المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلّا ، أنا لستُ كما تظنّ !!


رُوح
07-14-2011, 04:37 PM
اسمح لي سيدي أن أختلف معك
أنت تقول بأنني غير مناسبة لك !
حسنا ، أنا حقا أختلف معك ، لا تندهش ولا ترفع حاجبيك لسقف جبهتك و دعني أخبرك لماذا !
فأنا فتاة على وشك الدخول في عامي السابع والعشرين .. ولي باع طويل في هذه الحياة
أعاني من قصر في النظر منذ أن اضطررتُ لمضاعفة ساعات دراستي كي أحصل على شهاداتي العليا عن طريق منح جامعية ، على عكسك وأنت الذي اشتريت مؤهلاتك بنقود أبيك و ميراث جدك .. و ترتدي نظاراتك الطبية الواقية كلمسة أخيرة لإبراز المظهر الجاد الذي تريده ..
أرتدي نظارة شمسية بحجم الزجاج الأمامي لسيارتك فقط لأخفي الهالات السوداء حول عينيّ الناتجة من كثرة السهر لإتمام أعمالي العالقة .. المضحك في الأمر أنّك تستطيع إخفاء هالاتك الناتجة من سهراتك الماجنة بجلستين من الليزر ، ثمنهما قد يستطيع تأمين منزل لي أنا وأشقائي جميعا ...
نظارتي تلك أملكها منذ ست سنوات ، و لا أستطيع تغييرها ، قد أُهديتها يوما ، و عندي من الأولويات ما يجعل تبديلها أمرا غير وارد في السنوات الخمس المقبلة أيضا ! بينما أنت تضع كلّ يوم نظارة متناسبة مع لون حذائك !
بالحديث عن الأحذية ، في آخر مرّة أرسلت حذائي للإسكافيّ كي يقوم بإعادة خياطته للمرة الخامسة والعشرين ، أرسل لي حذاء بلاستيكيا كهدية مجانية لأنني من زبائنه الدائمين ، ما يزال الحذاء البلاستيكي محفوظا في أعلى رفّ من خزانتي المشتركة مع خمسة أفراد آخرين لأستقبل مواسم الأعياد به ..
في يداي جروح و كدمات أكثر من يد أيّ ميكانيكي قد تعرفه ، أوه عذرا ، أنت لا تعرف أي ميكانيكي ، فلديك من يقوم بكلّ شيء نيابة عنك.. يدك تبدو ناعمة جدا لأنّ أكبر أعمالها توقيع ذيل ورقة ما كلّ أسبوع أو اثنين .. أما أنا ، حسنا .. فلنقل أنني أستخدم يداي كثيرا في كلّ شيء تقريبا !!
أتناوب على ارتداء قميص طويل يشبه الخيش الذي تصنع منه شوالات الأرز والسكر مع آخر من نفس النوع إنما مع اختلاف في اللون ، و أحيانا و في مناسبات خاصة جدا قد أنفض الغبار عن جلباب من الساتان الرمادي الذي انقرضت موضته منذ أعوام خلت .. بينما أنت لا ترتدي إلا القطع المصممة من أشهر صانعي الأزياء في العالم ..
هذا يدل أيضا على أنني ما زلت أحتفظ بمقاس جسدي كما هو منذ سبع سنوات ، فأنا لا أتناول أطباقا كثيرة ، ربما يحالفني الحظ لأطهو طبخة ما كلّ تسعة أيام مرة ، بينما أنت تسمن و تنحف حسب الطعام المدرج في قوائم مطاعمك المفضلة ...
و جلدي ليس ناعما لأنني لا أملك إمكانيات تدليله بالكريمات التي لا أستطيع حتى تلفظ اسمها بينما تُغدق أنت على نفسك بالمقشرات ومقاومات التجاعيد ..
وانحناءة ظهري التي تراها وهي تفسد قوامي ، هذا لأنني اضطر لحمل حقيبة يد بحجم حقيبة السفر ، أحمل كلّ شيء في حقيبتي ، أنت لا تعرف ما الذي قد تصادفه في الطريق أليس كذلك ؟ بينما أنت لا تحمل سوى هاتفك النقال ، الذي لا أراه بيدك مرتين متتاليتين .. كلّ يوم لديك هاتف جديد ، و أنا طريقة تواصلي الوحيدة مع من حولي هي صوتي الحاد جدا ..

أجيد التعبير عن نفسي جيدا ، و لساني سليط جدا ، بينما أنت شديد الحذر و تحاول أن تمسك العصا من المنتصف كي لا تخسر جميع الأطراف ..
أنت دُرت حول كلّ عواصم الدنيا كسياحة واستجمام ، وأنا طفت كلّ محافظات بلادي للبحث عن منزل بأجرة مناسبة لضعف الحال المرافق لنا دائما ..
درست في ثماني مدارس عامة نتيجة لتنقلاتي الكثيرة ، و أربع جامعات تناوبت فيها على المنح الدراسية، وأنت ارتدت أكاديميات ملكية أجنبية لتحسين مسيرتك الشخصية في المستقبل ..
رفاقك أمراء و ورثة و رجال أعمال ، و رفاقي مفكرون مفلسون ، وفلاسفة مهملون ، و عمال حقوقهم مهضومة ..
أيضا لديك رفاق طفولة حرص والدك على أن تبقى بقربهم لأنّ مستقبلهم يبشر بكل خير ، أما أنا ، فأطول مدة احتفظت بها بصديق كانت سبعة أشهر ـ هي ذات المدة التي بقيت فيها في منزل واحد بحي واحد ـ
تزوجت رجلا ، ولما وجدته لا يعاملني كما أستحق ، تحديت كل نظرات الشك ، و همس الريبة ، وقفت أمام الجميع و قلت بنبرة هدوء ثابتة : لم أعد أستطيع .. في اليوم التالي حصلتُ على حريّتي .. و رغم أنني افتقدتُ جدا أبي المتوفى كي يُربّت على كتفي و يغمرني بحنانه ، إلا أنني بقيت متماسكة و لم يهتز لي فؤاد .. وأنت يهتف فؤادك كلما مررت بموظفة جميلة في إحدى شركاتك ..
حياتي بسيطة ، تفاصيلها كثيرة ومعقدة ، لكنها دافئة ، دافئة جدا بكلّ القلوب البيضاء التي تحيط بي، و أنا على يقين بأنني إذا مِتُّ سيبكيني كُثُر ، فحدثني عمّن حولك أنت ـ إذا ما أفلستَ يوما ـ ؟
جربت كلّ المشاعر في هذه الدنيا ، الحب ، البغض ، الفقد ، الحنين ، الشوق ، الارتياح ، الغضب ، الحزن ، السعادة ، الهدوء ، القلق ، الرضا ، التعب ، الخسارة ، الفشل ، و الألم ، بينما أنت لا تعرف سوى الربح والفوز و النجاح ، ورجل مثلك لن يأتيني بأي إحساس جديد لا أعرفه ، لن يستطيع أن يجعلني أختبر أحاسيس جديدة أو حتى مكرورة إنما بشدة أعلى مما اختبرتها سابقا ..
أرأيت ؟ كنتُ محقة حين قلتُ لك أنّك مخطئ حين قلتَ بأنني لا أناسبك ..
نعم ، مخطئ : لأنّ الحقيقة هي أنك لا تناسبني .. وأنّك أنت أو أحدٌ من أشباهك الكُثُر لن يستطيعوا أبدا استيعاب حجم تفرّدي واختلافي ..

إغفاءة حلم
07-14-2011, 06:13 PM
حينما تتحدثين ياروح
تنسابين كالجدول ...
سلسة الماء وعذبه ...
لتفردك حقل :icon20:

طهر
07-14-2011, 06:26 PM
بوح ومعاني جميلة ،،،

تقبلي اعجابي بحرفك :34:

راكان العنزي
07-14-2011, 06:53 PM
يا روح ,
وفي الحياة الكثير الكثير , ودام أن الهواء لا زال يمارس وظيفته بإتقان دون صعوبات في الخروج والدخول , فسترين وتسمعين وتقرأين ,
سنة الله , ولن تجدي لسنة الله تبديلا , قال تعالى " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) .سورة هود "

توقفت طويلا عند الكثير من جمال الحرف هنا , وتفرده ..
حماك المولى

فاتن حسين
07-14-2011, 06:57 PM
كم هي جميلة تلك الروح التي تسكنكِ يـ روح
تبعثين في النفس الراحة حين قراءتك..!!

صالح الحريري
07-15-2011, 01:35 AM
كوني أنتِ ...!
ودعي كل شيء يتلاشى أمام ثقتك بذاتك ...
سيذوب ملح الظن في ماء اليقين الساكن قلبك ...!

عبدالرحيم فرغلي
07-15-2011, 10:47 AM
هل تعرفي أيتها الفاضلة .. أنت تكتبي بعفوية الأسلوب ورشاقته وتسلسله ..
تنتقلي من نقطة لأخرى .. من معنى لآخر .. فلا يشعر القارئ إلا بحديث
من القلب .. ينساب بأوجاعه .. وألمه .. وكبرياؤه .. وإعتزازه بنفسه ..
وتريدي الحق .. أدرك أنه كان يمكنك وضع بعض الصور والتشبيهات
التي تمنح النص نفسا عاليا .. نحلق معه .. ولكنك هنا .. أوقفت نصك
على سرد خالص .. لم تغب عنه ثقافة الكاتبة في المفردات والتراكيب ..
هو رأي من يتعكز على عجز حروفه .. فمنك المعذرة .. تحياتي وتقديري

عبدالإله المالك
07-15-2011, 01:31 PM
فلسفة ذات عمق وأبعاد متأطرة في صميم نسيج الواقعية ..
والعفوية ..
والمقارنة بين الشيء وضده ..
اسلوب جذاب ..
وقد استحضرتني فلم مرجان يحب جيهان ..
شكرا يا روح

فرحَة النجدي
07-15-2011, 01:34 PM
جميلة السرد يا روح ،
شكرا لك .

رُوح
07-15-2011, 05:21 PM
حينما تتحدثين ياروح
تنسابين كالجدول ...
سلسة الماء وعذبه ...
لتفردك حقل :icon20:

أهلا بإغفاءة الحلم
أسعدني جدا وجودك ، واستساغتك لهذا السرد الطويل
لا عدمتكِ يا عزيزتي


بوح ومعاني جميلة ،،،

تقبلي اعجابي بحرفك :34:

أهلا طهر
أسعدني جدا مرورك ، ولي الشرف به
حياكِ

يا روح ,
وفي الحياة الكثير الكثير , ودام أن الهواء لا زال يمارس وظيفته بإتقان دون صعوبات في الخروج والدخول , فسترين وتسمعين وتقرأين ,
سنة الله , ولن تجدي لسنة الله تبديلا , قال تعالى " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) .سورة هود "

توقفت طويلا عند الكثير من جمال الحرف هنا , وتفرده ..
حماك المولى
أهلا بأستاذي راكان
صدقت واللهِ ..
من رحمة الله بنا اختلافنا ..
فلولا اختلاف الأذواق ، لبارت السلع كما يقولون ..
حمانا وإياك يا سيدي

رُوح
07-15-2011, 05:31 PM
كم هي جميلة تلك الروح التي تسكنكِ يـ روح
تبعثين في النفس الراحة حين قراءتك..!!

أهلا بفاتن
أسعدني وجودك ، وأسعدني أكثر أنّك وجدتِ شيئا من الراحة وسط كلّ هذا الزحام
أهلا بكِ على الدوام يا عزيزتي

كوني أنتِ ...!
ودعي كل شيء يتلاشى أمام ثقتك بذاتك ...
سيذوب ملح الظن في ماء اليقين الساكن قلبك ...!
أنا كذلك أيها الحريري ..
هي فقط خاطرة سريعة لإيصال فكرة ..

كلّ الشكر على قراءتك النافذة .. فما كتبته هنا في الصميم
حياك على الدوام

هل تعرفي أيتها الفاضلة .. أنت تكتبي بعفوية الأسلوب ورشاقته وتسلسله ..
تنتقلي من نقطة لأخرى .. من معنى لآخر .. فلا يشعر القارئ إلا بحديث
من القلب .. ينساب بأوجاعه .. وألمه .. وكبرياؤه .. وإعتزازه بنفسه ..
وتريدي الحق .. أدرك أنه كان يمكنك وضع بعض الصور والتشبيهات
التي تمنح النص نفسا عاليا .. نحلق معه .. ولكنك هنا .. أوقفت نصك
على سرد خالص .. لم تغب عنه ثقافة الكاتبة في المفردات والتراكيب ..
هو رأي من يتعكز على عجز حروفه .. فمنك المعذرة .. تحياتي وتقديري

أهلا بأستاذي الكريم
أتصدق لو أخبرتك بأنني بتّ أنتظر مرورك على نصوصي .. حقا لديك زاوية رائعة لقراءة النصوص ..
لا أنكر أنني في صراع دائم بين الشكل والمضمون
أنا من أنصار المضمون وحين أمسك بقلمي فإنني أنهمر صوب الفكرة ، ولا ألتفت لعناصر النص الأخرى التي قد تزيده رونقا لا محالة
هذا عيب في كتاباتي أحاول تداركه .. أصيب به وأخيب
لكن من الرائع أن أصادف من لديه ذات الرأي بضرورة تكثيف العناصر البديعية في النصوص
هو حقا سرد خالص ، بل واسترسال عالٍ في الحديث عن الأنا
أكرر لك ما قلته سابقا :
مثل هذه النصائح هي التي أبحث عنها
فلا تبخل بها أرجوك ..
مرورك أكثر من غالِ ورائع ..
ولك أيضا كلّ التقدير والاحترام على دعمك الدائم

فلسفة ذات عمق وأبعاد متأطرة في صميم نسيج الواقعية ..
والعفوية ..
والمقارنة بين الشيء وضده ..
اسلوب جذاب ..
وقد استحضرتني فلم مرجان يحب جيهان ..
شكرا يا روح

أهلأ بعبد الإله ..
يقال بأنّ الضد بالضد يٌعرف
ولأجل إيصال فكرة ـ كما قلت سابقا ـ اضطررت لعقد المقارنات بهذه الازدواجية المكثفة

بخصوص الفيلم : لستُ من هواة السينما .. أنا من أنصار المطالعة

مرورك أفخر به يا سيدي ..
حياك دوما



جميلة السرد يا روح ،
شكرا لك .


أهلا بأستاذتنا فرحة
حقا هو سرد طويل ، سرني جدا أنكم استمتعتم به
لا عدمناكِ

عُلا
07-15-2011, 11:29 PM
روحٌ شفافة مثقفة تعلمُ جيّدا هدفها فتواصل المسير إليه
بخطىً ثابتة ، هي روحك يا روح !

اتجاهك صوب غاية معينة و فكرة تريدين ايصالها
جعلكِ تتغلغلين في تفاصيلها فأقنعتِ القارئ بجديّة المشكلة
و جوانبها الشائكة برغمِ بساطة التعابير و عفويتها

و أقصد بالعفوية ، تلكَ التي تجعليننا نؤمن بها
و نحنُ نقرأ / كلاما على لسان فتاة مكافحة جربت الحياة
فكانت ثقافتها و روحها البسيطة تتحدثان بتلقائية


روح ، أنتِ مدهشة حقا
حبّي