تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ذات مهد .


عبدالله مصالحة
07-15-2018, 12:40 AM
المهد الأول : ابتاعَت لنا الدنيا سَراديب صغيرَة مالحَة التأويل , ولما وقفنا جَشر ريحُ الولوج , وأخرج النبات صيحته , وارتعدت فرائص الكلمات في جَسد الصحائف .!

الحديث : أن الجَزع واقف , ينظُرُ فتنَة القادِم مِن فُتاتِ القصائِد المشوَهة .. يسبل عُقر الغيم في رداء القلم ويقول مالكم ..؟ عِمتم صباحا ً وَتناسى العَزاء .
وَنسيتُ أن خارِطَة الروح مفرِطة في لَعق الحيواتِ المَجنونة , تُعطي الأزمان ميتافيزيقيا جَديدَة لا يَشوبها موطئ حلم أخرس ولا قَطيعَة رَحم تاريخية في بَطن المُحتوى الإنسي .!

ونَسيتُ أيضا ً حَديثَ ليلِ الخراب وفوضى الاحتمالات في أن تَكون فَريدَ وَجهك بلا مُناظِر لحيثية الابتغاء مَجدا ً سرابي.. تطوف حولك عِدة مجهولة , وتُحاكيك في صراخ أبدي الصمت لا يُعزيكَ الوقت , لا تأنف تبرق في الجَحيم شظيَة ابتَلعها مارد الاستفهام .. خُنقت في عري كما قدميكَ الحافيتين مِن حياة في طَريق !

وأتذكر حين خابَ عَني الضوء , وأوجس يقسم لنفسه جدارا ً آخر غير بعدويَة مأربي , أنّ السماء كانَت مَشحونَة بقربانٍ مِن لُهاثي , تنضج بحرمها , تجسر أكواخ العقل بقمحة في فَم الحُزن , تشبع اللَحظة ولا تُشبع رَكضي إلى بابٍ أبيض يأكل عشب الحياة .!


المهد الآخر : تعملقَ القَلم وفَك إزارَ حبره نَهما ً في جوقَة سِحر , أخبر الوَرقة اليَتيمَة المتماوِجَة أن علي بِكِ سَردا ً أبلَه الخُطى , أسقَمَ التعب , أجل الحَدث فـ أوعى .!
وعُدت لأنسى مِحورَ كُفر الذّاكِرة حينَ اغتابَ أوساطَ رَحيله مِن ضيعَة الآثام , وهبّ يسابق مَرماه النافق في أصلِ الوجوديّة, حلق في خفية شعريَة , وسردٍ سيّان الاراقة الحَمراء , وعاد عِندِ أولِ دَقيقَة جَثَمت عِقبَ إنتحاله مسمى الإكانَة !

وغاب كَثيرا ً كثيفا ً واحِدا ً في أصلِه , ابتاعَ حائِطا ً جَديدا ً يختزل به الحكايا الصّبيانية , يرمي به سِهام حُجّته يفيقُ عليه , وينعسه إذا تَردّى خوفا ً مِن ظِلامٍ يَجيء !
والكَون مُحاصرٌ في قارورَة يُمناه , يُسعفه على مضض , يداعبه بـ أمومَة كأنَّه سَقط ليرضع طالبي الانتماء في سَخطِ مُراد , ولا يُجزئه تَفنيدُ وَطنه الأغلى .!


المهد الثالث : الدَّورانُ حَولَ القضيَّة الرأسيَّة ارهاب يخلع عُطوفَة التَّسامُح , يفتعل فِتنَة الشُّرود , ينبأ بزلازِلَ مَقهورَة لا تُفيدُ الفَرحين في طَلبِ الغَيث .!

كَشَرَ نَفسه ليمتَعضَ مَكنونُ نَجواه بصيغَة قَد تُنزِلُ عليه ساقياتُ النُّطق , رَكَلَ مِن جَوفِه التأتأة , وألبَس الرّوح قِماشا ً ليرفَع يديه للدُّعاءِ الأخير دونُ عُريّ لا يُقبَل به الرَّجاء !

لَوَّح في تَمارضٌ لا يَعلمه , لا يُدركه .. طَرَقَ الجَمعَ إهتِزازَ طالبٍ لمقعدٍ وَحيد يَقيه بَرد " أن يَكونَ " , أرداهُ البُكاء , أردته الفضيلَة , أردته أكنَّة النور , وأهليَّة البقاء , حَملَ نَفسه كغيمَة وساقَ بها أولويَّة نَحره , سُمَّ ارتِفاعا ً , وتساقَط دَمع لا لَونَ لَه على حُلمٍ وُجدَ فيه .. انسكَب في السَّراب ذِكره , وباعَته الأشياء بلا رَهن .. .ليلقي كلَّ الأوراق , كلَّ الأكاذيبِ الصَّحيحة الخائِنَة لعهدِ قيامَته في وَطنٍ خَرِبُ المَعنى والأسماء .!

سيرين
07-16-2018, 01:20 PM
كل مهد كفل بين طياته سراديب العمق والفلسفة لوجودنا
بين ساحات السراب اشبه ما يكون لافتة " ممنوع الاقتراب "
ولكن بحرفية قلم اخذتنا الي ما وراء الازمنة والاستفهام
غصة ألم تلاحقها امتعاضة غضب لكل تلك الضوضاء والخواء
كاتبنا المبدع عبدالله مصالحة
بحق كانت البلاغة والصور الابداعية هنا حية سريالية تنطق بالكثير والكثير
دام هذا الغيث مورق بابجديات الابداع والتميز
مودتي والياسمين


\..:icon20:

حسام الدين ريشو
07-17-2018, 02:39 PM
بين مهد ومهد
تمضي بنا الحياة
نصارع ونقاوم
الفصول الأربعة
نص جدير بالقراءة
لك تحياتي

آية الرفاعي
07-17-2018, 04:25 PM
أتلٓفتٓ /اختزلتَ الكثير من تفاصيل الفلسفة حينٓ بدأت الوجود بمهدٍ و أنهيتٓه بآخر!..
بنص واحدٍ ، تفوّقٓ على نفسه ، كتبتٓ معالم الحياة..
و لو أنّ قارئاً فذّاً مرّ من هنا لقرأ ملايين الجزئيّات !.

نصٌّ منفرد!

إيمان محمد ديب طهماز
07-17-2018, 11:49 PM
وَنسيتُ أن خارِطَة الروح مفرِطة في لَعق الحيواتِ المَجنونة , تُعطي الأزمان ميتافيزيقيا جَديدَة لا يَشوبها موطئ حلم أخرس ولا قَطيعَة رَحم تاريخية في بَطن المُحتوى الإنسي .!


للكلمات عند عبد الله مصالحة
مارد سحري يأخذ بنواصي المعاني و يأسر الأفئدة
يا صاحب السحر الحلال الدهشة تسير حذو حروفك لا تبرحها
أبدعت فأدهشت فسلبت الألباب
سلمت أناملك

عبدالله مصالحة
07-21-2018, 05:12 PM
المفضالة : سيرين
وجودكم التّخمة الأدبية ... شكراً جزيلا لمقدمك المنير .

عبدالله مصالحة
07-21-2018, 05:13 PM
المفضال : حسام الدين ريشو
جميع الشكر والتقدير لكرم مرورك الطّيب.

عبدالله مصالحة
07-21-2018, 05:14 PM
المفضالة : آية الرفاعي
شكراً لقيّم الأدب الذي رسمته بمرورك الكريم .

عبدالله مصالحة
07-21-2018, 05:15 PM
المفضالة : إيمان محمد ديب طهماز
وجودكم الحرز القويم والسجعة اللغوية النّيرة ، تقديري الجم لمكرم حرفك .

نادرة عبدالحي
07-24-2018, 10:41 PM
ذات مهد نصا باذخا ,وينحدر في النفس المتلقية كالماء العذب


الكاتب الفنان يتجاذب مع الحياة باحساسه وشعوره المرهف ويصــــوغ إلهامه


بإسلوبه البارع فتسمع اجراس فكره تجلجل بين سطور ,

الكاتب المُبدع هو من يجعل القارئ يتم قراءة نصوصه حتى النهاية بقلب مُطمئنا وفكرا صافي

هو أُسلوب إعتدنا عليه من خلال مُتابعتنا للكاتب عبد الله مصالحة ,

بلقيس الرشيدي
07-25-2018, 06:21 PM
...
...

حينَ تقرأُ لِعبدالله . تجدُ أُعجوبة تَسرقُ منَّا الدهشَة فتفوقُ اللَّحظة حينها إجلالًا .
ذَاتُ مَهد أشغلتَ الفِكر وإحتضنت الوَعي كي " لانفِيق " !

مُبهر وأكثر

.

رشا عرابي
07-26-2018, 01:04 PM
أمّا قُبيل الردّ ،
دعني أتعلّم ......

ﻻ ﺗﺄﻧﻒ ﺗﺒﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠَﺤﻴﻢ ﺷﻈﻴَﺔ ﺍﺑﺘَﻠﻌﻬﺎ ﻣﺎﺭﺩ ﺍﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ .. ﺧُﻨﻘﺖ ﻓﻲ ﻋﺮﻱ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻴﻚَ ﺍﻟﺤﺎﻓﻴﺘﻴﻦ ﻣِﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻃَﺮﻳﻖ

حيلة تجرّدت من فتيل مُواصلة
والصورة إن لم تكن موزونة إلا أنّها ندٌّ للشعر وسحره!!


ﺗﺠﺴﺮ ﺃﻛﻮﺍﺥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﻘﻤﺤﺔ ﻓﻲ ﻓَﻢ ﺍﻟﺤُﺰﻥ , ﺗﺸﺒﻊ ﺍﻟﻠَﺤﻈﺔ ﻭﻻ ﺗُﺸﺒﻊ ﺭَﻛﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺏٍ ﺃﺑﻴﺾ ﻳﺄﻛﻞ ﻋﺸﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ


وكأن اللّهاث وزر تحمله الرئة دون تحقيق المُراد
والقمحة، لا تُشبع ولا تُغني عن جوع !!


ﺭَﻛَﻞَ ﻣِﻦ ﺟَﻮﻓِﻪ ﺍﻟﺘﺄﺗﺄﺓ , ﻭﺃﻟﺒَﺲ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﻗِﻤﺎﺷﺎ ً ﻟﻴﺮﻓَﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻟﻠﺪُّﻋﺎﺀِ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺩﻭﻥُ ﻋُﺮﻱّ ﻻ ﻳُﻘﺒَﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﺮَّﺟﺎﺀ

إنتفاضة حال،
وإعادة ترميم كي تليق بالمُقام


أمّا بعد :
أستاذي الجليل
عبدالله مصالحة
لا زلت أؤكّد على نفسي _كلّما حظيتُ بـ نصٍّ جديدٍ لك_أنني لا بد أن أكون بـ كامل قُدرتي على التأمّل حين أنوي القراءة !!

عملاقٌ سطر أبجديّتك
وفاخرٌ ما نأتيه من ثماره

لك التحية الكبيرة المؤطّرة بالمهابة

عبدالله مصالحة
08-02-2018, 05:24 AM
الاريبة : نادرة عبدالحي
لكم في كل مرور عبقٌ أدبي زاخر بأجمل العطايا البيّنة ، شكراً جزيلاً لوسعة الكرم في ناصع الإقبال .

عبدالله مصالحة
08-02-2018, 05:26 AM
الاريبة : بلقيس الرشيدي
لزاخر المرور الجليل تحايا الإكبار وعظيم الإمتنان ، شكراً من القلب .

عبدالله مصالحة
08-02-2018, 05:28 AM
الاريبة : رشا عرّابي

البذخ حضوركم الأدبي وعدستكم الفاحصة وتساقط مطر الكلمات برهافة الحضور ، شكراً جزيلاً لعطر خلفتموه .