تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نائح الصّمت .


عبدالله مصالحة
04-25-2019, 10:58 AM
المَهد الأول : ابتاعَت لنا الدنيا سَراديب صغيرَة مالحَة التأويل , ولما وقفنا جَشر ريحُ الولوج , وأخرج النبات صيحته , وارتعدت فرائص الكلمات في جسد الأوهام ,

الحديث : أن الجَزع واقف , ينظُرُ فتنَة القادِم مِن فُتاتِ القصائِد المشوَهة .. يسبل عُقر الغيم في رداء القلم ويقول مالكم ..؟ عِمتم صباحا ً وَتناسى العَزاء .
وَنسيتُ أن خارِطَة الروح مفرِطة في لَعق الحيواتِ المَجنونة , تُعطي الأزمان ميتافيزيقيا جَديدَة لا يَشوبها موطئ حلم أخرس ولا قَطيعَة رَحم تاريخية في بَطن المُحتوى الإنسي .!

ونَسيتُ أيضا ً حَديثَ ليلِ الخراب وفوضى الاحتمالات في أن تَكون فَريدَ وَجهك بلا مُناظِر لحيثية الابتغاء مَجدا ً سرابي.. تطوف حولك عِدة مجهولة , وتُحاكيك في صراخ أبدي الصمت لا يُعزيكَ الوقت , لا تأنف تبرق في الجَحيم شظيَة ابتَلعها مارد الاستفهام .. خُنقت في عري كما قدميكَ الحافيتينِ مِن حياة في طَريق !

وأتذكر حين خابَ عَني الضوء , وأوجس يقسم لنفسه جدارا ً آخر غير بعدويَة مأربي , أنّ السماء كانَت مَشحونَة بقربانٍ مِن لُهاثي , تنضج بحرمها , تجسر أكواخ العقل بقمحة في فَم الحُزن , تشبع اللَحظة ولا تُشبع رَكضي إلى بابٍ أبيض يأكل عشب الحياة .!


المهد الثانِي: تعملقَ القَلم وفَك إزارَ حبره نَهما ً في جوقَة سِحر , أخبر الوَرقة اليَتيمَة المتماوِجَة أن علي بِكِ سَردا ً أبلَه الخُطى , أسقَمَ التعب , أجل الحَدث فـ أوعى .!
وعُدت لأنسى مِحورَ كُفر الذّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّاكِرَة حينَ اغتابَ أوساطَ رَحيله مِن ضيعَة الآثام , وهبّ يسابق مَرماه النافق في أصلِ الوجوديّة, حلق في خفية شعريَة , وسردٍ سيّان الاراقة الحَمراء , وعاد عِندِ أولِ دَقيقَة جَثَمت عِقبَ إنتحاله مسمى الإكانَة !

وغاب كَثيرا ً كثيفا ً واحِدا ً في أصلِه , ابتاعَ حائِطا ً جَديدا ً يختزل به الحكايا الصّبيانية , يرمي به سِهام حُجّته يفيقُ عليه , وينعسه إذا تَردّى خوفا ً مِن ظِلامٍ يَجيء !
والكَون مُحاصرٌ في قارورَة يُمناه , يُسعفه على مضض , يداعبه بـ أمومَة كأنَّه سَقط ليرضع طالبي الانتماء في سَخطِ مُراد , ولا يُجزئه تَفنيدُ وَطنه الأغلى .!


المهد الثالث : الدَّورانُ حَولَ القضيَّة الرأسيَّة ارهاب يخلع عُطوفَة التَّسامُح , يفتعل فِتنَة الشُّرود , ينبأ بزلازِلَ مَقهورَة لا تُفيدُ الفَرحين في طَلبِ الغَيث .!

كَشَرَ نَفسه ليمتَعضَ مَكنونُ نَجواه بصيغَة قَد تُنزِلُ عليه ساقياتُ النُّطق , رَكَلَ مِن جَوفِه التأتأة , وألبَس الرّوح قِماشا ً ليرفَع يديه للدُّعاءِ الأخير دونُ عُريّ لا يُقبَل به الرَّجاء !
لَوَّح في تَمارضٌ لا يَعلمه , لا يُدركه .. طَرَقَ الجَمعَ إهتِزازَ طالبٍ لمقعدٍ وَحيد يَقيه بَرد " أن يَكونَ " , أرداهُ البُكاء , أردته الفضيلَة , أردته أكنَّة النور , وأهليَّة البقاء , حَملَ نَفسه كغيمَة وساقَ بها أولويَّة نَحره , سُمَّ ارتِفاعا ً , وتساقَط دَمع لا لَونَ لَه على حُلمٍ وُجدَ فيه .. انسكَب في السَّراب ذِكره , وباعَته الأشياء بلا رَهن .. .ليلقي كلَّ الأوراق , كلَّ الأكاذيبِ الصَّحيحة الخائِنَة لعهدِ قيامَته في وَطنٍ خَرِبُ المَعنى والأسماء .

نادرة عبدالحي
04-26-2019, 11:44 PM
لأقف عند الأول المهد الأول لأُقلب السراديب الصغيرة المالحة التأريل صورة منحنا إياه لأوصاف السراديب التي ابتاعتها الدنيا للبشر،
وما السراديب إلا رمزية لأحد أحوال الدنيا ، وتأويلها
الحقيقي نجده في نفس الكاتب فمهما إجتهدنا في التفسير لِما ترمز يبقى الكاتب هو من يحمل المفتاح لذلكَ ،ويكمل المشهد بأفعال عدة جَشر ريحُ الولوج ،و يخرج النبات صيحته ، وكأن الصيحة
كانت مسجونة في جسد النبات والتمست لها مخرجا
وصورة أخرى يمدنا بها الكاتب الفاضل وهي فزع في فرائص الكلمات ويتم هذا الإرتعاد في جسد الأوهام ،


المَهد الأول : ابتاعَت لنا الدنيا سَراديب صغيرَة مالحَة التأويل , ولما وقفنا جَشر ريحُ الولوج , وأخرج النبات صيحته , وارتعدت فرائص الكلمات في جسد الأوهام ,

الكاتب عبدالله مصالحة يطيب لي مُجالسة إلهام يأخذ من فكري
الكثير من الوقت والطاقة الذهنية .
دمت بالف طمأنينة والف خير ،
ل

رشا عرابي
04-27-2019, 08:00 AM
القراءة الواحدة هنا غير مُنصفة!
لذلك قرأت وهرولت.. تريّثت وعدتُ أدراجي
لأستزيد لأتعلم كيف لأبجد تلك القدرة على إرباكنا
ذلك إن كان يرعاها إلهامُ كاتبٍ يعلم تماماً أن للكلمة وقعٌ عظيمٌ في النفس...

من حيث كان المهد الأول..
كان ثمة بداية حتميّة تُعلن بأثرٍ رجعيّ أن ما كان
أكبر من طاقة المهد على التحمّل..!

مفردة المهد أشارت للبداية المجبولة بطين الإبتلاء
ثم استرسالك بُغية الفرار من المهد أكمل المشهد
حين كنتَ تحاول أن تنسى حديث ليل الخراب
ومصير خارطة الروح لتصفع ذاكرتك خيبة الضوء!!

حيث لا مناص من تبرير العتمة في عين التعثر..

ثم جاء المهد الثاني،
كإلتقاطةٍ للأنفاس
وربط الأحزمة بُغية الأمان
ثم، الهرولة على قدمين مغموستين بالحبر
ترتكبان خطوهما لتتركا الأثر..
بعضاً من الهواجس
وكُلّاً من مواثيق البقاء

أستاذي
لقلمك جلّ احترامي
وآخر المدى من الإعجاب

ضوء خافت
04-27-2019, 11:44 AM
حتماً ... العودة بذهن أقل ارتباكاً واجبة ...
نصوصك أستاذ مصالحة ... نبع أنهل منه

و تعساً لذاكرتي إن أغفلت موعد عودتي في غضون رغبة ...
إلى هذا الحين ... سلام و تحية

عبدالله مصالحة
04-29-2019, 07:58 AM
المفضالة : نادرة عبد الحي

وجودكم التّخمة الأدبية ووعيكم الألق ، شكراً بحجم السماء لمقدمك الوثير .

عبدالله مصالحة
04-29-2019, 08:01 AM
العرّابي رشا : المفضالة
حصافة أثرك بالغة الأدب وشاهقة الحبر ، ممتنٌ لقراءتك الزّكية وطيب مداخلتك ، جميع ألوان الشكر .

عبدالله مصالحة
04-29-2019, 08:04 AM
المفضالة : ضوء خافت
السلام عليكِ في حلّك وترحالك ولثمين ما سينبع من أثرك تلاويح التقدير ، جميع الشكر .

نازك
04-29-2019, 08:52 AM
في الحقيقة لبثتُ هنا ومازلت منذ لا أعلم !
وأقرأ وأستزيد علّي أبلغُ الأسبابَ أو أقترب من بعضها أو حتى أُمسك بنجمةٍ ما
خِلتُني أتنقَّلُ بين مهدٍ والذي يليه بحبوٍ بطيء أقرب مايكون للمكوث والتأمُّل ولم أملّ
ثمة مشاهد ارتسمت في مخيلتي كأبرع ما يمكن وليتني أملكُ الرسم بالكلمات لأترجمها كما هي ناطقة أمامي ...
(( وأتذكر حين خابَ عَني الضوء , وأوجس يقسم لنفسه جدارا ً آخر غير بعدويَة مأربي , أنّ السماء كانَت مَشحونَة بقربانٍ مِن لُهاثي , تنضج بحرمها , تجسر أكواخ العقل بقمحة في فَم الحُزن , تشبع اللَحظة ولا تُشبع رَكضي إلى بابٍ أبيض يأكل عشب الحياة .! ))

حقيقة أخيرة ..
من طقوسي المعتادة حين قراءة الموسيقى ولا أملك سرّ هذا التآلف
هُنا والآن ربما بدأت فهم هذا الإمتزاج بين الكلمات والنوتات, كلاهما وترٌ يجترُّ مِلح صمتنا !

شكراً لإستنطاقك الكلمات

جابر العايد
04-29-2019, 01:25 PM
مشهد رأيت فيه فصلين أو أكثر وجميعها تحاكي الرعب العاطفي ولست اعلم عن حجم العاطفه والضرر الواضح في نغم الحروف هنا .

هذه كانت الرساله حسبما قرأت.


اما تعليقي على النص فانا فخور بتواجدي في صفحتك

عبدالله مصالحة
04-30-2019, 10:31 AM
المفضالة : نازك

حضوركم الوعي والشهد وتعقيبكم وسام ، شكراً بحجم السماء لمقدمك الغزير الحصيف .

عبدالله مصالحة
04-30-2019, 10:32 AM
المفضال : جابر العايد

الفخر كلّه لنا والشكر لمرورك الاغرّ، تقديري الجمّ.