منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   حَدِيْثُ الكَهْلِ ! (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=43954)

فاطمة بشير عبد السلام 11-30-2022 10:15 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالعزيز التويجري (المشاركة 1218702)


سحق قلبي تحت مناسم الفراق ، ومزِّق بمخالب النأي ، ومضغَ بأنياب الحنين ، وتاه في مواطن الوداع ، مُذْ خُفرْتِ عني ، فلنحرق قلب ملك النوى بالوصل ، ونقتل غراب البين باللقاء ، ونسكن أمواج الحنين بالعناق ، وننثر ورود الأنس والسرور بميلاد الهوى ، وموت النوى ، ونقيم المآدب -بدل المآتم- على سكناه الثرى !
أقبلي إلى الهائم بكِ مادةً ذراعيك ، وضعي يدكِ الرقيقة على قلبي ، لتخمُدَ براكينُ الحنينِ ، واسقني من ثغركِ العذبِ ماء الحياةِ ، لتدبَّ الحياة في جسدي !
ولنمضِ إلى النخلة المنتصبة وسط الفناء ، ونجلس تحتها لأحدِّثَكِ عما يعتلجُ بقلبي من عهد الفتوة ، ولأحدِّثَكِ ، كم وددتُ ، وسألتُ الله كثيرًا أن يُضلَّنا سقفٌ واحدٌ ، لأبثَّكِ وجد القلب ، وأشير إليه ، قائلًا : لم تبرحيه مُذْ عهد الصبا ، ولن تبرحيه حتى يواريني صفيح الملحد !
ولأحَدِّثَكِ ، أني لا أملكُ إلا قلمًا ، أفيضُ به ما يعتلجُ بقلبي من هوىً وحنينٍ إليكِ مُذْ فتوَّتي ، وعينان تذرفان دموع الوجد ، وقلبًا يتلظَّى بأتن الحنين يا مليكة القلب المبجلة المفداة !
ولأحدِّثَكِ ، أنَّكِ لا تستحقين قصيدةً ، أو خاطرة تكتبُ في وصف حسنكِ ورقتكِ ، والحنين المضني إليكِ ، بل تستحقين قلبًا يضنى من أجلكِ ، ودموعاً تذرفُ ، وجسدًا ينهك ، وليلًا يُسهر ، وجنبًا يجافي المضجع !
ولأحدِّثَكِ ، أني كنتُ أتصوركِ في الثوب الأزرق–الذي تأتين به إلي في حلمي- ، يزدانُ بكِ ازديان الواحة في عين الظمآن في مفازة ، تجولين في الفناء ، فتهبُّ نسمات المساء العليلة ، مداعبةً شعركِ الأسود ، فأودُّ لو كانتْ يدي هي التي تداعبه وتمسِّده !
ولأحدِّثَكِ ، أني أخطأتُ في الكثير من قرارات حياتي ، لكني لم أخطئْ حين اختاركِ قلبي أنسًا وسرورًا ، وبهجةً ، وأملًا أغذُّ السَّيْرَ إليه ، وبستانًا أتفيؤه من هجير الدنيا وسأمها ، وبدرًا أناجيه وأبثه !
ولأحدِّثَكِ ، أنكِ وإن تواريتِ عن عيني فلم تتواري عن قلبٍ كنتِ باعثة أُنسه وسروره ووائدة شجنه ، وأني أسمي الله عليكِ كثيرًا خشيةً عليكِ من التعثر أو من رهبة مفاجئة أو أن تدمي أحد أصابعكِ بالسكين .
ولأحدِّثَكِ ، أن صحبي يلحظون سُهُومي ، فيعلمون أن سُهُومي بكِ فيتغامزون بينهم ، ولم يعلموا أني في جنةٍ لا هجيرَ بها ، ولا سأم ، يكتنفها السرور والأنس من كل جانبٍ ، حتى أفيقَ من سُهَامي فأعودُ إلى هجير السأم والشجن !
ولأحدِّثَكِ ، أنكِ تأتين إلي في حلمي –كما عهدتكِ في عهد الصبا- بمحيَّاكِ الوضيء ، وشعركِ الأسود المنسدل ، وقوامكِ الأهيف ، لتسأليني عمن بقلبي من النساء ، وما علمتِ أنَّ سحر نساء الكون أُوْدِعَ فيكِ ، فنفثتِ علي نفثةً لا فكاكَ لي منها مدى العمر !
ولأحدِّثَكِ ، أنَّ قلبي مذْ أيفعتُ يحلِّقُ فوق السماء التي تظلكِ ، وإني لأخشى أن يحلقَ بي طائرُ النوى ، دون أن أراكِ ، وها هي الرحلةُ تُوشكُ على الانتهاء ، وأكاد أبلغ نهاية التطواف ، وأضع عصا التسيار ، ويكاد طائر النوى أن يفرد جناحيه ، لأعتلي ظهره ، ولم نلتقِ ، ولم أركِ مذْ أيفعنا ، بل قبل أن نيفع ، وما زال مارد الحنين يعيثُ بقلبي ويجوس في أوردتي وشراييني !
لا تعجبي من حديثِ الكَهْلِ عن فتوته وريعانه ! فهذا بعضُ حديثٍ من عهد الفتوَّةِ احْتَفَظْتُ به وآَنَ أَوَانُ إِفَاضَتِهِ !

نص مهيب فخامة ألفاظه وصور بيانه والبديع فيها خصب كما أرض مبسوطة حدائقها بكل جميل حديث يبقي على صفحات السنين

ساره عبدالمنعم 12-16-2022 08:51 PM

مُبدع كعادتك

همس الحنين 12-16-2022 10:15 PM

يكمن جمال اللغة العربية في أنها تعطيك بعدا جديدا في كل مره تدون حالتك
والنصوص التي تدون على هيئة رسائل موجهة لأحدهم تعبيرا عن خلجات الروح
أعمق ما يصف الحب والمشاعر لأنها تتدفق و تتماهى مع حالة الكاتب


شكرا لعمق كهذا العمق يبعث على الدفء و السلام

عبدالرحيم فرغلي 12-24-2022 08:54 AM

وفاء ممتد منذ الصبا.. تطوعت له الحروف فكتبت جمالاً.. وانساقت المعاني فرامت وفاء وتوالت السطور فكتبت آمالا.. أمدّ الله في عمرك وألبسك ثوب الصحة والعافية.. دمت بكل الخير.. ألف تحية وتقدير.


الساعة الآن 10:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.