المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أربعاء الغضب


عارف الحويطي
05-08-2018, 08:15 PM
أربعاء الغضب

لم يكن بيتا ، بل بضع عشرات من بيوت حجرية متكأكه ، ومع هذا فقد كان اسمه البيت الكبير ، كانت تحيط به من جهات ثلاث أراض واسعة مزروعة بالكروم ، وكان محروسا جيدا من رجال لا عمل لهم إلا مراقبة الطرقات ، كان وجود الغرباء في المكان أمر أقرب إلى الخيال ، فلا يُرى في المدى على مد النظر إلا قريبا أو ضيف .
مالذي أودى بهذا الشاب إلى هذا المكان وفي هذا اليوم بالذات ؟
يوم اربعاء النساء ، الدنيا كلها تعرف أنه في يوم الأربعاء يصير البحر للنساء .
أخذوه إلى العريش العالي حيث جلس الجد المهيب بجبين عريض ولحية بيضاء تستحي الشياطين منها :
ـ قيدوه ، قال الجد .
ربطوه والقوا به في الشمس أمام العريش ، جاء أهل الولد ، وكل كبير لهم ،ولكن الجد أوقفهم بإشارة من يده ، حاول كبارهم التقدم متجاهلين إشارة الجد ، فدوى صوته هادرا عميقا :
ـ سأكتب اسمي في صدر كل من يتحرك .
وتعالت قرقعة الحديد لعشرات البنادق التي هُيات دفعة واحدة وصوبت إلى المصلوبين في الشمس التي وكأنها غضبت لغضب الجد فأخذت تسوط الأرض بسياط من نار .
خيم غضب مكتوم هائل على المكان ، فلا يُسمع سوى ما يشبه الغليان فوق رؤوس الرجال المصلوبين في الشمس ، و طنين الذباب وهسيسه في ظل العريش .
بدأ كبار السن يتساقطون واحدا إثر آخر ، ولم يجرؤ أحدا على إعانتهم أو الاقتراب منهم ، استجمع شاعرهم شجاعته وحاول أن يقول شيئا فانطلقت رصاصة من مسدس الجد جعلت أسنانه تصطك بصوت مسموع ولوقت طويل .
في المساء طردهم الجد بإشارة ضجرة من يده ، ثم أشعل نارا كبيرة ظلت تضطرم طوال الليل .
وفي صباح اليوم التالي كان الولد واهله قد رحلوا بعيدا ، وكانت الشمس كعادتها لطيفة في الصباح .

سيرين
05-08-2018, 08:54 PM
كم ابدعت في وصف مشهد رأيته مجسداََ بكل تفصيلاته ووقع اصواته وانا اقرأه
رائع جدا شدتني حد اخافتي انني اقترب من جريمة قتل
ولكن يالروعة الحبكة وانتقالها الميسر الي اقتناص حكمة وعدالة شيخ القبيلة
في اطار من التعنيف دون ازهاق للاروح في لحظات الغضب
سرد رائع شيق وسلس جدا
كل التحية كاتبنا المبدع \ عارف الحويطي
مودتي والياسمين

\..:icon20:

عارف الحويطي
05-08-2018, 09:22 PM
الأستاذة سيرين
هذه شهادة أعتز بها وتفرحني ، أشكرك جزيل الشكر ، كرمك بل بذخ ردودك تفتح شهيتي للكتابه .
طابت أوقاتك بكل طيب

إيمان محمد ديب طهماز
05-08-2018, 10:25 PM
الأخ عارف : أبدعت بحق في جعل القارئ مقيد بالدهشة

و الفضول من أول كلمة حتى نهاية القصة

اختصرت رواية في سطور

و أبدعت في السرد و الوصف و القفلة

سلمت أناملك

عارف الحويطي
05-08-2018, 10:45 PM
الشاعرة : إيمان محمد ديب طهماز
تحية طيبة
شكرا لك شهادتك الانيقة التي أعتز بها ، وشكرا لتشجيعك ، سلمك الله وأبقاك
طيب الله أوقاتك بالطيب ودمت بخير .

عَلاَمَ
05-09-2018, 01:44 AM
قصة شيقه واشدها !
ان شمس العبيد كل يوم تزداد لُطفًا عن سابقه!
سيد عارف شكرا لك

عارف الحويطي
05-09-2018, 12:57 PM
علام الهدوء
شكرا جزيلا للقراءه، تدهشني للمرة الثانية زاوية الرؤية في قراءتك.
دمت بخير