إيمان إبراهيم
01-08-2013, 07:53 PM
هناك مثل يتغنى به الكثيرون "فاقد الشيء لا يعطيه"...
من الطبيعي أن يعطي الإنسان ما فقده وبسخاء، لأنه لم يحصل عليه ويحب رؤية غيره يتنعم به... أما من لا يعطي تكمن في داخله مشكلة لا بد من علاجها، لأنه بذلك لا يؤذي نفسه وعاطفته المحرومة فقط بل يؤذي من حوله...
فمثلاً من عاش فقيرا في صغره ثم كبر، عمل واجتهد وبنى نفسه وبعون الله تعالى الرزاق أصبح من زمرة الأغنياء، من الطبيعي هنا أنه عندما يقابل فقيراً محتاجاً أن يدر عليه مما فقد في صغره، فهو من سيشعر به وبمعاناته وحرمانه أكثر من أي انسان عادي، لأنه ختبر مشاعره. ومن غير الطبيعي أن يجرح الفقير ويستلذ في إذلاله، ويضحك من معاناته ويتكبر عليه، وهنا نرى أن الحقد تغلب عليه وأصبح يكره رؤية من يذكره بنفسه... فالحقد مرض، يمكن العلاج منه بالعطاء والسخاء وحمد الله ...
أو نرى من حرم من الحنان والعطف وعاش في عذاب تحوطه الوحدة من كل صوب، والدموع تستسهل طريقها إلى عينيه، والألم يدق قلبه، والسعادة أغلقت أبوابها في وجهه... فمن الطبيعي هنا أن يحب أطفاله ويحن عليهم ويبذل مابوسعه لرؤية السعادة ترتسم على ملامحهم ويقف حارساً كي لا يعرف الحزن طريقه إليهم... ومن غير الطبيعي أن يعاملهم كما تمت معاملته، وأن يحرمهم مما انحرم منه، وأن يتشفا برؤيتهم يتعذبون ويتألمون...
قد تؤثر الطفولة على البالغ بشكل إيجابي أو سلبي، ولا يعي الانسان أن الماضي يطرق جدران شخصيته بكل قوة ويصقلها على هواه إن هو ترك نفسه فريسة لها.
فهناك من عاش فشلاً ذريعا في صغره، وكان موصوفا دائما بعار الفشل، ورأى الازدراء في أعين من حوله، حتى تبلد قلبه، وفي يوم ما استيقظت حاسة الانتقام، وأقسم على النجاح، فعمل بجد لم يعرفه أبداً طوال سنينه، وأصبح من المعروفين الكبار، وتحت يديه الكثير من الموظفين، ولكنه وللأسف نسي أن يحمد الله تعالى الذي كان سبباً في توفيقه، وأصبح يتبختر ويتباهى بمن هم أسفل منه، ويجرح من حوله ويمارس سلطته فطغى وظلم... ناسياً أن من رفعه قادر على مسحه وإزالته!
خلقنا لنخطئ ولكن أخيرنا من اعترف بخطئه وعالج نفسه، فالظلم ظلمات، والله الجبار لا بد وأن يجبر كسر المظلوم، وأن يعاقب الظالم، فلنراقب أنفسنا، ونلومها، ونزجرها، فلا يسلط الله علينا من يتجبر علينا...
ولنغير معا المثل إلى "فاقد الشيء يعطيه"...
فالعطاء من سمة المسلم الكريم الذي يتميز برقة القلب، وهذه الرقة سببها الخوف من الله تعالى ومراقبته في تصرفاتنا وتعاملنا... فما خلقنا إلا لنتراحم ونحب بعضنا الآخر...
وهذا رسول الله عاش يتيماً محروماً من بيت إلى آخر، لم يعرف معنى للاستقرار في صغره، ولكن عطاءه لا يزال يصلنا حتى اليوم، وهو يعيش داخلنا إنساناً قبل أن يكون رسولاً...
إيمان إبراهيم
Eibrahem0@gmail.com
Twitter: @EmanIbrahem0
من الطبيعي أن يعطي الإنسان ما فقده وبسخاء، لأنه لم يحصل عليه ويحب رؤية غيره يتنعم به... أما من لا يعطي تكمن في داخله مشكلة لا بد من علاجها، لأنه بذلك لا يؤذي نفسه وعاطفته المحرومة فقط بل يؤذي من حوله...
فمثلاً من عاش فقيرا في صغره ثم كبر، عمل واجتهد وبنى نفسه وبعون الله تعالى الرزاق أصبح من زمرة الأغنياء، من الطبيعي هنا أنه عندما يقابل فقيراً محتاجاً أن يدر عليه مما فقد في صغره، فهو من سيشعر به وبمعاناته وحرمانه أكثر من أي انسان عادي، لأنه ختبر مشاعره. ومن غير الطبيعي أن يجرح الفقير ويستلذ في إذلاله، ويضحك من معاناته ويتكبر عليه، وهنا نرى أن الحقد تغلب عليه وأصبح يكره رؤية من يذكره بنفسه... فالحقد مرض، يمكن العلاج منه بالعطاء والسخاء وحمد الله ...
أو نرى من حرم من الحنان والعطف وعاش في عذاب تحوطه الوحدة من كل صوب، والدموع تستسهل طريقها إلى عينيه، والألم يدق قلبه، والسعادة أغلقت أبوابها في وجهه... فمن الطبيعي هنا أن يحب أطفاله ويحن عليهم ويبذل مابوسعه لرؤية السعادة ترتسم على ملامحهم ويقف حارساً كي لا يعرف الحزن طريقه إليهم... ومن غير الطبيعي أن يعاملهم كما تمت معاملته، وأن يحرمهم مما انحرم منه، وأن يتشفا برؤيتهم يتعذبون ويتألمون...
قد تؤثر الطفولة على البالغ بشكل إيجابي أو سلبي، ولا يعي الانسان أن الماضي يطرق جدران شخصيته بكل قوة ويصقلها على هواه إن هو ترك نفسه فريسة لها.
فهناك من عاش فشلاً ذريعا في صغره، وكان موصوفا دائما بعار الفشل، ورأى الازدراء في أعين من حوله، حتى تبلد قلبه، وفي يوم ما استيقظت حاسة الانتقام، وأقسم على النجاح، فعمل بجد لم يعرفه أبداً طوال سنينه، وأصبح من المعروفين الكبار، وتحت يديه الكثير من الموظفين، ولكنه وللأسف نسي أن يحمد الله تعالى الذي كان سبباً في توفيقه، وأصبح يتبختر ويتباهى بمن هم أسفل منه، ويجرح من حوله ويمارس سلطته فطغى وظلم... ناسياً أن من رفعه قادر على مسحه وإزالته!
خلقنا لنخطئ ولكن أخيرنا من اعترف بخطئه وعالج نفسه، فالظلم ظلمات، والله الجبار لا بد وأن يجبر كسر المظلوم، وأن يعاقب الظالم، فلنراقب أنفسنا، ونلومها، ونزجرها، فلا يسلط الله علينا من يتجبر علينا...
ولنغير معا المثل إلى "فاقد الشيء يعطيه"...
فالعطاء من سمة المسلم الكريم الذي يتميز برقة القلب، وهذه الرقة سببها الخوف من الله تعالى ومراقبته في تصرفاتنا وتعاملنا... فما خلقنا إلا لنتراحم ونحب بعضنا الآخر...
وهذا رسول الله عاش يتيماً محروماً من بيت إلى آخر، لم يعرف معنى للاستقرار في صغره، ولكن عطاءه لا يزال يصلنا حتى اليوم، وهو يعيش داخلنا إنساناً قبل أن يكون رسولاً...
إيمان إبراهيم
Eibrahem0@gmail.com
Twitter: @EmanIbrahem0