقيةً كلماتهـا إليّ بصوتٍ حانٍ أنْ لا تذكرْ إسمي حتى في خلواتكَ وإلا أفشيتُ ما في صدركَ من أسرارْ ،
قد كانت فعلتها من قبلُ حينَ قالتْ لي لا تخبرْ أحداً أنكَ رأيتنـي ،
وأخبرتُ شقيقتـي الكبرى ظاناً أنه مجردْ حلمْ ،
حينها لم تتورع أن تجعلني – بغير إرادةٍ – أرمي بثقلٍ من الكلمات على منبرٍ ما إهتزَّ مثلهُ من خشبٍ إلا جذعَ النبيّ .
قالتْ عجوزٌ تآكلَ ظهرُها فاحدودبْ ،
أن تلكَ العباءة تعنـي أن يوماً أسوداً سيزوركَ قريباً ،
وغادرت ضاحكةً متواريةً خلفَ الزقّاقْ ، أرتجفَ قلبُ أخي خوفاً ،
وبدا صوتُ نجيشٍ خفيفٍ يخرجُ من صدره ،
ثم أردفَ صوتها يقولُ " وكذلك كدنا ليوسف ، ما كانَ ليأخذَ أخاه في دين الملك إلا ان يشاء الله " ،
وحينها فقط أرتجفَ قلبي خوفاً منها ، وبدأت أطمئنُ أخي أن لا تخفْ ، هي خرفة بقدر ما يحول بكلامها كله الى محض تخيّلاتْ ،
تركتُ وأخي الشارعَ المطلّ على السوق ، ومضينا تجاه البيتْ ،
كانت ركبتاه تصطكّان وأسنانه ، وكنتُ أضعُ يدي على كتفيهِ أشدّهـا خوفاً عليه ومنـها .
لم يكنْ مفزعاً ذلك المشهدُ ، وإنما الفزعُ انبثقَ من صراخهُ عالياً ،
كنا قد اعتدنا عليه حين يستيقظُ من كابوسٍ ما ، لكنّه في هذه المرّة كانَ اكثرُ ما رايناهُ صراخاً ورجفة ،
بدا جسمه وكأنه خارجٌ من بركةِ ماءْ ، ووجهه يشبهُ الخرقة البالية التي تتكىء – منذ الأزل – على نافذة الغرفة المطلّة على الشارعْ ، كانَ مجهداً في محاولةِ اخبارنـا ما رأى ،
ولكنه استسلمَ لشيءٍ ما ، وخرّ ملتحفاً الارضْ وسكنْ ،
كانت هذه المشاهد ما أحملُه في ذاكرتي لهما، حينَ سمعتٌ تكبيرَ المؤذن إعلاناً ليوم العيد،
رجفة التكبيرِ واختلاف درجاتها واصوات مؤديهـا يبعثُ في القلبِ رائحةٌ ما ،
لكنّ رائحة التراب الذي ارتشف مطراً خفيفاً للتو في المقبرة أكثرُ تأثيراً وأجلُّ هيبة ،
ولأن العيدَ فيه تقاليده وأعرافه ، حملتٌ أطراف ثوبي التي تلطخت طيناً واتجهت الى بيتِ العشيرة ، لأبدأ معهم مراسمَ العيدِ وأثقاله .
وصلتُ بيتَ الجدّة مرهقاً ،
ووقعت أنظاري على صورةٍ لأمـي وهي تمسكُ أخي الصغير بعد ولادته مباشرة ، وتلحفه بعباءة سوداء ،
ومن خلفهمـا معلّقة كُتبَ عليـها " وكذلكَ أعثرنـا عليهمْ ليعلموا أن وعدَ الله حق
تمّـــت