مشاهدة النسخة كاملة : ألف ولام
طاهر عبد المجيد
06-03-2020, 02:45 AM
يولد الإنسان حراً ويبقى في طفولته الأولى يمارس ما يشاء دون قيود ثم يفقد حريته شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن إلى أن يكتشف حين يبلغ سن الرشد أن المجتمع قد رسم له ملامحه وحينئذٍ يشعر وكأنه شخص آخر لا يشبهه فيبدأ بالتمرد على نفسه ومجتمعه ليسترد حريته وذاته ويولد من جديد أما عنوان القصيدة «ألف ولام» فيعبر عن الهوية حينما يشكل هذان الحرفان «ألْ» التعريف ويعبر أيضاً عن الحرية حينما يشكلان كلمة «لا» فالحرية لا بد منها لإنجاز الهوية، والهوية لا معنى لها بدون حرية. وإن الجدلية بين هذين المفهومين هي ما يحقق الولادة الثانية للإنسان.
ألفٌ ولام
د. طاهر عبد المجيد
ما كنتُ أحسبني سأُولد ذات يومٍ من حطامْ
وتكونُ قابلتي جراحٌ في فؤادي لا تنامْ
أَمسي على أنقاض أَمسي قد تجسَّد في قوامْ
وغدي يحدِّق في ملامحه ويسألُ باهتمامْ
هل أنتَ أنتَ أم الحقيقة لم تزلْ تحت الرُّكامْ؟
فيجيبه: لغتي أنا حرفان صمتٌ وابتسامْ
فانظرْ إلى وجهي بعينيْ ناقدٍ لا مُستهامْ
ولسوف تبصر فيه شيئاً سوف يمنحك السلامْ
أتُرى ستسفر هذه الفوضى قريباً عن نظامْ؟
منذُ اكتشفت ملامحي قد بُعثرت بين الأنامْ
وخلعت ثوب طفولتي وبدأت أخشى أن أُلامْ
ما عدت أذكر شكل وجهي كيف كان على الدَّوامْ
حتى المرايا لم تَعدْ هي من يُبادئني السَّلامْ
وكأنَّما صمتي على وجهي قناعٌ أو لثامْ
كم سرت وحدي بعد أن ضيَّعت ظِلِّي في الزِّحامْ
وسألت نفسي كيف أطفئ رغبتي في الانتقامْ
وأنا أفتِّش في حطام الأمس عن ألفٍ ولامْ
حرفان دونهما سأبقى في مخاضي ألف عامْ
ويضيعُ عمري كلُّه في رحلتي نحو الفِطامْ
ولربما يسعى فمي كالجرح نحو الالتئامْ
ما دمت أُنهي كلَّ يومٍ من صيامي بالصِّيامْ
أخطأتُ؟ أعرف أنَّني أخطأت في حقِّ الحرامْ
ودخلت مع أمسي ومع لغتي القديمة في خصامْ
وأبيت أن أضعَ الوصايا بين أطباق الطعامْ
لكنَّني ما زلت فوق الشكِّ فوق الاتِّهامْ
فلربَّما انحدر الطَّريق بمن يسير إلى الأمامْ
وتعثرت قدمٌ تشقُّ طريقها وسْطَ الظلامْ
سأكفُّ عن تبرير ما أسعى إليه إلى الختامْ
فالفعلُ بعد تمامه يُغني الفصيح عن الكلامْ
سيرين
06-03-2020, 03:10 AM
وتتوالى الأيام
بحثاََ عن كينونة الـــــ الالف واللام حفاظاََ على البقية الباقية من تعريف الهوية
شكرا لـــ شعر كان صوته هنا تلبية حياة
وشكرا لقلم منح المعنى كفاءة التأويل غدقاََ وسلاسة ليس لهما مثيل
جل آيات الود والامتنان
\..:34:
عبدالإله المالك
06-03-2020, 08:51 PM
ألف ولام
تغني عن القول وتفصل في الكلام
حبكة وحرفة شعرية صاغها شاعر يعرف ما يقول وما يريد وما يرمي إليه
نص مضمخ بالعنفوان الشعري... والتوق والشوق نحو الولادة الثانية.. نحو الحرية،
تقبل أرق التحيات صديقنا الجميل
قايـد الحربي
06-03-2020, 08:52 PM
:
:
طاهر عبدالمجيد
كما هو دائماً : يأتي بالفكرة شعراً
ويأتي بالشعر فكرةً ، لتزدان به الأماكن .
؛
مع أنّ الـ "لا" المعنيّة هي لامٌ وألف إلا أنّ الشعر
يقول أنّ الحرية إن تحولت إلى فوضى فإن الترتيب
يختلف ويرتبك ..
تلك ميزة الشعر الأزلية وميزة من يتقنون اصطيادها
و د.طاهر من أولئك المميزين القادرين على قبض الشارد
ونبض الوارد منها .
؛
شكراً تليق بك
طاهر عبد المجيد
06-05-2020, 01:31 AM
الأخت الكاتبة العزيزة سيرين:
أشكرك على هذا التعليق الجميل المكتوب بلغة شعرية لا تقل سحراً وجمالاً عن الشعر. أنت شاعرة متنكرة بصفة كاتبة والشعر يليق بك.
تحياتي ومودتي.
طاهر عبد المجيد
06-05-2020, 01:32 AM
أشكرك أخي عبد الإله على هذا التحليل الرائع والمكثف للقصيدة بجمل قليلة ولكنها تقول الكثير بأسلوب ساحر وجميل لك مني كل المحبة والتقدير أيها الناقد الجميل.
تحياتي ومودتي
طاهر عبد المجيد
06-05-2020, 01:33 AM
شكراً على هذا الإطراء الجميل ولا أدري إن كنت أستحقه ولكن ما أنا متأكد منه هو أنني أجتهد فيما أكتب كي أكون دائماً عند حسن ظن الشعر ومن يعشقونه.
أخي قايد: أنا لا أومن بنظرية الفوضى الخلاقة ولكنني أومن أنه لا بد من الهدم كخطوة أولى لاكتشاف الذات وبناء الهوية المرموز إليها بالألف واللام. أما اللام والألف فهي ترمز للخطوة الثانية وهي التحرر من وصاية المجتمع لامتلاك الحرية للدفاع عن الهوية وبامتلاكها تتحقق الولادة الثانية.
أما المزاوجة بين الفكر والشعر والتعبير عن الفكرة بلغة شعرية دون التضحية بجمال الشعر فهو رهان أعمل عليه وأرجو أن أنجح فيه.
أشكرك مرة ثانية وأتمنى أن أكون فعلاً كما تقول مع خالص المحبة والتقدير تحياتي.
نادية المرزوقي
06-07-2020, 10:30 AM
و حين يدخل الشعر فضاء التأمل ،
و الأسئلة الوجودية،
نستسيغ الفلسفة برداء العاطفة و الجمال معا،
و نستطرد في الاصغاء : هل من مزيد ..
كل الشكر و التقدير لما بثثته فينا من جمع فريد بين العقل و الشعر البديع.
دمت بأحسن حال شاعرنا الكريم.
حمد الدوسري
06-09-2020, 09:45 PM
شاعر كبير ومتمكن شربت كل كل الادب والشعر
برغم الغربة وانشغالاته
لم تهاجر منك الحبكة والفصاحة و القصائد
الله عليك دكتورنا الفاضل
حسن زكريا اليوسف
06-11-2020, 12:16 AM
يولد الإنسان حراً ويبقى في طفولته الأولى يمارس ما يشاء دون قيود ثم يفقد حريته شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن إلى أن يكتشف حين يبلغ سن الرشد أن المجتمع قد رسم له ملامحه وحينئذٍ يشعر وكأنه شخص آخر لا يشبهه فيبدأ بالتمرد على نفسه ومجتمعه ليسترد حريته وذاته ويولد من جديد أما عنوان القصيدة «ألف ولام» فيعبر عن الهوية حينما يشكل هذان الحرفان «ألْ» التعريف ويعبر أيضاً عن الحرية حينما يشكلان كلمة «لا» فالحرية لا بد منها لإنجاز الهوية، والهوية لا معنى لها بدون حرية. وإن الجدلية بين هذين المفهومين هي ما يحقق الولادة الثانية للإنسان.
ألفٌ ولام
د. طاهر عبد المجيد
ما كنتُ أحسبني سأُولد ذات يومٍ من حطامْ
وتكونُ قابلتي جراحٌ في فؤادي لا تنامْ
أَمسي على أنقاض أَمسي قد تجسَّد في قوامْ
وغدي يحدِّق في ملامحه ويسألُ باهتمامْ
هل أنتَ أنتَ أم الحقيقة لم تزلْ تحت الرُّكامْ؟
فيجيبه: لغتي أنا حرفان صمتٌ وابتسامْ
فانظرْ إلى وجهي بعينيْ ناقدٍ لا مُستهامْ
ولسوف تبصر فيه شيئاً سوف يمنحك السلامْ
أتُرى ستسفر هذه الفوضى قريباً عن نظامْ؟
منذُ اكتشفت ملامحي قد بُعثرت بين الأنامْ
وخلعت ثوب طفولتي وبدأت أخشى أن أُلامْ
ما عدت أذكر شكل وجهي كيف كان على الدَّوامْ
حتى المرايا لم تَعدْ هي من يُبادئني السَّلامْ
وكأنَّما صمتي على وجهي قناعٌ أو لثامْ
كم سرت وحدي بعد أن ضيَّعت ظِلِّي في الزِّحامْ
وسألت نفسي كيف أطفئ رغبتي في الانتقامْ
وأنا أفتِّش في حطام الأمس عن ألفٍ ولامْ
حرفان دونهما سأبقى في مخاضي ألف عامْ
ويضيعُ عمري كلُّه في رحلتي نحو الفِطامْ
ولربما يسعى فمي كالجرح نحو الالتئامْ
ما دمت أُنهي كلَّ يومٍ من صيامي بالصِّيامْ
أخطأتُ؟ أعرف أنَّني أخطأت في حقِّ الحرامْ
ودخلت مع أمسي ومع لغتي القديمة في خصامْ
وأبيت أن أضعَ الوصايا بين أطباق الطعامْ
لكنَّني ما زلت فوق الشكِّ فوق الاتِّهامْ
فلربَّما انحدر الطَّريق بمن يسير إلى الأمامْ
وتعثرت قدمٌ تشقُّ طريقها وسْطَ الظلامْ
سأكفُّ عن تبرير ما أسعى إليه إلى الختامْ
فالفعلُ بعد تمامه يُغني الفصيح عن الكلامْ
ما يميز شعرك
هو هذا العناق اللافت والحميمي بين الفكر والعاطفة
هذه إحدى قلائد الدر التي تتحفنا بها أيها الطاهر والطائر الجميل
لن أطيل فيكفي أن أقول إنني قرأتها مرات دون أن أعلق ، والعتب على المشاغل ههه
لكن رأيي محسوم منذ أمد
أنت شاعر أصيل ونبيل يا طاهر
صباحك الفرح
مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف
طاهر عبد المجيد
06-13-2020, 12:18 AM
الأخت الشاعرة نادية المرزوقي:
أشكرك على هذا المرور الجميل. والحقيقة هي أني أحاول دائماً أن أجسد الفكرة في قالب شعري جميل وأن أطوع الشعر ليعبر عن الفكرة دون أن يفقد شيئاً من جماله وحرارته. ولا شك أن الجمع بين جمال الشعر ودفئه وبين سمو الفكرة وبرودتها في معادلة واحدة أمر صعب ولكنه رهان أعمل عليه وأرجو أن أنجح في هذا الرهان.
مع خالص تحياتي.
طاهر عبد المجيد
06-15-2020, 01:33 AM
أشكرك أخي حمد على هذا التعليق الجميل وأنا سعيد بزيارتك الأولى لقصائدي وأتمنى أن أكون فعلاً كما تقول.
تحياتي ومودتي.
طاهر عبد المجيد
06-15-2020, 01:45 AM
نعم أخي حسن أنا أحاول الجمع بين الشعر بحرارته والفكر ببرودته في مكان واحد عسى أن يصبح الفكر ساخناً دون أن يفقد الشعر شيئاً من حرارته وهو رهان أعمل عليه منذ بدأت أكتب الشعر رغم انه يعاكس قوانين الفيزياء وهي مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة.
أتمنى أن أنجح في هذه المهمة وأكسب الرهان فإذا فشلت فلي على الأقل أجر الإجتهاد.
أشكرك على هذا التعليق الجميل وانشغل كما شئت ولكن لا تحرم قصائدي من آرائك فهي قيمة ومنتظرة دائماً.
تحياتي ومودتي.
إيمان محمد ديب طهماز
06-19-2020, 10:59 PM
ألف ولام فصل لعناوين الكلام
و لهدف الغاية التي تحملها هويتنا
يا للشعر ما أجمله عندما يكون فكراً صائبا
و رسالة ضخمة لا كلمات منظومة فقط
بارك الله بك شاعرنا الرائع
وفقك الله لكل ما يحبه و يرضاه
طاهر عبد المجيد
06-21-2020, 12:08 AM
الأخت العزيزة إيمان طهماز:
لك كل الشكر والتقدير على هذا التعليق الكبير رغم قلة كلماته لكنه يحمل من المعاني الكثير ومن البيان أجمل تعبير.
أهلا ومرحباً بقلم مبدع حرمنا من ابداعه بعض الوقت متمنياً من الله سبحانه وتعالى أن يعود لسابق عهده.
تحياتي ومودتي.
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,