سامي المعمري
03-02-2021, 12:43 AM
الإمبراطور كوفيد التاسع عشر
(قصة قصيرة)
كتبها : سامي المعمري
أنا خالد أستاذ التاريخ وها أنا ذا الآن أمرُّ وأنا في الحجر المنزلي بحالةٍ من الكآبةِ و الملل، كنتُ كثيراً ما أردِّدُ مع نفسي بأنَّ هذا الحال لا يُطاق، تفشَّى كورونا و كلَّ شيءٍ أصيبَ بالشلل، و المدارس توقفَّت و أَسْدَلَتْ سِتار أبوابها، فَلَمْ يَعُدْ لي أنا الأستاذ سوى زوايا المنزل أشرح لها الدروس لعل ذلك يُخفف شيئاً ممَّا أُعانيه..!!
لقد تملَّكني الحنين و احتوى قلبي الشوقُ لمدرستي، إلى رُدَهَاتِها و شُرَفَاتها، إلى رائحةِ الكُـتُب، إلى ضجيج الأصوات المُنبعثة من الفصول،إلى أصدقائي الأساتذة و طُلَّابي.
هنا إنتابني هَوَسُ الزيارة لمدرستي وما لَبِثتُ إلَّا أَنْ وَجَدتُ نفسي أُسَابقُ خُطاي مُتجهاً إلى المدرسة،وما إنْ وَصلتُ حتى إنفتحت أبوابها فانفتحت معها أبواب قلبي و كأنمَّا ريح الصَبَا هبَّتْ في شراييني، فَمضيتُ كالطائر مُحلِّقاً من فصلٍ إلى فصل ، حتَّى استقَّر بي المَقام في أحدِ الفصول، وهُنا صِرتُ أجوبُ بعينايَ في جَنَبَاتِ الفصل بِنظراتٍ إمْتَزَجَتْ بين الشوق و الشجن ، فجلستُ على الكرسي الملاصق لطاولة المُعلِّم، شعرت بالتعب فوضعت رأسي على صفحة الطاولة حتى أخذتني سِنَةٌ من النوم،فرأيتُ في منامي وكأننِّي أشرحُ دَرساً للطُـلَّاب،ثُمَّ سَألتُهُـم هذا السؤال: مَن هُو أقوى إمبراطور غزى العالم كُلِّه..؟
نظرَ لي الطُلَّابُ بدهشة و التعجُّبُ يَشُّـعُّ مِن مَلامِحِهم، فامْتلأ المكان بالصمتِ الرهيب، حتَّى إنطلقَ صوتٌ قادمٌ من الصَفِّ الخَلفي قائلاً : إنه الإمبراطور كُوفيد التاسع عشر !
كان الطالبُ يَقِفُ على زاويةٍ لوحده ويرتدي كِمامة مرسومٌ عليها خريطة العالم.
وما إن أنهى إجابته حتى انهمر التصفيق من كل جانب ، وسمعتُ التصفيق في المدرسة كُلِّها،نَظرتُ من النوافذ حتَّى رأيتُ الناس حُشُودٌ و جماهير يُصفِقُّون و الجبال تُردِّدُ بالصدى تَصفيقهم ، وأنا واقفٌ أراقبُ التصفيق في اندهاش و ذهول.
حتَّى أَفَقْتُ من منامي وعلمتُ أَنَّ كُل ما رأيتهُ ما هُوَ إلَّا مُجَرَّد حُلُمْ ،نَهَضتُ لِأَخْرُجَ من الفصل حتَّى عُدْتُّ أدراجي بِضعَ خُطُوات لأكتبَ على السبُّورة “الإمبراطور كوفيد التاسع عشر”، ثُمَّ خَرجتُ من المدرسة بعد زيارةٍ خاطفة تَخَللها حُلُمٌ صَاخِب.
(قصة قصيرة)
كتبها : سامي المعمري
أنا خالد أستاذ التاريخ وها أنا ذا الآن أمرُّ وأنا في الحجر المنزلي بحالةٍ من الكآبةِ و الملل، كنتُ كثيراً ما أردِّدُ مع نفسي بأنَّ هذا الحال لا يُطاق، تفشَّى كورونا و كلَّ شيءٍ أصيبَ بالشلل، و المدارس توقفَّت و أَسْدَلَتْ سِتار أبوابها، فَلَمْ يَعُدْ لي أنا الأستاذ سوى زوايا المنزل أشرح لها الدروس لعل ذلك يُخفف شيئاً ممَّا أُعانيه..!!
لقد تملَّكني الحنين و احتوى قلبي الشوقُ لمدرستي، إلى رُدَهَاتِها و شُرَفَاتها، إلى رائحةِ الكُـتُب، إلى ضجيج الأصوات المُنبعثة من الفصول،إلى أصدقائي الأساتذة و طُلَّابي.
هنا إنتابني هَوَسُ الزيارة لمدرستي وما لَبِثتُ إلَّا أَنْ وَجَدتُ نفسي أُسَابقُ خُطاي مُتجهاً إلى المدرسة،وما إنْ وَصلتُ حتى إنفتحت أبوابها فانفتحت معها أبواب قلبي و كأنمَّا ريح الصَبَا هبَّتْ في شراييني، فَمضيتُ كالطائر مُحلِّقاً من فصلٍ إلى فصل ، حتَّى استقَّر بي المَقام في أحدِ الفصول، وهُنا صِرتُ أجوبُ بعينايَ في جَنَبَاتِ الفصل بِنظراتٍ إمْتَزَجَتْ بين الشوق و الشجن ، فجلستُ على الكرسي الملاصق لطاولة المُعلِّم، شعرت بالتعب فوضعت رأسي على صفحة الطاولة حتى أخذتني سِنَةٌ من النوم،فرأيتُ في منامي وكأننِّي أشرحُ دَرساً للطُـلَّاب،ثُمَّ سَألتُهُـم هذا السؤال: مَن هُو أقوى إمبراطور غزى العالم كُلِّه..؟
نظرَ لي الطُلَّابُ بدهشة و التعجُّبُ يَشُّـعُّ مِن مَلامِحِهم، فامْتلأ المكان بالصمتِ الرهيب، حتَّى إنطلقَ صوتٌ قادمٌ من الصَفِّ الخَلفي قائلاً : إنه الإمبراطور كُوفيد التاسع عشر !
كان الطالبُ يَقِفُ على زاويةٍ لوحده ويرتدي كِمامة مرسومٌ عليها خريطة العالم.
وما إن أنهى إجابته حتى انهمر التصفيق من كل جانب ، وسمعتُ التصفيق في المدرسة كُلِّها،نَظرتُ من النوافذ حتَّى رأيتُ الناس حُشُودٌ و جماهير يُصفِقُّون و الجبال تُردِّدُ بالصدى تَصفيقهم ، وأنا واقفٌ أراقبُ التصفيق في اندهاش و ذهول.
حتَّى أَفَقْتُ من منامي وعلمتُ أَنَّ كُل ما رأيتهُ ما هُوَ إلَّا مُجَرَّد حُلُمْ ،نَهَضتُ لِأَخْرُجَ من الفصل حتَّى عُدْتُّ أدراجي بِضعَ خُطُوات لأكتبَ على السبُّورة “الإمبراطور كوفيد التاسع عشر”، ثُمَّ خَرجتُ من المدرسة بعد زيارةٍ خاطفة تَخَللها حُلُمٌ صَاخِب.