رسائل عطرها رماد ..

[سهيل العلي]

كثيرة هي الأوقات التي أتعطش فيها لصوت
يدمدم جرح بداخلي ينزف ولكن لا أحد سواك يا ورق
يعطيني حرية وشم جسده بـِ ندبات يرشقها الوقت و يرحل .
لا أعلم ما هي عقدة الوقت معي ؟!
حين أنتظر الأشياء لا تأتي في وقتها وحين أمقتها تأتي في وقتها ,
كأن الوقت يحرضها على عصياني , نسياني .
لا أعلم قد أكون أنا لعنة على الوقت , كما تقول أمي :
"أنت لا تأتي إلا في الوقت الضائع" ,
بالمناسبة : من الضائع أنا أم الوقت ؟!

[سهيل العلي]

تركتني تلك الرياح دون أن
تقطع لي تذكرة من تلك الغيوم الراحلة ..
دعتني أتضور جوعاً
ودعاني لها الحنين على رغيفٍ وفتات ..

[سهيل العلي]

كان كل شيء مختلف
أنا وَ هي والصباح
نمتص حلوى الشمس
ونرتجف .. ونرتجف ..


كان كل شيء مختلف
أنا وَ هي والمساء
نتقمطر حول النجوم
وبعشق يُدِّديننا نعترف ..


كان كل شيء مختلف
أنا وهي والقهوة
نرتشف أرواحنا
ونهذي بجنونٍ خَرِف ..


كان كل شيء مختلف
أنا وهي والكون
كتعاقب الليل والنهار
نمشي خلف بعض ونختلف ..

ألم أقل لك يا صديقي أن عشقنا مختلف..!

[سهيل العلي]

مدني الحزينة تلتحف الظلام وتنام
و أبقى وحدي يشذبني الأرق ..

أبحث عن النعاس في طرقات نسيانك
حتى تحفى قدماي من وقتٍ احترق ..

فقدكِ جعلني أتمنى لو كنت قلما يجفف
الحنين حبره أو تكون ذاكرتي من ورق ..

[سهيل العلي]

ورَّث رحيلها حدائق الياسمين,
‏احصدُ ذبولها كل صباح ..
‏لقد كنت مخطئاً حين فتشتُ
‏عنها في الغيوم,فالحنين قدمها قطرةً للمطر..

.
.
.
.

تبخرت هي وبقيت أنا أقيس
‏حجم المسافة بيني وبين السماء ..

[سهيل العلي]

سيدتي المتلبدةُ مطرًا لِمَ
حين ألامسكِ ينزف المساء..
أخبريني إن لم تكنْ عينيكِ
دمعتين فمن سيرثي الشعراء ..!
حبكِ جعل من أوردتي
أقلاماً تثرثر على صفحات الماء..

[سهيل العلي]

منذ أن رحلتِ والسماء توقفت عن التنفس
إلا أنفاسي تحرق الأبيض و اليباس ..
منذ أن رحلتِ تجمدت أطراف الأشجار
وتفتقت أصابع الصخور
وسكن جذعي الإفلاس ..
امتلأ صدري بالخرافات
وشككوا بمحبرتي
وجعلوني صعلوكاً في الروايات..
حرريني فأنا مكبل بقيود من بحار
اغرسيني في كبد حوت أو التفافات محار ..
فإني مجنون وللجنون حكايا و أسرار ..!

[سهيل العلي]

ليتهم يدركون أنّ لا حلم لي بأوطان الحرف , فقط الحلم يستوطن عيناها
وهي من جعلتني أجسد الحلم بحرفٍ يتهندمها..

[سهيل العلي]

ظلي:
سأرتقب الكسوف لأتنعم بالفيء ..
‏واحترق .. ولا ورق يخمد نيراني سوى
‏حرفٌ يغتسل من جسدكَ
‏يزاول الطهر على تجلياتي ..
.
.
.

‏مَضيتُ يا ظلِّي تاركاً خلفي ألفَ قناعٍ و قناع
كُلَّ قِنَاْعٍ يحكي خُزَعبلات الوقت وَ أساطير الضياع
‏فمتى كانت أفراحي تتجشأُ شبعاً ..!
‏و متَى كانت أحزاني جيَاع ..!
‏هَا أنا منذُ ألفُ عام أرسم على سطح
السّراب أحلام وَ يُبعثرها الغروب
وأبقى وحدي على أرصفة
الوحدة نازف الأقدام..!
.
.

‏يَا ظلِّي قُل لهُم كم هُوَ الشفق
‏موجُوع يتقيأُ الوجع وَ لا يعرِفُ
‏أبجديّة الخُنوع ..
‏قُل لهُم إن الْاسود تمُوت
وهي تنظُر للسّماء
و أنّ الياسمين لَا يذبلُ مادامَ
يُطوق ساعد اليُنبُوع ..

[سهيل العلي]

‏أوّاهُ يا ظلِّي أصبحتُ قنوعاً لَا أتمنّى سوى
أن أعود كما كُنت أتنفّس السماء بهُدوء..

[سهيل العلي]

‏مؤلمة هي الخسارة بأقدام شجتها المسافات
والرجوع حيث البدايات يشبه الموت بلا كفنٍ يضم
عظاماً عاريات ..!

[سهيل العلي]

أحاول التهدج على أرضٍ
مِنْ بلور زجاجي
ليسمع طرقات حذائي
العالم بأجمع ..
حتى الموتى , المكفوفين ..
الجميع , الجميع..
حروفٌ سأكتبها على
صحيفة هواء
تمحيها جزيئات
الريح الخازم ..
وحروفٌ شوهاء سأنحتها
على صخرٍ لا يتفتت..!

سأكتب لهم:
السماء تقرئكم السلام
بمطرٍ يسبل قامته لتطؤها
بعجائن من وجع..

الأرض تقرئكم السلام
لاقحوانٍ تقطفونه على
وثيرٍ لا يضطجع ...

وأنا أقرئكم السلام
بلا صوتٍ .. بلا قرع ..
فقط بحرف من وجع..!

[سهيل العلي]

أنا بداخل عرجون عنب
أتفرج على دودة القز
تنسج حرائر لقلبي الذي
لا يعرف الخسيس
من الأسمال ..!

أسبلني مع كل قطرة
ندى وحبة سدى تملأ
رؤوس الأعناب ..

سأتدحرج مع كرات
الثلج في الشتاء فبياضها
يغطي الطَّفْطَافَ ..

وسأترك لهم بعضاً مني
الذي أنا في غنى عنه ..!

[سهيل العلي]

لازلت أسكبني
في آنيةٍ من فضه ..
أفتش عن بريق عينيك..
أبحث في عيون العابرين
عن بعضِ نبضٍ يدلني إليك..
أشذِّبُ لحيَّة الرصيف
المعتمة لعلني أستجديك ..
ولكن بلا جدوى..!

.::.

حافيةٌ أقدام الطرقات يا سيدتي..
و مؤصدة أبواب المساءات
قبليِّها لتثني خجلاً أمام ناظريّك..
فأنا لازلت أتخبط في غَلَسٍ من
حزنٍ يشُّفُ كبدي ..
لازلت أكابد الوجع وأتقيأ
تأوهاتي ..
لازلت أحاول الخروج من رزايا
متاهاتي..
لأجدك..!

.::.

لست وحدي من يبحث عنك..
بل تلك العنان دنت لتمرغيها
ببياضك ..
حتى الودق يا سيدتي يفتقد
خضرة رياضك..
وأنا أفتقد كلك يا كُل النبض..

[سهيل العلي]

يا مرآتي السوداء :
اعكسي لي الأقنعة المختبئة خلف بياض الغيوم وضباب البَرْد
تلك الوجوه , المدن , الفصول و كل من يخادعني بعبث
وَ اغسليها برذاذ الصمت حتى يفصح لي الصبح عن خبث
النوايا و علمي المرايا أن لا تعشقْ الزوايا..
قولي لها :
إني رجلٌ نصفي أبيض و نصفي
أسود من عباءة الحزن لا من الخطايا ..

[سهيل العلي]

قالت لي:
‏أخشى القرب و مع ذلك أدمنته معك ‏دون أي تردد يذكره عقلي
قل لي كيف السبيل للوصول إليك و قد بدأ موسم الصقيع
يقرع بابك؟!
هل حقاً بات علي أن أكون قطعة متجمدة
في كيانك يلفها الجليد ..!

‏قلت لها:
‏أدرك تمام الإدراك بأن هناك نبضات اقتسمت صدري
كـ شظايا الحروب رغم كم الألم و الجوع الذي شعرت به
وقتها إلا أنها قد زادتني رغبة في التشبث بكِ, بـ اتخاذك الوطن
الذي أبحث عنه, الأرض التي تحملني الجبال, الروابي,
الحقول كل تفاصيل الأوطان
و شيء لم يخلق إلا في عينيكِ..!
‏وللحديث بقية..