حسام الدين ريشو
03-04-2018, 02:09 PM
السِرِّ !
===
حسام الدين بهي الدين ريشو
=============
مُثْقَلُ الخطى ؛ كواحد من أبناء المدينة الفاضلة التى أصابتها زلازل العصر ؛ فتهدمت على من بها ؛ ولم ينج أحد سواه .
روحه كملاءة بيضاء ممزقة ؛ يروح ويغدو منفصلا عمن حوله ؛ إلا بقدر اقترابهم منه .
وكأنه يعيش في اللامكان بعيدا عن إيقاع الحياة
حزين ؛ يتأمل ولا يتحدث إلا نادرا .
يخلو بنفسه في ركن قصي بالنادي .. يتراقص فيه ضوء خافت وتتغشاه سكينة موحشة .
لا صوت إلا صوت ذاكرته ؛ يمسح رأسه بين حين وآخر كأنه يمسح آثار مامُنِي به في الحياة.
حين رأته أقبلت عليه مرحبة بوجوده في النادي .
عرفها ؛ إنها الفتاة التى صفقت له كثيرا أول أمس عقب إلقاء قصيدة .
إستأذنته أن تجلس إليه قليلا ؟
وافق على مضض ؛ ردا لتحيتها الحميمية له بالأمسية .
تأملها عن قرب .. رآها بحكم خبرته التى اكتسبها من غدر الايام وتنكرها له ؛ ضحية نفس الكمين الذي نصبته له الحياة .
فأنصت إليها باهتمام وهي تسأله :
-لماذا تتعمد إعتزال الناس رغم ان ماتكتبه يعبر عنهم .. الحنين والذكريات ونار الأشواق ؟
أجابها بمرارة :
- قسوة الواقع يا آنسة ...
ردت سريعا :
- نسرين ... نسرين يا أستاذي
عاود الحديث :
قسوة الواقع يا آنسة نسرين ؛ الفقد ؛ المنافي الإختيارية ؛ الموت ... إهانته للإنسانية حتى أنه لم يترك لها مجالا تخضر به ؛ فآثرت الوحدة .
سألته :
- وما تكتبه عن الحب ومشاعره النبيلة مِن أين جاء ؟
أجابها في شجن بدا مرهقا له :
- الحرمان يا آنسة .. الفقد .. يجعل الكتابة كأحلام يقظة لمراهق أو مراهقة ؛ يظنون أنها يمكن أن تتحقق .
تأملته حائرة .. بماذا ترد ؛ وإن كان في خلفية ماقال إجابات للأسئلة ترهقها ؛ أو أنامل تلامس جراحاتها .
قبل أن تعاود السؤال ؛ كان قد نهض واقفا وإن بدا منكسرا مستأذنا في الإنصراف
قامت هي الأخرى هامسةً :
-أرجو ألا أكون أزعجتك .. وآمل ألا تحرمني فرصة الجلوس إليك كلما جئتَ هنا ؟
بدا أكثر شجنا وهو ينظر إليها مرة وإلى المجهول البعيد مرة أخرى ؛ ثم غادر قائلا :
- لا بأس .. لا بأس
بعد أيام تلقت نبأ وفاته
كانت جنازته أغرب من حياته ؛ فلم يشيعه إلا نفر من الأقارب وبائع الكتب وهي
إلا أنها على البعد لمحت في زاوية من حرم المدافن إمرأة متشحة بالسواد .. وبيديها طفلين !!
===
حسام الدين بهي الدين ريشو
=============
مُثْقَلُ الخطى ؛ كواحد من أبناء المدينة الفاضلة التى أصابتها زلازل العصر ؛ فتهدمت على من بها ؛ ولم ينج أحد سواه .
روحه كملاءة بيضاء ممزقة ؛ يروح ويغدو منفصلا عمن حوله ؛ إلا بقدر اقترابهم منه .
وكأنه يعيش في اللامكان بعيدا عن إيقاع الحياة
حزين ؛ يتأمل ولا يتحدث إلا نادرا .
يخلو بنفسه في ركن قصي بالنادي .. يتراقص فيه ضوء خافت وتتغشاه سكينة موحشة .
لا صوت إلا صوت ذاكرته ؛ يمسح رأسه بين حين وآخر كأنه يمسح آثار مامُنِي به في الحياة.
حين رأته أقبلت عليه مرحبة بوجوده في النادي .
عرفها ؛ إنها الفتاة التى صفقت له كثيرا أول أمس عقب إلقاء قصيدة .
إستأذنته أن تجلس إليه قليلا ؟
وافق على مضض ؛ ردا لتحيتها الحميمية له بالأمسية .
تأملها عن قرب .. رآها بحكم خبرته التى اكتسبها من غدر الايام وتنكرها له ؛ ضحية نفس الكمين الذي نصبته له الحياة .
فأنصت إليها باهتمام وهي تسأله :
-لماذا تتعمد إعتزال الناس رغم ان ماتكتبه يعبر عنهم .. الحنين والذكريات ونار الأشواق ؟
أجابها بمرارة :
- قسوة الواقع يا آنسة ...
ردت سريعا :
- نسرين ... نسرين يا أستاذي
عاود الحديث :
قسوة الواقع يا آنسة نسرين ؛ الفقد ؛ المنافي الإختيارية ؛ الموت ... إهانته للإنسانية حتى أنه لم يترك لها مجالا تخضر به ؛ فآثرت الوحدة .
سألته :
- وما تكتبه عن الحب ومشاعره النبيلة مِن أين جاء ؟
أجابها في شجن بدا مرهقا له :
- الحرمان يا آنسة .. الفقد .. يجعل الكتابة كأحلام يقظة لمراهق أو مراهقة ؛ يظنون أنها يمكن أن تتحقق .
تأملته حائرة .. بماذا ترد ؛ وإن كان في خلفية ماقال إجابات للأسئلة ترهقها ؛ أو أنامل تلامس جراحاتها .
قبل أن تعاود السؤال ؛ كان قد نهض واقفا وإن بدا منكسرا مستأذنا في الإنصراف
قامت هي الأخرى هامسةً :
-أرجو ألا أكون أزعجتك .. وآمل ألا تحرمني فرصة الجلوس إليك كلما جئتَ هنا ؟
بدا أكثر شجنا وهو ينظر إليها مرة وإلى المجهول البعيد مرة أخرى ؛ ثم غادر قائلا :
- لا بأس .. لا بأس
بعد أيام تلقت نبأ وفاته
كانت جنازته أغرب من حياته ؛ فلم يشيعه إلا نفر من الأقارب وبائع الكتب وهي
إلا أنها على البعد لمحت في زاوية من حرم المدافن إمرأة متشحة بالسواد .. وبيديها طفلين !!