تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثرثرة


عبدالله الدوسري
09-29-2007, 11:49 PM
( 1 )

* النافذة تثرثر *

حركة دائرية حول محور جامد ،،
حركة دائرية تتسلى بالعبث ،،
حركة دائرية ثمرتها الحتمية دوائر !!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غيبوبة الدوار تختفي جميع الأشياء الثمينة ،،
وكلمات مشتعلة بالحماس دفنت تحت ركام من الثلج ،،
ولم يبق في الطريق أحد ،،
إلا حية رقطاء نائمة بعد أن أدت خدمة لا تتكرر للملكة القديمة .

* * * * * * *

قالت وهي تبدل قناة في التليفزيون : سئمت سماع نشرات الأخبار ،،
فسألتها : وكيف حال السياسة الخارجية ؟! ،،
قالت : ماذا تتوقع ؟! ،،
قلت : أنا لا أطلب إلا الستر

وقع أخيرا ً اختيارها على قناة للأغاني ،، دوى الصوت عاليا ،،
ثم قالت بتأفف : الأغاني هي نفسها ،، الغرفة كما هي كل يوم ،، الحارس في الأسفل جالسا ً كتمثال ،، وأنت ،،
فقلت : ذلك أن على الإنسان أن يعمل ،،

أذعنت لإحساس مترنح فتمثل لي المساء بشرا ً عابثا ً قد عمر الملايين من السنين ،، ورحت أنصت لقلب امرأة عابدة للحب ،،
فاكتشفت أن ذاك سلوك يمكن أن تفسر به أوجه القمر المتتابعة من المحاق إلى البدر !! ،،

* * * *

قالت : لم َ أنت اليوم سعيد ؟! ،،
قلت : وهل هناك سبب للسعادة !! ،،
قالت : أجل ،، وأنا اليوم تعيسة ،،
قلت : أخبرني أبي وأنا صغير بأن صلاة المتلفت باطله !!
قالت ضاحكه : أكمل يا شيخ ،،
فقلت متصنعا ً جدية نسيتها مع استسلامي للعبث :
أخشى ما أخشاه أن يضيق الوجود بنا ،،
كما ضاق كل شئ بكل شئ ،،
وكما ضاق الرجل بعشيقاته ،،
وكما يضيق الضيق بالضيق !!

أما أنت ِ فقد عرفت لك جدة قديمة كانت تسعى في الغابات قبل أن يقام بناء واحد على ظهر الأرض ،،
كانت تدفن في صدرها العواطف ومن ذلك ولد الثدي لديك

* * * * *

قالت : هل سمعت آخر نكته ؟! ،،
قلت : أسمعيني ،،

فأسمعتني كلاما كثيرا لم أفهم منه شيئا ً ،،
ولكني ضحكت عاليا ً بغبطة مستقرة على ذكريات محنطه ،،
فإن الذي جعل من تاريخ الإنسانية مقبرة فاخرة تزدان بها أرفف المكتبة ،، لا يضن عليها بلحظات مضمّخة بالمسرة ،،

وتكلم الظلام خارج النافذة فقال : لا تكترث لشئ ،،

انحدر صوته مع شعاع نجم كابي الاحمرار قطع المسافة إلى أذني في مئة سنة ضوئية ،،
وقال أيضا ً : لا تجعل من الحياة عبثا ،،
أجل ،، حتى المدير قال ذات يوم : لا تتأخر عن العمل ،،

ولكن لم يعد للقلب من هم يحمله منذ رحيل أعز ما كان يملك ،،
وإذا أردت ِ حقا ً لفت الأنظار إليك فتجردي من ثيابك وتبختري على الكورنيش ،، وهناك ستجدين ليلى العامرية تجلس فوق قارب مقلوب تبكي وفي يدها عصا لها رأس ثعبان

* * * * * * * * * *

قالت : تتركني وتغرق في صمتك !! ،،
قلت : لا خوف من الغرق ما دام الحوت في الماء ،،
قالت : وماذا بشأن حزني ؟! ،،
فقلت : أنت لا تأتين إلا بهمومك
قالت : وأنت تذهب لا أدري إلى أين حين تسكت ،،
قلت : كيف ذاك وأنت هنا يا حبيبتي ،،
فقالت : لا تقل حبيبتي ،، فإنك إذا استعملت الحب يوما ً كمبتدأ في جملة مفيدة فستنسى حتما ً الخبر ،،

كانت في القديم امرأة ترعى الغنم في الصحراء ولكنها لم تترك أثرا ،،
إذ لدغها ثعبان أعمى قضى عليها ،،
وتذكرت كم كنت متفوقا ً في الرياضيات ،،
أما المدير فقد ابتسم صباح اليوم لأول مره ،،
وكما قالت لي ذات يوم : أنت بلا قلب ،،

أجل ،، فقد ذهب كل شئ ،،
حتى الشجرة الكبيرة أمام المنزل اقتلعها سائق غبي ،،
وضحكت ْ ذلك اليوم ثم بكت أخيرا ،،
وطرحت ْ مسألة غاية في الفلسفة ،،
ثم قالت : الصداقة أهم ،، وهي التي لها البقاء ،،
فقلت لها : ولك طول البقاء !! ،،

بدأ نذير غامض يزحف على وجهها مهددا ً بالغضب ،،
ولكني لم أعثر في إنصاتها للكراهية ،،
فآمنت بأنها امرأة لا تقاس بأخرى مثل فكتوريا ملكة العصر المحافظ المشحون بالتقاليد ،،
فمتى تشاجر آدم بعد الهبوط من الجنة مع حواء لأول مره ؟! ،،
وهل فات حواء أن تحمله مسئولية المأساة التي صنعتها بيدها ؟! ،،

ووصلتني أصوات متداخلة عبر النافذة ،،
أبواق سيارات وصرير عجلات وأغاني مذياع ،،
هل اجتمعوا كما هم الليلة على الكورنيش بثياب مختلفة في العصر الروماني ؟! ،،
وهل شهدوا حريق روما ؟! ،،
ولماذا انفصل القمر عن الأرض جاذبا ً وراءه الجبال ؟! ،،
ومن من رجال الثورة الفرنسية الذي قتل في الحمام بيد امرأة جميلة ؟! ،،
وما عدد الذين ماتوا من معاصريه بسبب التعاسة ؟! ،،

* * * * *

قالت : إذا بقيت على حالك فسأذهب ،،
قلت : حسنا ،، أين كنا ؟! ،،

ولكن ما قيمة أن تبقى أو أن تذهب ،،
أو أن تعمر كسلحفاة ،،
ولما كان الزمن التاريخي لا شيئا ً بالقياس إلى الزمن الكوني فأنت ِ معاصرة في الواقع لحواء !! ،،
ويوما ً ستحمل لنا مياه البحر شيئا ً جديدا ً يستحسن ألا أسميه ،،

فقال لي صوت من وراء النافذة : أحسنت !! ،،

مهلا ً ،، وقد قال العلم في النجوم كلمته ،،
ولكن ما هي في الحقيقة إلا أفراد عالم آثروا الوحدة ،،
فتباعدوا عن بعضهم آلاف السنين الضوئية ،،
فيا أي شئ افعل شيئا ،، فقد طحننا اللاشئ !!

فقال لي الصوت : انهض لأحضنك ،،

فنهضت مبتسما ً ،،

* * * *

قالت : ما بك ؟! ،،
فقلت وقد اتسعت ابتسامتي : لنرقص ،،

دعيني أدرس وجهك ،،
جميل ،، تضمر نضارته قوة خفية ،،
ثمرة ذات نواة صلبه ،،
ونظرة فتاة قاصر ولكنها عند التقطيب تشع دهاء امرأه ،،
فأي دور يصلح لك على مسرح الوجود الليلة؟! ،،
لعله دور أم جنكيز خان

* * * *

قالت : لا أدري كيف تناسيت ُ أسباب تعاستي ؟! ،،
فقلت : أهنئك ،،

يجب أن نهنئ أنفسنا ،،
يجب نحيي هذه اللحظة التاريخية بقبله ،،
والساعة يجب أن نقول ان الشرك بالله كفر ،،
وان الفاشية قد اندحرت تماما ولكنها ربما تعود ،،
وان بديهيات اقليدس قد تلاشت ،،
وان المدير سيغضب مني ذات يوم !! ،،

رن هاتفي ،، فرحت أتحدث طويلا ً باهتمام ظاهر وبصوت منخفض ،،

قالت : من هي التي تكلمها ؟! ،،
قلت : ولماذا هي ؟! ،،
قالت : لم تجبني ،،
فقلت : احذري الغيرة ،، فهي ليست غريزة كما يقول الجاهلون ،،
ولكنها تراث اقطاعي ،، قاومته امرأة حديدية ،،
قالت : دعنا من جنونك ،، وأجبني

توقف صديقي عن سرد يومه ،، ومن موقفي ألقيت نظرة على النافذة ،،
يا رائحة البحر المحملة بعبير رحلة طينية مرهقه ،،
وثمة شجرة معمرة في البرازيل استوت على سطح الأرض قبل أن يوجد الهرم ،،
فكم نقشت عليها من حروف المحبين ؟! ،،
ولم تجد الغبي الذي يقتلعها ؟! ،،

هل أنا وحدي الذي يضاحك هذه الموجة المستهترة ؟! ،،
هل أنا وحدي الذي أسمعها وهي تهمس لي أن دق الباب تسعا ً وتسعين دقة يتحقق لك ما لا يمكن أن يتحقق ؟! ،،
وثمة آلاف من الشهب تتناثر من الكواكب لتحترق وتتبدد منهالة على جو الأرض دون أن تمر عليها أو على المدير ،،
أما الألم فقد خص به القلب وحده ،،
وذات يوم دُفعت إلى عراك دامي وأنا أخلص بين متخاصمين لا أعرفهما !! ،،

* * * * *

قلت : تعالي أنظري معي إلى البحر والقمر ،،
قالت : ألا تمل ،،

ماذا سيقول سكان القمر عن النافذة ؟! ،،
سيقولون ثمة تجمعات دقيقة تنفث غبارا ً مما يكثر في الكواكب وتصدر عنها أصوات مبهمة لا يمكن فهمها مادمنا لم نصل بعد إلى معرفة أي فكرة عن تكوينها !! ،،

قالت : عدت للصمت ،، أين غزلك ؟! ،،
فقلت : إنك ألطف من قطر الندى

والشعار القديم " لو لم أكن لتمنيت أن أكون " ،،
وعندما يتوهج نور كشعلة هذه السيجارة يقول المرصد إن نجما ً قد انفجر ،،
وانفجرت بالتالي مجموعته الكوكبية ،،
وانتثر الكل غبار ،،
وذات مرة تساقط الغبار على سطح الأرض فنشأت الحياة ،،
ويقول المدير : أنت جديد هنا ،، فلا تستحق الترقية ،، ولكني سأخصم من مرتبك عند تأخرك ،،
أو تقول لي : لست صماء ،، ولكنها الصداقة ،،

وقد لخص المعري ذلك في بيت لا أذكره ،،
ولا يهمني أن أذكره ،،
كان أعمى لم يرك وأنت ِ معاصرة له ،،
أعمى فلم ير ،،
انقطع الخيط وتبدد شئ بهيج !! ،،
المهم نحافظ على ،، على ماذا ؟؟!! ،،
وغدا ً ورائي عمل مرهق ،،

وتذكرت الأسس العالية التي استقر عليها المعنى قديما ،،
وسلمت بأنها ذهبت إلى غير رجعه ،،
فعلى أي أساس جديد نقيم المعنى ؟!

فقال الصوت من وراء النافذة : أجل على أي أساس !! ،،

أن نتجه عند البحث إلى إرادة الحياة نفسها لا على أساس يتعذر الإيمان به ،،
إرادة الحياة التي تجعلنا نتشبث بالحياة بالفعل ،،
ولو انتحرت عقولنا ،، يبقى الإله واحد !!

* * * * * * * * * *

لا تدعيني أفكر ،،
واصلي حديثك ،،
ولكن اللغة خرساء !! ،،
فلا شئ كان يبدو راسخا ً كالشجرة ،،
وإصرار هذه الذبابة على الدخول عبر زجاج النافذة يستحق الإعجاب ،،
ولكن إذا فقدت أنات عمر الخيام حرارتها فعلى الراحة السلام ،،
وها أنت ِ تتحللين إلى عدد محدود من الذرات ،،
فقدت الشكل واللون ،،
ولم يعد منك شئ يرى بالعين المجردة ،،
وليس ثمة هناك إلا صوتك !! ،،

* * * *

قالت : إذن ما رأيك ؟! ،،
قلت : في ماذا ؟! ،،
قالت : في قرار أمي ،،
فقلت : رضا الله من رضا الوالدين ،،
وقفتْ أمام النافذة ثم تمتمت : لا أدري

كالموجودة الوحيدة في خلاء صوتي ّ ،،
وصوت قال إن همي الأول هو التذكر ،،
وآخر قال بل همه هو النسيان ،،
وساءلت نفسي لماذا وقف التتار عند الحدود ؟! ،،
وماذا سيحدث إذا نفذ البترول ؟! ،،
وهل سيبكي جميل بثينا على الشجرة التي اًقتلعت عندما يرثي أئمته ؟! ،،

* * * * *

قالت : علي الذهاب الآن ،،
قلت : ما يزال الوقت مبكرا ،،
قالت : المفروض أنني أذاكر عند صديقه ،،
قلت : فليكن الدرس عند صديق ،،
فقالت وهي تتصنع الغضب : وعدتني بأنك ستشرح لي التكامل ولكنك لا تفارق النافذة ،، لذلك علي الذهاب الآن ،،

متى تكامل الحب حتى فاض بأثيره ؟! ،،
ومتى كنت ِ موجودة ؟! ،،
لا أهمية لشئ ،،
حتى الراحة لا معنى لها ،،
ولم يبدع الإنسان ما هو أصدق من المهزلة ،،
سأتذكر كيف استقبل الفرس أول نبأ عن الغزو العربي !! ،،

فعدت إلى النافذة ،،
ونظرت إلى النجوم ورحت أحصي منها ما أستطيع عده ،،
أرهقني العد حتى جاءتني نسمة معطرة من حديقة القصر ،،
والخليفة جالس على أريكة تحت شجرة مشمش ،،
والجواري يلعبن بين يديه ،،
وأنا أصب له من إبريق من الذهب
فرقّ الخليفة حتى صار أصفى من الهواء ،،
وقال لي : هات ما عندك
ولكن الجارية أدركتني ،،
فضربت على أوتار العود وغنت :
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني على كبدي من خشية أن تصدعا
وليست أيام الحمى برواجع ولكن دع عينيك تدمعا

* * * * * *

قالت وهي تفتح الباب : تمنى لي التوفيق في امتحاني غدا ،،
فقلت : أحبك
ابتسمت وأغلقت الباب خلفها

# # #

بدر الحربي
09-30-2007, 12:16 AM
.
.
.

مساء الخير
أخي الكريم
"عبدالله الدوسري"

حتى الأحاديث
والقرارات نفسها..

في كل حديث
بين اثنين
تدور نفس الأمنيات
وتهرب نفس الحقائق..



كانت ثرثرة من نور ونار..



خالص الود والتقدير


http://www.khozamanajd.com/upload/najd//albader07-04-2007.gif

صُبـــح
09-30-2007, 01:16 AM
هكذا يكتبنا كاتب العزلة عبد الله الدوسري .. !

حيث يكتب بصمت ويحلّق بصمت ويتحدث الى الأشياء بصمت ... !

مؤكداً صفاء صوته الشخصي بدون ضجيج وكأنه يقول لنا ان الضجيج الوحيد الذي يبعثه صاحبه هو النص فور ولادته ووجوده بين دفتي عين تقرأ وتحلل وتستوعب ... !


عبد الله الدوسري ...

هذا النص كشف لنا عن روح صغيرة تحاول أن تعيش بمفردها حياة كاملة من الوخز !

هنا نص حي بلغة مغايرة تأخذ بنا حيث الإحساس والأشياء الصغيرة التي استحالت على النطق ...!


باقات امتناني ...


صُبـح

م.عبدالله الملحم
09-30-2007, 12:50 PM
:
:
:

رَغمَ التبكِيرِ و التَذْكِيرِ
الوارِدِ أعْلاهُـ
و رَغمَ الصَمْتِ و الغُمُوضِ
المُُدْرجِ فِي هَذا الإناءِ
و رَغمَ الجُنُونِ و حَرْفِ النُونِ
المُُعنْونِ بِــ ثَرْثَرة ..!!
إلا أن هذا المُتَصفِح قَرأتُهُ أكثر
من سبْعِ مراتٍ
و فِي كُلِ مَرةٍ أخرُجُ بـِـ وقائع جديدة
و أنهضُ مِنْ جَدِيدٍ

السمي الغالي عبدالله
كمـــــ أنت مُدهِش جداً جداً جداً
مُربِك أنت لـــ القاريء :)


تقديري


:
:
:

نبضات
09-30-2007, 02:06 PM
أخيـ / عبدالله الدوسري؛؛
::
قمة الابداعـ
؛
التفرد
؛
النوعية
؛
السرد
؛
التشويقـ
؛
شعرتـ انيـ باحد
مشاهد فلمـ رائعـ
؛
تنقلتـ معنا
بومضاتـ بينـ ذاكـ وهذا
قلتـ وقالتـ
صوتـ هنا وصوتـ هناكـ
مبدعـ اخيـ
؛؛؛
حملتنا معكـ
بسفنـ االانهاية
لم نملـ ولنـ نملـ
منـ قلمـ يأسر باراة

::

لكـ التحية

أسمى
09-30-2007, 02:12 PM
شعرتـــ هُنا بـ حرية مُتصفَح..ومُتصفِح.
ر ا ا ا ئعة و را ا ا ا ائعة.
قرأتـــــ..وقرأتــــــــ..
.
استمتعتـــ..كثيرا..
.
.
كان أغلب الحوار يجعلني أتقمص دور المحلل النفسي ،فأقيس التصرفات المتوقعة والواقعة بالواقع..
عبداللهـ.. كانت ثرثرة مُجدية..خرجت منها بـــــــ كنز ما.كنت أنقب عنهـ.



.
دمتـ بـ خير.

جنة الحور
09-30-2007, 07:23 PM
//

وجدتني أمتطيـ أحد تلك النجمات

ترتسم بمخيلتي دهشة

متناهية في الاتساعـ

//

سعـد الوهابي
09-30-2007, 08:06 PM
.
.
.
الشحن النفسي المتراكم في اعماقنا . .

والتراكم العاطفي المشحون في صدورنا

سبب رئيسي لـ الثرثرة . .

ولكن تختلف الثرثرة القيمة / الإسهاب

عن الثرثرة التي لافائدة منها / الإسفاف والتطويل . .

وهنا أقرأ ثرثرة محاطة بـ دائرة كبيرة من النور . . والفكر . .

هي بالأحرى ليس ثرثرة ولكنها غوص في عمق الشخصية الذاتية

لــ هو و وهي . . ذات لقاء . .

اندماج تام وكامل في عمق العلاقة بينهما لـ اقتناص أدق التفاصيل وأعمقها فكراً . .

كانت الشخصيات واضحة وضوحاً لايُنكر . .

وكانت العلاقة المتوترة كثيراً والمستقرة أحياناً . .

تتجلى في النص في الحوار المنقول . .

النص . . قراءة عميقة ودقيقة لـ تفاصيل لقاء

ودراسة لـ شخصيات الـ هو والـ هي ذات لقاء . .
.
.
.
سيدي القدير وأخي

" عبدالله الدوسري "

المُتشرد

ياسيدي أحياناً تصبح كل آذان صاغية لـ بعض الثرثرة

لأنها باختصار تشدك كلما طالت . . وتشوقك أكثر مع نهاية كل مقطع . .

وهنا أراك سيدي تأتي بالمفيد وترمي إلى المفيد . .

وتكتب بإسهابٍ لايُمل ولايستنكر . .

قرأتكَ مبدعاً ياأخي

سلم فكرك وبوحك

ودام ضياؤك المشرق
.
.
.
( احترامات . . طويلة )

سعـد

ياسر خطاب
10-01-2007, 02:41 AM
كانت ثرثة روح لم ينطق بها اللسان
تحتاج الأذن لأن تُغسل مرات
بقراءتها ....لقراءتها
سرد بديع مذهل
أحببت أن أعيش بين سطورها
لأرى عنفوان الحرف واستقلاله عن كل ما حوله
أجواء كثيرة مثيرة
لايستطيع العيش فيها إلا صاحب تجربة
في الحزن والعشق والضياع
المبدع عبد الله
انها رائعة قليل مثيلها
.
..
ياسر

يُمنى سالم
10-01-2007, 01:56 PM
عبدالله الدوسري

ثرثرة جميلة يا سيدي

دم بخير

العـنود ناصر بن حميد
10-01-2007, 07:50 PM
عبدالله
ثرثرتك أصابتني بالدوار
لعلي أخرج منها وأنا مازلت أحاول الأحتفاظ بي
دائماً تدهشنا .. وتمتعنا
هنا شيء اضافي
تتسلل للداخل بهدوء
دمت بخير

عبدالله الدوسري
10-03-2007, 01:45 AM
عزيزي البدر ، ، ،

وإلام نهرب من الحقيقة وهي تطوقنا ،،
ولكن تبقى الآمال أفضل وسيلة للممارسة الشعور بالحياة ،،

لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
10-03-2007, 01:49 AM
عزيزتي صبح ، ، ،

تجربة الإنصات للذات دائما مغرية ،، يستهان فيها بخفايا المجهول ،،
فحينها ستفتح نوافذ الوجود حاضنة تصدعات القلوب ،،
كأن يقول الصمت ضاحكا : لا ينكر النعمة إلا جاحد ،،
فتجيب الروح كالمسحورة : لا يتم السرور إلا بالإدراك ،،

دمت كما تحبين أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
10-03-2007, 01:53 AM
عزيزي عبدالله ،،،

أشكرك كثيرا على التواجد هنا ،،
أتمنى من القلب ألا ينتهي هذا الود ،،
فلا تنسى بضع حصوات حتى أقذف وإياك شياطين الأسى ،،

لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
10-03-2007, 02:04 AM
نبضات ، ، ،

كلماتك مبهجة كالمطر ،،
تتفتح الأكمام لتنبثق ألوان الشكر والتقدير ،،

دمت كما تحبين أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

آنا كارينين
10-03-2007, 11:02 PM
عندما يثرثرون ...
لا أجد نفسي معهم
فأحمل فكري وأرحل بعيداً عنهم ...
فا مداركي لا تستوعب ثرثرتهم ...
.
.
مع ثرثرة المتشرد
أجد نفسي .. أدمن ثرثرته
واكتشف في كل زيارة افق جديد لهذه الثرثره
معه ... أصبحت الثرثره مزيج من هذيان..على مرالعصور....و النفوس .

أستاذي عبدالله الدوسري
رائعة تلك الثرثرة كروعة صاحبها
دمت ودامت ثرثرتك..

تحياتي وخالص أعجابي
لك ولقلمك

عبدالله الدوسري
10-10-2007, 04:40 PM
قيد من ورد ، ، ،

مد الحياة أقوى من أن يفلت منه إنسان ،،
وربما انقضت فترة العواطف وجاءت فترة العقل ،،
أسعدني كثيرا حضورك الذي أنار المتصفح أختي الكريمة ،،

لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
10-10-2007, 04:42 PM
جنة الحور ، ، ،

ذرت الأوراق الحمراء كالأغاريد الخفيفة مبشرة بالبهجة المشرقة ،،
فليجر الزمن كيف شاء ،، أنا راضي ،،
أشكرك أختي الكريمة ،،
لك تحية غير متناهية الاتساع

عبدالله الدوسري
10-10-2007, 04:44 PM
عزيزي سعد ، ، ،

نحتاج دائما لإعادة خلق الآمال من جديد ،،
ونفجر الزفرات المكتومة من قديم ،،
ولكن المشكلة تكمن بأننا سنثني على الحظ ،،
بل وسنرحب بهبوط المغيب ،،
فنجبر أنفسنا على الاستسلام إلى الطريق وهو يقفر ،،
لمرورك كل الشكر والتقدير أخي الكريم

عبدالله الدوسري
11-07-2007, 07:40 PM
عزيزي ياسر ، ، ،
تمثل أحيانا مشاغبة الحزن ،،
لتسلق آفاق الروح ،، أرضية خصبة للقلم ،،
وإطار عريض لخلجات النفس الموغلة في الأعماق

أخي الكريم ،، في الآفاق مقامك ،،
كن بالقرب دائما ولا تطيل الغياب ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
11-07-2007, 07:41 PM
يمنى سالم ، ، ،


شكرا أختي الكريمة على حضورك ،،


تقبلي تحياتي

عبدالله الدوسري
11-07-2007, 07:43 PM
العنود ناصر ، ، ،
الدوار هو الذي يتجه نحو المخيلة ،،
كما تشخص القلوب نحو الأشواق ،،
لتؤلف مسافات بين الواقع والمثال
أسعدني كثيرا حضورك أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
11-07-2007, 07:44 PM
عزيزتي آنا كارينين ، ، ،
يتلازم التحدث للصمت مع الإنصات للأصوات ،،
يتعاقبان في النفس تعاقبا ً تلقائيا ً لا إرادي ،،
يجريان معا ً في شرايين الفكر وروافدها ،،
فإننا قد نحزن ونحن في خفقة واحده ،،
ونختلج بالعبرات ونحن في سكرة اللقاء ونشوة الذكريات
أسعدني حضورك فوق ما تتصورين أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
11-07-2007, 08:05 PM
( 2 )

* الأشياء تثرثر *

سحابة معتمة ،،
تقتحم الوجود وتنغمس في الفضاء ،،
كل شئ يموج بحضور كوني غريب ،،
يحلل الأشياء إلى عناصرها الأولى ،،
ينذر بالعدم ،،
أو بخلق جديد

تظاهرت بسرور لم أعد أتذكر طعمه أو رائحته ،،
فلا اعتراض لي على أشياء تكون بدون رباط الحب ،،
عبء على نقاء القلب ،،
أشياء قد تستشهد بمأثورات حياة أعلنتُ الحرب عليها

أشياء اتخذتْ من هامش حياتي وطنا ،،
أدركت عبثها ،،
ولكن وعائي كان طافحا ًبما فيه ،،
فبعثتها مندفعا ً إلى مصيري

* * *

كمن يبدل لحمه ودمه وخلاياه وروحه ،،
كمن يولد في دنيا جديدة ،، ذات قوانين جديدة ،،
كمن يودع الطمأنينة واللامبالاة ليستقبل المغامرة والموت

فلم يبق من تلك الأشياء إلا الاسم ،،
وحتى هذا سرعان ما يتغير ،،
كالزارع يرمي في الأرض بذرة لا تكاد ترى ،،
ولكنها ستنمو شجرة باسقة ،،
ألوذ بظلها وألهو بأشيائها

ما كدت أرشف منها رشفات ،،
حتى أكرمتني غاية الكرم ،،
فاغتالت بنفاثتها الزاحفة وحوش الظلام التي تطاردني ليل نهار ،،
وأشعلت خيالي ،،
فانفجرت موجاته في جميع الأرجاء ،،
جعلتني أنادم ألحان صامته ،،
تقود موكبا ً للشياطين تحرسه أشياء ،،
في طريقها الماجن العابث الحزين

* * *

تتابعت الأشياء ،،
فتجسد اليأس صخرة لا تتزحزح يتحطم عليها الأمل ،،
مضت من أمامي في انسياب عذب غنائي ،،
تغوص في أمواج مقطرة بضياء فوق حمرة متألقة لا حدود لها

* * *

استأثرت بوعيي كله ،،
اجتاحتني ،،
استعبدتني ،،
أصابتني بالهوس ،،
باتت كل الأشياء سواها ترفا ً ،،
لهوا ً ،،
سخفا ً

أشياء أصبحت محور حياتي وهدفها ،،
انقلبتْ وحشا ً ذا مخالب وأنياب ،،
قوة مُطاردة مهدده ،،
تطالب بالممكن وتطمح إلى المستحيل وترضى بالخيال

* * *

رغم ذلك ما زلت أملك وعيا ً بما يحدث ،،
أو أني أعيش اللحظات الأخيرة من الوعي

بلا خوف ولا وساوس ولا مبالاة ،،
سيطر علي شعور فائق الإلهام ،،
بأني أشهد ما لم أشهد من قبل

* * *


فالوعي آخى بيني وبين الواقع ،، والإنسان
غير أني لم أعد أفكر بشئ ،،
أو أن تفكيري فتر وتقهقر وذاب في اللا مبالاة !!
أنجم ذلك عن خمود في العاطفة أو الفكر أو التعلق بالحياة ؟!

كلا وأقسم على ذلك ،،
فأنا بعيد عن الاستهتار أو المجون ،،
أروم الأشياء الهادئة المستقلة ،،
ألتمس إليها الوسيلة بلا شروط متهورة أو طموح كاذب ،،
أنشد حقا ً حيويا ً لا أدري كيف أهتدي إليه

* * *

طرق أذني همس مضيء ،،
دعاني إلى تلبية نداء خفي ،،
يعلن عن أشياء في أعرافها

لكأني كنت أصلي في معبد للقوة والخطايا ،،
تشابكت الأشياء ،،
وقذفت من جوفها الأسرار

* * *

لم أجد مفرا ً من الرجوع ،،
وتكشف لي سحب الغموض عن آمال ،،
أسفر الظلام عنها ،،
حتى لاح النصر في الأفق مثل ولادة الفجر ،،

فأشرقت الشمس عن أشياء جديدة همست شفاهها :
سيرحل الحزن عما قريب عنك ،،
فقد يئس منك
فتيار الحب المتدفق أبدا ً يجرف زبد الأحزان

العـنود ناصر بن حميد
11-08-2007, 09:21 AM
سأكون هنا
حين تحتاج للتحدث ولا تجد القدرة على ذلك
فالإنصات لأحدهم قد يشبع بعض هذه الحاجة
عبدالله
لك السلام
http://www.moq3.com/img/uploads/fU306348.gif

عبدالله الدوسري
11-25-2007, 10:22 PM
العنود ناصر ،،،

النفس أحيانا تتوق إلى نشوة طرب ولذعة جنون ،،
دون الحاجة إلى قول موزون أو لون براق ،،
كل الشكر والتقدير لمرورك أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
11-25-2007, 10:34 PM
( 3 )

لنغرق معا ً في جدل لا ينتهي إلا ليبدأ ،،
ولا يبدأ إلا ليسترسل !!
فعندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضا ً ،،
وتحل سعادة جنونية غريبة المذاق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لذلك تذكرت آخر لقاء مع " نيرون " ،،
فكلا ،، لم يكن وحشا ً كما قيل ،،
قال لي بأنه لما وجد نفسه إمبراطورا ً قتل من حوله ،،
ولما صار إلها ً أحرق روما ،،
وقبل ذلك كان مجرد إنسان عادي فعشق الفن !! ،،

* * * * * * *

قالت : أنا أتحدث وأنت في جنونك ،،
فقلت : ألسنا نثرثر !!

العبث يقتصر عادة على الأدمغة ،،
وقد نجد قاتلا ً بلا سبب في رواية مثل " الغريب " ،،
فإن ما يستقر في الرأس لا بد وأن يؤثر بطريقة أو بأخرى في السلوك ،،
أو على الأقل في المشاعر ،،
ولكي يبقى الإنسان إنسانا ً فعليه أن يثور ولو كل ساعة مرة !! ،،

ولذلك البحر يعرف سر القوه ،،
أما أنت أيتها الجميلة ،،
فعدو لصيق نفذ إلى حياتي ،،
لا سلاح لي إلا عزيمتي ،،
ولا شاهد على مغامراتي إلا البحر ،،
دعاء أمي لي ودعاء غيرها علي ،،
وولدت أعاجيب وبذرت بذور المعجزات ،،
ولا شاهد إلا البحر

** * *

قالت : قرأت اليوم في الجريدة خاطرة لك ،،
فقلت : هل أعجبتك ؟! ،،
قالت : ليس كثيرا ،، فلم تتحدث عني ،، أو هذا ما فهمته

حقا ً !! ،،
وأنا لا أقرأ الجرائد والمجلات كثيرا ،،
ومثل لويس السادس عشر لا يدري شيئا ً عما يدور في الخارج ،،

وتظن نفسها مركز الكون وأنها سر الوجود ،،
فلو كانت الأفلاك تسير في خط مستقيم لتغير مذاق قهوتي ومذاق كل شئ ،،
ولكن حتما ً سينهار مبنى الجريدة بين أحضانك !!

* * *

نظرت إليها وهي تتحدث ،،
تصدر بحة عن أوتارها الصوتية في أنغام رقيقة ،،
وقد توارت وراء هالة أنثوية شفافة لخفقها تأثير متعب ،،
من النوع الذي تستعمله الفراشة وهي تنتقل بين الأزهار مؤدية واجبها ،،
فغاب الزمن تماما ً ،، وانداحت لحظة ساخرة مفعمة بكافة الاحتمالات ،،
لحظة عشوائية أقوى من كافة وسائل التفكير والتدبير ،،
هكذا سينتهي العالم ذات يوم ،، وأتعس الناس من ينشد النصر في الهزيمة

وقالت : هل كتبت شئ جديد ؟!
فقلت : هذه القصيدة
قرأتها بتمعن ثم قالت : ألست حبيبتك ؟!
فقلت ببلاهة : بلى أنت كذلك
قالت : فلماذا هذا كله ؟!

ابتسمت وأنا أنظر إليها ولم أقل شيئا ً ،،
فقالت : أنت وحش بلا قلب !!

ولكن الوحوش ذوات قلوب ،،
وهي ليست وحوش إلا حيال أعدائها ،،
وكم من ملايين الأعين قد رنت إلى الليل المستكين في ضوء القمر المتلألئ على البحر،،
وليس أدل على صدقها من هجرة الطيور الموسمية ،،
أما الماضي فقد بات حديث عند سكان الكهوف ،،
ولولا صديقي لما نشرت لي الجريدة حرفا ،،

فلقد ولى العصر الرومانسي وحتى العصر الواقعي يحتضر ،،
والفن نراه الآن ضوء قادم من نجم مات منذ مئات السنين ،،
فعلينا أن نولي المهرجين ما يستحقون من احترام !! ،،

وفي أثناء ذلك اشتركت في سباق الجري ورفع الأثقال ،،
في الدورة الأوليمبية القادمة ،، ومنيت نفسي بتسجيل أرقاما ً قياسية !! ،،
انحسر عنها ضوء القمر الذي أوغل فيما وراء النافذة ناحية الطريق ساحبا ً فوق سطح الماء لآلئه ،،

* * * *

قالت : أتظن بأن أبي جاد في قوله ؟! ،،
قلت : ما أتعس المسئول إذا عجز عن الجواب ،،
قالت : أترى إذن أن أنتظر؟! ،،
فقلت ضاحكا ً : ينتظر قوم إمامهم منذ ألف سنه !! ،،
قالت : أنا جادة ،، ألا تساعدني ؟!
فقلت : صدقيني فالأمر كما قلت لك

ترددت في تيار النسيم الذي يطوف بالغرفة بعض من أنفاس الليل الرطيبة عندما فتحت النافذة ،،
السماء صافية تماما ً تزدهر بآلاف النجوم ،،
ومن مكان يتوسطها تراءى وجه مطموس المعالم وهو يبتسم ،،

التفت إليها وتساءلت ،،
هل تبدأ كعادتها في حل معميات الكون ؟! ،،
هل تدرس العلم والفلسفة ،،
أو تقنع بالتركيز الذاتي في انتظار الشعاع المضئ ؟! ،،

سأنتظر وأرى ،،
كما انتظرت يوما ً نشر أول قصيدة كتبتها ،،
ففكرت في تلك الحلقات المفرغة التي تحاصرني كل يوم ،،
تلك الحلقات المذكرة بالنهاية ،، والتي تجعل من أي شئ لا شئ !!

وقد دار معها الآباء والأجداد ،،
وتنتظر الأرض انتظارا ً لا يعرف الجزع لتستمد من آمالنا ومسراتنا أسمدة لتربتها ،،
فلا بأس أن تحتدم الأشواق في سحابات الدخان المضمخ بشذا السحر الغامض ،، فالمعركة لم تنتهي بعد ،،
وعظمة الغزاة لا تقاس إلا بمناعة الحصون التي يفتحونها ،،
فلا تعذبين نفسك بالأوهام وتوغلين في الفضاء كسفينة كونية أفلتت من مدارها

* * * * *

تزلزل الكون مع ضحكتها المتقطعة وهي تقول : ولكنك تستحق الترقية ،،
قلت : لنستمع لهذا اللحن

إنه الإصرار ،،
كإصرار البحر على سره ،،
والقبلة على سحرها ،،
وصديقي على إلحاحه ،،

ولكن يهمني أن أعرف النهاية ،،
إذ أن انزلاق قدم مدير مثلا أضحك بكثير من انزلاق قدم وحش ضرير يحتضر !! ،،

وهزني الطرب ،،
خيل إلي أني أمتطي طائرا ً خرافيا ً ترف جناحاه بالقوة والإلهام والخلق ،،
السحر والحب المكلل بالنجوم ،،
وتتابع نبض قلبي ،،
وعند كل نبضة تتشكل صورة براقة تخرق كل مألوف ،،
فآه يا عزيزتي ،، يا نسمة الأمل المضئ الهائمة فوق السحاب ،،

إنك فتنة عينين مسكرة مخدرة ،،
إنك روح الجمال الفتاك ،،
هل عرفت أخيرا ً لم تشرق الشمس ؟! ،،
لم تتألق النجوم في الليل ؟! ،،
عم تفصح نشوة الفجر ؟! ،،
لم يتعذب المجانين بالسعادة ؟! ،،
لم نحزن للموت ؟! ،،

هل تفطن هي إلى سحرها ؟! ،،
أهي مثل الريح تزعزع الأركان بلا تيه ؟! ،،
هل بوسعي أن أحول بين المطر وبين أن ينهمر ؟!

* * * * * *

قالت : عدت للصمت ؟! ،،
قلت : أنت من لا يتكلم ،،
فقالت : أحبك ،،
قلت : وأنا أحب حبك

وإنما حب المرأة كالفن الهادف لا شك في سمو هدفه ولكن يحوط نزاهته الريب !! ،،
وليس كالحزن شئ يقتحم عليك المأوى بلا دعوة ،،
وأمس قال لي الفجر عند طلوعه إنه في الحقيقة لا اسم له !! ،،
ألا ترين كيف تهاوى " كازانوفا " الهائل في مكتبة الدوق ،،

أين صوت تلاطم الأمواج ؟! ،،
أين الخواطر التي تومض كالبرق وترتطم بأشباح جادة ثم تختفي ؟! ،،

* * * *

قالت : سأذهب ،، إنك في حاجة إلى نوم عميق ،،
قلت : إني في حاجة إلى يقظة مجنونة

فلن ينام الليلة إلا الميتون ،،
والصرخة التي هزئت من كمال الأفلاك ،،
مجهول من مجهول إلى مجهول !!

ومتى يا عزيزتي يرحم الحاضر نفسه ويستسلم للنوم ؟! ،،
تتحدث وتضحك ،، كأنما لم يكن للحياة مطلع ،،
والأشياء باتت ذكريات بعيدة قد لحقت بالعصر الحجري ،،
والقمر يبزغ ويأفل ولا يوحي بنهاية لشئ ،،
إلا الإصرار على اللا شئ !!
حتى إلحاح صديقي وإصراره لا شئ ،،

أما في صباي لم يكن ثمة سؤال بلا جواب ،،
والأرض لم تكن تدور ،،
والأمل يمتد في المستقبل بسرعة مئة مليون سنة ضوئية ،،
حتى تساءلت ذات يوم لماذا يعرقل الحب سعادتنا الأبدية ؟! ،،

وهاهو صوت " نابليون " وهو يتهم الإنجليز بقتله بالسم البطئ ،،
ويشير إليّ بأن الدنيا تلوح غريبة ،،
وتزداد غرابة عند تناول الأفكار ،، والهموم ،،
ولكن سطح الماء يضئ بلآلئه كأنه بشاشة سعادة مجهولة ،،

ماذا تريد المرأه ؟! ،،
ويقول صديقي أعطني جديدك لأنشره ،،
ولكنك يا عزيزي ستنشر الأحزان فوق حبل غسيل الذاكرة ليراها القريب والبعيد !!

امرأة تقتحم بديهيات الحياة ،، ماذا تريد ؟! ،،
وكيف يمكن أن نسعد في مطاردة مستمرة حامية ؟! ،،
فقد جاء الوحش وأعلن ختام الأوليمبياد وأرخى العلم ،،

وضوء القمر يسطع على البحر وعما قليل سيختفي عن الأنظار في قسوة ثلجية ،،
وتلوح الدنيا غريبة أيضا ً لا أدري موقعها من الزمان ،، ولعلها لا توجد أصلا !!
باخ الفارس ولكنه لم يتراجع !!
هكذا دانت دولة الفرس ،،
ويقول وزير الملك " جوهان " بأن خيانة المرأة قد نزعت الثقة من جميع النساء ،،
يا صديقي اسأل " عروة بن الورد " ،،
فقد اخبرني بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية نسيها التاريخ أم قلبتها الأعين !!

* * * * * * *

قالت بحنان : سأدعو لك ،،

وتلاطمت في رأسي خواطر عن الغزوات الإسلامية والحروب الصليبية ومحاكم التفتيش ومصارع العشاق والفلاسفة ،،
والصراع الدامي بين المذاهب وعصر الشهداء ومقتل ريّا وسكينه ،،
وداخلني شعور لم أجد مثله إلا وأنا أسجل رقما ً قياسيا ً في الدورة الأوليمبية ،،

ولما كان الوقت ينقضي بسرعة مذهلة ،،
تجلت لعيني المأساة على حقيقتها في ميدان المعركة !! ،،
إذ يجلس القائد " أحمس " على المنصة ومن خلفه جيشه المنتصر ،،
وإذا بـ " فرعون " يجهش في البكاء !!
فيلتفت " أحمس " نحوه يسأله عما به ،،
ويشير "فرعون" إلى رجل يسير بين الأسرى ويقول :
هذا الرجل ،، طالما شهدته وهو في أوج طغيانه ،،
فعز علي أن أراه وهو يرسف في الأغلال

* * * * * *

قالت : ما بك ؟!

كرهتها في تلك اللحظة حتى وددت لها الموت غرقا ً أو حرقا ،،

ولكني أجبت باستهانة : لا شئ ،،

فقالت : إني أعرفك ،، فأخبرني ما بك ؟! ،،

نظرت إليها مليا ً ولم أجب ،،
فيها إصرار مخيف لصق بها كرائحة طعام في إناء لم يحسن غسله ،،
وإذا سولت لها نفسها أن تدعي الإشفاق ،، فسأقذفها بقدح القهوة !!

أجل ،، ربما هو الجنون إذن ،،
الجنون الذي يحرك الجبل ويقهر الموت ،،
ومادام ذلك كذلك فحتى فعل الخير يعقبه الندم !! ،،
ويضيق الصدر بأي حكمة إلا حكمة تنعي جميع الحكم !! ،،

وعندما نهاجر إلى القمر فسنكون أول مهاجرين يهاجرون هربا ً من لا شئ إلى لا شئ ،،
فواحسرتاه على نسيج العنكبوت الذي غنى ذات مساء معي في الحمام ،،
ضحكت حتى خشيت أن أوقظ " المعري " من سباته ،،

فقالت : تعلم جيدا ً بأنني أقدس الصراحة ،، فأخبرني ،، وستجدني أهلا ً بذلك
قلت : أخبرتك ذات يوم بأن هذا الصدر العزيز كانت العواطف هي السبب في بروز براعمه ،،
ابتسمت وقالت : هل هذا غزل ؟! ،،
قلت : الغزل هو أنك ألطف من قطر الندى

فثملت بالفوضى ،، التهمت الحزن ،، عبثت بالزمن ،،
وقذفت أشباح الأسى بالضحكات ،،
ما أجمل صوت الصمت ،،

قالت : لم أنت حزين ،، أخبرني ،،
قلت : لا يهم ،، فسعادة يوم معك ،، تمحو أحزان الكون أبد الدهر ،،

وصببت غضبي على حجم الشعور واللا شعور ،،
وجبل "فرويد" المطمور تحت الماء إلا قمته ،،
الحب نفسه أي قيمة له إذا لم يقتنع به العقل تماما ً !! ،،
الحب الأعمى سيظل أعمى ،،
ويتمخض بعد الإشباع عن خواء ،،

عبدالله الدوسري
12-02-2007, 12:01 AM
( 4 )

وقفت أمام الأفق ،،
أشاهد عناقه للسماء المتجردة من السحب في صفاء اللازورد ،،
وكل القلب صلوات ،، وكل النفس أحزان ،،
فتمنيت أن تمطر ،، شربة واحدة تطفئ الظمأ إلى الأبد ،،
أنا لا أهذي ،،
ولكن حنيني اليوم شديد الوقع ،، نقرات على شغاف القلب تئن لشكاتها الأضلاع ،،

قال لي : حياتك جديرة أن تعيشها ،، بل وأن تبخل بها على الموت ،،
فأجبته : حتى حكمتك تجنح تحت ظلال الموت

ـــــــــــــــــــــــــــــ

في الموعد جئت بدقة فلكية تعكس معاناة عاشق ،،
لم أر من الوجود إلا كوكبه الساطع ،،
وثملت بالنشوة ،، ليس هنا إلا بروق الوعود السعيدة المحتدمة ،،
ولا مكان بها للعواقب ،،

وروعت دنياي بجسد طليق ،،
خلقته الفتنة ،، وادعاه الحسن لقدوته وفنه ،،

قلت : كأني بالزمان ولا عمل له إلا السمو بحسنك الفاتن ،،
ابتسمت وقالت : لكم اشتقت إليك ،،

وباح البحر بسره مرة ثم أخفاه ،،
ولم يعد ،،
حتى اليوم لم يعد ،،
ولم يعثر له على أثر ،،
وحتى الساعة لم يتوقف البحث عنه ،،
لذلك أقول بأنه سر ،،
وقد رآه رجل ذات يوم ولكن لم يصدقه أحد ،،
ولكن غير بعيد أن يتجلى ذات ليلة ،، كهذه الليله

* * * *

في مثل هذا اليوم يا عزيزتي تسجل الحياة أحد انتصاراتها ،،
إن الجمال ومضة سماوية تشع من عينيك وتدور في وجداني فيصرخ لها رأسي بالجنون ،،
ليتني أستطيع ،، ولكني أجد فيك ما يجد المقرور في المدفأة ،،
إنه سحر الأقدار المسيطر على المصائر ،،

قالت : حتى متى تتركني في مقام الأمل ؟!،،
قلت : إني في مقام الحيرة ،،
قالت : لا آت إليك إلا إذا دفعتني رغبة لا تقاوم ،،

ثابرت على محادثتي وحلت بشاشة الأنس في القلب محل تجاعيد الشقاء ،،
فأحببت الحياة كما أحب الجنون ،،

سألتها فجأة باهتمام : هل حظيت يوما ً بالسعادة ؟! ،،

تقطع ضحكها حتى سكن تماما ،،
ونظرتي الثابتة جعلتها توقن بجدية سؤالي ،،
قالت بحذر : أحيانا ،،
قلت : ألا يفسد الماضي أو المستقبل عليك سعادتك أحيانا ؟! ،،

ابتسمت وقالت : هل أنت بخير ؟! ،، ما هذه الغرابة ؟! ،، ألم تكن جزءا ً من ذلك الماضي ،، أما المستقبل ياعزيزي ،،
فقاطعتها : أخبرتني بأن لقاءنا تدفعه أشواق ،، فلماذا ؟! ،، أعني ،، مهلا ها أنا أحادثك ولم تجيبي على سؤالي !!،،

قالت بغموض : ربما سلسلة من تعاسات ولكني لم أرتكب ما أندم عليه ،،
قلت : أي لا تندمين على شئ ولا تعيدين التفكير في شئ ،،
قالت بحيرة : ربما ،،

وفي تلك اللحظة انطلقت أغنية فريدة من جهاز التسجيل الدائر بلا مبالاة منا ،،

فقلت : فلنستمع إلى هذه الأغنية ،،
ولم أبال بنظرتها الحائرة ،،

* * *

قالت : تارة تكون أرق من الحرير وتارة تكون كالشيطان ،،
قلت : هل رأيت الشيطان ؟! ،،
قالت : لا تسخر مني ما هو إلا شعور ،،

ابتسمت وأنا أمسح ذقني ،،

فقالت بحنان : الأمل موجود ،،
قلت : لكنه ضمن أدوات الدهر التي يصنع بها الشقاء أو يمحق السعادة ،،
قالت بحدة : ماذا تريد ؟! ،،

فرق بيننا صمت ،، أرحت رأسي بالنظر إلى الشارع ،،
تلقيت دفقة من انفعالات طارئة ،، ورحت أخاطب نفسي ،
يا للذكرى ،، هاهي نفحة من الماضي تهب كأنما تهب من البحر ،،
تلك هي المحبوبة ،، تهب السعادة مع أنفاسها ،،

قالت : تعلم بأني أحبك
فقلت : ما أعلمه هو أني أحبك
قالت بمودة : لكل منا قلب آخر والسعيد منا من يكتشفه ،،

لا أهون من مشقة الطريق بمعسول الكلام ،،
فنور الأمان ثمرة مضنون بها على غير أهلها ،،
والزمان يتقبل ما دون ذلك ،،
ولكل على قدر همته ،،

تلقيت على يديك محبة لا تزول آثارها ،،
ولكني آثرت البقاء على الفناء ،،
إذا كان سروري بغيرك فسروري يورث الهموم ،،
وإذا لم يكن أنسي في رحابك فأنسي يورث الوحشة ،،

* * *

في مثل هذا الوقت ،، أجل عند هدوء حركة السيارات في الخارج ،،
وقد جذبتنا الحقيقة نحو بؤرة خانقة ،،
وغابت الأعين فلم يبق إلا التاريخ ،،
انقبض قلبي حيال الحيرة المقتحمة ،،
كدت أتصور أن الوجود قد مات لولا تصاعد الأصوات المكتومة ،،
وقال نحيبها كل شئ ،، ولكنها لم تعرف السر بعد ،،
من أين لها أن تعلم أن الأشياء تنحدر إليها من عهد سابق على التاريخ !!،،
من أين أن تتصور مدى الجنون !!،،
لم أكترث ،، كانت مجرد دهشة فقط ،،
وحتى الدهشة تبعتها ابتسامة

قالت بسخرية عميقة : ألن نحتفل بنجاحي ؟! ،،
قلت : ما الذي يدور برأسك ؟! ،،
قالت : أردت أن أشكرك على الهدية بآخر رسوماتي ،،

وأزاحت خرقة بيضاء تغطي لوحة لم أتبينها من قبل ،،
علق بصري بلوحة لم أتميز من أشيائها إلا تفاحة استقرت في مكان غمازتها عين بشرية هالعة تسيل منها دودة للأرض كأنها دمعه ،،
على حين اكتنفتها خطوط وألوان فاقعة وأجزاء متناثرة من أعضاء إنسانية وعظمة حيوان منقرض ،،
وبصفة عامة خيل إلي أنني أرى ركن غرفة - كانت مأهولة بأشياء- أثر زلزال عنيف مدمر ،،
وقاومت النفور المستقر في شعوري رغم محاولاتي القوية في مغالبته بالأحلام الخيالية المتألقة كالماس ،،

أغمضت عيني وأنا أقول : أصحاب العقول في راحة ،،
قالت : هل أعجبتك ؟! ،،
قلت بصراحة : يقشعر منها البدن ،،
فقالت ضاحكة : جيد ،، فهذا المقصود منها

* * * *

الوقت يمضي لا يرحم ،، النور يرحل ،،
واليأس يومض في الظلام ،،
لا أثر لشئ ،، لا أثر لحياة ،،
وهم أو كابوس ،،
أما اليأس فحقيقة ،، ودبيب الزمن يتلاحق لحتفه ،،
بصقه الأمل وعلاه الألم ،،
وكسا الحزن وجهه بطبقة من القطر المذاب ،،

لماذا خلق الشهد والخمر ؟!،،
وتمر بي هواتف متلاحقة ولكني دائر الرأس في مقام الحيرة ،،
فضوء الشمس ثابت لا يتغير ،،
ولكن ظله يتغير بالأشياء التي تعكسه ،،

معها أشعر بطيب الحياة وبهجة الدنيا وأفراح النفس ،،
ولو أني تركت لعواطفي لما وسعتني الدنيا هذيانا ً وجنونا ،،
كيف يستطيع الصمت أن يقضي على آمال ضاقت عنها الدنيا بأسرها ،،
قضى علي الدهر بالهوان وأهوى بي من سامق المجد والسعادة إلى زوايا النسيان والشقاء ،،

الوداع أيتها الحياة التي تستأدينا فوق ما تستحق ،،
إن القلب يغلي ويفور وينثر الشظايا المحرقة فتملأ الجو حمما ،،

تبادلنا كلمات رقيقة في جو كئيب ،،
الدبيب الزاحف في تقديرها للجنون يعزف ألحان الفوز المرتقب ،،
تناغمت الألوان في الصورة ولم يبق إلا إطارا ً يزينها

قالت : إنك صائر إلى موت محقق
فقلت : كلنا صائرون إلى الموت
قالت : ثمة موت يدركك وأنت حي
قلت : إن ما أبنيه في دهر تهدمينه أنت في ثانية واحده

أنصت قليلا فانحدرت من عينيها قطرة كأنها لؤلؤة تنساب على أديم عاج ،،
ما أحلى ارتباكها إذا ارتبكت ،،
ما أجمل نظرتها وهي تستهديني المعونة والثقة فأهدي إليها قلبي ومستقبلي

* * *

عندما رأيت الأفق يتهادى اجتاح جوفي فراغ مخيف تمادى حتى لفظني في العدم ،،
تطلعت بشغف نحو أشياء ظلت دهرا ً طويلا ً متقوقعة ،،
حتى ثارت ثورتها فحطمت القشرة الصلبة التي حبست فيما وراء التاريخ ،،

استسلمت لأنامل ناعمة ،، لنعاس مهدهد ،،
وانتشرت أمامي عذوبة الحواس الطاغية ،،
دخلت منطقة الظل الحنون ،،
منطقة شفافة يمتزج في نسيجها الحريري وشى الحلم بعذوبة الواقع

إن ما بقلبي ثورة جامحة ،، أود لو أدمر بها الحاضر والماضي والمستقبل ،،
وأفر خالص إلى آفاق غامضة مجهولة ،،
فكيف أجد الراحة ؟!،،
إني أحلم بحالة تبطل فيها الشكوى ،،
ولكني برم بكل شئ ،،

إن حبي عنيد مثابر ،، شديد التغلغل ،، وحشي الغرام ،،
ولكن المآسي تتبعه كظله وتحوم حوله كالخواطر فلوثت حياتي بالآلام ،،
وها أنا معلق في الهواء ،، غائص في الظلام ،،
كأنما أعيش في الزمن الذي لم تكن الأعين قد خلقت فيه بعد ،،

استلقيت على الفراغ وأنا في نهاية من الإعياء ،،
كأني جريت شوطا ً قطع مني الأنفاس أو خضت معركة مزقت الأوصال ،،
حتى الخوف باخ تحت وطأة التلبد الذي خلفه الوهن

* * *

لا شئ ،، وإذا وجد شئ تمخض عن لا شئ ،،
أجل لقد انطفأت الشعلة وانسحقت الرغبة في الخلق وحل محلها فتور أبدي وتقزز لكل شئ بالوجود ،،
ما كانت الأحلام إلا رمزا ً للتخلص من متاعب راهنة في الحب والمحبوب ،،
وإذا تطلبت تأملا ً كتم أنفاسها الجفاف والخمود ،،

إنه الموت ،، الموت كما يتبدى لحي ،،
إني أراه وألمسه وأشمه وأعاشره ،،
انخرطت في سباق مميت ولكن الجفاف استفحل حتى صرت جسدا ً بلا روح ،،
وتسلل إلي صوت الفناء الساخر ينذر بالنهاية ،،

* * *

استوى جسمها الناضج في هالة من الإثارة والجاذبية ،،
نظرت إلى لون عينيها الناعس في شهد رائق ،،

وسألتها وقد ثملت تماما ً بحضور الأنوثة الفواح : ربما !! ،،
رنت إليّ بنظرة موحية باليقين وتحركت ببطء ورشاقة نحو الباب ،،

فهمست على رغمي : أعني ،،،،
لكنها ابتسمت في ارتياح ظافر ومضت وهي تقول : إلى اللقاء

عبدالله الدوسري
01-16-2008, 12:56 AM
( 5 )


تبدت لي الدنيا عجوزا ً ماكرة لا حد لمكرها ولا لقسوتها ،،
فأضمرت نحو كافة وعودها الرفض والمقت ،،
وتنزلق فوق القلب كلمات العزاء فلا تترك أثرا

لم تخل الحنايا من أسى ،،
ولكن سرعان ما غرق الأسى في خضم من الحقد والغضب ،،

تساءلت ،، لم َ يضحك الإنسان ؟! ،،
لم يرقص بالفوز ؟! ،،
لم يطمئن سادرا ً فوق العرش ؟! ،،
ولم ينسى دوره الحقيقي في اللعبة وينسى نهايته المحتومة !!
لماذا وقع ذلك ،،
ماذا جنيت ؟! ،،
لماذا تذعن الأشياء لأوامر صارمة ؟!

شعرت بأني أتغير ،،
إني أملك حواس جديدة وأرى عالما ً غريبا ً ،،
عقلي يفكر بقوانين غير مألوفة وهاهي الحقيقة تكشف لي عن وجهها !!

رنوت إلى المنطوية على الأسرار طويلا ً ،،
طويت الغطاء عن الوجه ،،
إنه ذكرى لا حقيقة ،،
موجود وغير موجود ،،
ساكن بعيد منفصل عني ببعد لا يمكن أن يقطع !!
غريب كل الغرابة ،، ينكر ببرود أي معرفة بي ،،
متعال متعلق بالغيب ،، غائص في المجهول ،، مستحيل غامض مندفع في الفناء ،،

خائن ،، ساخر ،، قاس ،، معذب ،، محير ،، مخيف ،، لا نهائي ،،
يا حبيبتي ،، إني وحيد ،،
وغمغمت بذهول وتحد : كلا !!

يد غطت الوجه فأغلقت باب الأبدية ،،
وصوت يهمس : ولماذا ؟!
تهدمت الأركان تماما ً ،، ولسان الأسى يلعب لي هازئا ً ،،
ثمة عدو يتحرك وسوف أنازله ،، لن أتأوه ،،
لم أذرف دمعة واحدة ،،
لم أقل شيئا ،،
تحرك لساني مرة أخرى مغمغما ً : كلا !!

إنما يخشى الحياة الضعفاء ،،
أما معاشرة الزمن وجها ً لوجه فعذاب لا يعرفه الخيال ،،
ما جدوى الحزن ،،
ما فائدة السرور ،،
ما مغزى القوة ،،
ما معنى الموت ،،
لماذا يوجد المستحيل ؟!
وثار القلب والعقل حتى هتفت في سري : بشرى للشياطين !!

وغاب الزمن تماما ً ،،
رأيت السماء تشتعل بالنيران ،،
رأيت بركة الدم الأحمر ،،
ووعدني المجهول بإدراك كل شئ إذا كشفت الغطاء مرة أخرى ،،
ولكن تلك اليد منعتني ،،
أغمضت عيني ووددت كسر تلك اليد ،،

رباه أيوجد معي آخرون ؟! ،،
أيوجد آخرون في الدنيا ؟! ،،
من قال إذن إن الدنيا خالية ،،
خالية من الحركة واللون والصوت ؟!
خالية من الحقيقة ،،
خالية من الحزن والأسى والندم ،،
إني في الواقع متحرر ،،
لا فرح ولا حزن ،،
ذهب العذاب إلى الأبد ،،
حلت شياطين السلام ،،
وثمة صداقة متوحشة مطروحة على القوى العاتية !!

هنيئا ً لمن يروم أن تكون النجوم خلانه ،، والسحب أقرانه ،، والهواء نديمه ،، والليل رفيقه ،، وأم دفر عدوه ،،
وللمرة الثالثة أغمغم : كلا !!

وساد الصمت ،،
إلا من هسيس الخواطر الدامية

عبدالله الدوسري
02-04-2008, 08:35 PM
( 6 )
هكذا تـُوّجت قاتلا ،،
والمناقشة المدببة كانت أقوى من الصخر،،
وأخذ الأصوات في ديموقراطية دامية ،،
يبعث عبث الشياطين

استقبلتها بعقل شارد يهيم في وديان المجهول ،،
قالت : كم اشتقت إليك ،،
ابتلعت الحديث وقلت يا عزيزتي ،، إنك حلم وردي في عالم من القطران ،،
وبنظرة للكواكب نجد أنها تسبح في أفلاك متأثرة باختلاف أحجامها ،،
فمساراتها محددة بصراع طبقي أزلي سرمدي ،،

قالت : كيف حالك ؟!

أجبتها بابتسامة ما ،،
لا أزال حيا أمارس هوايتي في تعذيب العذاب ،،
وبُعث الماضي ثم مات من جديد ،،
أجل ،، ربما هي شعلة النار التي أهلكت آخر نبتة خضراء ،،
النهاية التي ليس وراءها نهاية ،،
تفتت الكون وضج بسخرية الشياطين ،،
والنار تتمادى في الاشتعال ،،
اغمد خنجرك فحتى قيصر قد قتل ،،
فهل أنتهي بصب الظلال على الحمم التي يمور بها قلبي ؟! ،،
لكن خيالي كان يدمر كل شئ ثم يقف حائرا ً أمام عينيها ،،
فلنتناطح إلى الأبد

ونشط الصمت ليهدم ويعيد البناء ،،
لا دليل لدي على غبطتي إلا ارتعاشة الفرح التي خامرتني ،،
أي شيطان يكمن في القلب الذي نذر نفسه للوجود ،،
فليتجل الليل في صورة ملاك باك ،،

قالت : إنك لا تكاد تسمعني ،،
قاومت رغبتي في الضحك ،، يا عزيزتي ،، إني أسمعك ،،
صوتك يملأ قلبي ،،
يحرك جذور وجداني ،،
إني أصعد في مدارج السماء ،،
فما أجمل صوتك ،،
رقيق كالرحمة ،، هامس كالسر ،، عزيز كالنور ،،
بكل جوارحي أصغي إليك ،،
بلى أصغي إليك يا فتنة النور والأمل ،،


الواضح أن الإيقاع يتضاعف والجنون يتفشى ،،

ماذا يعني لو حاورت الهواء ؟! ،،
لا يوجد شئ ،، إن هي إلا سعادتي بزيارتك المفاجئة ،،
وتمطى السخط في ذاتي مشعشعا ً بالجنون الأحمر ،،
فلتنطلق الروح من قمقمها ،،
وليقدم العذاب مكللا ً بالضحايا ،،
فلولا عصور اللحظات لما عرفنا الواقع ،،
تماما كما في النور والظلام والسرور والحزن ،،
حتى في لغة الأرقام والمنطق التي لا تكذب نقوم أحيانا ً بإثبات عكس نظرية ما لشرحها ،،

قالت : أجبني ؟! ،،
فتلاشت ابتسامتي بماذا !! ،،
أجد أني لا أملك سواك ،،
وأنت للأسف لا تملكين سواي ،،
فعلينا أن نعتصر الكون للإبقاء على ذلك ،،
ولكن صدقيني إن رؤيتك تبدد أحزان الأرض جميعا ،،
ولا أدري لم تذكرت شجارا داميا في الماضي ،،
لذلك نظرت إليها صامتا ،،


ابتسمت وقالت : إني أكره برودك أحيانا ،،

فقلت : وإني لأحب حرارة عطرك دائما ،،
فالعقل أسمج محدث في موقفنا هذا ،،
والليل في الخارج يزفر نسمة لطيفة أما في الداخل فثمة نذير بجو رطب ،،
ألقيت عليها نظرة لاهثة ،،
عيناها تعكسان نظرة غريبة ،،
إنها تعيش خارج أسوار الزمن ،،
اسمع موعظة ،،
يا عزيزتي ،، لقد ذاب كل شئ وترسبت الكآبة حتى تجسدت ،،
وها هي تعيد السؤال ،،
فلتزدادي حيرة وعذاب ،،
وقلت : حسنا ،، لماذا ؟! ،،
فقالت : أخبرني فليس للجدران آذان ولا عيون ،،

ألا يحق للحياة أن تسلط علينا دود أرضها ،،
الموت أهون من التراجع ،،
ركبني عناد ذو عين واحدة ،،
لماذا تغرر بنا الدنيا في لحظة ما ؟! ،،
لماذا تهمس لنا بعذوبة غير موجودة ؟! ،،

أيا عزيزتي ،، ما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه في العدم ،،
إنك لا تدرين شيئا ،،
إنك أبرأ من أن تحيطي بأسرار القلب إذا نفث دخانه ،،
من أين لك رؤية البركان الخامد وأنت لم تشاهدي جوفه المتفجر ،،
ومن أين تجئ هذه السحب التي تحجب النور ؟! ،،
ألا تكفيني السحب التي يسبح فيها قلبي


شئ هتف بي أن الجمال الآسر قد خلق للقتل ،،

وأن الأسى أثقل من الأرض وأشمل من الهواء ،،
وأن الإنسان لا يتنفس بحرية إلا في منفى الأحلام
تأمليني ما استطعت ،،
أنا دنيا الأسى بلا زيادة ولا نقصان ،،
قالت ضاحكة : أتخاف الصراحة وأنت من عشاق " البيداء تعرفني "
و " علو في الحياة وفي الممات " ؟! ،،


ولكن الدنيا لاتهمني كما أنني لا أهمها في شئ ،،

أما الدموع فقد حفرت في صفحة الليل السوداء نقوشا ً لا تمحى ،،
وراحت في حديث طويل عن الأمل والقنوط ،،
لو أن لبائع الخضار قدرتك على الجدل ،،
لدلل أن يلعب دورا ً خطيرا ً في تاريخ البشر
ولا يبعد أن يكون لكل شئ قيمة ذاتية ،،
ولا يبعد كذلك ألا يكون لشئ قيمة ألبته !! ،،
كم من الناس يلفظ أنفاسه في هذه اللحظة ؟! ،،
وفي الوقت نفسه يرتفع صوت طفل بالبكاء على فقد لعبة ،،
أو صوت عاشقة تبث الليل والكون والهاتف متاعب قلبها ،،
فها هي الأشباح تستعد ،، هل سنضحك أم نبكي ؟! ،،


فقلت متوغلا ً في انفعالاتي الطارئة : القلب نبع يفيض بمنصهر المعادن النفيسة والخبيثة ،، والسرور توأم الحزن ،،

قالت : إنك تهذي

الحق أنني محبوب الأقدار ،،
الأقدار تعشقني فهي لا تغفل عني لحظة ولا تنام ،،
تنهدَت بصوت مسموع ورفعت عينيها إلى السقف وهي تتمطى حتى ترامى جيدها كتمثال من البرونز ،،
فتحت عيني فرأيت تلالا ً حمراء فوقها سماء تقطر غبارا ،،
غازلتني ذكرى وسرعان ما تلاشت ،،
إني أتنفس في كهف تسكنه اللامبالاة ،،
ينحسر الضباب عن وجهها ،،
يدهمني الوعي بغلظة وضحكة صفراء ،،

قالت : لكل منا أحزانه ،،
فقلت : فلا داعي لذكر ما يجرحنا ،،

وبدأت العاصفة تهب على وجهها هبوبا ً لا يخفى على عين ،،
بدأ وجهها الحنطي يلبس أقنعة مختلفة متوالية متعاقبة ،،
منها القاني ومنها الشاحب ،،
ومنها الأبيض الثلجي ومنها الأغبر ،،
أما عيناها فقد استحالتا إلى نرجستين ،،
فيهما جمود واستبداد ،،

الأحزان !! ،،

إنها تتكلم بلا حياء عن الأحزان ،،
الجميلة تمدني بجنون لسهرة كاملة ،،
إذا جاء الطوفان فلن يستحق السفينة إلا أشخاص لا أعرفهم ،،
أمل مجهول خير من يأس راهن ،، فلأستبشر خيرا ً ،، فأي شئ خير مما كان ،،
ومن السخرية أن كل شئ له نهاية حتى آلة التدبيس فقد وضعت نهاية ما ،،
وثمة تغير مبهم يزحف بهدوء وحذر كالليل ،،
ليس الصمت هو الصمت ولا الكلام هو الكلام ،،
امتلأ المكان بالأشباح ،،
وسقوني جرعات ضخمة من شراب الأعاصير ،،
وقالوا لي إن من يهدم مدينة خير ممن يحافظ على جدار قديم ،،

قالت : هل قلت شيئا ؟! ،،
فقلت بسرعة : كلا ،،

أجل ،، سأقبض على كل شئ وأدمر كل شئ ،،
أحيانا يجتاحني شعور بأني لست أنا ،،
وهذا الجسد لا يحتويني ،،
وكأني مجرد ممثل سينتهي دوره في المشهد عما قريب ،،
ليقف يضحك مع طاقم التصوير ،،
فأقوم بتحريك رأسي أو ذراعي حتى أعيد إحساس الحياة داخل جسدي ،،

قالت : ارفع الصوت ،، استمع إلى هذه الموسيقى إني أحبها ،،
فقلت بصوت غريب لم تسمعه : وإني معذب ،،
وغصت في بئر ،،
لا قدرة لي على الانفراد بوساوسي ،،
إني غريب بلا وطن ،،
تشتت فكري ،،
ليكن ما يكون ،،
فلن يصيب أسوأ مما أصاب !! ،،
ألم نبدأ من ملتقى مفعم بالحرارة والأحلام الجميلة ؟! ،،
أين نحن من ذلك الآن ؟! ،،
و هاهو الليل في الخارج يظل وحيدا لا أمل له في التغيير ،،
وتنبثق الصور من واقع ثقيل صلب يجتاحنا بصراحة مرعبة ،،
يجتاحنا بتحد مخيف ،،
أيا شياطين كفاك ،،
الصور تتماوج أمام مخيلتي مخضبة بالدماء والوحشية ،،
أريد أن أتنفس بكلمة ،،
لطالما قلت بأن نشوة الطرب تستحق جبلا من العذاب يُدفع له ،،
طالما هناك من يتألم ،،
سحابة الدخان المنعقدة في الغربة تزيد من غربتي ،،
أغوص في الرعب ،،
والأنغام التصقت على الجدار بنظرة بلهاء في صورة الملكة وهي تنتحر ،،
وأستمع للخطبة الرائعة فوق جثة قيصر ،،
ها هي الأحزان تتخايل لعيني ،،
ها هي الشياطين تتبادل الأنخاب ،،
وعندما انتهت المقطوعة التقت أعيننا بنظرات مترعة بالذهول والسذاجة

قالت : ما بك ؟! ،،
فقلت بغيبوبة : أحبك ،،

الفتاة لا تكف عن الأحلام ،،
أجل ليس المعزي كالثاكل ،،
ولكن تجربة الحب ثمينة ولو بالعذاب ،،
ما هذا ؟ ،،
من هذا ؟ ،،
شبح من الضياع ،،
إلي بخنجر مسموم ،،
سأكون جافا مثل الزمن ،،
فلتمت الشياطين بغيظها ،،

عبدالله الدوسري
03-12-2008, 10:11 PM
( 7 )


وهناك ،،
شمس غاربة ،،
نظرة ناعسة ،،
قبلة ذائبة ،،
صخرة مبللة ،،
بركات ذات ،،
وغرام قلب ،،
أيا بسمات ،، إني أسألك


وما مضى من وقت يذكر في تاريخ الحياة ،،
حتى انتبهنا على جعجعة نيزك داهم على الراحة فيفتتها في لحظة مهداة للأحزان ،،
ومن الحماقة أن أتحدى أحداثا ً تحمل فوق جبينها طابع القدر ،،
وسيمسي كل شئ حلما ً لا يتحقق إلا بحلم ،،
ولا يبقى لي إلا أن أضحك بلا سبب ،،
أردت أن أحلل رؤيتي ولكن حماسي فتر فجأة ،، وصمت ،،


قالت وهي تداري ابتسامة : المسألة أكبر من ذلك ،،
قلت : أجل ،، ولكنني أسير هذه اللحظة ،، الأخيلة المرحة تطاردني ،،
فقالت : ماذا يدور في رأسك ؟!


وكان إصراري أقوى من صوتي ،،
الآن عرفت الحياة والناس كما عرفت الوحشية والعذاب ،،
واستمديت من تجربة الجوع قوة أشعلت بها شمعة في عالم يموج بالظلام ،،
فغمرتني اللحظات بالحب والحنان راشقة في سمائي السوداء نجمة ماسية ،،


أجد في حديثها المتواصل سلوى مثل دفقة ضوء تلقى على قبر ،،
كأنها آهة رقيقة انبعثت من حورية سماوية إلى أرضها المعشوقة لأنها دار الفتنة ،،
فما زالت تتصفح كل وردة وكل خد ،،
حتى رأتها وهي تبتسم فاختبأت بين شفتيها ،،


سرى في داخلي ذلك الشهد قليلا ً قليلا ،،
فلا والله ما منه نشوة خمر ولا نفثة سحر ولا رجفة طرب ،،

ثم سرى كثيرا ً كثيرا ،،
فما هو إلا أن أصاب قلبي حتى انتفض برقتها ،،
فكانت هذه النبضة هدية الروح إلى رحابها


قالت بمودة وبساطة : لا شئ ينسى ولا شئ يبقى ،،


ولكن القلب يتقطع إربا ً،، وبلا أدنى إرادة يزحف الحزن مهيبا ً منذرا ً بالخلود ،،
وصحراء قاحلة تقترب لتكون لي منفى ،،
لم يبق إلا وجع يخفق وحده كقرار نغم يفتقد جوابه على الدوام ،،
فإن ما يوفر لنا بعض الطمأنينة هو اعتقادنا بأن حياتنا منطقية متناسين ما يدهمنا من أحداثها بلا نذير كزلزال ،،
وإذا تهاوى بناء شامخ فما جدوى السؤال عن حجرة من حجراته !!
وابتسمت للأحزان في إغراء ،،
ولما ترامى الزمن دون حركة تحولت الابتسامة إلى توسل ،،


وفدت إلى حياتي في وقت استقر فيه زحل في برج الحظ المائل ،،
ولكنها بعثت الحيوية وهيجت الأخيلة وقدحت زناد الأهواء الجامحة ،،
غزت الوجدان بسحرها ورسم الأفق هامتها لتنبض العروق بالحماس ،،
أراقب الأبخرة التي جاشت بالصدر بعين تطفح بالأسى فيحدس قلبي المتاعب المقبلة في طيات السحب ،،


قالت : بودي أن أجئ مرة وأجدك سعيدا ،،
فقلت : ولكنك تجديني سعيدا ً بقدومك ،،


وما أسرع ما اجتمعت أشتات الحياة التي وزعتها الآمال ،،
لتنغمس في بقاياها العذبة التي صبها الهوى على أدق شعيرات النوازع صبا ،،
كما يسقي المطر الزرع لتنهض ثماره ،،


وصمت الهزيع الأخير من الليل الذي أعجز عن وصفه ،،
والأفكار الفوسفورية الخاطفة التي تتوهج لحظة ثم تختفي إلى الأبد ،،
إذن فأنا سعيد أكثر مما أستحق ،،
فما أسعدني من عاشق صرخ بالسماء فأمطرت حنانا ،،
وداس الأرض فأنبتت واحة نضرة ،،


ليست المسألة محض عبادة للحقيقة ،،
ولكنها ذات عواقب محتومة ،، فلا ضمان للنذور بعد الأخذ بها ،،
وسرعان ما ترتفع الأصوات مطالبة إياي بالثأر


هي الحياة الإنسانية الأصيلة ،،
جربها بشجاعة إن استطعت ،،
اقتحم الأبواب بجرأة ،، لا تتمسكن فكل ما تحتاجه هو حق لك ،،
هذه الدنيا ملك للإنسان ،، لكل إنسان ،، ألست إنسانا ؟! ،،
فعليك أن تتخلى عن إنسانتك السخيفة ،، هذا كل ما هنالك ،،


واسترقت النظرات إليها ،، هادئة كغير عادتها ،،
فساورتني الشكوك وازدحم أفقي بالفكر ،،
وسرعان ما خفت التغاريد حتى العدم متراجعة إلى نوم أبدي ،،
نظرت إلى لا شئ لا أنشد شيئا ،،
وحانت مني التفاتة إلى الظلام فأنكرته ،،
كأنه شئ غريب يخرج من باطن الليل ،،
غير الكائن السحري الذي جرني إلى السعير منذ قليل
شئ أخرس بلا تاريخ ولا مستقبل له ،،
وإدراك مسبق لقبول المأساة بعظمة تناسب المجهول فيما يبدي من لمحات خاطفة عن ذاته اللانهائية ،،
تحصنت بالبرود العاقل والقاتل أيضا ،،
وقلت لنفسي إن أحدا ً لا يعلم الغيب


إني أسخر من قلبي ،، ثم أتبعه على ما يريد ،،
لم يعد جرح واحد يسهل إخفاؤه ،،
كل فترة يطل جرح جديد بنظرة باردة ينذر بإيقاع جديد للحياة ،،
لعبة طارئة ،، يتجرعها الإنسان بلا استساغه ،،
ثم يجد نفسه وجها ً لوجه مع الفناء ،،
ويلقي نظرة على الحياة الشاملة ،،
يتلقى أنفاس المجهول بامتعاض ،،
يتوثب أكثر للصراع ،، يسلم بالهزيمة ،،
ولكنه يأمل أن تأتي مقدسة


تطور الحديث من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم ،،
فسمعت : " والذي أسكر من عذب اللمى " ،،
ولذلك شعرت أنني أثب وثبة موفقة نحو الحياة المضيئة ،،
وأنها لن تخلو بعد اليوم مما يحرك القلب والعواطف ،،
وتبددت بعض الشئ سحب الذكريات الداكنة ،،
فقلت لنفسي إن عالمها لا نهائية لتنوعه وعذوبته وعذاباته ،،
والسعادة هي غاية الإنسان في هذه الحياة


فالآباء لعبوا دورا ً عرفيا ً زائفا ً كغطاء متهتك للاستبداد ،،
وتأتي المسافات وتذهب الأسماء ،،
وتقدم الزمان بخطا هادئة في جو صاف وطريق معبد ،،
واكفهر وجه العالم عندما ابتسمتْ ،، وتطاير منه الشرر بعدما تنهدت ،،
ثم انحسر قناعه الأصفر عن صهيل للصمت لتعلن الأشواق براعمها الصاخبة ،،
واقتلعت العاصفة الهوجاء كل قائم ولاذت القلوب بالأمان فمرحت وهزجت بالأغاني ،،


قال كولومبس : البحر يعطي الإنسان كل يوم أملا ً جديدا ،، فيما النوم يأتي بالأحلام ،،
فقالت : اسكت ،، ولنستمع إلى تراتيل الصمت ،،


وكأنما بقولها هذا رفعت صماما ً فوق كتفي عن مرجل يغلي ففاض كل ما في قلبي ،،
فخلت أني أسبح في عباب مصفق أو أطير على جناحي ريح مجنونة ،،
وأني أسمع ضحكات وهمسات فدغدغت قلبي لسعات الهيام ،،
وآمنت أنه ليس بالخمر وحده يسكر الإنسان ،،
ويخيل إلي أن عجلة الأيام تزيد من سرعتها ،،
غاية ما أذكر أن الزمان لم يكن موجودا ،،
هدوءا ً شاملا ً وعميقا ً حتى لتستمع فيه النفس إلى خواطرها ،،
وأوى الحزن في الجحور ولا مطمع له أكثر من النسيان ،،
إنها رمز للحب والخوف فهي حقيقة بأن تثير عواطف متناقضة ،،
أجل ،، حزن ظاهر وظلام خفي ورعب كامن تتناغم جميعا ً في لحن جنوني ،،
فبدونك الموت يعلن على الملأ ،، والنجوم تبكي ضيائها ،، وليس أمام الفراغ إلا الضياع ،،
ولكن السكر لا يدوم ،، وكثيرا ً ما يعقبه ندم ،،


لا أدري كم كانت تلك الفترة من حساب الزمن ،،
لأن الزمن ميزان يبين مقدار السم البطئ الذي ينفثه في الحياة ذنب العقرب بتلك النظرة الخاطفة إلى الساعة ،،
فالحب عند المجهول من ذاته !!
وقد سكت الصوت ،، وتهدم المعبد ،،
ولكن الدهر لم ينطق بالكلمة الأخيرة بعد
ودعتني بعد أن نظرت إلى ساعتها ،،
ولكنها قد أبقت بشئ منها في كل شئ ،،

عبدالله الدوسري
04-18-2008, 04:46 AM
( 8 )


عبثا أحاول تذكر الأشياء في مجراها المفعم بالوجود ،،
تلك النبضة المنبثقة من تلاقي الأحزان ،،
بحنان متلهف في أول مأوى آمن يتاح لي
في أي غيب كنت أهيم قبل ذلك منطلقا ،،
مع تيار متصل غير محدود من الحرية المزعومة ،،
حرية شاملة تشارك في مهرجانها قوى عديدة ،،
من الماء والتراب وحرارة وبرودة ،،
في تناغم مع دورة الأرض والقمر والشمس ،،
في حضن القدر الماضي في حوار دائم لا نهاية له

ألم تفرغ جدة بعد ؟! ،،
ما أكثر هذه الشوارع ،، وما أضيقها بعيني سيارة مجنونة
تثب هنا وهناك وراء المستحيل ،،
في عالم مسحور فيه كل شئ إلا الأمل ،،
وفجأة يخفق القلب خفقة لم يخفق مثلها مذ كان فكرة هائمة في عالم الغيب ،،
ويستوي الحب أمامه كنجمة متألقة في سماء صافية ،،
تمطر وابلا من الأفراح والآلام ،،
مجدة وراء موسيقى الكلمات وحمرة الورد ،،
وفضية شعاع القمر وحكمة صمت الموت



وبعد عناء طويل يجئ الحزن على غير موعد ،،
ملوحا بسياط محملة بالرصاص ،،
ما ألهبته تحدى العرف والتقاليد وأركان المعبد ،،
وبشئ من التردد يرمي نفسه في بئر الجنون الأحمر ،،
مزاجه الشهد والسم ،،
ليمحق المكر والخداع ،، والجمال والفضيلة ،،
ويترك القلب جثة هامدة تقف بهذا الطريق المظلم ،،
لكم هو مشابه بطريق الجبيل ،،
هكذا ،،
وبوحي من حسن الحظ تتراءى مرآة عاكسة للزمن بلا حلم أو خيال ،،
فما هي إلا احتمالات تطاول احتمالات ،،
ولكل همومه



بدا أن مملكة الفرح قد جذبت تماما ،،
وفي الخارج صور مشبعة برطوبة الجو الخانق ،،
بدت الألوان كالحة ،، ومضى الوقت أثقل من المرض ،،
وما أكثر الأنظار المتطلعة إلى الأفق ،، تكاد تمضغه مضغا ،،
فاستمعت لحديث الصمت بروح خامد شاحب ،،
وقد آمنت بأن العذاب لن ينتهي أبدا ،،
وبأنه نصب هدفا لأحزان لا ترحم ،،
وثقلت علي معاناة الحوار في الطريق المزدحم فتذكرت معارك الأمم ،،
وغزو الجراثيم ،، ومتابعة الصحة والعافية ،،
توقعت أن تحدث معجزة ،،
ولكن السيف ارتفع في جو قاتم ثم هوى مبددا كل شئ ،،
الدفء قتل غيلة ،،
ودهن العود سم زعاف ،،
وألبوم الصور متحف لآثار محنطة ،،
لا أنت أنت ،،
ولا أنا أنا ،،



ولن أعجب للنسيان إذا زحف علينا ذات يوم ليعلمنا كيف يكون السلوك في هذه الحياة ،،
إلي بجميع الشياطين التي تقيم في المقابر والبحور ،،
كفاني خداعا بالأحلام الكاذبة ،،
سأستخرج من الأعماق الجنون الرائع المخلوق أصلا للحياة به ،،
فإلى الأمام كما يشاء الواقع ،،
ولو دهمني في هالة من النيران المتقدة ،،
أيغار الورد ؟! ،،
كيف آبه لحصباء الدر المنثور حولك وأنت أجمل جوهرة ؟! ،،
فأنت الساحرة ،، أنت ذات الدل ،،
تكفي غمزة ماكرة من طرفك الساجي الفاتر لإذلال ألف قلب ،،
ها هي الأحزان ،، فلا عليك ،، سيحين دورك ،،
فربما ينقضي السهر رمزا للمعاني الجميلة والرغبة في معايشة الأنوار والمعجزات ،،
صارخا بالنبع وقد امتدت جذوره ،،
ورسخت قوائمه ،، وترنمت الروح بأغنيته المجهولة ،،
صامدا حيال كل شئ ،،
يحتوي الصمت والظلام فسما على الزمان ،،

عبدالله الدوسري
06-24-2008, 01:58 AM
( 9 )


يتحدث الليل عن اليقين ،، لعله يظن أنه يعرفه كما يجب ،، ولكنه صادق صريح ومنذر بالمخاوف ،،
رغب عن الصمت ليتيح لنفسه فرصة للتأمل ،، كما يبتسم الظلام للطفل بتدليل مغرم لو ترك الأمر له لما تعلم السير خوفا عليه من التعثر ،،


والأرض في مخاض لا ينتهي ،، في كل رفة جفن تتمخض عن ألف ألف عجيبة ،، لتعود فتحبل بألف ألف عجيبة ،، مواليد لا حصر لها ولا عد ،، تشقى وتسعد إلى حين ،، وقد تميع جبالنا بهجة بقدومه وتضحك سماؤنا وتصفق شمسنا ،،
فتجوب الفراغ كنذير أو كنحنحة خطيب ،، عند ذاك يتمايل غصن أو تنحسر عباءة ،، وتندلع شرارات تخطف الأبصار وتكهرب القلوب ،، وتنهل أحلام المطر في هوس يضم الأرض السماء في عناق ندي ،، فتختلط عناصر الكون وتموج وتتلاطم كأنما يعاد الخلق من جديد ،،


شئ يحدثني بأن تلك الدراما إنما تحكي أسطورة مطمورة في القلب ،، وتخط طريقا ما زال غامض الهدف ،، أو تضرب موعدا في غمغمة لم تفهم بعد ،،
فهذه ليست مجرد صخور يا عزيزتي ،، حسبها أن الزمان ينام في تجاويفها وأن الفصول تتناوب العبادة في هياكلها على ترانيم أبي ،، وعلى وشوشة نسمات وتهاليل ريح ولعلعة بروق وأناشيد المياه الهابطة من السحاب أو المتراكضة على أشرعة الموج ،،


ولكن الصغير لا يعرفك إلا في جدة ،، وجدة كلها صيف ،، ما خلت غبطة الاستمتاع بحديث الجوارح ،، بلسان لعاب الشمس المائل للغروب والنسيم الثمل على الأجفان وغيمة اللقاء البيضاء التي نبتت بغتة في الجلد الأزرق وراحت تتهادى حتى ارتوت ،،
وقد اتفقتا عيناك أن تسبقا الشمس في الغد إلى أمسي ،، تضحك لكل قطرة دم تبتزها شوكة قاسية في طريق الورد حيث تخومك ،، وتكتسي بحمرة الشفق وتمضي أماليدها الطرية تستطيل وتمعن في الصعود ،، وفي اختلاجها تكشف مفاتنها لدغدغة النسيم ،،
أما خدينة الزهر وصانعة الشهد فإنها كما لو كانت من أغلى بركات النعيم ،، فبريق الإيمان لن يخبو والعزيمة أبدا في تجدد ،، لـ سيد الأرض والسماء ،، سيد الأرواح والأجساد ،، تبارك اسمه وتقدس ،،


لله ما أروعه منظرا ورائحة وملمسا ،، على شفا أنفاس ماردة تشرف على ملتقى نظرة وجلة خجول ،، وغبطة طفل يرهقه السكوت ،، يريد أن يغني ،، أن يرنم ،، أن يصلي ،، أن يبوح عاليا بذاته ،،
- وهل صوتك رخيم ؟! ،،
- قد تجفل منه أنت ،،
- صل ولا تحترق ،،
ينطلق خافتا ،، مترددا ،، حتى شق طريقه إلى السماء وبات يملأ الفضاء ،،
تنغيما يمعن في الصعود والنزول ،، في الامتداد والانكفاء ،، وفي التلوين بين لفحة الشوق وفرحة اللقاء ولذة العناق ونشوة الانعتاق ،،
أما الضراعة ،، وأما الانسحاق والانكسار فلم يكن لها في صوت الطفل من أثر ،،


ولم يسأل عن وقع تورد الجمان على الوجنات في نفسه ،،
ولا الهواء الذي يحمل أنفاس البحر إذا كانت أعماقه قد عظمت منها حتى فتنت أعوام الحكيم ،،
تناجيه بلسانه ،، ولكنها هي التي تحرك لسانه ،، وكأنه إذ يناجيها ،، يناجي الذات بذاته ،،
هكذا ،، يشعرني أن الوجود في وجوده أعمق الإحساس ،، ولولا ذلك لما ناجيتها ،،
- أيكون حسك حيث لا كلمة تذيب الصيف ؟! ،،
- لا ،، ولكن الحب كذلك ملهاة من ملاهي الزمان ،،
- أيكون زمان حيث لا حياة ؟! ،،
- ولا تكون حياة حيث لا زمان ،،
ولكنني في نشوتي نسيت الزمان ،، ولولا أنني أحببت لما ثملت بجمالك ،،
ولولا أنك أحببتني لما عرفت الجمال ،،

عبدالله الدوسري
07-23-2008, 04:34 AM
( 10 )

رحالة :
إنها آخر المدن الأسطورية ،،
فلتدخل الآن ،،
ولتفتح ،، قبل أن تذبل الوردة ،،
حانة الوجد المغلقة ،،

* * *

تيه :
كم بعدت عنك ؟! ،،
كم فاضت الأرض ،، حتى توالت عواصمها بين كفيك ،،
كم غاضت السماء ،،
حتى غدت محض زنزانة ،،
لا تهن ،،
فنحن في آخر المدن ،،

* * *

نعاس :
شجيرات الصحو تميل بغصونها المدببة !!،،
والنجوم منذ الأمس ،، مسنـّدة على الحائط ،،
مثنى ،، مثنى ،،
وأنا أرقب أساطير الهزيع ،،
والظلال الهامسة ،، تنادي رفيقي الأخير ،،

* * *

تحية :
شمسك ،، وهي تقول صباح الخير ،،
للنجوم ،، للعيون ،،
تحاذر ما بين الغصون !! ،، هابطة ،،
من خصلات الورود ،،
حتى سكرة الأنفاس الناعمة ،،
حيث الشفاه ،،

* * *

عناق :
حيث الخصر ،،
ربما حين لا يبقى سوى لحظة ،،
نتذكر ما كنا سنقوله ،،
نعرف رائحة التيه ،،
ونسأل كيف يكون أول الليل ،،
ولكننا لن نقول ،،

* * *

حياة :
وثبت لأفتح الأسرار ،، ووجداني يسبقني ،، يطمس بحمياه معالم الوجود ،،
فقالت بحرارة : الصدق أعز ما يملك في هذه الحياة ،،


أجبتها بصمت ناطق فقد استخفتني الفتنة ،، وشعرت بأني أجري بعيدا عن كل شئ ،،
وأني أنطلق نحو المجهول بحماس دافق ،،
فشملت الظلمة المكان إلا لآلئ في تتألق في الجمرات ،، وانتشرت رائحة بخور عميقة مفعمة بالابتهال والنداء ،،
وحل وجود جديد ،، ثمرة للرغبة الحارقة المستميته ،،
حضور ذي وزن ملأ فراغ الزمان بثقله غير المرئي ،، وسرعان ما انقشعت وحدة الألم ،،


وقال لي دمي المتدفق إن النوم عسير في هذه الليلة الهائجة ،، وإني سأشهد سهاد العاشقين بلا عشق ،،
فمتى نحتفل الجنون ؟! ،،
ورحت أتذكر ما تيسر من أشعار المجانين ،،
ورأيت القمر من جديد متألقا في مركز القبة المرصعة ،، ناجيته مغمغما أن لا شئ يبقى على حاله ،،
الحب لعبة قديمة بالية فأصبح رياضة ،، الفسق رذيلة في المجالس فأصبح حرية ،، والنساء تقاليد ووثائق في البيوت فأصبحن مراهقة وفتنة ،،
والقمر كوكب سيار خامد فأصبح شعرا ،، والجنون مرض في أي مكان فأصبح فلسفة ،،
والشئ شئ حيثما كان فأصبح لا شئ ،،
وقد ينقلب النهل من متعة الحياة سقوطا أردنا أم لم نرد ،،
وما علينا إلا أن نصبر حتى تذوى الأوراق وتذبل وتموت ،،



قالت : أنا لا أخشى شئ ،، ولا آسى شئ ،، إذا لم ترن باسمة فلن أكون متجهمة ،، ماذا تريد ؟! ،،

قالت : ماذا فعلت اليوم ؟! ،،
يا إلهي ،، ألا نسى شيئا ،،

وحاولت أن أداري قائلا : بأي شئ ؟! ،،
نظرت إلى عيني وقالت باسمة : في يومك ؟! ،،


هاهي تخلق على حين أعجز عن الخلق ،، ورغم انسيابي في أسرار الخلق لم يساورني أدنى أمل في التغيير ،، ولا خرجت عن غربتي الأبدية ،، ولم يملأ الهيام الثغرة التي بيننا ،، وبين الدنيا ،، ورحت أتساءل متى يرن الصوت الأجوف ؟! ،،

لا مراء في ذلك ،، الوقت انسلخ من جلده ،،
هاهو يركض لاهثا ً وراء نداء غامض مخلفا ً وراءه حفنة من تراب ،،
تلك الدفعة الغادرة إلى الوراء فجرت رد فعل مضاد بقوة مضاعفة خشية السقوط ،، وها أنا في سباق حاد مع الجنون ،، وغايتي الأخيرة أن تنطق غصون الشجر ،،
لست ماجنا ولا عابثا ،، ولكن منذا يفرق قاتل وعابد ؟! ،،
أو يصدق أنك تقيم للعربدة معبدا ؟! ،،
وسوف ترن أوتار الحكمة الكالحة باعثة كلمات تقريع جامدة خشنة كالغبار ،،
الملل كرّه إلي الاعتذار ،،


وتضخمت السقطة حتى أنذرت بالعدم ،، فتهلل وجهها فاربد قلبي ،،
والتمعت عيناها بفرحة ظافرة فتجهمت الدنيا في وجهي ،،
وتضمن الفراغ الخابي أنغاما ً صامتة من الرقة والحزن ،، وأسئلة مضنية عسيرة الجواب ،،


قالت : ربما تعاني الأيام أزمة حادة لفن مكبوت ،،
قلت : بل ربما ما نلجأ بسببه أحيانا ً إلى الفن ،،
فقالت : ولأنه لا يوجد وحي في عصرنا فلم يبق إلا الثرثرة مثلا ،،
قلت : وأنت ؟! ،،
فقالت : في عدد من المرات رسمت على جدران غرفتي ،،


في الليل والنهار ،، في القراءة المجدية والشعر العقيم ،،
في الصلوات الدينية والوثنية في الباحات ،،
في تحريك القلب الأصم بأشواك المغامرات الجهنمية ،،
والكراهية تنبت في مستنقع آسن مكتظ بالحكم التقليدية ،،
ولا عزاء في شئ فالعفن قد دفن كل شئ ،، وحبست الأحلام في برطمان قذر كأنها جنين مجهض ،، واختنق القلب بالبلادة والرواسب الدسمة ،، وذبلت أزهار الحياة وجفت وتهاوت على الأرض ،،


وقلت بنبرة زايلها تطريب الغرام وحنانه : لمَ لا تكتب ؟! ،،
قلت : لماذا؟! ،،
وكنت أفكر في العنكبوت الذي يبني بيتا غاية الغرابة ليصطاد ذبابة ،،
فقالت : مثلا ً غازلني بقصيدة ،، ألا أستحق ذلك ؟! ،،
قلت : الشعر جميل ،، ولكن أجمل منه أن نعيشه ،،


الحزن ،، اللعنة التي تدفن ولا تموت ،،
ويمسي الوجود بلا سر ،،
وتنبعث الحسرات لتخريب كل شئ ،،
الرنين الأجوف لا يصدر عن إناء ممتلئ ،،
لذلك فإن أملي الأخير أن يجود الحب بنشوة دائمة ،،
وسوف تتلاقى الأعين في دهشة مزعجة ،،
فليكترث بذلك غيري ،،
تجلت في نظرتها المستطلعة رغبة ملحة في حل اللغز ،،
شخصية فاتنة حقا ،، مهذبة كأنما خلقت للرأي والحكمة ،،
قوة دافعة لا تعرف التواني ،، ونظرة ثاقبة في استثمار الأمل ،،
أحيت الكائن دفعة واحدة ،، النصر الدائم وسط الهزائم المتلاحقة ،، وهي التي سحقت الشك والخمول والمرارة ،،


وسطعت الجو نفحة زنبقية ،، وفي فترات الصمت تجلت وشوشة الأغصان ،، وتوثبت لطرق باب الهوس ،، ورأيت أنماطا ً غريبة من البشر ،،
فقلت لنفسي كالمعتذر : هذا ما فعل بنا المرض ،،
دعتنا موسيقى المجهول إلى الرقص ،، وهام في وجداني شذاها ،، وحلا الليل ورقت الرطوبة وازدهرت مجامع النفس ،،
هاهي الشمس تتهاوي اليوم للمغيب ،، قرص أحمر كبير امتص المجهول قوته وحيويته الباطشة ،، فرنت إليه الأعين كما ترنو إلى الماء بكل جسارة ،،
وتدفقت حوله كثبان السحب وضاءة الحوافي موردة الأديم في مهرجان من الألوان الماسية ،،
قالت : إني أعرف ذلك ،، ولكنك تهرب ،،


ما أشد استجابة نفسك لـ تهرب ،، كأنها مفتاح سحري يلقى إليك في جب ،،
ولكنني قلت : صدقيني لا شئ يدعوك للقلق ،،
أجل لا شئ غير الضجر ،، كأنما كتب عليك أن تناطح نفسك ،،
خبرني ماذا تريد ؟! ،، ولماذا يخيم الصمت رغم الضجيج ؟! ،، ولم َ يتنبأ شئ في صدرك بمخاوف هوائية ؟! ،، وفي كل لحظة تشعر بأن صلة تتمزق محدثة صوتا مزعجا ،، وأن قائما يتزعزع ،، وقلت لنفسي إننا نتمزق بلا سبب حقيقي ،، وذاك جوهر المأساة ،،
تمام كما يعجبني جو جدة في غضباته النادرة شتاءا ،، عندما تتراكم السحب وتنعقد جبال الغيوم ،، ويمتلئ رواق السماء بلحظة صمت مريب ،، ويدوي عزيف الريح في الآفاق ،، ويجلجل الهدير ويعلو الزبد حتى أعالي الصخور ،، ويجعجع الرعد حاملا ً نشوات فائرة من عالم مجهول ،،

أما العلم لم يبق شيئا ً للفن ،، ستجد في العلم لذة الشعر ونشوة الدين وطموح الفلسفة ،، وربما لم يبق إلا التسلية ،، وسينتهي يوما ً بأن يصير حلية نسائية ،، اقرأ أي كتاب في الفلك أو في الطبيعة أو في أي علم من العلوم ،، وتذكر ما تشاء من المسرحيات أو دواوين الشعر ثم اختبر احساس الخجل الذي سيجتاحك ،،

وهكذا شهد الشاطئ لقاء آدم وحواء ،، ولكن لا يدري أحد من سيخرج من الجنة ،، وأين المهرب من نظرتك الثاقبة ؟! ،،
وما الجدوى من مجادلتك ،، وأنت تعلمين ،،
وهذه النظرة الحالمة ماذا وراءها ؟! ،، ألم تضني علي بحلم رغم الصراحة التي تبارك أحاديثنا ؟! ،، إن تلك التناقضات قد محيت تماما ،،
كلا ،، إنها أزيحت بتناقضات جديدة ،، وسوف تثبت الأيام ،،
لبثت منفعلا ً وهدير أمواج الحياة يتتابع في دفعات مدوية متقطعة راطنا بلغته المجهوله ،، ثم مضى الانفعال يهدأ وينخفض ويبرد حتى انداح في مستنقع من ماء غسل زبد الكآبه ،، فإن الهبوط يذكر بالصعود ،، والضعف بالقوة ،، والعبث بالبراءة ،، واليأس بالأمل ،،

العـنود ناصر بن حميد
07-23-2008, 07:33 PM
ماتزال هذه الثرثرة
ثرية
حد الجلوس هنا بصمت
والإصغاء والابتسام

عبدالله
كن بسلام

عبدالله الدوسري
09-24-2008, 03:28 AM
العنود ،،،
نلاحق نظرات الصمت ولا نعلم إلى أين يأخذه الإصغاء ،،
مرورك دائما يسعدني فلا تطيلي الغياب ،،
كل عام وأنت بألف خير

عبدالله الدوسري
09-24-2008, 03:32 AM
وثبت لأستقبل الحديث من خلف الباب ووجداني يسبقني يطمس بحمياه المعالم ،، كانت الغرفة نعسانة في جوها الرطب شبه المظلم الذي لا يدل على وقت ،،
قالت متأففة : كيف تطيق هذا الجو ؟! ،،
فقلت : كم الساعة ؟! ،،

فاتنة من فاتنات الأعشاب الطرية والزهور الندية ،، صال الظلام وجال فحكى على أنغام الجيتار مجد غابر لا شاهد عليه إلا ضميره ،، إذن فالحياة مقبولة رغم كل شئ ،، وواعدة بمسرات لا بأس بها ،، لنوطن أنفسنا على مواجهة الحقائق التي عرفناها معا في ليلة واحدة ،، بين البين تاهت أم لم يأت بيانها بعد ،، فتذكرت بأني أقف في جهة تجمع ما بينها العديد من التوجهات المتطاحنة ،، كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة ،، في كرة أرضية تهيم وسط مجموعة شمسية لا سلطان لي عليها ،، والمجموعة ضائعة في سديم هائل ،، والسديم تائه في كون لا نهائي ،، وأن الحياة التي أنتمي إليها مثل نقطة فوق ورقة شجرة فارغة ،، وأن علي التسليم بذلك كله ثم أعيش لأهتم بالأحزان والأفراح ،،
لا أدري أين كانت حينما سألتني : هيه أين ذهبت ؟! ،،
فغر رأسي ونفض ما فيه وقلت : أنتظرك ،،

إن لديك إحساسا عاريا ،، ولا بد له من ثوب أنيق جدير بالعواطف عندما تختال فيه ،، وتتناجى الهمسات وتنداح في الجو موجة من الأسرار الخارقة ،، كذلك يتفتح القلب لصوتك ،، كما تتفتح الأزهار لقبلات الصباح ،، أعلم بأن لك ألف عاشق وعاشق ،، وقد لا يحصون عدا ،، فكل من حولك هائم ،، ذرات الهواء وأجنحة الفضاء ونجوم السماء ،، فماذا بقي للشريد منك ،،
وراحت تختم الأغنية مرددة مطلعها حتى غابت الأنغام كما تغيب طائرة بعزيز وراء الأفق ،، وسحاب أزرق يخفي القسمات ولكنه ينبئ عن سحره بطريقة تثير الخيال ،، حتى التصق البصر في جرأة الثمل ،،
لو أن الحب ذا سياسة أخرى ،، لو أن المعاني لا يحرفها تيار ويظهر الدمع راقدا في حضن الفتور الجليل ،،
قالت : أراك لا تتكلم إلا قليلا ،،
فقلت : السعيد لا يجد ما يقوله إلا قليلا ،،

فاستويت حصنا منيعا من اليقين خليقا لأجن العواطف والترهات ،، هناك رؤوس في النوافذ ،، فيم تتهامس ؟! ،، أريد أن أر تأثير ذلك المنظر في وجوه الشياطين ،، دفعت بقاربي المضطرب ونشدت القرابين ورموز الآمال أن تكوّن من الأعضاء المتنافرة والمتناحرة جسدا ينبض بالروح يعلمني التوافق في بناء ترعاه عين الانسجام ،، أن يصهر العذابات في نغمة تنعش الجنون بجمال البصيرة ،، أن يسكب الشهد المصفى في عناد الوجود ،، سترين الحلم وهو يمحق الزمان والمكان ،، حتى شعرت باستعلاء فارس ضبابي يعيش بين رعاع ،، حق قد صقل الحظ البعض ،، نفس الحظ الذي ينفخ في الشمعة لتنطفئ ،، وها أنا أخندق في الخطوط الأمامية ،، عاودتني ذكريات حميمية وأحلام دموية ،، صراعات ،، حروف ،، بنيان راسخ الأساس ،، راعني ترهله وانكساره ،، كجناح من النسر المهيض ،، لكنه ما زال يرفرف ولا يخلو من قدرة على الطيران ،، لقد قذفت به الخطوب إلى الماء والقارب يميل للغرق ،، ولكني سعيد ،، فلا ولاء لشئ ،،
ما أضيق السماء في عيني سحابة مجنونة ،، أن الغرق يمرق فيها كالهواء ولكنها انقلبت علبة سفن أب ،، والنهار يتبع الليل في إصرار غبي ،، ولكن لا شئ ،، وما هذه الحركات إلا انتفاضات الانتظار الأخيرة التي تند عن الجثة قبل السكون الأبدي ،، إنه صديقي رغم كل شئ ،، لتكن معانقة حارة وإن أدمتي الأشواك ،،


عادت النظرات فتلقيت من ابتسامها شعاعا مغسول بحمرة الشفق بامتنان ،، على حين نقش الهواء الرطب بسحائب صغيرة متهافتة كالأنفاس المترددة ،، حتى استجابت لها الأعصاب المتوثبة ،، اخترقت الظلام الذي يكتنف الطريق ،، فلتذهب المسافات إلى الجحيم ،،

عبدالله الدوسري
11-12-2008, 09:36 PM
كثرت المناقشات دون ذكر الأسباب وعندما وضحت الأسباب تلاشت المناقشات
هكذا يتلوى القلب من الحزن حينما يستشعر بأن جدرانه الزرقاء التي يطفح بها توشك أن يلتهمها الصقيع ،، لا يجد الجرأة لأن يراها ،، لا يستطيع النظر إلى هذا الفصل من الحقيقة ،،
واجتاحني ذهول كأن ذلك لم يكن متوقعا ،، لم أجد ما أقوله ،، كنت أعلم بأن ذلك آت لا ريب فيه ،، لا أحاول دفعه ولا أمل لي في منعه ،، كالموت ،، شعرت بأن الدنيا تتلاشى فلا تطرحي أسئلة لا معنى لها،، ولكني أشرت إليها أن تتابع حديثها ،، وأحداث متعبه كأنما تمضي بأصواتها المبهمة نحو لغة مجهولة ،، حتى في آلامها تقطر حنانا ،،


قال صديقي : نسيت أن أغسل سيارتي اليوم ،،
فقلت : ومنذ متى تهتم بذلك ،،
ومن خلال تنهيدة وجدت نفسي في غير مكان ،، يضئ بلا شمس مشرقة مسقوف بالسحب الرمادية وأرضه تنضح بالخضرة على هيئة أرقام ،، تتخلله على مدى لا نهائي جحور ثعابين ،، وثمة جموع تتلاقى وتفترق في خفة الوروار ،، وعانيت غربة الوافد الجديد ،،
أجمل ما في صديقي أنه يعرفني منذ الطفولة قبل أن أعرفني ،، لذلك مازال وجهي ذاك مطبوع لديه ،، كأن تبتعد قليلا إلى الوراء لترى الصورة بوضوح ،، وكثرت المناقشات دون ذكر الأسباب وعندما وضحت الأسباب تلاشت المناقشات ،، فنحن لا نحاسب على التفكير ولو كان خاطئا ،، ولكننا ندين التسليم بأي فكرة ولو لم تكن صحيحة ،،


فقلت : متى أُغلق ذلك المطعم بجانب بيتكم ؟! ،،
قطب جبينه قليلا وقال : لا أذكر ولكني أعرف مكانه الجديد ،،
وكان موقفي صريحا متهورا ،، الرفض والتمرد والرغبة في تغيير كل شئ ،، ولكننا لسنا بقادرين على كل شئ ،، هتلر نفسه ألم يهزم وينتحر ،، وعليه فالحلم انعكاس عقدة تُقرأ على إطار العقل ،،
أي حظ هذا ،، إني غير راض عن أي شئ ،، لحظتها في طريق عودتي من العمل ،، ستجهش في البكاء حالما تنفرد بنفسها ،، لعنت الشتاء ولعنت أشياء كثيرة ،،
قال : سأذهب غدا إلى الشرقية فهل تريد شيئا ؟! ،،
فقلت : لا تذهب قبل أن تعيد أغراضي من سيارتك ،،
يا له من قمر قاس ،، وتقول : بودي أن أغرقك في السعادة ،، ما معنى ذلك ؟! ،،
ها هو يحتفي بالغياب كما لم يحتفي به هوميروس ،، يتأبط ذراعي متدثرا بالبسمات الحمراء ،، حياة مطلقة لا تعرف الضمير ولا تخاف الموت ،، انطباعات مقنّعة بالجلال ،،
تلتحف الغيم وتستولد الأغاني ،، ولكن حيرة السؤال تعيده إلى اتهام الإجابة ،،
أما السماء قد تمطر هدايا ،، بالحماقة تصان الهيبة ،، طيب ،، ها قد تغير كل شئ ،، ستسيطر على الحياة بدل أن تسيطر أحاديث البعاد علينا ،، تتحسن علاقات الكائنات ،، يتورد المستقبل ،، تغدق البركة ،، الفضلاء يعملون بالرذيلة والأرذال يحلمون بالفضيلة ،، في سعي دائم للبحث عن مخرج من مأزق الحياة ،،

م.عبدالله الملحم
11-15-2008, 08:59 AM
:
:

أعلم أنك تعلم : أنني ها هُنا كثيراً .
دُمت بِ ثرثرة و دُمنا بِ ديمِك : ننتعِش .
باقات ورد .

:
:

عبدالله الدوسري
11-21-2008, 12:32 AM
عزيزي عبدالله ،،
ما اعلمه أننا نصدق الغيم ،،
نتعلق بأمل ملون ،، ونرتعش ،،
قريب أنت ،، وحضورك كثير ،،

عبدالله الدوسري
11-21-2008, 12:45 AM
كما أن ساعي البريد يطرق ثانية ،، هكذا سجلت أول كلمة ،،
أحقق بها الحلم وقد قدمت على مذبحي ولعها العارم بالحياة ،،

والحق أنه عندما تجف الينابيع لن أجد في قلبي سوى الحب كالكنز المدفون عندما تزاح عنه طبقة الأرض ،، وروحي لن تمل زيارة ذلك المكان العتيق المعبق بأطيب الذكريات ،،
غير أن قلبي فاض بالسحر،، فلو أن الأشياء غادرتها الحياة لاضطررنا إلى استجداء السعادة ،، ولتجهمنا الحياة كما تجهمت رياحنا الأحلام ،، حينما يصبح الصمت دليل التهمة والساعي منهمك بعمله يحلم بطوفان نوح جديد ،،
فلسان الشوق لن يتذوق ابتسامتك وفمه مليء بالمرارة ،، لتأوي السماء في قلبك ولا مطمع لها إلا الابتسام ،،

كان الحنين كالموت يفجر الإحساس بالمفاجأة رغم التسليم بمجيئه الحتمي ،، لم يجد جديد إلا الجهر بالرسائل الخفية ،، اندفع كالنغم القديم تحت ركام من الحنق والحنين والإحساس لعناقك والحلم الأليم بحبر الإحساس ،، في حوار طويل مع النفس المحمومة ،، إنها تستحق أضعاف ما حاق بها جزاء وفاء رسالتها ،،
قد تعذر الليالي حلمها الباكرة ولكن الأيام أنضجتها فلم تتلاش الغشاوة من عينيها ،،
بل نضج النغم وتفاقم خطره ،، واغتفر الإيقاع عيوبه ،، ما هو إلا محبة حبيب ،، بلا عقل وروح ،، وما قطعته آية شهدها إلا شهادة ضدها ،، ملأ الحرف دون أن تزحمه قطرة واحدة من أغاني الضجر ،، موقع بقدر ما هو حقيقة واقعة ،، على ذلك فالعقاب دون ما يستحق بعثه ،،
وكيف ينصت هذا الصمت وكيف يسكت ذاك النبع الضاري ،، وغيابه يغرز الجوانح بخناجر مبللة النعاس ،، في لوحة رمادية تروي الحس وتقطر الشعور ،، وقلوب ملتاعة تردت بأصحابها إلى قاع القمة ،، فاندفعت دموع من الأعماق الجريحة إلى الأبصار الزائغة ،، ماذا حصل ؟! ،، كيف حصل ؟! ،، لماذا حصل ؟! ،،

أمطرت السماء شائعات أحزان وسخريات أحلام ونوادر ودموع ،، وتفشى في الوجدان أعراض مرض مجهول فبدا وكأنه لا شفاء منه فهو الشفاء ،، دوامة لا تسكن ولا تهدأ ،، القلوب صافية ،، والرياح مواتية ،، وأحلام الحنين تبتسم ،، أي شئ أهون من الصبر في مصير البصر ،،
وبجرأة الهمس المقتحمة : نحاور صراخنا بذلك المكان ،، نستمع مرسال الراح ،،
كأن طابع صوته غير قابل للمناقشة ،، وبنظراتي المحمومة : وحدك دائما ؟! ،،
وتجيب : تقريبا ،،
وأفصحت النظرات عن أحلام لا يفي بها الكلام ،، وقال الفجر إنها تفهمه وتنتظر ،، لو كذب ظنه لن يخسر من الدنيا أكثر مما خسر ،،
فسألته كالمحتجة : أأنت في وعيك ؟! ،،
أجبته وأنا أحيطها بذراعي : لم أفقده بعد ،،

خالد شجاع
11-21-2008, 06:38 AM
عبدالله الدوسري
أجدت فلسفة الدوائر
حقاً فالدائرة تنهي عزم السائر داخلها
جميل فلسفة الدوائر :)

عبدالله الدوسري
02-01-2009, 12:45 AM
أحيانا تأخذنا الحياة للدوران بها ،،
وقد تقتضي تسطير أيامها ،،
أما عن العزم فالقدر سيقتص منها ،،

عزيزي خالد ،،،
أسعدني كثيرا حضورك ،،
الأماكن تنتظرك دائما فقد أطلت الغياب ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
02-01-2009, 07:50 AM
تنهيدة تستعيد الجسد ،،
والوقت سرق الرغيف ،، والسنبلة تحتضر ،،
فكم مضينا بعيدا ،،
وربما ،، لكي نجهل الأرض ،،
قلت باهتمام : هناك أشياء لا نستطيع قولها ،،
ابتسمت وقالت : وهناك أحلام لا تموت ،،

وهناك أفكار تجعل القلب الجائع ضعيفا ،، تجلب الشحوب للأنامل ،، وغشاوة أمام العين وأحاديث لحن مشئوم ،،
تأتي مثل الصقيع ،، كإرادة الريح وذكريات الشباب ،، كموجات السراب تأتي ثم تختفي ،،
كالفاصلة أثناء موسيقى النغم ،،
مزعجة بلا صوت ،،
غاضبة ،، كمقعد الشحاذ وقطة الأرملة ،،
أطعمهم المولى بعد هزالهم ،،
العصفور يغني أغنية الصيف ببابل ،،
والسم يخرج من فم الجفاء المتعب ،،
قلت : حذار ليل الأفعى ،،
فقالت : هو عرق قدم الحسد ،،

وأوحت بأن طنين النحل هو غيرة الفنان ،، ماذا تقول الأشجار هناك ؟! ،، ألا ما أكثر العاشقين ،، ولشد ما يتهامسون ويتناجون ،، فكيف فقد النطق بلغتهم المحبوبة ؟! ،، كما تعود السواقي إلى الماء ممتلئة أسفا ،، بيد أن الغناء لا يموت ،، فرحا مسرورا ،، بل ثملا بنشوة لم تعهد القلوب ألذ منها ،، فمهما يكن من أمر الأمس فلا يمكن أن ينسى أن الحلم رماه بنظرة نداء ،، من معجزات السرور في شريعة العاطفة وسريان الفصول بالأزمنة ،، خليقة بأن تجعل الأنفاس عالقة لا شأن لها بالنظرات والحسرات ،،
أرسلت الحلم إلى هدفي المنشود فالتقينا بثمرة جاد بها عبير السماء ،، مسح عن الصدر آثار القلق ،، للأعين كما للغرائز لغة سرية صامتة ،، يتخيلها الشوق مسرعا دون أن يبدي حراكا ،، بالأحرى خطوات جافة معدودة للخلف ،، دونها طعم الصباح في صوتك ،،
وأستيقظ ،، أسمع غناء النهر ،،
أفتح النوافذ وأرى السحب تركض ،،
أترك كونا من الخراب مشيد،،
كم هو غريب لهيب الأسئلة ،،
من يقوى على أن يجابه لملمات الحنين ،،
أو أن يشاهد الفراغ الأخرس ،،
الذي يطوف حول الظل المهشم ،،
مثل موجة متعددة الأشكال ،،
تندفع نحو الشاطئ ،،
حاملة معها ذكرى المواسم ،،
والربيع في وصية بابل ،،
الثمار في السياج تكورت ،،
وطعم الريح مثل طائر المساء ،،
يحمل اسما مغاير ،،
وسحب الثلج تلفح الهواء ،،
هي الربيع في وصيتي ،،
تعلن أنها روحي الهائمة ،،
التي رشقت الأرض في السماء ،،

سمية عبد الله
02-01-2009, 12:32 PM
لم أقرأها كلها.. كي لا أملّ حفظ ما أمهلني شهقة كي أستعيد نبضي

......

فقط.. سآوي كثيرا إلى جدران ثرثرتك




عبد الله الدوسري
درب إلى باب الفجر .. متفرّد













ودّ وياسمين

العطر
02-02-2009, 11:10 AM
وَهَل هَذهـ ثَرثَرة ياعَبْدِالله ..؟

مَاكَان هُنا إلا سِحْراً مِنْ البَيَان .. والله سِحر ..

مُدْهِش .. وأكْثَر ..

شُكْراً حَتى تَرضَى ..

عبدالله الدوسري
02-10-2009, 12:13 AM
سمية عبدالله ،،،
بعض الأبواب تحاكي الأفلاك في دورانها ،،
تهملنا دون نذير ،، ونحاول أن نلتقط الأنفاس ،،
سعيد بتواجدك اختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
02-10-2009, 12:18 AM
العطر ،،،
فوق الشكر ،،
وفوق ما طار به الامتنان في الصدر ،، شكرا ،،
لك اعذب التحيات ،،

عبدالله الدوسري
02-10-2009, 12:23 AM
صارعت الأشواق والزمن ،،
والطرقات تمر مثقلة بأنفاس الأسى ،،
السفر مضني ،، فرجوت أن تتحرر السماء من كافة النجوم لتسترد رونقها البهيج ،،
أما الأيام فقد أعلنت عن نبض جنين للآمال ينمو في رحم الغيب ،،

انبعثت أخيلة مطلقة مرقت في الفضاء وغاصت في أعماق المحيطات ،، وجعلت أتآمر مع خلايا الأحياء وذرات الجماد ،، ولم يخمد شئ ولم يبرد ،، ماذا كنت وماذا أصبحت ؟! ،، لم أثب في الوقت المناسب من السفينة وهي تغرق ،، وانتشيت بمرح عارض وأنا أمضي فوق قاعدة راسخة من الألم ،،
أخذت بتلابيب اللحظة ،، اقتحمني إلهام منعش ،، مجهول الأسباب مقطوع الصلة بالواقع ،، بنظرة إلى إصبعها وهي تحركه على حافة فنجان القهوة تألق الوجود ،، ودفعني إلى التقاط الأنفاس بقوة واعدة بالمعجزة ،،
فقلت : لم تشربين قهوتك ،،
قالت : سأشربها لا عليك ،،
وضعت رجلي فوق الأخرى وقلت : سنتأخر ،،
توقفت عن مداعبة الفنجان وقالت : لا عليك ،،

وجدت في الصمت المحفوف بالرضا استجابة أخطر من استجابة العقل ،، فتحمست بدافع الانتظار لتقويض ذلك العالم المغضوب عليه ،، ويعترضني الشوك في ممرات الحدائق وفي تلعثم الألوان ،، بل النفس لا يهادنها سوء الحظ أبدا إلا في السكون ،، ترنح خاطر على الحافة وهو يشعر بحاجته إلى مزيد من القوة لتحقيق واقعا جديدا ،، فتخيلت كيف يتعلم الوليد الحبو والرقص بين الغيمات ،، كمعجزة تحتاج لثورة كاملة ،،
رأيتها كأنها تنتظر ،، تسمرت الأفكار أمامها ،، تلاطمني أمواج انفعالات متضاربة ،، وتابعت المضي الحالك إلى نهار مشرق ،، انهمرت فوق نظراتي أعذب ألحان الوجد ونشواته ،، مؤيدة بقوة تستطيع أن تفعل ما تشاء ،، إلا أن شيئا واحدا لم يخطر ببالي ،، وهو أن أتطوع بمد يدي إلى الحياة التي دبت في قلب الهمسات فأخنقها بهدوء لواذا بطمأنينة الموت ،،

قلت : لم العجلة ،،
فتساءلت : ولم الصبر ؟! ،،
قلت بعجلة : سحبت اقتراحي ،،
ابتسمت وقالت : هل تؤمن بشئ يعتبر الحرمان منه خسارة !! ،،
تأملت فنجاني الفارغ ،، وهذه الدنيا التي تمضي بلا منطق ولا وجود حقيقي ،، أرحت قدمي متسائلا عن معنى ضياع أمل ذي طبيعة خالدة ،، فهل يعني فناء عالم من الممكن ،، وأنه ربما وقع بكل بساطة !! ،،
يستحكم الجنون وينتصر القدر ،، ينطفئ نور الحلم ولا تعد الشمس تسكب إلا ظلاما ،، غزتني أفكار مخيفة خانقة ،، احتوتني كآبة ودثرتني بكفنها ،، حتى ألقيت بظلال الشوق باستهانة ،، كأن تحاصرك الظنون في ركن مستندا إلى امتلاك اليقين حتى جذوره ،، ورغم تظاهر الأجنحة بالثبات انتفضت بتيارات متضاربة ،، تهب دون أن تنال ذرة أمل ،، وأقنعت نفسي بأن الموج لا يستسلم ولكنه يثب ،، ثملت بالأسى وهاجت شجوني ،، وانساب بنا قارب المساء فوق الماء الرزين واهبا ذاته المتأرجحة لظلام دامس تشعشعه أضواء النجوم كالهمسات ،، ولاطفتنا نسائم معطرة برائحة البحر ،، ورغم رقة الشعور ثقل رأسي وناء قلبي بالحسن ،، فالدنيا الحقيقية في أعماق القلب ،، فعلينا أن نواجه الحياة بشجاعة لنستحق سعادتنا قبل أن تتحول إلى تراب ،،

عبدالله الدوسري
06-17-2009, 12:28 AM
http://www3.0zz0.com/2009/06/16/19/903376235.jpg


وجه قادر على استدعاء عالم متكامل بأسرة ،،
وعينان يستيقظ عليهما الصباح بعد حلم مترامي المدى ،،
وقد ينقلب النهل من متعة الحياة سقوطا أردنا أم لم نرد ،،
وما علينا إلا أن نصبر حتى تلوح لنا الكواكب وتذوى الأوراق وتذبل وتموت ،،

* * *

فيقطب الكون ليكتسب صلابة يطرد بها حنان الدمع ،،
لعلنا لم نكن في يوم من الأيام أقرب ما نكون لبعضنا مما نحن اليوم ،،
يخيل إلي أننا نحوم حول منبع واحد ،،
كثافة الغبار لم تحتاج إلا نفضة واحدة ،،
وها هو الابتسام يتباهى بمولده ،،
فتساءلت بلهفة أرضت عواطفي : هل سأراك كثيرا ؟! ،،
فقال بعمق : في أي وقت تشاء ،،

* * *

نبض يافع ،، نبض في ساعاته الأولى ،، قاس غير مسالم ،، يحتضنه الليل ببرود قاتل ،، لا مراء في ذلك ،، فحلمك القديم انسلخ من جلده ،، ها هو يركض لاهثا وراء نداء غامض مخلفا وراءه حفنة من تراب أبيض ،، ويأبى الليل إلا المضي بما يداعب رياحه وما يضني من حديث ،، ذلك الحديث الذي يأتي من مكان بعيد يخترق حجب الموت وينفذ من طريق الحياة ،، يختطف الشعور الذي أجده قبل أن أحققه ويصل الخاطر قبل أن أستتمه في ذهني ،، لا أجهر بسؤالي ولا أخافت به ،، فإن لظلامه أذانا تسمع النجوى ،، يتغلغل بها في الأعماق ،، من الجبل إلى الحجر ومن البحر إلى القطرة ومن الجنة إلى العشبة ،، عناق هامس في كل موضوع ثمين غسلته القبلات ،، حتى لتمطر الأشياء في نفسي هفهافة كطيف ،، خفاقة مضطربة ،، يقتنصها الودع ولو كانت كرات من طين مندوف ،، يقتلعها القمر من الجذور طالما هي غضة طرية رغم تتابع أنامل الحنين في عجنها ،، سقيا بركة ،، لم تدخل في فرن الجمود والفتور بعد ،، حتى فقد الضوء الوزن والتوازن ،، وانغمس في شعور كامل الفتنة ،، استقبل به عالما لم يطرق قبل ،،

* * *

سأسبح أو أطير بذلك الضوء الهادئ كدرجة السحر بلا نهاية ،، وبلا نهاية سأستسلم لتلك النبرة الناعسة وما تفضي به من أشواق ،، وما ينفلت من جسد الليل إلى الحقيقة المطلقة ،، كالشجرة التي طالت السحاب لا يخفى لها أريج أو سر ،، ثملة بنشوة وارف الخفقات لأنفاسها المتأصلة في منابتها ،،
قلت : استمعي معي لهذا اللحن ،،
فقالت : أنا أتحدث بجدية وها أنت تعبث ،،
قلت : لا يوجد هم لك لم يكن أكبر اهتمامي ،،
ابتسمت وقالت : يا سلام ،،
ثملت بالوجود فقلت : إنك أعذب من قطر الندى ،،
أعادت خصلة من شعرها كانت تحجب إحدى عينيها وهي تقول : حسنا ،، إذن نحن متفقان على ما أخبرتك ؟! ،،

إذن لنستمع إلى حديث الوتر ،، فقد ينشأ من ذلك موقف غريب في الأشياء ،، وقد لمست ذلك مرة عندما ثرثر اللقاء حتى كاد أن يلج الأضرحة القديمة ،، فرأيت كيف تلقيت رياحه ،، وتشاركنا صمت طويل ،، دل على العتاب والذهول ،، نظرت إلى لا شئ ولعنت كل شئ ،، وراح القلب يجتر آلامه ،، أثر في الماء الراكد حديث الصمت حتى هز جدران البئر ،، الاتهام نثار أعصاب وغضب وقتي لا قيمة له ،، ولكن مقابلة الرغبات الكامنة بثورة تجاوز حدود الحكمة هو ما لا يمكن لملمته ،،

فالحقيقة أن هذا المكان يشتت الإرادة ويسلب المنطق ،، معبد للقوة والخطايا وحقل للتجارب ،، ينشر النبض في زمان الوداع ،، يغرس المصابيح في الطريق الرنان ذي الإيحاءات اللا نهائية ،، قادني مصير حتمي نحو السحر الفاتر ،، شئ أرعشني كجرس تنبيه ،، انحصر الوعي كله في اتجاه واحد ،، انسحب كل شئ كأصداء متلاشية وأبحرت بدفعة من المجهول ،،

استقبلت النظرات بالدهشة واللذة ،، فالتهمتها وإن لم أدر ما معنى أكثرها ،، إلا أني رضيت بها عن كل شئ في الوجود ،، ووجدت فيها ما أتطلع إليه ،، ذاك سجني فلأقنع فيه بلذاتي وألمي ،، إنه سجن مفتوح الباب ونوافذه ناعسة ولكن لا سبيل إلى تجاوز سطوة عتبته ،، ولم أجد من متنفس غير أهداب الأحلام بين ذراعي الأفق ،،

* * *

- خيل إلي أنك رحلت ،،
- الأجسام في المرآة تبدو دائما أقرب ،،
- تمنيت ذلك ،، وتبدد ما تمنيت ،،
- في زمن قديم شاهدت أناسا يعبدون الشمس ،،
- فهل أقبع في آخر الصفحة كعنوان للأمل ؟! ،، أم أتمدد حتى أمسك بالبعيد ؟! ،،
- ها نحن نلتقي لنتقاسم الصدى ،،
- إنك تحلم بحياة الطيور ،،

* * *

طاف القمر وجال بأقنعته حتى أخذ يمسح على شعور غيمة ،، فجرت في تيار صوره خواطر غريبة لعل باعثها المكان ،، فطرح على نفسه هذا السؤال الخطير : كيف يكون رحابي لو خلا من النجوم ؟! ،، اقشعر حتى كاد أن يكسر مرآته ،، بيد أن خياله لم يمسك عن الهذيان ،، فتتابعت المناظر أمامه واستسلم لمشاهدتها في حزن ثقيل ،، تائها حائرا كمن ضل سبيله في الحج ،، ولمس عجزه عن الدوران حتى انتبه إلى مداره المرسوم في فزع فأحس بالدمع متلألئ على شعاعه المطروح فوق أديم الأرض ،، وطاردته الذكريات حتى تركت فيه آثار عميقة وخسوفا من الألم والحنق ،، ولازمه هم مقيم وراح يفكر في العبث السقيم الممتد من الميلاد حتى الموت ،،
وانثالت الخواطر على الأفق ،، وشكا كل ٌ بثه وهمه ،، وامتزجت الأحزان بالبسمات ،، حتى انتهى اللقاء وتعلّق الحظ في جو عابق بالمنى والأشواق ،، وعاد خلف الأسوار ليكمل الحديث في الحديث ،،

جــوى
06-18-2009, 02:10 AM
ثرثرة مطر
عشتها هكذا رافعة رأسي
وتستغيث بكفي المظلة .
يا مدهش
حقيقة لم أعرفك من قبل لذا أعلم أنه فاتني الكثير
الّذي لن يفوتني بعد ذلك


( ريحانة )

عطْرٌ وَ جَنَّة
06-28-2009, 08:38 PM
- تَتَسَاقَطُ أَصَابْعِي
كُلّما نَما فِي كَفي حَرفٌ لَك يَا عَبْدالله http://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif ,

عبدالله الدوسري
09-03-2009, 12:27 AM
جوى ،،،

أسعدني تواجدك أختي الكريمة ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
09-03-2009, 12:30 AM
جنة العطر ،،،

نحتكم إلى القبضة حتى لا تفلت من المطر ،،
لك أعذب التحيات

عبدالله الدوسري
09-03-2009, 01:17 AM
لا تختار ميلادك ولا تقرر موتك ،،
وحتى لا تقلق وتذيب الأجنحة ،،
عليك أن تولد من جديد ،، من جوف الينابيع ،،

وتلك الإبتسامة المشرقة المذيبة للشمس ولا شأن لها بالاحتباس الحراري ،،
قالت : هل سنعود إلى السخرية ،،
فقلت حينها : ولماذا نجدّ في العقاب ؟! ،،

* * *

يتدفق ضوء خافت إلى الغرفة الخاصة في المطعم عبر النوافذ المغلقة المسدلة الستائر ،،
لا صوت يتطفل علينا إلا أزيز خفيف يند عن جهاز التكييف ،،
همس يمرق في إطار صمتنا اليقظ قاذفا بالصور والكلمات ،،
النبرات ترق ،، تتلون بشتى الأصباغ ،، محاكية أصوات العناء والحيرة ،،
قبل ترديد أي حوار أرمق صاحب الدور أو صاحبته بنظرة تنبيه ثم أسترسل ،، وتنبثق الصور من واقع صلب يجتاحنا بصراحة مرعبة ،، يأخذنا بتحد مخيف ،، بوذا البدين يجلس على رأس المائدة المستطيلة المكللة بالقطيفة الحمراء ،، يجلس كقاض صارم ،، يتابع التلاوة بوجه جامد هادئ قابضا على سيجار تشرشل بشفتين ممتلئتين ،، يحدق بوجهه المنتفخ في عيني المشرئبة نحو الخارج ،، يصادر بجديته البالغة أي مقاطعة أو تعليق ،، يتجاهل الانفعالات المتوقعة ويدعو بصمته البارد إلى تجاهلها أيضا ،، ألم يدرك البدين معنى ما يلقى على الطاولة ؟! ،،

الصور تتماوج أمام مخيلتي مخضبة بالدماء والوحشية ،، أريد أن أتنفس بكلمة أتبادلها مع أحد الجالسين معنا ،، سحابة الدخان المنعقدة في الغرفة تزيد من غربتي ،، أغوص في جفنيّ ،، وأحيانا ألتصق بنظرة بلهاء بالمكتبة ورائي أو بصورة من الصور المعلقة ،، صورة الجميلة وهي تنتحر بالأفعى ،، صورة صديقي وهو يخطب فوق جثة قيصر ،، ها هي المشنقة تتخايل وثلاثين قطعة فضية تتساقط ،، وها هي الشياطين تتبادل الأنخاب ،، ولم تنفض الجلسة ،،
فاض قلبي بالغضب والمرارة ،، انتشرت أحزان الماضي كالدخان بكافة هزائمه وآلامه ،، إنها فرصتي للتنكيل بعدوي القديم ،،

- ما أدراك بهذه الأسرار ؟! ،،
- عفوا ،، سأرحل !! ،،

يقتحمني انفعال قهار عند رؤية الزحام فأجهش في الضحك مغلوبا على أمري ،، ليس هو الحزن أو العظة أو اللا مبالاة ولكنه جنون عابر ،، أتجنب النظر خشية أن ينقلب الضحك إلى مأساة ،،

خرجنا من المطعم ليجتاحنا ركب السائرون في الشارع ،، الجميل في شوارع "مانيلا " أن الجميع سائر لغاية أو بدونها من غير أن يتلفت لأحد ،،

قال صديقي : معدتي تؤلمني ،، ما اسم هذه الوجبة التي أكلناها ؟! ،،
فقلت ضاحكا : لا أدري ،،
قال : لن نستمتع الليلة ،، هيا لنعد ،،

* * *

أي كآبة ستغشاني لو اخترقت هذه الشوارع وحيدا ،، منذ سنوات لم تقترب قدميّ من الأحذية الضيقة وتصفح عناوين الحوانيت ،، حوانيت التقوى والخلاعة ،، أغوص في زحام وضوضاء وأمطار الرجال والنساء والصبية ،، تحت سقف هذا الصيف الأبيض ،، كل شئ يلوح في ثوب الازدراء والمرح ،، حتى الذكريات منفرة جارحة بما فيها تعلمي السير لأول مرة بغير ذراع صديقي التي أتأبطها ،، مثل الهوان في الظل ومعاشرة الصعاليك والقبوع تحت جناح الروائح الخالية ،، ها هو الطريق النحيل مثل ثعبان إلى الفندق ،، وها هي بوابة الفندق المشعة بتجهمها الغائر في الحضارة ،، والغد القديم رابض مكانه بما سيطويه في صدره من تاريخ أسود وأحمر ،، ووجه موظف الاستقبال هو صورة مجسدة للامتعاض ،، ينغمس في الكدر على حين تلمع فيه ابتسامة من وقت لآخر ،، منذ الأمس لم أتوقع استقبالا أفضل ،، اعتدت ألا أبالي ،، فما زالت قسمات الرحلة تتشبث بذكريات جمالها ،، الأحلام يقظة مفيقة رغم أنفها ،، من هذه العين ولد الحنين المجرم ،،


- الدنيا شبكة من الهموم وما نحن إلا غارقين من الغرقى ،،
- أحيانا تجئ الأحلام من الغد كذكرى من أسوأ ذكرياته ،، ولكننا نحلم ،،


لن تعاقب الحزن ولكن عليك أن تجد له زنزانة ملائمة ،، والحديث الضاحك مكرر ويدور باختصار ،، كاشف في الوقت نفسه عن جرائم خفية تفسر الوقائع تفسيرا جديدا ،، سترى نفسك كما أرى نفسي ،، كل شئ ،، كل شئ قتل ولم يمت ،، يا عزيزي إنها القسمة والنصيب ،، وبمرور الأعوام الشارع يضيق ويجن ويصاب بالجدري ،، نلت جزاءك ،، من الإنصاف أن تصارع الليل والنهار الذي تركته من أجله ،، سيستفحل الزحام حتى تأكل الأفكار بعضها بعضا ،، لولا الظلام لتشردت في الطرقات ،، وصوت البحر في الخارج هو قمة المجد ،، لا ميزة لك إلا في النوم ،،


فكنا نسير فوق غيمة في النصف الثاني من السهر ،، سهونا عن قشعريرة البرد وثملنا بدفء الحلم ،، وعاد الحنين دون أن يدري ،، سأمثل دوري مثل كل ليلة ،، وسنبتهج مرارا وتكرارا أمام النعش ،، ليموت الحزن دون أن يندم ،، ولن يذكرنا ،، لن يعرف أنه قتل ،، ينتحر في هذه المسرحية ولكن يجب أن يشنق في الحياة ،، ها هي جريمة تخلق مؤلفا وممثلا في آن ،، باق على الأنفاس حتى النهاية ،، يملأ الفراغات بكل ما يجده في طريقه ،، ليشتعل القلب من جديد بعد أن ظننت أن الروتين سيخمده ،، تلاشت الصور بحركة مباغتة ماكرة قاسية تلاشى معها الأمن وحل الجنون ،، وبزغ الحب من ركن مظلم غائص في الأعماق ينفض عن ذاته سبات بياته الشتوي ليبحث غذائه المفتقد ،، لاح الصوت خلف شراعة الوجدان كتلبية لنداء جرس ،، وعكس سقف الغرفة نظرة ارتباك مثل نطق ملعثم ،، ولكنه لم يتراجع متحديا أزمة مصيره ،، تفرست في الصورة الجديدة المتحررة من الإذعان الأبدي ،، المتطلعة إلى الجديد وهي تنزلق فوق الحد الفاصل الذي يستثير كوامن الحنين ،، الذي يأمر وينهي في الحياة كأنه أحد الشئون الإدارية ويطالب بالتنفيذ في الحال ،،

* * *

تقلبت على فراشي فرجعت الأفكار الفارة من الهدوء تدعيما للأجفان المتوعكة المثقلة بالصخب ،، ورائحة الدمع كالمؤلف الزائف يسرق الحقيقة بلا حياء ،، دهشت لحضوره ،، لا تدهش ،، ما مضى قد ينقضي ولكن آثاره تطرح نفسها من جديد ،، فدائما قاعة المحكمة تصب مطرا من الظنون ،،

وجدتني في رحاب غضبة بوذية ،، عندما يغضب الحاكم ينقلب زوبعة ،، لمعت أنيابه ،، لمحت الوهج في عنينه النحاسيتين الغائرتين ،، آثرت الصمت حتى تخف العاصفة ،، لن تتقن دورك حتى تتفرغ له ،،
اجتاح جوفي فراغ مخيف تمادى حتى لفظني في العدم ،، فلن تعرف الكآبة أسوارا تقف عندها ،، غصت في بئر ،، لا يمكن أن تجئ الأفكار من النصف الآخر من الدنيا لتلقي بأكاذيب يسير كشفها ،، لا قدرة لي على الانفراد بوساوسي ،، ليكن ما يكون ،، لن يصيبنا أسوأ مما أصابنا ،، ألم نبدأ في ملتقى مفعم بالحرارة والرغبة والأحلام ؟! ،، أين نحن من ذلك الآن ؟! ،،

وتنتشر الأحلام المسمومة التي تجعل الزهور تذبل والطيور تنتحر ،، لقد تجلى الطلاء فتجلى عن حقيقته الموروثة من رحم الغيب ،، الحقيقة المعبودة في هذا الزمان التي توشك أن تعلن عن ذاتها بلا نفاق ،، تقتلع كل شئ دونها في القلب ،، القلب الذي يعيش خارج أسوار المكان جاعلا كل شئ مهدا للغرام ،، فترمقني ابتسامة الرغبة المتحفزة ،، استسلمت لأنامل ناعمة ،، لنعاس مهدهد بأحلام ليست من اليقظة في شئ ،، وانفسحت أمامي عذوبة الحواس الطاغية ،، لأدخل منطقة الظل الحنون ،، منطقة المنى الصافية ،، منطقة شفافة يمتزج في نسيجها وشى الحلم بعذوبة الواقع ،، ورود تتناثر فوق أديم الحس محددة له معالم جديدة تحت دفقات الضوء ،، هبات النسيم تطير ما خف منها فيزحم أقدام صبية النجوم ،، وقد جذبتنا الرحلة نحو صدَفة خانقة ،، غابت الأعين فلم يبق إلا التاريخ ،، انقبض النبض حيال الحيرة المقتحمة ،، كدت أتصور أن الوجود قد مات لولا تصاعد النحيب المكتوم ،، وقال النحيب كل شئ ،، ثم أنصتٌ إلى الصمت متأثرا بلسعة مجهولة البواعث للجمال الرائق والصوت الدسم ،، كيف لي بذاك الانبهار ؟! ،، أين سكرته المشعشعة ؟! ،، في أي مستقر من الكون تحنطت ؟! ،،

- نشأتَ بين أحضان السعادة ،، فكيف تفسر تماثلنا ؟! ،،
- هذا يعني أن الجرم موهبة لا تتأثر بالبيئة ،،
- أحيانا يخيل إلي أن الجنون حقيقة !! ،،
- ما هذا القول ،، حتى للجنون حدود !! ،،

* * *

الليل في الخارج يزفر نسمة لطيفة أما في الداخل فثمة نذير بجو حار ،، السماوات تتعانق وتتموج بالتصفيق ،، الصمت خمر معتق وكأس الفجر غائب ،، تحالف النعاس مع اليقظة ،، حتى نخب الجلاد سنشربه ،، وستغطي مسرحنا التجاعيد قبل الهبوط الأخير لستار الشمس ،،
حتما تذكر الشعور ،، كأن طيور الأرض كلها مجتمعة تحت الصدر تنقر فيه ،، كنغمة كئيبة تطفو بحزنها على ثقب ناي ،، حتى باتت الذكريات تتخذ شكل جرح وتتساقط كشلالات طويلة دون أن تبالي بنبيل مفلس يتمرغ في الغرق قبل أن يدين للشاطئ بنجاته ،، حكاية من حكايات الأحلام المؤجلة التي تعيش معك بعد الرحيل كنشيد ساحلي وترافقك لبقية العمر كالأرق المنسي داخل سجن الضلوع ،،

- الابتسام كالطفل المنبوذ من أسرته العريقة لانحرافه ،، فلمَ تحدق به الخيبة ؟! ،،
- لا عليك ،، سيغدو سجينا أبديا لا يجد إلا الحرية حقلاً لاستغلاله ،،


حتى المواعيد صارت تهرب كالبخار ،، أشبه بفراشة طـُعنت بإبرة فتوقفت من يومها عن الرفيف ،، فضاء لم يترك حيزا لأي أمل ،، تنطفئ النجوم فوق السطح والقناديل تحشرج على جوانب الطرقات ،، منطويا على نفسه كمنديل أضحت رائحة الموت تغطيه ،، قدر على مفرق ،، لينتقل الحنين كمارد من وجع ،، وأنت كالربيع في ولادته البكر ،، نسائم تغلفها عباءة وأزهار تحملها الخطوات ،، لن أدعك تذهبين ،، مصيري هو حبك ،،

والغيم لا يعرف الزمن نهايته ،، ولكن لا شئ يقطع ذاك المعصم بيننا ،، فلا أسى من هذا الرجاء بنا،، رجاء كالدمع ،، لم يغرقنا بين ذراعي طموح الغد بنسيانه ،،
لا يوجد المزيد من الحياة ،، من المطر ،، والسماء حبيسة البكاء ،،
خذني هناك ،، خذني إليك لحظة ،، بعيدا عن العالم وقريبا مني ،،

* * *

رأيت سكتي قطار ،، مر أحدهما بسرعة خاطفة من جانبي ،، والآخر يتأخر دائما حتى موعده في الساعة العاشرة ،، فحلمت أنك لا تستقلينه ،،
فمن يبتغي إيمانا عليه أن يبحث عن مبرر ،، نعلم ذلك ،، أو على الأقل سنعتاد أن نعلم ،، ونحن ننتظر أن يعبر بنا الإيمان خلال الأوقات الصعبة ،، ثم يأتي وقت من تلك الأوقات ،، وننتظر ،، ليل ونهار ،، لعصور مذابة ولزيوت تشعلها ،، فلم نسمع شئ ،، ولم نتوقف عن الاستماع ،، ولأننا لا نستمع إلى ما نرغب في سماعه لا يعني ذلك أن الزمن لا يتحدث ،، فالسؤال أنك لا تفهم ما المفترض أن تستمع إليه !! ،،

فهل ستنظر من فوق كتفك ؟! ،، وماذا لو توضأت ونسيت كيف تصلي ؟! ،، تتحرك دون أدنى خشوع ،،
تتمنى أنك سمكة ،، هائمة في البحر الكبير ،، وأنت معي نصطاد معا ،،


قال صديقي : صباح الخير ،، هلم نمش على البحر في هذا الوقت الوحيد الذي يتاح له فيه الوقار ،،
قلت : ومعدتك ؟! ،،
فقال : بأحسن حال ،،
ابتسمت وقلت : طيب ،،

عبدالله الدوسري
06-02-2010, 12:56 AM
مدينة هائلة في ساعة واحدة ،،
صوتك الهائل يأتي ،،
وضوء مصباح وحيد لن يشرق بالكثير ،،
باب عريض ،، وطريق آخر أوسع من الهواء ،،
فذلك ليس بالحلم ان كان حقيقة ،،

بدأ الإحساس ،، محبب جدا ،، رقيق جدا ،،
ثم بدأ في الألم ،، المخالب تتسلل تحت الجلد ثم تمزق طريقها للخارج ،،
وقبل أن يصل إليها النظر بدأت تحفر للداخل ،،
ثم تذكرت ،، أولا صمت ،، تلاه صوت وآخر ،، ثم آخر ،،
لماذا تتبعني ؟! ،، هل أنت مستعد ؟! ،،
المساء لن يأتي بهذه السهولة ،،
أنتم يا أبناء العشق : أبناءكم يشاهدون ،،

فإن النظام الفلكي لا مكان له لدى العشاق ،، والزمن يستكن كطفل وديع لا يمكن التنبؤ بغده ،،
إنك تشتعل هذا كل ما هنالك ،، يخيل إليك أن النار المتقدة في صدرك هي التي تضئ النجوم في أفلاكها ،،
وأخرى تبقى أسرار لم تطلع على خباياها ،،
كل ذلك يسير ،، أما العسير فكيف تتعامل مع الفراغ ،،

لحظة كأنما دسها الولع خفية في أذن لم تستيقظ بعد ،،
تبث في الدنيا نورا ونارا ،، وشعر مبعثر ،، منه خصلات نائمة على الصدر ،، وأخرى ملقاة على الوسادة ،،
ونظرة ناعسة حالمة تقتحم القلب فتسكنه ،،
طوبى ليقظة تهيج في النسيم أجمل اللواقح ،، مرتعا للغبطة ،،
الجو من حولها معطرا بأريج الأزهار المهداة ،،
كل شئ يبتسم ،،
كل شئ يكشف عالما جديدا أو كأنما يبعث خلقا جديدا ،، كالقضاء يباغت بما لا يقع في الحسبان ،،
شمس تغيب دون أن تراك عليها أن تعتاد من زيارتها للأفق بالخسران ،،
أمنيات لم تصل ضفافك عليها أن تغرق في الخيال ،، تمتص التوتر الثائر ،، تزحف كاليأس حتى تقوض الأركان ،، تشيد عالما شديد الصمت تختفي وراءه الأجفان ،، شخص آخر يتمخض عن كائنات وحشية لا عهد له بها ،، يتجرد من الماضي ويطوي غيماته ويقدم نفسه للمجهول ،، وآخر لم ينم ولم تند منه حركة تنم عن شئ ،، اندثر زمامه ،، ضائع في سديم مفقود ،، لم يبق منه إلا حيرة تجتر أصداء للنصر كالأوهام ،، تمزق الصدغ حينما تنبض ،،

- كيف ذاك ،، ألا تفكر ،، أين عقلك ؟! ،،
- وما شأن العقل في التفكير ،،
- لا عليك ،، لم يبق إلا القليل ،، إن هي إلا الظروف ،،
- ثمة خارقة من الخوارق تطالبني بمزيد من الصبر ،،

وتتلقى خبر في دفقة تمتزج فيها الأشجان ،،
وبرقة مشعشعة الندى تنصت ،،
تتلقى إلهامات غامضة ،، ترنو إلى تراتيل آخرى بثبات واستسلام وشغف ،،
ما تلبث أن تسفر عن وجه آخر ،،
فيرق الليل ويخف وزنه ،، تظلله زرقة سماوية ،،
وسعادة هابطة تنسيه حلمه بالصعود ،،
فحل السلام وتلاحمت الأرواح بحركة عفوية مثل غناء الطير ،،
مر دهر في غيبوبة ،، غائب عن الوجود ،، غائص في حلم ينفث السحر والوجد ،،
يستقي من الثغر ما يروي الأسباب ،،

- لا عليك ،، فالانتظار لا يقع عبثا ،،
- ولكن الرعد أقوى من هديل الحمام ،،
- إلى الأبد وليس إلى المستحيل ،،
- وإلى رحيل آخر أيضا ،،

هنالك تحذير قبل كل خطوة في الطريق ،، عبث ماهر كلعبة تأبى التوقف،، ليس باللغز كيف كانت البداية ،، تتحرك الرغبة بدقة حيث يمكن تقسيم الرذاذ المتطاير ،، تبني غرورا بحجم قبة ،، فيتصل النور بالظلام جهالة ،، حتى الأحلام المملة يتم طلائها بذهب إمبراطور خلعه طموحه ،، تبحث عن مثلك الأعلى وأين سيذهب بك من هذا الطريق ،، وبينما تجاهد من مفترق لأخر تجد أن الهواء يصبح لزجا والماء تصيبه الحموضة ،، حتى العسل النقي يواجه الطعم المعدني للنشاط الإشعاعي ،، تستمر وتستمر ،، أسرع وأسرع ،، فليس هنالك فرصة للتفكير ،، للاستعداد ،، بينما الأنفاس تتصاعد كشراء مستقبل وبيع آخر ،، في حين أنك لا تعرف مستقبل يلائم سجن مهدك ،، وفي القطار الذي بات يلوح بالأفق أصوات تلعق أصابعها لتبدو نظيفة وتمتد نحو مصدرها المجهول ،، أغان غير منضبطة مع فاتورة الزمن الغائب ،، تحاول أن تشحذ مهارتك ولكن القوانين لا تتغير ،، إنها هفوة جميع الأوقات : أنظر وعليك ألا تلمس ،، المس ولكن لا تتذوق ،، وان تذوقت فلا تبتلع قطرة ،، وبينما تقفز من قدم لأخرى ،، تقتسم خسائرك وتعيد ترتيبها ،، تربي كل إحساس وتلهم كل ما لديك وتنتظر الساعة الحاسمة ،، كأجنحة الفراش بعد نضجها ولا تلامس الأرض أبدا ،، كأول سطر من الكأس الذي تسكبه شفاة بلذيذ "أحبك" ،،
بلا خيوط وبكامل إرادتك ،،
براءة بعد براءة ،،
رائحة نافذة تناولك للبعيد وما بعده ،،
ذلك هو المخبأ الأخير ،،
ورقة التين النهائية ،،
لقد تأخر الوقت لشراء لعبة جديدة ،،
فعليك بالعودة سريعا فبل أن يغلق الباب ،،