رُوح
07-06-2011, 01:21 PM
قيل لأمّها غداة ولادتها الصعبة : إنّها ابنة ؛ بعينين واسعتين ، تملؤهما الحياة .
ذاتُ العينين الواسعتين لم تكن مجرّد ابنة تضافُ لأربعٍ غيرها ! كانت إنسانة حقيقية ، و كانت سرّ سعادة من حولها .
ذاتُ العينين الواسعتين كما قلنا سابقا ؛ إنسانة ، لها فمٌ يأكل ، و لسانٌ يتحدث ، و لها بالتأكيد قلبٌ ينبض .
إنما تلك التعسة ؛ كان لها أيضا رأسٌ يدور بداخله الكثير الكثير ، الكثير مما لا يجب لمثلها أن يفكّر به .
قيل لها : مهما فعلتِ يا عزيزتي ؛ لستِ أكثر من عينين واسعتين ، و قوام ممشوق في نظرهم !
ولكن ، حدث ـ ذات صدفةٍ ـ أنها التقت أحدهم ، و ذلك الأحدهم كان راهبا ورعا ، لم يحدث أنْ رأى عينيها الجميلتين بعينين متعطشتين ، أو أن أطلق العنان لخياله باحتواء قوامها الممشوق بين ذراعيه ، كلّ ما فعله ذلك الراهب أنّه حدّثها عن البحر ، و عن الليل ، و قال لها حكايات حدثت لتُنسى ، و أمطرها بصوته الشجيّ أنغام النّاي الحزينة ، قال لها كم أنّ الله يحبّنا ، و كم أنّه يهتمّ بنا ، ذلك الراهب رأى عقلها ، و سمع صوت أفكارها .
فأخبرها ما تريد أن تسمعه ، و أخبرها ما احتاجت حقّا أن تسمعه .
فحدّثته بدورها عن مشاكلها مع المؤسسة الدينية ، و أخبرته أنّها تحب أن تعبد الله بقلبها ، بطريقتها ، لا بخطوات سابقيها ، أخبرته عن نظريتها حول الموسيقى ، و استنكرت تحريمها و قد خلق الله نفسه هذه الموسيقى الكونية الرائعة !
باحت له بكرهها للتطرّف بكل أشكاله ، و أخبرته عن عشقها للشّكل المستطيل ، و ولعها بتربية النباتات السامّة !
حدثته أيضا أحاديثا جانبية كثيرة ؛ عن الأمن الغذائي ، و عن التيارات السياسية ، أخبرته كم أنّها تكره الظلم ، و تريد أن تكون جزءا من التغيير ، بسّطت له ازدواجيّتها ، و تركت سجيّتها تقودها أمامه ، قالت له بلهفة الأطفال : أنا مختلفة ؛ صدّقني أنا مختلفة !
فهزّ رأسه مؤيدا : أعلم يا صغيرتي ، أعلم !
و اخترعا عبادة جديدة و سرّية ، لها لذّة خاصة ، لم يحصل أن استطاع أحدهم فهمها ، أو حتى الانتباه لوجودها !
لم يخطر ببال أحدهم أنّ ترقّب شروق الشمس قد يكون شعيرة دينية يوميّة ! أو أنّ تنشّق الهواء ساعات الصباح الأولى قد يعتبر تقربا للرّب ، أو حتّى كثرة التبسّم التي اعتبراها قناة اتصالٍ مفتوحة مع الخالق يمكن أن تُفهم على أنّها تطرّف !
و قيل أنّها لم تصدّق فرحتها ؛ فتخلّت عن حذرها ، و طرحت خوفها أرضا ، فاعتلت نافذة غرفتها المفتوحة و قفزت لشدة الفرح .
و قيل أنّها لم تقفز فرحا ، بل قفزت بعد أن ضاق صدرها الصغير بكتم ذاك السّر العذب !
و قيل أنّها تلقت صدمة مريرة ، بفضل ذلك الراهب !
و قيل أيضا أنّها رأت نفسها ـ لأوّل مرّة ـ بعينين واسعتين و قوامٍ ممشوق ، و تمنّت أن يراها أحدهم كذلك ، و لو لمرّة واحدة !
و قيل أنّ الرجل الوحيد الذي تمنّته أن يراها بتلك الطريقة ، كان أعمى تماما !
و قد قيل أنّ الجوّ وقتها كان حارّا جدّا ؛ لكنّ أمطارا حمراء غمرت حديقتهم بلزوجة عالية !
و قيل أيضا أنّها حطّت بسلام آمن ؛ و لكنّها من وقتها لم تنبس ببنت شفة .
و قيل أيضا أنّهما كانتا توأما في الأصل ، إحداهما فُقدت لأسباب مجهولة ، والأخرى تلتزم الصمت حزنا على المفقودة !
و قيل أنّها قبل أن تقفز ، انزلقت فكسرت أطرافها ، ففاتتها شعائرها الدينية ، هي لم تلحق بها ، و الشعائر لم تنتظرها !
و لكنّ من أكثر ما قيل غرابة ، أنّها عاشت عمرا طويلا بعدها ، طويلا بما يكفي لتروي قصتها آلاف المرّات ، بمئات النهايات المضلّلة !
ذاتُ العينين الواسعتين لم تكن مجرّد ابنة تضافُ لأربعٍ غيرها ! كانت إنسانة حقيقية ، و كانت سرّ سعادة من حولها .
ذاتُ العينين الواسعتين كما قلنا سابقا ؛ إنسانة ، لها فمٌ يأكل ، و لسانٌ يتحدث ، و لها بالتأكيد قلبٌ ينبض .
إنما تلك التعسة ؛ كان لها أيضا رأسٌ يدور بداخله الكثير الكثير ، الكثير مما لا يجب لمثلها أن يفكّر به .
قيل لها : مهما فعلتِ يا عزيزتي ؛ لستِ أكثر من عينين واسعتين ، و قوام ممشوق في نظرهم !
ولكن ، حدث ـ ذات صدفةٍ ـ أنها التقت أحدهم ، و ذلك الأحدهم كان راهبا ورعا ، لم يحدث أنْ رأى عينيها الجميلتين بعينين متعطشتين ، أو أن أطلق العنان لخياله باحتواء قوامها الممشوق بين ذراعيه ، كلّ ما فعله ذلك الراهب أنّه حدّثها عن البحر ، و عن الليل ، و قال لها حكايات حدثت لتُنسى ، و أمطرها بصوته الشجيّ أنغام النّاي الحزينة ، قال لها كم أنّ الله يحبّنا ، و كم أنّه يهتمّ بنا ، ذلك الراهب رأى عقلها ، و سمع صوت أفكارها .
فأخبرها ما تريد أن تسمعه ، و أخبرها ما احتاجت حقّا أن تسمعه .
فحدّثته بدورها عن مشاكلها مع المؤسسة الدينية ، و أخبرته أنّها تحب أن تعبد الله بقلبها ، بطريقتها ، لا بخطوات سابقيها ، أخبرته عن نظريتها حول الموسيقى ، و استنكرت تحريمها و قد خلق الله نفسه هذه الموسيقى الكونية الرائعة !
باحت له بكرهها للتطرّف بكل أشكاله ، و أخبرته عن عشقها للشّكل المستطيل ، و ولعها بتربية النباتات السامّة !
حدثته أيضا أحاديثا جانبية كثيرة ؛ عن الأمن الغذائي ، و عن التيارات السياسية ، أخبرته كم أنّها تكره الظلم ، و تريد أن تكون جزءا من التغيير ، بسّطت له ازدواجيّتها ، و تركت سجيّتها تقودها أمامه ، قالت له بلهفة الأطفال : أنا مختلفة ؛ صدّقني أنا مختلفة !
فهزّ رأسه مؤيدا : أعلم يا صغيرتي ، أعلم !
و اخترعا عبادة جديدة و سرّية ، لها لذّة خاصة ، لم يحصل أن استطاع أحدهم فهمها ، أو حتى الانتباه لوجودها !
لم يخطر ببال أحدهم أنّ ترقّب شروق الشمس قد يكون شعيرة دينية يوميّة ! أو أنّ تنشّق الهواء ساعات الصباح الأولى قد يعتبر تقربا للرّب ، أو حتّى كثرة التبسّم التي اعتبراها قناة اتصالٍ مفتوحة مع الخالق يمكن أن تُفهم على أنّها تطرّف !
و قيل أنّها لم تصدّق فرحتها ؛ فتخلّت عن حذرها ، و طرحت خوفها أرضا ، فاعتلت نافذة غرفتها المفتوحة و قفزت لشدة الفرح .
و قيل أنّها لم تقفز فرحا ، بل قفزت بعد أن ضاق صدرها الصغير بكتم ذاك السّر العذب !
و قيل أنّها تلقت صدمة مريرة ، بفضل ذلك الراهب !
و قيل أيضا أنّها رأت نفسها ـ لأوّل مرّة ـ بعينين واسعتين و قوامٍ ممشوق ، و تمنّت أن يراها أحدهم كذلك ، و لو لمرّة واحدة !
و قيل أنّ الرجل الوحيد الذي تمنّته أن يراها بتلك الطريقة ، كان أعمى تماما !
و قد قيل أنّ الجوّ وقتها كان حارّا جدّا ؛ لكنّ أمطارا حمراء غمرت حديقتهم بلزوجة عالية !
و قيل أيضا أنّها حطّت بسلام آمن ؛ و لكنّها من وقتها لم تنبس ببنت شفة .
و قيل أيضا أنّهما كانتا توأما في الأصل ، إحداهما فُقدت لأسباب مجهولة ، والأخرى تلتزم الصمت حزنا على المفقودة !
و قيل أنّها قبل أن تقفز ، انزلقت فكسرت أطرافها ، ففاتتها شعائرها الدينية ، هي لم تلحق بها ، و الشعائر لم تنتظرها !
و لكنّ من أكثر ما قيل غرابة ، أنّها عاشت عمرا طويلا بعدها ، طويلا بما يكفي لتروي قصتها آلاف المرّات ، بمئات النهايات المضلّلة !