تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة \ انا والامير


فاضل العباس
10-12-2016, 04:39 PM
انا والامير
فاضل العباس


لم يفارقني الامير مذ دخلنا المدرسة التي لا تبعد عن سكني الا بضعة امتارٍ في حي بَنَتْهُ الحكومة للعوائل المتوسطة الحال كان ملازماً صحبتي جسد نحيل تستره بصعوبةٍ ملابس رثةٍ يحملُ راساً صغيرا غارت عيناه وبرزت عظام الوجنتين ولا اعرف سر تعلقي الشديد به ،فقد كنا رفقةَ الدرب والمدرسة والبيت.
كان الشتاء مؤلما له يدثر عظامه بين ثياب مقطعة الازرار ويدس يداه المتشققة من الجفاف والبرد والاوساخ المتراكمة فوقها في جيوبٍ ممزقةٍ تبرز منها اطراف اصابعه،ورغم حالي المتوسط الا اني كنت احنو عليه واشاركه ما املك
كان والديَّ يحبونه ويفتقدونه بالغياب.
وعندما قررت ادارة المدرسة اقامة رحلةٍ نهريةٍ على متن المراكب التي تحمل الرز والتمور من القرى التي تتوسد النهر الى المدينه تعذر الامير عن المشاركة فيها متعذرا بانشغاله بمساعدة ابيه الفلاح في حديقه بلديه المدينه.
وبلا تردد دفع والدي اجور الرحلة لكلينا.
ابتسم الامير لذلك بعينان كحل اطرافهما الصديد.
عند الموعد جلب الامير بيضتان مع قرص من الخبز غداءً للرحلهِ،وطلبت منه ان يضعهما مع غداءي لنتناوله سويةً.
وبنشوة الصغار وكلمات السخريه والمرح تناولنا غداءنا وابتدأت باحدى البيضتين واضعا الجزء الاكبر من طعامنا امامه.
وعند العودة كان المرفئ يضج بصوات الاهل الذين تجمعوا بانتظار صغارهم وبينهم والديَّ ولم يكن للامير من ينتظره وتطوعنا بتوصله الى كوخه.
رحلت بنا السنيين اكملنا الدراسة الاساسية معا ثم انتقلنا للثانوية والامير جنبِي على خشبة المقعد الدراسي .
وتغيب الامير عن المدرسه دون ا خباري ولا اعرف السبب .
بعد يومين ذهبت الى الكوخ لاجده فارغا اخبرني حارس الحديقه انهم ارتحلوا الى اعمامهم في مدينة اخرى.
حزنت كثيرا ولا اعرف كيف الوصول اليه او عنوانه.
بقت ملامح وكلمات وضحكات الامير تمتعني او تبكيني واشتاق اليها ولايامها .
ومع دخول البلاد الحرب انشغل الجميع بماسيها ،واخبارها المؤلمه.
ذات صباح حملنا جثة بن الجيران كشهيد لدفنه وكالعادة نترحم على القبور من حوله
وبذهولٍ وقعت عيناي على قبرٍ مجاور الشهيد الامير ......نفس الملامح والراس الذي ملئته الخوذة العسكريه وانهارَ مابداخلي.
في كل خريف ترتسم صورة الاميرفي ذهني لان اشجاره بلا اوراق كجسد ه

سيرين
10-12-2016, 05:32 PM
غابت اجسادهم وتجلت ارواحهم عُرس قادم حين حنين
ويظل ختام قصتك كاتبنا المبدع :
في كل خريف ترتسم صورة الاميرفي ذهني لان اشجاره بلا اوراق كجسده
وصف لحالنا وقد جسدته بصورة بليغة العمق حد الوجع
سلمت يمناكَ
قرأت هنا للابداع سرداََ ألجم الضوء وأعتصم بالألق
مودتي والياسمين


\..:icon20:

فاضل العباس
10-12-2016, 06:01 PM
سلمت يمناك ملهمتي وبريق العينين لي في ظلام الكتابه تاخذني كتاباتك الى افق بعيد خلف مرافئ القصه
شكرا لابداعك

رشا عرابي
10-12-2016, 07:55 PM
وتبقى جُعبة الحنين وافية النّصاب من استِقدامهم
بحقٍّ مشروع بالتّذكر ....

لا مُواراة له، فجسُده أكبر من ظلال النسيان

أيها الفاضل
بذات النسق المهيب القريب
تأخذنا حيث للسرد مداءاتٌ أخَر

أنت لها عنوان

وتلك تكفي ....

لك التّحايا سامقة لا يليق بك إلّاها

فاضل العباس
10-12-2016, 11:17 PM
شكرا لاستاذتي وتقديري لكل كلمه بل لكل حرف من يراعك

نادرة عبدالحي
11-15-2016, 08:39 PM
قصة إنسانية تُبين التربية السليمة التي تلقاها السارد والتواضع المغروس في نفسه .

وضحت هذه الأمور من خلال الأحداث والسرد المؤثر ..........فالمشاركة الوجدانية

بين القارئ والأحداث هو تأثير مزدوج يأتي من أحداث حصلت داخل القصة وعايشها القارئ .

طريقة علاج وأسلوب تربية وخير وسيلة لغرس الفضائل في نفوس أبنائنا إستخدمها كاتبنا الفاضل .

عَلاَمَ
11-19-2016, 04:06 PM
انا والأمير ..
جزيل الشكر لك ،،

فاضل العباس
11-22-2016, 02:34 PM
شكرا لمرورك العطر سبق الريح شذاك