المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جبروت امرأة


مهند حلاوة
05-28-2016, 06:29 PM
إنها مُرعبة ! عيناها تُشبهان ثقوباً سوداء أحرقتها المشاعل ، حين تراها تشعرُ بشيءٍ يدعوكَ نحوهَا ..لِقُربِهَا .. لِزيَارَتها.. شيء لم تره من قبل حيثُ تنتابك حالة منَ الفوضى الشعُورية ، جسد مكتنز بالأنوثة حيثُ النهدين والشهوة السَّرمدية ، تخرجُ صباحاً وعطر " الغاردينا" يفوح منها ليعبق بِشذاه مسامع الأجواء ، الكُل يخافُ منها من عرفها ومن لم يعرفها ، كيفَ لا وهي الفتاة التي تشتمُّ رائحتها من على أجساد الكثيرين من زوار الفجر ، ذكية تُدرك سر بقائها ويبدو لي أيضاً بأنها تُدرك سر نهايتها لذا تحافظ دوماً على حيويتها لتغدو محل أنظار الجميع ..
لديها قصر شاهق الطول مُرصع بالسلاسلِ الذهبيّة يحج إليه الكثيرون من أصحاب الفخامات والقصور الملكية ، في قصرها ملاذ آمن من "الصحوة" حيثُ النبيذ الفاخر والأجساد المعراة التي تتراقص على أنغام الحرية فوق توابيت خشبية قد سويت بالأرض لتصبح مسرحاً يجلس عليه كبار الحاضرين سوية وينشدوا لطقوس الشر حتى ساعات الفجر الأولى ومن بعدها يطبق الصمت فلا يعود هناك أي صوت يُسمع إلا السكون وتبدأ أفواج المحتفلين بالتدافع خارجين من القصر وهم يلبسون ثياباً جديدة لعامٍ جديد ..
إنها مرعبة ! حين تمر من أمام بيتي أرى بعينيها نار التنين وهو ينبعثُ من داخل كهفٍ بهيم .
وفي ليلةٍ اشتد فيها المطر حتى تكور وأصبح سيولاً تتدفقُ نحو القصر بشكلٍ مخيف وكأن السيول تريد ابتلاعه ،اووووه كم تمنيت أن تبتلع السيول القصر وتهدم جدرانه فلا يعد لذلك القصر أي شيء بالوجود ، وأنا على تأملاتي وأمنياتي إذ بأحد الجدران بدأ يظهر عليه التصدع وها هو الآن باتَ على وشك السقوط ، تبسم قلّبي لهبة السماء تلك ، ثوانٍ قليلة وإذ بتلك الواجهة تنهار وينهار معها جبروت تلك المرأة وها هُو السيل يجتاح القصر ويجرف معه أشياءً يصعب على العقل تصديقها أو وصفها سوى بأنها "طقوس الشر" ويبدأ القصر بالانهيار والمياه تجرف ما فيه دون عناء سلاسل السجّان لتظهر تلك المرأة وهي تناجي طقوسها المساعدة وهي تطفو حيناً وتغرق حيناً آخر لترمي بها السيول أمام بيتي جثة هامدة دون حراك تلبسني الرعب وأنا أبحث عن قرار وسط دهشة عارمة هل ماتت وانتهى الأمر !؟ اقتربتُ منها وقدمي تسيرإلى الأمام حينا وإلى الخلف حيناً آخر إلى أن وصلت إليها والمطر ما زال يهطل بغزارته لمست يدها وإذ بها ساخنة وأنفاسها ما تزال تنبعث لكنها دون مستوى الوعي ، تملكتني رغبة صريحة بوجوب قتلها لكنني خفت ! فلقد سيطرت عليّ روح الهزيمة التي وَرَثَتني إياها العصا على مرَّ السنين، عدتُ إلى بيتي جلستُ أمام مدفأتي أرتعش حتى غفوت ..
أطلت شمس الصباح ، عاجلتُ خطواتي مرتعشاً نحو شرفة المنزل لأستشرف تلك المرأة فلم أرَها ، ذهبتُ بخطواتي نحو الجانب الآخر من المنزل لأرى القصر فرأيته شاهقاً كما كان وأسواره قد ازدادت علواً عمّا كانت عليه من ذي قبل ، خرجتُ من منزلي فإذ برائحة الغاردينا هي ذاتها تفوح في كل مكان ..


.
.http://www.gifmania.ae/Animated-Gifs-Objects/Animations-Jewelry/Free-Images-Gemstones/Diamonds/Diamonds-53623.gif

سيرين
05-28-2016, 09:24 PM
الأساطير لم تُخلق من عدم ولن تفنى إلا بموتنا نحن لأنها تسكننا
سرد قصصي انفرد بتفاصيل سلاسة الإبداع والإبتكار في الفكرة
رائع حد الدهشة مبدعنا " مهند حلاوة "
دمت فاره الألق
مودتي والياسمين





\..:icon20:

إيلياء
05-29-2016, 10:22 PM
السّيلُ لَم يَجرِف قُصُورَ الظّلام
قَلّمَ بَعضَ المَلامِح
وَبدّل الدُّمى بِـ وجُوه جَدِيدة تُؤدّي الدّور ذَاته
وَبَقيت ذَاتُ الحِبَالِ تُحرّك مُجرَيَات الأحْدَاث
كَم بدَى الرّبيع نَاصِع البُطولَة وَالبَياض
لَكنّه كَـ لُعبة الشّطرنج
أسقَطَ كُلّ شَيءٍ لِـ يَحيَا المَلِك
فَلِنُصَفّق

..:icon20:

نادرة عبدالحي
05-31-2016, 10:23 PM
الكاتب مهند حلاوة قصة عميقة بمعانيها ورموزها ...متميزة في سردها وترابط احداثها
الحوادث التي تقع في القصة وفي سلوك الشخصيات، تعد تجسيما للحركة الذهنية التي تتمثل في تطور للفكرة نحو الهدف الذي تصبو إليه القصة.
وهنا كان السرد فنيا ضاف إلى نقل الوقائع ألفاظ التعبير التي وضحت الوقائع وعللتها بطريقو حيوية وتشويقية .

عبدالإله المالك
05-31-2016, 11:46 PM
مهند حلاوة

والإبداع ماثل هنا

تحية وأكثر

مهند حلاوة
06-03-2016, 11:36 AM
الأساطير لم تُخلق من عدم ولن تفنى إلا بموتنا نحن لأنها تسكننا
سرد قصصي انفرد بتفاصيل سلاسة الإبداع والإبتكار في الفكرة
رائع حد الدهشة مبدعنا " مهند حلاوة "
دمت فاره الألق
مودتي والياسمين





\..:icon20:


لكل شيء ابتداء وانتهاء إلا الأسطورة
ما تزال جاثمة على صدر الوطن
.
.

سيرين الحرف النابض
تحية طيبة والياسمين.

مهند حلاوة
06-03-2016, 03:14 PM
السّيلُ لَم يَجرِف قُصُورَ الظّلام
قَلّمَ بَعضَ المَلامِح
وَبدّل الدُّمى بِـ وجُوه جَدِيدة تُؤدّي الدّور ذَاته
وَبَقيت ذَاتُ الحِبَالِ تُحرّك مُجرَيَات الأحْدَاث
كَم بدَى الرّبيع نَاصِع البُطولَة وَالبَياض
لَكنّه كَـ لُعبة الشّطرنج
أسقَطَ كُلّ شَيءٍ لِـ يَحيَا المَلِك
فَلِنُصَفّق

..:icon20:

إيلياء
الف ود يليق.

مهند حلاوة
06-03-2016, 03:17 PM
الكاتب مهند حلاوة قصة عميقة بمعانيها ورموزها ...متميزة في سردها وترابط احداثها
الحوادث التي تقع في القصة وفي سلوك الشخصيات، تعد تجسيما للحركة الذهنية التي تتمثل في تطور للفكرة نحو الهدف الذي تصبو إليه القصة.
وهنا كان السرد فنيا ضاف إلى نقل الوقائع ألفاظ التعبير التي وضحت الوقائع وعللتها بطريقو حيوية وتشويقية .

نادرة عبد الحي..
الف ود يليق أشكر لك حضورك الأنيق.
دمت بالق

مهند حلاوة
06-03-2016, 03:20 PM
مهند حلاوة

والإبداع ماثل هنا

تحية وأكثر

أخي عبد الإله المالك
لك مودتي القلبية.
دمت بخير

رشا عرابي
06-03-2016, 05:38 PM
في رِبكَةِ التّأويل ننقادُ بالهَون
تُسعِفُنا المُجريات الموشومة على ساعد النص بَـ سبرِ أغوارِ الحكاية
بعضها نَحثوهُ ضوء ؛ بَعضُها ينأى ويُبقي ظِلاً لا تَعنيهِ إمارات المُثول " مشاهد "

الأديب القاص الألِق مهند حلاوة
أتيتَ بالسرد موشىً ببردةِ سكبٍ مائزة
ما قرأناها بِـ قدر ما رأيناها مشاهد ..!

لك التّحايا من وريد العطر جوري