مشاهدة النسخة كاملة : مُذَكّرَاتُ أمَةٍ مَقْهُورَةٍ فِي بِلاَدِ الحُرِيّة .
مي التازي
08-25-2011, 08:49 AM
إلى منى ،
.
.
أعاني الربو و أخشى أن تنقطع أنفاسي، فالأحاديث طويلة .
لذا سأعصر القيد حبرا، علّ الذاكرة تتحرّر .
رفيقة النصف الأجمل من الغربة، هاكِ نصفها الموجع .
أعلم جيّدا أنّك لن تصلي إلى هذا الركن القصيّ، و لهذا أنا مطمئنة .
إذ لا أرضى لذاكرتي أن ترمي بحملها على أخرى .
استنزفت جرأتي في وقت سابق، لا أدري متى ستعود .
و متى سأعود !
مي التازي
08-25-2011, 06:45 PM
"كارولين فورِست" :
- هل يسمح للمحجبات ارتياد المسابح المختلطة ؟
- هل يسمح للمحجبات ارتياد المسابح المختلطة ؟
- هل يسمح للمحجبات ارتياد المسابح المختلطة ؟
كرّرتِ السؤال ثلاث مرات، و مرة واحدة كانت كافية لإدماء قلوب المسلمات صدّقيني، فهنيئا لك .
أنتِ عزيزتي تمتلكين حرّية بحجم السماء، أما الشوك فلا ينبت إلا في الرقعة التي نقف عليها نحن .
حرّية مكّنتك من بث حقدك و ضغينتك صوتا و صورة، على برنامج نقاشي من الدرجة الأولى، في قناة يشاهدها العالم .
أما نحن، فلن تحلّق أصواتنا إلا بين أربعة جدران، و لن يرتدّ الصدى إلا إلينا، في ركن قصيّ .
وددت فقط أن أُذكّركِ بسؤال أعمق :
- هل يسمح لهن بارتياد المدارس في بلاد الحريّة ؟
مي التازي
02-02-2012, 09:24 PM
بواتيي /
هنا لفظنا النفس الأخير ،
لست أدري أ كان غاليا و الصمت حداد ، أم أبخس من أن يهزّ ذوينا..
هنا نلنا شرف الموت ، و ربما عاره ..
لا آبه كثيرا ، فهنا اخترت التنفس مرة أخرى ،
و لم آبه للثمن كذلك ..
مي التازي
02-18-2012, 01:10 AM
- Gare de Lussac Les Chateaux, gare de Poitiers
لا زالت هاته الجملة تتردد في ذهني ليومنا هذا. بذات الصوت و ذات النبرة.
كانت كأذكار الصباح، أو تعويذة تقيني شرّ أعينهم.
فنظرة كره أشد من عين حاسد !
أتذكر البرد، و السادسة صباحا، و القطارات و المحطات الخالية إلا منهم، و مني.
أتذكر صوت لارا فابيان و هو يخرق الصمت بأغنية أكاد أجزم أني كاتبتها.
أغنية تشبهني جدا !
أتذكر أني أركب القطار قبل أن تنتهي لارا و روحي من ترتيل نشيدهما الصباحي،
الأغنية لم تكتمل أبدا، فكانت بشكل أو بآخر ( أو بهما معا ) مكملة للمشهد !
و أتذكر أني كنت أردد الجملة أعلاه،
لا لشيء إلا لأشغل نفسي و أتجاهل نظراتهم .
مي التازي
02-18-2012, 11:32 PM
باريس صيفا أشبه بكذبة صدّقناها .
الأضواء و العطور و حتى المشاعر يغسلها المطر ببساطة .
باريس هي مدينة الأرواح الخالية ،
بالرغم من صخب أصواتنا حين تتغنى بالشانزيليزيه ، مراوغة للحزن لا أكثر .
برج ايفل مكتظ للدرجة التي تشعرك بوحدة قاتلة ،
حمام " لاكونكورد" ينبهك دائما إلى أنك مقيّد ، حبيس الأرض و الذكريات ،
أنفاق الميترو تذكرك بأحلامك التي عشت عمرا تنتظرها ، ثم تعدّتك ،
مرّت دون أن تلقي التحية حتى .
مي التازي
02-18-2012, 11:52 PM
تذكّرت للتو أن الحرية كذلك تذيبها قطرات المطر ،
أو ربما تصبح موحلة ، مشوهة ، مطموسة الملامح .
ليّنة للدرجة التي تمكّننا ، عفوا : تمكّنهم ، من تشكيلها حسب الهوى .
في بلاد الحريّة ، كان الحجاب القيد و كنت الأمة المقهورة .
و كان عليهم تحريري .
ممتنة لهم .
مي التازي
02-26-2012, 12:30 AM
رتّب حقائبه بصمت .
جلس أمامي ، و بعد النظرة الأولى ،
حملها مرة أخرى و مضى .
المحطة شاهدة ،
و دمي أبرد من أن " أنفجر" .
مي التازي
03-11-2012, 12:49 AM
تذكّرتك ،
بعد ستة عشر شهرا بالظبط ،
و بصيغة أكثر بساطة : اليوم .
سأمزّق رزنامتي .
و أحتفل ، أنا و لارا ..
و مدفأة تحترق في صمت ،
و صمت يحرقني ،
و الغياب ،
و أنت .
مي التازي
04-16-2012, 08:44 PM
منى ،
أول ما سأقوم به عند أول عودة لباريس : تقبيل ثراها .
أعترف أني اشتقت حتى لشحوبها .
و اشتقت لكِ يا صديقتي .
كوني بخير
مي التازي
04-27-2012, 12:03 PM
من هذا المنبر المعزول عن وجه الأرض، الذي ضاقت عليه جدرانه، و تعذر إصلاح مكروفونه، و أصيب مستمعوه بصمم أبدي و بلادة حس، أي من قرارة نفسي و فيها ، أدعو الأخ نيكولا لرمي أعباءه على أي شخص آخر لا يشبهه، و حجز أول طائرة للسويد، للاسترخاء و ربما تعلّم بعض أبجديات الديموقراطية و الحرية ، ربما ..
مي التازي
04-28-2012, 04:13 AM
مبادئي لا تقبل المساومة ،
و أستطيع التضحية بما عداها .
لست أدري أي شيطان أرعن تلبسني يومها،
أتمنى ملاقاته و لو لحظة لشكره لا أكثر .
مي التازي
04-30-2012, 03:14 PM
ماري ،
أو ماغي بنطق فرنسي رقيق،
الرقة هنا تبقى بين قوسين.
و بعربية أفصح / مريم .
من طهر العذراء و بياض نوايا أمي ،
إلى طيبة البلجيكية التي التقيتها منذ سبع سنوات و لا أزال أتذكر مرحها،
و خوفها القاتل من ركوب المصاعد !
( أعترف اليوم بشجاعتها الخارقة فقومنا يخافون حتى الكلام )
إلى ماري الجميلة كما أحببت تسميتها،
و ماري جولي كما سمّاها أهلها، و جولي تعني الجميلة .
.
.
ماري الجميلة،
فرحَت لخرق القوانين و وجود محجبة في صفوف ثانوية فرنسية .
كانت صديقة لصديقتي/ مضيفتي، و للأمانة كانت أول من يسلم علي بحرارة،
أو بأمانة أكثر أول من يسلم علي.
تشدّ على يديّ كل صبح في محطة القطار و كأنها تخبرني بصمت أنها معي، مهما حدث .
تكثر الحديث بعفوية مطلقة، و تكثر أيضا الأسئلة عن الصلاة و الحجاب و الحلال و الحرام،
تمنت مرة لو تجعلني أصلي في الشارع حتى تشبع فضولها !
كانت تسأل بحب و إعجاب، و قالت لي ذات مرة بهدوء على غير عادتها :
- أغبطكم على الاحترام الذي يفرضه الإسلام، نحن هنا أصبحنا أجسادا دون روح .
.
.
ماري جولي،
شعرها الأسود، و تقاسيمها الشرقية،
جعلت أحد موظفي المطار في المغرب يكلمها بالعربية،
و عندما أخبرته بكونها فرنسية اعتذر لها،
و أشار بلطف إلى الشبه الكبير بيننا ، و بينها .
- أعتذر نيابة عنه ماري، لم يعلم أن تلك كانت أكبر الشتائم التي وجِّهت لكِ ! -
و ماري كانت تغتنم كل فرصة للاستهزاء بالإسلام،
بصدق حقدت عليها نوعا ما، لكن لم يكن هذا السبب
السبب هو أنها تستطيع ارتداء الصليب في كل وقت و كل مكان ،
لكن كلّ محجّبة تتعرض للمذلة خارجا، و يتوجب عليها نزعه " داخلا " .
مع أن لنا و لها، نفس الملامح !
مي التازي
05-07-2012, 10:26 PM
علقت بذهني صورة لبرج إيفل و ما جاوره قبل المغيب .
صورة حاولت جاهدة إيجادها في ملامح باريس،
دون جدوى.
مناقشتنا القصيرة بالأمس أكدت أن طول المسافات يمكن أن يختصر .
قد نتأمّل ذات الصورة سويا يوما ما،
أو قد أتأمّلها في عينيك،
ربما .
مي التازي
05-08-2012, 11:35 PM
Gwen
و أنا أكتب اسمكِ أستحضر عمرا من الذكريات.
أختي التي لم تنجبها أمي و لا تنتمي لبلدي و لا تدين بديني .
تلك التي قضت شهورا في محاولة تحسين أنجليزيتها حتى تتواصل معي،
و كانت على يقين أننا سنلجأ إلى لغة الإشارة لا محالة.
ضحكت كثيرا و لم تخفِ صدمتها حين اكتشفت أنني ثنائية اللغة.
" خفّفتِ علي الكثير من العناء، كنت مرتبكة "
قضت عيد الأضحى بيننا، انغمست في روح المدن العتيقة،
لبست الجلاّبة و القفطان و تبخترت بهما كطفلة شقية،
لم ترفض أي كأس شاي و أغرمت بالحمام المغربي و نقوش الحناء على كفّيها.
تحدثت طويلا مع والديّ، شاكست أخي، حدّثتني عن كلّ تفاصيلها،
بكل عفويّة .
و وقفت إلى جانبي بحزم كذلك.
كانت صورة باريس ذات مساء مبهرة،
لكن صورتكِ العالقة بذهني، في أحد أزقة بواتيي،
تدندنين بعربية مكسورة " يا شمس العشية .. هيّجتِ ما بيّا .. "
و الشمس تترك بعضها في أعيننا قبل المغيب ..
تلك الصورة كانت أكثر دفئا ..
أجمل :)
مي التازي
05-14-2012, 06:06 PM
بيني و بين فرنسا قصة لا تنتهي ،
يبدو أنكِ بدأتِ في شنّ حرب عاطفية عليّ !
فكّي القيد يا أرض الحريّة .
مي التازي
05-15-2012, 01:53 AM
فرنسية !
ياخي حرام عليك !
من الظلم أن تكون على أرض الوطن ،
و قلبك في الضفة الأخرى .
مي التازي
05-17-2012, 08:21 PM
خرجت من الغرفة للتو تاركا بقايا عطرك ،
لمساتك على لوحة المفاتيح لا زالت طرية ،
أكتب الآن و كأنني أشدّ على يديك.
زجاجة المياه ، قلم الحبر ، الشمس الحارقة.
غدا ستغادر البيت و الوطن كله تاركا بعضا من روحك هنا ،
أنفاسك ، صدى ضحكاتك ، ذكرياتك.
رعاك الله .
مي التازي
06-14-2012, 10:42 PM
" بوردو "
بتِّ تشاكسين مسامعي كثيرا هذه الأيام ..
.
.
و لكِ وقع السحر ،
مي التازي
08-11-2012, 03:43 AM
أجمل ما في الغربة أنها تهبك النسيان .
لا شيء بشيء يذكّر .
لا أرض تحتضنك فتقيّدك و لا أرض تبصقك .
حتى السحب تمطر ببرود و لا مبالاة .
لا تغسل روحك، لا تبكي عليك،
لا تفتح لك أبواب السماء، تفتح مظلتك فقط .
على الأقل تشعر هكذا .
مي التازي
01-25-2013, 11:00 PM
زجاجة الوسكي و السجائر لم تكن كافية،
التلفاز سئم مونولوجه الطويل، البؤس لم يسأم عينيكِ،
أتمنى أن ألتقيك مرة أخرى رغم أني لا أعرف ملامحك
فقط لأخبرك بأنك لم تكوني وحيدة،
كانت هنالك فتاة في المبنى المقابل،
تقف كل ليلة فوق المسخن لتراقبك
وقوفي فوقه خطر ؟ التدخين و الشرب كذلك،
و من يهتم في باريس ؟
مي التازي
01-30-2013, 01:29 AM
- عبير كانت أكثر مرونة
- كانت
- أنتِ في غنى عن المشاكل، جمع من الأساتذة يهددون باستدعاء الشرطة .
- كل هذا أهون من أن أفقد احترامي لنفسي
- القانون قانون
- اعتبروني متنكرة بزي إرهابي، لول
- آسفة يا ابنتي، لأول مرة أشعر بالخجل من بلدي
- ما علينا، سأبقى خارجا، اطلبي فقط من الاستاذ أن يرفع صوته قليلا
.
.
- خذي هذا الايشارب الملون على الأقل، تخفيفا لحدة الوضع لا أكثر
حفظ الله العناد
مي التازي
02-19-2014, 10:35 PM
و تذكرت هذا الركن القصي ..
هنا حيث لا الاسم اسمي و لا المكان مكاني ..
و تذكرت أن بوردو نادتني مرتين و خذلتها ، بل خذلت نفسي ، و أنني سأصل متأخرة جدا ..
هنا فقط استطعت الاعتراف بيني و بين نفسي أنني أحببتك ، منذ 20 عاما ربما ..
كنت في سن السادسة يوم أتيت لاصطحابي من المدرسة يوما ، فرفضت لأنني "كبيرة" ..
لا أزال أتذكر نظرتك يومها ، لا أزال أتذكر المساءات التي كنا نقضيها في قراءة القصص سويا ، كنت تتهمني بأنني أنظر للصفحات فحسب و لا أقرأ نظرا لسرعتي ـ لا أزال أتذكر زياراتنا لبيتكم ، كنت تعطيني عددا جديدا من " العربي الصغير " في كل مرة ، و كنت أقرأها كاملة مع أنني لم أكن أحبها كثيرا ، كنت أفضل "ماجد" . أ تعرف ، لا أتذكر قصصي المفضلة ، أتذكر فقط أنك كنت تحب قصة " الجندي المجهول " و تقرأها مرارا و تكرارا ، كنت أكرهها ، لكنها الوحيدة التي اتذكرها جيدا ، غلافها الأخضر ، حتى رائحة أوراقها .. أتذكر مشاكساتك الدائمة لي ، كم مرة تسببتَ في بكاءي ؟ أتذكر أننا كبرنا قليلا ، أن السبع سنوات التي تفصلني عنك بدأت تتقلص شيئا فشيئا، و أن الهوة بيننا بدأت تكبر ، إلى أن جمعتنا فرنسا ، إلى أن أحببتك في بواتييه ، هل كان علي قطع تلك المسافة كلها حتى أفهم مشاعري ؟ أتذكر اتصالاتك، اهتمامك ، مرحك .. كل كلمة و كل ضحكة لا زالت عالقة في ذهني .. كأن يد الله كانت تحركك في كل مرة أًخذل فيها ، كنت أجدك دائما بجانبي بشكل أو بآخر ..
أعاود قراءة هذا النص ، أجده ركيكا ، فقدت ملكة الكتابة ، لم أكتب الشعر منذ زمن .. و تذكرت أنك أول شخص قرأ كتاباتي .. في مرحلة مبكرة جدا ، كنتُ في الصف الثاني الابتدائي عندما وقعتَ على دفتر مذكراتي السري جدا، أخبرتَ أمي انني سأكون كاتبة مبهرة .. كنت سعيدا كذلك لأنني سأكون اول فتاة مهندسة في العائلة ، كنت فخورا بي ، لا أحتاج فخرك ، أحتاجك أنت .... و لماذا اكتب الآن ؟ ما الجدوى ؟ حتى الأسلوب لا يشفع لي .
المهم ، لم أعرف قيمتك حتى فقدتك ، مبارك زواجك . أتمنى أن أكون خارج المغرب يوم الزفاف . و أودّ إخبارك أني بكيت كثيرا ، كبكائي يوم كنت طفلة تماما ، و أود إخبارك للمرة الأولى : أنني أحبك .
لا تدعوا حبكم حبيس قلوبكم .. الندم مرّ ..
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,