عمّارْ أحمَدْ
03-16-2014, 05:19 PM
حملتنِي تسعَة أشهرٍ ، أكثرُ قليلاً أو أقلّ لا فَرقْ
أُنهكَت قِواهَا وَ أنا أقتاتُ لحمَها وَ دَمها بلا حِسابْ
حاتميّةٌ كانَت .. بل فاقتهُ كرماً
كأنّها آلهةٌ لا انقطاعَ لرزقهَا و خيرهَا
و العطاءُ لديهَا .. خرائطٌ بلا حُدودْ ..
أراها و قد ذابَت معالمُ وجهَها و تلطّخت بالشّحوبِ حيناً ..
وَ بالوجعِ الصّامتِ أحياناً كثيرةً أُخرى ..
كانَت تذرعُ الأرضَ جيئةً و ذِهاباً ..
و قد استدار جسدُها الجميلُ و النّحيلْ
تئنّ و ما فِي الدّنيا أحدٌ يسمُعهَا ..
وَ لا جذعٌ تأوِي إليهِ فتهزّه بكيانَها الفاقِد لأضعفِ قُوّة ..
لتساقطَ عليهَا رُطباً شهيّاً ..
أراهنُ أنّها كانتْ أحياناً تنشدُ ظلّاً يشدّ عزائمهَا ..
أو يداً تحملُ شَيئاً مِن إرثَها الكامنِ فِي رحمٍ
لا يُدركُ إرهاقَ و هولَ ما يحملهْ
أذكرُني شقيّاً كُنتُ قبلَ ولادتِي ، أركلُ يميناً و يساراً
لكنّها لم تكن تُبالِي ..
وَ أصنعُ مِن عِظامها سِهاماً .. أو سيفاً أستلّهُ لأولدَ فارساً
لكنّها أيضاً لَم تكُن تُبالي ..
بَل إنّي سمعتُ قلبَها يقولُ : شُكراً .. شُكراً
ألفُ شُكراً لكَ يا الله على هَذا الوجعِ الجَميلْ !
***
الآن جاءتْ اللحظة .. هَكذا قالَت "الدّايَة" أو الممرّضة
و ابتدَأ الجسدُ بالإنقباضْ
و أكادُ أُقسِمُ أنّها كانَت تلوّحُ لضياعٍ مَا .. لحُلمٍ مَا
و لربّما هذيانٍ مَا .. أو نورٍ مَا
كُلّما خُيّلَ لهَا موتٌ مُشتهَىً معَ كُلّ طلقَةِ ولادة ..
و لفظَ الجوفُ ما اصطبرَ دهراً فِي حمله
فخرجتُ أبكِي كأنّي أنا مَن ولدنِي ..
و الوجوهُ فِي فرحٍ .. سلاماً سلاماً نوّرتَ الدّنيا ..
تتناقلني الأيدِي .. و يسافرُ وجهِي من فمٍ إلى فمْ
و تِلكَ المسكينةُ تجترّ روحهَا .. و تحاولُ التقاط أنفاسهَا
و تلعقُ جراحهَا .. و تكابرُ على نفسهَا و تُظهرُ ابتسامةً للزائرينَ ..
و تقولُ : لكَ الحمدُ يا الله ، على سلامتِهِ و تنسَى نفسهَا ..
فأيّ الأوجاعِ الجميلةِ هِيَ تِلكَ الاستدارة !
***
أُفكّرُ أحياناً .. ماذا لو تغيّرت أصولُ اللُعبة
و أصبحَ الرّجلُ مَن يُنعمُ عليهِ بِتلكَ الإستدارةِ المُشتهَى ..
أعلمُ أنّ أفكارِي غبيّة .. و لربّما سيعتبرها الآخرونَ حماقةٌ أكثرْ
و لربّما سيقولُ الرّجال بئساً للسيكولوجية و الفلسفةِ الناقصَة
لكنّ حقّاً ماذا لَو .. أو ماذا لو أخطأت الصُدفة هدفها ..
قُلتُ يوماً لأحدِ الأُمّهاتْ : لَو أنّ البيولوجيا كاذبةٌ هوناً مَا ..
لمَا كانَ عذابُكِ ليكونْ .. و لمَا استبدّ و استطالَ بكِ كُلّ هَذا الألمْ
فأجابتنِي بِما سمعتُ قلبَ أُمّي يُسبّحُ يوماً
شُكراً لكَ يا الله على هَذا الالتياعِ الشهيّ .. على هَذا الألمِ البديعْ
و شُكراً على هذهِ الإستدارَة !
**حكايةٌ مَا تروِي بعضاً مِن عطفِ الأمّهاتِ جَميعاً وَ جمالهنّ ..
و تذكَروا : كُلّ النّساءِ أُمّهاتْ ، حتّى العقيمُ أُمّ ! :)
" عمّارْ أحمَدْ "
أُنهكَت قِواهَا وَ أنا أقتاتُ لحمَها وَ دَمها بلا حِسابْ
حاتميّةٌ كانَت .. بل فاقتهُ كرماً
كأنّها آلهةٌ لا انقطاعَ لرزقهَا و خيرهَا
و العطاءُ لديهَا .. خرائطٌ بلا حُدودْ ..
أراها و قد ذابَت معالمُ وجهَها و تلطّخت بالشّحوبِ حيناً ..
وَ بالوجعِ الصّامتِ أحياناً كثيرةً أُخرى ..
كانَت تذرعُ الأرضَ جيئةً و ذِهاباً ..
و قد استدار جسدُها الجميلُ و النّحيلْ
تئنّ و ما فِي الدّنيا أحدٌ يسمُعهَا ..
وَ لا جذعٌ تأوِي إليهِ فتهزّه بكيانَها الفاقِد لأضعفِ قُوّة ..
لتساقطَ عليهَا رُطباً شهيّاً ..
أراهنُ أنّها كانتْ أحياناً تنشدُ ظلّاً يشدّ عزائمهَا ..
أو يداً تحملُ شَيئاً مِن إرثَها الكامنِ فِي رحمٍ
لا يُدركُ إرهاقَ و هولَ ما يحملهْ
أذكرُني شقيّاً كُنتُ قبلَ ولادتِي ، أركلُ يميناً و يساراً
لكنّها لم تكن تُبالِي ..
وَ أصنعُ مِن عِظامها سِهاماً .. أو سيفاً أستلّهُ لأولدَ فارساً
لكنّها أيضاً لَم تكُن تُبالي ..
بَل إنّي سمعتُ قلبَها يقولُ : شُكراً .. شُكراً
ألفُ شُكراً لكَ يا الله على هَذا الوجعِ الجَميلْ !
***
الآن جاءتْ اللحظة .. هَكذا قالَت "الدّايَة" أو الممرّضة
و ابتدَأ الجسدُ بالإنقباضْ
و أكادُ أُقسِمُ أنّها كانَت تلوّحُ لضياعٍ مَا .. لحُلمٍ مَا
و لربّما هذيانٍ مَا .. أو نورٍ مَا
كُلّما خُيّلَ لهَا موتٌ مُشتهَىً معَ كُلّ طلقَةِ ولادة ..
و لفظَ الجوفُ ما اصطبرَ دهراً فِي حمله
فخرجتُ أبكِي كأنّي أنا مَن ولدنِي ..
و الوجوهُ فِي فرحٍ .. سلاماً سلاماً نوّرتَ الدّنيا ..
تتناقلني الأيدِي .. و يسافرُ وجهِي من فمٍ إلى فمْ
و تِلكَ المسكينةُ تجترّ روحهَا .. و تحاولُ التقاط أنفاسهَا
و تلعقُ جراحهَا .. و تكابرُ على نفسهَا و تُظهرُ ابتسامةً للزائرينَ ..
و تقولُ : لكَ الحمدُ يا الله ، على سلامتِهِ و تنسَى نفسهَا ..
فأيّ الأوجاعِ الجميلةِ هِيَ تِلكَ الاستدارة !
***
أُفكّرُ أحياناً .. ماذا لو تغيّرت أصولُ اللُعبة
و أصبحَ الرّجلُ مَن يُنعمُ عليهِ بِتلكَ الإستدارةِ المُشتهَى ..
أعلمُ أنّ أفكارِي غبيّة .. و لربّما سيعتبرها الآخرونَ حماقةٌ أكثرْ
و لربّما سيقولُ الرّجال بئساً للسيكولوجية و الفلسفةِ الناقصَة
لكنّ حقّاً ماذا لَو .. أو ماذا لو أخطأت الصُدفة هدفها ..
قُلتُ يوماً لأحدِ الأُمّهاتْ : لَو أنّ البيولوجيا كاذبةٌ هوناً مَا ..
لمَا كانَ عذابُكِ ليكونْ .. و لمَا استبدّ و استطالَ بكِ كُلّ هَذا الألمْ
فأجابتنِي بِما سمعتُ قلبَ أُمّي يُسبّحُ يوماً
شُكراً لكَ يا الله على هَذا الالتياعِ الشهيّ .. على هَذا الألمِ البديعْ
و شُكراً على هذهِ الإستدارَة !
**حكايةٌ مَا تروِي بعضاً مِن عطفِ الأمّهاتِ جَميعاً وَ جمالهنّ ..
و تذكَروا : كُلّ النّساءِ أُمّهاتْ ، حتّى العقيمُ أُمّ ! :)
" عمّارْ أحمَدْ "