مذ كنت صغيرة ،
علمتني أمي حاجات كثيرة ..
علمتني كيف ألطخ كفي الصغير بالحناء
عندما يغمر قلبي الفرح ..
كيف أجمع حبات المطر ، وأصنع منه لؤلؤا..
كيف أنقش على الحجر ابتسامات رغم الوجع..

ومذ عرفتك ..
ارتبط وجودك بالحناء ..
والمطر لا أراه الا ابتسامة تغمرني ..
نقاش ،احترف النحت على قلبي ..
وجبيني .. ودمي ..
فؤادي ملأى بالسهر ..
وكياني يهتز لحروف نسجها لحظة شعرية ..

مذ عرفتك..
أثبت لي أن اللغات لا تعبرك ..
والقصائد لا تكفيك..
وأنه يلزمني سيبويه آخر ..
وحروف غير التي أتهجاها..
احساس آخر ..
ومشاعر غير التي يتغنى بها العاشقون..

مذ عرفتك ..
أقفلت المدن أبوابها ..
وتأهبت السماء للمطر ..
والنجم غاب والقمر ..
فقط لأنك ياروح القلب
المدن والمطر والنجم والقمر ..
فقط لأن ابتسامتك وقهقهاتك تعلمني معنى السهر ..
وتجعلني أنثى ثورة لا تضاهيها الثورة الشعبية ..
فقلبك دون البشر ..

...

وأغيب في حضرة عينيك ..
أصبح بلا هوية ..
أبحث عني فلا أجدني ..
أصمم البحث ..
أعود لعينيك مرة أخرى وأغوص فيهما أكثر ..
ألمحني هناك نائمة كأميرة القرون الوسطى ..


أراك في وجه الماء ..
وعلى النخيل.. وبين سنبلات القمح
ألهث لأحضن طيفك في غسق الليل ..
فيغار الفجر ليبزغ على غير عادته مبكرا المجيء..
يصر البرد اقتحامي والتسلل الي ..
وأنا أصر الاختباء فيك أكثر ..

لا غيرك وطني .. ولا غير قلبك مسكني ..
وكل المدن تخشى رحيلك..
فكن أنا .. لأكون أنت ..
رغم الغبار الذي يحاول أن يخطي المعدن ..
فالأصل أصلٌ وجوهر لا يتغير ..
وأنا أصلي دمك .. وروحك جوهري..

أندلق من قرارة نفسي ..
فتنفض الكلمات ..
ويسبح الصمت في حوض ضبابي من الكآبة الصماء ،،
أضغط على أذناي حتى أسمع للصمت صوتا ،،
ولليأس قناعا،،
أفتح جفنايا بعيدا لأترك سلطة الكلمة فصل مميتة قتلتني ، وتقتلني ..
والهمس يهزء بي فوق صخرة الملامة دقيقة واحدة
من رحلتي الى جسدي،
ومن جسدي الى قلاع هاربة ...
نحو الأفق السحيق ،
الغائر في طيات الكتمان ...التي اعتقلتها طويلا ..
حتـــى ماتت كمـدا...