فهد إبراهيم الأُسْلُمِي
08-27-2011, 02:10 AM
http://dc09.arabsh.com/i/03109/rq8okoxqbr9n.jpg
الكتابة :
أشياء وتفاصيل كثيرة لا نستطيع أن ننطقُ بها . كأن أبجديتها مختلفة ولا نعرفها . الكتابة وحدها هي من تموج بها وتنطْقها . الكتابة وحدها - هي من تستطيع - أن تحملُنا وتعبرُ بنا المدن المعربدة والشوارع الكئيبة والأزقة المحرمة آمنين .. !
*
أخبرتني أنثى ذات سهر , أن طائر الشرق لم يعُد يحطُّ على نافذتها . هجرها لحُزنها و خانها ورحل ..! .. لن ألومه , ولكن إن عاد إليكِ إسئليه عنّي وماذا فعل السهر , وإن رايتيه ثمل لإني لم أجد له ماءاً غير النبيذ يُبللُ ريقهُ بعد ما طال به السفر .؟!
*
لم تتبقى لدي إلا سيجارةٌ هافانية واحدة . والليلُ ما زال طويلاً وفي بدايته . لهذا لن تكون كسابقاتها . بل سينداح معها الكثير من الهُراء ..
علّمني السهر أن مَلَكَاً كان يعاشرُ نجمة فتشكّلتْ داخلها نُطفة الفطرة وفُضِح أمرُه " أختفى حُبِه " ونُبذ للأرض فمات بِحُزنه . علّمني السهر أن الحب نجمة من بنات السماء سقطت في بحيرة فتكوّنت داخل رحم حورية . حملتها في أحشاءها تسع ملاحم وتسع أساطير وعبرت بها تسع بحور وأنجبتها على رمالٍ ذهبيّة . تحت شجرة جوز هند في دُجى ليلةٍ قمرية . علّمني السهر أن الحب فور وجوده كان طفل تُغْفر له الزلّة وأنه مبعوثُ وشاية سلمتّها أنثى الغيم بيد الرعد فأصابت صواعقه القلوب وَدَوَىَ صوت البرق وهطل المطر . علّمني السهر أن السماء أنثى غجرية كان يعشقها الزمن , هي صعدت إلى أعلى وهو غدى كهلٌ مهيبٌ لا مرئي وفرّق بينهما الليل والنهار والشمس والقمر . علّمني السهر أن الحب يتيم وأنه هو من يبحث عنّا ولسنا نحنُ من نبحثُ عنه وله ملامح لا تستطيع حصرُها حدود وجه , وله بسمةٌ دُون شفاهٍ وثغر وعينانِ فارغةً من البصر . علّمني السهر أن الحب طُغيان وبلاءٌ مدمّر - خطير - ينهش الروح ويقطف زهرة القلب فتشيخ الخليّة ويتخثّر به الدم وتتصحّر منه العروق وتدوّنه صفحات التجاعيد وتُرفع مطوياتُه فوق رفوف العُمر . علّمني السهر أن الحب دارهُ قضاء تقبعُ في النواصيّ وما بين المفارق . وفيها دوّن قانونه بالدموع ونصّ قضائهِ ظلمٌ وعدلهُ خيانة وحكمةُ غدر مدونةً على دمغات حقائق العذاب والقهر . علّمني السهر أن الحب احتمالاتُ أفعال وأن الألم مضارعٌ مستمر يأتي فيه فعل واسم الحبيب فاعل واسم الحبيبة مفعول به مذبوح في محل جرح غائر مضاف إلى حدِّ خِنْجر . علّمني السهر أن الحب ليس جمالاً وقُبح فصلً وأصل ليس ألماساً وذهب أبيض وأسود ليس حارةً وقلعة كوخٌ وقصر ليس مدينةً وقريّة غِنى وفقر . علّمني السهر أن الحب خلجاتٌ ونبضة قلب , شهيق صدق وتواضع وشعورٍ وإحساسٌ بالبشر . وأنه عهدٌ ملزمٌ بوفاء تحت وطأة النوائب وحُكم القدر . علّمني السهر أن الحب هو أن تُتقن فنّ الصّمتِ وتصّمتْ . ليلةٌ وخمسٌ وشهر . وأن تطوي الأفكار وتجمع الأشياء وتُرتب التفاصيل ثم تفتح صندوقك الخشبي القديم تضعها فيه وتُلقي به في البحر .
ولم يعلمني السهر كيف أبحثُ عنّي ولا أبحثُ عنها , لم يعلمني كيف أُعيد قلبي بكراً بعد أن وطأتهُ قدَمُ أنثى , لم يعلمني حُرية النافذة المُشرّعة والباب الموارب وفلسفة الحديقة وعدم التفكيرُ بها / ولم يعلمني السهر صدقاً كيف لي أن أنسلخ منها ولا أتذكرُها وأنسى ...
أنتِ بعيدة جداً , وأعرف أننا الآن نتشارك استفهاماتٌ كثيرة .؟ . لـ نأتي برسول بيننا إذاً / ولتكن الحيرة . ستأتيك مثخنة بالكثير من الأسئلة . وعلى رفّكِ الكثير من الأجوبة المركونة . ولن يُعجزكِ استلال أحدها . ليضع لمساته الأخيرة على الملامح المُبهمة . لم تقولي لي .؟ . أين كان مسقط رأس الحب .! . هل له أرض ؛ هل له وطن ؛ هل له دستورٍ ودار ؛ من أنجبه من اسماه ماذا عن الدين وما هي الملّه .؟ . بين يديّ طرف خيط معقود لم يُنفثُ فيه بعد , مربوط على رسالة ذات خامة شاحبة سطورها مخنوقة وكلماتها مقتولة , رسالة أتتني مربوطةً برجل غراب بعد أن تعذرّت عن حملها الحمامة ...
هيهات يابنة القصور وسماءكِ فسيفساء وياقوتٌ وزبرجد وأرضكِ كافور ورملٌ أندلُسي وسادتكِ ريشُ نعام وسريركِ مُخملي . وأنا ابنُ الريف , ابنُ النخل والوادي ابنُ السهل والجبل وبيت الطين وسقف العريش . هيهات يا أنثى لذّة التوتِ والعنب ونشوة الثلج والخمرة . وأنا من كنت يرعي الغنم . سلِ عني الشمس قائظة النهار . سلِ الينبوع مورد الماء وسفح التل ولظى البيد . سلِ عني الصخر والفأس وأشجار الشوك . سلِ عني الطينِ والزرع والرملِ والرّمضة . هيهات يا امرأة وديدنُكِ العِز والثراء والحرير ومسكِ العطور . وأنا القروي الذي ما عرف يوماً البُهرج ومساءاتِ الغناء والرقص وقرع الكؤوس والزينة . ثرائي لكِ هو قلبي . وفيه حبُكِ باذخٌ وواقعٌ وحقيقة . يمتدّ كمساحاتِ بييدٍ شاسعة كحقول الزيزفون واللوز والزيتون وعشقكِ فيه حدائقٌ غنّاء . وبنيتُ لكِ فيه ألآفٌ من القصور العتيقة . يا حبيبة , كم أحبُك وما كانا لنا هذا الحب الذي كان وليس ثمة أمل . دعينا نُجهض حقيقة حُب يحتاج الكثير من السحر . ويلزمه من اعمارنا مائة عام / ليكون حُلمٍ وأُمنيةٍ مرّجوة - وألفُ عام لأبتدي / لأتقدم فيه خُطوة - وألفُ ألفُ عامٍ أرنو إليكِ فيه للقاء . وليكن حقيقة يلزمه معجزةٍ إلهية . يا الله سمعت أن الحب بذاته يصنع معجزة وقرأت عن حُب يحتاج حدوثه إلى معجزة وحبي لها جمع الاثنتان ويبحثُ عن الثالثة . وأنا الذي ما كنت لبُغياك أتزّلف وأسْتتر . ما كنت لأكذب وأصوّر لكِ الجنّة وإن كنتِ لقلبي خليلة ؛
اللعنة , هي أن تُقسم لتنكُث بقسمِك . وأن تَعِد وعداً لتنقُضهُ , وأن تُحاول الابتعاد عن الحُب فـ ترتطم به ,
لا , الحب لا يحتاجُ إلى شيء . ولنكون معاً لا نحتاج إلى سحرٍ ومعجزات إلى دجالين وعرافات . فقط إرمي هالتكِ التي أعيّتِ الضوء وأخرست النور وأطفأتِ الشمعة . وامخري عباب العالية والفوارق والطبقية وامتطي صهوة الريح وإليكِ أنا فخذيني عشقاً لا يندثر وحُباً لا يبور ؛
*
واللعنة أن تُقارب سيجارتك الهافانيةُ الفاخرة من نهايتها وأنت تعلم أنه ليس ثمة غيرُها ...؛
:: وتنتهي ::
؟
الكتابة :
أشياء وتفاصيل كثيرة لا نستطيع أن ننطقُ بها . كأن أبجديتها مختلفة ولا نعرفها . الكتابة وحدها هي من تموج بها وتنطْقها . الكتابة وحدها - هي من تستطيع - أن تحملُنا وتعبرُ بنا المدن المعربدة والشوارع الكئيبة والأزقة المحرمة آمنين .. !
*
أخبرتني أنثى ذات سهر , أن طائر الشرق لم يعُد يحطُّ على نافذتها . هجرها لحُزنها و خانها ورحل ..! .. لن ألومه , ولكن إن عاد إليكِ إسئليه عنّي وماذا فعل السهر , وإن رايتيه ثمل لإني لم أجد له ماءاً غير النبيذ يُبللُ ريقهُ بعد ما طال به السفر .؟!
*
لم تتبقى لدي إلا سيجارةٌ هافانية واحدة . والليلُ ما زال طويلاً وفي بدايته . لهذا لن تكون كسابقاتها . بل سينداح معها الكثير من الهُراء ..
علّمني السهر أن مَلَكَاً كان يعاشرُ نجمة فتشكّلتْ داخلها نُطفة الفطرة وفُضِح أمرُه " أختفى حُبِه " ونُبذ للأرض فمات بِحُزنه . علّمني السهر أن الحب نجمة من بنات السماء سقطت في بحيرة فتكوّنت داخل رحم حورية . حملتها في أحشاءها تسع ملاحم وتسع أساطير وعبرت بها تسع بحور وأنجبتها على رمالٍ ذهبيّة . تحت شجرة جوز هند في دُجى ليلةٍ قمرية . علّمني السهر أن الحب فور وجوده كان طفل تُغْفر له الزلّة وأنه مبعوثُ وشاية سلمتّها أنثى الغيم بيد الرعد فأصابت صواعقه القلوب وَدَوَىَ صوت البرق وهطل المطر . علّمني السهر أن السماء أنثى غجرية كان يعشقها الزمن , هي صعدت إلى أعلى وهو غدى كهلٌ مهيبٌ لا مرئي وفرّق بينهما الليل والنهار والشمس والقمر . علّمني السهر أن الحب يتيم وأنه هو من يبحث عنّا ولسنا نحنُ من نبحثُ عنه وله ملامح لا تستطيع حصرُها حدود وجه , وله بسمةٌ دُون شفاهٍ وثغر وعينانِ فارغةً من البصر . علّمني السهر أن الحب طُغيان وبلاءٌ مدمّر - خطير - ينهش الروح ويقطف زهرة القلب فتشيخ الخليّة ويتخثّر به الدم وتتصحّر منه العروق وتدوّنه صفحات التجاعيد وتُرفع مطوياتُه فوق رفوف العُمر . علّمني السهر أن الحب دارهُ قضاء تقبعُ في النواصيّ وما بين المفارق . وفيها دوّن قانونه بالدموع ونصّ قضائهِ ظلمٌ وعدلهُ خيانة وحكمةُ غدر مدونةً على دمغات حقائق العذاب والقهر . علّمني السهر أن الحب احتمالاتُ أفعال وأن الألم مضارعٌ مستمر يأتي فيه فعل واسم الحبيب فاعل واسم الحبيبة مفعول به مذبوح في محل جرح غائر مضاف إلى حدِّ خِنْجر . علّمني السهر أن الحب ليس جمالاً وقُبح فصلً وأصل ليس ألماساً وذهب أبيض وأسود ليس حارةً وقلعة كوخٌ وقصر ليس مدينةً وقريّة غِنى وفقر . علّمني السهر أن الحب خلجاتٌ ونبضة قلب , شهيق صدق وتواضع وشعورٍ وإحساسٌ بالبشر . وأنه عهدٌ ملزمٌ بوفاء تحت وطأة النوائب وحُكم القدر . علّمني السهر أن الحب هو أن تُتقن فنّ الصّمتِ وتصّمتْ . ليلةٌ وخمسٌ وشهر . وأن تطوي الأفكار وتجمع الأشياء وتُرتب التفاصيل ثم تفتح صندوقك الخشبي القديم تضعها فيه وتُلقي به في البحر .
ولم يعلمني السهر كيف أبحثُ عنّي ولا أبحثُ عنها , لم يعلمني كيف أُعيد قلبي بكراً بعد أن وطأتهُ قدَمُ أنثى , لم يعلمني حُرية النافذة المُشرّعة والباب الموارب وفلسفة الحديقة وعدم التفكيرُ بها / ولم يعلمني السهر صدقاً كيف لي أن أنسلخ منها ولا أتذكرُها وأنسى ...
أنتِ بعيدة جداً , وأعرف أننا الآن نتشارك استفهاماتٌ كثيرة .؟ . لـ نأتي برسول بيننا إذاً / ولتكن الحيرة . ستأتيك مثخنة بالكثير من الأسئلة . وعلى رفّكِ الكثير من الأجوبة المركونة . ولن يُعجزكِ استلال أحدها . ليضع لمساته الأخيرة على الملامح المُبهمة . لم تقولي لي .؟ . أين كان مسقط رأس الحب .! . هل له أرض ؛ هل له وطن ؛ هل له دستورٍ ودار ؛ من أنجبه من اسماه ماذا عن الدين وما هي الملّه .؟ . بين يديّ طرف خيط معقود لم يُنفثُ فيه بعد , مربوط على رسالة ذات خامة شاحبة سطورها مخنوقة وكلماتها مقتولة , رسالة أتتني مربوطةً برجل غراب بعد أن تعذرّت عن حملها الحمامة ...
هيهات يابنة القصور وسماءكِ فسيفساء وياقوتٌ وزبرجد وأرضكِ كافور ورملٌ أندلُسي وسادتكِ ريشُ نعام وسريركِ مُخملي . وأنا ابنُ الريف , ابنُ النخل والوادي ابنُ السهل والجبل وبيت الطين وسقف العريش . هيهات يا أنثى لذّة التوتِ والعنب ونشوة الثلج والخمرة . وأنا من كنت يرعي الغنم . سلِ عني الشمس قائظة النهار . سلِ الينبوع مورد الماء وسفح التل ولظى البيد . سلِ عني الصخر والفأس وأشجار الشوك . سلِ عني الطينِ والزرع والرملِ والرّمضة . هيهات يا امرأة وديدنُكِ العِز والثراء والحرير ومسكِ العطور . وأنا القروي الذي ما عرف يوماً البُهرج ومساءاتِ الغناء والرقص وقرع الكؤوس والزينة . ثرائي لكِ هو قلبي . وفيه حبُكِ باذخٌ وواقعٌ وحقيقة . يمتدّ كمساحاتِ بييدٍ شاسعة كحقول الزيزفون واللوز والزيتون وعشقكِ فيه حدائقٌ غنّاء . وبنيتُ لكِ فيه ألآفٌ من القصور العتيقة . يا حبيبة , كم أحبُك وما كانا لنا هذا الحب الذي كان وليس ثمة أمل . دعينا نُجهض حقيقة حُب يحتاج الكثير من السحر . ويلزمه من اعمارنا مائة عام / ليكون حُلمٍ وأُمنيةٍ مرّجوة - وألفُ عام لأبتدي / لأتقدم فيه خُطوة - وألفُ ألفُ عامٍ أرنو إليكِ فيه للقاء . وليكن حقيقة يلزمه معجزةٍ إلهية . يا الله سمعت أن الحب بذاته يصنع معجزة وقرأت عن حُب يحتاج حدوثه إلى معجزة وحبي لها جمع الاثنتان ويبحثُ عن الثالثة . وأنا الذي ما كنت لبُغياك أتزّلف وأسْتتر . ما كنت لأكذب وأصوّر لكِ الجنّة وإن كنتِ لقلبي خليلة ؛
اللعنة , هي أن تُقسم لتنكُث بقسمِك . وأن تَعِد وعداً لتنقُضهُ , وأن تُحاول الابتعاد عن الحُب فـ ترتطم به ,
لا , الحب لا يحتاجُ إلى شيء . ولنكون معاً لا نحتاج إلى سحرٍ ومعجزات إلى دجالين وعرافات . فقط إرمي هالتكِ التي أعيّتِ الضوء وأخرست النور وأطفأتِ الشمعة . وامخري عباب العالية والفوارق والطبقية وامتطي صهوة الريح وإليكِ أنا فخذيني عشقاً لا يندثر وحُباً لا يبور ؛
*
واللعنة أن تُقارب سيجارتك الهافانيةُ الفاخرة من نهايتها وأنت تعلم أنه ليس ثمة غيرُها ...؛
:: وتنتهي ::
؟