طاهر عبد المجيد
12-22-2018, 12:53 AM
فقهُ الحياة
د. طاهر عبد المجيد
ما اخترتُ رغْمَ جَمالِها أن آتي
لكنْ أَتَيْتُ ولم تُفِدْ لاءاتي
فنُّ السِّباحة لا أُجيدُ أُصولهُ
في لُجَّةِ الدنيا ولا في ذاتي
لم أَدْرِ حين وُهِبْتُ عقلي أَنَّني
أُعطِيتُ بُوصَلَةً وطَوْقَ نَجَاةِ
أبحرتُ كَرهَاً والشراعُ يقولُ لي
إن اتجاه الريح غير مواتِ
وعلى الطريق تملَّكتني فكرةٌ
لِمَ لا أَعيشُ مُحلِّقاً بصفاتي
وأُغادرُ الدنيا بغير خطيئةٍ
أو هَفوةٍ من أصغرِ الهَفَوَاتِ
عَلِّي أَصونُ كرامتي وأَحبَّتي
من ظالمٍ أو مستبدٍ عاتي
وأَعيشُ قُرْبَ سعادتي بسعادةٍ
في هذه الدنيا وبعد مماتي
سحرُ الكمالِ يشدُّني شوقاً إلى
ربِّي الذي ألقاهُ في صلواتي
فَتَّشْتُ عن فقهِ الحياةِ فلَمْ أجدْ
أَحَداً يُعلِّمني سوى عَثَرَاتي
فرفضتُها وحَشَدْتُ وقتي كلَّهُ
وقرأتُ ما في الكونِ من آياتِ
وَشَربْتُ عِلْمَ الأوَّلين عُصارةً
وَسَقَيتُ ما لمْ يَبْقَ منهُ دَوَاتي
ودَخلتُ ذاتي «بالكتابِ» مُجَاهِداً
ذاتي إلى أن آمنَتْ شُبُهَاتي
وأتى يُبايُعني بغيرِ ترددٍ
ما ضَلَّ أو ما ارتدَّ من رَغَباتي
وكأنَّ شيئاً ما يقومُ بثورةٍ
في داخلي تجري على وَثَبَاتِ
شيءٌ يُفكَّكُني بكلِّ عِنايةٍ
ويُعيدُ تركيبي بكلِّ أناةِ
فبدأتُ أُبصرُ ما وراءَ توقُّعي
وكأنَّني أُعْطيتُ عِلْمَ الآتي
والحقُّ أصبح حين يبدأُ جولةً
يأتي إليَّ ليمتطي كلماتي
وَظَنَنْتُ أنِّي بَعْدَ هذا كلِّهِ
سأعيشُ معصوماً من الزلاَّتِ
لمْ أُصغِ للشَّكِّ الذي لم يدَّخر
جهداً لنُصحي مُعظَم الأوقاتِ
بلْ قلتُ: دَعْكَ من النصائحِ كلِّها
لا وقتَ عندي الآن للإنصاتِ
إنِّي سأخرجُ للحياةِ وفي يدي
كلُّ الذي أَحْتَاجُ من أَدواتِ
ها قد تَعَلَّمتُ الحياةَ وأصبحتْ
عَقَبَاتها في الشَّكْلِ كالعَقَباتِ
كلُّ النُّصوص معي وقد فهرستُها
بطريقةٍ تُغني عن الخِبْرَاتِ
أصلحتُ من شأني الذي أَهملتُهُ
ونَظَرْتُ كالمذعورِ في مِرآتي
لمْ أَدْرِ أنِّي من يُحدِّقُ بي وقدْ
أَبصَّرتُ وجهاً باهِتَ القَسَمَاتِ
فسألتُها مُتَلَعْثِماً منْ يا تُرى
هذا الذي حارَتْ به نَظَرَاتي؟
هو أَنْتَ قالتْ قُلْتُ أين ملامحي
بلْ كيف غارت هكذا وَجَنَاتي؟
ومتى استردَّ الدَّهرُ شَعْري تاركاً
لي نِصف رأسي أجرداً كَفَلاةِ؟
أَتُراهُ شَعْري ما دَأَبْتُ أُزيلُهُ
عن وجهِ ما قَلَّبتُ من صَفَحاتِ؟
قالتْ: لَعلَّكَ قد شُغِلْتَ بها ولمْ
تَشعُرْ بما وَلَّى من السَّنواتِ
خَيلُ الزَّمان جرى أمامَكَ كيف لمْ
تُسرِعْ لِتَركبَ آخِرَ العَرَباتِ
لا شيءَ في هذا الزَّمانِ بثابتٍ
أبداً سوى جَريانهِ بثباتِ
إنِّي لأَعجبُ كيف مثلُكَ لم يَمتْ
من طولِ لَدغِ عقاربِ السَّاعاتِ
لا أَنتَ حيٌّ يُرْتَجَى بمُلِمَّةٍ
أبداً ولا مَيْتٌ مِنَ الأَمواتِ
أُعْطِيْتَ مثلَ سِواكَ عُمراً كافياً
لِلخلْقِ لكنْ عِشتَهُ كَنَباتِ
قُلتُ: اسكتي لا تَجلديني بَعدما
أَحْرَقْتِ قلبي في لَظَى آهاتي
فإذا بِباب الدَّارِ يَسْأَلُ طارقٌ
عنِّي بصوتٍ ليس كالأصواتِ
فَصَرختُ: مَنْ بالبابِ بعدَ تَردُّدٍ
فَأَجابني: أنا هادمُ اللَّذَّاتِ
ماذا...؟ ومَرَّ شريطُ عُمري كلُّه
في خاطري كالبرقِ في الظُّلماتِ
ورأيتُ أحلامي وما شيَّدتهُ
لسعادتي ينهار في لحظاتِ
وكأنَّ زلزالاً أصاب إرادتي
في مَقْتَلٍ فاستسلمت خطواتي
قلتُ انتظرْ سَأَجيءُ يبدو أنَّني
أَنْفَقتُ في فِقهِ الحياةِ حَياتي
د. طاهر عبد المجيد
ما اخترتُ رغْمَ جَمالِها أن آتي
لكنْ أَتَيْتُ ولم تُفِدْ لاءاتي
فنُّ السِّباحة لا أُجيدُ أُصولهُ
في لُجَّةِ الدنيا ولا في ذاتي
لم أَدْرِ حين وُهِبْتُ عقلي أَنَّني
أُعطِيتُ بُوصَلَةً وطَوْقَ نَجَاةِ
أبحرتُ كَرهَاً والشراعُ يقولُ لي
إن اتجاه الريح غير مواتِ
وعلى الطريق تملَّكتني فكرةٌ
لِمَ لا أَعيشُ مُحلِّقاً بصفاتي
وأُغادرُ الدنيا بغير خطيئةٍ
أو هَفوةٍ من أصغرِ الهَفَوَاتِ
عَلِّي أَصونُ كرامتي وأَحبَّتي
من ظالمٍ أو مستبدٍ عاتي
وأَعيشُ قُرْبَ سعادتي بسعادةٍ
في هذه الدنيا وبعد مماتي
سحرُ الكمالِ يشدُّني شوقاً إلى
ربِّي الذي ألقاهُ في صلواتي
فَتَّشْتُ عن فقهِ الحياةِ فلَمْ أجدْ
أَحَداً يُعلِّمني سوى عَثَرَاتي
فرفضتُها وحَشَدْتُ وقتي كلَّهُ
وقرأتُ ما في الكونِ من آياتِ
وَشَربْتُ عِلْمَ الأوَّلين عُصارةً
وَسَقَيتُ ما لمْ يَبْقَ منهُ دَوَاتي
ودَخلتُ ذاتي «بالكتابِ» مُجَاهِداً
ذاتي إلى أن آمنَتْ شُبُهَاتي
وأتى يُبايُعني بغيرِ ترددٍ
ما ضَلَّ أو ما ارتدَّ من رَغَباتي
وكأنَّ شيئاً ما يقومُ بثورةٍ
في داخلي تجري على وَثَبَاتِ
شيءٌ يُفكَّكُني بكلِّ عِنايةٍ
ويُعيدُ تركيبي بكلِّ أناةِ
فبدأتُ أُبصرُ ما وراءَ توقُّعي
وكأنَّني أُعْطيتُ عِلْمَ الآتي
والحقُّ أصبح حين يبدأُ جولةً
يأتي إليَّ ليمتطي كلماتي
وَظَنَنْتُ أنِّي بَعْدَ هذا كلِّهِ
سأعيشُ معصوماً من الزلاَّتِ
لمْ أُصغِ للشَّكِّ الذي لم يدَّخر
جهداً لنُصحي مُعظَم الأوقاتِ
بلْ قلتُ: دَعْكَ من النصائحِ كلِّها
لا وقتَ عندي الآن للإنصاتِ
إنِّي سأخرجُ للحياةِ وفي يدي
كلُّ الذي أَحْتَاجُ من أَدواتِ
ها قد تَعَلَّمتُ الحياةَ وأصبحتْ
عَقَبَاتها في الشَّكْلِ كالعَقَباتِ
كلُّ النُّصوص معي وقد فهرستُها
بطريقةٍ تُغني عن الخِبْرَاتِ
أصلحتُ من شأني الذي أَهملتُهُ
ونَظَرْتُ كالمذعورِ في مِرآتي
لمْ أَدْرِ أنِّي من يُحدِّقُ بي وقدْ
أَبصَّرتُ وجهاً باهِتَ القَسَمَاتِ
فسألتُها مُتَلَعْثِماً منْ يا تُرى
هذا الذي حارَتْ به نَظَرَاتي؟
هو أَنْتَ قالتْ قُلْتُ أين ملامحي
بلْ كيف غارت هكذا وَجَنَاتي؟
ومتى استردَّ الدَّهرُ شَعْري تاركاً
لي نِصف رأسي أجرداً كَفَلاةِ؟
أَتُراهُ شَعْري ما دَأَبْتُ أُزيلُهُ
عن وجهِ ما قَلَّبتُ من صَفَحاتِ؟
قالتْ: لَعلَّكَ قد شُغِلْتَ بها ولمْ
تَشعُرْ بما وَلَّى من السَّنواتِ
خَيلُ الزَّمان جرى أمامَكَ كيف لمْ
تُسرِعْ لِتَركبَ آخِرَ العَرَباتِ
لا شيءَ في هذا الزَّمانِ بثابتٍ
أبداً سوى جَريانهِ بثباتِ
إنِّي لأَعجبُ كيف مثلُكَ لم يَمتْ
من طولِ لَدغِ عقاربِ السَّاعاتِ
لا أَنتَ حيٌّ يُرْتَجَى بمُلِمَّةٍ
أبداً ولا مَيْتٌ مِنَ الأَمواتِ
أُعْطِيْتَ مثلَ سِواكَ عُمراً كافياً
لِلخلْقِ لكنْ عِشتَهُ كَنَباتِ
قُلتُ: اسكتي لا تَجلديني بَعدما
أَحْرَقْتِ قلبي في لَظَى آهاتي
فإذا بِباب الدَّارِ يَسْأَلُ طارقٌ
عنِّي بصوتٍ ليس كالأصواتِ
فَصَرختُ: مَنْ بالبابِ بعدَ تَردُّدٍ
فَأَجابني: أنا هادمُ اللَّذَّاتِ
ماذا...؟ ومَرَّ شريطُ عُمري كلُّه
في خاطري كالبرقِ في الظُّلماتِ
ورأيتُ أحلامي وما شيَّدتهُ
لسعادتي ينهار في لحظاتِ
وكأنَّ زلزالاً أصاب إرادتي
في مَقْتَلٍ فاستسلمت خطواتي
قلتُ انتظرْ سَأَجيءُ يبدو أنَّني
أَنْفَقتُ في فِقهِ الحياةِ حَياتي