جنون مها
08-03-2018, 03:28 PM
.
امرأة عام 1119 بالباب.
بسلام هي في دارها ، مستلقية على أريكتها قرب نافذة مفتوحة ، فصكَّ سمعها هدير طائرة مرت فوق بيتها ، فابتسمت وحدثت نفسها :
- ها هم المسافرون قد سافروا . ليتني أسافر , احتاج لسفرة أهرب بها من ضجيج الحياة والمهام .
ثم قامت من مكانها تتفقد جواز سفرها . وبحثت عن تاريخ إصداره لتطمئن على سريان مفعوله ، فكان المكتوب عام : (1119) .
فتساءلت:
- ما هذا ؟ لم أكن مخلوقة في هذا التاريخ !! لعله خطأ مطبعي!
ثم نظرت لصورتها في الجواز فإذا هي صورة حديثة ،
فتبسمت لها الصورة ثم تكلمت قائلة:
- من قال أنك غير موجودة في ذاك التاريخ؟
فردت هي :
- أنا من يقول ذلك، إني أعرف تاريخ مولدي ، قد ولدت بعد عام 1119 بقرون !!
- اذن أنت لا تعرفينها؟
- تقصدين من؟
- المرأة التي تشبهك في كل شيء وقد عاشت في ذاك الزمن.
- لا لا أعرفها!
- كانت مثلك تماما، لا تفرق عنك بشيء ،لا بشكل ولا بمشاعر ولا بطريقة تفكير.
- لا أعرفها!
- أشك أنها أنت! كانت تشبهك في كل شيء .
- هل قالت أنها أنا ؟
- لا ،هي لا تدري أنك ستجيئين أصلا.
- أ يمكنني رؤيتها؟
- ربما ، من يدري؟!
- أ أستطيع العودة للزمن الماضي بطريقة ما لأقابلها ؟
- ربما!
- إذا كنت لا تعرفين إجابات لأسئلتي ،فلم جيئت إذن؟
- أنسيت أني صورة ملصقة بالجواز، وأنت من فتح الجواز؟
- اسمعي أريد رؤيتها ورؤية بساطة العيش في عصرها. أريد نقل مشاعر الراحة والمتعة الى نفسي في هذا العصر المعقد.
- ابحثي عن فكرة تجمعك بها.
فركضت إلى درج في مكتبها ،وأخذت قلم وورقة ورسمت بابا ،وقالت:
- قد أستطيع دلوف هذا الباب كأفلام الكرتون ، فأسافر لزمنها.
- حاولي.
فحاولت بيدها فتح الباب المرسوم ، لكنه لم ينفتح!
وأثناء ذلك ، رن جرس باب بيتها ،فضحكت المرأة والصورة ،وقالت إحداهما :
- ذكرنا الباب، فرنَّ جرسه!
وانصرفت المرأة لفتح الباب ،فإذا بالباب امرأة تشبهها تماما، ففتحت فاها وسألت:
- من أنت؟
- أنا أنت.
- من أين جئت؟
- من عام 1119
فرحَّبت مبهورة:
- أهلا وسهلا ، تفضلي.
فردت الأخرى وهي تدخل البيت:
- شكرا.
- كنا نتحدث عنك ، ونبحث عن حيلة توصلنا إليك.
- ولذا أتيت.
- هل سمعتنا؟
- بل عرفت صدق نيتك في مقابلتي.
- تبدو على وجهك ملامح الإجهاد مثلي!
- أنت تعرفين الحياة ،هي مليئة بالمصاعب المجهدة.
- مصاعب؟! اي مصاعب؟! أنت تعيشين في عصر بسيط ،ممتلكاته يسيره و متطلباته قليلة وعلاقاته هاديئة ،لا وظائف متعددة ولا أجهزة معقدة ولا ضجيج ولا صخب.
فأشارت المرأة إلى قلبها قالت:
- وماذا عن هذا؟
- تقصدين قلبك؟
- نعم.
- أكيد هو في راحة.
- ما أدراك؟
- أعرف أن هدوء الخارج يساعد على هدوء الداخل .
- وماذا إذا كان القلب مجهدا بسبب لا يتعلق بالخارج؟
- تقصدين أن يكون مريضا مثلا؟
- نعم.
- سلامتك ، ولا بأس عليك ، صحيح أنتم في عصر لا مستشفيات فيه، ولا أطباء كثر .
- سلمك الله عزيزتي، لكن قلبي لم يكن بحاجة لطب الأطباء.
- أليس مريض؟
- إنه مرض من نوع آخر.
- ما قصدك؟
- قلبي كان مليء بمشاعر كثيرة مختلطة ،تموج موجا فيه ،فلا يعرف الراحة.
- أي مشاعر تلك ؟
- مشاعر حزن وأسى ،و مشاعر رفض وغضب ،ومشاعر قهر وغيض وكراهية وبغض واكتئاب ولا مبالاة.
- كل هذا في قلبك؟
- نعم.
- وأين مشاعر الفرح والطمأنينة والراحة والسرور؟
- هي قليلة وضئيلة.
- و ما لذي ملأ قلبك بكل تلك المشاعر المتعبة؟
- إنها الحياة.
- وما بها حياتك؟
- لم أكن راضية عنها قط.
- ويلي ، كنت أتمنى أن يعود بي الزمان لأعيش في عصرك ،عصر البساطة والراحة.
- لا يا عزيزتي. لا تتمني زمن آخر ، ولا حياة أخرى ولا ظروف مغايرة .تمني فقط شفاء قلبك.
.
امرأة عام 1119 بالباب.
بسلام هي في دارها ، مستلقية على أريكتها قرب نافذة مفتوحة ، فصكَّ سمعها هدير طائرة مرت فوق بيتها ، فابتسمت وحدثت نفسها :
- ها هم المسافرون قد سافروا . ليتني أسافر , احتاج لسفرة أهرب بها من ضجيج الحياة والمهام .
ثم قامت من مكانها تتفقد جواز سفرها . وبحثت عن تاريخ إصداره لتطمئن على سريان مفعوله ، فكان المكتوب عام : (1119) .
فتساءلت:
- ما هذا ؟ لم أكن مخلوقة في هذا التاريخ !! لعله خطأ مطبعي!
ثم نظرت لصورتها في الجواز فإذا هي صورة حديثة ،
فتبسمت لها الصورة ثم تكلمت قائلة:
- من قال أنك غير موجودة في ذاك التاريخ؟
فردت هي :
- أنا من يقول ذلك، إني أعرف تاريخ مولدي ، قد ولدت بعد عام 1119 بقرون !!
- اذن أنت لا تعرفينها؟
- تقصدين من؟
- المرأة التي تشبهك في كل شيء وقد عاشت في ذاك الزمن.
- لا لا أعرفها!
- كانت مثلك تماما، لا تفرق عنك بشيء ،لا بشكل ولا بمشاعر ولا بطريقة تفكير.
- لا أعرفها!
- أشك أنها أنت! كانت تشبهك في كل شيء .
- هل قالت أنها أنا ؟
- لا ،هي لا تدري أنك ستجيئين أصلا.
- أ يمكنني رؤيتها؟
- ربما ، من يدري؟!
- أ أستطيع العودة للزمن الماضي بطريقة ما لأقابلها ؟
- ربما!
- إذا كنت لا تعرفين إجابات لأسئلتي ،فلم جيئت إذن؟
- أنسيت أني صورة ملصقة بالجواز، وأنت من فتح الجواز؟
- اسمعي أريد رؤيتها ورؤية بساطة العيش في عصرها. أريد نقل مشاعر الراحة والمتعة الى نفسي في هذا العصر المعقد.
- ابحثي عن فكرة تجمعك بها.
فركضت إلى درج في مكتبها ،وأخذت قلم وورقة ورسمت بابا ،وقالت:
- قد أستطيع دلوف هذا الباب كأفلام الكرتون ، فأسافر لزمنها.
- حاولي.
فحاولت بيدها فتح الباب المرسوم ، لكنه لم ينفتح!
وأثناء ذلك ، رن جرس باب بيتها ،فضحكت المرأة والصورة ،وقالت إحداهما :
- ذكرنا الباب، فرنَّ جرسه!
وانصرفت المرأة لفتح الباب ،فإذا بالباب امرأة تشبهها تماما، ففتحت فاها وسألت:
- من أنت؟
- أنا أنت.
- من أين جئت؟
- من عام 1119
فرحَّبت مبهورة:
- أهلا وسهلا ، تفضلي.
فردت الأخرى وهي تدخل البيت:
- شكرا.
- كنا نتحدث عنك ، ونبحث عن حيلة توصلنا إليك.
- ولذا أتيت.
- هل سمعتنا؟
- بل عرفت صدق نيتك في مقابلتي.
- تبدو على وجهك ملامح الإجهاد مثلي!
- أنت تعرفين الحياة ،هي مليئة بالمصاعب المجهدة.
- مصاعب؟! اي مصاعب؟! أنت تعيشين في عصر بسيط ،ممتلكاته يسيره و متطلباته قليلة وعلاقاته هاديئة ،لا وظائف متعددة ولا أجهزة معقدة ولا ضجيج ولا صخب.
فأشارت المرأة إلى قلبها قالت:
- وماذا عن هذا؟
- تقصدين قلبك؟
- نعم.
- أكيد هو في راحة.
- ما أدراك؟
- أعرف أن هدوء الخارج يساعد على هدوء الداخل .
- وماذا إذا كان القلب مجهدا بسبب لا يتعلق بالخارج؟
- تقصدين أن يكون مريضا مثلا؟
- نعم.
- سلامتك ، ولا بأس عليك ، صحيح أنتم في عصر لا مستشفيات فيه، ولا أطباء كثر .
- سلمك الله عزيزتي، لكن قلبي لم يكن بحاجة لطب الأطباء.
- أليس مريض؟
- إنه مرض من نوع آخر.
- ما قصدك؟
- قلبي كان مليء بمشاعر كثيرة مختلطة ،تموج موجا فيه ،فلا يعرف الراحة.
- أي مشاعر تلك ؟
- مشاعر حزن وأسى ،و مشاعر رفض وغضب ،ومشاعر قهر وغيض وكراهية وبغض واكتئاب ولا مبالاة.
- كل هذا في قلبك؟
- نعم.
- وأين مشاعر الفرح والطمأنينة والراحة والسرور؟
- هي قليلة وضئيلة.
- و ما لذي ملأ قلبك بكل تلك المشاعر المتعبة؟
- إنها الحياة.
- وما بها حياتك؟
- لم أكن راضية عنها قط.
- ويلي ، كنت أتمنى أن يعود بي الزمان لأعيش في عصرك ،عصر البساطة والراحة.
- لا يا عزيزتي. لا تتمني زمن آخر ، ولا حياة أخرى ولا ظروف مغايرة .تمني فقط شفاء قلبك.
.