المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القارب \ قصة قصيرة


فاضل العباس
10-17-2016, 11:18 PM
القاربْ

كانت ايام العطلة الصيفية التي اقضيها في بيت الجدْ مسقط رأسي في البلدة الصغيرة من امتع ايام حياتي انتظرها كعاشق لاول لقاء. اعد ايام العام الدراسي واحدا واحدا بل لا ابالغ حين اقول حتى ساعاته
اقطع اوراقه واحرقها في قلب متلهف لماءٍ ثلجي يطفأ به ناره.
وما ان نركب (البريد) الباص الخشبي الذي ينقل رسائل المنتصرين والمهزومين والعشاق الوالهين منهم والخائنيين بين المدن الصغيرة الواقعة على ضفاف النهر والمدينة الكبيرة ذهابا وايابا في رحلة كحمار الناعور
.
يتوقف بنا الباص في الضفة الاخرى من النهر ،ليستقبلنا ناجي وقاربه الذي يعبر النهر بسحب سلك معدني ثبت على الضفتين بِأوتاد حديدية لنعبر النهر ألى الضفة الاخرى حيث تنام المدينه كرئة بين اضلاعهُ قارب صغير من خشب اشجار الصفصاف , ثابرَ ناجي على طلاء خشبه الاعلى بالوان زاهية بينما وشح القار ما لامس قاع النهر .
يبتسم الربان في وجه القادمين لانهم صيده او ما يسميه بالرزق ونكون اخر القادمين إلى المدينة لأننا نصل عند الغروب يربط ناجي القارب بالوتد المثبت عند الضفة
.عند المرفأ الذي لم يُعَدْ بشكل منظمٍ يبدا عناقْ القادميّن والمستقبليّن يمتزجُ الفرحُ بالدموع والعتاب من الهجرِ وطول السفر.
وعادة ما يكون الجد والجدة وابناء الاعمام والعمات في مقدمة المستقبليّّن.
شعور صعب ان اصفه احس انني طائر بلا اجنحة او عَريس قادم لعروسته ،تزدحم الاحاديث وتتصادم الاسئلة بالأجوبه وتسرد الحكايات بين الصدق والكذب والمبالغة ويهمس احدهم في اذني لخطط الغد.
قال بن العم الكبير ان ناجي يترك القارب عند الظهر حيث لا قادمون ولا مغادرون ليعود إليه عصرا تلك الساعة نستقله لنعبر النهر اكثر من مرة استهوتني الفكرة . وتشوقت لتنفيذها بينما رفض بن العم الصغير تنفيذها تخوفا من انكشاف الامر وعقاب الجد بضرباتٍ من عقاله.
اقنعنا الكل بالكتمان عند التنفيذ وعدم علم الجد بذلك ,
وبدانا التنفيذ ظهر اليوم التالي
سحبنا القارب بالسلك وانساب فوق الماء يداعب موجه ووجناته الغرينيه ،وبين الفرح بالانتصار والخوف اُفلتَ السلك من يد بن العم, وانحدر القارب مسرعا الى الجنوب مع الموج وتعالت اصواتنا بالبكاء والصراخ وطلب النجدة.
ومن سوء حظنا لم يسمعنا قلة المارة في الشارع الاسفلتي الوحيد في المدينة في تلك الساعة من الظهيرة وابتعد القارب عن مركزها وازداد صراخنا وتعلق بعضنا ببعض وبجوانب القارب ويإسنا من النجاة
عندها انتبه احد الفلاحين لاصواتنا مناديا على زملاءه بالاسراع ليهرول اثنان منهم على حافة الضفه سابقين القارب بمسافه ليستقبلوه مُلقين بانفسهم في النهر
ليمسكوا القارب من جوانبه مُطَمْئِنيننا بالبقاء وسطه هادئين ساحبينه الى الضفة .
أسرعَ الخبر بالإنتشار في المدينة الصغيرة هَرَعَ الجميع لاستقبالنا ليرحب بنا ناجي على طريقته بصفعة في وجه كل واحد منا .
بينما تلقينا اشد ترحاب من ِعقالُ الجد.

رشا عرابي
10-18-2016, 04:39 PM
لله أنت
بدأتَ بتوصيف فرحة لقاءٍ أحصيتَ
دقائقه
وختمتها بعقاب ساومتم عليه الفضول
وجرم ارتكابه

دعني أخبرك
أن التفاصيل الصغيرة في السرد
تمنح القصة بُعداً مرئيّ ويجعل الصورة واضحة جليّة
كما أنك لم تُغفل إيراد الصور التشبيهية العذبة
كقولك الذي أعجبني

ﺗﻨﺎﻡ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻪ ﻛﺮﺋﺔ ﺑﻴﻦ أضلاﻋﻪ ﻗﺎﺭﺏ ﺻﻐﻴﺮ

طوبى لِأنت أيّها الفاضل

فاضل العباس
10-18-2016, 05:12 PM
انتظر تقديم الكاتبه الكبيره رشا عرابي من يراعك كل حرف لانك مبدعه ودقيقه ورائعه النظر حتى في التفاصيل الدقيقه

سيرين
10-19-2016, 03:49 AM
تظل مغامرات الطفولة
ذكرى عالقة بالذهن نجترها كل حين وتتوارثها الأجيال
ما ابهاه سرد مدعوم بدقة التفاصيل وسطوة الخيال
إتقان حد خلته تجسيد ملموس ومسموع الحدث
سلمت يمناك كاتبنا المبدع " فاضل العباس "
ودامت بصمتك المميزة التي تسلبنا دهشة وإنصاتاََ
ود وياسمين

\..:icon20:

نادرة عبدالحي
11-01-2016, 09:27 PM
قصة القارب قصة مشوقة لذيذة لها مضمارا خاص لإثارة فكر القارئ
و تدخل في أدب الذكريات الذي يجذب القارئ وتأخذه لعالم جميل ومشاغبات طفولية لا تُنسى .
مما لاحظناه ان عناصر القصة إرتبطت إرتباطا وثيقا فشكلت تشويقا رائعا .
الكاتب فاضل العباس سلم إلهام مشوقا تمتلكه .

فاضل العباس
11-09-2016, 04:21 PM
كم ازهو متفاخرا حين تقدمين عن ما اكتب شكرا لك ايتها الكبيرة في تعابيرك

فاضل العباس
11-09-2016, 04:23 PM
سلمت يمناك على هذا التقديم وسرحت الى الاعالي مما ارفدتني به
يانسرين الكلمات

عَلاَمَ
11-19-2016, 04:38 PM
ما يُعين على تقلبُ الحياة وآناتها إلا ذكر الصِبا على اوتار الشغف !
القارب ،، قصة ممتعه جزيل الشكر لك يا أنيق ..

فاضل العباس
11-22-2016, 02:23 PM
نتعلم منكم الاناقة لانك سبقتني بالحروف وجمال التقديم
شكرا لك وماتكتبين