تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وَطَنٌ مِنْ ضًيَاع !


صفراء
07-11-2012, 02:55 PM
-

وطنٌ من ضيَاع !



وكل شيء في أرجاء هَذا الوطن مملوء بهواءٍ من حنين، والأرصفةُ ذكرياتٌ لا يعبرها إلا البؤساء
وعربيد في آخر الشارع يترأس حانةً من حزن ، يستقبل الجرحى سُكارى للتيه
يُرشدهُم وابتسامته الصّفراء تُخبرهم أنّ المَزيد من الألم سيوافيهم حال الدّخول ..
خُطىً ثقيلة تعبر بعَرجٍ إلى حيثُ اللافرار ، إلى ظلام بلا أمل
إلى ارتطام كؤوس العابرات أرضًا ، إلى أرضٍ لم تحوِ إلا الفقد و الشّوق و شيء يشبه المَوت
يرتمي بقايا العُشّاق على كراسيّ الحانة ، يعلو الصّراخ، يبدأ البكاء معزوفة لـ ترقص القلوب تردد النّشيد الحزين أن " متنا فلم نمت" !
وخلف تلك الكَومة من الضيّاع ، ضوء ضئيل ، لا يشمل إلا المُلقون على كاهل الجُدران في أيديهم جُعُب من المَاضي ، وشيء من الخُذل
وكمّ من الحُزن يرتشفونه قليلا فيُذهبُ الأمل ليحتلّ الفشل و .. الرّحيل إلى ديارٍ من شتات !

طفلٌ يجوب شوارع الوطن بيديه قلم وورقة يبحثُ عن مُعلمٍ يُعلّمه الألف باء ، ليقع بيد الطّاعن حُزنا فيعلّمه الألم بُكاء !
سَماء الوَطن مملوءة بالجفَاف وَ شيء منحوت في صدور الغيم يهوي الأحلام إلى أصحابها ويُمطر المستحيل ، يرمي الحزن في وجوه أصحابه أن كفاكم تيهًا !
ولا مُجيب لداعي الأمل ، وذاك الصّغير المُتمرّد بحثًا عن درسٍ ينتشله من هذا الضيّاع ، وجميع الدّروس حوله ولم يعِ !!

وردة على جانب الطّريق الرّمادي ، مُتّسمة بالذبول رُغم ذلك تحفظ لونها كي تموت بسلام وَ تسقط ..
ورأسُ طفلة مُمزقة الملابس رثّة الهندام لا يُجمّلها إلا ابتسامة صغيرة ، تقطف الوردة وتركض لهوًا ، لتُهديها الهواء ، ويدعسها رجل مُسنٌ عابر ثم يَرميها بعكّازه إلى بعيد عن مساره..
وكأن الأحلام لَم تُبنَ إلا على المُستحيل ، سُلبت ألوانها لتُحاط بهالة اللاحدوث ، وكأن كُلّ شي ملحوق بسخرية المستحيل، ولا مُستحيل إن استبشرنا أملا !
وقاعٌ من المَطر ، ملوّث بالإحباط ، يُغنّي بجانبه رجلٌ أنقذ تلك الوردة الميتة من بين يدي عجوز تنفض عنها أغبرة الشّارع وأقدام المَارّة ، يُخبر الحي بصوتِه أن الضياع يستعمر الوطَن !
يلتقط في كفّيه قطرات المَطر ويرجو أن تُغاث تلك القلوب الواهنة بِسُقيا طُهر تغسل أوجاعها ، يحمل المطر في كفّيه يُهديه طفل الحنين ويمشي ببطء إلى حيثُ لا يعلم !
أملٌ عابر يجوب الشوارع يُضمّد تلك الأرواح يُلقي ابتساماته ، يلوّح للمرضى، يُساعد الأطفال ، ويُقتل برصاصة أحدهم !
يحتضر مُعاتبًا ، ويعد الجَميع أنّ لـ ابنه عَودة فـ انتظروه !

.. [http://www.t9oor.com/forum/images/smilies/fl.gif] ..

إبراهيم الشتوي
07-11-2012, 03:33 PM
بَصِيْص ..
وحضور سردي جميل يشعل المدى وينتظر الصدى ويبحث عن الندى ..
يتكئ هذا النص السردي على التشخيص ولانزياح اللغوي لدفع الدلالةإلى أعلى أفقها التصويري ، وكان لتراسل الحواس دورمهم لشحن ذهن المتلقي والتحليق في فاء الفكره ..

القديرة ...بَصِيْص
حضوركِ حبور وتواجدكِ نور ..
مرحبا بكِ في أبعاد ومرحبا بالوعي الذي يسكنكِ ..

وهنا بعض الضوء الذي تركته لنا.. بَصِيْص في هذا النص :


-هواءٍ من حنين، والأرصفةُ ذكرياتٌ لا يعبرها إلا البؤساء

-حانةً من حزن ، يستقبل الجرحى سُكارى للتيه

-ابتسامته الصّفراء تُخبرهم أنّ المَزيد من الألم سيوافيهم حال الدّخول

-يرتمي بقايا العُشّاق على كراسيّ الحانة ، يعلو الصّراخ، يبدأ البكاء معزوفة لـ ترقص القلوب تردد النّشيد الحزين أن " متنا فلم نمت" !

-لكَومة من الضيّاع ، ضوء ضئيل ، لا يشمل إلا المُلقون على كاهل الجُدران في أيديهم جُعُب من المَاضي ، وشيء من الخُذل ديارٍ من شتات !
-سَماء الوَطن مملوءة بالجفَاف وَ شيء منحوت في صدور الغيم يهوي الأحلام إلى أصحابها ويُمطر المستحيل ، يرمي الحزن في وجوه أصحابه أن كفاكم تيهًا

وردة على جانب الطّريق الرّمادي ، مُتّسمة بالذبول رُغم ذلك تحفظ لونها كي تموت بسلام وَ تسقط ..

-وكأن الأحلام لَم تُبنَ إلا على المُستحيل ، سُلبت ألوانها لتُحاط بهالة اللاحدوث ، وكأن كُلّ شي ملحوق بسخرية المستحيل، ولا مُستحيل إن استبشرنا أملا

- ملوّث بالإحباط

-طفل الحنين
-أملٌ عابر يجوب الشوارع يُضمّد تلك الأرواح يُلقي ابتساماته ، يلوّح للمرضى، يُساعد الأطفال ، ويُقتل برصاصة أحدهم !

عبدالإله المالك
07-11-2012, 03:53 PM
هنا يُضاهي النثرُ الشعرَ ..!

يكادُ الشعرُ يغارُ من النثر ِ
في مثل حالة هذا النص المتموسق أمامنا
زهوًا وخيلاءً

بوحًا وارتواءً

لغةُ النَّصِّ فارهةٌ باذخةٌ ..
وبنيانهُ مرصوصٌ محبوكٌ ومسبوكٌ يكتبُ بماءِ الذهبِ ..
وليس في ذلك من عجب ..

تحية لقطعةِ أدبيةٍ فنيةٍ كهذه ...

وتحية للكاتبة الشاعرة بصيص

علي بن نزّال
07-11-2012, 04:46 PM
الكتابة هنا لم تكن بتلك الكتابة العميقة وكفى ، بل كانت تتعدى هذا كله .
والسبب يعود إلى ماندعوه بـ ( النفس الطويل ) وهو أن تبقى الصورة متواصلة معلقة بذهن القارئ حتى يصل إلى الختام المفتوح .
والختام المفتوح هي خاتمة النص التي كانت تحمل نبراسا يسكن فِكر الكاتبة .



طفلٌ يجوب شوارع الوطن بيديه قلم وورقة يبحثُ عن مُعلمٍ يُعلّمه الألف باء ، ليقع بيد الطّاعن حُزنا فيعلّمه الألم بُكاء !

ورأسُ طفلة مُمزقة الملابس رثّة الهندام لا يُجمّلها إلا ابتسامة صغيرة ، تقطف الوردة وتركض لهوًا ، لتُهديها الهواء ، ويدعسها رجل مُسنٌ عابر ثم يَرميها بعكّازه إلى بعيد عن مساره..

أملٌ عابر يجوب الشوارع يُضمّد تلك الأرواح يُلقي ابتساماته ، يلوّح للمرضى، يُساعد الأطفال ، ويُقتل برصاصة أحدهم !
يحتضر مُعاتبًا ، ويعد الجَميع أنّ لـ ابنه عَودة فـ انتظروه !

.

احتراماتي

نادرة عبدالحي
07-12-2012, 12:08 AM
شاعرتنا بصيص
مكتملة هي لوحتكَ يا عزيزتي
هنا عدة حالات ووجوه أطلت كل منهم حمل قضية ما تعنيهِ تُرافقة
البحر يملك الكثير من الحالات تراهُ هائج هادئ وإلهامكِ كان تؤامهُ
باقة من زهور النسرين لحضرتكِ
كوني بالقرب

منتهى القريش
07-12-2012, 09:43 AM
بصيص

راق لي بوحك و.. جداً ..

لسماء قلبك الأمل ..

وكل الود ..

علي آل علي
07-12-2012, 01:16 PM
طفلٌ يجوب شوارع الوطن بيديه قلم وورقة يبحثُ عن مُعلمٍ يُعلّمه الألف باء ، ليقع بيد الطّاعن حُزنا فيعلّمه الألم بُكاء !

أي بصيص أتى هنا ! إنه زمرد وياقوت وكفى !!

حصه الحديثي
07-12-2012, 04:07 PM
ولا مُجيب لداعي الأمل ,,, جملة استوقفتني كثيرا
بوركتِ يا مبدعه

مياسين
07-12-2012, 11:22 PM
وردة على جانب الطّريق الرّمادي ، مُتّسمة بالذبول رُغم ذلك تحفظ لونها كي تموت بسلام وَ تسقط ..

ما اجمل الموت إن كان كل موت هكذا
الموت الذي نحفظ أمامه ما يجب أن نحفظه بنا ..

أن أقرأ وأخبركِ أن ما هنا أكثر من جمال
أعمق من شعور
وأكثر من موهبة
لا يجدر أن أرحل هكذا
سأوقظ وميض تستحقه هذه الأحرف
وأترك لأصابعكِ هذه :34:

يا أهلًا بصيص :34:

أحمد آل زاهر
07-13-2012, 10:25 AM
..
..
ومتى سيعود !
والناس يسبحون في بحر رياء ..
تلك الحروف مكبولة .. ملطخة بدمٍ أصفر !
وكأنّ ألوان الطيف تبعثرت وأصبحت الشمس باهتة !
فكلّ آهٍ تعلو ..
تبعثر الأرض وتزمجر السماء ..
وكلّ أملهم .. في قطرة ماء ..

..

رائعة تلك الحروف .. ونديّة ..

..

صفراء
07-13-2012, 11:21 PM
-



أستاذي : إبراهيم الشتوي ،
وربّك يغمرني سرورٌ عظيم من كُل هذا الكَرم و الاحتفاء
وإنّي والله مُزدانةٌ بشرفِ رأيك وحَرفُك بهذا النّص
أُصلحَ عَطبه بكرمكَ ..

وكم من الشُكر سيكفيك ، وهذا السّخَاء !

صفراء
07-13-2012, 11:37 PM
-


أستاذي : عبدالإله المالك ،
تُحيط أيّ نصٍ بهالة من جمَال،
ترسمُ الجمَال به بلطفك
أغمرتني سعدًا بهذا الاحتفاء وَ الكَلِم
مٌمتنة لك حجم السماوات السّبع و عدّ ما حوت

ديارُ من الشُكر لا تفيك يا فاضل