علي آل علي
12-05-2012, 01:41 AM
في رحلتي البريّة ، وجدتُ مرتعًا لتأملاتي ، وجدت فلكًا لآمالي ، حيث سأذهب ، إلى تلك المدينة ، سأقرأ هناك قدرًا أخر ، لم يعلم ما فيه بعد ، سوى أنني أدركتُ بأنّ هناك أمرًا في باحة الانتظار ، ينتظرني بكل شغف ، أن أنقله من محطة السفر ، إلى بلاد العرب ، حيث العربية الفصحى ، وحيث المقفى ، وما ينداح من نثر حر .
تساءلتُ قبل أن أسافر ، ما هي تلك البوّابات التي ستفتح لي بعد كل كيلو متر واحد أجتازهُ لكي أقلّص المسافة ، من موطن رحيلي ، إلى مقرّ إقامتي ، وحين الولوج لعالم التأمل ، وجدت الحياة في مصارعها ، أجتاز الأيام والشهور والأعوام ، وما مرَّ عليَّ من أقدار ؛ حتى قارنتُ رحلتي هذه بهذا العمر الذي عاصرتُهُ بكلِّ ما فيه ، فكانت المقارنة ناجحة بإتقان .
بدأتُ البحث عن رفيق درب يأخذني بحديثه عن حياته ، كي يسلّي الفؤاد ، ويبحر بي عبر محيط قد أذن لي فيه فرد الأشرعة ، لأكون ربّان هذه الرحلة ، وجدتُ أحدهم يشير إلي بيده ، فتوقفت له سائلًا إياهُ أين الوجهة ، قال لي هناك حيث الأهل والأحبّة ، إنّها بلدة المقصد التي إليها أسافر ، هيا معي إذن ، وحدثني ذلك الحديث الآسر ، والفاتن .
بدأ يحدثني حديث الراحل ، والذي حمله أن يحمل معه ذلك الرحل المجهول ما فيه ، ليخرج كل صبيحة ساعة شكلًا أخر من أشكال الحياة ، إنّها إحدى المساوئ التي ذرفتها دمعته ، أنا أبحث عن معيشة ما ، تنتشلني من حالة الفقراء ، إلى حالة أرستقراطية سمينة ، إنّها أهداف ثمينة ، يتقن سرد وسائلها الفاشلة والذريعة ؛ حتى انتهى فصلهُ هذا إلى سراب قد غرق فيه فلم يجد ذلك المنقذ .
فصل جديد آثر أن يجتاحه كنههُ المعاصر ، تلك امرأة القرية ، والتي غازلها حبًّا وهيامًّا ، أسرد في ذلك حتى بكى لأنّه فتح صندوقه الثمين ، يخرج صك الخطوبة والذي أحتفظ به لتلك اللحظة ، ليختمه من عند القاضي ، وتوقع عليه أسرة عشيقته ، فكان الختم ختمًا ساخر ، وتوقيع الأسرة بأننا لا نوافق ، فتبدلّت حياته إلى مماته ، ليسير على الجهة المعاكسة من أرضه ، والتي كان يسير على ظهرها سابقًا .
توالت أحاديث ذلك المسافر ، فتأثرتُ به ذلك التأثر ، فشرد الذهن إلى ذلك التقهقر ، والأسى ، والتحسّر ، فاستيقظ ألمي من سباته الطويل ، يمشي إليَّ وهو مغطى بكفنِ الموتى ، أسمعُ صوتهُ كعواء الليل الظالم الحالك ، لست على تلك الأرض ، أنا في حاضرة البؤس ، طريد الواقع ، لاجئ إلى الخيال الحائر ، والذي لا يجد موطنًا أو مأوى ينزوي إليه .
وجدتُ هيئتي على أرض المعركة ، وأصوات الرصاص ، وطلقات المدافع ، وانفجارات في كل الأرجاء ، وتلك النسوة يبكين أطفالهن ، وأولئك اليتامى والأيامى ، ما هذا ؟ وما أنا فيه ؟ لينادي صوت من ورائي ، قم أيها الجندي ، أحمل سلاحك ، فلقد نجوت بأعجوبة من لغمٍ انفجر بالقرب منك ، حينها هبطت الذاكرة من السماء ، لترتطم فيَّ فعلمت أنّ هذا هو الواقع ، وما قد سبق أضغاث أحلام ، تحاول أن تقلق ذاتي الهالكة ، فيصرعني الموت بلا أي هوادة تذكر .
- 8 / 12 / 2012 م
- علي بن مجدوع آل علي
تساءلتُ قبل أن أسافر ، ما هي تلك البوّابات التي ستفتح لي بعد كل كيلو متر واحد أجتازهُ لكي أقلّص المسافة ، من موطن رحيلي ، إلى مقرّ إقامتي ، وحين الولوج لعالم التأمل ، وجدت الحياة في مصارعها ، أجتاز الأيام والشهور والأعوام ، وما مرَّ عليَّ من أقدار ؛ حتى قارنتُ رحلتي هذه بهذا العمر الذي عاصرتُهُ بكلِّ ما فيه ، فكانت المقارنة ناجحة بإتقان .
بدأتُ البحث عن رفيق درب يأخذني بحديثه عن حياته ، كي يسلّي الفؤاد ، ويبحر بي عبر محيط قد أذن لي فيه فرد الأشرعة ، لأكون ربّان هذه الرحلة ، وجدتُ أحدهم يشير إلي بيده ، فتوقفت له سائلًا إياهُ أين الوجهة ، قال لي هناك حيث الأهل والأحبّة ، إنّها بلدة المقصد التي إليها أسافر ، هيا معي إذن ، وحدثني ذلك الحديث الآسر ، والفاتن .
بدأ يحدثني حديث الراحل ، والذي حمله أن يحمل معه ذلك الرحل المجهول ما فيه ، ليخرج كل صبيحة ساعة شكلًا أخر من أشكال الحياة ، إنّها إحدى المساوئ التي ذرفتها دمعته ، أنا أبحث عن معيشة ما ، تنتشلني من حالة الفقراء ، إلى حالة أرستقراطية سمينة ، إنّها أهداف ثمينة ، يتقن سرد وسائلها الفاشلة والذريعة ؛ حتى انتهى فصلهُ هذا إلى سراب قد غرق فيه فلم يجد ذلك المنقذ .
فصل جديد آثر أن يجتاحه كنههُ المعاصر ، تلك امرأة القرية ، والتي غازلها حبًّا وهيامًّا ، أسرد في ذلك حتى بكى لأنّه فتح صندوقه الثمين ، يخرج صك الخطوبة والذي أحتفظ به لتلك اللحظة ، ليختمه من عند القاضي ، وتوقع عليه أسرة عشيقته ، فكان الختم ختمًا ساخر ، وتوقيع الأسرة بأننا لا نوافق ، فتبدلّت حياته إلى مماته ، ليسير على الجهة المعاكسة من أرضه ، والتي كان يسير على ظهرها سابقًا .
توالت أحاديث ذلك المسافر ، فتأثرتُ به ذلك التأثر ، فشرد الذهن إلى ذلك التقهقر ، والأسى ، والتحسّر ، فاستيقظ ألمي من سباته الطويل ، يمشي إليَّ وهو مغطى بكفنِ الموتى ، أسمعُ صوتهُ كعواء الليل الظالم الحالك ، لست على تلك الأرض ، أنا في حاضرة البؤس ، طريد الواقع ، لاجئ إلى الخيال الحائر ، والذي لا يجد موطنًا أو مأوى ينزوي إليه .
وجدتُ هيئتي على أرض المعركة ، وأصوات الرصاص ، وطلقات المدافع ، وانفجارات في كل الأرجاء ، وتلك النسوة يبكين أطفالهن ، وأولئك اليتامى والأيامى ، ما هذا ؟ وما أنا فيه ؟ لينادي صوت من ورائي ، قم أيها الجندي ، أحمل سلاحك ، فلقد نجوت بأعجوبة من لغمٍ انفجر بالقرب منك ، حينها هبطت الذاكرة من السماء ، لترتطم فيَّ فعلمت أنّ هذا هو الواقع ، وما قد سبق أضغاث أحلام ، تحاول أن تقلق ذاتي الهالكة ، فيصرعني الموت بلا أي هوادة تذكر .
- 8 / 12 / 2012 م
- علي بن مجدوع آل علي