رضوض الماء

[عبدالكريم العنزي]

و ما حاجتي بـ قارورة عطر جف ماؤها .

[عبدالكريم العنزي]

يحدث
أن تختلط الأشياء بالأشياء
ولا تجتمع
فلا صلح بين الماء والنار
ولامودة تجمع الجفاف
بحديث الأمطار


يا أيتها النائمة ...
خلف وجعي استيقظي وأيقظيني
فقد ...
أصاب الركود تطفل الفرص
وكذلك أيضا فكر التقلبات
والمفاجآت
تبدو كـ ياسمينه عارية
تركض فوق دهشة الورد
وفوق حياء الوجود


قبل عشرة أعوام…
أذكُر أنني لأزال أذكر
كيف تعلمت…
أن أكون أقرَب إليك بأسوأ طرق التعبير

أن أسطو…
على الحدائق والمنتزهات
لأجمع لكـِ الأزاهير
أن…
أمتهن سرقة أنوار الشوارع
لأهديكِ عقد ضوء
وأساور أضواء لاتقبل التكرار
أو التزوير

فكم .... وكم
كنت فقيراَ هوايته
التبذير



تعلمت كيف…
أصبح داخل أسوار قصرك
متطفلاً مألوفاً مسالماً
كحمام النوافير

أذكر…
كيف كنت أطاردك بـ إندفاع الطريد
إلى امن مجهول المصير

فكم ....
وكم كنت جواباً يبحث عن سؤال
عن أي تفسير



وبعد عشرة أعوام ...
خُدعت أيامي أحلامي
خُدعتُ بأكملي… خُدعت


عشرة أعوامٍ…
وعمري أثمن ساعةٍ أُهدِيت
لساعد امرأة تهمل الوقت


عشرة أعوام…
من غير ثقافة ولا حضارة
ولا صوت ولا لغة
ولا لون

عشرة أعوام…
عارياً لا انتماء لي لا عرق لي
لا فكر ... لا وطن




عشرة أعوام..
والغبار ينفضُ وجههُ
عن وجهي
وطفولة قراري
تخلط بين خوفي وكرهيّ


عشرة أعوام.
وأنا أُعبر ولا أعبُر
كـ جسر أقدامه مغروسة في الماء
ووجهه ملقى إلى السماء

وبعد..
عشرة أعوام أولد مندفعا مشردا هاربا
كـ الأضواء

أُولد..
لا وجه لي لا طعم
لا لون لي شفافا عاريا
كالماء




وبعد عشرة أعوام…
أعيدُ ترتيب وجهيَ
وأعيد إلى أطرافي ارتعاشاتي

فـ ليس…
ذنبي أن يعشقني الانطواء
وان تقترن بي العزلة


ولست معنياً…
بـِ كُره الفخار لماضي
التناثر فوق رمال الصحراء


فـ ســلام…
لمطارات غادرتني
ولم أغادر

ســلام…
لشتات غربة ٍ
احتوتني حتى التناثر



ســلام …
لـ بقائي المسافر
لـ وصولي المزعوم
على صفحات التذاكر


ســلام…
لـ جنون خوفِ
أحتمي بأمن الياسمين

سـلام…
لـ طفولة هروبٍ
تلهو بـ أصابع السجان

سـلام… لـ ساعة انتظار
أخفت خلفها تجاعيد
الجدران


وداعاً…
لـ وجهه يحتسيه الاكتئاب
وداعاً…
غليون أمل يدخن السحاب
وداعاً…
لـ صدر انتظار يسعلُ الغياب
والسراب


فقد سئمتُ تكرار…
وجهي على زجاج الصالات
واعتياد انتظاري
أمام المحطات

سئمت ُ…
أسمكِ وتاريخ ميلادك
سئمت التكرار


وبعد..
عشرة أعوام
ليس باستطاعتي
أن أخبرك متى أنسى
ولكن باستطاعتي
أن أخبرك اني سوف أنسى "

[عبدالكريم العنزي]

الفحم ...
بذرة النار

والشرارة الأولى ...
طموح جوع
يأكل أطرافك المتيبسة
سريعاً سريعاً
كـ الهروب كـ الفرار

ترمد أملكـ ...
كلما أوقدت لسان شمعتك
أطفأتها خيل الرياح الجارية

وإذا ...
أسورتها وداريتها بـ كفيك أطفأها
ماء دمعك المدرار

تعال ...
أطلق ضحكةً بيضاء
مشغولةً بـ الملح
كـ ضحكة البحار

وهات يدك ...
أقفز معي أقفز
في الأمس ... في الغياب .. والموت
أقفز أقفز ...
إن رأس الشجاعة الإنتحار .

[عبدالكريم العنزي]

ياصاحبة الجرح القديم ...
أنتِ أغنيةّ أرملة
تسربت من الكهوف
من الصدوع المظلمة
للأمس

لا أحد يفهمك ...
يتقربون ... يتوددون
لا أحد يعرف
كيف يُقلم الزهرة
بـ شفرة فأس

لا أحد ...
يعرف أن فيروز فمك
دونه عواصف ملح
وأقواس حمراء
من دم الشمس

لا أحد ...
يدرك أن قلبك عصي على الهوى
وأن دونه أنهار من لصوص
وأودية فحم
وكسوف ... هاوية ... وخفس


وحدي...
من فهم حزنك
و كيف يكون الأقتراب
دون أن أفزع عصافيرك
ومن قدمي يتدلى جرس .

[عبدالكريم العنزي]

دكاكين ...
محطات الطرق
لا تعتمد ... دفاتر الديون .

[عبدالكريم العنزي]

أنا ...
لا أستطيع أن أكتب
أنا مُحبط انا مُعطل

من سرق ...
الحرف .. الحبر .. الورق
والأمل

من ...
سجن الفكرةفي رأسي
من تركها وحيدةً باكية
في ظل أقواس القفل

لماذا ...
كل ما أحتضنت شجرة
وأثمرت أرخت أغصانها للعصافير
وأنا في ظلها بارد وأذبل

[عبدالكريم العنزي]

ترسمين ...
حروف التآكل
تتقلصين ..تنكمشين ...تنقبضين
على بعضك

رويداً.. رويداً...
تخفتين كـ الجمرة تموتين مغطاةً
بـ تراب رمادك .

[عبدالكريم العنزي]

الهـاويـة 3 '

…. تحت
وقّع موسيقى خاسرة
مُشبعة نرف بُكاء وفرار

ألقيتُ ...
في هاوية
مملوءة إستدراج ...هفوات ...تعثر
ونجاة واحدة
يتقدمها فيلق إنكسار


...ينسلُ فمي من وجهي
إلى صدري يمر قرب فتاة أغنية
تعالج قروح صوتها
في ضوء شمس النهار

ويمضى فمي
منزلقاً إلى هوة في بطني
مفعمة ظِلال تتمدد
تتشعب كـ الإحتمالات
تتفرع كـ أغصان الأشجار

ظِلال ... لـ شؤم حنطي
قادرة دوماً على التخلّق
وأبداً قادرة على الإبتكار


... ويكمل المسير
مسافراً خلال فخذي
يمر فراشة مطر تخضب حاجبها
بـ فحم من إرث الملح والنار


حتى إذا بلغ ساقي
حيث مدينة ...شجرة وعصفور
تحاصرهُ الرصاصة والأمطار

إلى أن ينقضي المضي بـ فمي
إلى قدمٍ مغروسة أشواك
تنمو إلى الداخل
تتطاير تتناثر داخل الجسد
بـ إيماءات الإنشطار


... وعلى هذا الشكل
تتهوى بقية أعضائي
جزء جزء بـ تفوق متأني أخّاذ
. آه… إني أتقن فن الإنهيار "

[عبدالكريم العنزي]

مدخل ….
يا وردة تُزينُ مداخل المخافر
آه...
و آهـٍ يا كبِد عصفور
يؤم عشرة خناجر

أعترف ...
يعتريني برد وأنا أجُلس وحيدا
في ظل المدافن
آهـ يا عصفورة تطارد
طلقة مسدس
هـه. عفويةً بلهاء يحكمُها
جنون متغطرس

أعترف …
يعتريني إيمان عريض
أن لـلموت مفاتن

قلب أسد …
تحكمهُ عاطفة يمامة
و هـه يا أسد يرعى الأقحوان
وينشد السلامة
أعترف … رشقة من الحب
تجعل من الجنون كائن


……..

تسلل….
الحب داخلي
حاملا في يده سكين
يتتبع أنفاسي لـ يذبحني
كي لا أخُبر عنهُ بعد حين

أمنية لـ طفلك ....
حين تنوي الرحيل رجاءً ... رجاءً
لا تُطفئ الأضواء

أتكثفُ... أتكثف…
ظلاً في المساء
للتو خرجتُ من قوقعتي
مع وبعد زمن الانتهاء
حدثتـُ اختفاء لاذ باختباء

لا شيء …
بإمكانه التحدُث عني
دخان نار يبعثُ الدفء والبكاء
وليس …
بـإمكاني إدعاء الثبات
وأوتادُي غُرست في ماء
…..

يا نبيهة ...لا لا أريد …
أن أهوي في فم السمكة الأزرق
في فمك القلق
الذي نام …
بعد أن ابتلع البحر … الرياح
والغرق

أريد …
أن أُقاوم حبركِ المتدفق
المحقون بإضطراب البحر
المشحون بـ قلق الشفق

[عبدالكريم العنزي]

...عظام
عصفور ميت
عظام شجرة متيبسة
العش قبر
الشجرة ... مازالت تزهر


...حقل ذرة أصفر
غموض
لون المرض .... لون الخوف
لون النضج .... ولون العصر


...فراشة
تجفف جناحها المبلل
بالمطر
تحت ضوء قمر أسمر


...صرخات زيتون ...
في وجه ريح
تصب في فم الجرح
برد .... ملح ... وماء عطر

...امرأة
تعض شفتيها بـ أسنان من ثلج
الليل ورق ... دم القمر حبر
القصيدة فم يتكسر

...أغنية زرقاء
النوارس لا تبني أعشاشاً
على ظهر السفن المغادرة
إلى إنجلاء وسفر

...الثانية عشر صباحاً
لم يتفتح الزهر
لم تغادر العصافير غصون الشجر

.... منتصف الليل
صوت خطوات
تمشي فوق عظام الوقت المتعثر
أغنية شاحبة
ترقص على رنين أصفاد العسكر


....الشجرة
ظل الشجرة يغني للشجرة
عاقبة الفحم قدر
الشجرة مازالت تتمدد ...و تكبر

[عبدالكريم العنزي]

...يد
خمس أصابع حنطية
تنتهي بـ أظافر بيضاء
...خمس أغصان
تتفرع من شجرة تنتهي
بـ خمس زهيرات قطن


...خصلات شعر
تستريح على كتف ونحر
حنطي
قطع عميق خدوش مظلمة
تسافر في كثبان
من رمل وحزن

...شفاه حمراء
دافئة متمردة
رمانة مفلوقة من المنتصف
بـ سكين الزمن


...عيون
ممر أعياد قديمة
أطفال أغريق
يغنون ... يصلون
لـ إله ميت ... بلا لون


...نهد قلق
مخلوق من جوز الوقت
من بذور الرياح ... وماء الثلج
يهتز على الدوام
كـ الخوف ... كـ الإرباك ... وكـ الظن

[عبدالكريم العنزي]

لا أريد …
أن يلتقي الحب والموت معاً
وجها لوجه
داخل قوقعة حلزون

لا أريد …
ان يكون الحب الحلزون
الذي تخلى عن بعضه
لـ يكون أسهل … أسرع … وأقل وزن

وما كان إلا رعباً …
جاداً في الإختلاف … واللون


لا أريد للحب …
ان يولد سهلا ناعماً حاداً
ان يولد خنجرا
مغسولةً بـدم العطر … وصرخات العيون


لا أريد للحب …
ان يولد كـ الأشجار في الصور
لا يداعب النسيم أوراقه
ولا الرياح تحرك منه الغصون






لا أريد للحب …
أن يولد زهرةً
نقشت في صمت الخزف
زهرةً …
لا تملك أن تريق عبيرها
زهرةً …
سقطت مصير القطف


لا أريد للحب …
أن يولد أزهار أقحوان
تندلع من صدوع الأرصفة
من ثقوب الدخان
ومن أفواة الجماجم
الجماجم المطلية بـ الأبيض والنسيان



لا أريد أن …
أقول أحبك وأكون بحراً
خضع لـ سلطة الميناء

و لا لا أريد أن اقول … لا أحبك
لا أريد أن أرى الماء ... هو يدمع الماء

[عبدالكريم العنزي]

ان…
سوء الإدراك العاطفي
يتفاقم في المجتمع

وأنا…
عالق بين ظمأ بحر
وغروب مشرق مخيف
اسمحوا لي…
أن أحقق أمنية صغيرة
أريد… أن أهرب …
أن أنام والخيبة في شق
يفصل بين رصيف و رصيف

[عبدالكريم العنزي]

في أسفل الوادي ...
الذي يخيط
فم جرحه القديم
بـ خيوط من نارٍ ... وبرق

هناك ...
تحت أشجار الريح الباردة
تحتشد ألاف
من النجوم الرمادية
وأسراب من أزهار القلق

تمر...
فتاة بـ ثوب مُسبل
يجز العشب
تجرح يد الليل ... دم الليل
وقت أزرق

تحت ...
شجرة الليل الكبيرة
مازال الظلام يتدفق

تحت...
شجرة الليل الطويلة
طفل
يحصي النجوم والوقت
ويخفق

الفتاة ...
تمر شجرة الليل
الطفل مفقود
فم الليل يتشقق

الفتاة ...
تغني
من ثقب أذنها يطير
سرب حمام

الفتاة تغني ...
زهرة تفتحت
من بين النهدين ... شمس وتشرق.

[عبدالكريم العنزي]

من التي …
ثقبت رأسي وغيرت مجرى
أنهاري

من التي رمت …
أسماك المياة العذبة
في ملح بحاري

من التي …
أخبرت صبية الحي
عن حديقة ريحاني
وأزهاري

من التي …
دلت صبية الحي
على عش وعصفور صغير
في حمى أشجاري

من التي …
أستجوبت فمي الميت
وقرأت أسراري


من أنتِ …
كيف أنتِ … ماذا أنتِ
ما لون أنتِ
يادخيلةً على أحباري

تكلمي … تكلمي …
وأصفر أساورك
من ذهب ناري


تكلمي … تكلمي …
وقلادة نحرك
من أصداف كواكبي
وأحجار أقماري .

[عبدالكريم العنزي]

ولأني …
وإن أخفيت الشعور

سترى …
وجهك في مرآة حرفي
وتتهجاه على شفاه
السطور

يا اخر ….
سيجار بـ مذاق الشمس
والعبور


لما …
تطارد ميت
نقرة ذاكرته الطيور

ميت …
بـ كبد مثقوب
يمر من خلاله الوقت … الصوت
الاوراق … والجذور


اني أحبك …
لكنك عالق في الأمس
والأمس
لا يموت ولا يقوى المرور




أرفع عينك عني ...
أنا أخجل والخجل يدفع
إلى الهروب
أو بكاءٍ بـ صمت ودموع

أرفع عينك عني ...
أنا أرفضك … أرفضك
وإني لا أجيد سوى الرفض
ثم ...الوقوع

[عبدالكريم العنزي]

سقط غصن …
على الأرض أوراق خضراء

تصبح صفراء
وكل أصفر من غير خريف
إنكسار … وحدة … وحزن

سقط غصن …
أوراق خضراء على الأرض
ظل الشجرة دموع …ظل الشجرة كفن


أنا أحب شجرة ...
والشجرة … دين
أتباعها طيور
أقتلعوا…
جذور حبها من فمي
أنا لست عصفور تين
أنا … إنسان
مخلوق من ذنبٍ … وطين .


ياريح يا خضراء …
ان لي قلباً عالقاً
في أصابع الغصون

ياريح أجري ياريح …
وأضربي الشجرة
في ليلٍ طويل يتساقطُ
برداُ … وعيون .

[عبدالكريم العنزي]

يا جريحة ...
دم الريح أخضر

تعالي ...
قبل أن ينزل الليل
قبل أن يحفر بأنامله الدقيقة
في جسد الماء قبر

من يطفوا ... من يغرق
من يموت
مجففاً بـ الملح .. وبرد العصر


تعالي ...
حين ينسحب الليل
إلى الكهوف ... والصدوع المظلمة
عندما ...
يكون وحيداً يغني
وهو يطحن القمح
وعظام الفجر

تعالي ...بـ أكملك
بـ حزنك الشهي ... بـ دمائك
بـ فمك المالح والمر .

[عبدالكريم العنزي]

من قتل الحب …
تكلمي … تكلمي
لما أنتِ بلا فمٍ … بلا صوت
كـ السر

من قتل الحب …
وعلى أسوار فمك العالي
طيور دم
تنقر زجاج العطر … وبلور المطر


من قتل الحب …
و دوائر تلو دوائر
من فراش الغروب وعيون الغجر
تنبثق من تحت نهدك
المرتجف … المرتعش ... المضطرب
على الدوام كـ موج البحر

من قتل الحب …
في حضور الليل الكبير
وفي ظل أشجار المنحدر

من قتل الحب …
عندما كان القمر
يحصي ندوب وجهه القديمة
في مرايا النهر


من قتل الحب …
من سرق لازورد فمك الأزرق
المحصن
بـ الرياح … النار … وقوى القدر


من قتل الحب …
أنا من قتل الحب
أنا من أدمى بطن الريح
بـ حواف الصخر
أنا من قتل الحب …
أنا الذي أخترق صدر الريح
بـ أغصان الشجر .

[عبدالكريم العنزي]

أعطهم مايريدون ...
ليمون فمك
ناردينه ...والصنوبر

أنا أحد اخر ...
أنا قلبك الفاجر
أنا ...
ريحانة رصيف وريدك
الأخضر

أنا ...
العروق الزرقاء المتفجرة
في نهدك الزجاجي
المغسول بـ رياق القمر ... المخضب بـ دم العنبر

أنا الآخر...
أنا ماء فمك
المزدحم بالأصوات المتجمدة
بـ الشفاه المجروحة
بـ حواف الفناجين
على طاولة الفجر



أنا الاخر ...
أنا شروخ دمك
أنا روحك ... وأنا داخلك
المغطى بـ قشور الظلام
وارتياب السكر

آه ياحبي القادم...
سكاكين من الظل
والفجر
تنغرس في خاصرة شمعتي
آه وتسقط شمعتي
بين جثث الزجاج وتحت
ظل ياسمينة الممر

[عبدالكريم العنزي]

قلبي ...
يترنح كـ وردة في قبضة
طفل

آه ...
هذا الحب خطأ
هذا الحب طريق موحشة
في زمن كله شفق
وليل


لماذا ...
كسرت ماء قلبي
لماذا حطمت زجاجة
المقل

آه ...
ياطائر حب
يئن جريح في ركن الحقل

آه ...
يا نهد الفراشة
المتعري في معابر المغرب
والظل

آه ...
ياصخرة الوادي
المطعونة في الفم
بـ نصل السيل

آه ياقديمة ...
الريح تحفر جنبك
ودمك النازف رمل
يسيل في قرميد المكان ... يزحف في عيون التل

آه ...
يا ماء فمك المهجور
المضمحل

آه ياركود البحر ...
لا أريد أن أرى
الأسماك تتعرى على شريط
مياة الساحل
المياة الدافئة كـ دهشة أول
القُبل


آه ياحبي البعيد ...
أعد طائر الحب
أنه ليس من شيم العرب
سبي الرسال .

[عبدالكريم العنزي]

أنا ...
أحبك
لكن لا اقول لك أحبك
أنا أفعل هذا الأمر

مع الأشياء...
التي أحب ...الأشياء المستحيلة
والبعيدة كـ اول العمر

كن ... مجازف وأعبر النهر


المطر ...
وخز إبر في عضد الزهر
المطر عنيف ...
على الأشياء الرقيقة
وغروب الحب المنتظر

كن ... مجازف وأعبر النهر

هناك ...
قلب كسرته الريح
طريح يحتضر ... ينسى ... فـ يزهر
يواجهُ ...
ألف نصل من نار
تخترق الليل ... وظل الشجر

كن ... مجازف وأعبر النهر

لماذا أنت ...
بارد كـ ضوء القمر
لا يبعث الدفء
في زمهرير الليل ... لا يذيب صقيع الفجر

لماذا أنت ...
بارد خافت كـ ضوء القمر
لا يدفع بالمزيد ...
من الأحتراق ... والضوء ... وأكثر
لا يكسر ساق الليل
لا يمنح الوضوح ... والرؤية كاملةً
لتعثر النظر

كن ... أنت المجازف ...واقفز في النهر

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كان الغروب يصنع الليل
بـ طريقة كلاسيكية عتيقة

عندما ...
كان القمر يحاول اشعال وجهه
خلف البحار ... خلف المدى
والمسافات البعيدة
بينما حبيبته ...
مازالت منذ ثلاثة أيام تغرق
في أضواء المدينة

عندما ...
كان المركب العتيق
يفك أشرعته ... ويصنع نهايته المتكسرة
في ركود البحيرة


عندما ...
نام العطر على جلدك
واستيقظ على نشأته الأولى
ورداتٍ ... و زهيرة

عندما ...
كانت أسماك المحيط
بـ أفواه مكدسه بـ الملح والوقت
تستحم في أضواء النجوم
الفضية

عندما ...
كانت يد الأرض
تمسك ساق الحقل
عندما ...
كانت جنادب الفصول الدافئة
تزحف ...
نحو الحقل بـ أفواه مزدحمة
بـ جوع أصفر ... وعيون قديمة



عندما ... وعندما ...
كنت أنا
أشرب دم شفتك ... دم شفتك
الداكن ... الحار والحار
كـ دم الطريدة


وبينما كنت على ذلك ...
مر الليل
صاخباً ....وسريعاً سريعاً
كـما يمر ليل الغانية

[عبدالكريم العنزي]

الوادي ...
يقص على صخر الوادي
أن أسلافه كانوا جداولاً
ونهر

الصخر ...
يقص على الوادي
أن إنفصاله عن الطور

لم يكن مصير
إنما كان قرار عصري وحر

هذه...
ليست علاقة حب
هذه العلاقة لقتل الوحدة
وكسر الضجر





في تشرين ...
تتعرى الأشجار
لتغوي وتوقع غيم المطر

لكن الغيم ...
ينشد حباً أبعد ... وحضور أكبر
أن ...
يطفئ مصباح الطريق
أن يتحسس صدر النوافذ ... أن يحرك الظلال
أن يرعب الأطفال ... وأن يربك قوارير العطر

هذه ليست ...
علاقة حب
هذه علاقة الحاجة للبقاء
و دوام العمر




أما الحب هو أنتِ...
يازهرة الفم
يا أسوارة النهر

أنتِ ...
صدري المفتوح
أمام فم الليل المحصود
الفم المزدهر بـ قصب الملح
المكتظ بـ خيزران الذعر
.
.
.
.
آهٍ ياسمكة مياة عذبة ...
تحتضر
عند الغروب سـ يكون
فمك البعيد ... ونهدك البرونزي
في أحشاء الطير

الطير الوحيد ...
والفم الأول الذي قرأ
قصيدة جسدك تحت ضوء القمر

آهٍ أنتِ... ياحبي الضائع ...
ياسمكة القلب
المسبوكة بـ الدم والتعثر

أنا أحبك وأنا حُبك ... ثم أكثر

[عبدالكريم العنزي]

يا أيتها الحنطية ...
الراكضة في عرض الليل
من غيب حضورك
الشاحب المر

يـ دم القنبرة...
المراق في بحيرات الظل
الجاري خلف أعمدة التبغ
وخلف سيقان الشجر

آه ...
ياوجهكِ القمحي
الوفير الواسع ... المنتشر

القادم مع الليل ...
مع كل الوقت
المطل من عتمة الصدع ... من عمق الثقوب
والمطل من ظل الكسر

آه ...
يا نهد القنبرة المقدود
الذي يُولِّدُ مرايا النار
ويصنع رقصات الغجر

أرجعي ...
حاملةً سبات البحر
ونعاس الفجر

[عبدالكريم العنزي]

اشعر بـ امراة تقترب
اشعر بـ تناقض ...
الحب والخطر

تحمل وجهاً نحاسي ...
احيانا يكون أصفر
واحيانا أخرى يكون أصفر

في عنقها ...
عقد يتدلى منه حجر أزرق
بـ حوافٍ بيضاء كـ الموج
يستريح على نهد له فم
ويتكلم لغة البحر

تحب ...
مطاردة النمل
وتضع خطط واسعة
لإغتيال العصافير
أثناء نزول المطر

تحب ...
جمع الريش ... الحصى
ودموع الزهر

واحدة ترميها في فم الشمس
واحدة تلقيها في حلقوم الممر
و واحدة في يدها
اليد التي لا تعرف غير الكتابة
والغياب ... والتعثر


اعلم أنها ...
أنها من نسل المرأة الاولى
التي بكت الحب خلف الغيوم
ألف عصر

بكت ...
حتى تقيأت الأرض دمعها
قطرة ... مستنقع ... بحيرة
ثم بحر

ظلت تبكي ...وتغرق
وهي تغرق زرعت أمانيها
في الماء أسماكاً
وصهرت خيبتها في الماء ملحا
ودست سرها في أفواه المحار

وصبت غضبها ...
أمواجاً تضلل .... تضرب ... فـ تكسر

[عبدالكريم العنزي]

اسمحي لي ...
أن أكتب عن شيء
اخر غيركِ
يا نورسة القلب

... عن قبر
متروك في صحراء
الوقت
أريد أن أكتب


أريد أن أسأله ....
من أنت ... لماذا ...كيف
متى ... مـالسبب


اريد أن أسأله...
هل يعرف صوت القطن
و أي لون كان يحب

وما إذا كان يرغب
بـ أن يشرب

وكيف يحب ...
أن أقدم له الهدايا
ساعةً أو موعداً
أو حلي من زجاج الفضة
وضحكات الذهب


أريد أن أسأله ...
هل يتذكر ... هل يشتاق
هل ينتظر ... هل له قلب

أريد أن أسأله...
هل هو مخيف الليل ... والوحدة
وما اذا كان يريد أن يستيقظ
وهل يريد أن يذهب


أريد أن أسأله...
ِما اذا كان يفهم نهدك
الرعاش ... المتمايل ... المرتبك
كـ أعمدة اللهب


أريد أن أسأله...
هل يسمع ...
صرير الريح
القادمة من الغرب
الريح ...
المحملة بـ الأسوار ... والمغرب



و أريد ... وبعد أريد ...
أن أسأله لمرة أخيرة
هل يعرف الحب ... هل يخاف الحب


ثم أريد أن أصافحه...
و عظام يده البيضاء
تتفتت وتخضب يدي

بـ البياض البعيد
البياض البارد البعيد
شقيق نشارة السحب

[عبدالكريم العنزي]

أريد أن أفزع...
بدلاً عن الحقل

الذي ...
استيقظ على صوت الآلة
والحصاد ينزلق من خلال
قوس المنجل

أريد أن...
أحمل الألم والخيبة
عن الشجرة
الشجرة ... التي أعطت الثمر
والفيء ... ثم تقتل

أريد أن ...
أستجوب القنبرة
التي صبت دم التين
في قارورة الكحل

أريد أن ...
أسألها ... لماذا ...لماذا
أخفت هشاشة الزجاج
بـ الألوان المعتمة
لماذا ...
دفنت القوارير في أروقة الظل

[عبدالكريم العنزي]

لا أريد ...
أن أواجه الريح
التي تنشط عند العصر

الريح ...
التي تزرع الفزع
في الحب
التي تدفع الريش
والعشب الأصفر

آه العشب الأصفر
ذاك هو ظل الموت
بـ جسد الذعر

لا أريد أن ...
أن أواجه الريح
التي تحرض الشرارة لـ تصبح ناراً
التي ...
تكسر ساق الزهرة
وتزعزع الشجرة
وتحفر في ظل الحجر

آه ...
لا أريد الريح أريدكِ أنتِ
أريد تفاحة فمك
غريقة السكر
المتورطة بـ رعب الأحمر

اريد ...
ياسمين ساقك
الساق التي تمطر الزجاج ... والأعياد
الساق التي تنزف النجوم
والعطر

أريدك يدك...
أريد أن أصبح أطول
أكثر ... وأكبر .

[عبدالكريم العنزي]

لا إتجاة..
لا زوايا
دوامة ... دوار ...دوار

لا لا توقفني...
الوقوف مصير الأعمدة
وميلاد الأشجار

لا أريد أن...
تكون الريح
التي تنزع ريش عصفور
قتلته الأمطار
الريح التي ...
خلعت ريشه
وكان عارياً كـ المرايا
و كـ وجه. الشمس الذي يحترق
طوال النهار


أريد...
...ان تقتل خوفي
ان ألهو بشعرك
ان أنام في حضنك
دون ان اشعر
و دون غطاء ...كـ الصغار

أريد ...
الأمن الأمن الأمن
فـ أنا خلقت ... من دم الهلع
و روح الفرار

[عبدالكريم العنزي]

على ضفاف...
القرية الغارقة في البعد ... النسيان
والظلام

تحت ...
ضوء مصباح شاحب أصفر
صادق كـ الآلم

كتبت ...
قصيدة عن امرأة
بلا ملامح بلا. جسد
امرأة مخلوقة من ...
الكتابة .... الشعور
والكلام

امرأة أخيرة...
ومرة أخرى أطعن
بـ الطعون التي لا تقتل
و لا تمنع القيام بـ المهام اليومية
لكنها الطعنة ...
التي لا تفعل شئ غير أنها تحرمك
المنام

[عبدالكريم العنزي]

يغنون ...
يكتبون الشعر
يرمون أكاليل الود

لكن ...
لا أحد و لا أحد
يفهم رغبة الورد

الوردة ...
تحتاج الإصطدام ... الإنكسار
تنشد الريح
لـ تنثر العطر ... و تؤرجح النهد.

[عبدالكريم العنزي]

بكيت...
قبل إتخاذ القرار
بكيت...
أثناء إتخاذ القرار
وأخاف .. أخاف
بكاءً بعد إتخاذ القرار

حاربت ...قاومت ... ناضلت
لكنهُ الإنكسار

هزمت ...
أمام يدك الواسعة
اليد التي تفك الحَصار
بـ حصار

وهويت ...
في ظل أخدود يفرق بين نهديك
يمامةً هارية
من البرد ... وأحزان الأمطار

وخرجت ...
من صدرك فراشة
زرقاء ... حمراء ... نحاسية
فراشة تتعقبها الطيور
والأطفال الصغار

آه هذا الحب مجنون ...
يعصر دم الليمون
ويسكبه في أقداح الأنهار

وعلى ضفته...
نورس كسير ... يخلع ريشه
يجمع عيون الأسماك
ويكسرها في مرايا الأحجار.

[عبدالكريم العنزي]

جئتكِ ...
عارياً كـ العيون
حاملاً قلبي وأحلام صبية
القرى والهجر

الصبية ...
الذين يحلمون على الدوام
بـ بساتين الماء ... وشجرة القمر

الصبية ...
الذين يبحثون عن فتاة المدن
في عيون الحمام
في كتاب الشجرة... في تجاويف الخيزران
في دوائر الحرير ... وفي ذاكرة المطر .

[عبدالكريم العنزي]

لملمت صوتي ...
ثنيتُ أصابعي ... طويت يدي
و ركبت الدورب

في نهار حنطي ...
السماء ملبدة بـ الإنكسار
وللشمس طموح في أرض
الغروب

ما كان التمني ...
يأتي بـ الحب
تنتظر السماء تمطر في الشمال
وأنت في الجنوب .

[عبدالكريم العنزي]

الطفل ...
الذي كان يحاصر الرياح
في أوردة الكهوف ..
في عروق الممرات
ويشربها


الطفل ...
الذي استدرج الشمس
خلف الجبال
وبـ سكين الليل الطويل
طعن الشمس في فم
مغربها


وسال الليل سال ...
أذناً للحقائق ... للأضواء والنجوم
بـ أن تخلع ثيابها


لكن الرياح ...
عادت ونهضت
من ظل الأشجار

عادت ...
تبحث عن الطفل
في أغاني الرعاة
وفي ثياب المرأة
التي تخفي بين نهديها
الطفل والنار

إلا أن المرأة ...
احبت الرياح وكشفت صدرها
فـ ضربت الريح نهدها
فـ هوى الطفل ... وكسر فم
الأسرار

[عبدالكريم العنزي]

نار ...
النجوم بعيدة
برد برد
والليل يبكي في فمك الدافئ
الفم الموبوء بالعنب
والزهور

وأنتِ أنتِ ...
لا احب فيك شيء
غير يدكِ
اليد المرصعة بـ المعادن
والكسور

[عبدالكريم العنزي]

في ..

شفتك كسر
وموج الأزرق البارد
وتموج ازرق القهر

ياصحراء الحب...
كم هو صعب
موت فمك
وكم هو كثير
موتك ...
في ظلال العصر

آه ..
كم هو موت كبير
موت فمك المزمن بـ صمت
موت الشجر
آه ...
سـ تخلع يد الريح جلدك
وسـ يجرحك ضوء القمر


آه ...
يانهد الزهر
الذي تورم و تكور متعرياً
خلف صخرة الفجر

الف احد ...
مات على الطريق إليك
ألف يدٍ لأحد
تكسرت
وألف ساق لأحد
امسكتها يد التعثر


لا أحد ...
يا اخت الموت الأبيض
الحر
لا أحد في حرائق فمك العالي
لا احد ...
غيري والسر

السر ...
الذي يفتش عن فمه المسروق
في مفارز قطن نهود الغجر .

[عبدالكريم العنزي]

تحت ...
مظلة الريح
أجري ورفقتي الأوراق
وريشة النهد الجريح

لا أحد لا شيء ...
لا شيء لا احد يوقفني
سوى سكتة الريح

فـ سلام على نهدً ...
نهض و وثب
وبدا كـ قطر الندى العالق
بطرف العود

وسلام على نهد ...
لو إنبثق من صدفة الصدر
لـ أمسى بعض من عليها
بين ركعً وسجود .

[عبدالكريم العنزي]

أبحثُ عنكِ …
مبحراً في ماء العطور

أسأل عنكِ…
أبواب المدينة
الشارع ، الشرطي،
الشجرة والعصفور

أبحث عنكِ …
في المقاهي
من مقهى إلى مقهى
أسحب حقيبتي خلفي
كـ عصفور يجر خلف ظهره جناحه
المكسور



أفتش عنك…
في مفارز ريش الحمامة
تحت لسان الطفل
وفي فم الزهور





أبحث عن فياضةٍ
وجهها...
يتصبب وقت الصباح

إذا مرت بـ الأرصفة...
إستدار زهر العباد
يتتبعُ نور محياها
الوضاح

تاركاً الشمس خلفه...
كـ ملك مهزوم
فرسانه من فحمٍ وحجاره
وسيوفه أغصان تفاح




هويتك ...
وأنت على القلب
من الطيور الحرام

ماشيت ...
مئة فقية
وجالست ُألف إمام

سألت ...
أهل البدع
وعايشت عبدة الشمس
و أولياء الأصنام

فما وجدت ...
إلا ملام علي يدفع
ملام

كيف تهوى ...
من يمامة عصمتها
في يد غيرك تنام .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كان العشب ينمو
في جنب التل
المفتوح

عندما...
كان العطر القديم
يكسر زجاج النسيان
ويلمس الجروح

عندما ...
كان الليل يحمل الظل
والنجوم
ويسافر في كل المكان

عندما ...
كان القمر
ينزف دمه المعدني
في ظل شجرة الرمان

عندما ...
كانت خلود تجمع الجمر
والزيتون
وتصنع قلادةٍ
من الثلج وخيوط الزعفران

كان الصبي وما زال ...
يقاتل
فم النار الأزرق
بـ اعواد الاقحوان

[عبدالكريم العنزي]

أريد أن ...
ارحل خلسةً كـ نسيم الفجر
البارد

أن ارحل ...
كـ الضوء أنفذ من جرح الجدار
من كسور الخشب
من خدوش نهد جرحته اطراف
القلائد

فقد تعبت ... ياصديقتي
تعبت والقلق يقلبني
كما يُقلب خرز الفيروز في مسبحة
زاهد

[عبدالكريم العنزي]

لا ...
أريد أن أكون الريشة
التي سقطت من جناح
طير
وهوت في ليل المهجر


لا ...
أريد أن أرى على مرآة الفنجان
النجوم تغرق والقمر يتكسر

أريد أن أقول ...
للتي ظنت أن هناك خلف الجبال
بحرا وحباً ينتظر

أريد أن أقول لها ....
أن لا شيء هناك لا أحد هناك
لا شيء خلف الجبال
غير الوقت والتعثر .

[عبدالكريم العنزي]

كانت نورة ...
تفهم كيف تُسقطُ
الصِغار

كانت ...
تأتي بـ الليل
وتشعل النجوم في فمها
وفي فمها تشتبك بذور النار
ومجرى الأنهار

لكني ...
كنت مُعقدا
اركض حاملاً الصباح
افزع العصافير وأوقظ الأزهار

كانت ...
تدعو لليل
والليل يا نورة
وطن اللصوص والشعراء والنار

[عبدالكريم العنزي]

ممر (١)


كنت وحيداً ...
والليل يمر بـ تمهل يتدفق

وأقبل ...
سبعة صبية
يتقاطرون كـ الشهاب
الأزرق

حط أولهم ...
أمامي وآخرهم كان مازال يولد
من أرض المشرق

رأيت في عيونهم ...
عظام الريح تتكسر
وفي عيونهم ...
صرخة ماء يتمزق

تكلموا الصمت ...
وعيونهم مرةً تبكي
ومرةً تحدق

هيه يا عائشة...
من بعثهم من عروق هند

بينما كانت مريم
تعبر نهر القطن رمادية وباردة
كـ زهرة الظل والفقد
....

[عبدالكريم العنزي]

ممر(٣)


مررت ...
قبر عالية
خادمة النار والظلام

ورأيت ...
في فمها دم الياقوت
الأحمر
وعيون تطفو ماتت
قبل أن تبكي
وقبل أن تنام

ورأيت ...
قلادةً في العنق
مزينة بأصداف الوقت
و دوائر احداق اليمام

وفي ظل قبرها ...
حشد أفواه تغني وتبكي
وهي لا تعرف الكلام



* عالية أين أمي .

[عبدالكريم العنزي]

لماذا أصبح الاستيقاظ من النوم أمراً ...مفزعا.

[عبدالكريم العنزي]

جئتك يا ...
حاملاً الفجر والعيد

لكن ...
الطريق قديم ينسى يتوه
وغالباً يزيد

جئتك ...
حاملاّ قلاده عالية
النائمة منذ الف عام
بين الحجارة
والظلام

بـ فمٍ مكسور ...
مرصعاً بالتجويف البارد
وغموض الظل

عالية قديما...
كانت تحكم الخيول
أميرة الفيافي
وزهرة السهل

جئتك يا...
بـ أقراط عالية الطويلة
التي تتدل من اذنها
كـ أعذاق النخل

الأقراط المزينة
بـ حجارة الوقت
وأجراس الريح التي إذا غنت
نام المواليد
واستوى التل

[عبدالكريم العنزي]

يوماً رأيت شخصاً مبتسماً فـ سألته كيف الحال ... فـ بكى .

[عبدالكريم العنزي]

كان ...
الحب ينشأ
ووجهي غائرٌ في الريح

أُقرّبُ ...
من نفسي كل خطأ
صحيح

وطيرُ عائشة ...
على تخوم العصر
العصر القصير الفسيح

يُغني ...
لريح الشمال
المحملة بالبرد والأزرق
الجريح



تباً يا .. ويا تباً ...
سرقت زهرة
وفي الليل لا تتفتح الأزهار

وتركت ...
قطعاً في الكبد
ينمو من خلاله
ريش المسافات

ويفوح ...
بـ عبيرُ الدم والنار

[عبدالكريم العنزي]

سلبت الاسوارة ...
من اليد
اليد التي حطمها الوقت
والموت

اليد ...
التي كانت ... كانت
تزرعُ في أفواه الصبية
بذور الماء وريش التوت



سلبت الاسوارة ...
المرصعة ب الزجاج المطفأ ... الباهت
المغلف بالحياء والسكوت .

[عبدالكريم العنزي]

يدي جريحه ...
كلما كفكفت بيدي الدمع
وشمت وجهي
بأثر الدم

وموتي رجاءاُ ...
اخفيّ عجزي
في قارورة كحلٍ
أسود ... ومظلم
ك الظلم .

[عبدالكريم العنزي]

الليل ...
شجرة كبيرة
تنمو من المدى
تخرج من مسامات الصدوع
ومن ممرات عظام الأموات


يافراشة الوقت ...
دوري دوري
والزمن كل الزمن
جوزاء والفوات .

[عبدالكريم العنزي]

أدركتُ يمامة ....
تسأل القرب
والحب
وتدور في دوائر
من الزجاج والماء

يا لؤلؤة القلب ...
إني على غياب آت
يحمل ظل الدم
وأبواق الريح
والبكاء

أنا لا أصلح للحب ...
صدري كسرته حجارة الوقت
وفمي بارد
مُكتظ بقُبل الملح
وعشب المساء .

[عبدالكريم العنزي]

الحقيقة أنك ...
مازلت تردد اسم
عبدالكريم
أكثر من ترديدك لاسم
ربك .

[عبدالكريم العنزي]

أذكر في صباح باكر وبارد أذكر المعلم حين صرخ في وجهي بصوت حاد وبطء
قائلاً لي ( أنت لا تستحق أن تعيش )

أنت ...
ترمد مت
وليحط غراب في ظل
شاهد القبر

يحمل بين فكيه ...
عين طفل نازفه على الدوام
وبلا جفن كالبحر

أنت ...
لا تعرفك عاليه
التي تدس في شق نهديها
فراشة موت أبيض
مربوطة بجديلة مُهر

[عبدالكريم العنزي]

نشيد الجسد ٢

أريدُ للرياح…
أن تقتلع جلدي
وأن تحفُر في جسدي
أريد للرياح أن تركض
في ممرات العظام
المكدسة
فحماً وظِلال


أريد أن…
يصبح ساعدي ناياً
تجري عبرهُ رياح نيسان
وبـ شفاهٍ صفراء حادة
تعزفُ أغنية النار
والشمال


أريدُ أن…
يشرب الوقت وجهيّ
أن يمتص شفتي
وأن يصبح وجهيّ أبيضاً عارياً
بـ ضحكةٍ عريضة
حقيقية وصلبةً
أمام تقلبات الأحوال


أريد أن…
أرى ظل العظام يكبر
تحت شمس عصر إكتوبر
الباردة والباردة
كـ الإهمال


اريد أن…
تحط في ظلال العظام
فراشة قزحية
تقضي ليلتها الأخيرة
وهي ترأبُ صدع كبدها
بـ برادة الكبريت والهال


أريد…
للجسد الممدد
أن يلتقي مصيره البرونزي
تحت شجرةٍ حزينة…
تمطرُ أعصان مُتيبسة نحيلةً
كـ سواعد الأطفال

أريد أن تتداخل…
الأغصان مع العظام
كـ أحبة حين تشتبك
وتعانق الأناملُ الأنامل


أريد أن…
يسيل على هذا الجسد
الظلام للأبد
أريد أن…
يسقطُ على هذا الجسد
ليلُ غانيةً
مذبوح بـ أضواء المحافل



أريد أن…
يفنى هذا الجسد
بأمن
أن يُبدد بـ سهولة الوهم
وحرية الخيال


أريد أن…
يتلاشى هذا الجسد
خلف الغروب وخلف الأبعد
أن يفنى…
قصياً كـ زهرة الجبال


دون أن يرها أحد
تتفتحُ تُزهر وتذبل
وتموت دون صوتٍ
ودون أن تريق الدم المُسال


أريد لهذا الجسد…
أن يفنى على حافة الليل

قصياً بعيداً
عن طفلةً ما إنفكت
تدقُ عظمهُ بـ حجر
العبث والبحثِ والسؤال

[عبدالكريم العنزي]

أيها الطفل ...
يا رفيق الشمس
والنار

أغرق ياطفل أغرق...
حلمك بعيد
لا يعرف لون الأمطار
لايعرف صوت النهار

لا شيء يُنتظر ...
عائشة ذهبت مع سحرة الغجر
ترقص حافية القدم
كلما اهتز الخصر
تساقطت عيون
و رُوّضَت خيول وديار

أغرق ياطفل ...
حلمك بعيد
ولا سماء قادمة تمطر
أعياداً وأشجار

[عبدالكريم العنزي]

منذ طفولتي...
والهوى يسحب وجهي
عبر قطوع الأودية
وعبر نتوءات التلال

ياهذا البؤس القديم ...
كلما عانقت فماً
عادت ونامت على فمي
زهرة الصدأ
وأشرطة الظلال


غنيت يوماً ... غنيت دهراً
لحَمامٍ سكن صدع
الجبال

لكن الحمام ...
رف إلى خليجٍ يفصل
بين نهدي امرأة
تحرك أطراف الدمى
وتدير عيون الأطفال




ياوقت أين هند ...
التى تركض عاريةً
في حقل الليل

وعلى زجاج ساقها
تتكسر أضواء النجوم
وتذبل



ياوقت أين نورة ...
التي ترسم في فمها
خيوط الظل والماء
وخيوط النور

وآخر النهار ...
تجمع الفحم والاغصان
وأعناق الطيور

[عبدالكريم العنزي]

سكبت ...
في فم جروحي
أقداحاً من ملح الليمون
وصديد النار


وعدت نادماً ...
حاملاً حقل أمطار
وأسراب أزهار


لا ميول إليك ...
بعد أن أفزعت حمام نوافذي
وطار

لا ميول إليك ...
وإن ذبحت دم وريدك
قرباً وصلاة اعتذار

لا ميول إليك لا ...
من نفس حٌر ... من ظهر أحرار .

[عبدالكريم العنزي]

يوماً ...
رافقتُ خلود
وظننتها خلود

لكن كانت ...
كالأشياء تأتي تغيب
ولا تعود

كان فمها ...
كشمس الشتاء
بارد
قريب مراوغ صوفي
وأيضا زاهد .

[عبدالكريم العنزي]

جاء ...
ليلٌ قديم
في فمه قمر مكسور
في ضوء القمر
طفل يلهو
يدفنُ زهرة
يطارد ريشة عصفور


بينما عالية...
تخرج من أكمة الصخور
وتنبت من فلوق البذور

نهضت ...
أخذت بيد الطفل
سحرت دمه
ونام الطفل نام
السماء فحم والأرض عبور


لكن القمر عاد ...
يفتش عن الطفل
يحمل عصا الراعي
يزعزع بضوءه الأشجار
ويقلّبُ الأحجار

خرجت عالية ....
تغني للقمر عاريةً ترقصُ
في مرايا النار

رُوَض القمر ... خضع القمر
وعند الفجر غرزت في ظهره
أول سكين النهار

سقط القمر ...
والطفل مازال في فم عالية
ولا شيء في فم عالية
غير مزارع الماء ... و سَّمَك الأقمار .

[عبدالكريم العنزي]

فتشتُ عنك ...
في أوراق الأشجار
كسرتُ قوارير الأمطار
شجيتُ جنب العنب
فتشتُ جيوب الدُمى
وحقائق الأطفال الصغار

بحثتُ عنك ...
في أغطية الليل
وفي سجاد النهار

بحثتُ ...
عن اسمك في دفاتر الديون
فتشتُ الأمس
أفتشُ في اللحظة الآن
وفي القادم
وأفتش في الاستمرار

بحثتُ عنك ...
في الجموع
وفي الفرد
وفي عشب البرد

بحثتُ عنك ...
في خلخال مريم
في قلادة هند
في ثُقب سُرَّتِهِا المعتم
وفي ظل النهد

لكن ....

[عبدالكريم العنزي]

وحدي ...
عبرت البلاد
التي تُنبت الملح
وتنعي الأشجار

البلاد ...
التى تسافر فيها الأصوات
بلا أفواه
وتعبر فيها الظلال
بلا أجساد
ونجمة واحدة عاشقة ...
ترسل سلامها إلى العشب
وردة نار

البلاد ...
التي أشجارها .. أوراق أشجارها
عيون وعيون من الظل
بأجفان من شفقٍ ومساء

البلاد ...
التي تصنع أرصفتها
ساق انتظار ... وفجر
وموسم رمان
يغني بصحبة بكاء


ثم تأتين أنتِ ...
بيدٍ ناعمة يبكيها الماء

لا يا رّعاشة القلب لا ...
لا ترمي حجارة الفحم
في مسار الدماء .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كنت صغيراً
كنت جميلاً .. لطفياً
ونوعاً ما ابله
عندما كنت الطفل

كنت ...
أفهم أن الفحم
بذور الليل

وأن الفحم ...
يتفتح بعد الغروب
وتخرج منه حشرة كبيرة
لها جناح ينفث الإعماء
والظل

[عبدالكريم العنزي]

تعبت موت ...
مسجى
في قبضتي كومة ريش
في فمي تشرين وعش
ومن أحداقي ...
تنمو جذور ويهطل قش

تعبت ...
أركض في المحطات
وجنبي المصاب
يحتفظ بـ سكين وقطن

تكسر جلدي ...
أدس وجهي في جيبي
أنهض وأسقط
تعبت ...
أتقلب كـ تقلب الظن

تعبت موت ...
أقف في الغروب
لا ليل أتى
ولا عادت الشمس

لا خلاص ومنذ الصغر ...
وعالية تخنقني في خاتمها
لا هروب ...
وقد زرعت في قدمي
قيد وفم جرس .

[عبدالكريم العنزي]

أحلم ...
بـ فم عائشة الأحمر
وهو يعض غصن الريح
ويجرح إبهام

أحلم ..
بـ فم عائشة الأحمر
وهو يشرب كأساً مملوءةً
بالأطفال
ودموع الحمام

أحلم ...
بـ فم عائشة الأحمر
وهو ينقبض كـ جورية
تغلق نوافذها
على ضفاف الظلام

[عبدالكريم العنزي]

كـ فراشة ميتة ...
يهزهز جناحها الهواء


الهواء ...
استيقظي يافراشة
حلقي يافراشة
الفراشة لا تسمع النداء


يأتي الليل ...
يُكفن الفراشة
بالحرير الأسود البارد الناضج
والحقيقي كـ الطفل
وكـ الحِداد


ينهض الصباح ...
تفتح الوردة فمها
تمر نحلة تُقبَل فم الوردة
قبلة العزاء والرماد


ومن خلف العشب الطويل ...
طفل يرقب الحدث
كلما هم قلبه الصغير بـ الفرار
و أراد


خرجت عالية ..
من أبراج الرياح
ومن ظل أظافر الأولاد


تزرع في طريق الطفل ...
حواف كسور و أفواه فجوات
وتنثر حقولاً ...
من خيوط الكبريت و شِفار أسنان
أوتاد .


أريد الخلاص .

[عبدالكريم العنزي]

كؤوس ...
من نحاس بارد
وأفواه متكسرة
تشرب وتبكي ثم تنام
دون إدراك
كـ الأطفال الصغار


يا عالية ياعالية ...
الغجر لا يصلون
يأتون بـ معيتهم الليل
ونشيد الأصداف
وقصائد الأمطار


يغنون يرقصون يبكون ...
يحرسم الليل
وأسوار مرتفعة
من الجن والنار .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كانت الريح
تغني في ضوء القطن

عندما ...
كانت الريح
تبكي في ثقوب الزمن


عندما ...
كانت الريح المعاتبة
تعاتبُ وتتلتل عنق
الغصن

عندما ...
كانت الأوراق الميتة
تبحثُ في كسور البرتقالة
عن قبرٍ غارق
بـ عطر الشمس
وماء الحزن


عندما ...
كان القمر المتعب
ينام على سرير الطفل

عندما ...
كان الطفل الصغير يختبئ
عن العمر ويد الليل
هارباً ...
عبر الممرات المغلقة
لـ ساعد الحقل
المُهمل


عندما ...
كانت التفاحة
تكبر في مياة الغروب

عندما ...
كان البحر المخذول
يحاول الهروب



عندما ...
كنتِ أنتِ
تغرقين صوف نهدك
فجراً
وماء عطور

كنت أنا ...
الطعنة الطعنة
التي تنزف ريشاً وجذور .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كنت صغيرا
كنت أظن أن الليل
يأتي من جروح الأبار
العميقة
من ثقوب الجماجم الميتة
ومن خلف الجبال


وأن الليل يأتي ...
حاملاً النجوم
وعيون اليمام
وأسنان الأطفال


أسنان الأطفال ...
الذين لا ينامون باكراً
يسرقهم ويسجنهم
في أكوابِ
من فضة الفحم
وزجاج الظلال

وعندما ...
ينتصف الليل
تهبط ساحرة بـ شعرٍ
فوضوي
تجمع الأكواب والنجوم
والرمال .

[عبدالكريم العنزي]

يا شقيقتي ...
أريد أن أقول لكِ
أنني حقاً مرهق

وأن ...
آلاف من الشجر الميت
تخترق صدري
تصرخ تتكسر
ثم تحترق

وأن فمي المتروك ...
مزار طيور ليل
بـ عيون من المرايا المتعبة
عيون جافة ...
لحظة تطفأ ولحظةً تشرق



وأني ...
أدركت الحياة مبكراً
وأدركت عذابات المطر
وهو يهطل وقت الغروب

وأدركت ...
الطفل الي يلهو بـ النار
وأدركت ...
عينه تسيل ثم تبرد
تم تعود وتذوب



وأن ...
مطر عيني هطل
على الديار وعلى الدار
حتى اتبلت النوافذ
وارتعش الباب
لكن ...
التي تحب المطر والزيتون
نائمة في حرير الموت
ورغبة الغياب


مللت العمر ...
ترفضني كل الأشياء

ماعدتُ ...
ذاك الذي تضحك في فمه
زهرة
ما عدت ...
ذاك الذي يبرد في ظله
الماء .



11\11\24

[عبدالكريم العنزي]

أيها ...
الطفل المنسي
أجرح ظهر النهر

أيها ...
الطفل الجريح
أقتل البحر

وأهرب ... أهرب
قبل أن تستيقظ
أرواح البحارة
وتطاردك عيون باردة
كـ نجمة الفجر

أهرب ...
حلق بعيداً وبعيداً
يا حمامة القمر .

[عبدالكريم العنزي]

منسيّ ...
كـ الأطفال المنسيين
الذين ماتوا أول
الحياة

ماتوا ...
قبل أن يحلموا ... قبل أن يتعثروا
وقبل أن يتركوا خلفهم
صوراً وذكريات

منسيّ ...
لا تعرفني الأبواب
ولا شموس الفصول
ولا تذكر وجهي
ياسمينة الممرات

[عبدالكريم العنزي]

قل لخلود ...
التي كسرت أواني الفجر
ودست في ريش نهدها
ياقوت الشموس
وطيور الماء
ثم ...
غنت الليل للهروب


قل انني ....
أبداً لن أعود
فقد أصابني وعيٌ كبير
حتى اصبحت منطفأً بارداً
كـ أطراف الغروب

[عبدالكريم العنزي]

قبر ...
في الظل
لا شيء في القبر
غير الظل والظلام

لا شيء ...
غير جسد ممدد
غدا عارياً أبيضاً
كـ القطن كـ الطفل
وكـ حمامة السلام


أين سطوتك ...
أين يدك التي كانت سيفاً
ونار
أين خيلك ...
التي تسابق الريح والسهام


أنت ...
الأن ميت للأبد
ضعيف يهزمك الطفل
عاجز ...
لا تقدر حتى أن تفزع الحمام

[عبدالكريم العنزي]

سلامٌ ...
على نهد هند
مع كل نبض من قلبها
يهتز ويرتجف
كـ مركبٍ يهدهده ركود
البحر

وسلامٌ ...
على نهد هند
مع كل نفسٍ
يصعدُ ... يدنو ثم يبتعد
كـ مركبٍ عالق بين
المد والجزر


سلامٌ ...
على من قطفت
أوراق العمر

كـ قطف انامل الخريف
لأوراق الشجر


وسلامٌ ...
على من تركتني عارياً
ليتها عطفت
وماخلعت عني عباءة
الستر


وسلامٌ ...
على من تركت
في جنب وجهي
جرح غائر العمق
حالك الظلال

جرحٌ ... حَيّ ... مكشوف

يروع سلم اليمام
ويفزع عيون الأطفال

[عبدالكريم العنزي]

يا خلود
مر العمر سريعاً
كـ ظهيرة ماطرة كـ صبح العيد
وكـ عمر الأطفال

تطاردنا ...
طيور الوقت
تخرج من قشور القمر
من خدر الريح
من أصداف البذور
وتخرج من شراشف الظلال

ياخلود ...
سـ يجزنا الوقت ...
ونقصى في فراغ الأمس
حيث المكان النسيان ... والوقت الإهمال .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كانت نجمة الشمال
تضيء وتخفت
كـ قلب يخفق


عندما ...
كانت الساعة
تحصد عشب العمر
وتطحن عظم المرفق

عندما ...
كان المعلم يشرح ظاهرة
الليل
بينما كان الصباح ومازال
يشرق


عندما ...
كانت الريح المربكة
تجز الريش
وتدفع الوقت الى تجويف الجماجم
الميتة
حيث يزدهر الظل
في ماء الشفق

عندما ... وعندما ...
كان الفتى المظلوم
يحمل في صدره النجمة
ويركض باكياً
في أروقة الظل الأزرق

[عبدالكريم العنزي]

عندما ..
كنت طفلاً صغيراً
كنت أكره الليل
وأميل كـ العصافير إلى النهار

كنت ...
أظن أن من فم الليل
يخرج وحش بـ عين واحدة
يحمل فأساً من ألسنة
وأحجار


كنت ...
أظن أن من فم الليل
تولد أشباح
تتمايل كـ سنابل الدخان
وتسير على ساقٍ واحدة
كـ الإعصار


كنت ...
أظن أن من فم الليل
تنسل عنكبوت من الصوف
ودم الجن
تقطف العيون
وتأكل أفواة الأطفال
الصغار


كنت ...
أظن أن من فم الليل
يتدلى خيط من جثث باردة
تقطع الأنهار
و تطرق النوافذ
تسأل الماء والنار .

[عبدالكريم العنزي]

عندما ...
كنت صغيراُ كنت مندفعاً
أركض على حواف المرايا
وأنام في جيوب
الكسور

كنت نبيلاً...
تطلبني الطيور
وأدور في بيوت النساء
كـ سربٍ من نور

عرفت الغجر...
وأن ليلهم أعياد وأغنية
و عواصف من ماءٍ
وعطور

وأنهم ...
ينقلبون في النهار
ويبكون بـ بطء في ظل
الدور

وعرفت ...
أن الظل يفضل
مابعد الغروب

وأنه ...
أول من عرف
أن الليل طريقة هروب


وعرفت ...
أن عائشة كانت
من زجاجٍ وخشب

بدائية ...
تكرهه الكره
ولا تعرف كيف تحب

كانت ...
كـ قنديل مكسور
كلما أشعلتَ فتيلها
يركض الهواء ويطفئ الهلب


وعرفت ...
أن هند تجيد الرسم

وأنها ...
تحب ماترسم
وإذا غضبت طمست
كل الرسوم بـ الوقت والدموع
والفحم

[عبدالكريم العنزي]

كل الذين ...
ماتوا في أكتوبر
يتجولون ليلاً خلف المدن
يسكنون الأواني
ويتكاثرون على فخذ الشجر


يا زايد ...
كل الأطفال الذين
ماتوا في أكتوبر
يلعبون لعبة التكسر

ويرقدون في مياة النوافير
الراكدة والباردة
كـ الجثة و كـ الفجر

كل الذين ...
نجوا من منجل أكتوبر

يغلفهم شحوب طويل
لا يستطيع شيء
غير أنه يتمدد ويتمدد

كلهم ...
يطاردهم برد لين
يغتال حمام النوافذ
ويقَرَحَ صدفة النهد .