جهاد غريب
07-02-2025, 03:46 PM
مواسم الروح... سيرة الضوء، والثرى!
حين تُسكَب الأيام...
كعطرٍ خرج للتو من غياهب الزمان...
في كأس الوجود،
وتنضج الثمار على أغصان الزمن،
يأتيك موسم التجلّي العظيم...
حاملًا خلاصةَ العُمر.
ذلك الرحيق النقي...
المستخلص من مرارةِ الدروس،
وحلاوة اللحظات الهاربة،
وملوحةِ الدموع...
التي تشبه ملح الذكريات الأولى على صخور الذاكرة.
هنا،
تحت ظلّ دوحةِ الحياة،
تجلسُ كحارسٍ للأسرار...
أسرار علّمتك إياها العواصف،
وخسارات...
كانت تقتلعك من الجذور،
لتعيدك إليها...
متشبّثًا كالسنديان.
لم يكن الطريق إليك مُعَبّدًا بالورود...
بل كان دربًا من الشوك... والنجوم.
ضللتَ فيه،
أحببتَ من لا يستحق،
منحتَ الغفران كهديةٍ ثمينة،
لمن لم يعرفوا وزنَ ما احتملتَ من وجع.
لكن الندم... لا مكان له هنا؛
فما ذهب... كان ضروريًا،
كالماء...
الذي جرف الرمال...
ليُظهِر جوهرَ الصخر.
كلُّ رزقٍ كتبه القدر، سيصل.
أو ربما...
كان غيابه، هو الرزقُ الأكبر.
النضجُ... ليس سباقًا،
بل هو رقصةٌ مع الفصول.
من يعرفون الآخرين،
يحملون حكمةَ العالم،
أما من يعرفون أنفسهم،
فقد أشعلوا مصابيحَهم في أعماق الليل.
فحصادُ العمر،
لا يُجنى إلا حين...
تفتح كفّيكَ للسماء،
وتتقبّل...
أنكَ غصنٌ في دوحةِ الوجود العتيقة.
لا تندبْ ما فات،
ولا تُصارع النهر...
فالثرى الذي تسير عليه،
يحمل أنفاس من سبقوك.
عِش... كما يعيش السرّ الذي ينمو بصمت.
تُرسل جذورَه في الأعماق،
تُعلّق أغصانَه بالضوء،
وتُسلّم ثمارَه للريح... دون سؤال.
وافعلْ ما يجبُ، بكلّ ما فيك...
ثم دع الحياة...
تبتسم لك، أو تمرّ بصمت.
اللحظة الماسيّة...
هي تلك اللحظةُ التي يتوازنُ فيها الطموح،
كطائرٍ يحلّق،
والرضى... كبحرٍ هادئ.
أنت...
لست جسدًا،
ولا عقلًا،
ولا روحًا فحسب...
أنت الكون،
يُعيد اكتشاف ذاته فيكَ.
فلا تسمح لأحد،
أن يكسِر هذه الوحدةَ المقدّسة.
أحيانًا...
يكون الفقدُ هو اليدُ التي تنقذك من الغرق،
وأحيانًا...
يكون الابتعادُ، هو البابُ الذي يفتحُ على الهواء النقي.
تعلّم أن تسامحَ نفسَك أولًا،
وأن تحترمَ جسدَك...
الذي حملكَ عبر العواصف،
وأن تُصغي إلى حدسِك،
الذي يهمسُ لك...
كمثل ترنيمةٍ داخلية...
شديدةِ الوضوح:
"هذا لك... وهذا... ليس لك".
اللحظة النادرة،
تتجلّى حين...
تلتقي ما تحبّه، كقصيدةٍ...
تكتبها بدمّ القلب،
وما تُجيده... كسيفٍ، صقله الزمن،
وما يحتاجه العالمُ منك،
كهديةٍ من أسرارِ الزمن المكتوم،
وما يُغنيك، دون أن يسرقَ من روحك لؤلؤتَها.
وحين تتآلف تلك المكوّنات...
تهبطُ عليك السكينةُ، كالمطر الأخير.
اخترْ عملًا يزرع... لا يحرق.
واجعلْ لهوايتك الحميمة وقتًا كالصلوات.
واجعل للتأمل...
أو للكتابة،
أو للمشي تحتَ النجوم...
طقسًا يوميًا،
كإزاحةِ الغبار عن جوهرةٍ دفينة.
وتذكّر...
أن النموَّ البطيءَ،
هو ابنُ الأرض... والأصالة،
أما اللهاث...
فليس إلا غبارُ الطرقات.
دوّامةُ العصر،
تجبرنا على أن نُولد من جديد... في كلّ محطة.
هذا... قلق،
لكنه أيضًا تحرير.
فلا تخفْ من إعادة تشكيل نفسك،
فالحياة...
ليست متحفًا لتماثيل الماضي.
بعد كلّ عاصفة،
أعِدْ النظر في علاقاتكَ...
كما تُعيد قراءة كتابٍ قديم.
فتكتشف بين سطوره،
ما لم تكن تراه من قبل.
وتتحول عاداتُك... رويدًا رويدًا،
كأغصانِ دوحةِ الصبر،
التي تنحني مع الريح...
دون أن تنكسر.
وتلك الأجزاء منك...
التي ظننتَها وهنًا،
تتبيّن يومًا بعد يوم،
كجذورٍ خفيّة...
تمتدّ في أعماقك،
تسقيك قوّةً... لم تكن تعرفها.
أيها الإنسان،
المجبول من ضوءٍ وأسرار،
الحامل تحت أضلاعك... نغمة الوجود الأولى:
النضج... لا يُقاس بعدد الشموع في احتفالٍ عابر،
بل بعدد الندوبِ...
التي صنعتَ منها نوافذ، تطلّ على الحكمة.
وبكيفيةِ نهوضِك، بعد كلّ انكسار...
كغصنٍ بلّله الصباح،
ينهضُ...
حاملاً تاريخَ الترابِ في خلاياه.
هنا...
نلمس جوهر الإنسانية،
دون افتراض أن القلب النابض... حكرٌ على أحد.
فالكلُّ يحمل هذه المعجزة... تحت أضلاعه.
ما غابَ عنك،
فليس ضياعًا،
بل هو حمايةٌ... لا تعرفها بعد.
فالعالم كلّه،
يعمل بصمتٍ لأجلكَ...
حتى حين يبدو كعدوٍّ قاسٍ.
اصنع من موسمك الماسي... تاجًا.
تاجًا من الدروس المكتسبة،
من الغبار... الذي علق بقدميك في الطريق،
من الأغنيات...
التي علّمتك كيف تبكي.
فمن ذاقَ الانكسارَ بكرامة،
ومن حملَ جراحَه... كشهادات على البقاء،
يستحقّ أن يعيش بسلام.
سلامٌ...
كالذي يسبق العاصفةَ الأخيرة،
وسلامٌ...
كالذي يملأ الكأس... بعد آخرِ قطرةٍ.
جهاد غريب
يوليو 2025
حين تُسكَب الأيام...
كعطرٍ خرج للتو من غياهب الزمان...
في كأس الوجود،
وتنضج الثمار على أغصان الزمن،
يأتيك موسم التجلّي العظيم...
حاملًا خلاصةَ العُمر.
ذلك الرحيق النقي...
المستخلص من مرارةِ الدروس،
وحلاوة اللحظات الهاربة،
وملوحةِ الدموع...
التي تشبه ملح الذكريات الأولى على صخور الذاكرة.
هنا،
تحت ظلّ دوحةِ الحياة،
تجلسُ كحارسٍ للأسرار...
أسرار علّمتك إياها العواصف،
وخسارات...
كانت تقتلعك من الجذور،
لتعيدك إليها...
متشبّثًا كالسنديان.
لم يكن الطريق إليك مُعَبّدًا بالورود...
بل كان دربًا من الشوك... والنجوم.
ضللتَ فيه،
أحببتَ من لا يستحق،
منحتَ الغفران كهديةٍ ثمينة،
لمن لم يعرفوا وزنَ ما احتملتَ من وجع.
لكن الندم... لا مكان له هنا؛
فما ذهب... كان ضروريًا،
كالماء...
الذي جرف الرمال...
ليُظهِر جوهرَ الصخر.
كلُّ رزقٍ كتبه القدر، سيصل.
أو ربما...
كان غيابه، هو الرزقُ الأكبر.
النضجُ... ليس سباقًا،
بل هو رقصةٌ مع الفصول.
من يعرفون الآخرين،
يحملون حكمةَ العالم،
أما من يعرفون أنفسهم،
فقد أشعلوا مصابيحَهم في أعماق الليل.
فحصادُ العمر،
لا يُجنى إلا حين...
تفتح كفّيكَ للسماء،
وتتقبّل...
أنكَ غصنٌ في دوحةِ الوجود العتيقة.
لا تندبْ ما فات،
ولا تُصارع النهر...
فالثرى الذي تسير عليه،
يحمل أنفاس من سبقوك.
عِش... كما يعيش السرّ الذي ينمو بصمت.
تُرسل جذورَه في الأعماق،
تُعلّق أغصانَه بالضوء،
وتُسلّم ثمارَه للريح... دون سؤال.
وافعلْ ما يجبُ، بكلّ ما فيك...
ثم دع الحياة...
تبتسم لك، أو تمرّ بصمت.
اللحظة الماسيّة...
هي تلك اللحظةُ التي يتوازنُ فيها الطموح،
كطائرٍ يحلّق،
والرضى... كبحرٍ هادئ.
أنت...
لست جسدًا،
ولا عقلًا،
ولا روحًا فحسب...
أنت الكون،
يُعيد اكتشاف ذاته فيكَ.
فلا تسمح لأحد،
أن يكسِر هذه الوحدةَ المقدّسة.
أحيانًا...
يكون الفقدُ هو اليدُ التي تنقذك من الغرق،
وأحيانًا...
يكون الابتعادُ، هو البابُ الذي يفتحُ على الهواء النقي.
تعلّم أن تسامحَ نفسَك أولًا،
وأن تحترمَ جسدَك...
الذي حملكَ عبر العواصف،
وأن تُصغي إلى حدسِك،
الذي يهمسُ لك...
كمثل ترنيمةٍ داخلية...
شديدةِ الوضوح:
"هذا لك... وهذا... ليس لك".
اللحظة النادرة،
تتجلّى حين...
تلتقي ما تحبّه، كقصيدةٍ...
تكتبها بدمّ القلب،
وما تُجيده... كسيفٍ، صقله الزمن،
وما يحتاجه العالمُ منك،
كهديةٍ من أسرارِ الزمن المكتوم،
وما يُغنيك، دون أن يسرقَ من روحك لؤلؤتَها.
وحين تتآلف تلك المكوّنات...
تهبطُ عليك السكينةُ، كالمطر الأخير.
اخترْ عملًا يزرع... لا يحرق.
واجعلْ لهوايتك الحميمة وقتًا كالصلوات.
واجعل للتأمل...
أو للكتابة،
أو للمشي تحتَ النجوم...
طقسًا يوميًا،
كإزاحةِ الغبار عن جوهرةٍ دفينة.
وتذكّر...
أن النموَّ البطيءَ،
هو ابنُ الأرض... والأصالة،
أما اللهاث...
فليس إلا غبارُ الطرقات.
دوّامةُ العصر،
تجبرنا على أن نُولد من جديد... في كلّ محطة.
هذا... قلق،
لكنه أيضًا تحرير.
فلا تخفْ من إعادة تشكيل نفسك،
فالحياة...
ليست متحفًا لتماثيل الماضي.
بعد كلّ عاصفة،
أعِدْ النظر في علاقاتكَ...
كما تُعيد قراءة كتابٍ قديم.
فتكتشف بين سطوره،
ما لم تكن تراه من قبل.
وتتحول عاداتُك... رويدًا رويدًا،
كأغصانِ دوحةِ الصبر،
التي تنحني مع الريح...
دون أن تنكسر.
وتلك الأجزاء منك...
التي ظننتَها وهنًا،
تتبيّن يومًا بعد يوم،
كجذورٍ خفيّة...
تمتدّ في أعماقك،
تسقيك قوّةً... لم تكن تعرفها.
أيها الإنسان،
المجبول من ضوءٍ وأسرار،
الحامل تحت أضلاعك... نغمة الوجود الأولى:
النضج... لا يُقاس بعدد الشموع في احتفالٍ عابر،
بل بعدد الندوبِ...
التي صنعتَ منها نوافذ، تطلّ على الحكمة.
وبكيفيةِ نهوضِك، بعد كلّ انكسار...
كغصنٍ بلّله الصباح،
ينهضُ...
حاملاً تاريخَ الترابِ في خلاياه.
هنا...
نلمس جوهر الإنسانية،
دون افتراض أن القلب النابض... حكرٌ على أحد.
فالكلُّ يحمل هذه المعجزة... تحت أضلاعه.
ما غابَ عنك،
فليس ضياعًا،
بل هو حمايةٌ... لا تعرفها بعد.
فالعالم كلّه،
يعمل بصمتٍ لأجلكَ...
حتى حين يبدو كعدوٍّ قاسٍ.
اصنع من موسمك الماسي... تاجًا.
تاجًا من الدروس المكتسبة،
من الغبار... الذي علق بقدميك في الطريق،
من الأغنيات...
التي علّمتك كيف تبكي.
فمن ذاقَ الانكسارَ بكرامة،
ومن حملَ جراحَه... كشهادات على البقاء،
يستحقّ أن يعيش بسلام.
سلامٌ...
كالذي يسبق العاصفةَ الأخيرة،
وسلامٌ...
كالذي يملأ الكأس... بعد آخرِ قطرةٍ.
جهاد غريب
يوليو 2025