تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : انتهاكة .!


هيفاء العيد
07-13-2012, 12:17 AM
.


حين تنتظر ما لن يحدث يصبح الإنتظار أمداً وتستثمرك الأحلام العاجزة في صنع أجنحة لها لـ تطير بها لغيرك .

ولأني لا أستطيع التخلي عن فكرة أن الحياة تدخرُ لي شيئاً جميلاً فقد تركتُ بي شِقّـاً فارغاً

سـ أرتبُني فيه حين يحدث هذا الشيء الجميل والذي لا أعرف حقيقةً ما هو , ولكني أعرف طعمه الذي يشبه لذة خلق الفكرة , ومتعة التدبير لـ ثورة , وفورة التورط في نشوة غير مكتملة , والفرح بالنجاة من الخطيئة .

ولأن هذا الكون مسكونٌ بالغياب فإن حقي فيك لايزال غائباً ,متجاوَزاً , والطريق إلى نيله محفوف بالخسائر الفادحة والمزيد من الإنتظار اللامنتهي , ينتحرُ الصمود في أوله , وفي آخره يتحول خوفي لخوفٍ آخر .!



كـ السنوات التي مرت , تراكمتُ في صدري بما يكفي لأن أتحدث عني بشيءٍ من مزاجٍ معكّـر , وأخلع رداء السكوت القاتم حيث لا شيء يربط بيني وبين الحياة سوى الشعور بالامتعاض , ويد مخذولة بأصابعَ مَحْـنِـيّـة لا تجيد الإشارة إلى أي شيء .!



أتخيّلُ أحياناً أنني أسير والزمن متوقف , في محاولة للخروج عنوة من واقعِ سيره وأنا واقفة في نفس البقعة من الإنتظار لا أشغلُ من الأرض سوى موضع قدميّ .!



ليس على الحزن أن يكون مرتبطاً بغيابك , فالأيام القليلة التي قضيناها معاً لم تخلق شيئاً جديداً تجاهك غير الذي كان قبل أن نسكن الظلم سويّاً , كنتَ مجرد رغبة في الثورة على ما تبقّى من أشيائي المستقرة , وعلى صوت العزلة في جسدي اليتيم الجائع ليدٍ تمسح عنه تعب السنين , بـ غض النظر عن الحقائق التي أبحثُ عنها أو أهربُ منها .!


تكونتَ في صدري غريباً و رحلتَ غريباً , بعد أن أحرقتَ غطاء جسد امرأةٍ خانت براءتها تحت حكم صكٍّ مقدس دسّه القدر تحت فِـراشها في ليلة احتالت على العمر بـ فرحٍ جماعي فادح .

ورودٌ و أغنيات وربيعٌ استدار على خاصرتي وأجسادٌ تتراقص على جثث أشيائي الجميلة التي غادرتها وغادرتني.!

كنتُ تلك الليلة مشغولة بالمرآة أتردد عليها كل لحظة وفي كل مرة أرسمُ على وجهي انفعالاً ما , وبـ يدي أختبرُ قشعريرتي سرّاً , استعداداً لما خلف الأبواب المغلقة , ويسكنني جيشٌ من الأسئلة المربكة : كيف ستشتعلُ الحياة في نهدين مهجورين منذ ميلادهما ؟

كيف سـ يتسع هذا الجيد النحيل لـ ألفِ قُبلة وقُبلة ؟

وهذا الجوع الذي يلحُّ كـ خطيئة, هل سـ يبدو على ملامحي وأطرافي ؟

ترعبني فكرة أن جوعي يمكن أن يبدو على ملامحي.!

والسؤال الاكثر إلحاحاً / هل أنا سعيدةٌ بهذا الإنتقال المخيف أم لا ؟
يبدو أنه لا يعنيني كثيراً إن كنت سعيدة أو غير ذلك , حتى وإن كان ما يحدث ليس طريقاً للتعاسة فـ هو في أسوأ الاحوال لن يكون طريقاً لغير ذلك , فـ قليلٌ من الصبر يكفي لإطعامي لأبقى على قيد الحياة .!



كـ كل البدايات غير المتقنة والغارقة في التفاصيل التقليدية والقيود البالية , كانت أيامنا الأولى , ولكنها كانت كافية لـ ركْـنِ الأحلام بعيداً وربما نفيها لإنتفاء الحاجة إليها , فلم أكن أعرف أن حياتي مع ذلك الغريب اختـُـزِلت في تلك الحفنة من الأيام القليلة وذاك الفصل القصير/ البسيط *حد الغرابة الذي انتهى كـ ثمنٍ لانتهاكة غير متعمَّدة لقدسية ذاك الوهم المسمى بالوطن ,أجازت للقيود والقضبان أكْل حياتي قبل أن تنضج , وخلقت مسافاتٍ طويلة مقفرة بيني وبين ذلك الغريب الذي كاد أن يكون قريباً .!

بِـتُّ كـ أضحيةٍ نُـحرت على أعتاب البدايات الساذجة .!

سنوات مرت وألم يعرش بين ضلوعي يتصبب له عرق النوح ،لاأعرف من أين بدأ ولا أين ينتهي،
وثمة انتظار يكبرُ ويتناسل ويموت, وأنا في الطرف الآخر لا أحسنُ صياغتي من جديد , وفي كل مرة أرتدي السكون الذي يتشظى منه جسدي كله أتذرّعُ بالشتاء الذي يقصف بقسوته كل الأطراف عدا أطرافي .!

أحفرُ وجهي على حائط مواجهٍ للحياة وكل يوم أُكسِبُه ملامحاً تُفرَض عليه قسراً.!

لم أعد أسرفُ في انتمائي للأشياء والناس .

وأتمادى في أخطائي دون أن أُجهدَ نفسي في التبرير .

زهدتُ في دموعي واكتفيتُ بالكفاف من الكلام , وأصبحتُ أنام وأستيقظ بلا منبه , ولم يعد للعبث طعمٌ يختلف عن طعم إسداء المعروف .!

ويـدي التي تجهل جسدي تقبض على غضاضته وتعصرها بقسوة , يرعبها نضج هذا الجسد أكثر على جمر الغياب , واخضراره الفاضح يغري بمطاردة الأفواه الجائعة / كيف أجعله في مأوى عن المطر ؟ كيف أعلمه الثبات في اضطراب الضلالة ووفرة العابرين وصخب الفراغ.؟


كلانا خلف القضبان أيها الغريب القريب .

كلانا بعيد وحقه في الآخر لازال غائباً .

ماذا علمك غيابي ..؟ لا أعرف حقاً إن كان غيابي علمك شيئاً يعنيني .!

ما أعرفه جيداً هو أن غيابك علمني مالم أكن أعلم .

علمَني أن أكره البعيد , وأرتاب من القريب .

علمَني أن أغرق في التفاصيل حتى أؤجل الوصول إلى النهايات .!

علمَني كيف أبتاعُ وجهاً بكذبات زهيدة .!

وعلمَني أيضاً أن الوطن غصّة لا تكفّ عن التورم حتى نكف نحن عن الحياة.!

لم أفعل شيئاً له قيمة عدا أنني أصبتُ الحاجة بالعرج, فباتت ضعيفة عاجزة لا تقوى على النزال. *

وفي لحظة خوفٍ مني, غير مبرر/ توقفتُ عن كتابة الشِّعر , وشعري الطويل الحالك قصصتُه وكأنه خطيئة سارعتُ بالتخلص منها وعدم العودة إليها .

أصبحت الأحلام غير قادرة على استمالة قلبي لأني أدركُ جيداً أن ما يحدث الآن, وما هو آت مصيره أن يتراكم .!

ولا زال الشق الفارغ بي ، فارغاً .!!







*

أحمد آل زاهر
07-13-2012, 10:45 AM
..
..

آهٍ من تلك الخيوط الوهمية التي كانت ترشدنا !
وكأنّ كل شيءٍ كان في كتاب !
وكأنّ الرقص الذي عشقناه في الحلم قد تبدد وسكراته في لحظة !
وكأننا كـُـنـــا .. ولم نكن !
برغم أنني عشقت تلك القشعريرة التي ما لامستني في يوم
إلا أن بعض الأحلام كُتبَ لها أن تولد أحلاماً وتموت أحلاماً ..
هناك جسدٌ نزقه الانتظار ..
وهنا جسدٌ رثّ .. مزقته الأرصفة والطرقات وأذبلتهُ الأمانيّ الكاذبة ..
تعالت الصيحات .. وهي في جوفنا - حقيقةً - لم تسمعها الأرصفة ولا الطرقات ..
حين كاد أن يصبح الحلم حقيقة ..
أتى ذلك السارق
وأخذ الفرحتين ..
وظنّ كل الظنّ بأنه لم يقتل بمروره ... قلبين ...

..


كان النص رائعاً
ومربكاً
وبهِ من الحنين .. ما لا يُكتب !

فشكراً أيتها الأميرة ..

..

نادرة عبدالحي
07-13-2012, 03:57 PM
لا نستطيع إرتداء الصمت طوال الفصول التي تعرفنا
والسير في جميع تضاريس الكون ......
جعلتني أقف طويلا أتامل صبرا لازم صاحبه ولم يفترقاااا
واقعية النص تجعل قارئه لا يتراجع بل يتحدى السير برمال حارقة
كاتبتنا هيفاء الفجر لم يخلق عبثاا يا عزيزتي
كوني بألف خير
.....
....
......
*

حمد الرحيمي
07-13-2012, 05:00 PM
هيفاء العيد ...



أهلاً بك ...


غيابٌ تمازجت فيه اللهفة المشتعلة برمادٍ تشظى / تشهى فجاء عذب التنهيد رقيقه .... و انتظارٌ دام حزناً كاملاً يشاغب الفرح و لا يمسسه إلا جرحا ...

حرفٌ احترقت للهيبه أسطر الاتزان و أضاءت تحته قناديل الغواية ... فجاء ثملاً بالشوق و دفئه ...




هيفاء ... حرفكِ يُنهك قارئيه كثيراً ...




امتناني ....

هيفاء العيد
07-15-2012, 04:53 PM
..
..

آهٍ من تلك الخيوط الوهمية التي كانت ترشدنا !
وكأنّ كل شيءٍ كان في كتاب !
وكأنّ الرقص الذي عشقناه في الحلم قد تبدد وسكراته في لحظة !
وكأننا كـُـنـــا .. ولم نكن !
برغم أنني عشقت تلك القشعريرة التي ما لامستني في يوم
إلا أن بعض الأحلام كُتبَ لها أن تولد أحلاماً وتموت أحلاماً ..
هناك جسدٌ نزقه الانتظار ..
وهنا جسدٌ رثّ .. مزقته الأرصفة والطرقات وأذبلتهُ الأمانيّ الكاذبة ..
تعالت الصيحات .. وهي في جوفنا - حقيقةً - لم تسمعها الأرصفة ولا الطرقات ..
حين كاد أن يصبح الحلم حقيقة ..
أتى ذلك السارق
وأخذ الفرحتين ..
وظنّ كل الظنّ بأنه لم يقتل بمروره ... قلبين ...

..


كان النص رائعاً
ومربكاً
وبهِ من الحنين .. ما لا يُكتب !

فشكراً أيتها الأميرة ..

..


ممارسة الحلم نوع من التضليل البريء للحقائق المرّة .

القدير/أحمد آل زاهر
أسعدني حضورك كثيراً
(شكراً) جميلة تليق بك

عبدالإله المالك
07-15-2012, 11:14 PM
كلانا بنفس الطريق ولسنا معا
كلانا نروي قصة الموت لمن قبله

فلنكن في الغربة باقين وطنا

فطوبى للغرباء طوبى لهم

ألف تحية تليق بمثل هذا القلم يا هيفاء

عبدالرحيم فرغلي
07-16-2012, 11:04 AM
لهذا النص نكهة خاصة .. بوح شجي لكنه جميل ..
وقلمك جاء لابعاد ليكون متوهجا جميلا .

تريدي الحق .. قلت لأسميه نص الإنتظار ..
فقد وردت خمس مرات إن لم أخطئ ..
وجاء نصك جميلا .. وكلما زادت السطور زاد جماله وسطوة الشعور به .
حين قرأت في بداية نصك ..
حين تنتظر ما لن يحدث يصبح الإنتظار أمداً وتستثمرك الأحلام العاجزة في صنع أجنحة لها لـ تطير بها لغيرك .
قلت في نفسي .. إذا كان هناك شئ لن يحدث .. ففي العادة لا ننتظره .. إننا ننتظر ما قد يحدث ولو بنسبة ضئيلة .. وحين نتأكد من عدم حدوثه يكون يأسا .. ، لكن جاء النص ليكشف عن حقيقة هذا الشعور .. وصياغته بهذه العبارة .
معذرة .. رأي قارئ يتعكز على حروفه .. شكرا لإنتسابك لأبعاد
ألف تحية وتقدير

سارة النمس
07-16-2012, 05:57 PM
عزيزتي هيفاء لك حرف غريب عن غيره و غامض أيضا
له جاذبية قوية تجعلنا نجتهد لاكتشافه أكثر و متابعته بشغف
عندما ألمح اسمك و أجد لك موضوعا جديدا ..
أسعد و أستعجل الدخول من أجل القراءة
بانتظار المزيد عزيزتي هيفاء العيد

تحياتي لك .. سارة

هيفاء العيد
07-18-2012, 06:49 AM
لا نستطيع إرتداء الصمت طوال الفصول التي تعرفنا
والسير في جميع تضاريس الكون ......
جعلتني أقف طويلا أتامل صبرا لازم صاحبه ولم يفترقاااا
واقعية النص تجعل قارئه لا يتراجع بل يتحدى السير برمال حارقة
كاتبتنا هيفاء الفجر لم يخلق عبثاا يا عزيزتي
كوني بألف خير
.....
....
......
*


وعود الفجر كوعود التوبة
لا تتحقق إلا عند الشعور بدنوّ الموت غالباً
و ربما نموت قبل الوفاء بها.


مشرفتنا القديرة/ نادرة عبدالحي
لأجل قلبك الحنون سأكون بخير

ممتنة لحضورك و رقتك .

هيفاء العيد
07-18-2012, 06:52 AM
هيفاء العيد ...



أهلاً بك ...


غيابٌ تمازجت فيه اللهفة المشتعلة برمادٍ تشظى / تشهى فجاء عذب التنهيد رقيقه .... و انتظارٌ دام حزناً كاملاً يشاغب الفرح و لا يمسسه إلا جرحا ...

حرفٌ احترقت للهيبه أسطر الاتزان و أضاءت تحته قناديل الغواية ... فجاء ثملاً بالشوق و دفئه ...




هيفاء ... حرفكِ يُنهك قارئيه كثيراً ...




امتناني ....



أهلاً بك أكثر

الكريم / حمد الرحيمي
سعيدة بخروجك من حرفي منهكاً

شكراً لي :)

هيفاء العيد
07-23-2012, 06:06 AM
كلانا بنفس الطريق ولسنا معا
كلانا نروي قصة الموت لمن قبله

فلنكن في الغربة باقين وطنا

فطوبى للغرباء طوبى لهم

ألف تحية تليق بمثل هذا القلم يا هيفاء


مرورك شفاء أيها القدير

ممتنة جداً لاهتمامك

هيفاء العيد
07-23-2012, 06:20 AM
لهذا النص نكهة خاصة .. بوح شجي لكنه جميل ..
وقلمك جاء لابعاد ليكون متوهجا جميلا .

تريدي الحق .. قلت لأسميه نص الإنتظار ..
فقد وردت خمس مرات إن لم أخطئ ..
وجاء نصك جميلا .. وكلما زادت السطور زاد جماله وسطوة الشعور به .
حين قرأت في بداية نصك ..
حين تنتظر ما لن يحدث يصبح الإنتظار أمداً وتستثمرك الأحلام العاجزة في صنع أجنحة لها لـ تطير بها لغيرك .
قلت في نفسي .. إذا كان هناك شئ لن يحدث .. ففي العادة لا ننتظره .. إننا ننتظر ما قد يحدث ولو بنسبة ضئيلة .. وحين نتأكد من عدم حدوثه يكون يأسا .. ، لكن جاء النص ليكشف عن حقيقة هذا الشعور .. وصياغته بهذه العبارة .
معذرة .. رأي قارئ يتعكز على حروفه .. شكرا لإنتسابك لأبعاد
ألف تحية وتقدير

لك أن تسمّه (انتظار)أو حتى (يأس)فهو بين يديك.
وانتظار مالن يحدث هنا هو محاولة للهروب
لاأكثر ، من فجيعة الفقد الذي لا لقاء بعده .!

ممتنة لهذا الاهتمام والقراءة الواعية والحضور الأنيق
شكراً لأنك هنا

نادية المرزوقي
07-23-2012, 11:36 AM
قلم جريء كسكرات بريء ضحكا و بكاء

،

أدهشت الروح فعلا

هنا أحببت الانتظار على مدى حرفك ،،

من قال أن الانتظار يأس و لا يأتي بما فوق المشتهى ؟!

حرفك أثبت العكس

و سأبقى بانتظار مدادك ما شاء الله ،،


،،

رعاك الله و أدام عليك فضله حبرا و صبرا :)


،،

و كل عام و انتي بخير

هيفاء العيد
08-24-2012, 07:27 PM
أعتذر للجميع عن غيابي

وممتنة لكم جداً على احتفائكم بالموضوع



ساره النمس / نادية المرزوقي حضوركما بهجة دائماً


شكراً للجميع