مشاهدة النسخة كاملة : رسائل الزُّعفران ..!.
ترتيل
06-04-2012, 03:36 PM
(1)
لو تدرين يا هند
كمْ تُسرف دروب هذه المدينة في شوقها لخطاك ؟!
.
.
أ بوسع التحيّة يا هند أنْ تُطيّب أوقاتك ؟ ليتها تفعل
تحية تشبهك وسلام
وبعد
سكبتُ قهوتي هذا المساء في كأسٍ زجاجي طويل أظنه مخصَّصاً للعصائر فقط
لا أعرف _ تحديداً _ من ذا الذي شرّع أنْ يكون هذا الكأس مصَّباً لبارد الشّراب
فحسب
وأنّى له كلَّ ذلك الوقت وتلك الرّغبة للتفكير نيابة عن الكؤوس والأطباق
والتكهن
بغاياتهم وما يشتهون .!.
المريح أني لا أشعر بأنَّ كأسي ممتعض من صنيعي هذا هو فقط قلق قليلاً من أن
يكون مصيره كـ مصير الفناجيل التي نفدت لدينا بعد أنْ تهشّمتْ واحداً تلو الآخر
مع نهاية كلّ حوار صاخب
يقوّدني وإياكِ إلى حيث لا يُمكن للكلام أن يصير طبيباً ودواءً .
أُمّي تفرحُ كثيراً حين تتهشم الأشياء في بيتنا ظنّاً مِنها إنَّ ما تهشم كان نتيجة سهام حاسد
أخطأت التصويب لحُسن الحظ
فـ تعزّي نفسها عن تلك الخسارة قائلة ( بالكزاز ولا بالاعزاز ) وكأنَّ ( الاعزاز ) ذوو فائدة تفوق
فائدة فنجال قهوة أنيق يكتوي ليهدينا لذّة ننسى دوماً أن نشكره عليها .
سأشتري لاحقاً طقمين من الفناجيل الجديدة , لا يُعقل أنْ أُقدَّم للضّيوف قهوتهم بهذه الكؤوس الطويلة
كـ قامة الخيبة التي تمتد على صدري وصدركِ الآن .
أيه يا هند
لا أعرف تحديداً لِمَ أكتب إليكِ الآن ستكون رعونةً مني أنْ أعتذر إليّ أو إليكِ
بعد كلِّ هذا الوقتِ من الصّمت والغضب وادّعاء اللامبالاة
فمثل هذا الصّنيع الآن تجدّيداً موغلاً لكلّ تلك الجرَّاح الّتي تركناها عارية على أرصفة الملح
وتعلمين لستُ أؤمن بالرِّبح والخسارة كما يفهمها الآخرون الذين لطالما آمنوا أنَّ الرِّبح متصلٌ بالكرامة
التي علينا أن نحتفظ بها حتّى تصدأ بـ تعرّق الرّوح حين تعتصرها الغصة وهي تحصي كمَ خساراتها
بعد رحيل الآخر الذي ما عاد مجدياً أنْ نُصدّق فيه كذبة أنَّه الخاسر الأكبر أمام ما ربحناهـ من كرامة صدئة .!.
كلانا خاسران يا هند ولا نستحق اعتذاراً يمنحنا شعوراً مريحاً بعده
وحده ما كان بيننا يستحق الاعتذار والبكاء .!.
أتعلمين يا هند
تلك الحيّاة التي بدتْ أوسع من رأسيّنا الصّغيرينِ ذات جهل والتي ملأتْنا دهشة ورغبةً عظيمة لاكتشافها
تلك الّتي أثارتنا كما تفعل حتّى الآن أوتادُ الله الّتي تنتصب خاشعةً في زوايا مدينتنا الشّمالية الصّبورة
باتتْ اليوم يا هند أضيق من تلك المغارة التي لا زالتْ تُخيفني وإياكِ كلّما ألقتْ في صدريّنا الاختناق
حين ينحسر الضّوء عن قلبها عُتمة عتمة
فتقبض إحدانا على كفِّ الأُخرى بقوةٍ لـ نتنفس , اخبريني يا هند مَنْ سرق من كفيّنا الهواء ؟!!
أنّى لـ كفيّنا أنْ تصيرا لجاماً ودخاناً ؟
ما عادتْ دماؤنا عسلاً كما كنا نظن ونخبر بعضنا بعضاً , غدتْ علقماً سال من شفاهـ الجراح
التي نابتْ عن كليّنا بالطعن والحديث
ما كنتُ أدري يا هند أنَّ الجراح تشيخ وتُمسي سليطةً كـ جدّة خرِفة ..!.
نعم يا رفيقة الضّياء
يحدث أن يُصادر الجرح حقوقنا في الصّفح والغفران
يحدث أن يصنع منّا جبابرةً وطغاةً
يحدث أن يُسقطنا في هاوية النَّدم والخزي بعد أن يُفسد على شفاهنا حلو الكلام
يحدثُ أن يُميتنا ذات ليلة صديقتين
ويبعثنا في ضحاها غرباء ..!.
.
.
ترتيل
علي آل علي
06-04-2012, 05:12 PM
ما عادتْ دماؤنا عسلاً كما كنا نظن ونخبر بعضنا بعضاً ,
هنا إعجاز بلاغي راق لي فعلاً
لله أنتِ
وتلك الفناجيل وكأس العصير الطويل ... إنه والله لخيال خصب بالمعنى والتحليق بنا إلى سماء عالية
بورك اليراع ...
محمد الحجري
06-04-2012, 05:26 PM
تراتيل
حروف نسجتها من فكر خصب
تسلسل جميل وافكار ثابته كاوتاد هذا النص
وفقك ربي
عبدالإله المالك
06-04-2012, 09:59 PM
غرباء هاهنا
ولكننا نترل الحرف ترتيلا
تقبلي تحياتي
أمجاد محمد
06-05-2012, 12:19 AM
أسلوبك رائع جداً
شكرآ لكِ
محمد قسمي
06-05-2012, 12:08 PM
ترتيل ...
كلمات دافئه كالصداقه تماماً تجدولت على احافير الزمن ماءاً زلال
خيّل لي وانا في غمرة القراءه أنني وسط ارجوحه تتهادى بي بين الطفوله والاحلام
مؤلم هذا التداعي
حين يهبط بك على ارصفة الواقع والخاويه من الرفقه والعشب
لوهله ظننتني هند
حتى بات ما يلحظه الفكر يتناوله الشكر بالنسيان
ترتيل
لعل في احساسك ما للنوائب من اجر
...
رسائل الزعفران
نهراً ثالث كدجله والفرات ولكنه لا يمر بين الأوديه والتلال بقدر ما ينساب بين الاورده والشرايين
مرحا بكِ ياصديقة الحرف والاحساس
سعدت جداً برفقة حرفك هذا الصباح
كوني بخير
محمد
سَارة القحطاني
06-06-2012, 01:20 AM
.
.
العنوان كان يكفينا كي نُبرهن على جمالية ما سنقرأه .. والمضمون لوحده أُغنية ربيعية فاتنة ..
مممم كُل الأشياء أتت هُنا بشكل مغاير / مُختلف إنه ( الإستثناء بعينه ) :)!
أنتِ مدهشة .. بُوركتِ :icon20:
شموخ الأحمد
06-06-2012, 10:05 AM
فعلا
رسائل الزعفران
فاحت منها رائحة الزعفران
عطرت هذه الكلمات الارجاء
وكان لها لون كالونه..
وحده ما كان بيننا يستحق الاعتذار والبكاء .!.
وقفت عندها كثيرجمال كلمات ورقي أحساس
تراتيل
كل شيء هنا مختلف
ترتيل
06-06-2012, 11:06 AM
(2)
.
.
كم تصغر الصّور وتتضاءل أعماقها في رؤوسنا حين نكبر ياهند ؟
لعلَّكِ بخير يا صديقتي ؟
كم آمل ذلك يا حكاية الضّوء المنهوب
أتعلمين ؟
وحده الصّداع يا صديقتي يُشاطركِ الطواف بأركانِ رأسي
لا أدري كيف هو حالي إن كان ثمة استفهام على شفاه قلبكِ ينتظر إجابة رجاء ألا يدّق القلق
أوتاده في صدرك ,
الحقّ أني بخير وما هذه المقدمة إلا زخرفٌ أراود به وله قلبكِ خشية أن مسَّه
الغياب بلعنة الفتور .
وبعد يا هند ,
سيبدو الكلام رخيصاً بعد أن تُشيَّد مواسمُ الصّمت بأسماعنا وعلى الشِّفاه قلاعَ الزُّهد فيه !
هند,
أليستْ مخيفة هذه السُّرعة التي تجري بها الأعمار ؟!
يفصل بيني وبين الثلاثين الآن ثلاثُ شموع فقط
و بالأمس كان الفاصل عشراً وأكثر يا هند,
مَنْ سرقَ من درج العمر كلَّ تلك الشُّموع ؟!
كيف تعلّمنا ماهية الثّبات يا هند ولم يفلح شيءٌ واحد , واحد فقط على أرضنا في النَّجاة من قبضة التحول
وشهوة التغيير ؟!
كُنتُ أصغي قبل سويعات لـ بكاء امرأة تركل الدّنيا بسعير دموعها بعد أنْ
أودعتْ مشيئة الله _ منذ ليلتين _ جسد رجلٍ كان لها متكأً وبساتينا وسماء ,
كانتْ تسكب مع كلَّ دمعة سالتْ من مآقي قلبها ألف قسمٍ وقسم بالوفاءً له
هي لم تعرف بعد أنَّ وفاءها سيمرض يوماً حين تساقط دموع أُخرى فوق صباها الذي ينتظر دوره في طابور الذّبول
وحين تجلد قلبها حسرة الفوات كلّما أبيضتْ عين الجديلة وتجعّد على وجهها شال الحرير كلّما أحاط الجوع بقلبهاوبالصّغار.
لو أنَّهم يلوذون بالصّمت فقط ولا يقطعون _ حين تشتعل مشاعرهم _ الوعود ،
ما كان وزن القيم سيُطفف في رؤوسنا وعلى الموازين .
يا للعوز يا هند ! كأنَّه المرض كم يفتك بصحة الأشياء .!.
أ لن يكونَ أَمراً فائق الرّوعة يا هند لو وجدتِ دفتراً أنيقاً ينتظركِ على قارعة الأقدار ؟!
دفترٌ يبعث من بين صحائفه رائحة جنّة لطالما اشتاقتْ محابر الرّوح إليها لتفيض على جانبيّها بوحاً أزرقاً وعذباً
كم سيكون موجعاً يا هند لو تبيّنَ لكِ أنَّ ثُلثيّ صحائف ذلك الدَّفتر ملوثةً ببقع زيت طالتْ قلبَه حتّى أفسدتْ باطنه
لكنّها أبقتْ ظاهره صالحاً,
يا لحواسنا يا صديقتي !
أتدرين كم تتآمر علينا وتزين لنا الأشياء ؟! .
كان على شمال قلب امرأة سمراء الحس ,عذراء الرّوح دفترٌ مثله يحمله الآن رجل لا ظلَّ له على أرضها,
يحسبه هبة الله التي سـ تُنبتْ على يديّه سيوفاً وتُفجِّرُ فوق صحراء حيلته أنهاراً ومعاولا.
أتدرين ,
مضى ذلك الفارس مؤمناً بفوزه وهو لا يدري أيّ خيبة بين ذراعيّه يحتضن .
هند ,
سأُسفر عن جدائلي في الطرقات وأضرب عليها بقدم وخلخال
فلا تثريب عليَّ اليوم, ما عاد في هذه المدينة رجال .!.
مرّتْ تسعاً يا هند وهذا البلد تلوكه أفواه الغرباء ,
أولئك الذين يُنبتون نُطفهم على صدره ليلاً فيُبعث كلَّ فجرٍ كسيحاً,مرتداً عن صبغة الآباء ,
هكذا تشمئز الأرض من بعض طينها حين يستبدل جزيئاته بأُخرى ملونة ومنزوعة الأصالة ,
ستلفظه كما ستفعل قلوبنا ولو بعد حين .
في صدري الآن يا هند
أمنيتانِ تختصمان ,
ووجع مبري بعناية
مصباح متقد لمْ يسترح منذ ثلاثة أعوام
مصحف ذهبي الغلاف يتربع على منضدة في غرفة معيشة لا يمسّه إلا منديل التنظيف
جندي غفا على حافة المعركة
فـ نجا حين ظنته البّنادق ميتاً فعبرته تزّف رصاصاتها لصدر يقظ جسور ما ذكرهـ بطل الأكاذيب
ولو على سبيل الدّعاء بالرّحمة .
كيل لحم تنتظره أفواهٌ جائعة ،
نسيه والد ثمل في صندوق سيارته بليل صيف مستعر حتّى فسد.
جدّة حنونة مات عنها أبناؤها قبل أن يغرسوا في روضها الخالي أحفاداً وزهوراً
فـ صنعتْ لنفسها أحفاداً من قطن كلّما أتمَّ أحدهم نموهـ بأحضانها
باعتْه لـ تشتري بثمنه رغيفاً وقماشا.
أرملة علمتْ للتوّ
أنَّ القبر الذي كانتْ تزاول البكاء والدّعاء إلى جوارهـ لـ سبعة أعوام
لم يكن قبر زوجها الشّهيد الذي شاء أن يُترك قبرهـ بلا شاهد
بل كان قبر مومس وضيعة تركه أهلها هملاً بلا دليل يوثق عارهم المسجى .
رسالة لم تُقرأ بعد ،
دسها عاشق في بطن كتاب تركتْه فتاة أحلامه على مقعد الدّراسة قليلاً
ثم رجعتْ فـ حملتْه ومضتْ لتعيدهـ لمكتبة استعارته منها ,
مَنْ أجاز لها أن تقبر صوت ذلك العاشق دونما كفن وصلاة ؟
بعض متر فائض
من قطعة قماش أبيض ثمين صنعوا منها فستان زفاف وأهملوا ذاك الجزء المتبقي على مرمى
خيبة ، فـلاذ بظل ماكنة الخياطة الّتي ظلتْ تبكيه بدمعٍ من زيتٍ أسود .
طفلٌ يطلب من أبيه
أن يُسابقه ... فيفعل الأخير ويترك ابنه _ كـ كلّ مرّة _ يغلبه .
صبية تشعر باليتم كلّما نظرت إلى أبيها .
بنّاء , أتمَّ بناء مئة بيت في نهار ذلك اليوم الذي أُخرِج فيه أثاثه من نزل صغير
عجزَ البنّاء عن تسديد بدل إيجارهـ .
بعض المشاهد ...
تقودك إلى كلّ الطرق الممكنة والمؤدية إلى جهات وصول آمنة
وبعضها الآخر ...
يسحب من تحت أقدامك الطريق ويحشرُك في كلِّ الزّوايا المفخّخة
كـ فأر مُطارد لا يجري خلفه أحدٌ سِوى مخاوفه ..!.
نعم يا هند
خائفة أنا كـ فأر وحيد يمكث في قبو مهجور لا يزورهـ سوى الغُبار
ولا تطرق أركانه المظلمة ،
سوى خفقاتٍ وجلة لأطفال صدقوا الأساطير الّتي ترويها الجدّات لهم عن
وحش القبو المختبئ كي تغفو أرواحهم العصيّة عن النّوم والطاعة
لا أحبُّ النّوم يا هند ... أبغضه كما أبغض كلّ ذلك الخوف الذي كانتْ جدّتي تصبغ به قلبي عند الظهيرة والأُمسيات
ذاك الخوف الذي نسيتْ جدّتي أن تزيله عن وجهي وخطاي قبل أن ...
تتذوق هي طمأنينة الرّحيل وتتركنا لقمة سائغة
لأرجوحة القلق .
لِمَ يا هند ؟
لِمَ علينا أن ننام ونستريح .. في الوقت الذي نرغب فيه كلّ الرّغبة .. بأنَّ نبقى مستيقظين نتناول الحياة
جداً وتعباً .!.
هند ,
رخيصٌ هو الحزن ,الذي لا يصنع مِن قلوب مضيفيه أنهاراً
تفيض على ضفاف مَنْ حولها
كلَّ حين
نبلاً وعطاءً ..!.
.
.
ترتيل
ترتيل
06-06-2012, 11:08 AM
هنا إعجاز بلاغي راق لي فعلاً
لله أنتِ
وتلك الفناجيل وكأس العصير الطويل ... إنه والله لخيال خصب بالمعنى والتحليق بنا إلى سماء عالية
بورك اليراع ...
المبارك علي
لله ما أبهى مرورك أيُّها النَّبيل
ممتنة لك
كلّ الخير
ترتيل
06-06-2012, 11:09 AM
تراتيل
حروف نسجتها من فكر خصب
تسلسل جميل وافكار ثابته كاوتاد هذا النص
وفقك ربي
الكريم محمد
ما أسعدني بحضورك أيُّها النَّبيل
كلّي إمتنان وتقدير
كلُّ الخير
ترتيل
06-06-2012, 11:11 AM
غرباء هاهنا
ولكننا نترل الحرف ترتيلا
تقبلي تحياتي
المبارك عبد الإله
شكراً أيُّها الظافر بالحظ الأوفر من النُّبل والرّوعة
كما أنت فـ لتدم
كـلُّ الخير
ترتيل
06-06-2012, 11:12 AM
أسلوبك رائع جداً
شكرآ لكِ
هذا فقط من لطفك وكرمك
ممتنة لإطلالتك الندية
إبقِ بطمأنينة
كـلُّ الخير
ترتيل
06-06-2012, 11:15 AM
ترتيل ...
كلمات دافئه كالصداقه تماماً تجدولت على احافير الزمن ماءاً زلال
خيّل لي وانا في غمرة القراءه أنني وسط ارجوحه تتهادى بي بين الطفوله والاحلام
مؤلم هذا التداعي
حين يهبط بك على ارصفة الواقع والخاويه من الرفقه والعشب
لوهله ظننتني هند
حتى بات ما يلحظه الفكر يتناوله الشكر بالنسيان
ترتيل
لعل في احساسك ما للنوائب من اجر
...
رسائل الزعفران
نهراً ثالث كدجله والفرات ولكنه لا يمر بين الأوديه والتلال بقدر ما ينساب بين الاورده والشرايين
مرحا بكِ ياصديقة الحرف والاحساس
سعدت جداً برفقة حرفك هذا الصباح
كوني بخير
محمد
المكرّم محمد
هكذا تستبيح كل عنونات اللطف والنُّبل
ممتنة لكَ أيُّها الحائز على كلّ تقديري والودّ
لـ قلبك العطر والأزاهير
دمتَ مسدداً
علي آل علي
06-07-2012, 03:24 AM
(1)
وحده الصّداع يا صديقتي يُشاطركِ الطواف بأركانِ رأسي
(2)
يفصل بيني وبين الثلاثين الآن ثلاثُ شموع فقط
(3)
هي لم تعرف بعد أنَّ وفاءها سيمرض يوماً حين تساقط دموع أُخرى فوق صباها الذي ينتظر دوره في طابور الذّبول
(4)
كيل لحم تنتظره أفواهٌ جائعة ،
نسيه والد ثمل في صندوق سيارته بليل صيف مستعر حتّى فسد.
جدّة حنونة مات عنها أبناؤها قبل أن يغرسوا في روضها الخالي أحفاداً وزهوراً
فـ صنعتْ لنفسها أحفاداً من قطن كلّما أتمَّ أحدهم نموهـ بأحضانها
باعتْه لـ تشتري بثمنه رغيفاً وقماشا.
(5)
عجزَ البنّاء عن تسديد بدل إيجارهـ . عجزَ البنّاء عن تسديد بدل إيجارهـ .
سأذكر الله كثيرا هنا على هذه المقطوعة الفنية ذات البلاغة الفذة ..
لله أنتِ وبورك المداد والقلم
متابع لترتيل لا ينتهي
ميــرال
06-08-2012, 03:17 PM
عذبه كاالفرات ياترتيل
.
ترتيل
06-09-2012, 05:41 PM
شهدَ الخليِّ وغسلين المحبينــا
مسـّاكِ بالخير ، ماذا لو تمسينا ؟
انتخبتُ لكِ مطلع قصيدة ( زجاج العمر ) ألقيه عليكِ تحيّةً كـ ما فعل قائله
حين أقبل مشتاقاً لمدينته .
طيّبَ الله كلَّ أوقاتـك يا مدينتي الخضراء
أخبريني مالمشترك بينكِ وبين الماء يا هند ؟
لِمَ كلّما لمحت أحدكما أو سمعت صوته دبت بأوردتي الحياة حدائق وعصافير ؟!.
ويسألونني عنكِ !
مَنْ تكون تلك الماكثة فوق أهدابك, تلك التي تنساب على وجنتيكِ دمعة وضاءة ذات حزن
بليغ وتمتد بسمة مشرقة تزهق بحلولها كلّ خصومات الكون من حولي ذات بهجة
وأُخبرهم أنَّكِ ساعةٌ مضت ولو بُعثت أُخرى تلدني أُمّي بلقيسا, فيشقون قلبي بحثاً عن الهدهد
وأُخبرهم أنْ لا تسترشدوا بدليلٍ ضيعته قبل أن تتوارد الخيبات إلى صدري نبأ يقيناً
آهـ يا كلَّ الحكايات ,يا فرحاً أقام في سماء ليلٍ فاقد بدرهـ عرس ضوء لا ينطفئ !
الرّسائل الرّسائل ولا شيء سواها يا صديقة العصافير والنوافذ الضّاحكة
الرسائل يا هند نعوش من ورق تخبئ بين طياتها والسُّطور رماد الأيام الماضية وما استبطنتْ من
أقداروما خطاباتي إليك يا نصفي الصّالح إلا تشييعاً لما مات من أيامي _الخالية من صوتك_
دونما غُسل وصلاة .
أنا لا أُحيك الكلماتِ إليكِ يا هند على سبيل السّرد والتوصيف لما سقط من العمر أنا أكتب إليكِ لأصحو
, لأنجو ولتموت الأيام بين يدي كرّة أُخرى فـ اغسلني وأصلي .
ليس عليكِ أن تضيعي وقتك بقراءة كلّ ذلك العبث المسطور والمصدّر إليكِ بهذا الكم ,
لستِ ملزمة بذلك أبداً .
وبعد ,
الطين _ يا هند _ ميراث أهل القرى والضّوء صوتهم المفتول بغناء الجدّات عند المهود, أحاديثهم
ملائكة تسابق النَّهر في جريانه ساعة تنام الحقول وتستفيق المواويل ,قلوبهم نخيل يهتزّ كلّما
ضجَّ بالأجواء عطرعشق أسمر يمطر وجدانهم سدراً وماء ,وأنا _ يا كلَّ القرى المسلوبة _
مسكونة بكِ وبالنّهر والبساتين .
فلا تعجبي
حين لا أعرج على قلبكِ بقلق المحبين فلازلتُ مطمئنة منكِ وبكِ وعليكِ كـ فلاّحٍ ما عاد
يتفقد حقله المتروك بلا فزاعة بعد أنْ أستودع الله فسائله والثّمار .
لو تعلمين _ يا هند _ كم تُسرف دروب القرى في شوقها لخطاك !
يا لهذا الصّداع البغيض !
لو يمهلني قليلاً من الوقت فأنفث على الصفحات شوقاً ممّا تشتهين .!.
بالأمس قصدتُ طبيباً أبتغي منه أن يرشدني لدواءٍ يُزيل - ولو لبعض حين - هذا الصّداع الذي
يحول بيني وبين السّكينة , بيني وبينك , بيني وبين هذه الحياة التي تتقوزح أفراحاً كلّما دونتُ
إليكِ سطراً/ صدراً .
هذا الصّداع الذي بلغتْ به الوقاحة أن يوقظني من نومي دونما خجل سالباً من عينيّ وقلبي
هناء الغمض, ذاك اللعين رافقني حتّى عيادة الطبيب حيث كانتْ غرفة الانتظار مكتظّة بأهل
العلل ومرافقيهم ,
أولئك الذين بدوتُ وسطهم يا صديقتي مدّعية كبيرة وهو يدنو مني ويبتعد ساخراً من خجلتي حين يغدو
وتأوهي المكبوت حين يجيء أرشدني الطبيب أن أُخلي رأسي من الضجيج وسأكون بخير ,أ أفعل ؟
حسناً ,سأنصاع لما قالته أُمّنا عائشة (رضوان الله عليها ) :
"هو نهر في الجنة ليس أحد يدخل إصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر".
وأُسدل جفنيّ بعد أن أدس سبابتيّ في أُذنيّ وأُصغي بكلِّ اشتهاء لدوي الكوثر ساعتئذ
لا ضجيج سيبقى ولا حزن ولا غيوم ,لاشيء لا شيء سوى الطمأنينة .
لِمَ يا هند كلّما فعلت ذلك تترائين لي هناك عند الكوثر تتوضئين ؟!
وبعد يا هند,
في القلب شوق عظيم _ بعمر الأرض _ بلغ مني كلَّ مبلغ لسيدة فارسية مورقة تحبُّ الله كثيراً
كانتْ تلك المثمرة جدّة أبي الّتي حدّثنا عنها جدّي -ابنها - باكياً ذات ظهيرة رمضانية
معطرة بـ تلاوة خاشعة فأخبرنا أنَّها كانتْ تبكي حين تسمع القرآن بكاء الخاسرين بلا حيلة التعويض
بل كان بكاؤها أشدّ حرقة وعذوبة حين تغشاها هيبة الترتيل فتُبعث في صدرها خشية تليها غصة تجدل
من أمانيّ قلبها دعاءً ينساب خاشعاً على لسانها عبرة عبرة علَّها تتعلم العربية يوماً فلا تُفرّط في حفظ
قول ربها بقلبها أنيساً وباعثاً على الطمأنينة, تلك المؤمنة التي كانتْ توصي أبناءها أن هاجروا إلى أرض
العرب وتعلّموا لغتهم لغة القرآن وعودوا إن شئتم بعدها ,منذ تلك الظّهيرة يا هند وأنا بشوقٍ لقلب تلك
الجدّة علّه حين يبصر تيهي يتلو عَلى ضلالتي آية الخلاص بلغة نورانية خصّ الله بها تلك السّيدة .
هند,
مدينة أنا لتلك المضيئة حدّ الإجلال فلولا جهدها الحثيث من بعد مشيئة ربّي لبقيتُ -ربّما – إلى الآن
أجوب القرى في خراسان محرومة من عقد العربية الذي زيّن عنقي حتّى استطالتْ قامتي وعياً فصرت
أبصر ما لم يبصره آباءي الأوّلون , أنت أيضا يا عربية الدّماء مدينة لتلك الجدّة التي يسرتْ لكلينا
سبيل اللقاء وتبادل أقداح الحديث ذات عطش ومنحتني _ دونك _ نشوة الفخر بصحبتك
وبالتأكيد لذّة الكتابة إليك .
أتدرين ,
لعلَّ حبّي للعربية يا صديقتي الأشهى جزء من وفاءي وامتناني لتلك السّيدة من حيث لا أدري ,
لله كم أشتاق لرؤيتها !
حذار يا هند أنْ تُحزنكِ أعجمية دمي حسبكِ أنَّ قلبي ينطق / يخفق بنبض عربّي مبيّن
حسبكِ أنْ لا لغة يجيدها صوتي والقلم _ ولو قليلا _غير تلك الّتي أتشهى أن أُتقنها كما تفعلين
حين تحيلين السّطور بين يديّكِ أساوراً وخواتم .
لله أنتِ وتلك العربية الشّهية الّتي تسكبين من شفتيكِ .
أتودّين _ يا هند _ أن أحكي لكِ عني قبل أن أخرج إلى الرّيح والليل والأسئلة حين مضيتُ
لأوصد باب مدينتي بعد أن أشاع فيّ صريرها وبالدروب خوفاً يلوّن_ مدّ قلقي _ أضواء المدينة بالشّحوب ,
يوم كنتُ أظنّ أنَّ الدّنيا كلَّ الدّنيا مخبأةٌ بين أسوار مدينتي وأنْ المصابيح أبناء الشّمس الذين يستفيقون
قلقين حين تمرض أمّهم ليلاً ولا ينامون حتّى تبرؤ كلَّ صباح ينيب بالشفاء والعافية فينامون آمنين ,
كنتُ مثلكِ يا هند ومثل المصابيح أنام آمنة كلّما أشرقتْ للطمأنينة - في صدري - شمسٌ ولكنّي مذ
مرضت شمس المدينة بقيتُ متقدة فهي لم تُشف منذ تسع مضين ولا الصّباح في مدينتنا صار يجيء .
هند,
في صدري - الآن - مصابيح تتقد بقلق تتناسل ضوءاً وحريقاً
رضيعة تلاعب سكين قاتلها
غيمة جوّادة تمطر فوق البحر الميت
صانع حلوى مصاب بداء السُّكري
مشط عاجي يرقد في حقيبة سيدة منذ عامين
طفلة ترسم سفينة على جدار غرفتها
سائق سيارة أجرة يتفرّس في وجوهـ النّاس
مجاهد نفدتْ ذخيرته
وكثير كثير من المصابيح التي لم تنم بعد لأستريح !
ترتيل
ترتيل
06-09-2012, 05:45 PM
.
.
العنوان كان يكفينا كي نُبرهن على جمالية ما سنقرأه .. والمضمون لوحده أُغنية ربيعية فاتنة ..
مممم كُل الأشياء أتت هُنا بشكل مغاير / مُختلف إنه ( الإستثناء بعينه ) :)!
أنتِ مدهشة .. بُوركتِ :icon20:
العذبة سارة
لكِ أيتها البهية سماء شكر عظيمة يا صفاءها
عظيمة بكرمكِ و وفائك
كلّ الخير
ترتيل
06-09-2012, 05:51 PM
فعلا
رسائل الزعفران
فاحت منها رائحة الزعفران
عطرت هذه الكلمات الارجاء
وكان لها لون كالونه..
وحده ما كان بيننا يستحق الاعتذار والبكاء .!.
وقفت عندها كثيرجمال كلمات ورقي أحساس
تراتيل
كل شيء هنا مختلف
.
.
المباركة شموخ
كثيرة أنتِ كثيرة جداً
لكِ شكراً واسعة بحجم الطهر الذي يسكنكِ
كل الخير
ترتيل
06-09-2012, 05:56 PM
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
سأذكر الله كثيرا هنا على هذه المقطوعة الفنية ذات البلاغة الفذة ..
لله أنتِ وبورك المداد والقلم
متابع لترتيل لا ينتهي
.
.
المبارك علي
أيُّها الظافر بالنّصيب الأوفر من الروعة
كثير شكر يمتد من بغداد محلقاً إليك
كلّ التقدير والخير
علي آل علي
06-09-2012, 09:15 PM
ما زلت متابع لذلك باستمرار
رقرق القلب واعشوشبت أرضي من ذلك الدمع
بدرية البدري
06-11-2012, 11:55 PM
ترتيل ..
فعلاً هي رسائل من زعفران
لا أملكً تعليقاً أمامها سوى الدعاء بأن يبارككما الرحمن
لقلبكِ الطمأنينة أخيتي
ترتيل
06-21-2012, 01:35 AM
يا لتلك الوساوس الراقدة برأسي تلك التي أقسمتْ ألا تبرح قبل أَن تُتِّم أباطيلها،
آثامها والمكائـد
مَنْ يُقنعها أنْ تمضي فقد فرَّ الفجر مُشيّعاً صلاتي والخشوع.
ليلتكِ هانئة يا هند ,
قليلكِ الذي تدسينه بصدري - يا سخية - ساعة لقاء كثير جداً , أوسع من حيز قلبي والفرح
وكلّ كثيري المتصحر - يا واسعة الخضرة - أقل من بعض بعض بعض ما تستحقين .
آهـ يا هند لو تعلمين كم أشتاق إليكِ , إلى صباحات وجهك وقلبك و إليّ ساعة كنتُ أُشبهك.
هند،
تشغلُ رأسي الآن نرجسة شمالية تذوي أمامي شيئاً فشيئاً منذ اقتلعها عاشق جسور من فوق قمة جبل أشم وغرسها
على ضفاف دجلة فأنبتَ روضها ست سنابل وجبلين , قطف الأغراب سنابلها وسُيَّر الجبلان , تلك النّرجسة
التي تُعيذني كلّ ليلة من الشّياطين وتنسى أنْ تُعيذني مني ,تلك البهية التي وسع غفرانها كلّ طيشي ,وتمردي
ولعنة الغليان في دمي بصبر جميل , تلك التي أورثتني عشق النايات حين تغازل قلبي والمروج بنغم تركي يدنو
من الرّوح ولا يبرح , تلك التي تدّعي أني أجمل أقدارها وأُصدّق كذبتها بقلبٍ سعيد , تلك التي تُزهر وجنتيها كلّما
لاحتْ رؤوس الجبال في مداها , تلك التي يلتهم المرض عافيتها ببطء ويفترس صبري ويتركني وإياها شاحبتين كـكبشين
ينتظران دورهما في النحر , تلك النّرجسة سبيلي إليكِ ,إلى الحياة , إلى الألوان وإلى العطر والجنّان
ما حيلتي - يا هند - لو قطعتْ الأقدار ذاك السّبيل ؟!!
يااااه يا صديقتي ,
كم أتشهى عودةَ لحظة منفية , لحظة لا تسألني _ عند مرورها _ عن هويتي وماذا أُريد ,
لحظة تتسرب من خلف أقفاص العمر بخفية , لحظة تفقد _ بحلولها _ الأشياءُ كلُّ الأشياء صوتها وذاكرتها
لحظة تُنسيني أَنَّ كلَّ الأُمنيات قضتْ في حادث قدري مروع وأنَّ قلبي لم يحتمل تلك الصّدمة فمات هو الآخر
لحظة لا تعنى بالمبادئ المتعفنة في رأسي جراء عوز المواجهة ونقص الاستخدام
لحظة تُخليني مني فاستريح .
أبوسع المنفى يا هند أنْ يُعيد تلك الأعمار التي ابتلعها ؟!
وبعد ,
طويلاً تمنيت ألا أعيش خاوية ,غير ممتلئة بقضية ,تمنيت أنْ أعيش بمعنى كبير وأموت لمعنى أكبر حلمتُ أَن يقرأ
أحفادي اسمي في كُتب التأريخ ,ويخبّروا أصحابهم أنَّي جدّتهم ليشعروا وأشعرُ بالفخر ولكن , يا للخسارة !
كنتُ وما زلتُ مغمورة جداً وما كنتُ أملك شيئاً يحرّضني على الشُّعور بالفخر تخيّلي حتّى أني لم أجد اسمي مدوناً
في دليل هاتف المدينة ,ولكنّ حين عرفتكِ تراءى لي اسمي مكتوباً بالذّهب على أطهر الكتب / القلوب البشرية التي
عرفتها فـشعرتُ بالفخر , ذلك الشّيء الذي لم أتذوقه منذ ولدت حتّى ألفيتُكِ ترتلين بصدري آية البهاء .
ايه يا صديقة البيادر ,
لمْ أعدْ أُحسنُ الكتابة كما يجب ولا الصّمت في حضرة بياضك كما ينبغي ولا قطف الكلام حين ينضج
في صدري ويتوق قلبكِ لتذوقه كما تشتهين !
أوَتسألينني مُتعبة ؟!
بلى يا هند , متعبة كـوسادة مُنهكة رُفعتْ رُغماً عنها من فوق سرير يتوسط غرفة فندق لأنَّها فقدتْ طاقتها
على استيعاب وحمل ما جاء به رأس النّازل الجديد .
مرهقة كثيراً , بقدر الوحشة التي تحيط بي حين يغيب صوتك, بقدر الخيبة التي تتعاظم بصدري
كلّما باعدتْ يقظة جائرة بين كفيّنا , بطول السؤال الذي ينتصب أمامي كطود عظيم كلّما أخفيتُ لهفتي
عنكِ بقناع من فتور, بقدر عطشي إليكِ يا آخر الكؤوس الباردة والعابرة من أنهار الحياة العذبة , بقدر
ما يرتكب الطين من حماقات وحرائق هنا وهناك .
بلى يا هند , حتّى الطين يشتعل ويساعد على الاشتعال ,
أعلمُ أنَّها الخاصّية التي لا تقرُّها الكيمياء ولا تدركها أبصار المكبّلين بأصفاد القاعدة العلمية وشريعة
الجدول الدوري ودستور ابن حيّان , وحدهم النُّبلاء يدركون أنَّ التراب المبلل يحترق, تُضرم بوجدانه
النيران والوساوس ,يصطلي ,يتبخر ماؤه ويغدو هشيماً كما نفعل نحن سلالة الطين مع كلّ زلزلة
تفجّر في ذرآتنا المبللة ألف سعير وسعير .
غاضبةٌ _ يا هند _ حدّ الاشتعال كـأبريق تيّبس جوفه فوق نار طائشة بانتظار أن يستكين بعد أن تنهي
سيدته كلامها الفارغ والمعيق لسيل من الكلام الممتلئ الماكث فوق كلّ الشّفاه / القلوب القلقة على دروب الأثير
الظنّ يا رفيقتي مطر أسود يحرق سنابل القلب الآمنة حتّى تغدو
طمأنينتها رماداً , مطراً أحلك من قِطاف الحقيقة
حين تمتهن الأخيرة فلاحة السّراب بمعولٍ من دوائر عاجزة عن الوصول والإيمان .
خليلتي ,
أخبري اليقظة البائسة عني أني لَنْ أكفَّ عن التحليق بأحلامي
وإنْ ظلّتْ تصرخ بوجهي كما تفعل مركبتي حينما تُصاب بالهلع
كلّما اجتزتُ سرعتها الآمنة أو ما حسبتها آمنة
فأيُّ حمقٍ أنْ أُصدَّق أنَّ البطء صنعة العقلاء ومزية الآمنين
ودروب الأقدار لا تمنح تيجان الفوز إلا للواصلين أولاً .
هند,
يا آخر الأكتاف التي حملتْ رأس الفجيعة بكلّ نخوة
لابد هذه الليلة أن أُلقي نقطة الرَّحمة على ما تبقى لديّك من بياض لم تحله سطوري رماداً بعد
سأصمت لبعض الوقت سأنتهجه وسيلة أتجمّل بها خشية أنْ يدلّلكم صوتي _ بما يسوقه من كلام _ إلى كلّ تلك البقاع
الضّالّة والمجدبة بصدري فيُفزعكم ما تجدون من خواء فتفرون وأنتم تلعنون الأرض _ صدري _ التي انبتتْه .
لا شيء لديّ يا هند أهديكِ إياه , لاشيء بهذا الخافق المريض يليق بصخبكِ وبالحياة التي تُثيرينها بي رغماً
عن الموت الذي يسكن مدائني والأُمنيات , لا شيء على لساني يجلب الدّهشة فيحفزكِ لانتظار قادم أشهى وألذّ ,
كلّ كلامي يا صديقة القزح تراب ورماد وعلى سفوح قلبكِ تتراقص المروج بانتظار الضّياء والمطر.
رسائلي مدائن خاوية والقلب الذي مدّها بالحبر والحزن شبح عالق بين الرّحيل والإياب لا يستشعر قيده أحد ولا
طاقة له على إيقاظ حرف متعب من ألف عام و رحيل .
أريد أن أنام يا هند , أنام ولا أستفيق أبداً .
.
.
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,